رواية إمبراطورية الملائكة بقلم/ياسمين عادل

جميع الحقوق محفوظة للكاتبة
<< إمبراطورية الملائكة >>

الفصل الحادي والعشرين :-

هرعت “برديس” نحو الغرفة التي تحتضن جدها المريض.. ولجت للداخل بدون الإكتراث بإعتبارات وجوب التعقيم وعدم السماح بالدخول لغرف العناية المركزة.. تصلبت في مكانها وهي تتأمل المحاليل المعلقة والتي تغذي الأوردة والشرايين، وهذا الجهاز الذي يرصد نبضهِ.. وقد تبين ضعف نبضاته.
استشعرت كم هي وحيدة بدونهِ، رغم أن حولها الكثير من الرفاق والصديقات.. بجانب والديها، ولكنهُ كان محلًا خاصًا لديها.. مُدللها الأول وأكثر من اهتم بها في سنوات طفولتها، الآن تفقده.
دلف الطبيب المعالج بصحبة طبيب آخر، ليندهش برؤية “برديس” هنا الآن.. فـ التفت برأسه نحو الممرضة وهو يعنفها بقوله :
– أنا مش محذرك ممنوع إي زيارات!

ارتبكت الممرضة وهي تنظر نحو “برديس” :
– والله يادكتور مشوفتهاش وهي داخله

نكست “برديس” رأسها بحرج وهي تُبعد بالحرج عنها قائلة :
– أنا دخلت من غير ما تشوفني
– من فضلك اطلعي بـرا ياآنسه

عضت على شفتها وهي تلقي نظرة أخيرة عليه، ثم تحركت بخطى متأدة نحو الخارج.. ومضت نحوهم ، رمتها “إيمان” بنظراتها البغيضة وهي تردد :
– خلاص اطمنتي عليه ؟.. إشمعنا إحنا بقى!

فأجاب “عادل” ببعض من الإنفعال :
– بقولك إيه ياإيمان، ما تروحي بيتك أحسن ولا تروحي على القصر.. وجودك هنا ملهوش أي قيمة غير إنك بترمي سم في وش كل الموجودين بلسانك

فـ اتقدت عيناها بإحمرار الغضب وهى تنهره لجرأته عليها :
– إنت ازاي تكلمني كدا ياعادل، نسيت إني أكبر منك بأكتر من ١٥ سنة!!

جاب أعلاها لأسفلها بإحتقار شديد وهو يردد :
– أنتي في نظري هتفضلي صغيرة ، مهما كان سنّك..وعشان اجيب معاكي من الآخر لو سمعتك بتجيبي سيرة أمي تاني فى كلامك، أنا هقطع من لسانك

كان “عاصم” مستمتعًا بهذه الحالة التي بينهما وكأن معركة حامية على وشك أن تُقام الآن .. ولكن سرعان ما تدخلت “ناهد” بينهما :
– ياجماعة إحنا في مستشفى وقدام العناية المركزة، الدكتور لو شاف اللي بيحصل هيطردنا كلنا

ابتسم “عادل” بسخرية و :
– قولي لصاحبة النميمة الأولى في العيلة متقوليليش أنا

فـ استطردت “إيمان” بحقد شديد :
– أنا هعرفك مين هي إيمان بس مش وقته، هندمك على كل كلمة قولتها دلوقتي

نظرت “ناهد” لزوجها بإستنكار وهي تردد بخفوت :
– ما تقول حاجه ياعاصم ، أتدخل بينهم ميصحش كدا

فأجاب بفتور وهو يجتذب ابنته أسفل أبطهِ :
– ملناش دعوة ياناهد، دول اخوات مع بعض

ثم أشار “عادل” محذرًا :
– لحد هنا وكلامي خلص

ثم تحرك لينصرف مبتعدًا.. لتستوقفهُ “برديس” وهي تسير من خلفه :
– استنى ياعمو، خدني معاك

تابعهما “عاصم”.. ولوهله شعر بعدم الراحة ، فكّر قليلًا ما الذي ينقصه ياترى!
ليكون سؤالهِ أجابة لحيرتهِ :
– فين عـاكـف ؟

………………………………………………………….

شهقت “ندى” غير مصدقة ما سردته عليها “رفيف” الآن من حقيقة مُرّه.. تعلقت عيناها بـ ملامح “رفيف” المنطفئة أكثر من أي وقت مضى، وسألتها بإهتمام شديد وهي تحتضن كفيها سويًا لتطمئنها :
– طب وانتي هتعملي إيه ؟

أطرقت “رفيف” رأسها بإنكسار، ثم رددت بصوت يختلجه الضعف وقلة الحيلة :
– هقول لعمي يطلقني منه، أنا مش هعيش معاه بعد كدبة زي دي

تحيرت “ندى” بما تجيبها، هل تؤيد قرارها أم تحثها على العفو والسماح.. فهي أكثر العالمين بمدى حُب “رفيف” له، كما رأت في عينيه صدق حبها.. لذا بادرت لتقول بـ لين :
– بس انتي عارفه إن حياة رائد آآ…

فقاطعتها بإحتدام :
– لأ ياندى ، رائد لما اعترفلي بعلاقاته الكتير وطلب مني فرصة أنا سامحته.. لأني مكنتش في حياته ساعتها

فدمعت عيناها وهي تتابع :
– إنما أختي ، عرفها وانا في حياته.. أنا أعرف رائد بقالي ٩ شهور ، ومروة نزلت الشغل دا من ٧ شهور بس.. يعني خاني ياندى ، ومع مين، مع أختى اللي من دمي واللي تبقى أكتر حد بيكرهني في الدنيا

سرعان في اجتذبتها “ندى” لتستقر بين ذراعيها وهي تواسيها وتربت على ظهرها بحنو :
– بس هو مكنش يعرف، وقطع علاقته بيها عشانك

تعالت شهقاتها وهي تتشبث بـ “ندى” قائلة :
– بكرة لو اتجوزنا و اتخانقنا هيخوني.. هينام في حضن واحدة غيري ويرجع يبررلي ومش بعيد يقولي إني السبب!.. أنا مش هقدر أثق فيه وأمنه عليا تاني

مازالت “ندى” تربت عليها بحنو وصوت “رفيف” الباكي يؤلمها تألمًا.. ودّت لو تمتص عنها حزنها، ولكنها لا تستطيع سوى المواساة رغم إنها تدري جيدًا إنها لن تجدي بشئ.

………………………………………………………….

كان واقفًا بالقرب من باب مكتب “فواز” بالشركة.. عندما خرج بصحبة “حنين” وهو يردد :
– ومستر عاكف مقالكيش عايزني في إيه؟.. أصل انا عندي شغل كتير لازم يخلص قبل اروح مكتبي

فأجابت “حنين” :
– لأ والله يافندم، قالي أجي لحضرتك بس

ومضى معها “فواز” على مضض.. لينتهز “عاكف” الفرصة ويدلف متعجلًا حيث غرفة “فواز”.. أغلق الباب من خلفه وانتقل نحو المكتب، وبدأت يداه تتجول بين الملفات والمستندات الموضوعة على السطح.. يبحث عن مبتغى معين، حتى وجده.
ظهرت أسنانهِ من خلف إبتسامة خبيثة وهو يمسك بمظروف بُني كبير مكتوب أعلاه بخط عربي :
– الـــوصـــية

تعجل “عاكف” وهو يفتح المظروف ويخرج منهُ ورقتين.. شملهما سريعًا قبل أن تتجهم ملامحهِ فجأة وتتحول لتعابير أخرى.

لم يستطع تفويت هذه الفرصة عقب أن علم بوجود “عاكف” في صرح الشركة العظيم.. انتقل “عاصم” متعجلًا كي لا ينفرد “عاكف” بمكانة مرتفعة أثناء غياب الجميع، وأولى زياراته كانت لغرفة أخيه.. ولكنهُ تفاجأ بـ “فواز” يخرج عابس الوجه ويغمغم بتبرم :
– والله ميصحش كدا، دا أنا قد أبوه!!

دنى منه “عاصم” معتقدًا وقوع السئ بينهما.. وأظهر له اللطف المزيف وهو يسأله :
– مالك بس ياأستاذ فواز ؟.. عاكف زعلك في حاجه ؟!

فقال “فواز” ومازال عابسًا :
– طلبني في موضوع مهم ولما جيت لقيته مش موجود!.. عيب كدا أنا مش صغير!
ذمّ “عاصم” على شفتيهِ بإنزعاج وهو يشاطره ضيقهُ :
– متزعلش نفسك ياأستاذ فواز، كلنا عارفين إن عاكف قليل الزوء شويتين.. تحب تيجي ندردش شوية في مكتبي ؟
– لأ شكرًا، ورايا شغل كتير

فـ صحبهُ “عاصم” نحو الطريق المؤدي لمكتبهُ و :
– يبقى هاجي اوصلك بنفسي

خرج “عاكف” من الحجرة وقد التهب صدرهِ أثر الغيظ الذي تمكن منه.. ليجدهما في مقابلتهِ ويواجهه “فواز” بتبرم :
– أنا روحتلك و……
– وانا كنت بدور عليك، حتى جيتلك مكتبك لما لقيتك اتأخرت عليا

ارتفع حاجبي “فواز” بإستغراب و :
– وجيتلي ليه وإنت باعت لي حنين!
– عشان كنت مستعجل، بس خلاص رجعت في كلامي

ثم تركهم دون حتى أن يعير “عاصم” إنتباهًا.. مما جعل الأخير يتشكك، تُرى هل وصل “عاكف” إلى ما كان يجب عليه الوصول له أولًا؟.. حتمًا هو ذاك.
ولج “فواز” لغرفته ومازال يتمتم بخفوت، ولم يفوت “عاصم” فرصة الدخول هو الآخر..
كان “فواز” يجمع المستندات والأوراق ويضعها في حقيبتهِ وهو يردد :
– لازم اروح مكتبي عشان جايلي عميل مهم وهبقى هكمل شغلي هنا وقت تاني

ومن بين تلك وذلك، لمح “عاصم” ذلك المظروف أيضًا.. حدق فيه قليلًا وقد تعلقت هواجسه برأسه، الآن علم سر إنزعاج “عاكف” وتغير لون وجهه.. لقد رأى ما كان لا يجب عليه رؤيته، دس “فواز” المظروف” في حقيبته.. وعينا” عاصم” عليه ، حتى قرر الإنسحاب من هذه الغرفة لـ يفكر جيدًا وبذهنٍ صافي :
– أ.. أنا كمان هروح اشوف ورايا إيه

واندفع يخرج وهو يهمس :
– مستحيل اسأله عرف إيه ؟.. بس لازم اعرف اللي عرفهُ مهما كلفني

………………………………………………………..

لم يتعجب “طارق” كثيرًا من تصرف “برديس” بالخروج رغمًا عن رغبتهِ، وإنما كان سَـ يظن الريبة لو إنها لم تفعل..
جلس “طارق” على الأريكة بإرتياح، منتظرًا أن تعود إليه.. لن يأتي بخاطرها ما سيفعله لها، ابتسم وهو ينظر لنفسهِ من بعيد.. فـ إذ بهِ يُعجب بنفسه ويصفق لها دهائها.
كانت ساقهِ مرفوعة على الأخرى متغطرسًا في جلستهِ، حتى استمع صوتها وهي تتحدث لـ “زهور” :
– وياريت تحضريلي حمام سخن لأن جسمي واجعني أوي
– حاضر، بس طارق بيه مستني حضرتك في الهول جوا

استدارت برأسها حيث أبيها، فأجاب عنها :
– روحي انتي يازهور

سار “عاصم” ممتعض الوجه للداخل وهو يأمرها بـ :
– أمشي قدامي يا برديس ، لما نشوف ابن إيمان عايز إيه

سارت في المُقدمة مطمئنة كون والدها برفقتها، حتى لمحته.. اقتربت لتجده يقف عن جلسته ويسحب باقة الزهور البيضاء من جواره ويبسط ذراعه بها وهو مبتسم.. تحولت ملامحها للذهول غير مدركة ما يفعل بالضبط، توقفت عن السير وهي تراقب تفاصيل وجهه تارة وتتطلع للورود المتفتحة تارة أخرى..
حينما كان “عاصم” يشاهد بصمت وقد نال نصيبه من التعجب.. تقدم منها “طارق” وهو يردد :
– بيقولوا الورد الأبيض رمز الحُب، ملقيتش أحسن منه أصالحك بيه

ألتقتطها منه وهي بكامل غيبتها، لتجده يجذبها برفق حتى استقرت في أحضانهِ.. قبّل رأسها بعمق، ثم تابع :
– متزعليش مني يابيري

وزع “عاصم” نظراتهِ الراضية عليهما، ثم نطق بـ :
– أنا هسيبكم مع بعض، ومتزعلهاش تاني ياطارق

فـ ابتسم بوداعة و :
– دي في عيني ياخالي

حتى الآن هي على غير حالتها الطبيعية.. ابتعدت قليلًا عنه وهو تتأمل الزهور، ثم قالت بعدم إقتناع:
– كنت متوقعة نتخانق عشان خرجت مع دادي
– أنا!! أنا اتخانق معاكي عشان خرجتي مع أبوكي ؟

ثم كركر وهو يردد :
– متخليش الزعل يلعب في دماغك ويصورلك إني وحش

ضاقت عيناها محاولة إختراق عقلهِ، ولكنه اقتادها معه وهو يتابع :
– انتي بس لو تعقلي شوية ، هتعرفي أنا قد إيه بحبك

………………………………………………………….

انتفض العمّ واقفًا عن جلسته عندما باغته هي بمطلبها الغريب.. ارتكزت نظراتهِ عليها غير مصدقًا تبدل حالها بهذا الشكل وهذه السرعة، حتى حماسها قد فارقها.. بقيت تحت تأثير الصدمة لا تدري ماذا ستقول ، حتى سألها “عماد” :
– أنا مش مصدقك يارفيف!.. انتي فعلًا عايزة تطلقي وانتي يعتبر متجوزتيش أساسًا؟

نظراتها مثبتة بالأسفل وهي تقول :
– آه ياعمي ، مش عايزة أتجوز دلوقتي

زفر بضيق وهو يعاود الجلوس ليردد بنبرة حكيمة عاقلة :
– يابنتي ياحببتي اللي بتقوليه دا مينفعش، الناس تقول عليكي إيه لما تطلقي وانتي لسه مروحتيش بيت جوزك.. مش انا سألتك موافقة على إستعجال رائد وقولتي أه؟!.. ليه غيرتي رأيك دلوقتي وشايفه إنك اتسرعتي!

لم تجب، فـ عاد يستطرد :
– يا بنتي ريحيني، في إيه مخبياه عني ؟

أطبقت جفونها فرارًا من شيطان رأسها الذي يوسوس لها بأن تفشي السر.. ولكنها مازالت تخشى زوال إحترام عمها له، يشغلها أن يكون مثاليًا كما هو أمام الجميع، لا تدري هل لـ حُبها له أم إحترامًا لـ ليالٍ قضوها سويًا..
قطع شرودها صوت “عماد” وهو يربت على كتفها :
– يارفيف أنا في مقام أبوكي، صارحيني ولو في مشكلة نقدر نحلها

وقفت “رفيف” عن جلستها وهي تصرّ على رأيها :
– مفيش حاجه عشان تتحل ياعمي، ياريت تحققلي رغبتي وبس.. عن أذنك

ثم غادرت غرفة الجلوس وخرجت متوجهه لغرفتها.. واجهت “مروة” في طريقها، فرمقتها بنظرة خاطفة قبيل أن تترك الصالة.. لم تهتم “مروة” ، بل أن بعض الراحة قد تخللتها مؤخرًا..
استدارت برأسها لتجد “ندى” ترميها بنظرات حادة متفهمة مقصدها، فـ أشاحت “مروة” برأسها متجاهلة إياها وهي تهمس :
– إن شا الله تولعوا حتى!
…………………………………………………………..

نظر “رائد” على فراشهِ المرتب ، ثم أجفل جفونه وهو يتنفس بضيق يعتري صدرهِ.. تحرك نحوه گالمغيب، فقد بقى أيامًا وليالي دون أن يزور النوم جفونه.. ولم يرى حجرتهِ منذ تلك الليلة المشئومة.
جلس على طرف الفراش، واستند بمرفقيه على ركبتيه ضاربًا برأسهِ على صدره.. بضع لحظات من التفكير الطويل ، حتى استمع لرنين هاتفهِ.. فأجاب عليه عقب أن رأى أسم “عماد الدين” :
– أيوة ياعمي، الحمد لله بخير.. سامحني بس جدي دخل المستشفى بعدها ومن ساعتها وهو في العناية المركزة ومش عارف اركز في أي حاجه

صمت “رائد” قليلًا وهو يفرك وجهه، ثم ردد :
– الله يسلمك ياعمي، ولا يهمك

قطب جبينه، واعتدل في جلستهِ متأهبًا عقب أن استمع لحديث “عماد” :
– هي قالتلك كدا بنفسها!!

وقف “رائد” عن جلستهِ فجأة فـ آلمهُ ظهره وفقراتهِ العظمية.. ثم انتقل بإندفاع نحو النافذة ليفتحها وهو يردد ببعض الإنفعال :
– سيبك من كلامها ياعمي ، رفيف أعصابها تعبانة شوية وانا هتصرف.. لأ لأ متكلمش معاها، أنا هحل الموضوع أوعدك ، شكرًا ياعمي.. سـلام

أغلق هاتفهِ وهو يغمغم :
– دماغها جزمه ، فاكرة نفسها هتدبسني!

لمس شاشة هاتفه عدة مرات ثم بدأ التحدث فيه :
– هو دا اللي هتسلمني بدري يابيتر!! الديزاين عندك بقاله أكتر من أسبوعين!!.. خلصني أنا مستعجل

ولج “عادل” إليه ليجده على هذه الحالة الثائرة.. فـ اقترب منه يتسائل :
– منمتش ليه يارائد!.. بقالك كتير مرتاحتش

تنهد “رائد” وهو يخدش فروة رأسه بأصابعه وأجاب :
– هتجنن ياعمي، في حاجه حصلت وحرفيًا أنا في مصيبة

فـ خمن “عادل” :
– رفيف عرفت!

…………………………………………………………

كان صباحًا كئيبًا گكل صباحاتها السابقة.. انخفضت طاقتها حتى إنها لم تعد تقوم بمهنتها بتفاؤل وحُب گالسابق.. وقفت “رفيف” تتجادل مجادلة حامية مع أحد عملائها على غير عادتها من لسان راقي وأسلوب لطيف، تنهدت بسأم وهي تردد :
– حضرتك أنا عملت كُل اللي طلبته إزاي الأوردر فجأة مبقاش عاجبك!

فـ بدأ العميل بالإنفعال وهو يجيب :
– للمرة العاشرة بقولك ياآنسه أنا مطلبتش ورد أحمر ، مش معنى إني قولت هدية للڤلانتين يبقى أحمر.. وكمان قولت ورد أبيض يتغلف بالأزرق مش الأبيض، يبقى فين الأوردر بتاعي دا

فأجابت بإصرار :
– بس لما اتصلت بالمحل مكانش دا كلام حضرتك.. أعمل انا إيه في البوكية اللي جهزته دا دلوقتي؟

فرمقها بسخط وهو يردد :
– مش مسؤليتي، لو سمحتي عايز فلوسي ياأما تغيريلي البوكية دا
– يافندم مينفعش كدا آ….

ابتلعت عبارتها مرة أخرى وهى ترى “رائد” يصفّ سيارتهِ أمام متجرها،. تبدلت ملامحها بينما كان العميل يتحدث بصوت مرتفع :
– مفيش حاجه اسمها مينفعش،. وانا مش هاخد من هنا حاجه تاني و…..

قاطعته وهي تبتسم وتتحدث بلباقة أشعرتهُ إنها مريضة فصام ذهاني مستعصي :
– أنا أسفة جدًا لحضرتك.. وهعملك كل اللي تحبه ، بس ممكن اطلب من حضرتك طلب

تنهد العميل بقنوط وقد نفذ صبره :
– خير ياآنسه؟

……………………………………………………….

كان “عاصم” يقف في غرفة الإجتماعات الخاصة بالشركة بعيدًا عن الأعين.. منتظرًا حلول شخص ما، نظر لساعة يده بتوتر وهو يتمتم بخفوت :
– يلا بقى!.. كل دا

انفتح الباب ودلف منهُ عامل البوفية بإختلاس وريبة شديدين.. لحق بهِ “عاصم” متعجلًا وهو يسألهُ بتلهف :
– ها جيبته ؟
– آه

أسند العامل حامل المشروبات، وأخرج من بين ملابسهِ مظروفًا بنيًا وهو يردد بتخوف :
– بس بسرعة ربنا يكرمك ياعاصم بيه، أحسن أستاذ فواز لو شم خبر هيبقى فيها رفد

لمعت عيناه “عاصم” وهو يفتح المظروف ويقول إينذاك :
– متخافش أنا معاك ياعوض

أخرج “عاصم” محتوى المظروف من أوراق متلهفًا لقراءة ما تحمله الـ “وصــيــة”..
دقق أنظارهُ على الأوراق ليقرأ، تبدلت ملامحه وتجهمت.. واشتعل صدرهِ وهو يردد بإهتياج شديد :
– إيــه دا!!!.

error: