رواية إمبراطورية الملائكة بقلم/ياسمين عادل

<< إمبراطورية الملائكة >>

الفصل الثالث والثلاثين :-

تركت “ندى” هاتفها وهي تهز ساقيها بقلق، ثم تناولت قطعة الخبز ووضعت عليها مسحة من الجبن الأبيض وبدأت تتناولها بعقل شارد.. لاحظتها “دريّة”، فـ ابتلعت طعامها ثم رددت بتساؤل :
– مالك ياندى، عقلك مشغول بأيه؟

فـ زفرت “ندى” بانزعاج و :
– رفيف كانت بتكلمني امبارح وفجأة سمعت صرخة وبعدها الفون اتقفل.. فضلت اتصل ومفيش فايدة، بالليل اتصلت برائد قالي إنها نايمة وكويسة مفيهاش حاجه، بس انا مش حاسه كدا

اعترى القلق “عماد” وهو يعتدل في جلسته ينظر لها بعتاب و :
– ومقولتيش ليه من امبارح يابنتي؟
– مكنش فيه حاجه اقولها وخوفت أقلقك على الفاضي

أمسك “عماد” بهاتفه ذا الطراز القديم وبدأ يبحث عن رقم “رائد” ليهاتفه.

— على الجانب الآخر..
كان “رائد” بالمرحاض يغتسل جيدًا حينما رن هاتفهِ بالعديد من الرنات.. فـ ضغطت “رفيف” على نفسها كي تنهض وتتفحص هاتفه الموضوع على الكومود الآخر ، وعندما وجدت رقم عمها أجابت هي :
– ألو

فآتاها صوته المتلهف :
– أيوة يابنتي انتي كويسة؟

كان صوتها ناعسًا مرهقًا ولكنها تنحنحت بغرض أن تضبطه قليلًا :
– الحمد لله ياعمي بخير، انتوا عاملين ايه؟.. صدقني انا كويسة، وقعت بس في البسين لكن جت سليمة.. أه طبعًا تنوروا فأي وقت، بس آآ..

ترددت ولكنها اضطرت في الأخير أن تبلغه :
– أحنا قاعدين في قصر جد رائد عشان بنصلح مواسير الصرف في شقتنا، ماشي ياعمي أهلًا بيكم

صمتت قليلًا ثم تابعت وهي تُحدث “ندى” :
– أيوة ياحببتي، كويسة صدقيني

كان “رائد” يستمع لبعض حديثها، وما أن انتهى أمسك منشفته الخاصة وشرع بالخروج حينما كانت هي تتحدث بصوت خفيض :
– بس متقوليش لعمي ولا لحد، برديس بنت عم رائد عندها قطة.. لما كنت بكلمك لقيت القطة بتاعتها بتخربش رجلي وهي كانت واقفة قريب مني وشايفاها كأنها مسلطاها عليا.. ومحسيتش غير وانا تحت الميا وطارق بيشدني
– إيـه إيـه إيـه!!!

انتبهت “رفيف” لصوت زوجها الذي كان يقترب من الفراش وعلى وجهه علامات الصدمة جليّة وهو يسألها :
– ارجعي بالكلام لورا كدا.. يعني برديس هي اللي سابت عليكي القطة؟
– طب انا هقفل معاكي ياندى وانا لما اجيب تليفون هكلمك.. يلا باي

ثم أغلقت هاتفه ومدت يدها له و :
– معلش إني رديت على تليفونك

فلم يعير كلماتها إهتمامًا وسأل مرة أخرى :
– جاوبي على سؤالي، برديس هي اللي عملت كدا؟!

فـ تنهدت و :
– معرفش، يمكن اكون فهمت غلط

ألقى المنشفة ببعض بضجر و :
– إيه اللي حصل بالظبط؟

ثم جلس قبالتها على طرف الفراش و :
– احكيلي كل حاجه

……………………..……………………..……………………..

أصبحت ابتسامتها العريضة تملأ فمها وهي تقول بسعادة شديدة :
– بجد ياعادل؟ بجد ياحبيبي قررت تخطبها؟

كان سعادة والدته تشكل فارقًا جسيمًا بالنسبة له، وهذا ما جعله يتشجع أكثر للمتابعة :
– بجد.. أنا بس محتاج أتأكد إني مش هكون محل رفض أهلها، وبعدها على طول هاخدك انتي وبابا ونروح نطلبها

تركت “شهيرة” كأس مشروبها و :
– أنا موافقة على أي حاجه بس تاخد خطوة، عايزة افرح بيك بقى ياعادل وكفاية انتظار

فـ أومأ رأسهِ و :
– حاضر

نظر في ساعة يده و :
– هي قربت تخلص محاضرتها وانا هروح اخدها من هناك، معلش مش هقدر أقعد معاكي اكتر من كدا
– ماشي ياحبيبي روح.. وأنا هقعد شوية وبعدين امشي

أخرج “عادل” بضع ورقات نقدية وتركها على الطاولة و:
– أنا سايب حساب بزيادة عشان لو طلبتي حاجه تاني، سلام
– سلام ياحبيبي

ثم خرج من المقهى وهو يعبث بهاتفه :
– أيوة ياحببتي انتي فين؟ آ….

تردد هل يبلغها أم يفاجئها، ولكنه قرر أن يفاجئها في الأخير :
– أنا في الشركة، خلصي انتي محاضراتك وروحي على طول.. يلا باي

طقطق أصابعه وهو يفكر بطريقة رقيقة ليفاتحها بالموضوع، وابتسم فجأة وهو ينتقل لسيارتهِ منتويًا مفاجئتها مفاجأة جميلة.

……………………..……………………..…………………….

هبط “رائد” على الدرج ببطء وهو يستعيد ما سردته “رفيف” بعقله.. فكرّ في ردّ الموقف لها بشكل ما حتى لا تعبث مع زوجتهِ بهذا الشكل السخيف مرة أخرى.. ولكن كيف يفعلها بدون أثارة الشكوك وبدون أن يؤخذ عليه الأمر كونها زوجة إبن عمتهِ أيضًا؟!.. لم يجد طريقة بعقله الآن.
تابع هبوطه حتى وصل لغرفة المائدة، ولج ليجد الجميع بمكانهِ ينتظرنا تواجدهما.. فتقدم نحو مقعدين متجاورين وبمواجهة “طارق” و”برديس”.. فجلس على واحد منهم و :
– صباح الخير

وبصوت شبه جماعي قيل :
– صباح النور
– مراتك عاملة إيه النهاردة يارائد؟

قالها الجد بإهتمام، فأجاب “رائد” وهو ينظر بإتجاه “برديس” نظرات ذات مغزى :
– أحسن بكتير من امبارح، وهتبقى أحسن لو كيتي بعدت عنها

سعلت “برديس” وهي تستمع لتلميحاتهِ.. فناولها “طارق” كأس المياه وهو يجيب عنها :
– متقلقش، مش هتتكرر

فـ ابتسم “رائد” بسماجة و :
– ياريت، وشكرًا على موقفك

فتسائلت “فريدة” :
– هي رفيف مش هتفطر معانا ولا إيه؟ ، تحب اخلي زهور تطلعلها الفطار فوق؟
– لأ هي نازله ورايا

وضعت “ناهد” الصحن الممتلئ أمام زوجها وهي تردد بغنج :
– كُل ياحبيبي

رفع “عاصم” حاجبيه بتعجب و :
– من أمتى وانا بحب الجبنة الشيدر ياناهد!!.. ماانتي عارفه إني مش بطيق ريحتها؟

فضحك “عاكف” بصوت مرتفع فجأة وقال من بين ضحكاتهِ :
– عنك انت ياعاصم، أنا بحبها جدًا

ثم تابع ضحك وهو يسحب الصحن من أمامه وقد غمره الغرور كونها تناست تفاصيل زوجها وما زالت عالقة بذاكرتها فيما يحبه (عشيقها).. أمسك “عاصم” بطبق من القشدة، ثم قربها من “فريدة” و :
– خدي يافريدة انتي بتحبي القشطة بالعسل

تجهم وجه “عاكف” فجأة وتابع ما يحدث بنظرات حانقة غيورة، بينما تابع “عاصم” بصفو نية :
– ياريت بقى تناوليني البسطرمة اللي قدامك

فـ ابتسمت “فريدة” و:
– يعني بتفضي مكان قدامك عشان تاخد البسطرمة؟

فضحك و :
– بالظبط

كانت نظرات “ناهد” لـ “عاكف” وكأنها تحدثه بإنها على حق.. ولكنه مازال يكذبها وإن كانت صادقة، ابتسمت “ناهد” بتهكم وهي تنصرف بناظريها عنها.. لتصطدم بعيون “إيمان” المرتكزة عليها وكأنها تراقبها، وقبل أن تبادر بالتحدث استبقتها “إيمان” :
– انتي كويسة ياناهد؟.. شيفاكي مش على بعضك ليكي يومين!
– مفيش، أنا كويسة جدًا
– صباح الخير

قالتها “رفيف” وهي تدلف عليهم، فنهض “رائد” ليستقبلها ويدلها على مقعدها :
– تعالي ياروحي، أقعدي هنا

وسحب المقعد لتجلس أعلاه ثم جاورها.. تلقت تمنيات الشفاء من الجميع، وبدأت تتناول لقيمات بسيطة لتداوم على علاجها.. شعرت بحكة في أنفها وكأنها على وشك أن تعطس، فوضعت كفها على فمها لتعطس بعدها فجأة.. لحظة واحدة وعطس “طارق” من بعدها على الفور، فعقدت “برديس” حاجبيها بإستغراب و :
– طارق انت جالك برد؟

حمحم “طارق” وهو يمسح أنفه بالمنديل الورقي و:
– آه، بس خدت دوا امبارح وهبقى كويس

ثم نهض عن المائدة و :
– سلامتك يارفيف لتاني مرة، عن أذنكم

فأجابت وهي ترسم بسمة مجاملة :
– الله يسلمك

ثم تعلقت نظراتها المتذمرة بـ “برديس” التي نهضت تلحق بزوجها هروبًا وفرارًا.. حينما نظر “رائد” لطبقه وقد عزف عن التناول :
– أهل رفيف هييجوا يطمنوا عليها النهاردة آخر النهار بعد أذنك ياجدي
– ينوروا في أي وقت يابني
……………………..……………………..……………………

صفّ” عادل” سيارتهِ بالقرب من بوابة الجامعة الرئيسية.. ونظر باحثًا عنها، ثم نظر لباقة الورود التي أحضرها لأجلها وتحسسها آملًا أن تعجبها، ابتسم بهدوء ثم عاد ينظر للبوابة منتظرًا ظهورها بفارغ الصبر.. طال انتظاره رغم إن موعد خروجها قد حان منذ أكثر من ربع ساعة، أمسك هاتفه منتويًا الإتصال بها.. فلمحها تخرج من البوابة وتضحك بكل قلبها، ضحك أثر ضحكتها وأمسك باقة الورود وكاد يترجل عن السيارة.. لولا رؤيته لهذا الشاب الذي يقف معها خارج البوابة ويضحكان سويًا..
تجهمت ملامحه وعبست فجأة وعاد يغلق باب السيارة، تابعهم بعيون حاقدة وقلب غيور.. رؤيته لمزاحهم وحديثهم معًا وكأنهم يعرفون بعضهم جيدًا جعل الغيظ يأكل من صدره وهو يلقي باقة الورود بغضب.. ثم قام بتشغيل سيارته مستعدًا للإنصراف الفوري عقب أن غلت الدماء بعروقهِ وأصبحت گالقدر المغلي.

– أن شاء الله تسنيم هتتبسط جدًا لما تفاجئها بطلبك دا يوم عيد ميلادها

فأجاب الشاب وهو يشكرها بشدة :
– مش عارف اشكرك ازاي ياندي ، لولاكي مكنتش عرفت اصالحها ولا كنت هعرف أتشجع إني أطلب إيدها للجواز

فـ أحنت “ندى” رأسها باستحياء و :
– متقولش كدا، تسنيم صحبتي وانا أتمنى ليها الخير وأكتر

ثم رفعت حقيبتها على كتفها و :
– أنا لازم امشي.. باي
– باي

وكل منهما انصرف في طريق مختلف..
كان “عادل” في أوج غضبهِ وحنقه.. ليس منها، بل من نفسه التي فكرت يومًا بفتاه تصغره بخمسة عشر عام، لا تناسب عمره وتفكيره وطباعه وتقاليده التي يتماشى معها.. عاتب نفسه كثيرًا لأنه سار من خلف قلبهِ وتجاهل عقله الذي مرارًا قدم له النصح بألا يقدم على حُبها، فهي فتاه يانعة تحتاج لمن يكون بنفس عمرها ويشاركها أيامها بنفس تفكيرها.. قبض بأصابعه على المقود، وباليد الأخرى كان يحلّ زر قميصه الذي بالكاد يطبق على أنفاسهِ.. ليجد رنين هاتفهُ يتعالى بصوت مزعج وأسمها ينير الشاشة، انتظر حتى انتهت الرنات.. ثم أغلق هاتفه كليّا واستمر بالقيادة.

……………………..……………………..……………………...

حاول “رائد” مرارًا أن يصل لـ “عادل” منذ الصباح، ولكنه لم يستطع.. فترك هاتفهِ جانبًا و :
– مقفول برضو، طب عرفني ياجدي في إيه وانا هتكلم معاه لما يوصل
– إنت هتسافر مرسى علم بعد يومين يارائد

لم يتفاجأ “رائد”.. بل كان متوقعًا شئ كهذا منذ أن علم برغبة الجد في بيع أحد أفرع الشركة عقب تصفيته.. فكر “رائد” للحظات و :
– طب ممكن اعرف إحنا هنصفي الفرع دا ليه!

فكر أن يجيب بدبلوماسية شديدة :
– إيه رأيك في الفرع ده؟

فأجاب بصدق :
– بصراحة مكنش ليه لزوم نعمل فرع هناك أصلًا، عشان كدا مش مستغرب ولا معترض
– بالظبط، أنا كنت عايز فروعنا تغطي مصر كلها، بس خلاص غيرت رأيي ومش عايز غير إن منتجاتنا تملا السوق وبس
– صح

ثم تابع “فاروق” بتبرم :
– لو بعت عاكف ولا عاصم يبقى كأني ببوظ البيعة، كفاية اللي عملوه في بولندا

فـ ضحك “رائد” بتهكم وهو يلتقط كوب الشاي الخاص به:
– فعلًا

ثم قال الجد قاصدًا ذلك :
– وبالمرة تكون فسحة ليك انت ومراتك بدل شهر العسل اللي اتأجل

بصق “رائد” ما بفمه وسعل وهو يبعد الكوب عن فمه.. ثم تركه ونظر إليه قائلًا بتوجس :
– يعني رفيف آ…

فقاطعه :
– هتسافر معاك طبعًا، أمال هتسيب العروسة هنا لوحدها وانتوا مكملتوش أسبوعين جواز!

فـ ابتسم بتزييف و :
– أكيد لأ

أخيرًا تخلص “رائد” من محاصرة “فاروق” له وخرج ليجد أسرة “رفيف” قد حضرت ويجلسون سويًا بغرفة الجلوس.. كاد يدخل لولا خروج “ندى” المفاجئ وهي تمسك بهاتفها، فـ استوقفها :
– أزيك ياندى، متعرفيش عمي عادل فين؟

توترت “ندى” لسؤاله المفاجئ وظنت إنه على علم بعلاقتهم.. فـ تصنعت الذهول من سؤاله و :
– أنا؟؟ وانا هعرف منين؟

فـ أدرك “رائد” حجم الخطأ الذي ارتكبه بسؤالها.. وعاد يضبط الأوضاع :
– آسف، أصلي بدور عليه افتكرتك شوفتيه هنا ولا هنا
– لأ مشوفتوش، عن أذنك

ومرقت من جواره وهي تزفر بارتياح.. ومازالت تحاول الإتصال به منذ الصباح وهاتفه مغلقًا، فـ تشنجت عضلاتها بضجر وهي تهمس :
– يعني هيكون فين كل دا؟

نظرت “مروة” حولها مليّا.. هذه المرة الأولى التي تتواجد بها بالقصر أو تراه، وسوس لها شيطان عقلها بحقد شديد إنها التي يجب أن تكون هنا الآن.. هي التي عليها العيش بجواره ومع عائلته وليس أختها، فـ أطبقت جفونها وهمست :
– استغفر الله العظيم يارب، مكنش المفروض اسمع كلام الدكتور واجي النهاردة

تذكرت كلمات طبيبها النفسي الذي حثّها على ضرورة الذهاب لـ ودّ أختها والمبادرة بالصلح والمسامحة كي تخلو حياتها من الضغينة والشعور بالحقد والغيظ وتنظف قلبها من المشاعر السلبية.. فتحت عيناها على دخول “رائد” إليهم، فـ أشاحت بنظراتها عنه بينما كان هو يصافح الجميع ويرحب بهم.. ثم ردد وهو ينظر نحوها بفتور :
– أهلًا يامروة، منورة
– بنورك

جلس بجوار “عماد” و :
– عامل إيه ياعمي
– الحمد لله بخير

شعرت “دريّة” برغبة في التقيؤ.. ولكنها قاومت شعورها بشرب المياه، وكأن ذراعها مخدرة لا تستطع تحريكها.. زفرت باختناق وهي تبحث عن ابنتها بعيناها، ثم مالت على “مروة” تسألها :
– ندى راحت فين، العلاج بتاع الضغط بتاعي في شنطتها
– مش عارفه ياخالتي

وضعت “زهور” المشروبات وبعض الحلوى على الطاولة ثم انصرفت ودلفت “ندى” على الفور.. فـ زجرتها “دريّة” بنظرة حادة حتى جلست جوارها :
– هاتي العلاج بتاعي
– حاضر

دلفت “ميسون” وهو تدفع مقعد “فريدة” للداخل :
– أهلًا وسهلًا

فريدة:
– اعذروني على التأخير

وجلس الجميع بحضور” فاروق” يتسامرون ويتبادلون أطراف الحديث، بينما بقيت “ندى” على حالتها القلقة ولكنها تواريها.. اندمجت “مروة” مع هاتفها وقد تعمدت استخدامه حتى تنشغل عنهم.. وفجأة انبثقت شاشة إتصال هاتفي، فـ نهضت على الفور لكي تغادر غرفة الجلوس..
وبدون انتباه كانت عينا “رائد” تراقب خروجها وهو يتحدث لـ “عماد”.. ومن سوء حظهِ إن “رفيف” أيضًا كانت تراقبه أثناء تطلعه لها، فـ ابتسمت بسخرية وهاجمها شعور غريب بالحنق والضيق.. وما زاد الطين بله هو نهوض “رائد” المفاجئ وخروجه من الغرفة في أعقابها.. تلاعب الشك برأس “رفيف” وجال بخاطرها العديد من الأفكار التي تُدين كلاهما.. تحاملت على نفسها ولكن لم تستطع الصمود، فنهضت وهي تردد :
– هقوم اجيب حاجه وارجع ياماما فريدة
– ماشي ياحببتي

بحثت “فريدة” عن “رائد” ولكن لم تجده.. فتنغض جبينها بإستغراب.

نظرت “رفيف” حولها بجنون وهي تبحث عنهما حتى لمحت ظلًا يتحرك بالردهة البعيدة والمؤدية للمطبخ..
فأسرعت نحوها ، لتجد الباب مغلق.. وضعت أذنيها على الباب تتلصص عليه لتستمع لصوته وهو يتحدث إليها :
– إيه اللي جابك هنا؟.. عارفه لو رفيف شافتك معايا هتعمل إيه؟

تضاعف معدل تنفسها وقد أصبحت شكوكها حقيقة تستمع إليها الآن بأذنيها.. تحامى شعور الغيرة الأنثوي بداخلها وبشرايينها الساخنة، ولم تشعر سوى بنفسها تقتحم المطبخ بإندفاع.. بحثت بعيناها المستشيطة وهي تدخل خطوتين، ثم سألت بتسرع :
– هي فين؟

فسأل “رائد” بفتور شديد :
– هي مين!

فرمقته بإستحقار وهي تردد :
– مروة، أنا سمعتك وانت بتكلمها

فـ اتقدت عيناه بنذير غضب موشك وهو يردد :
– مروة دا ايه انتي عبيطة؟ انا هنا لوحدي

فـ تقدمت منه وهي تزمجر قائلة :
-قولتلك سمعاك بوداني وانت بتكلمها

فـ انحنى “رائد” للأسفل وعاد يستقيم في وقفته وهو يردد بإمتعاض :
– أنا كنت بكلم كيتي

ثم رفع يده الممسكة بالقطة الصغيرة نحوها، صرخت تلقائيًا وهي تعود للخلف بخطاها و :
– أبـــعــد، أبـعد عني

error: