رواية عشت معاه حكايات
الفصول الرابع عشر
ركضت هند و هدي مسرعتين ‘‘ رفعت هدير رأس هدي واخذت تدلك لها جبتها في حركات دائرية ‘‘ واحضرت هند زجاجة عطر وقامت برش بعض منه علي يدها واقتربت من انف هدي ‘‘ التي بدأت تستعيد وعيها ‘‘ في هذه الأثناء كانت حياة تعد لأبنتها عصير
استعادت هدي وعيها لتجد نفسها ملقاه ارضا تتوسد حضن هدير و هند ‘‘ وامامها حياة تحمل كوب به عصير ‘‘ اما رفيق و رؤوف كانت صدمتهم وخوفهم اكبر من الجميع فهم يعلمون انهم سبب اساسي لما تمر به هدي و لكن عزائهم الوحيد غايتهم التي يسعون للوصول اليها
سالت دمعة من عين هدي لم وصلت اليه حالتها ‘‘ بداخلها الم كبير ‘‘ حاولت النهوض لتجد ان توازنها مختل ‘‘ استندت علي هدير وهند ‘‘ جلست علي فراشها ‘‘ وطلبت منهم الخروج و غلق الباب وعدم ازعاجها فهي تحتاج للراحة
حاولت هند البقاء جوارها ولكنها رفضت رفض شديد
لم تحتمل حياة البقاء بعيدا عن ابنتها خاصة في حالتها هذه ‘‘ لذا قامت بالدخول اليها و جلست جوارها ‘‘ توارت هدي عن انظار امها و استلقت ناحية اليمين ‘‘ ربتت امها علي كتفها و قبلت رأسها و دعت لها براحة البال و الصحة و تركتها وخرجت
ها يا ام خالد عاملة ايه دلوقت : قالها رؤوف
لترد حياة : والله ماانا عارفة ايه الي حصل لها بالظبط كانت زي الفل ‘‘ انا دخلت لقيتها نايمة محبتش ازعجها
رؤوف : احسن حاجة عملتيها هي لما تفوق هتبقي زي الفل يلا عشان نلحق شغلنا احنا يا رفيق
كان رفيق في عالم اخر يفكر في مصير ابنه اذا ما انكشفت حقيقة الامر لهدي و لكن انتزعه رؤوف من تفكيره
رفيق : يلا يا حج
نزلا سويا في طريقهما للورشة ‘‘ كان بداخل كلا منهما الف حديث و حديث ولكن الصمت كان سيد الموقف ‘‘ ما ان دخلا الورشة ‘‘ اتي اليهم احد العمال واخبرهم ان هناك عميل يريد التحدث مع رؤوف في امر هام ‘‘ تعجب رؤوف من هذا العميل و اي امر هام الذي يريده منه
في فيلا خليل
كانت قدرية تسترجع ذكريات حياتها مع زوجها ‘‘ تذكرت كيف كان يدللها ويعطيها مكانتها امام الجميع حينما كانت تمر بالمدبغة ‘‘ كيف كان يعامل والدتها حتي انه قام بتشجيعها علي الحج وبالفعل سافرت لقضاء الفريضة ‘‘ كان زوج مثالي جميع من يراه يحسدها عليه ‘‘ كل شئ كان جميلا هادئا ‘‘ الي ان اتي اليوم الذي تطاول عليها فيه ‘‘ حينما اخبرها احد العمال انه يقوم بعقد صفقات عمل مع منافسين والدها في السوق و هذا سيضر المدبغة كثيرا و يمكن ان يؤول الامر لغلقها ‘‘ فزعت قدرية مما سمعت لم تكن تعرف من تصدق زوجها الحبيب ام العم حسين اخلص عمال والدها ‘‘ ولم يكن يكتفي خليل ببيع الجلود والتنازل عنه في بعض الاحيان للمنافسين ‘‘ لا كان يترك لهم بعض المناقصات ايضا ‘‘ حسمت قرارها وستواجهه بالحقيقة
بعد ان عاد خليل من العمل و تناول العشاء ‘‘ اقترب من قدرية واخذ يعبث بخلصات شعرها الأسود و يقترب منها بين الاخر والاخر ليطبع لها قبلة علي خدها ‘‘وبعد وقت من عدم استجابتها لتدليله اليومي ‘‘ سألها
خليل : مالك يا قدرية فيكي ايه ‘‘ انتي تعبانه ولا حاجة
قدرية : لا سلامتك انا زي الفل ‘‘ انت طمني عن الشغل
خليل : عجيبة دي اول تسأليني عن الشغل هو انا مقصر في حاجة للبيت
قدرية مبتعدة عنه قليلا : لا ابدا بس سمعت انك بتتعاون مع اعداء ابويا الله يرحمه في السوق ومش بس كده لا كمان انت بتتنازل له عن طلبيات شغل ‘‘ هو انت عايز تهد الي بناه ابويا ولا ايه
خليل بسخرية : وهو انتي ابوكي كان بنا السد العالي يعني ‘‘ ولا عشان انا اشتغلت عنده بعد الزمن ما دار عليا
قدرية : تقصد بعد ما ضيعت كل الي عند ابوك و بعد ما ابوك غضب عليك ومات وهو غضبان عليك وبعدين انت بتتكلم معايا كده ليه ‘‘ انا سألتك سؤال ومحتاجة اجابة ‘‘ ايه دخل ابويا وابوك دلوقت ‘‘ ولا كلام الناس صح يا خليل ريحني الله يخليك
خليل بنفاذ صبر : واضح انك خلاص اتجننتي صح وواضح اني دلعتك زيادة عن اللزوم ‘‘ انتي نسيتي نفسك يا بنت بتاع الجزم ‘‘ تعرفي انتي ايه عني وعن ابويا ها ردي عليا
قدرية بألم : دراعي يا خليل سيب دراعي دراعي انتي ايه اتجننت خلاص
جاءها رده : صفعة قوية علي وجنتها جعلت تميل من مكانها وتسقط علي مقدمة رأسها مما أفقدها الوعي
أخذ خليل يصرخ عليها يعطيها ظهره : انا خليل شرف الي كنت بلعب بالفلوس لعب ‘‘ تيجي انتي تعايريني ‘‘ وكمان بتحاسبيني 3 سنين شغال بايدي وسناني عشان افضل اكبر شغل ابوكي ‘‘ خلاص زهقت ده مش كاري ولا انا عاوزه ايه مينفعش ان ابدأ شغل احبه ‘‘ مش كل الي يهمك فلوس ابوكي تكبر والخير يعم عليكي وعلي بيتك ‘‘ انتي مبترديش عليا ليه يا قدرية
التفت ليجدها غائبة عن الوعي ‘‘ حملها ووضعها علي الفراش و دثرها و اتي بزجاجة عطر اخذ يرش بها حول انفها ولكنها لم تفق ‘‘ فتح باب المنزل واخذ يصرخ كي ينجده احد و لحسن الحظ كان هناك طبيب في البناية المقابلة لهم
وبعد وقت ليس طويل
انهي الطبيب الكشف علي قدرية التي كانت تبكي بكاء هستيري بعد ان اخبرهم الطبيب انها حامل ‘‘ اما عن خليل كان في غاية الفرح ‘‘ شكر الطبيب وقام بإيصاله للخارج
اخرجها من ذكرياتها رنين هاتفها ‘‘ جففت دموعها وقامت بالرد علي الاتصال
قدرية : الو استاذ شاكر ازيك عامل ايه ‘‘ طبعا طبعا يشرفوا اهلا بيهم في اي وقت ده بيتها واحنا الي ضيوف عندها ‘‘ ممكن اطلب منك طلب معلش ‘‘ ربنا يخليك طبعا انت اكتر من اخ ‘‘ طبعا حضرتك عارف استاذ سامي محروس محامي والدي الله يرحمه ‘‘ اه اه انا عارفة انه اتوفي من سنة وابنه الي ماسك المكتب مكانه ‘‘ هستأذنك بس توصله وهيديك اوراق مهمة اوي ياريت تاخدها منه وتخليها عندك ‘‘ اشكرك يااستاذ شاكر ‘‘ ان شاء الله في انتظاركم
ابقي وريني يا خليل هتعمل ايه بقي بعد ما تعرف الاخبار السعيدة دي
انهت المكالمة مع شاكر و اخذت تبحث عن رقم اخر الي ان وجدته ‘‘ اتصلت و انتظرت الرد
في ورشة الحج رؤوف
رؤوف يرد علي المكالمة الهاتفية : الو ايوه ‘‘ صحيح الي انا عرفته اه ‘‘ اسمعني بس و متتضايقش اوي كده ‘‘ لالا متشغلش بالك هتبقي زي الفل انت بس اختفي خالص ومتظهرش غير بليل زي مااتفقنا ‘‘ خلاص بقي الله اسمع الكلام يلا سلام
ضحك رؤوف واخذ يتمتم : والله الحب بهدلة بصحيح ‘‘ ربنا يسعدكم يا ولادي
في المشفي
غادر سمير وخالد المشفي واصر سمير ان يذهب للبيت القديم و قام خالد بتوصيله ‘‘ اتصل خالد علي المنزل وعلم ما حدث لهدي ‘‘ مما جعله يقلق كثيرا ويتوتر‘‘ لاحظ سمير توتره فبادر بسؤاله
سمير : خالد في حاجة في البيت عندكم ‘‘ هدير عمله ازعاج ولاحاجة ممكن نعدي عليها دلوقت وناخدها
ضحك خالد : ياابني ايه الي انت بتقوله ده ‘‘ متقلقش يا سيدي هدير الجماعة متمسكين بيها جدا ‘‘ بس اختي تعبانه شوية
وقف سمير في مكانه قائلا بصوت مرتعش : هند
نظر له خالد بإمعان : لا يا سمير مش هند
‘‘ راقب ملامح وجهه وجدها تغيرت واصبحت اكثر ارتياحا ‘‘ فاستكمل حديثه ‘‘
خالد : دي هدي ‘‘ اغم عليها فجأة مع انها كانت كويسة وكانت رايحة تستلم شهادة التخرج بتاعتها ‘‘ ومش بس كده لا كمان مصطفي هيسافر فجأة انا بجد مش عارف ايه بس الي بيحصل لنا
اطرق سمير رأسه في الارض خجلا : اسف يا خالد بجد
ربت خالد علي كتفه : متقولش كده يا سمير ان شاء الله كل حاجة هتبقي كويسة ‘‘ بس يلا ناخد تاكسي احسن عشان اوصلك واروح اشوف المجنون الي عايز يسافر فجأة ده ‘‘ وارجعلك عشان اعرف سبب خوفك لما سمعت ان اختي اغم عليها
ابتسم سمير وعبث بخصلات شعره : ماشي يا خالد يلا بينا