رواية إمبراطورية الملائكة بقلم/ياسمين عادل

<< إمبراطورية الملائكة >>

  • الفصل الخامس عشر :-

دعس “رائد” ما بقى من سيجارته في المنفضة، منتظرًا دخول “مروة” عقب ان استدعاها إستدعاءًا عاجلًا.. بعد ليلة أمس وما حدث بها، وهو يخشى أن تنفلت زمام الأمور من بين يديه فيفقد من امتلكت مفاتيح قلبه، وقف وهو يسحب فنجان قهوته، يرتشف منها بدون شعور بمذاقها.. نظر في ساعة يده، ثم همس :
– أكيد هيكون في حل.. بس مش عارف ابدأ ازاي

ترك قهوته، في نفس اللحظة التي انفتح فيها الباب على حين غرة.. رمقها بإحتداد لدخولها المفاجئ بدون أن تقرع على الباب، فلمح في نظراتها التجبر وعدم الإهتمام برد فعله.. ترك النظر إليها وراح يجلس على مقعده بمهابة معتادة منه، ثم ردد بفتور :
– أقفلي الباب، وتعالي اقعدي

صفقت الباب بعنف، ثم سارت نحوه بحركات جافة، ورددت :
– مش فاضية، ياريت تقول طلبتني ليه من غير مقدمات
– أنا اللي عايز أسألك عايزة إيه، مقابل إنك تنسي كل حاجة، وتبطلي تلميحاتك قدام رفيف؟

فـ ابتسمت بمكر ورددت :
– عايزة انتقم منك، خلاص انا مبقتش عيزاك.. وحتى لو بحبك هدوس على قلبي، لكن ناري لازم تبرد

أشار بسبابتهِ محذرًا إياها من التمادي وهو يردد بلهجة محتدمة :
– مــروة، افتكري إني سيبتلك فرصة نكون فيها حبايب.. وانتي لسه محتفطة بعنادك

ابتسمت بتكبر ورددت :
– حبايب!.. للأسف مينفعش بعد ما فضلت دي بالذات عليا

فـ بادلها ابتسامة فاترة وهو يردف بثقة :
– يكون أحسن برضو، لكن خليكي فاكرة إن رفيف دلوقتي مراتي..

أكد وشدد صوته على كلمته الأخيرة، وأعادها مرة أخرى :
– مراتي مش خطيبتي، وانا مستحيل اسيبها

أشار للخارج و :
– أنا خلصت كلامي، ياريت تخرجي

فقالت وعيناها تقدحان بالشر :
– حاضر يامستر رائد، حاضر

ثم ولته ظهرها وانصرفت من أمامه.. منتوية فعل ما هو أعنف،ستذيقهُ العلقم بعد ما عانته وهي هاجدة ليلها تفكر فيه وتبكي لشروخ قلبها الغائرة..
هو مضطرب ومشتت لا يدري ما الذي تخبئه له، ولكن ثمة طمأنينة تختلج صدره مع تذكر إنها أصبحت زوجة رسمية له، ولن يفرقها عنه سوى الموت.. أو الموت.. إما الموت، ولا خيار آخر.

……………………………………………………………
تأففت “إيمان” بإنزعاج.. ثم قالت متعمدة إشعال فتيل الحرب في القصر :
– مش عارفه ليه بابا ببعمل كدا، انتي زوجة مثالية ياميسون، ليه بابا يفضل شهيرة عنك

تأججت نيران الغيرة بصدر الأخيرة وهي تردد بصوت مصدوم :
– تفتكري تكون الحكاية كدا!.. لكن فاروق لو عايز يرجع شهيرة لذمته كان رجعها، ليه هيستنى كل السنين دي وكمان في حالته الصحية المتدهورة دي عشان يرجع خيوط الوصال بينهم!

فتابعت “إيمان” لتزيد من تأثير سمومها في أذن زوجة أبيها :
– لأ انتي مش فاهمة، أبويا مكنش في دماغه، هي الحرباية اللي هتلف عليه زي زمان

تقوست شفتي “إيمان” بإستهجان وقالت :
– هو انا عمري هنسى إنها خطفته من ماما!!.. دي ست سوسه

وقفت “ميسون” عن جلستها فجأة وهي تردد بإنفعال :
– لو دي نيته فعلًا، أنا مش هقعد هنا ثانية كمان

ثم انطلقت تاركة إياها، منتوية الصعود لحجرتها، حيث “فاروق” الراقد بفراشه.. بينما ابتسمت “إيمان” بخبث شديد وأجفلت نظراتها وهي تكتم صوت ضحكة متشفية وهي تهمس:
– يارب تولع فوق دماغهم، مش كفاية فرحتي بـ ابني اللي سرقتها مني يابابا.. كمان جايبلنا طليقتك الحرباية عشان تدخل هي كمان ضمن الخطة الوراثية!.. انت مبتتهدش أبدًا يافاروق ياعامري!.. ربنا خد منك صحتك عايز إيه تاني!!

ثم نهضت عن جلستها وخي تتابع بزمجره :
– أما اشوف المحروسة مرات ابني المستقبلية بتعمل إيه وانكد عليها هي وأمها

كانت “برديس”تستمع لصخب الأغاني الكلاسيكية التي تعشقها.. تغلف أذنيها بسماعات الأذن الكبيرة وهي تكتب على لوحة الكتابة بجهاز الحاسوب الشخصي.. لتجد “إيمان” تقتحم غرفتها فجأة، أخفضت “برديس” صوت الأغاني قبل أن تنزع السماعة عن أذنها.. ثم تسائلت بفتور :

  • عايزة حاجة ياانطي؟

ابتسمت “إيمان” ابتسامة صفراء وهي تصحح لها :
– قوليلي ياعمتو ياحبيبة عمتو، إيه انطي دي.. بايخة أوي!

تنهدت “برديس” و :
– حاضر ياعمتو، خير محتاجة حاجة؟

تقدمت منها “إيمان” وجلست على حافة الفراش وهي تردد :
– شيفاكي على طول في أوضتك ولا بتنزلي ولا بنشوفك.. ياأما بتقضي اليوم كله برا البيت، مش هتقعدي معانا في يوم وتشوفي هنعمل إيه في الفرح!

شعرت بضيق يجتاح نفسها التي كانت مطمئنة منذ لحظات، ثم قالت :
– أنا سايبة كل الترتيبات لـ مامي، ودادي خلاص اختار الفندق اللي هنعمل فيه الفرح وبلغ طارق.. أظن كدا خلاص مش فاضل غير إن فستاني يخلص

تلوت شفتيها بإستهجان وهي تقول :
– يعني محدش قالي على موضوع الفندق دا!!.. أفرضي معجبنيش!
– والله ياعمتو دا قرار بتاعي لوحدي، أنا اخترت القاعة اللي عجبتني وبابا وافق عليها.. ولما تشوفيها أكيد هتعجبك.. دي seven stars (٧نجوم)

كتفت “إيمان” ساعديها بتذمر وهي تقول :
– يعني إيه قرارك لوحدك!.. انتي هتاخدي لهجة الست أمك من أولها ولا إيه؟

فكان دخول “ناهد” في هذه اللحظة هو الفيصل الوحيد لما تعانيه “برديس”.. دلفت مستعدة للرد الهجومي وهي تقول بهدوء مزيف :
– ومالها لهجتي ان شاء الله ياإيمان!.. مش هتبطلي كلامك السم دا؟!

اقتربت “ناهد” منهما، حينما كانت “إيمان” تلتزم بصمتها.. فتابعت “ناهد” :
– إيه رأيك نطلع احنا الاتنين منها ونسيب العرسان يتفقوا على اللي هيريحهم، احنا مالنا بيهم!!

وقفت “إيمان” عن جلستها وهي تردف بنبرة غير مريحة:
– والله لو انتي عايزة تطلعي منها، اطلعي.. لكن أنا جواها وجوا كل تفصيله تخص ابني

رمتهم بنظرات غير راضية، ثم تحركت مختالة نحو الباب، عبرت عتبة الباب.. ثم صفقت الباب بعنف خلفها، فـ همست “ناهد” بـ سبة نابية و :
– #### بنت العامري، العيلة دي عمرها ما هتنضف طول ما فيها الأشكال دي

ثم استدارت لتنظر إلى ابنتها :
– ولا تحطيها في بالك يابيري، وانا هخلي ابوكي يوقفها عند حدها

عادت “برديس” تضع سماعات الأذن على آذانها بعدم اكتراث لما حدث، وعادت تنشغل بما تفعل معتقدة إنها النهاية.. ولكنها كانت بادرة لسلسلة من التعاملات القادمة معها.

……………………………………………………………

باقة من البهجة وليست زهورًا.. تمسكت “فريدة” بباقة الورود المميزة التي أهدتها “رفيف” إياها بسعادة.. ثم اقتربت لتشتم عبير زهورها وعادت تقول :

  • أنتي زوء أوي يارفيف، والبوكية شكله حلو جدًا

خجلت “رفيف” وأطرقت برأسها مستحية، ثم رددت :
– دي أقل حاجة لحضرتك ياطنط.. آآ قصدي ياماما فريدة

ابتسمت “فريدة” على الفور.. ثم ربتت على فخذها وهي تقول بتودد :
– ربنا يحفظك، قوليلي.. عارفه إيه اللي ناقصك واللي هتجيبيه دلوقتي، ولا اجيبلك انا على زؤي

هزت رأسها عدة مرات و :
– لالا، متتعبيش نفسك.. مرات عمي مجهزة كل حاجة وكتباها

كانت “فريدة” تجلس بالخلف في سيارتها الخاصة بجوار “رفيف” .. منتظرة هبوط “دريّة” من بنايتها، ليذهبن سويًا حيث شراء بعض مستلزمات الزفاف والزواج.. وما أن لمحتها تعبر بوابة البناية العتيقة، أشارت للسائق و :
– جهز نفسك ياعلي، ست درية نازله.. هتركب ونخرج من هنا على طول
– حاضر يافريدة هانم

اقترب أحد أطفال الشوارع المتسولين من “دريّة” يمنعها من المرور وهو يشحذها بقوله المتوسل :
– والنبي تديني جنيه عشان افطر، يارب يخلي عيالك يارب.. اديني أي حاجة للّه

رمقته “دريّة” بإشمئزاز.. حيث ملابسه المتسخة ورائحتهُ المُنفرة، ثم دفعته بعيدًا وهي تقول :
– أبعد عني كدا، مش عارفه الحارة الو### دي هتنضف أمتى من أشكالكوا

كانت “فريدة” تراقب رد فعلها الذي لا ينتمي للرحمة والرأفة بمخلوق صغير كهذا أُجبر على معايشة ظروف الحياة.. فهي لم تعطيه مرادهِ ولم تتركه دون أن تلقي من كلماتها اللاذعة على مسامعه..فتحت “فريدة” زجاج النافذة المجاورة، ثم نادت بصوتها :
– أنت يا…..

التفت الصبي الصغير ليراها.. فركض نحو سيارتها، ابتسم لها رغم مرارة شعوره، فـ لمحت بملامحه الطفولية وسامة صغيرة تختفي خلف الشحوم السوداء التي تغلف طبقة جلدهِ.. فسألته بتملق :
– أسمك إيه ياحبيبي؟
– أسمي سعد

أخرجت “فريدة” ورقة نقدية فئة المائة جنيه من حقيبتها، ثم ناولته إياها وهي تردد :
– خد ياسعد، أعمل بيها اللي انت عايزه

شهق الصغير وهو يختطف الورقة النقدية منها.. وحملقت عيناه غير مصدقًا وهو يقول :
– ليا انا!!.. بـجد! ، دي حقيقية ولا مزورة؟

كركرت “فريدة” لسذاجته، ثم أردفت :
– طبعًا حقيقية، هتروح لاخواتك ولا هتعمل بيها إيه دلوقتي؟

عبس الصغير وهو يقول :
– لأ أنا معنديش اخوات
– طب فين بابا وماما؟

فأجاب الصغير ببلاهه غير مدركًا :
– معرفش، أنا ماليش حد غير الشارع

انقبض قلب “فريدة” وهي تسمع عبارته المؤذية لشعورها.. ابتلعت غصة في حلقها وهي تردف :
– طيب ياحبيبي، روح هات أكل وافطر، وانا لما اجي هنا تاني هبقى اكمل كلام معاك

ضحك الصغير وهو يبتعد راكضا.. راقبته “فريدة” في مرآة السيارة، حينما سألها السائق:
– امشي ياهانم؟
– لأ، استنى شوية

ذمّت “درية” التي جلست بالمقدمة شفتيها وهي تردد بصوت مسموع:
– مش كفاية كدا!.. هنتأخر وانا عايزة ارجع اعمل غدا للحج

فقالت “فريدة” بنبرة محتدمة وما زالت تنظر للمرآة بفضول شديد :
– لو مش فاضية ممكن ترجعي وانا هخلص مشواري مع رفيف وارجعها لحد البيت

وقف الصغير أمام متجر صغير يقوم ببيع شطائر جاهزة من اللحوم والدجاج والمأكولات السريعة.. ينظر لقائمة الطعام بعدم فهم، ثم ولج مسرعًا للداخل..
ابتسمت “فريدة” بسعادة غمرت أعماقها، ثم نظرت للسائق و :
– أطلع ياسعد

……………………………………………………………
كانت ملامح الإنبهار جليّة على وجه “رفيف”.. وهي تتطلع لما يحويه هذا المركز المتخصص لتجهيز العرائس من أشياء تبهر الأنظار وتخطف عقول الفتيات خصيصًا..
تجولت في طوابق المركز الأربع، حتى استقرت في الطابق الذي يضم فساتين الزفاف وأكسسوارات العروس كافة.. علق عقلها بأحدهم، فـ أصرتّ “فريدة” تراها به.. قامت بإرتداءهُ بمساعدة إحدى العاملات في المركز، ثم خرجت به وهي تحمل وزنه الثقيل بفرحة شديدة.. رمقتها “فريدة” بنظرات معجبة ثم رددت :
– زي القمر، ما شاء الله

ورغم جمال الثوب وروعة تصميمه، إلا أن “دريّة” أدعت بالكذب سوء هيئته.. حيث استشعرت إنه يزيد عما تستحقه تلك الفتاة التي تكرهها و :
– مش حلو ولا حاجة، في حجات أحلى من كدا

نظرت “رفيف” للثوب تتفحصه وهي تردد :
– بس دا عاجبني جدًا.. وكمان محتشم من فوق، عشان رائد أكد عليا الفستان ميكونش عريان

أشاحت “دريّة” بصرها للجهة الأخرى، ثم قالت :
– أنا قولت رأيي وانتي حرة

نظرت “فريدة” للعاملة التي تشاركهم، ثم سألتها :
– بكام الفستان دا؟

فردت العاملة وهي تنظر للبطاقة المرفقة بالثوب :
– دا عامل ٢٠ ألف ٧٥٠ جنيه بعد الخصم يافندم

شهقت “دريّة” وهي تضرب على صدرها قائلة :
– يالهوي! بتقــولي كـام!.. ليه دا حتة فستان!!
تحرجت “فريدة” من موقفها، ولكنها ابتسمت وهي تقول :
– دا سعره حلو جدًا، وطالما عاجب رفيف يبقى خلاص

ثم أشارت للفتاه كي تتحرك و :
– ساعديها تقلعه وشوفي معاها الطرحة والأكسسوار، وكمان الجزمة

تورد وجه “رفيف” وهي تتجه نحو المكان المخصص لتبديل الملابس.. وقفت أمام المرآه تتأمل هيئتها الرائعة، كانت أميرة ينقصها فارسها.. تحسست ملمس خرزاتهِ اللامعة، ثم همست بصوت حالم :
– مش مصدقة نفسي، دا أكيد حلم وهصحى على كابوس..

وكأن عقلها يجيب عليها :
– لأ مش حلم، دا حقيقة.. حقيقة وربنا كاتبهالي

سئمت “فريدة” التحاور مع تلك السيدة التي لا فائدة من الحديث أمام ثرثرتها.. فتنهدت بإنزعاج وهي تردف :
– بقولك إيه يامدام درية، إبني هو اللي هيدفع.. أنا مش فاهمة انتي مزعلة نفسك ليه!!
– عشان دي مصاريف ملهاش لازمه، هما ساعتين فرح وبعدها مش هتلبس الفستان دا تاني
– مش مهم، طالما هي فرحانة بيه دي عندي بالدنيا.. ورائد موصيني أجيبلها اللي تختاره بنفسها

دفعت “فريدة” مقعدها بعيدًا وهي تقول :
– عن أذنك بقى عشان آخد فكرة عن بقيت الحاجات اللي موجودة قبل ما ننزل نشوف هدوم العرايس اللي هنجيبهالها

حملقت عينا “دريّة” و :
– كمان! ، بس أنا كنت وصيت واحدة تجيبلها بالقسط و….

توقفت “فريدة” على الفور واستدارت لتواجهها وهي تهتف :
– لأ لأ لأ، سيبك من الحجات دي.. أنا هجيبلها كل حاجة النهاردة ولا قسط ولا حاجة

قضمت “دريّة” شفتيها بغيظ تملكها، ثم تمتمت :
– دا انتي وقعتي واقفة يابنت الخواجاية!.. آه ياناري آه

……………………………………………………………

تضايق “عماد” عقب أن علم بقيمة التكلفة التي تولت “فريدة” دفعها عقب شراء الكثير والكثير من الثياب المنزلية وثياب العروس وثياب الخروج.. بجانب أدوات أدوات التجميل والمستحضرات العطرية المختلفة.. وبعض الأكسسوارات اليومية التي ستحتاجها “رفيف” عقب الزواج، تكبدت تكلفة بآلاف الجنيهات.. وقد أصرت أن تبتاع لها كل ما هو ثمين ومميز من هذا المركز الشهير.
امتعضت ملامحه وهو يقول :
– بقى كدا يادريّة، دا اللي وصيتك عليه! متصرفيش جنيه والست تدفع كل دا من جيبها!!

تركت “دريّة” ملابسها على المقعد وجلست على الفراش بجوار زوجها وهي تردد :
– قولتلك هي اللي صممت، وبعدين بقا إحنا مكناش هنقدر نجيب كل الحجات دي.. بقولك جايبه فستان بـ ٢٠ الف جنيه، دول ناس مفيش قيمة للفلوس عندهم

ما زال “عماد” على موقفه :
– ولو!.. كان المفروض نجهز بنتنا بنفسنا

تلوت شفتي “دريّة” بإستهجان و :
– نبقى نجهز بيهم ندى أولى، بنت أخوك خدت نصيبها من الدنيا وكفاية عليها كدا
– بكرة الصبح تديني الفلوس اللي سيبتهالك عشان احطها بأسمها في البوسطا

شهقت “دريّة” و :
– إيــه!! بدل ما تقول آ….

فـ احتد صوت “عماد” وهو يقول :
– بقولك إيه يادرية، مش ناقص كلام كتير سيبيني في اللي فيا وكفاية إنهم شايلونا جميل.. بكرة الفلوس هتتحط في حساب لبنت اخويا، دا حقها وهتاخده.. تصبحي على خير

وشرع بالنوم لتفادى الحوار معها.. فغمغمت هي بضيق شديد:
– وانا اللي قولت القرشين اتوفروا معانا!.. أقول إيه بس ياربي!

……………………………………………………………

تحسست “ندى” ثوب الزفاف الذي كاد يخطف عقلها.. وهي تقول بإنبهار شديد:
– تحفة بجد، أنا حاسة إننا في فيلم في التليفزيون

شاركتها “رفيف” هذه السعادة و :
– مش كدا!.. أنا أول ما شوفته حسيت إنه اتعمل عشاني

ثم عبست وهي تتابع :
– بس كان نفسي رائد ميدفعش كل دا، ماما فريدة جابتلي حجات كتير أوي أوي، كل ما ابص على حاجة تروح جيباها..
اتحرجت من زؤها أوي

ربتت عليها “ندى” و :
– دي خلاص هتبقى زي مامتك يافيفي، بلاش الحساسية دي.. بقولك إيه، تعالي نلم الحجات دي ونشيلها، وبعدين انتي لازم تنامي بعد اليوم الطويل دا

لملمت كل منهما ما تستطيع حمله وتم نقل كل شئ للداخل.. بينما بقى فستان الزفاف في الصندوق الأنيق خاصته نظرًا لكبر حجم الصندوق..
ولجت لتنعم بساعات من الراحة عقب هذا الجهد، ولا تدري ما الذي يختبئ لها في هذه الظلمة.
خرجت “مروة” عن غرفتها، تستشعر وجود أحد ما.. ولكنها لم تجد أي صوت، اقتربت من محل هذا الصندوق.. وبإختلاس شديد فتحته لترى ما الذي يختبئ به، كانت النيران تشتعل بصدرها أكثر وأكثر.. وهي ترى جمالهِ وروعته، وفجأة.. أخرجت المقص من جيب بنطالها المنزلي، وشرعت بإقتصاصه.. كانت شهقات بكائها تتعالى مع كل قطعة تمزقها من الثوب.. وقد حرصت على أن لا تجعله صالحًا مرة أخرى، وكأنها تمزق قلب “رائد” وليس ثوب زفاف أختها الوحيدة.. واستمرت في هذه الحالة الهيستيرية التي انتابتها لوقت لا تعلم قدره..

error: