رواية عشت معاه حكايات
الفصل الثاني عشر
كان الحوار مستمر بين رؤوف ومصطفي وكان رفيق يتابعهم من بعيد والقلق يتآكله ‘‘ يحاول ان يستوعب ماذا يدور ويحدث ‘‘ حتي تعابير وجه مصطفي كانت تزيد حيرته ‘‘ فمرة يبتسم و اخري يقطب جبينيه واستمر الوضع هكذا لمدة ربع ساعة ‘‘ شد وجذب ونقاش بينهما وفرح وامتعاض من مصطفي ورفيق يتابع من بعيد …
مصطفي بحيرة من امره : بس كده مش هيبقي كتير علي هدي يا عم رؤوف ‘‘ صحيح هي محيراني معاها وانا مش عارف فعلا هل هي موافقة عليا ولا مضطرة توافق عشان لاقيه منكم ترحيب ‘‘ بس مع احترامي لحضرتك انا حاسس ان الي انت عاوز تعمله معاها ده كتير عليها وممكن يجيب نتيجة عكسية ..
رؤوف يستند علي عكازه و ينهض متثاقلا ‘‘ ربت علي كتف مصطفي : خليك خليك انا زهقت وعاوز اتمشي في المكان شوية ‘‘ شوف يا مصطفي ياابني انا راجل ابن سوق واقدر الرجالة كويسة واعرف افهم معدن الي قدامي كويس اوي ‘‘ وفي النهاية انا اب لهدي يعني لا يمكن افكر اني ااذي بنتي او اجرحها ولو بشوكة في وردة ‘‘ بس انا عارف بنتي كويس اوي ‘‘ ملتزمة ومتدنية بس للاسف عزلت نفسها عن الدنيا ‘‘ هي الحمد لله فيها كل المميزات ومش لانها بنتي بس فعلا هي مميزة وشبهك في حاجات كتير وبعيدة عنك في حاجات كتير عشان كده انتوا انسب اتنين لبعض ‘‘ والي احنا هنعمله ده ‘‘ هيحطها قدام الامر الواقع انها تختار ‘‘ احيانا لازم تحط البني ادم في اصعب اختيار في حياته ‘‘ عشان يفوق ويفهم حقيقة الامور كويس ‘‘ ولازم تعرف وتفهم ان حبها ليك وحبك ليها مش متعارض مع حجابها ولا صلاتها ‘‘ ربنا خلقنا بفطرة سليمة يا ابني فطرة الحب والتسامح وحب الحياة و اعمار الارض ‘‘ كمان يا سي مصطفي افندي هتخاف علي بنتي اكتر مني ولا ايه ‘‘ يلا يلا قوم انت بس اعمل زي ما قولتلك واسبك الدور قدام الحجة في البيت علي الاخر لانها هتبلغ ام خالد و ام خالد تبلغ خالد و كده يبدأ الموضوع زي مااحنا عاوزين ..
ابتسم مصطفي ووقف استعدادا للمغادرة قبل رأس رؤوف ودعا له بالصحة و العافية ‘‘ خرج مسرعا وهو يتمتم ..
اقترب رفيق من رؤوف الذي كان يتمتم بدور
رفيق متسائلا : لا بقي انا لازم افهم يا حج هو في ايه بالظبط ‘‘ الواد كان داخل مبوز طالع بيضحك افهم بقي ايه الي بيحصل
رؤوف مبتسما : هحكيلك يا رفيق بس ده سر بينا محدش يعرف عنه كلمة ولا حتي حرف
رفيق : رقبتي يا حج انت عارف
في المشفي
كان الوضع في توتر زائد
خالد متجمد في مكانه يخشي ان يتحرك يمينا او يسارا ‘‘ يريد انقاذ سمير و القضاء علي الاب الذي تخلي عن ابسط قواعد الابوة ‘‘ ولكنه في مأزق ففوهة المسدس تبتعد سم واحد عن منتصف راس سمير ‘‘الواقف ندا بند لأبيه ‘‘ حتي جرس استعداد الممرضين بعيدا عنه ‘‘ لا يعلم ماذا ستؤول اليه الأحداث و لكنه يشعر ان هذا الموقف بداية النهاية
خليل بحدة : اتكلم يا سمير والا مش هيحصلك كويس ‘‘ فين اختك ‘‘ انت ايه خلاص معتش عندك نخوة ولا رجولة هنفضل قاعدين كده وسايبين اختك منعرفش هي فين
ضحك سمير بقوة : وهو انا زيك برده يا والدي ‘‘ هرمي اختي كده عند اي حد او حتي اسيبها مشغلش دماغي بيها ‘‘ صحيح انت مربتنيش بس مش للدرجة دي يعني ‘‘ متقلقش علي هدير هي كويسة اوي وعند اامن شخص في الدنيا ممكن يحافظ عليها و يراعيها ‘‘ دلوقتي خلينا فيك الله يكرمك عشان انا تعبت خلاص داخل علي ال25 سنة و ربع عمري ضيعته في الفاضي ‘‘ لسه مجاش الوقت اننا نرجع زي الأول ‘‘ اسرة وعيلة بجد ‘‘ هو انت كده مبسوط واحنا عايشين من غير اهل وعيلة ‘‘ حتي جدتي امك سبب كل الي احنا فيه من فلوس وعز وسلطة ‘‘ بقالنا سنين مش بنشوفها ‘‘ ارجوك يا والدي فكر كويس في الي احنا وصلنا ليه من فضلك ‘‘ لسه في فرصة نصلح كل حاجة ‘‘
اخفض خليل المسدس و نظر للأرض ‘‘ ابتسم خالد و حمد الله في سره قائلا
خالد : يارب يهديه وتعدي علي خير ‘‘ ويقويك يا سمير انك تغيره
ولكن لا يغرنك هدوء التماسيح ‘‘ هي فقط تنتظر الفرصة المناسبة كي تطحنك بين فكيها ..
ارتسمت ابتسامة علي شفتي خليل ووضع المسدس في جيبه ‘‘ واحاط وجهه ابنه بين كفيه و ربت علي كتفه قائلا
خليل : طيب يا سمير ياابني الظاهر اني لازم فعلا اتغير عشان مخسرش كل حاجة اكتر من كده ‘‘ بس قولي وطمني ياابني اختك فين ‘‘ امك عاملة مناحة في البيت ووجعت دماغي من العياط ‘‘ قولي ياابني هي فين خلينا نرجع البيت كلنا و هنفذ لك كل الي انت عايزه متقلقش
بجد يا بابا قالها سمير بفرح كطفل وجد امه بعد ان فقدها في الزحام
طبعا يا سمير ياابني هو انا بعمل كل ده ليه ولمين مش عشانك انت واختك .. قالها خليل ومازال محتفظا بإبتسامته
نظر سمير لخالد نظرة مفادها ( اتكلم اقوله هدير فين ) ليبادله ايمائه برأسه ( قول يا سمير )
سمير : بصراحة يا بابا هدير ملقتش مكان اامن غير بيت عم رؤوف والد خالد ‘ لانها صحبت هند اخت خالد الصغيرة
تغيرت ملامح خليل وبهتت ابتسامته وفي بصوت خافت : زي ما توقعت بالظبط ‘‘ طيب يا رؤوف انت جبته لنفسك
سمير : بتقول حاجة يا بابا ‘‘ انا عارفة انك مضايق بس صدقني هما بيعملوها زي هند بالظبط
خليل فاق من شروده واعاد ابتسامته ظاهرة علي وجهه مرة اخري : متقلقش يا سمير انا مش زعلان ياابني ‘‘ وزين ما عملت اختك راحت لأعز الحبايب و بعدين خلاص احنا هنتصافي ‘‘ المهم انا شايفك بتلم حاجتك هسيبه مع صاحبك و اخوك خالد وكلمني لما تخرج
التفت ليخرج ليجد خالد مبتسما له ‘‘ مد يده صافحه
خليل : متزعلش مني ياابني انت زي سمير بالظبط ‘‘ والله يجازي الشيطان الي دخل بينا ‘‘ بس قريب هنهي كل ده و اعيش بسلام
نظر خالد اليه في محاولة من ليفهم مقصده وغايته
ربت خليل علي كتفه : يلا اسيبكم بقي ‘‘ صحيح خلي الفلوس دي معاكم عشان لو احتجتوا حاجة
سمير يلتفت لأبيه بينما يجمع باقية اغراضه : بس ده كتير اوي يا بابا ربنا يخليك ليا ‘‘ معلش يا خالد خليهم معاك لحد ما نخرج
اخذ خالد النقود من خليل و ظل محتفظا بها في يده ‘ ولكن حذره خليل من ذلك كي لا يقوم اي شخص سئ بإتباعهم ويحاول سرقة النقود ‘‘ وطلب منه ان يخبئها في بناطله ‘‘ دس خالد النقود في توجس هو يلمح نظرة غريبة في عين خليل ‘‘ ولم يعد يصدق التغيير المفاجئ الذي هبط عليه من السماء فجأة ‘‘ ولكن طمئنه تواجد سمير فهو بمثابة شاهد علي ما حدث ..
خرج خليل وترك الشابان يتناقشان فيما حدث ‘‘ خرج وهو مبتسم ابتسامة المنتصر بعد ان اخرج هاتفه وحجز تذاكر طيران للرحلة مدتها شهران و نصف ..
تري ماذا سيحدث معهم بعد هذا !!
وهل يعقل ان يتحول التمساح المفترس الي سمكة وديعة !!
يتبع …