رواية عشت معاه حكايات
الفصل الخامس
في منزل رؤوف تجتمع العائلة كل جمعة للغذاء سويا تضع حياة الغذاء بمساعدة بناتها ومعهن سوسن زوجة رفيق ..
رؤوف : يلا يا جماعة الغدا جاهز وريحته تجنن
يسير رؤوف مستندا علي عكازه ويعاونه مصطفي ذراعه اليمين في العمل وزوج ابنته الكبري هدي
رفيق : متجمعين دايما في عزك ياحج رؤوف وعقبال دايما ما يفضل البيت مفتوح بيك وبولادك وولادهم
امين يارب قالتها حياة وسوسن معا .. جلسوا جميعا بجوار بعضهم بعضا وبدؤوا بتناول الطعام ..
انهوا طعامهم وتوجهه الرجال الي الصالون لتناول الشاي وتوجهن النسوة الي المطبخ
يبدأ مصطفي الكلام ممسكا بعدة اوراق
مصطفي : زي ما قولتلك يا عمي ده جرد للمصنع وللشركة بتاع الخمس شهور الأخيرة وطبعا ساعدني فيه البشمهندس خالد
يدخل خالد عليهم يحمل في يده بعض كعكات لذيذة سبق وان اعدتها هند وخلفه هدي تحمل الشاي ..
خالد : لحد امتي يا درش هفضل اقولك بشمهندس واستاذ وحضرتك دي هناك في الشغل يا اخي تعبتني امال لو مكنتش صحبي وجوز اختي
مصطفي ضاحكا : بمناسبة جوز اختك دي فاكر اخر سنة في الكلية بعد ما كلمتك وانت فاتحت عمي في جوازي من هدي وحبينا نعملها مفاجاة
انفجر الجميع في الضحك ومن بينهم النساء ايضا الاتي انضممن اليهن بعد ان انتهين من تنضيف المطبخ . وبادرت سوسن بالتحدث
سوسن : صحيح ده انتوا الاتنين يا ولاد يتفات لكم بلاد خضيتوا هدي يا عيني وكسفتوها بس بصراحة الحج رؤوف كمان عليه الحق معاكم كان هو الي مخطط كل حاجة .. فاكرة ياام خالد
تخاطب سوسن حياة والتي تبدا بدورها سرد ما حدث منذ سنين مرت عليهم
حياة : طبعا يا سوسن هي دي حاجة تتنسي يومها الحج رفيق فات علينا الصبح عشان يروح الشغل هو وابو خالد زي العادة وكان معادهم مع دكتور العلاج الطبيعي انتي عارفة طبعا كان الحج راحله كده كام مرة والحمد لله فضل ونعمة كان بيتحسن لانه كان عاوز يخف ويقف علي رجله كان عنده ارادة زي ما الدكتور كان بيقوله دايما .. ويومها في الشغل وهو بيراجع مع مصطفي الحسابات كعادة كل اخر شهر.
رؤوف : يا مصطفي يا ابني خف عليا شوية هو كل ورقة لازم اراجعها بنفسي .. ياابني ده احنا عشرة عمر انا وابوك وانا بثق فيك زي ما بثق في خالد بالظبط
مصطفي : معلش يا عمي الشغل شغل .. الثقة موجودة اه والامانة موجودة اه انا عمري ما هفكر اسرقك .. بس دي فلوس ومصالح ناس وحضرتك لازم تراجعها .. وكمان لازم تديني الاذن عشان اسافر لعم شحاتة في البلد عشان انت عارف هو الوحيد الي هيقدر يساعدنا في الكارثة دي
رؤوف : انت زي ابوك تمام قلبك حامي علي الشغل وعاوز كل حاجة تمشي مظبوطة .. ربنا يكرمك ياابني في حياتك ويرزقك بنت الحلال
شرد مصطفي قليلا : زي ما تكون حاسس بيا يا عمي جيت علي الوتر الحساس ياتري لما تعرف ان بنت الحلال دي هيا هدي بنتك هتوافق ولا هتعاملني وحش بما اني بصيت لبنت صاحب الشغل …
لاحظ رؤوف انشغاله وفي هذه اللحظة دخل عليهم رفيق ليجد ولده غارق في تفكيره .. ينظر لرؤوف الذي اشار له بالجلوس دون احداث صوت .. مد رؤوف يده امام وجهه مصطفي
رؤوف : ايه يا مصطفي رحت فين ياابني انا بتكلم من ساعتها وانت ولا كأنك هنا
احس مصطفي باضطراب داخلي لا يعلم بما يجيبه خاصة وان والده قد حضر بينهم ولكنه قد حسم امره
مصطفي : بعد اذنك يا حج انا عاوز اكلم مع عم رؤوف في موضوع وكويس ان حضرتك موجود عشان تكون شاهد علي الكلام
اندهش كلا من رؤوف ورفيق ولكن مصطفي استكمل حديثه قائلا
مصطفي : الي شجعني اني اطلب من حضرتك الطلب ده اني بعتبر حضرتك زي والدي تمام وبعتبر نفسي واحد من العيلة وصدقني يا عم رؤوف طلبي ده مفيش وراه اي مطامع مادية ابدا حضرتك عارف اننا الحمد لله مستورين وانا خلاص قربت اخلص جامعة فاضلي بس الترم ده وشغلي مع حضرتك مش مصدر رزقي الوحيد كمان شغال في مكتب محاسبة من سنتين مع صديق ليا او بمعني اصح شريك معاه بنسبة النص للنص طبعا بمساعدة دكتور عندنا في الجامعة لما اشتغلنا عنده من سنة اولي هو الي شار علينا اننا نستقل عشان نتعلم اكتر ودايما بنستشيره في اي حاجة بتقف معانا وبيبعت لنا شغل للمكتب احيانا وكل ده من حر مالي بعيد عن فلوس والدي انا بشتغل من اولي ثانوي ودايما كنت بحوش مع امي وهي ساعدتني بمبلغ بسيط جدا وطبعا رافضة انها تاخد مني حاجة بس لو حضرتك وافقت علي طلبي ده هيكون اكبر تشجيع ليا اني اشتغل اكتر عشان اعمل كل جهدي واطلع مع امي وزوجتي الحج
نظر رؤوف لرفيق بتعجب كلاهما لم يفهما اي شئ من حديث مصطفي الي الان
رفيق : كل ده جميل يا مصطفي ياابني والحج رؤوف عارفه احنا عيلة واحدة ياابني وانا وعمك اخوات مش بس اصحاب بس احنا مش فاهمين لحد دلوقت انت عاوز مننا ايه
مصطفي : بصراحة ومن غير كلام كتير انا طالب ايد انسة هدي وهبقي سعيد جدا لو حضرتك وافقت .. طبعا انا عارف ان حضرتك عندك معاد مع دكتور العلاج الطبيعي فهسيب حضرتك تفكر وهنتظر ردك .. سلام عليكم
رفيق : الواد اتجنن يا رؤوف خلاص ده مقليش اي حاجة من دي ولا صرح حتي بطلبه انا لازم اروح اعاتبه ده لسه طالب … امسك رؤوف يد رفيق
رؤوف : اقعد يا رفيق واهدي انت نسيت معادنا بتاع العلاج الطبيعي وبعدين ابنك مغلطش ابنك راجل واحترامي ليه زاد بعد ما جه وقال الي قاله ده وانا موافق معنديش مانع لارتباطهم احنا عايشين ليه مش عشان نفرح بيهم ونعملهم كل حاجة حلوة .. يلا يلا قوم ومتقولوش اني وافقت انا هبلغه بنفسي يلا بينا ياراجل يا عجوز بقي علي الدكتور ..
في هذه الاثناء كان هند تستعد لمغادرة مدرستها بعد انتهاء اليوم الدراسي ..
خارج المدرسة تقف سيارة دفع رباعي بها شخصان احداهما يتحدث عبر الهاتف : ايوه يا باشا اه طبعا صورتها معايا في ايدي اهي متقلقش كل حاجة هتحصل زي ما انت عايز .. انقطع صوته فجأة ..
ولكن من بجواره لكمه في كتفه : رد علي الباشا يا عزت واوعي تبلغه .. نظر له نظرة خوف وقلق .. واجابه هامسا
عزت : ازاي مبلغوش انت اتجننت .. ايوه يا باشا اسف بس في حاجة حصلت مش عارف حضرتك لازم تعرفها ولا ايه
المتحدث :في ايه انطق اتكلم
عزت : الاستاذ سمير ظهر دلوقت قدام المدرسة وتقريبا شافنا لانه واقف بعيد عننا شوي وبيبص في ساعته مش عارف هو مستني اخته ولا ايه
المتحدث: انت بتقول ايه سمير ايه الي جابه عندك ده اخته غايبة النهاردة عشان كده بعتكم يا اغبيا
عزت: يا خبر ابيض عرفت يا باشا
المتحدث: عرفت ايه يا بجم انطق
عزت : الاستاذ سمير جاي عشان البنت الي في الصورة وانا اتاكدت انه شافنا لانه بيبص نحيتنا وبيتصل ببرعي
المتحدث : بتقول ايه اختفي حالا من قدام المدرسة ولحظات وتبقي قدامي .. واغلق الهاتف
القي بهاتفه بعيدا : بقي كده يا سمير بيه دي الي قلبت كيانك طيييب صبرك عليا
اما سمير فأخذ يحدث نفسه : معقول يكونوا دول عزت وبرعي ولا مجرد تشابه عربيات .. بس حتي النمرة تقريبا هي .. لالا ممكن اكون مشفتهاش كويس لانهم كانوا بعيد شوية . معقول بابا يكون وصل تفكيره لكده هند يا بابا هند الحاجة الوحيدة النضيفة الي فيا بعد امي واختي بس لا لايمكن اسمحلك انك تقرب منها ابدا ..
ما ان راها تخرج من باب المدرسة معها صديقتها اشار لها ومشي اليها يعبر الطريق ولكن ظهر خالدفجأة وما ان رآه نادي علي هند التي تجمدت في مكانها واخذ يخطو سريعا اليها و كذلك سمير ولكن الحظ لم يساعده اتت سيارة نقل وصدمته مسرعة ..
توقف بهم الزمن لا يعلم احدا منهم ماذا حدث ولا من اين ظهرت العربة هذه .. فهذا الطريق مخصص فقط للسيارات العادية وعبور المشاه .. ترجل سائق السيارة مسرعا بعد ان قام بركنها وجرت هند باتجاهه وامسكت راسه واخذت تبكي بكاءا مريرا
هند : متموتش ارجوك
وصل خالد اليها وما ان راها . ابعدها عنه بالقوة ونظر لها : تعرفيه منين يا هند انطقي
نظرت هند ليديها الملطخة بدمائه : ارجوك يا خالد خلينا نساعده الاول .. مش هقدر اشوفه بيموت واسيبه ارجوك
بين صدمة خالد من ما راه وتوسلات اخته ودموعها لا يعلم كيف يتصرف
خالد بغضب : انت اكيد اتجننتي انت عارفة ده مين ده …
احس بشئ متعلق بقدمه نظر الأسفل ليجده سمير متعلق بقدمه ومتكئي عليها بما بقي لديه من جهد وبصوت خافت
سمير : ارجوك بلاش يا خالد ارجوك …. وسقط مغشيا عليه
انحني خالد اليه وحمله بين يديه وصرخ علي سائق السيارة : انت واقف تتفرج علينا كمل جميلك بما ان عندك ضمير اوي كده ويلا بينا نلحقه وهو لسه فيه الروح
لم يجد اي رد من سائق النقل سوي ان سار الي سيارته ورجع اليهم رفعه خالد علي الصندوق الخلفي وجلس جواره واشار لهند
خالد : يلا انت يا هند علي البيت
هند ببكاء هستيري : ارجوك يا خالد خدني معاك ارجوك .. خليني اطمن عليه
نظر لها خالد ونظر الي سمير المخضب بالدماء بجواره واشار لها ثانية
خالد: اطلعي جنب السواق يلا
صعدت هند وما ان اغلقت بابها الا وانطلق السائق باقصي سرعة الي المشفي
وصلوا الي المشفي فهرع اليهم امن المشفي الذي راي شخص مخضب بدمائه فهرول الي داخل المشفي وخرج ومعه مسعفان حملا سمير للداخل وخلفهم السائق وخالد وهدي
الطبيب متوجها لخالد : انت قريبه
نظر خالد اليه بتمعن لا يدري يجيبه بلا ويخلي مسؤوليته ام ماذا ولكن اجمع قراره في لحظات لن تسمح له انسانيته ان يتخلي عنه الان
خالد : ايوه يا دكتور في ايه هو عنده ايه
الطبيب : هو كويس الحمد لله دماغه سليمة ودي اهم حاجة المخ بس حصله ارتجاج بسيط وده هيختفي لانه حصل نتيجة اصطدامه بالعربية المشكلة انه مصاب بجرح عميق في جنبه ده خلاه ينزف كتير وعنده كدمات في دراعه وكسر مضاعف بس الحمد لله هيعيش دلوقت هندخله عمليات عشان نتعامل مع الكسور والكدمات بس هو فصيلة دمه او (o) ودي فصيلة صعب تقبل دم غير من فصيلة زيها وحاليا عندنا عجز فيها
كان خالد يستمع لحديث الطبيب وعلي وجهه ابتسامه ساخرة وحديث يدور بداخله : يا علي القدر دلوقت يا خالد الكورة بقت في ملعبك تسيبه يموت وتحرق قلب ابوه عليه وتدمرله حياته زي ما دمر حياتكم هو وابوه ولا تنقذه وياتري هند كانت ملهوفة عليك اوي كده ليه
اخرجه الطبيب من شروده
الطبيب: ها يا استاذ حضرتك قررت ايه صحيح احنا وقفنا النزيف بس لسه حياته في خطر
نظر له خالد وعلي شفتيه نصف ابتسامه
يتبع … تتوقعوا خالد هينقذ سمير !!