ملكة على عرش الشيطان بقلم اسراء على
الفصل العشرون
أؤمن بـ شدة
أن قسوة الحياة تكشف أُناسًا رائعيين جدًا…
إبتسم الصغير بـ حماس مُتناسيًا ما حدث بـ لقاءهما الأول ثم صرخ
-عمو..عمو إزيك!
-إبتسم قُصي هو الآخر ثم أجابه:الحمد لله..إزيك أنت يا بطل!
-حرك رأسه صعودًا وهبوطًا ثم قال:الحمد لله كويس…
وزع أيمن أنظاره بين وليد وقُصي ليوجه سؤاله لـ الأخير
-أنت تعرف وليد منين؟!…
نظر قُصي إلى رحمة التي كانت تنظر إليه بـ غضب لا يلومها عليع ثم أردف بـ توضيح
-إتقابلنا من مُدة بسيطة فـ الفندق اللي أنا كنت قاعد فيه
-أها وإيه اللي حصل!…
تدخلت رحمة تمنع حدوث الكارثة قائلة وهي تنظر إلى قُصي بـ تحذير صامت
-لا أبدًا..أنت عارف وليد شقي وكان بيجري مني فـ الأستاذ وقفه وأنا جيت أخدته منه
-نظر أيمن إلى الصغير وقال:مش قولنا نبطل شقاوة؟!
-رد الأخير بـ حُزن:أسف يا خالو بس كُنت عاوز أشوف آآآ…
لم تسمح له رحمة بـ إكمال حديثه لتجذبه من بين يدي أيمن ثم قالت بـ توتر
-كمل أكلك مع ضيفك يا أيمن وأنا هدخل الأوضة أريح شوية
-ماشي يا رحمة..هدومكوا فـ الدولاب زي ما هما…
أومأت ثم رحلت ليجلس أيمن وقد تعقدت ملامحه بـ تجهم..فـ ربت قُصي على ساقه وتساءل
-مالك وشك قلب ليه!
-أطلق أيمن زفيرًا حار وقال:متاخدش فـ بالك…
لم يُحاول قُصي أن يضغط عليه بـ الحديث فـ أيمن كتوم إلى حدًا ما ويبدو أن رحمة تخشى أن تقص له ما حدث وأن والد الصغير رفض أن يأخذه
ضرب ساقه ثم نهض وقال بـ إبتسامة
-أنا همشي..متنساش اللي إتفقنا عليه
-لأ متخافش..إن شاء الله هحاول متأخرش عليك…
أومأ قُصي ثم توجه إلى الباب تبعه أيمن ثم رحل
تراجعت إلى الخلف أكثر ليدلف نزار مُغلقًا الباب خلفه بـ قدمه وعلى وجهه إبتسامة مُخيفة..ضمت جميلة يديها إلى صدرها ثم تساءلت بـ تهدج
-أنت عرفت مكاني منين!…
مسح أسنانه بـ لسانه ثم أردف بـ خُبث
-اللي يسأل ميتوهش..وخصوصًا سُمعتك مسمعة
-إبتلعت ريقها بـ صعوبة وأردفت:أرسلان لو جه وشافك هنا هيدبحك…
توجه إلى أحد الأرائك ثم جلس عليها بـ أريحية وقال بـ هدوءٍ ماكر
-طب ما يجي أنا أصلًا عاوزه يشوفني وأنا بخلص عليكِ…
إرتعدت جميلة لتتراجع أكثر حتى وصلت إلى آخر غُرفة الإستقبال تحتمي منه ثم تساءلت بـ إرتعاش
-مين اللي قالك إني إتجوزته؟!
-ضحك وقال:العصفورة…
تنفست بـ إرتجاف لينهض نزار فـشهقت وكادت أن تركض ولكن صوته المُرعب جمدها أرضًا وهو يقول
-بس شاطرة عرفتي توقعيه لحد أما إتجوزك
-صرخت بـ إستنجاد:فين الحارس اللي بره..يا ناس
-زعق هو بـ المقابل:وطي صوتك بدل أما أقطعلك لسانك دا خالص…
وضعت يدها فوق شفتيها تكتم شهقاتها وبقيت ساكنة تنظر إلى عينيه بـ عينين مُتسعتين..إلى أن إقترب أكثر حتى وقف مُقابلًا لها ثم قال وهو يضع يديه بـجيبي بنطاله
-ليا حساب معاكِ لسه مجاش وقته..لكن دلوقتي أنا هحاسبك على خيانتك
-همست مصعوقة:خيانة؟!
-حك فكه وقال:البيه يعرف إنك كُنت عشيقتي!..وإنك المفروض بتشتغلي معايا والمفروض برضو توقعيه!…
ضمت يديها إلى صدرها وهمست بـ شرود وكأنها تُخاطب نفسها
-أنا مبشتغلش مع حد..أرسلان مقدرش أخونه..أنا سيبتك من زمان
-إبتسم بـ سُخرية:سبتيني لما وقع فـ طريقك..مش كدا ولا أنا غلطان…
إبتلعت ريقها بـ صعوبة بالغة ليرفع نزار يده ويُملس على طول وجنتها ثم أكمل بـ مكر
-أنا سبتك بـ مزاجي عشان بس أخد منك اللي عاوزه..وبكدا يبقى أنتِ بتخوني الشيطان نفسه
-أبعدت يده بـ حدة وأردفت:أنا سبتك لما عرفت وساختك…
أظلمت عيني نزار بـ قوة ثم رفع يده يـقوم بـ لف خُصلاتها حول قبضته بـ شدة آلمتها ثم هدر بـ فحيح
-على أساس إنك شيخة..ما أنتِ رقاصة..عارفة يعني إيه رقاصة!..يعني واحدة رخيصة بتعرض جسمها لليسوى واللي ميسواش…
دفعها لتسقط فوق الأرض صارخة بـ ألم تُحيط بطنها بـ قوة خوفًا على جنينها ليهبط نزار إلى مستواها ثم عاد يُمسك خُصلاتها مرةً أُخرى وهدر
-أنا اللي لميتك من الشارع وعملتك بني آدمة وبعدها سبتك تروحيله عشان أقتله قدامك فاهمة..حُطي دا فـ دماغك لأن عقابي ليكِ مش هيقف لهنا
-صرخت باكية:أنت واحد ***..وأرسلان هيقتلك فاهم..وكل اللي عندي هطلعه و هوديك فـ داهية مش هسيبك تأذيه…
قبض على فكها بـ يده الأُخرى ثم حركها بين يديه صارخًا بـ شراسة
-بتهدديني يا روح أُمك!..دا أنتِ ديتك طلقة يا بت..طلقة أستخسرها فـ أمثالك…
دفعها لتتمدد فوق الأرض لينهض وهو ينظر إليها بـ إزدراء وأردف بـ وعيد
-أنا بس حبيت أعرفك إني سهل أوصلك..ولو عاوز أقتلك هعملها..راجعي نفسك لو باقية على حياتك وإختاريه يا تختاريني بس ساعتها هتتحملي نتيجة إختيارك…
نظر إليها مرةً أخيرة ثم رحل تاركًا إياها تبكي واضعة رأسها أرضًا و يديها الإثنتين حول بطنها
كانت تُحدق بـ الفراغ مصعوقة لما حدث الآن..أهانها أمام الخدم..أهانها كما لم يفعل أحد من قبل..ولكنها نهضت بـ برود لا يعكس البراكين التي تشتعل بـ داخلها
توجهت بـ أنظارها إلى أحد الخدم وأردفت بـ جمود
-نضفي المكان…
ثم تركتها وصعدت إلى غُرفتها..أغلقت الباب خلفها وصرخت بـ غضب ضاربة الباب خلفها عدة مرات..وظلت هكذا لعدة دقائق حتى إستعادت هدوءها ثم إتجهت إلى المرآة لتنظر إلى نفسها الملوثة بـ الطعام
صرت على أسنانها غيظًا ثم توجهت إلى خزانتها وأخرجت بعض الثياب الجديدة وبعدها ترجلت خارج الغُرفة مُتجه إلى المرحاض ولكن أثناء سيرها مرت بـ غُرفتهِ لتستمع إلى صوته
-لا تقلق سيتم كُل شيئًا بـ موعده لا تأخير…
لم تتعرف لتلك اللغة التي يتحدث بها تأففت بـ ضيق وقررت الرحيل ولكنها توقفت عندما إستعمت إلى اسم ديفيد وسط حديثه فـ عادت تقف علها تفهم
أما هو بـ الداخل كان يرتدي قميصه الأسود كـ عادته تاركًا الأزرار العلوية مفتوحة ثم أكمل حديثه بـ جفاء
-لا يهم..سيأتي لا محالة فـ هذه المرة ستكون ضربة قاضية للوطن العربي..لذلك سيشرف عليها بـ نفسه…
إنتظر يستمع إلى حديث الآخر ليرد عليه بـ غضب
-إسمعني يا هذا..لستُ مُهتمًا على الإطلاق لما تعتقده عني..كل ما أُريده هو أن يكون حاضرًا وديفيد..أُريد أن أتلذذ بـ العرض…
إنتظر مرةً اُخرى وكان حينها يرتدي ساعته اليدوية ليرد بعد قليل بـ نفاذ صبر
-قُلتُ لك لا تخف..لن أورطك أبدًا..فقط إفعل ما أمرتك به دون خطأ ولن يحدث لك مكروه..أعلم أن المرواغة مع هؤلاء ليس بـ الأمر السهل ولكني أضمن لك سلامتك لا تخف…
إستمع إلى حديث الآخر ثم قال بـ هدوء وهو يحك مُؤخرة عنقه
-حسنًا..ستختفي بعد ذلك في غضون نصف ساعة..ستجد أحدهم سأرلك لك هويته ليقلك إلى الميناء الجوي ثم بعدها سترحل إلى البلد المُتفق عليها…
أغلق الهاتف وهو يزفر بـ تعب ثم وضع الهاتف فوق طاولة الزينة الخاصة به ثم إرتدى سترته السوداء وصفف خُصلاته كـ المُعتاد إلى الخلف..نثر عطره الرجولي الصارخ ونظر مرةً أخيرة إلى مظهره قبل أن يلتقط هاتفه ويترجل إلى الخارج
ما أن فتح الباب حتى تراجعت سديم شاهقة بـ فزع..بينما هو إرتفع حاجبه الأيمن بـ إستنكار قبل أن يعقد يديه أمام صدره ويتساءل بـ خُبث
-بتتسنطي عليا!…
إستعادت رابطة جأشها لتقف بـ غرور أنثوي واثق جعل حاجبه يرتفع هذه المرة بـ إعجاب ثم هتفت بـ تبرير
-أنا مش بتجسس عليك..أنا كُنت معدية وسمعتك بتتكلم بلغة مش فهماها…
صمتت وهي ترى زاوية فمه ترتفع بـ شبه إبتسامة ساخرة لتعض شِفاها بـ غيظ إلا أنها أكملت بـ نفس الثقة والغرور كابحة إحساسها بـ الغيظ
-وسمعت اسم الدكتور ديفيد فـ النُص..فـ كُنت حابة أعرف إيه داخله فـ كلامك…
إتسعت إبتسامته الساخرة ليقترب منها فـ تراجعت هي حتى أعاقها عن الحرك سور الدرج خلفها..نظرت خلفها ثم إليه لتتسع عيناها وهي تراه يقف مُلتصقًا بها
وضع أرسلان يده أسفل ذقنها وهمس بـ مكر
-لما تعوزي تعرفي حاجة إسأليني..بلاش شُغل المُحقق كونان اللي بتعمليه دا…
ضيقت عيناها بـ غضب ولم ترد ولكنها وجدته يقترب منها فـ وضعت يديها على صدره تحاول إزاحته إلا أن جهودها راحت هباءًا فـ أغمضت عيناها بـ خوف
إلا أن أرسلان رفع يده وسحب من بين خُصلاتها بقايا الطعام ثم رفع يدها و وضع بها البقايا..لتفتح سديم عيناها تنظر إلى ما بـ يدها بـ دهشة ثم إليه ليقول أرسلان بـ برود ثلجي حطم أنثوتها
-أنا قولتلك مبلمسش الحاجة مرتين…
ثم تركها لدهشتها ورحل بـ سكون و هدوء كما يفعل عادةً..ضربت سديم قدمها بـ الأرض لتصرخ ألمًا لما أصاب قدمها من ذلك الحرج ثم قذفت بقايا الطعام في محاولة لإصابته ولكنها فشلت لتصرخ بـحدة
-يا بارد يا لوح تلج…
إستدارت لتتجه إلى المرحاض..أغلقت الباب خلفها تتنفس بـ حدة..جلست فوق حوض الأستحمام ثم نزعت الضمادات عن قدميها لتتأفف بـ ضيق ثم نهضت تسير بـ حذر لتنزع ثيابها وتعاود الإغتسال
غسلت وجهها الشاحب بـ الماء مُزيلة أثار مُستحضرات التجميل لتبقى بـ هيئتها التي تدل على خوفها
خرجت من المرحاض لتتفاجئ بـ أرسلان قد دلف إلى الشقة لتو..تراجعت إلى الخلف وضمت طرفي المئزر إلى صدرها ثم أخفضت وجهها أرضًا
عقد أرسلان حاجبيه لحالتها الغربية ليتقدم منها مُتفحصًا شحوب وجهها ثم تساءل
-أنتِ تعبانة!…
حركت رأسها نافية وهي لا تزال مُخفضة رأسها..ليضع يده أسفل ذقنها مُحدقًا بـ ملامحها الشاحبة ثم قال بـ جمود
-أومال وشك أصفر ليه؟!
-إبتسمت بـ توتر وقالت:الحمل بس..الفترة دي بتكون صعبة…
أومأ بـ فتور ثم توجه إلى الأريكة التي جلس فوقها نزار لتصرخ جميلة فجأة
-متقعدش هنا…
إلتفت إليها بـ غضب لتتراجع قائلة بـ تلعثم
-في شاي وقع هنا هيوسخ هدومك…
أطلق زفيرًا حاد لينتقل بـ جلسته إلى مكانٍ آخر لتتقدم جميلة منه ثم جلست جواره..وصمتت
نظر إليها أرسلان بـ تدقيق هدوءها ، وحالة الخوف والتوتر تلك تُثير الشك بـ داخله..ليعتدل بـ جلسته ثم قال بـ هدوء
-متأكدة إنك كويسة!..نروح لدكتور!
-لا أبدًا أنا كويسة
-براحتك…
أرجع رأسه إلى الخلف وأغمض عيناه..بينما تنهدت هي بـ قلة حيلة ثم نظرت إليه..لو عَلِمَ بـ قدوم نزار لن يتردد بـ قتلهما معًا ولكن ما أثار الشك بـ داخلها ذلك الحارس أما شقتها..كيف سمح له بـ الدلوف؟
إستدارت إليه ثم تساءلت بـخفوت
-أرسلان!..هو أنت واثق فـ رجالتك؟!…
رفع رأسه ونظر إليها بـ إستنكار ثم تساءل بـ شك
-بتسألي ليه!…
رفعت كتفيها في محاولة لإظهار عفوية سؤالها رادفة بـ توتر أخفته بـ بحة صوتها الرفيعة
-أبدًا..مجرد سؤال
-نظر إليها بـ شك إلا أنه قال:اللي حصل معايا علمني مثقش غير فـ نفسي
-تساءلت بـدهشة:يعني أنت مبتثقش فيا!
-مط شفتيه وقال:على حسب يا جميلة..أنا واثق مليون فـ المية إنك هتفكري قبل ما تخونيني خصوصًا إنك بقيتي مراتي وإبني فـ بطنك مش كدا ولا إيه!…
سؤاله الأخير أدمجه بـ تحذير و تهديد إلتقطته هى بـ سهولة لتومئ بـ رأسها عدة مرات بـ خوف ثم تنحنت قائلة
-طب أنا عاوزة أغير الشقة دي
-تأفف مُتساءلًا:ليه!
-يعني..حابة أغير المكان دا
-حاضر..بكرة أشوفلك شقة بعيدة عن هنا ومحدش يعرف مكانها…
زفرت بـ إرتياح واضعة يدها فوق صدرها ثم عادت تقول بـ تردد
-وغير الحارس دا
-تساءل غاضبًا:عمل إيه هو كمان!
-تعلثمت قائلة:مش..مش مرتحاله…
عض على شِفاه السُفلى بـ غضب حقيقي ولكنه قال بـ صوتٍ مكتوم
-طيب..أنا مش مرتاح لطلباتك اللي ظهرت فجأة دي
-سارعت قائلة:والله مفيش حاجة..أنا بس حابة أبعد هنا والناس اللي تعرفني هنا…
نظر إليها بـ جمود صخري قبل أن يقول بـ جفاء وهو مُغمض العينين
-أنا مكلتش..قومي إعملي لينا غدا
-نهضت مُسرعة:حاضر..بس هغير هدومي الأول…
دلفت إلى غُرفتها سريعًا وأغلقت الباب خلفها نزعت ثيابها أبدلتها بـ أُخرى رياضية ثم توجهت إلى فراشها وجثت أمامه
مدت يدها أسفل الفراش وأزالت قطعة رُخامية لتلقطت مكانها مُظروف أصفر اللون مُغلق بـ إحكام لتعاود وضع القطعة مرةً أُخرى
نهضت و جذبت حقيبة سفرها و وضعت المظروف بها حتى لا تنساه وهي راحلة غدًا..وضعت الحقيبة مكانها ثم خرجت لتتجه بعدها إلى المطبخ تُعد بعض الطعام السريع
بعد مرور ثلاثة أيام
بـ ذلك الطريق الصحرواي الخالي من الحياة..يقف هو وسط العديد من السيارات السوداء والعديد من الرجال واضعًا يديه بـ جيبي بنطاله بـ هدوء يُحسد عليه يُدخن لُفافة التبغ
تقدم منه ديفيد ونظر إلى ساعة يده ثم تساءل بـ قلق
-لِما تأخر هكذا!…
أخرج أرسلان سحابةً رمادية من فمه وأنفه ثم أجابه بـ جمود غامض
-لا تتعجل القدر
-عقد ديفيد حاجبيه بـ عدم فهم و تساءل:ماذا تقصد!…
إبتسم أرسلان بـ سُخرية مُشيرًا بـ رأسه إلى ما خلف ديفيد الذي إلتفت ليرى سيارة سوداء تقترب منهما..حينها زفر بـ إرتياح وقال
-يا إلهي…
ترجل السائق من السيارة ليركض إلى المقعد الخلفي ثم فتح الباب ليترجل منه رجلًا ما يضع قُبعة سوداء كـ ثيابه و الشيب يظهر من جانبي القُبعة..بينما بنيته الجسدية القوية تتناقض مع سنوات عمره المُتقدمة
تقدم منهم وصافح كليهما ثم وجه حديثه لأرسلان قائلًا
-سعيد بـ مُقابلة الشيطان أخيرًا
-وأنا أيضًا…
نظر ديفيد إلى ذلك الرجل وقال بـ جدية
-لنبدأ العمل حتى لا يسرقنا الوقت
-رد عليه الرجل بـ موافقة:أجل..المكان ليس أمنًا…
إعتدل أرسلان بـ وقفته ثم نظر إلى ساعة يده وهمس بـ إبتسامة ماكرة
-show time
تقدم أحد حرس الرجل منه ثم مدّ يده بـ الهاتف يهمس بـ عدة كلمات ثم إبتعد..كان أرسلان يُحدق به بـ إنتصار قبل أن يعود ويضع يديه بـ جيبي بنطاله ثم إتكئ على سيارته ينتظر العرض
حدق الرجل بـ ملامح مُكفهرة لتلك الصور الفوتوغرافية التي تم إلتقاطها من قِبل مجهول..والتي تعرض خيانة زوجته مع رجلًا ما ولم يكن سوى ديفيد!!!
حينها قذف الهاتف بـ غضب ثم أخرج مسدسه وقال بـ غضب أسود
-ألم تُعلمك والدتك أنه لا يجب أن تعبث مع الروس!…
لم يتسنى لديفيد أن يتساءل إذ أطلق عليه الآخر عدة طلقات إخترقت صدره مُسببه موته الفوري
أما أرسلان فـ حدق بـ المشهد أمامه بـ جمود و تشفي..لم يهتز له جفن بل تمنى لو أمطره بـ وابل من الرصاص يعجز عن عدها
وضع المُسدس بـ جزعه ثم نظر إلى أرسلان وهدر بـ إعتذار
-أعتذر أيُها الشيطان..لن تتم أي صفقة اليوم..يجب عليّ تسوية بعض الأمور بـ بلدي
-مط شفتيه بـ برود وقال:حسنًا لا بأس..يبدو أن الطبيب أخطأ
-تحدث الآخر وهو ينظر إلى جُثة ديفيد:وقد تلقى ما يستحقه…
عاد ينظر إلى أرسلان ثم قال بـ جدية
-هذه المرة سأتفق معك مُباشرةً لموعد جديد
-تململ أرسلان قائلًا:حسنًا..سأنتظر..والآن يجب عليّ الرحيل…
إستدار يصعد سيارته وهو يهمس بـ غلظة
-مع إنه مش هيكون فيه مرة تانية أصلًا…
صعد سيارته ثم أدار المُحرك ولوح بـ يده مُبتعدًا..بينما عاد الرجل ينظر إلى جُثة ديفيد وقال بـ إزدراء
-تخلصوا منه..وتعرفوا على هوية المُرسل…
ثم إستدار هو الآخر ليعود إلى سيارته..فتح السائق الباب ثم أغلقه بعد صعود الآخر لنتطلق جميع السيارات بـ تناغم
وعلى الجانب الآخر
رفع أرسلان هاتفه ثم بعث بـ رسالةٍ ما لذلك الذي حادثه من قبل
هاتف أحدهم ثم وضع هاتفه الخلوي على أُذنه وعندما فُتح الخط من الجهة الأُخرى أردف هو بـ إقتضاب
-إحجزلي طيارة طالعة لروسيا بعد أربعة أيام…
أغلق الهاتف وأكمل قيادة سيارته وهو يُطلق صفيرًا مُستمتعًا
أنهت عملها والذي عادت إليه رُغمًا عن أرسلان لتنزع مئزرها الطبي ثم إلتقطت حقيبتها ورحلت
الجميع يتحاشها..يخشى الخطأ معها فـ هي تزوجت الشيطان..تأففت بـ ضيق وهي تصعد تلك السيارة التي خصصها لها هى الأُخرى لتنطلق بها عائدة إلى المنزل
بعد عشر دقائق
كانت السيارة تعبر البوابة الخارجية حتى توقفت أمام الباب الداخلي للمنزل..ترجلت سديم ثم صعدت الدرجات القليلة ودقت الجرس
أتت الخادمة بعد ثوان لتفتح الباب..إبتسمت سديم لتردها الخادمة وهي تتساءل بـ إحترام
-أحضرلك العشا يا هانم؟…
نظرت سديم حولها باحثةً عنه إلا أنها لم تجده فـ تساءلت بـ فضول
-أومال هو فين؟!
-فـ أوضة فوق…
أومأت سديم وتحركت مُبتعدة عن الخادمة والتي عادت تقول
-أحضرلك العشا!
-أجابت سديم دون الإلتفات:لأ هنام خفيف…
رفعت الخادمة كتفيها بـ قلة حيلة ثم رحلت إلى المطبخ..كادت أن تصعد هي ولكن تلك الغُرفة التي لم تقربها مُنذ زواجها أثارت فضولها
نظرت حولها بـ تفحص ثم إلى أعلى ولكنها لم تجد..لذلك و دون تردد فتحت تلك الغُرفة والتي لم تكن مُغلقة
دلفت وأغلقت الباب خلفها..أخرجت هاتفها لتُشعل الضوء المُساعد..حدقت بـ أرجاء الغُرفة..كانت نوعًا ما هادئة لا شئ غير إعتيادي
مكتب من الخشب الماهجوني ذو لونٍ أسود و أريكة ومكتبة صغيرة..مطت شفتيها بـ إحباط وإستدارت لترحل ولكن وقعت عيناها مصادفةً على تلك اللوحة البيضاء
عقدت حاجباها لتتقدم منها..سلطت الضوء عليها وقرأت بعض الأسماء أول إثنين قد تم وضع علامة خطأ جوراهما..تعرفت على اسم ” نزار العبد ” ذلك الذي علق بـ ذاكرتها
تسارعت دقات قلبها وهي لا تفهم شيئًا..أدارت الهاتف ليتسلط الضوء على ذلك الجدار المُعلق عليه صورتها و صورة الطبيب ديفيد
شهقت وتراجعت..لا تُصدق أنها كانت إحدى فرائسه..وبجوارهما صورة فوتوغرافية جمعت عائلة وهو من بينهم..وصور عدة لباقي أفراد العائلة أو بـ الأحرى جثثهم
وضعت يدها فوق فاها تكتم صرختها..شحبت بشرتها بقوة وإرتجفت أوصالها..إلا أنها تماسكت لتفتح ذلك الحاسوب المحمول
بقت تبحث بـ محتوياته بـ أصابع ترتجف ولكنها لم تجد سوى ثلاث مقاطع دون أسماء..فتحت أحدهم ولم يكن سوى لمشهد قتل ديفيد
حينها لم تستطع السيطرة على تلك الصرخة التي صدرت عنها ثم تراجعت ساقطة أرضًا وسقط معها هاتفها..ضمت يديها إلى صدرها ترتجف غيرُ مُصدقة لما أوقعت نفسها به..الآن وفقط صدقت أنها بـ جحر الشيطان
أُضيئت الأنوار من خلفها..ليظهر أرسلان والذي كان جالسًا بـ أحد الأركان ولم تلحظه..يرتدي قميصه مفتوحة أزراره ويتكئ إلى الجدار خلفه عاقدًا ذراعيه أمام صدره..أما ملامحه الخالية تمامًا من أي مشاعر تنتمي إلى عالم البشر تُحدق بها وبـ صدمتها
لم تلتف ولم تجفل لإضاءة الأضواء بل بقت عينيها المُتسعتين تُحدق بـ المشهد الدامي أمامها غيرُ قادرة على الإشاحة بعيدًا عنه وكأنه يجذبها بـ مغناطيس
حينها تحرك هو ناحيتها ثم جثى أمامها وهمس بـ جمود ونبرةٍ قاتلة
-الفضول قتل القُطة…
نظرت إليه بـ ذات العينين المُتسعتين ترتعش بـ قوة جعلت جسدها ينتفض..لتهمس بـ شرود
-أنت قتلت ديفيد!
-مط شفتيه وقال بـبرود ثلجي:مقتلتوش..خيانته هي اللي قتلته…
صرخت بـ شراسة تضربه بـ كِلتا يديها
-بس كنت السبب فـ موته..لأ وكمان قتلت إتنين غيرهم…
أمسك يديها التي تضربه ثم قرب وجهها منه وهدر بـ صوتهِ البارد
-أيوة قتلت..ولسه هقتل لحد أما أخلص السلسلة…
حركت رأسها يمينًا ويسارًا بـ نفيٍ وهستيرية صارخة بما يعتمل داخلها من صدمة و رُعب
-أنت لازم تموت..أنت نهايتك الموت
-إبتسم بـ سُخرية وقال بـ هدوء:دي النهاية الطبيعية لواحد زيي…
عبارته سقطت فوق قلبها كـ الصخر الذي أثقله..نظرت إليه بـ دهشة وغضب بـ الوقت ذاته..وتنفسها الحاد هو ما يقطع ذلك الصمت
سوداويه مُقابل زرقاويها
هدوءه مُقابل غضبها
خوفها مُقابل صلابته
والحرب لا تزال مُشتعلة..نهض واضعًا يد أسفل ظهرها والأُخرى أسفل رُكبتيها وحملها بين ذراعيه وعلى الرغم من مقاومتها إلا أنه لم يتهز
ترجل خارج الغُرفة وأغلقها ثم صعد بها الدرج..كانت تنظر إليه بـ صدمتها التي لم تخرج منها..وقلبها ينتفض بين أضلعها..هي والقاتل..بل هي والشيطان ذاته..هو يقتل دون أن يشعر بـ الندم بل ويعترف بـ هدوء وكأنه يُخبرها أحوال الطقس
حاولت إبعاده وإنزالها ولكن قوتها كانت واهنة لدرجة أنها أرخت دفاعتها و وضعت رأسها فوق كتفه وهمست بـ شرود
-أنت قاتل…
تشنجت عضلات فكه ولكنه لم يرد..يُقدر مقدار الصدمة التي هي بها..سار بها إلى غُرفته ليفتحها ثم دلف بها..أتاه صوتها تهمس بـ إعتراض
-دي مش أوضتي…
لم يرد عليها بل وضعها فوق الفراش و نزع قميصه..تراجعت إلى الخلف بـ فزع وصرخت
-أنت هتعمل إيه!…
لم يرد عليها أيضًا وكأنه إتخذ من الصمت إجابةً لها..توجه إلى خزانته وأخرج قميص ذو لو أزرق داكن وألقاه بـ وجهها قائلًا بـ صلابة
-إلبسي دا عشان هتنامي هنا النهاردة
-صرخت بـ غضب:لأ مش هنام مع قاتل…
هذه المرة صرخت بـ خوف عندما ضرب الخزانة وهدر بـ صوتٍ دوى بـ أرجاء الغُرفة كـ الرعد
-إلبسي وأنتِ ساكتة…
تنفست بـ صوتٍ عال تنظر إليه بـ أعين قطة شرسة إلا أنها نهضت بـ النهاية..إستدار هو إلى الخزانة وأخرج ثياب بيتيه مكونة من بنطال أسود و فقط
بقى لعدة لحظات يتكئ بـ جبهته إلى الخزانة حتى سمع صوتها الغاضب
-خلصت…
إستدار ليجدها تقف فوق الفراش ترتدي قميصه الذي يصل إلى ما قبل رُكبتيها بـ قليل..ليتجه إليها ويتمدد فوق الفراش قائلًا بـ جمود
-إتخمدي
-زمت شفتيها وقالت بـ حنق: أنت هتنام جنبي
-وضع يده فوق عينيه وقال:أنتِ اللي هتنامي جنبي..أنتِ فـ أوضتي
-تمتمت بـ حدة:خلاص هروح أوضتي…
أتاها صوته حازم ، قوي ، يُسري الرُعب بـ النفوس على الرغم من خفوته
-نامي وإتمسي…
زفرت بـ قنوط لتتمدد بجوراه توليه ظهرها خوفًا لا أكثر..جذبت الغطاء فوقها ولكنها سُرعان ما شهقت وهي تراه يضع يده حول خصرها يجذبها إلى صدره حتى إلتصق بـ ظهرها..تلوت بين يديه تهدر بـ غضب حقيقي
-مش لدرجادي
-أتاها صوته الجامد:نامي مش هعمل حاجة…
دفن وجهه بـ عُنقها ثم أغمض عينيه..بينما بقت هى تتنفس بـ سرعة و غضب مُتسعة العينين..تتعجب هدوءه لما إكتشفته اليوم ولا تُصدق أنها بعد كُل ذلك تنام جواره
زفرت بـ ضيق وحاولت إبعاد يده ولكنه شددها أكثر..لتعود و تزفر بـ قنوط وبقت تُحدق أمامها تُفكر بـ أحداث الساعة الفائتة حتى غلبها النُعاس ولأول مرة تنام تاركة إياه يُعانقها وكأنهما عاشقين بـ كامل إرادتها
هي بين أحضان قاتل…
الطبيبة بين أحضان الشيطان…