ملكة على عرش الشيطان بقلم اسراء على
الفصل الثالث والثلاثون
لم تُخلق أرواحنا لنتآلف بل وُجدنا لتنافر
أحيانًا أشعر وكأنني خُلقت لأجلك وأنتِ خُلقتي لأجلي
ولكننا كـ الأقطاب المُتنافرة
كـ القطبين الباردين يُفرق بينهما الإستواء الحار
كـ الماء والنار لا يمتزجان إلا وقتل أحدهما الآخر…
حاولت التملص من بين يديه ولكنه قبض على ذراعها بـ قوة فـ صرخت مُتألمة..بينما أرسلان يقف وكأن أسفله مراجل مُشتعلة بـ آتون غضب أسود أقسم أن يجعل الجميع رمادًا
ضحك نزار ثم قال بـ خُبث وهو ينظر إلى عيني أرسلان المُظلمة
-أنا عاوزك تمسك أعصابك كدا وتهدى عشان إحنا فـ الأول…
جذب سديم أمامه وأبعد خُصلاتها عن عُنقها ثم همس بـ فحيح وهو ينظر إلى أرسلان الذي إزداد ظلام عينيه
-يا ترى تحب تعيش أحداث الإغتصاب تاني!!…
زأر أرسلان كـ وحشٍ كاسر وحاول التملص من بين أيديهم وقد أوشك على فعل ذلك نظرًا لقوة بنيته الجسدية وذلك الإدرنالين المُتدفق بـ قوة..إلا أن صرخة سديم أوقفته وو يرى ذلك المُسدس مُصّوب إلى رأسها
-أرسلان!!!
-حركة تانية يا بطل و هتشوف مخها بينفجر قدامك…
وسكن أرسلان إلا أن عيناه الجحيمية تحكي ألف قصة وقصة..عادت ضحكات نزار تصدح وهو يقول بـ دهشة حقيقية
-والشيطان يسكت عشان واحدة ست!..حقيقي أنت صدمتني…
أغمضت سديم عينيها باكية بـ صمت و خوفٍ من القادم..ليُكمل نزار حديثه
-يظهر الدكتورة كان ليها تأثير كبير عليك..حابب أشوف تأثيرها عليا أنا كمان
-جأر أرسلان بـ صوتٍ مُرعب:أنا هخليك تتمنى إنك مجتش الدنيا من أساسه..هخليك تندم إنك وقعت فـ طريق أرسلان الهاشمي
-ضحك نزار وقال:يا راجل متقولش كدا..أنا اللي عملت أرسلان الهاشمي..أنا اللي عملت الصياد…
خرجت نبرة أرسلان كـ الهسيس من بين شفتيه حتى أصابت الرجفة الجميع بما فيهم سديم
-وطباخ السم لازم يدوقه…
إبتلع نزار ريقه بـ توتر إلا أنه أخفاه بـ براعة ثم إستدار ومعه سديم التي إلتفتت إلى أرسلان تستغيث به باكية
-أرسلاان..عشان خاطري متسبنيش…
تشنجت عضلات وجهه وصر على أسنانه حتى أصدرت صوتًا مُخيف وبقى صامتًا والصمتٌ بـ مُعجم أرسلان يعني الهلاك وأقسمت أنها رأت ذلك بـ عينيهِ
-يلا ورانا ليلة طويلة..ومُمتعة…
أردف بها نزار وهو يجذب سديم كـ الشاه خلفه وهي تبكي وتُحاول التملص منه إلا أن نزار يديه كانت كـ كِلاّب قوي يصعب الفكاك منه
وصل الجميع إلى تلك الغُرفة ليُجلس الثلاث أرسلان فوق المقعد وثبتوه جيدًا…ترك نزار سديم فـ سقطت على رُكبتيها باكية بـ نشيج
نزع نزار سُترته بـ بُطء مُرعب ثم ألقى بـ مُسدسهِ وإتجه إلى سديم وما أن قبض على رسغها حتى صرخت بـ فزع والدماء هاربة من جسدها
-أرسلاااااااان…
ثوان أو أقل كان أرسلان يُخرج سكيًنا صغير من رسغه ناحرًا عُنق أحدهم وقبل أن يستوعب الآخر كان قد سبق السيف العُزّل و طعنه من أسفل ذقنه
إستغلت سديم إنشداه نزار لترفع ساقها تضرب معدته بـ قوة حتى أنه تراجع إلى الخلف..تأوه بـ ألم لتنطلق عدة سبات من بين شفتيه ثم عاد ينقض عليها إلا أنها هربت
أمسك أرسلان الأخير وما أن رأى هروب سديم وتبعها نزار..حتى ضربه بـ جبهتهِ فـ سقط فاقدًا الوعي
إنحنى يحمل مُسدس أحد الجُثتين ثم ركض يصرخ
-سدييييييم!!!…
كانت هي تركض بلا هوادة وخلفها نزار الذي يعرج بـ شدة وأصبح من الصعب مُلاحقتها وما أن سمعت صوت أرسلان يصرخ بـ اسمها توقفت وصرخت هي بـ المُقابل
-أنا هنا..أرسلااان!…
إلتفتت إلى الخلف لتجد نزار لا يزال يُلاحقها لتعود وتركض..وصلت إلى نهاية ولا سبيل آخر للهرب..إلتصقت بـ الحائط خلفها ومن أمامها هو
كان نزار يتنفس بـ قوة وهو يقف أمام سديم المُرتعبة ثم قال بـفحيح وهو يقترب منها بـ خفة ذئب قد ظفر بـ فريسته
-عما يكون وصل..أكون أخدت اللي أنا عاوزة…
بكت سديم بـ قوة وهي تبحث حولها عن شئ تُدافع به عن نفسها إلا أنها لم تجد..قبضت يديها على ثيابها المُتسخة وهي تهمس بـ هلع
-أرسلاان…
**************************
بحث أرسلان بـعينيه عن طريق من أجل الوصول إليهما ولكنهما قد إختفيا..شدّ خُصلاته ثم قرر أن يتبع صوت منبع الصرخة
متاهات يشعر وكأنه بـ متاهات لا تنتهي حتى يصل إليها..لم يعرف قلبه الخوف مُنذ زمن ولكن ذلك الخوف لا يُضاهيه خوفًا آخر..الخوف أن يغزوه الماضي مرةً أُخرى والخوف أن يغزوه الماضي بها
صرخة جعلت قلبه ينفجر بين أضلعه منها جعلته يقف ثوان قبل أن يصرخ بـ زئير وزمجرة وحش
-سديييييييم!!…
ركض وركض حتى وصل إليها..هي مُمدة أرضًا ويعتليها نزار..والجحيم إشتعلت بـ نيران سوداء
كانت تُحاول بـ كُل ما تملكه من قوة إبعاده عنها..خدشت عُنقه بـ أظافرها..وضعت كفها أسفل ذقنه وأبعدت وجهه الذي يدنو من وجهها
ولكن بـ ثانية واحدة وجدته يُسحب بـ قوةٍ جبارة أسقطته بعيدًا..تراجعت هي على الفور إلى الخلف تحتضن جسدها بـ رُعب جعل جسدها وكأن الروح غادرته
جأر أرسلان بـ صوتٍ جهوري وهو يُسقط نزار أرضًا وهو فوقه يكيل له اللكمات ثم صرخ بـ وحشية ونبرة جهورية سوداء
-هموتك..هعرفك إزاي تمد إيدك **** دي عليها..يا بن الـ***…
بـ الرغم من تناثر دماءه ووجهه الذي يُقسم أنه سمع تهشم عظامه إلا أنه ضحك وقال
-وصلت بسرعة..كان نفسي تعيش الكابوس مرتين قبل أما أقتلها قدامك…
جن جنون الآخر لتزداد قوة لكماته الموجعة..أمسك أرسلان يد الآخر وأخرج سكينًا آخر ثم غرسه بها..صرخ نزار بـ ألم ضاحكًا ليعود أرسلان ويطعنه بـ غل وحقد
وضعت سديم يديها فوق أُذنها لتقي نفسها من تلك الصرخات التي تُمزقها ثم رفعت رأسها تنوي التوسل إليه لكي يُخرجها..ولكن ما أن رفعت رأسها حتى وجدت أحدهم يصوب المُسدس تجاه بـ غرض قتلهِ
إتسعت عيناها بـ ذُعر..لتنهض صارخة بـ اسمه ولكنه لم يسمعها..غضبه أعماه
بحثت بـ عينيها سريعًا لتُساعده لولا ترنح الحارس لكان سقط أرسلان قتيلًا
وقعت عيناها على ذلك المُسدس المُلقى أمامها..ثم رفعت رأسها إلى الحارس الذي يرفع صمام الآمان..حبست أنفاسها وهي تهمس أرسلان سيموت
ولكنها لن تسمح..ركضت تلتقط المُسدس و بـ المثل رفعت صمام الآمان وبـ دقة كما عَلمها أرسلان صوبت إلى صدرهِ..ثلاث رصاصات كانت كفيلة بـ توقف الزمن لـ لحظات..سديم أصبحت قاتلة
**************************
نظر قُصي من المرآة الأمامية إلى سديم النائمة أو بـ الأدق غائبة عن الوعي ثم قال وهو يعود بـ ناظريهِ إلى أرسلان
-لسه نايمة
-أومأ أرسلان وقال بـ نبرةٍ سوداء:سيبها نايمة..كدا أحسن
-حك قُصي مُؤخرة عنقه وقال:هو إيه اللي حصل!!…
صمت أرسلان ولم يرد بل إتكئ بـ مرفقهِ إلى النافذة و يده يحك بها ذقنه وتذكر أحداث الساعات الفائتة
“عودة إلى وقتٍ سابق”
صوت إنطلاق الرصاصة جعله يتوقف عن ضرب نزار الذي فَقَدَ وعيه ثم نظرإلى سديم التي تحمل بين يديها المُسدس..مُتسعة العينين وشاحبة البشرة..جسدها مُتصلب وبارد كـ من فَقَدَ الحياة
نظر خلفه ليجد ذلك الحارس غارق بـ دماءهِ..نهض سريعًا مُتجهًا إلى سديم التي ألقت بـ المُسدس وركضت إلى الحارس وإنفجرت بـ البُكاء فجأة
وضعت يديها فوق مكان الرصاصات ثم هتفت بـ صُراخ
-الله يخليك متموتش..مكنش قصدي أقتلك…
عادت تضغط على الجرح بـ قوة ثم بدأت بـ إنعاش قلبهِ هاتفة بـ نشيج وصدمة
-أنت مش لازم تموت..قوم..قوم أنت ليه موت ها ليه!…
ظلت تضرب على صدرهِ بـ قوة وهي تصرخ بـ صوتٍ مذبوح
-متموتش لأ…
عانقها أرسلان من الخلف ثم أبعدها عن الجُثة وقال بـ جمود رابتًا على خُصلاتها
-هشششش..خلاص فوقي يا سديم…
نظرت إلى يديها المُلطخة بـ الدماء لتمسحها بـ ثيابها سريعًا ثم هدرت وهي تتلوى
-أنا فايقة..أنا فايقة بس هو..هو لازم أفوقه..مينفعش أسيبه كدا…
وضع يده فوق جبينها يُثبت رأسها إلى صدرهِ ثم همس بـ أُذنها وهو ينظر إلى جُثتهِ
-هو خلاص مات
-حركت رأسها نافية بـ هستيرية:لأ..هو مامتش..مات إزاي يعني؟!…
تلوت سديم أكثر بين يديه حتى إستطاعت الفكاك منه لتهبط إلى الحارس..وظلت تضرب صدره و تضغط فوق جروحه هادرة بـ عُنف
-خليك عايش..هاخدك المُستشفى دلوقتي…
نهضت سريعًا تضع يديها فوق صدرهِ ثم صرخت وهى تشد قميصه
-أرسلان عشان خاطري لازم ناخده المُستشفى..أبوس إيدك..مش لازم يموت…
حاوط أرسلان رأسها جاذبًا إياها إليه..سديم تفقد روحها..هي قتلت لإنقاذه..لم يكن عليه أن يدعها أن تفعل ذلك..يعلم ما هو هية فقد الروح..أول مرة يقتل بها الإنسان ليعيش
دفعته سديم بعيدًا ولكنه ظل مُحتفظًا بـ جسدها بين يديه لتهدر بـ رفض
-متحضنيش..بقولك لازم ناخده المُستشفى
-هدر أرسلان بـ قوة:فوقي يا سديم..هو خلاص مات..مات فاهمة يعني إيه؟!…
المواجهة قاسية يعلم ولكنه أقصر الطُرق من أجل إنقاذ روحها التائهة..سديم لن تعي ما تفعله ولن تعي ما سيحدث إن لم يوقفها الآن..حتمًا ستُصاب بـ الجنون
نظرت إليه بـ غرابة ورهبة..جسدها الذي يرتعش بين يديه جعل من عيناه تغيم بـ الحُزن لما آلت إليه حالتها..حاوط وجهها وقال بـ خفوت
-إهدي..لازم تواجهي الحقيقة أو هتجنني فـ النهاية
-صرخت سديم بـ هذيان:أنا..آآ..أنا قتلت..أنا..أخدت روح…
ولم يجد أرسلان بدًا من ذلك..وضع إبهامه بـ التجويف ما بين عُنقها وكتفها ثم ضغط عليه وهمس قبل أن تغيب عن الوعي
-كل حاجة هتبقى تمام…
وسقطت بين يديه ليحملها وقبل أن يرحل..ألقى نظرة خاطفة على الوسط المُحيط وطويلة إلى ثم خرج من ذلك المبنى
“عودة إلى الوقت الحالي”
ربت قُصي على كتفهِ ليستيقظ أرسلان من سيل الذكريات ثم أردف بـ تفهم
-مش عاوز أعرف إيه اللي حصل..بس أنت كويس!…
أومأ بـ تجهم ليعود قُصي ويتساءل
-ونزار!
-وأجاب بـ إقتضاب:معرفش
-إتسعت عيني قُصي وقال بـ عصبية:يعني إيه متعرفش!..سبته يهرب؟!…
صمت أرسلان ولم يُجيب بل أكمل قيادته لتخرج ضحكة هازئة من بين شفتي قُصي ثم أردف بـ حدة
-سبته يهرب تاني!…
ضرب أرسلان المقوّد بـ غضب ثم قال بـنبرةٍ قاتلة وباترة
-هي أهم…
إرتفع حاجبي قُصي بـ دهشة وفتح فاه لكي يرد ولكنه لم يجد ما يقوله فـ عاد يُغلق فمه ثم إستدار بـ رأسهِ إلى النافذة ليقول بعد دقائق بـ غمغمة
-لازم تتصل بـ أبوها تعرفه إنها بـ خير
-كلمه أنت..مش هينفع أروح بيها كدا
-أومأ قُصي ثم قال:نزلني هنا عشان أرجع القاهرة…
توقف أرسلان ليترجل قُصي دون حديث ولكنه أردف قبل أن يرحل مُتكئًا إلى النافذة
-رجالتك راحوا المبنى هناك..معرفش إذا كانوا لاقوا نزار ولا لأ
-نظر إليه أرسلان ثم قال بـ نبرةٍ مُظلمة:خليه يهرب..عشان هستمتع وأنا بصطاده زي الفيران…
حرك قُصي رأسه بـ يأس وإبتعد..أرسلان لن يتغير أبدًا
أدار المُحرك ثم إنطلق إلى أحد النُزل الصغيرة..صفَ السيارة أمام بناية ذات خمس طوابق ثم ترجل منها ينزع سُترته ليُغطي بها جسد سديم
حملها وإتجه إلى الداخل ليقف أمام عاملة الإستقبال..والتي كادت أن تُصاب بـ ذبحة صدرية وهي ترى ذلك الوحش الكاسر أمامها بـ ملامحهِ المُظلمة وثيابه المُلطخة بـ دماءٍ..وبين يديه يحمل فتاة تظن أنها فريسته
ناولته المِفتاح بـ أيدٍ ترتعش وكيف لا تُعطيه غُرفة وقد أعطى الكثير من المال وصاحب النُزل لا يهتم
**************************
وضعها فوق الفراش ثم وضع فوقها الغطاء وإتجه بعدها إلى الشُرفة
إتكئ إلى الجدار يزفر بـ غضب ثم أخرج هاتفه وأجرى إتصال ليأتيه الرد بعد عدة لحظات
-أيوة يا أرسلان باشا
-أردف أرسلان بـ جمود:جميلة متطلعش من الأوضة نهائي وتليفونها وأي وسيلة إتصال بـ العالم تتقطع نهائي..وتقفلي الباب عليها..سامعة!
-سا..سامعة يا باشا
-إقفلي…
أغلق أرسلان الهاتف وقبض عليه بـ شراسة..يتوعد لجميلة بـ أسوء العقاب
صدح صوت هاتفه لينظر إليه مُتأففًا وهو يتبين هوية المُتصل..وضع الهاتف على أُذنهِ التي إخترقها صوت مُحرم
-بنتي فين!
-أجاب أرسلان بـ جفاء:معايا متقلقش
-إيديني أكلمها
-دلك أرسلان جفنيه وقال:نايمة
-عاد مُحرم يهدر:أنت هتضحك عليا!..بنتي فين!!
-همس أرسلان بـ حدة:إسمعني كويس..بنتك كويسة ومعايا..تصدق متصدقش أنت حر…
مسح مُحرم على وجههِ وقال بـصلابة
-هاتها وتعالى
-لما أحس إنه ينفع هجيبها…
سمع أرسلان صوت إنفتاح باب وغلقه لينظر إلى الفراش فـ وجده فارغ..ضرب الحائط ثم قال بسرعة
-هكلمك تاني…
ثم أغلق الهاتف ودلف باحثًا عنها بـ عينيه..فتح باب الغُرفة ودار بـ عينيه في الممر ولكنه لم يجدها..بل أرهف السمع لصوت هطول ماء بـ الداخل..ليزفر بـ راحة ثم عاود الدلوف
طرق باب المرحاض وقال بـ هدوء
-سديم!!!. سديم أنتِ كويسة!!…
لم يأته الرد منها..ليعاود الطرق بـ قوة أكبر وهدر بـ جدية
-لو مردتيش أنا هدخل…
وأيضًا لا رد..وبـ دون تردد فتح الباب بـ همجية ليجدها تقف أسفل المياه دون حراك..ترفع رأسها إلى أعلى مُغمضة العينين
أغمض هو عينيه بـ راحة ثم إقترب منها وهمس
-سديم!..تعالي ندخل…
فتحت جفنيها ثم نظرت إليه وهمست بـ شرود ونبرة أحس بخواءها
-أنا قتلت…
وضع أرسلان يده بـ خصرهِ وإقترب خطوات منها ثم أردف بـ هدوء مُراعيًا لحالتها المُتدنية
-طب تعالي نتفاهم بره
-حاوطت سديم جسدها وهمست:إزاي فكرت أخد روح مسئولة مني..المفروض إني..إني…
صمتت وهي تجهش بـ بُكاء عنيف تصفع وجهها بـ قوة ليقترب أرسلان سريعًا منها يمسك كفيها..إلا أنها هدرت بـ هيستيرية
-إيدي كلها دم..أنا شامة ريحته..مش بيروح..مش راضي يروح
-هدر هو بـ المُقابل:سديم إهدي إيدك مفيهاش حاجة…
رفع كفيها الخاليتين من الدماء أمام عينيها ولكنها حركت رأسها نافية ثم قالت
-لأ أنا شيفاها..إيدي مليانة دم…
ضمها إلى صدرهِ وهما أسفل المياه التي تنهمر فوقهما بـ شدة علها تُزيل ما بـ روحها من تشوه
تمسكت بـ قميصه الأبيض المُلطخ بـ الدماء والتي كانت هي سببها ثم دفنت رأسها بـ صدرهِ وصرخت بـ قوة حتى كادت أن تتمزق أحبالها الصوتية..بقت تصرخ وتبكي بـ شدة حتى إنهارت بين يديه ومن أجلهِ أصبحت قاتلة
هو يضمها إليه بـ كل قوةٍ مُمكنة..يد تتحرك فوق ظهرها والأُخرى خلف عُنقها تدفن رأسها أكثر إلى صدرهِ..وعلى الرغم من ذلك عينيه لم تفقد ظلامها الدامس وحدقتيه المُشتعلتين كـ جُمرتين من النيران..روحها التي شُوِهت لم تُماثل تشوه روحه الأكثر ظُلمة
أنزل رأسهِ إلى مستوى أُذنها ثم همس بـ خفوت ولكن نبرتهِ خرجت جوفاء ، خالية من المشاعر
-هشششش..كل اللي حصل دا حلم..مجرد حلم وأنتِ مكنتش فيه
-خرج صوتها مكتومًا وهي تُردد بـ نشيج:أنا قتلت..عارف يعني إيه قتلت يا أرسلان!!…
هزتهُ نبرتها الضعيفة وإنكسارها..ليجد نفسه يضمها أكثر إليه ويهمس بـ قوة حتى خرجت نبرته كـ زمجرة
-إياكِ أسمع نبرة الضعف دي..أنتِ مقتلتيش يا سديم..سامعة!…
أبعد رأسها عن صدرهِ محاوطًا إياها ثم أكمل وهو ينظر إلى عينيها الزرقاوتين والتي تُحيطها خيوط حمراء إثر بُكاءها
-أوعي تضعفي نهائي..مش هسمحلك تنهاري أبدًا..سمعاني!..مش هسمحلك تنهاري…
ضربت صدرها وقالت بـ نشيج حار
-طب وهدومي اللي غرقانة دمه!!…
أظلمت عيني أرسلان وبـ حركة سريعة مزق ثيابها ونزعها عنها وكذلك فعل مع ثيابهِ ثم قال بـ صوتٍ عال
-فوقي يا إما هتخسري روحك…
ضربت صدره هذه المرة بـ يأس ثم قالت وهي تضع جبهتها فوق صدره
-وأنا كدا مخسرتهاش..سديم قتلت يا أرسلان…
عاود ضم جسدها إليه ثم جلس بها فوق الأرض الباردة..يُحيطها بـ قوة دافنًا وجهها بـ صدرهِ الذي يضيق به لما أصابها..هل هو ملعون إلى هذه الدرجة!..أكُلما إقترب منه أحدهم أصابته لعنته!..أليس من حقه أن يعيش حتى ليومٍ واحد لا يُريد أكثر من هذا!
حاوطت سديم عنقه دافنة رأسها بـ صدرهِ تكتم صوت صرخاتها حتى أتاها صوته وهو يربت على خُصلاتها المُبتلة
-إصرخي لو دا هيريحك..إصرخي يا سديم…
وليته هو صرخ يومها..ليته صرخ يوم فَقَدَ عائلته عله لم يصل إلى تلك الحالة الميؤوس منها..ليجعلها هي تصرخ عله هذه المرة ينقذ روحها
ظلت سديم تبكي حتى ظنت أن عبراتها قد نضبت لتهدأ وتستكين بين ذراعيه وصوت الماء هو ما يتخلل السكون
أصابعه تتلاعب بـ خُصلاتها وشفتيه تودع رأسها قُبلات خفيفة بين الحين والآخر..حتى أحس بـ إنتظام أنفاسها
أبعد رأسها عنه ليجدها قد غطت بـ سُباتٍ عميق..تنهد أرسلان بـ تعب ثم وضع يد أسفل ظهرها والأُخرى أسفل رُكبتيها ونهض بها
حاوطت سديم عنقه بـ شدة وخرجت منها شهقة قوية لتلك البرودة التي أصابتها..صدح صوت أرسلان بـ خفوت
-هُشششش..هغطيكِ حالًا…
وضعها فوق الفراش ثم جذب منشفة يُجفف جسدها و وضع الغطاء فوقها..جفف هو الآخر جسده و تبعها يتمدد جوارها
كانت توليه ظهرها..وهو مُتكئ إلى مرفقهِ يتلاعب بـ خُصلاتها ويتحسس بشرة ذراعيها البيضاء الغضة..توقفت عينيه عند تلك الكدمة الزرقاء ويده وجدت طريقها لتتحسسها بـ خفة ورقة
إسودت عينيه بـ ظلامٍ دامس ثم إنحنى يُقبل ذراعها
إلتفت يلتقط هاتفه ليُرسل رسالة نصية لأحدهم ثم إلتفت ليجد جسدها يتشنج وهي تنتفض
جذبها إليه ثم همس بـ أُذنها وهو يُقبل وجنتها
-متخافيش أنا جنبك…
دست نفسها بـ أحضانه ليضع ذراعه أسفل رأسها والأُخرى تضمها إليه..دفن وجهه بين خُصلاتها وهمس قبل أن يغفو
-مش مكتوبلنا نعيش…