رواية إمبراطورية الملائكة بقلم/ياسمين عادل
<< إمبراطورية الملائكة >>
الفصل الثاني والثلاثين:-
اضطربت “برديس” على الفور وكأنها أدركت للتو حجم الكارثة التي افتعلتها بهدف العبث والمزح السئ.. عادت للخلف خطوة وهي ترى ما يحدث، وداخلها بعض الغبطة من تدخل زوجها بالأمر وهرولتهِ لإنقاذ تلك المسكينة التي لاقت مصير مجحف بأول أيامها في هذه الإمبراطورية..
راقبت ما يحدث بتمعن..
إينذاك كان “طارق” فاتحًا عينيه أسفل المياه يبحث عنها، ليجد ذراعيها تتحركان بتشنج وهي تحاول الصعود لأعلى.. فغطس أكثر وبخفة سحب ذراعيها وجذبها إليه وسبح ليصعد بها للأعلى..
خرجت “ميسون” عن القصر بسرعة وهي تتسائل بتحير عن مصدر هذا الصراخ والضجيج، لتتفاجأ بـ “طارق” يرفع “رفيف”عن المسبح ويعاونها لتجلس على حافته.. فـ صاحت :
– رفـــــيــــف!! حصل إيـــه!
وركضت أقصى اليمين حيث موضوعهم..
سعلت “رفيف” وهي تطرد المياه من جوفها، حيث شربت الكثير من المياه رغمًا عنها وبفعل المفاجأة.. قفز “طارق” للأعلى وهو يسألها من بين نهج صدره :
– انتي كويسة؟
هزت رأسها غير قادرة على نطق أي كلمة وصمت ذراعيها لجسدها وقد شعرت بالبرد وارتجفت شفتها على أثر ذلك.. جلس جوارها يلتقط أنفاسهِ، ثم نهض.. اقترب من الچاكت وسحب منه محتوياتهِ الخاصة، ثم اقترب منها مرة أخرى ووضعه عليها وهو يردد :
– خلي دا عليكي لحد ما تطلعي أوضتك.. أبقي خلي بالك على نفسك بعد كدا
انحنت “ميسون” عليها تتفحصها بقلق :
– رفيف! انتي كويسة ياحببتي ؟ حصل إزاي دا؟
لم تقوَ حتى على التحدث، فبادر “طارق” :
– لو سمحتي طلعيها تغير هدومها قبل ما تاخد برد
ساندتها “ميسون” حتى وقفت على قدميها :
– تعالي ياحببتي، سلامتك ألف سلامة
ثم قادتها للداخل و”رفيف” تسير ببطء بيّن.. حينما كانت “برديس” تعقد ذراعيها بتبرم مما يحدث، فقد أزعجها أهتمام زوجها الملحوظ بها.. رغم أن الأمر يبدو عاديًا للغاية، رمقها “طارق” بنظرة ساخطة، ومسح على شعره وهو ينفضه مما علق به من مياه.. ثم سار نحوها وهو يردد :
- إيه اللي عملتيه ده؟؟
فـ تصنعت إنها لم تتعمد ذلك و:
– عملت إيه؟
فـ كز على فكيه محاولًا ألا يرتفع صوته وهو يقول :
– انتي فهماني كويس!.. ليه سلطتي قطتك عليها؟
فـ ترددت قبل أن تهتف :
– عادي يعني بهزر معاها
ثم ضاقت عيناها و :
– إنت بقى إيه اللي دخلك، شايفها baby مكانتش هتعرف تطلع من الميا؟
أطبق على رسغها بإنفعال وسحبها خلفه :
– تعالي نتكلم جوا.. أمشي
فـ مضت معه دون أن تكترث لأسلوبهِ الفظ :
– براحة طيب
…………………………………………………………………..
كانت “رفيف” ترتعش بشدة أثناء مساعدة “ميسون” لها في تبديل ثيابها.. ثم ولجت للمرحاض لتستكمل ارتداء ملابسها.
تذمرت “فريدة” مما حدث وظلت بإنتظار خروجها، وأثناء ذلك :
– بنت ناهد بدأت مع رفيف بدري بدري!
تلوت شفتي “ميسون” وهي تؤكد ذلك :
– حاولي تخلي رفيف معاكي أطول وقت يافريدة.. في هنا ٣ حربايات مستنينها، ناهد وبنتها وإيمان كمان
خرجت “رفيف” وهي ترتجف.. و سرعان ما ركضت نحو الفراش، تدثرت بذلك الغطاء الخفيف وهي تردد :
– آآ.. انا برد.. انه، آه
دنت “ميسون” منها وراحت تدثرها جيدًا و :
– أهدي ياحببتي، حالًا هخلي زهور تعملك حاجه سخنة تدفيكي
فبادرت “فريدة” :
– بسرعة ياميسون
ثم اقتربت من الفراش بمقعدها و :
– ألف سلامة ياحببتي، طمنيني عليكي
فـ تأوهت وهي تجيبها :
– جسمي واجعني أوي ياماما، أوي
فردجت بتلهف :
– ليه، اتخبطي في البسين ولا حاجه؟.. أبعت اجيبلك دكتور؟
– لأ، بس لما وقعت فجأة وجسمي اصطدم بالميا وهي ساقعة وجعني
– معلش ياحببتي، حالًا هيجيبو لك حاجه تشربيها وتدفي
………………………………………………………………….
- قولتلك مكنش قصدي يا طارق،I didnt know يعني إنها هتقع في الميا
فـ تشنجت عضلات وجهه وهو يقول :
– من أمتى بتهزري مع حد مش واخده عليه؟
ثم انتقل للغرض الذي تشكك به من البداية :
– ولا يمكن بتغيري عليه منها، مش دي اللي فضلها عنك!
تلون وجهها بـ صُفرة فاقعة فور أن كشف لها عن تفكيره، وحملقت فيه قليلًا قبل أن تجيب :
– إيـه اللي بتقوله دا؟ lmpossible طبعًا (مستحيل)
حلّ أزرار قميصه المبتل عنه وعيناه ما زالت عالقة بها، بينما فرت هي هاربة من حصار نظراته، حيث انتقلت الخزانة وأخرجت ثيابًا أخرى كي يرتديها.. دنت منه و :
– غير هدومك بسرعة أحسن تبرد
رمقها من زاوية عينه غير مصدقًا جوابها، وسحب الملابس منها بإنفعال وبدأ يرتديها وهو يردد بسخرية :
– خلي بالك بقى أحسن رائد يزعل منك ولا حاجه
وتركها واقفة بمحلها قاصدًا الخروج، زفرت “برديس” بضيق و :
– صحيح لما يعرف رائد هيبهدل الدنيا.. أوف
…………………………………………………………………
تنفس الطبيب النفسي المعالج لـ “مروة” بعدم ارتياح.. ثم عاد يردد :
– ياآنسة مروة صدقيني، انتي مش محتاجة منوم ولا مضادات إكتئاب، وانا گطبيب مش بحب طرق البرشام في العلاج.. عشان كدا رافض أكتب لك
نهض الطبيب عن جلستهِ، ثم اقترب من “الشيزلونج” الذي تجلس على طرفه هي وجلس قبالتها وهو يقول بإبتسامة هادئة :
– بصي يامروة، أنا فهمتك قبل كدا إن حالة الإنطواء والوحدة اللي بتعيشيهم دول من أهم مسببات الإكتئاب، ومزمن كمان.. عشان كدا لازم تخرجي من الحالة دي
فقالت بصوت ضعيف وقد تملكتها خيبة الأمل:
– إزاي؟
– لازم تخرجي، تتفسحي، تشوفي ناس وتدخلي في علاقات وصداقات جديدة.. انتي محتاجة أجواء غير اللي متعودة عليها، لو سافرتي في أجازة يمكن دا ينفعك
أطرقت رأسها وهي تردد :
– هحاول
تذكرت أمر السفر الذي ينتظرها إلى محافظة الإسماعيلية.. فـ ارتفع حاجبيها واعتدلت في جلستها :
– في سفر تبع الشغل عندي ولسه كنت بفكر فيه
فتحمس الطبيب بدوره :
– عظيم، أوعي تفوتي الفرصة دي.. غيري مكان نومك والشوارع والوشوش اللي بتشوفيها كل يوم، وانا متأكد هترجعي من هناك مروة تانية خالص
نظر لساعة الحائط و :
– جلستك خلصت بقالها ربع ساعة
وقفت وهي تسحب حقيبتها :
– طيب انا همشي
– وتعرفيني هتسافري ولا لأ
– حاضر
وخرجت وهي تفكر في حديثه، هي بالفعل تحتاج لبعض التغييرات في حياتها.. هذا هو الذي سيشفي روحها لا محالة، هبطت الدرج ببطء، لتصطدم بأحدهم دون انتباه منها.. رفعت بصرها تنظر إليه :
– مــحمـود!
عقد حاجبيه بإندهاش و :
– انتي بتعملي إيه هنا يامروة؟
ترددت في إخباره بذلك، ولكن في النهاية وجدت الشجاعة لتقول :
– أنا كنت عند دكتور نفسي هنا
حملق بدون أن يتحدث. فبادرت هي :
– يعني مخنوقة شوية و… فكرت أشوف دكتور وكدا
فـ ابتسم و :
– أنا طالع لشقة واحد صاحبي، خلي بالك من نفسك
– حاضر
قالتها وهي تنصرف من أمامه، بينما بقى واقفًا بمحله يتابع إختفائها.. أخفض بصرهِ قبل أن يبتسم و :
– بنت غريبة جدًا
……………………………………………………………………..
أسرع “رائد” بالدخول وهو ينادي :
– زهــــور
حضرت بين يديه بسرعة و :
– أيوة يارائد بيه
– فين جدي؟
– في أوضته فوق
وقبل أن يهمّ بالعود، استوقفته مترددة في قول ذلك أم لا :
– رائد بيه، كنت عايزة اقولك يعني.. إن الست رفيف يعني آ….
فـ تحفزت حواسه بسرعة و :
– مالها رفيف؟
– يعني هي كانت آ….
فصاح بها :
– ما تكلمي يا زهور !
رمشت على أثر صياحه، وقالت دفعة واحدة :
– وقعت في البسين
جحظت عيناه بصدمة جليّة :
– إيــه؟
فأسرعت بقول هذا معتقدة إنها تطمئنه :
– متقلقش يابيه، طارق بيه كان موجود وطلعها بنفسه وهي فوق دلوقتي
ضمّ أصابعه لكف يدهِ يقبضه بإنفعال، وبعجالة صعد الدرج درجتين درجتين حتى أصبح بداخل غرفته في أقل من دقيقة.. دلف للغرفة بتعجل و :
– رفيف! انتي كويسة
قالها وهو يقترب من فراشها، فـإذا بها تدثر بغطاء سميك وتحاول السيطرة على حالة البرد المسيطرة عليها رغم سخونة جسدها.. لم تجب، فـ جلس جوارها ومسح على وجهها بلطف وهو يسأل :
– حببتي حاسه بإيه طيب؟
– بـردانة
فـ نهض مسرعًا نحو الخزانة.. بحث عن غطاء إضافي ولكنه لم يجد، فخرج بسرعة ليوجد أي غطاء، دقائق وعاد حاملًا بغطاء آخر.. دثرها به أيضًا لتدفأ، ثم انحنى يسألها :
– انتي متأكدة إنك بـردانة؟.. دا جسمك مولع!
كانت شفتاها ترتجفين وهي تحاول الحديث :
– آه
فقال بضجر شديد غير متعمد لومها :
– مش فاهم إيه اللي وداكي عند البسين؟
ثم اعتدل في وقفته :
– أنا هشوفلك دكتور بسرعة واجي
– رائد
توقف لحظة :
– أنا بـردانة بس، هتجيب دكتور ليه مش محتاجة!
فـ انفعل عليها :
– انتي جسمك مولع ووشك محمر.. مش شايفة نفسك؟
كاد يخرج، لولا رؤيته لهذا الچاكت المبتل المُلقى على طرف الفراش.. تمعن النظر به وهو يمسكه، ثم ابتسم ابتسامة هزلية وهو يردد :
– دا انا شكلي اتأخرت برا كتير
ثم حدجها وقد استشاط داخله بالغيرة.. خرج قاصدًا غرفة “طارق، برديس”، طرق الباب ولكن لم يستمع لأي إستجابة.. وقبل أن ينصرف وجدها تفتح الباب :
– رائد!
كانت نظراته مقلقة بالنسبة لها، اعتقدت إنه علم بما حدث.. فـ حمحمت و :
– أتفضل ادخل
– مش عايز
ثم بسط ذراعه لها بالچاكت و :
– ابقى اشكري جوزك بالنيابة عني
فـ إلتقطتهُ منه دون تعليق، وانصرف هو وداخله يغلي گالقدر.. عاد لغرفته وهو يحاول الإتصال بالطبيب حتى أجاب أخيرًا :
– أيوة يادكتور، آ.. ممكن تيجي القصر
صفعت الباب.. ثم نظرت “برديس” للچاكت بإشمئزاز عقب أن تذكرت كيف حاوط چاكت زوجها جسد “رفيف”.. ألقته أرضًا وهي تغمغم :
– يعني لو أنا مكانها كان عمل كدا معايا؟
……………………………………………………………………
نظر لساعة يده ثم قال بتذمر :
– دا اتأخر أوي!
جلس جوارها وهي مازالت ترتعش.. وكلما مرّ الوقت تزداد حالتها سوءًا.. وقد ارتفعت حرارتها بشكل يثير القلق، مسح على رأسها بلطف ولففها بالغطاء جيدًا وراح يمسح على ظهرها بيده كي يثير السخونة فيها ولكن دون فائدة.. فهمس بحزن بالغ وأنفاسه تلفح وجهها :
– طب أعمل إيه طيب.. الدكتور في الطريق!
أسنانها في حالة إصطكاك مستمر.. وعيناها مغمضتين لا تقوَ على فتحهما، طالعها بضيق شديد لعجزهِ عن مساعدتها.. فـ باغته فكرة قد تهدئ من شعورها بالبرد..
نهض ليدخل إلى المرحاض بسرعة، ثم بدأ يملأ المغطس بالمياه الساخنة.. لمس المياه بأصابعه، ثم خرج إليها:
– رفيف، تقدري تقفي؟
لم تصدر حتى إيماءه مستجيبة، فقال :
– مبدهاش بقى، لازم اتصرف
نزع عنها الأغطية وشرع بحملها بين يديه عندما طرقت “زهور” على الباب.. فسمح لها :
– أدخل
ولجت وهي تردد :
– الغدا جاهز يارائد بيه
– مش وقــــتــه
صاح فيها وهو يركض بها للمرحاض، بينما شهقت هي بفزع وخرجت مهرولة نحو الأسفل لتبليغ “فريدة” على الفور..
كانت گالمغشى عليها، مستسلمة غير شاعرة بما يحدث، رأسها ملقاه على ذراعهِ وبالكاد يمسك خصرها ويساندها حتى يتأكد من إمتلاء أكثر من نصف المغطس.. وبخفة حملها ووضعها بالمياه الساخنة، وأخذ يملأ كفيهِ ويصب على رأسها وكتفيها.. هدأت رعشتها رويدًا رويدًا، فـ ابتسم بسعادة وهو يطالع عيناها اللاتي تفتح وتغلق :
– سمعاني يارفيف؟
هزت رأسها بالإيجاب.. فمسح على رأسها المبتلة، ثم خرج بسرعة، فتح الخزانة وأخرج منها ثيابًا جديدة.. وقبل أن يعود للمرحاض وجد والدته تدفع الباب وتدخل :
– رائد، رفيف فين يابني؟
– في الحمام ياماما
ثم تركها ودلف للمرحاض.. كانت منكمشة على نفسها بالمياه مستمتعة ببعض الدفء الذي غمرها، ترك “رائد” الملابس والمنشفة و :
– خلاص يارفيف، أطلعك ولا لسه شوية؟
دلفت “فريدة” لتتفاجأ برؤية ما يحدث.. وانفرجت شفتيها بذهول :
– إيه اللي عملته دا يارائد؟.. حد يعمل كدا يابني؟
فـ زفر وهو يقول بقلة حيلة :
– طب أعمل إيه ياأمي!… دي كانت هتموت من البرد
ذمت “فريدة” على شفتيها و :
– مينفعش يابني، كدا تتعب أكتر لما تطلع للجو برا
فـ خرج “رائد” وقام بتشغيل المدفأة.. حتى تعتدل درجة حرارة الغرفة، وعاد يدخل للمرحاض :
– معلش ياأمي انزلي انتي وانا هساعدها تغير هدومها لحد ما الدكتور يوصل
تنهدت “فريدة” و :
– الدكتور تحت وانا كنت طالعة ابلغك أصلًا
ثم حركت مقعدها للخارج.. بينما انحنى هو ليحملها وقد زاد وزنها قليلًا، استندت على كتفه حتى أخرجها من المغطس.. ثم أجلسها على حافتهِ، واستخدم المناشف في تجفيف ثيابها قبل أن ينزعها عنها فـ تبرد..
لم يرى أو يشعر أو يهتم بـ عُريّ جسمها أمامهِ، حتى هي لم تشعر بهِ وكأن عقلها غائبًا منذ زمن..
بدل لها ثيابها وحتى الداخلية، ثم خرج لحظات.. وعاد يدخل من جديد، جفف شعرها جيدًا، ثم عقده للخلف وقام بتغطية رأسها بوشاح ثقيل كي لا تبرد..
ساندها لتخرج مترجلة، ولكن كانت حركتها بطيئة للغاية.. فـ انحنى يحملها، وانتقل بعجلة للفراش، تركها بمنتصفهِ ودثرها جيدًا وهو يردد :
– ياريتني عملت كدا من بدري
ولج الطبيب حاملًا حقيبتهِ إليهم و :
– مساء الخير، أعذرني ياأستاذ رائد الطريق وحش جدًا النهاردة
نهض “رائد” ليستقبلهُ و :
– اتفضل
…………………………………………………………………….
طرق “فاروق” بعصاه على الأرضية.. ثم رفع رأسه وأردف :
– مش فاهم إزاي تقع فجأة كدا في البسين!
فنظر “طارق” بإتجاه زوجته التي بدت مرتبكة قليلًا، ثم قال :
– مكنتش مركزة وهي بتتكلم في التليفون ياجدي.. جت سليمة
نفخت “إيمان” بنفاذ صبر و:
– ياترى بقى رائد شكرك بعد اللي عملته مع مراته!.. ولا زي القطط ياكل وينكر
أطبقت “فريدة” جفونها محاولة ألا تفقد أعصابها، وأجابت نيابة عنه :
– أول ما يطمن عليها ويفوق كدا هيبقى يشكره، طارق راجل واللي هو عمله مش جديد عليه
ثم ضربت على كتفهِ بحنو و :
– مش كدا يا طارق؟
– أكيد يامرات خالي
استمع الجميع لصوت الطبيب وهو يتحدث بالخارج، فـ وقف “فاروق” ليخرج ومن خلفه “فريدة”.
الطبيب :
– والحمد لله إنها جت سليمة المرة دي، بس لازم تخلي بالك من معاد المضاد الحيوي زي ما فهمتك
– متقلقش يادكتور
فتدخل “فاروق” :
– طمني يادكتور
– متقلقش ياحج هي هتكون كويسة، أديتها حُقنة تخفض الحرارة وتنسيها كل الوجع دا.. عن أذنكم
عاد “رائد” يصعد للأعلى.. اقترب من الفراش، ثم انحنى عليها وبظهر أصابعه مسح على بشرتها.. كاد يبتعد لولا أصباعها التي تمسكت بيده وكأنها ترجوه البقاء، مطبقة الجفون ساكنة تمامًا.. ابتسم ببعض الحبور، ثم رفع الغطاء قليلًا ومدد بجسدهِ جوارها.. حاوطها بذراعيه وجذبها بخفة، حتى أصبحت رأسها على ذراعه وبالقرب من قلبهِ..
طبع قُبلة على جبهتها، ثم وجنتها، ثم رأسها :
– ربنا يهديكي ليا
وسكن.. سكن تمامًا، شعور الإكتفاء بكونها في أحضانهِ وعلى بُعد سنتيمترات من قلبه قد غمرهُ وأسعده بعد ليلة مُقلقة عاشها بالخوف عليها، تسحبت يده تسير أعلى شعرها.. وعيناه عالقة بالسقفية.. يراودهِ إحساس بقرب تحقيق رغبتهِ، وأن ما يحدث بينهما لن يطول، لا يدري لماذا هذا الشعور الآن.. ولكنه استشعرهُ ، ربما هذا ما يجعلهُ صابرًا رغم كُل شئ.
عدة آلام متفرقة في أنحاء جسمها وعظامها نتيجة الأصابة بالبرد.. هدأت حرارتها وقاربت الطبيعية، وبدأت تستعيد وعيها تدريجيًا لتكتشف إنهُ الصباح بإشراقهِ، تململت.. فـ شعرت بوضعية غير طبيعية، حركت رأسها لتصطدم برؤيته نائمًا ورأسها على صدره.. اتسعت عيناها بذهول وهي تحاول استعادة ما حدث بالأمس في عقلها، ولكنها لم تتذكر جيدًا.. مدت أصبعها ببطء شديد نحوه حتى لمست بشرتهِ، تلقائيًا أفتر ثغرها بإبتسامة ناعمة وهي تلمسه بحرية الآن .. تحركت رأسه، فـ عادت تنام مرة أخرى وكأنها لم تستيقظ بعد.
أما هو فقد بدأ يصحو من نومه.. تحركت عضلات جسده وهو يتأوه بخفوت، فشعر بها تنام على صدرهِ.. سكن، وتمتم بخفوت :
– الحمد لله إني صحيت قبلك عشان متشوفيش المنظر دا وتسمعيني موشح على الصبح
انسحب بحذر شديد، وأودع رأسها على الوسادة.. ثم نهض من جوارها وانتقل للمرحاض، فتحت هي عيناها بهدوء.. ولم تستطع كبح إبتسامة طفت على سطح وجهها، ثم عادت تغلق عيناها من جديد.
…………