رواية إمبراطورية الملائكة بقلم/ياسمين عادل
<< إمبراطورية الملائكة >>
الفصل السادس والعشرين :-
منذ أن علم بوجود حبيبته ذات الرأس العنيد وزوجتهِ المصون “رفيف” بالقصر.. وهو على غير حالته ، انشرح صدره وأكل الدرج بسرعته أثناء الصعود.. وقف أمام غرفة الجد يلتقط أنفاسه، ثم هندم ملابسهِ وطرق الباب قبيل فتحهِ والدخول منه.
لم تلتفت “رفيف” لتتأكد من وجوده، فـ طرقاته المميزة تعرفها جيدًا..
فقط كتمت أنفاسها لحظات لتحافظ على تماسكها المختل قليلًا ،ثم بدأت تتنفس بهدوء وهي تجبر نفسها على إبراز طبيعيتها.. وقف “رائد” قليلًا وعيناه مسلطتان عليها وهي توليه ظهرها وجالسة بالقرب من الجد.. ليردد “عادل” وهو يبتسم بتفاؤل :
– لسه كنا في سيرتك يارائد، جدك عايز يحدد معاد الفرح ورفيف معندهاش مانع
ثم غمز بعينه غمزة ذات مغزى لا يفهمه سوى”رائد”.. بينما تجهمت ملامح الأخير وهو يذكر تشددها هذا الصباح بهذا الشأن ورفضها الغير قابل للإستسلام.. لم يكن في وضع يسمح له بالتفكير مطولًا، لذا قاطع صمتهِ ودخل.. اقترب من فراش “فاروق” و :
– أزيك دلوقتي ياجدي؟
فباغته بإبتسامة أعقبها بـ :
– بخير يابني، أنا مرضيتش أحدد غير لما تيجي بنفسك
انتقلت نظراته الفضولية إليها.. لكنه ابترع التمثيل وهو يفتح فمهِ بإبتسامة عريضة متسائلًا :
– زي ما رفيف تحب ، تحبي أمتى ياحببتي؟
فأجابت على مضض :
– اللي تشوفه ياحبيبي
ارتفع حاجبيه عاليًا بشدوه مما أصابها، ولكنه استطاع تخمين السبب وراء ذلك.. ربما خشيتها من تدهور حالة “فاروق”.
طالعته “فريدة” بنظرات غريبة وهي تردد :
– ها يارائد، فكرت في معاد؟
فأجاب بسرعة :
– هشوف موضوع حجز القاعة وهما يحددوا اليوم المناسب، بس هيكون في أقرب وقت ان شاء الله
ثم داعب خصلات شعر زوجته متنعمًا بملمسها وعدم قدرة الأخيرة على صدّ جرأته.. وتابع متلذذًا :
– عشان الحلم يتحقق وجدي يطمن
تحاملت على نفسها كي لا تدفع ذراعهِ عنها.. وامتثلت لهذا الهدوء المزيف لحين الإختلاء به، فهي تعاهدت مع نفسها أن تذيقه ألوان العذاب جراء فعلتهِ الآثمة في حقها.. خرجا سويًا ليقوم بمهمة توصيلها، وهو محاوطًا كتفها بذراعه..
وما أن أغلق الباب حتى دفعته بإنفعال عنها وهي تهتف بخفوت :
– أبعد عني، انت صدقت ولا إيه!
ابتسم “رائد” بإستخفاف :
– انا برضو قولت في حاجه مش مظبوطة.. إيه اللي شقلب حالك كدا في كام ساعة!
رفعت رأسها بعجرفة تماثل عجرفته أحيانًا، ثم نطقت بـ :
– أوعى تفتكرني نسيت وحنيت وهرجعلك.. انا عملت كدا عشان خاطر عمي فاروق بس، عشان مكونش سبب إنتكاسه “تفاقم” ليه
فـ سخر قائلًا :
– فيكي الخير، عايزة تقولي إننا هنمثل عليهم مثلًا ؟
فعقدت ساعديها أمام صدرها و :
– بالظبط
انحنى برأسهِ قليلًا ليوازي قصر قامتها، ثم لمس وجنتيها بأطراف أنامله وهو ينطق بثقة بالغة :
– ما بلاش يا أوركيدا تدخلي عند معايا انا!.
فـ ابتعدت برأسها وهي تدفع يدها عنه، ثم رددت :
– كفاية غرور ، مش هتوصل للي انت بتفكر فيه مهما حصل
فـ أفتر ثغرهِ بإبتسامة صغيرة و :
– هتندمي ياروحي
ضاقت عيناها بتحدِ ليست على ثقة بفوزهِ وهي تقول :
– انت اللي هتندم
– هنشوف
ثم ألصق شفتيهِ بغرة رأسها ليطبع قبلة خاطفة.. وقبل أن تشنّ هجومًا عليه كات قد ابتعد عنها و :
– يلا بينا
استبقت خطواتهِ بعجلة وهبطت الدرج بخطى سريعة.. لترى من مسافة تقدم “برديس” التي تستند على ذراع “ناهد” وتسير بتعرج.. توقفت لتفحصها بنظرات سريعة، حينما هرع إليهم “رائد” يتسائل بذعول :
– بـرديـس! حــصلك إيـه انا سايبك الصبح كويسة
فتدخل “عاصم” بدوره ليجيب بحزم :
– اتعرضت لحادث بسيط وهتبقى كويسة
– حادث إيه وإزاي ؟
“ناهد” وهي تتعجل في الحوار لإنهاءه :
– موتوسيكل خبطها وهي بتعدي الطريق
دنت منهم “رفيف” وهي تردد :
– سلامتك ألف سلامة
لم تجيبها “برديس”.. تطلعت إليها بإحتقان ثم أشاحت بصرها وهي تهتف :
– طلعيني يامامي مش قادرة أقف على رجلي
وساندتها والدتها بإتجاه المصعد الكهربي كي لا تُجهد حالها بالدرج.. في حين انتبه “رائد” للضيق الذي اعترى وجه “رفيف”، فبادر قائلًا :
– متزعليش يارفيف، هي بس آ…
– متبررش، انا أصلًا مش هقعد كتير في العيلة دي عشان أسس علاقات واخليهم يحبوني ، فـ عادي يعني
ثم مضت نحو البوابة.. كور “رائد” قبضتهِ بضيق جلي وهو يتطلع إلى خطاها السريعة، ثم غمغم متبرمًا :
– بكرة تندمي على كل دقيقة فكرتي فيها تبعدي عني
………………………………………………………..
وبعد أن ابتلع “عماد” المياه.. ترك الكوب فارغًا ونظر لزوجتهِ بإرتياح وهو يردد :
– انا كدا مرتاح، لما رائد قالي سيب الموضوع عليا وانا هتصرف كنت واثق إنه هيعدل دماغها ويخليها ترجع عن قرار الطلاق
اهتمت “درية” بتناول حبات الرمان الطازج وهي تنظر لشاشة التلفاز أثناء السماع لحديث زوجها.. تنهدت بعدم رضا ثم قالت بفتور شديد :
– وانت كنت مصدق إن بنت الأجنبية هتسيب جوازة زي دي!!.. دول شويتين بتعملهم علينا وعلى جوزها عشان يمسك فيها أكتر
ثم ذمت شفتيها بحنق و :
– مش سهله زي امها.. ياريت مروة كانت طلعتلها بدل ما هي موكوسة وحظها مايل كدا
عقد “عماد” حاجبيه بإستهجان لتفكير زوجته، ثم هتف بـ :
– ما تعدلي لسانك بقا يادرية، وبلاش تملي دماغ البت من اختها دا نصيب وكل واحدة هتاخد نصيبها
أحضرت “ندى” صحن من الفاكهة المقطعة.. ثم وضعته على المنضدة الصغيرة وبدأت تتناول منه أثناء مشاهدة التلفاز :
– بابا علي الصوت شويه الفاصل خلص
استجاب “عماد” لرغبتها، بينما سلطت هي تركيزها على التلفاز أثناء التناول.. حتى استمعت لصوت إشعار جديد على هاتفها، فنظرت للواجهة.. ثم تبدل حال وجهها..
ابتلعت ما تلوكه من طعام، ثم نهضت عن جلستها بهدوء ووقفت في ساحة الصالة.. فتحت تطبيق المحادثات الشهير “واتساب” ثم قامت بكتابة رسالة ردًا على “عادل”.. كانت تضحك ببلاهة وهي تكتب له :
– آه صاحية ، عامل إيه
ثم انتظرت بتلهف غريب وهو يدون الحروف ليرسلها :
– أنا بخير جدا، استريحت شوية بعد ما ضمنت إننا ممكن نصلح بينهم.. شكرًا عشان ساعدتيني النهاردة نقنعها تيجي معايا القصر
– على إيه، رفيف أقرب واحدة ليا في الدنيا وانا يهمني سعادتها.. وفرحت جدًا لما عرفت إنها وافقت
– هو انا ينفع اشوفك تاني؟
ملأ التخوف والتردد صدرها عقب هذا الرسالة، فكرت مليًا.. فوجدت حالها ترد بـ :
– آه ممكن
اتسع فمهِ بإبتسامة سعيدة وهو يكتب لها :
– خلاص هنبقى نتفق سوا على معاد ، أو ممكن اجيلك الجامعة.. أنا صحابي كلهم هناك وساعات باجي اشوفهم
– اتفقنا
استمعت لصوت “درية” وهي تصيح :
– يابت ياندى ، روحتي فين تعالي شوفي بنت الجزمة عملت إيه في صاحبتها
توترت “ندى” وهي تغلق الهاتف وتضعه بجيبها، ثم دخلت وهي تردد :
– آآ.. جايه، جايه اهو ياماما
………………………………………………………..
لم يقوَ على منع نفسهِ من هذه العادة الآن.. وخاصة في حالة الهياج الفكري المسيطرة عليه منذ الصباح.. وقف “طارق” يُدخن بشراهة گعادتهِ ويطلق دخان صدره في الهواء عبر النافذة المفتوحة.. بينما زوجتهِ راقدة بمحلّها في الفراش، تجاهد لمنع نفسها من التأثر بهذا الدخان الذي يؤثر سلبًا على صدرها.
تحرك “طارق” ليدعس صبابة سيجارته بالمنفضة ، وقبل أن يهمّ لإشعال أخرى تفوهت “برديس” قائلة بإنفعال وقد خالج السعال صوتها :
– كــفايه خنقتني، كفاية
انطلقت نظراتهِ الملتهبة صوبها، وهو يعاني محاولات كبح غضبهِ كي لا تطالها شظايا إمتعاضهِ.. ولكن طال صمته وصبره ولن يطيق الأكثر بعد الآن.
مضى صوبها بخطى بطيئة وهو يسأل بإحتدام :
– بتحبيـه ؟.. صح؟
توقفت عضلات لسانها توًا، وبقيت ناظرة لهذا الشر المختبئ في نظراته والذي ينتظر إجاباتها ليفتح براكين الحميم عليها.. لم تجيب، فـ أشعلت في صدره نيران الغيرة أكثر.. ليطيح بالمزهرية بإنفعال أعمى وهو يهدر بـ :
– ردي عــــــلـــيـــــا
اقترب منها أكثر وقد تأكدت أنه الآن بالفعل أعمى ، حتى أصبح بينهما سنتيمترات وهو يهتف :
– كنتي في حضني وقلبك معاه ، مش كدا ؟
استجمعت فتات تركيزها المشتت وهي تجيب :
– فعلًا كنت بحبه، لكن مجرد ما اتجوزتك نسيت الموضوع دا
دققت النظر بداخل عيناه المتقدتان وتابعت :
– أنا عمري ما هخونك ياطارق
زمجر عاليًا وهو يطيح بكل ما على الكومود بعصبية مفرطة :
– عـــــــــاااااااااااا
ثم قذف كأس المياه الفارغ ليرتطم بالحائط ويسقط قطعًا صغيرة.. انكمشت على نفسها وغطت وجهها لكي لا ترى ما يحدث من دمار شامل للغرفة، حتى استمعت لصوت صفع الباب صفعة مدوية.. انتفض جسدها على أثرها ونظرت بعيون متراقصة من شدة الفزع.. وقد اعترتها حالة بكاء صامت وهيستيري استمرت معها لساعات، حتى أن الألم انتشر في أنحاء جسدها ورأسها بالأخص.. هي لن تفوز بـ “رائد” في كل الأحوال، لذا كان عليها التخلص من عبئ هذا الإعتراف الخطير.. بقيت تعاتب حالها لتهورها الذي قادها لهذه الحالة المزرية ، ولكن بماذا يفيدها العتاب واللوم.
……………………………………………………….
— بعد مرور يومان.. وفي صبيحة اليوم الثالث.
أغلقت “رفيف” آخر حقيبة عقب أن ضبت الأغراض بها.. ثم أنزلتها عن الفراش وانتقلت بها للخارج وهي تردد ببعض الجمود :
– دي آخر شنطة ياعمي
التقطها “عماد” منها ثم ناولها للعامل الذي يقف قرب باب الشُقة.. ليهتف “رائد” :
– في حاجه تانية عايزين تنقلوها الشقة ياعمي ؟
فـ تدخلت “درية” قائلة :
– آه ،الصيني والكاسات و….
فقاطعها “رائد” مبررًا :
– لالا الحجات دي ملهاش لزوم خلاص، الشقة مش ناقصها غير رفيف وبس
ثم انتقلت عيناه إليها يرمقها بإشتياق، حينما أخفضت هي بصرها هروبًا منه كي لا يلتفت الإنتباه إليهما.. فـ تنهد “عماد” بعدم اقتناع و :
– اللي يريحكوا يابني، أنا كنت مجهز التلات بنات زي بعض، بس طالما انت جيبت كل حاجه خلاص الموجود مش هيخسر.. بس ليه يابني قدمت الفرح أوي كدا ؟
– مفيش أماكن للحجز أصلًا ياعمي، أنا لقيت يوم فاضي بالعافية.. كل الفنادق خلصت حجوزاتها من زمان، عشان كدا وافقت بأقرب يوم فاضي وإلا كنت هستنى بعد شهر ٤ كمان.. يعني ٥ شهور!
فبادرت “ندى” بتحمس زائد :
– لأ وعلى إيه، كدا كويس جدًا
نهض “رائد” عن جلسته وهو يترك كأس مشروبه البارد كاملًا و :
– أستأذن انا
فنظر “عماد” للكأس المملوء وقال بإستنكار :
– ليه كدا يابني حتى العصير مكملتوش
– معلش ياعمي اليوم النهاردة مليان بالنسبالي.. سلام
كانت “رفيف” قد ولجت لحجرتها منذ لحظات، فتحت النافذة الخشبية وطلت برأسها لتنظر إلى هذه العربة التي تقل حوائجها وملابسها الجديدة لمنزل الزوجية الذي ستسكنه بعد أيام.. وإذ به يظهر وهو يرتدي نظارته الشمسية الرمادية، ثم يستقل مقعد القيادة ويسير في طريقه..
جال بخاطرها العديد من التصورات حول ليلة زفافها ، الليلة التي لطالما حلمت بها وتمنتها.. لو كان الظرف مختلف لـ كانت أسعد الفتيات الآن ، انتبهت لوجود “ندى” التي تحاوط ذراعيها وهي تردد :
– أنا مبسوطة عشانك أوي يافيفي
ربتت “رفيف” على كفها وهي تقول بفتور :
– عارفه يانودي، قوليلي هي مروة عرفت ؟!
ثم انتقلت كلتاهن نحو الفراش يجلسن عليه سويًا أثناء إجابة “ندى” :
– آه ، لما رائد أتصل امبارح بـ بابا وبلغهُ كانت مروة قاعدة معانا.. وشها جاب ١٠٠ لون
أسبلت “رفيف” جفونها قبل أن تطبقهم بتشنج، ثم رددت بتألم :
– إزاي هتقدر تحضر الفرح ؟
لم تعقب “ندى”، بينما تابعت “رفيف” :
– مهما كنت شايله منها، مش عايزاها تعيش حاجه زي دي.. فكرت كتير لكن ملقتش مخرج.. ومش عايزة عمي يلاحظ حاجه
– أنا رأيي تسيبي الموضوع دا على ربنا، هو قادر يداوي قلبها ويداوي جرحك انتي كمان.. بصراحة هي برضو صعبانة عليا، لما بفكر في الموضوع بحس إنها مكنش ليها ذنب.. لكن غلطتها إنها نوت الشر ليكي
فصرحت “رفيف” لأول مرة :
– دا اللي واجعني أوي، إنها عمرها ما فكرت فيا ولا في مصلحتي.. على قد كنت بتمنى أفضل عامية ومعرفش الحقيقة ،على قد ما عذرتها بعد كدا
أهتز هاتف “ندى” المسنود على الكومود برنين خافت فـ امتدت يد “رفيف” تلتقطه نيابة عنها ، لمحت مصادفة أسم “عادل” فـ تنغض جبينها وهي تناوله إياها و :
– مين عادل دا؟
توترت “ندى” وهي ترفض المكالمة حاليًا، ثم نظرت بتوجس لها وهي تنطق بـ :
– في حاجه كدا لازم تعرفيها
التزمت “رفيف” بصمتها، بينما سحبت “ندى” شهيقًا أتبعته بـ :
– أنا شوفت عادل امبارح ، جالي الجامعة ووصلني بعربيته لحد هنا
ما زالت “رفيف” گالبلهاء، لم يأتي بمخيلتها لحظة إنه عم زوجها.. ولذلك تسائلت :
– أيوة مين يعني، زميلك ؟
عضت “ندى” على شفتها السفلى قبل أن تردد :
– لأ ، عادل عم جوزك
– إيــــــه!! عمي عادل؟
عقدت “ندى” حاجبيها بضيق و :
– بس متقوليش عمي ، دا شكله صغير جدًا على الكلمة دي
ضجرت “رفيف” من مماطلتها التي كان هدفها الأساسي هو الهروب من أساس الموضوع.. فصاحت بخفوت :
– متجننيش ياندى، قابلك ليه وعايز إيه؟!
– ولا حاجه ، صداقة.. صحابه كلهم في الجامعة عندي عشان كدا جه
ضيقت “رفيف” ناظريها وقد شعرت بوجود شئ ما، ثم سألتها :
– ندى، إيه الحكاية بالظبط ؟
تحرجت “ندى” من إجابتها إجابة صريحة ، فقالت :
– مـ.. مفيش ، صداقة بريئة والله
لم تقتنع “رفيف” بذلك و :
– ندى، عمي عادل أكبر منك بـ ٢٠ سنة
حملقت “ندى” وهي تقوم بتعديل المعلومة لها :
– قصدك ١٥ سنة بس.. وبعدين قولتلك مفيش حاجه يارفيف، المهم قوليلي هتعملي إيه مع رائد
فـ ابتسمت بسخرية جليّة و :
– هلاعبه على الشناكل.. ماما فريدة كان عندها حق، الوجع الأكبر هيكون قربي منه
………………………………………………………….
كانت “برديس” حبيسة غرفتها منذ ما حدث.. حتى الجد لم يسمع بشإن ما أصابها، وما سنح لها الفرصة تنفرد بنفسها أكثر هو اختفاء “طارق” الغير مبرر..
ولكنها علمت بعد ذلك سفره لظروف العمل، مما جعلها ترتاح قليلًا لإبتعاده عنها.
مشطت شعرها برفق شديد كي لا تألمها رأسها المصابة.. لـ تجد طرقات خافتة على الباب، وينفتح بعدها ليدخل “فاروق” بعكازه ، ركضت إليه “برديس” تستقبله و :
– جدو، فرحت بجد إنك سيبت السرير وبتتحرك
كانت ملامحهِ منزعجة بعض الشئ وهو يعاتبها :
– شكرًا لأنك اهتميتي وجيتي تطمني عليا
أطرقت رأسها بخزي و :
– مش عارفه أقولك إيه ياجدو ، I’m so sorry.. آسفه بجد
– تعالي يابيري
وصحبها نحو الأريكة الصغيرة.. إتكأ على عصاه وهو يجلس ببطء شديد، ثم وجه نظراتهِ المباشرة لها وهو يسألها :
– مالك يا حبيبة جدو، إيه اللي شغلك عني وخلاكي حتى متطمنيش عليا ؟!
قامت مشدات داخلية بصدرها، هل تعترف له وتستغيث بنجدتهِ أم.. أم تضع في حسبانها أمر مرضهِ وترفق به، طال صمتها ، واختلفت تخمينات “فاروق” بما أصابها.. فسألها مباشرة :
– طارق زعلك في حاجه قبل ما يسافر؟
فلم تستطع منع هذه الكلمة الاي توقفت على حافة لسانها بعض الوقت :
– جدو أنا عايزة.. أطـلق