رواية عشت معاه حكايات
الفصل الرابع والعشرون
استقل سمير ومصطفي سيارة اجرة و في الطريق!
مصطفي مندهش : سمير انت رايح ليه الشركة عند والدك هو موجود هناك معقولة ‘‘
سمير مبتسم : معقول يا مصطفي تفتكر انه هيقدم لنا حل اللغز وليه هو عمل كده بالبساطة دي ‘‘ انا واثق انه موجود ومتابع كل الي بيحصل بس فين تحديدا دي الي احنا رايحين نعرفها دلوقت ‘‘ لازم ننقذ خالد ونخرجه من الكارثة دي قبل شهور الأجازة ما تعدي والا مستقبله هيضيع والمرة دي انا حاسس واحساسي اقرب للتأكيد من ان والدي عمل كل ده عشان يحطم عم رؤوف بالشكل ده ‘‘ طالما مقدرش يعطل له شغله ويكسره فمعتش قدامه غير ولاده ‘‘ مفيش حاجة بتأذي اي بني ادم في العالم اكتر من ولاده يا سمير ‘‘ بس للأسف الفكرة دي مش موجودة عن ابويا ‘‘ كل همه بعد ما عرف اني عملت الحادثة اني بس ابقي عايش وكويس لاني الوريث للامبراطورية ‘‘ مش مهم اي حاجة تانية و حتي دي كمان اتخلي عنها لما عرف ان سبب وجودي علي قيد الحياة دلوقت هو خالد ‘‘ وحتي هدير الي هي بنته يعني عرضه وشرفه لولا انها صاحبة هند محدش عارف كان ايه هيحصل لها لما سابت البيت ومشيت ولا والدي كان مهتم اصلا ‘‘ يعني سبحان الله كأن القدر حاططنا في دايرة اولها خليل شرف و اخرها رؤوف عبدالسلام واحنا وكل الي بيحصلنا ده في النص بنبدأ عندهم وننتهي عندهم ‘‘ بس قريب اوي الدايرة دي لازم تنكسر ونخرج براها ومحدش عارف وقتها مين الي هيفضل عايش !!
مصطفي بآسي : مش عارف اقولك ايه يا سمير ‘‘ بس ان شاء الله ربنا هيحل كل شئ من عنده ‘‘ هو لسه الطريق طويل .
سمير : الشارع الجاي يمين يااسطي لو سمحت ‘‘ خلاص يا مصطفي وصلنا ‘‘ مصطفي انت معايا اكيد مش هتمشي وتجري .
مصطفي بعدم فهم : اكيد يا سمير معاك انت ليه محسسني اننا داخلين علي اعصار يلا يلا عشان نلحق .
سمير مبتسم : لما تشوف برعي هتفهم قصدي .
ما ان ظهر سمير في ممر الشركة ‘‘ وجد الجميع في حالة هرج و مرج ينظرون اليه ويتحدثون بخفوت شديد ‘‘ مما اثار تعجب سمير ‘‘ اخذ سمير يتفقد الغرف الإدارية بعينيه ‘‘ وكانت ملامح الخيبة مرسومة علي وجهه كأن بحثه لم يجدي نفعا ‘‘ الا ان طرأت له خاطرة
سمير : تعال يا مصطفي عرفت الزفت برعي ممكن يكون فين دلوقت
سار مصطفي جوار سمير لا يعلم اي شئ ‘‘ فقط يتمني من داخله ان يحالفهم الحظ في ايجاد برعي
وبالفعل صدق حدث سمير ‘‘ قبل ان يدخل مكتب ابيه ‘‘ سمع صوت من الداخل يقول ..
اطمن يا باشا كله هيبقي تمام بإذن الله ‘‘ عيب عليك محدش يقدر يقرب من الشركة طول ماانا موجود ‘‘ ده انا اكسر رجله ‘‘ ياباشا ماانا قايلك من يومها مش انا الي خبطت الباشا الصغير. ‘‘ صحيح يا باشا هو لو جه هنا سأل عليك اقولك ايه ‘‘ وهنا دخل سمير مكتب ابيه ممسكا بسلاحه الناري ويوجهه للمتحدث علي الهاتف ..
***********
في منزل رؤوف
انهت قدرية جعبتها وانتهت من سرد مأساتها مع خليل . كانت الأجواء هادئة ‘ يتحدثن سويا ‘ تساند كلا منهما الأخري ‘ يحاولن تطيب اوجاعهن ‘ كانت لهن حكايات مشتركة قديمة ‘ وحكايات مؤلمة حديثة تسبب بها خليل ‘‘
‘‘ ايعقل ان يحطم فرد وحيد امال وطموحات الكثير ‘‘
اما عن الفتيات الصغيرات لم يكن حالهم افضل من حال امهاتهم ‘‘ كان بداخل كلا منهم حديث وحوار خاص ‘‘ لا تقوي ان تبوح به للأخري ولكن جمعتهم سويا هونت عليهم قليلا ..
*************
في الحجز
بعد ان استراح رؤوف قليلا ‘‘ استعاد قوته نوعا ما ‘‘ نظر ليجد خالد مازال كما هو يغلق عينيه متكئا علي الحائط ‘‘ ربت علي يده مما افزعه
خالد : ايه يا والدي في حاجة محتاج حاجة ‘‘ انت كويس
رؤوف : ايه يا خالد براحة ياابني انا كويس الحمدلله ‘‘ مفيش اب يبقي عنده اب زيك وميبقاش كويس ‘‘ انت الي مالك ساكت كده ليه
اخذ خالد نفس عميق اخرجه بهدوء : معلش بس انا متوتر اوي ومخنوق اوي ‘‘ حاسس ان الحيطان طبقه علي نفسي مش قادر اتنفس كأني متكتف ‘‘ ومش قادر ابعد عن دماغي فكرة اني انا خلاص عمري هيضيع في السجن بسبب حاجة انا معملتهاش
رؤوف بألم ولكن حاول ان يخفف عن ولده : شوفي ياخالد انا حاسس بيك ياابني ‘‘ انا لما سبت المكان الي اتربيت فيه وعشت فيه عشان انجو بحياتك انت واخواتك ‘‘ حسيت بكسرة نفس صعبة اوي ياابني ‘‘ حسيت اني اضعف من النملة ‘‘ فضل الاحساس ده ملازمني 5 شهور بعد ما روحنا الكفر مع عم رفيق
بس والله ياابني ربنا عوضه حلو وخير اوي ‘‘ زي ماقولتلك ابن عم عمك رفيق وقتها كان رجع من بره معاه قرشين واشتري حتت ارض جنب الورشة المطرفة في البلد الي قولتلك عليها ‘‘ ولما عرف الي حصل معايا انا ورفيق هو الي جاتله فكرة انه يشتري الورشة واهي كده كده جنب ارض وخليل طبعا لو سال الف واحد مش هيعرف يكشف الموضوع ‘‘ وقتها ياابني حسيت اني هغامر مغامرة مجنونة لان الورشة كان مهجورة يعني هحط فيها كل الي حيلتي ..
بس كلمة من امك علي تضحيتها هي والست ام مصطفي بالصيغة الي فضلت معاهم ‘‘ علي كلام عمك رفيق اقتنعت و نفذنا والحمدلله ربنا اكرمنا والله بيها اخر كرم وجت علي وشها هند ‘‘ وانا طبعا كنت شغال بعيد عنها عشان اصرف عنين خليل عن اي حاجة تخصني ‘‘ ومرت ايام ووراها سنين ورجعنا تاني بيتنا بعد ماقربت انت تدخل ثانوي عام ‘‘ اكيد فاكر ‘‘وفضلت برده الورشة دي مع شغلنا مع عمك شعبان عليهم عامل كبير اوي اوي في اننا ننجح وننكمل تاني ونوصل للي وصلنا له ده . وطبعا خليل كان مبسوط اوي لانه كبر واتغني اكتر ومن وقت والتاني كان بيرزل علينا بس احنا الحمدلله كنا قدها ..
الخلاصة ياابني متخليش حاجة تحبطك ولا تقلل عزيمتك ‘‘ ازعل وماله انت بني ادم برده ‘‘ بس اوعاك في يوم تفكر انك تستسلم .
كان خالد يستمع الي والده بتأثر ‘‘ كم شقي هذا الرجل من اجلهم ‘‘ لأجل ان يصنع لهم مستقبل جيد ‘‘ وخليل الحقير لم يدعهم بسلام ‘‘ كم يتمني احراقه حيا حتي يري العذاب الاليم ‘‘ ولكنه كان يعلم ان ربك لبالمرصاد وان يومه ونهايته باتت قريبه …
*************
في مكتب خليل
فزع برعي حينما رأي سمير وهو حامل سلاحه الناري يوجهه اليه مما جعله ينتفض
خليل من الطرف الاخر : انت يا برعي الزفت ايه رحت فين في حاجة حصلت عندك
ومن شدة عصبيته علي الهاتف كان صوته مسموعا لسمير ‘‘ الذي اشار له ان يرد علي ابيه كأن شيئا لم يكن ..
برعي بصوت مرتعش : ايوه ايوه يا باشا معاك ده الساعي دخل فجأة ينضف المكتب ففزعني ..
” اشار له سمير ان يفعل مكبر الصوت ونفذ برعي ”
خليل : مفيش فايدة فيك انا مشغل معايا شوية متخلفين ‘‘ هو انا كل مااجي اطلب منك حاجة هتفضل تتخض كده ‘‘ ده انت صحيح جته علي الفاضي ‘‘ اسمعني لو سمير قطعك عارف يعني ايه قطعك اياك تقوله اني بكلمك مفهوم ..
سمير بحدة : متقلقش يا بابا سمير موجود وسامع كل حاجة ..
خليل بصدمة : سمير .. سمير .. انت بتعمل ايه عندك
اقترب سمير من المكتب واشار لبرعي ان يبتعد و طلب من مصطفي حراسة الباب .. كان هذا بمثابة الانتحار لمصطفي ‘‘ الان فهم ما قصده سمير فهو امام عربة نقل بشرية متنقلة ان مرت من جانبه قد تدعسه ‘‘ ولكنه تشجع وطأمنه وجود سمير والشنطة التي تحتوي علي افضل انواع التعذيب البشري .
اغلق مكبر الصوت وحمل السماعة وبصراخ جعل الموظفين يجتمعوا عند باب المكتب
سمير : هو انت مش ناوي تتوب بقي وترحمنا خلاص معتش فيه حدود لشرك انا وكنت في لحظة ممكن اموت اموت وانا وسخ ‘‘ هدير مكنش حد عارف ايه ممكن يحصل لها ماهو كل الابواب متقفلة في وشها من القريب والغريب بس لمجرد انها بنتك ‘‘ امي الي اخدت شبابها وفلوسها وصحتها طلقتها ورميتها ورا ظهرك ‘‘ حتي امك المسنة مرحمتش ضعفها ‘‘ بس علي فكرة مش انت لوحدك الي بتعرف تلعب وتعرف تنتقم ‘‘ احب ابشرك انك رجعت لرصيدك في البنك القديم الي هو ميراثك من جدي فاكره كان كام ‘‘ لان امي لغت التوكيل العام واستردت فلوسها ومش بس كده لا افرح اكتر واتبسط بنتيجة شرك وجمعك للفلوس عماتي اخدوا حقهم من الارباح بتاعت السنين الي فاتت كلها ‘‘ وصدقني يا بابا مش ههدي الا لما خالد يخرج من الي هو فيه حتي لو كلفني حياتي ‘‘ مع السلامة لحد ما اقابلك قريب اوي …
خليل بإنفعال : سمير سمير
ولكن كان سمير قد انهي المكالمة ‘‘ ووضع سلاحه في بنطاله واقترب من برعي الذي تملكه الذعر من ما يدور حوله
سمير : لو متكلمتش وقولت كل الي تعرفه هفجر دماغك قدام الناس دي كلها ‘‘ وكلب زيك مش هاخد فيه يوم واحد سجن ‘‘
كانت عينا برعي زائغة لا يعلم كيف يتصرف ‘‘ لقد اصبح بين دفتي الرحا جنون سمير وغضب وبطش خليل و لكنه اثر الهرب الي ان تتضح الصورة ليظل بأمان ‘‘ دفع سمير بكل قوته مما جعله يصطدم بالمكتب ‘‘ واخرج من جيبه سلاح حاد اشهره في الهواء ‘‘ اخذ يلوح به كي يفسحوا له الطريق ‘‘ ولأن سمير سقط متألما اثر مصطفي الاعتناء به عوضا عن مواجهة برعي ..
***********
في منزل رؤوف
كانت هند منقبضة الصدر تشعر بإختناق شديد ‘‘ تتحاشي الجلوس مع الجميع ‘‘ تخشي ان يظهر عليها شيئا ‘‘ فأثرت التظاهر بالنوم في غرفتها ..
طرقات علي الباب شديدة ‘‘ تركض هدي وهدير ليروا من الطارق ‘‘ صرخت هدير لتخرج هند من غرفتها لتري سمير يتألم مستندا علي مصطفي ..
خرجت امه وعمته وحياة منزعجات من صرخت هدير ‘‘ لتنهار امه علي مااصبح عليه ‘‘ جسد ضعيف مريض وروح منهكة ‘‘ حاول الآبتسام و حاول ان يطمئنها ولكن خانته قدماه ليسقط مغشيا عليه ‘‘ وبعدها بلحظات تسقط هند ارضا هي الأخري ..
صمت وبكاء وعويل ودعوات تخترق السماء من والدتان جمعتهما ظروف قاسية حزينة ‘‘ طلبت منهم هدي الخروج وهي ستطمئنهم في حالة ان استفاق احدهم .. فالطبيب اخبرهم ان ما حدث حدث لسمير نتيجة عدم اخذه لفترة راحة كبيرة ‘‘ و ما مرت به هند اثر علي اعصابها مما ادي الي الاغماء ..
خرجت حياة تستند علي قدرية كلا منهم تواسي الأخري و تشجعها ان تتجدل .. ولكن كلا منهما تحتاج لمعجزة تجعلها تشعر ان القادم سيكون خيرا..