رواية زنزانة 313

  1. الفصل الأول

” بــســم الـلــه الــرحـمـن الرحـيـم”

“خمسه… اربعه… تلاته… اتنين… واحد”

تبعها صيحات المتخرجين حديثاً وهم يقذفون قبعاتهم في الأعلى فرحين بتخرجهم بعد دراسه لأكثر من ستة عشر عاماً.

بدأت ضحكاتهم بالصعود عالياً وتوجهت عدسات الكاميرا لتلتقط لهم العديد من الصور التذكاريه.
دقائق وبدؤ بالهبوط شخص تبعه الأخر ثم تبعهم هبوطها هي وصديقاتها وهم يضحكون بفرح.

أشارت لها صديقتها وهي تردف بصوت عالي نسبياً

– لين باباكي جه هو وجدك

” لين شريف فتاه في منتصف العقد الثاني من عمرها ذات شعرٍ غجري طويل نسبياً وجسدٍ ممشوق تعتبر من أهم طلاب الجامعه نظراً لمركز والدها وعائلتها منذ القدم تخرجت بعد دراستها للطب النفسي القسم الجنائي بعد إلحاح كبير الي والدها كما تعيش مع ابيها وجدها بعد انفصال والديها ”

التفت لين بابتسامه متسعه وهي ترا عدسات الكاميرا تتسلط على والدها مباشره بينما تقدم كل العاملين بالجامعه بمصافحته ابتسمت لين بسخريه فـ بالطبع يريدون التودد لوالده بسبب منصبه كم بغضت كونها ابنة ” الوزير”.

استأذنت صديقاتها لتتجه الي جدها الذي تقدم عن والدها بخطوات كبيرة وهو يضمها ماسحاً على شعرها الغجري المنفوش

– الف مبروك يا دكتورة

ضحكت باستنكار وهي تعيد شعرها للخلف

– الله يبارك فيك وبعدين دكتورة مرة واحده يا جدو؟

اومأ وهو يؤكد على حديثه مردفاً

– وست الدكاتره كمان عندك مانع!

– هنتناقش فـ الموضوع ده بعدين بس انا مش قولتلك متتعبش نفسك ومتجيش

قالتها بعتاب خفيف فـ هي تعرف حالة جدها الصحيه ليردف بتأنيب

– عينك كانت بتقولي العكس يا ليو

ابتسمت عقب دلعها “ليو” لتردف بابتسامه حرجه

– ديه حقيقه فعلاً كنت عيزاك معايا بس مقدرتش اقولك عشان انت كنت تعبان

ليردف هو بخبث وهو يلكزها

– ايوة انا فعلاً مش جاي عشانك جاي عشان اشوف البنات الحلوين اللي هنا تعالي قعديني فـ. حته اعرف اشوف كويس البنات

– بنات يا جدو!! اه قولتلي بقى شكرا يا عزام شكراً يـا رجوله

أطلقت تنهيده ضيقه وهي تنظر إلي والدها من خلفه واردفت بضيق هامسه

– هو سيادة الوزير نسي انو جاي حفلة تخرج بنتو ولا ايه؟

كأن عزام قد شعر بما تريد أن تقوله ليهتف وهو يحاول التخفيف عنها

– مش عارف ليه الدكاتره بقى معندهمش ذوق ازاي يتلموا على واحد جاي حفله تخرج بنتو

– جـــــدو!!

قالتها لين وهي تنظر له باستنكار فـ هي تعرف مغزى حديثه تعرف كم يحاول تحسين صورة والدها أمامها واعطائها الاهتمام بدلاً عنه هي تحب أنتباهه لها
ولكن ماذا عن والدها

– مبروك يا لينو أحلى واحده تتخرج السنادي

ابتسمت لين وهي تلتفت لتجد صديقتها المقربه تتعلق بـ ذراع زوجها بابتسامه
بينما ابتعدت الأخره عن زوجها لتلتقف لين في أحضانها مردفه

– كنت فكراكي مش هتيجي

– هو يعني عشان انا فـ جامعه وانتي فـ جامعه مش هعرف ومش هاجي لا يا حبيبتي انا جيت وجايبه معايا حضره الضابط عشان يقبض عليكي بتهمه انك معزمتيناش

ابتسمت لين لتظهر أسنانها بحماس وهي تردف

– ياااه سيادة المقدم بنفسو فـ الحفله بتاعتي لا ده انا هبدأ اتغر

ابتسم “علي” وهو يردف بغرور معدلاً ياقة قميصه

– مش عارف من غيري هتعملوا ايه

ليرفع “عزام” عكازة وهو يضربه بخفه

– جرى ايه انت هتسوق فيها يـا ولد

ثم نظر الي صديقة حفيدته ليردف بعتاب وهو يشيح بوجهه

– وانتي خليكي معاه ها من وقت ما كتبتو كتابكو مبقتيش تجيلي البيت وتقعدي معايا

مّثّل علي الصدمه وهو يردف لـ حبيبته بصدمه

– انتي تعملي كده يا رندا تروحي لبيتو

هزت لين رأسها مستنكره وهي تردف

– تروح البيت وبس ديه كانت بتأكلو فـ بوقو يا حضره الضابط

– الله الله جرا أيه يا جدو ده انت حبيبي

قالتها رندا وهي تضع كفها فـ عضده لتكمل بصوت منخفض

– هأكلك رز بلبن استر عليا بقى ابوس ايدك

– مبروك يا لين يا حبيبتي

قالها والدها عقب ان ابتعد عن الحضور ليضمها الي صدره بحنان مكملاً

– I am proud of you (انا فخور بك)

ابتسمت لين بهدوء وهي تقبله بحب

– شكرا يا بابي

مد يده ليخرج من جيبه علبه مخمليه باللون الفيروزي لتبتسم لين عندما وجدت والدها يخرج سلسالاً ألماسياً واقترب ليضعها في عنقها لتناول صديقتها ورقتها لترفع هي خصلاتها الغجريه للأعلي بينما شبك والدها العقد من الخلف ليردف عزام وهو يرفع عينيه بفخر

– وانا قررت اعزمكم على أفخم مطعم فـ مصر

…………………………………..

مــــحــــكــــمــــــه

نطقت بتلك الكلمه ليتردد صداها فـ قاعه المحاكمه ليدلف القاضي ومعه المستشارين ليقوم الحضور بالنهوض أحتراماً

– يا رب نچي ولدي يا رب

قالتها احد السيدات وهي تمسح عبراتها بـ جلبابه الأسود ليسكت الجميع منتظرين الحكم
تنهد من هو خلف الزنزانة هو أخطأ وقع ضحيه لتلك المؤامرة

– يا رب مكنش برضايا كنت مغيب انصرني يا رب

طرق القاضي بـ مقبضته عدت طرقات لـ يصمت الهامسون ولينتبه له الجميع ليعلن عن حكمه

– حكمت المحكمة حضورياً على المتهم بدر خالد البديوي بالسجن لمده خمس سنوات مع الشغل والنفاذ

رفع المطرقه وهو ينهض مكملاً

– رُفِعت المحكمه

تعالى عويلها عقب ان فقدت أبنها الوحيد بينما بدأ هو تنفسه يزداد بقوة حاول السيطره على ضربات قلبه وهو يكمل

– الحمد لله الحمد لله خمس سنين احسن من مؤبد الصبر من عندك يا رب

قالها وعينيه موغرقه بالدموع لينظر الي دموع والدته التي هبطت ليحرك شفتيه مكملاً

– سامحيني يا أمي سامحيني

……………………………

– طب و ناويه تعملي ايه بعد التخرج؟

قالها علي وهو يضع فنجان القهوة على المنضده لترفع لين كتفيها بعدم معرفه مردفه

– بص معرفش هو العميد قال ان انا وكام حد من زمايلنا لو عايزين نطلع شغل هو مجهز كل حاجه

– طب انتي عارفه ان انتي لو جيتي تشتغلي هتدربي فـ السجن اللي انا فيه

– بس هي مش هتشتغل يا علي

قالها والدها “شريف” وهو يتجرع مشروبه الساخن لترد لين بحنق

– ليه يا بابا انا مش هضيع عمري فـ الدراسه وبعدين

وضع مشروبه على الطاوله وهو يردف بجديه

– رامي هيجي يتقدملك بكره وانا موافق وانتي فضلتي تاخدي الدراسه حجه واديكي خلصتي فـ ركزي فـ سنة الحياة شوية

– يا بابـ…

قالتها ولكنه قاطعها وهو ينظر لـ ساعته ناهضاً عندما وجد الأعتراض على شفتيها

– انا عندي إجتماع وزاري فـ الوزاره نبقي نتكلم فـ البيت

غادر وتركها ترك حديثها جرح قلبها دون ان ينتبه كادت ان تدمع عينيه ولكنها تماسكات صبراً صبراً قليلاً

– انا هكلموا يا لين متقلقيش

قالها جدها بجديه فـ بالتأكيد لن يرد كلمة والده لتملس صديقتها على كتفها بحنان
ثوان وظهر صوت هاتفها وهو يرن مرة تلو الأخره نهضت بضجر وهي تمسك الهاتف

– عن اذنكم ديه ماما

وقفت عند أحد الأسوار التي كانت تطل على مياة النيل لترد بهدوء

– مرحبا أمي

قالتها بـ اللهجه التركيه فـ والدتها من الأصول التركيه فقد تزوجت والدها عندما كان في بعثه لـ “تركيا” ليتزوجا هناك ثم جائت هي لتبدأ المتاعب والصعاب في المعيشه فـ والدها يريد العوده لـ بلده الأم و والدتها ترفض فـ اضطروا للإنفصال وبقت هي مشتته سنين فـ تلك الدوله وسنين فـ تلك
حتر قررت دراسه أخر مراحلها فـ مصر لصديقاتها

– علمت من مواقع التواصل انه يوم تخرجك مُبارك عليكِ صغيرتي

ابتسمت بخفه وهي تقوم بـ لوي خصلتها على أصبعها

– شكراً لكِ أمي حقاً اشتقت لكِ للغايه

تغيرت نبرة والدتها لتتحول للـجديه الصارمه مردفه

– هذا ما أتصلت لـ أجله

دعت الله في داخلها ان يستر من تغير نبرة والدتها لتردف بخفه

– ماذا هناك يا أمي؟

– لين بنيتي لقد أصريتي على ان تدرسي بـ مصر المرحله الجامعيه كامله ولم أرك السنين الماضيه سوف أرسل لكِ دعوه لتعيشي معي هنا

– أمـــــــــــــــي

قالتها بضيق شديد لتردف بحزن متابعه

– لا أريد المجئ لـ تركيا أريد ان أتوظف هنا ولا أريد ان أتزوج بـ ذاك الأحمق الذي أحضره والدي أريد أن أعيش حياتي كما يحلو لي لقد انفصل كل منكم وأصبحتم تصنعون ما شئتم فـ حياتكم هل تركتوني أصنع ما شأت فـ حياتي آرجوكم

كان صوتها شبه مرتفع ليصل لهم ولكن لم يفهما ما تقوله بسبب لكنتها التركيه لتردف رندا بضيق

– شكلها بتتخانق مع مامتها

تنهد عزام وهو يردف بضيق

– وقعت بين اتنين كل واحد عايز يبين للتاني انو واخد بالو منها وهو ميعرفش عنها حاجه

ليرن هاتف “علي” ليضغط على زر الإغلاق

– كان نفسي أقعد معاكو بس عندي مأمورية ولازم أمشي يلا يا رندا أوصلك قبل ما امشي

حملت حقيبتها وهي تردف

– اوكيه عايز حاجه يا جدو هجيلكم بليل انا عازمه نفسي على العشا عندكو

ابتسم لها وهو يردف بترحيب

– تنوري يا بنتي

أما على الجهة الأخرى صرخت والدتها بحده

– ماذا قولتي لين؟ هل أحضر لكِ أباكِ رجلاً لتتزوجيه لن اسمح له ولن أوافق فـ لن ادعكي تكررين خطأي منذ سنين

جمعت الهواء في رئتيها بعنف وأطلقته مردفه بحده

– حسناً امي لتسمعي ما يمليه علي عقلي لن أتزوج بذلك الأحمق ولن أتي لـ تركيا سـ أقوم بأداء وظيفتي بدءاً من الأسبوع القادم

قبل أن تعارضها والدتها أردفت وهي تبعد الهاتف

– عفواً امي ولكن جدي يناديني وهاتفي سوف يطفئ وداعاً

أغلقت الهاتف ثم عادت لـ جدها وهي تتسائل باستغراب

– رندا وعلي فين؟

– علي عندو شغل و رندا راحت معاه

– ماشي

كانت عينيها تدور في جميع الإتجهات مانعه دمعها من النزول ويديها تلعب بالملعقه كي تخفي توتر أعصابها ربت على أكتافها فهو يعلم ما تمر به لتردف بضيق

– يعني يا جدو هما يتطلقوا وكل واحد يعيش حياتو زي ماهو عايز وفـ الاخر كل واحد عايز يعمل فيا اللي هو عاوزو يعني بابا عايز يجوزني رامي ده وماما بتقولي هابعت أخدك عندي واعيش هناك

– اول حاجه موضوع رامي محدش هيحكم فيه غيرك انتي اللي هتتجوزي

أنزلت رأسها للأسف بيأس

– بس بابا موافق عليه وهو التاني من اول ما أتخرجت من الثانوي وهو لازق فيا وباباه صاحب بابا فـ الموضوع محتوم

– يا بنتي لو عاجب ابوكي خليه يتجوزو هو متخافيش انا جنبك

ضحكت بخفه على دعابته وهي تعيد خصلاتها للخلف مردفه

– انت بتهزر يا جدو

– اضحكي يا حبيبتي محدش واخد منها حاجه

…………………………

error: