رواية إمبراطورية الملائكة بقلم/ياسمين عادل

<< إمبراطورية الملائكة >>

الفصل الحادي والثلاثين :-

وضع حارس العقار حقائب “رائد” في خلفية السيارة وهو يقف مراقبًا له من أسفل نظارتهِ الرمادية ذات الزجاج الفاتح.. نظر لساعة يده.. فوجدها قد تأخرت أكثر من اللازم، لذا شرع في الصعود لها.
كانت “رفيف” تجلس في غرفة النوم محاولة الوصول بعقلها لما يجوب في نفسهِ.. ولكنها لم تستطع، مازالت مرتدية لباس نومها.. حتى ملابسها قد ضبّها هو في حقيبة دون الإكتراث بما سنحتاج أو لا تحتاج.. وفجأة، وجدت باب غرفتها ينفتح عليها ويطل هو منه، رمقها بنظرات محتّجة وقال بنبرة خشنة لم تعتادها منه :
– انتي لسه ملبستيش كل دا!!.. أمال انا سايبك لوحدك ليه؟

وقفت وقد كتفت ساعديها أمام صدرها تنظر له بحنق بالغ ثم رددت بلهجة معترضة على ما يحدث :
– إنت موديني فين؟ وليه حضرت شنطتي قبل ما تقولي؟!

لم يهتم حتى بسؤالها،
وراح يردد :
– قدامك عشر دقايق تكوني لبستي، متقلقيش مش خاطفك

ثم برح مكانهِ تاركًا إياها في حيرتها.. تأففت بضيق مما تواجهه من عواصفه التي لا تخمد، وانتقلت للخزانة كي تنتقي ما يناسب هذه الأجواء التي تستعد لإستقبال الشتاء..
حينما بقى هو متصلبًا أمام باب الشُقة في انتظارها وقد تشابكت أصابع يديه من خلف ظهرهِ.. مط شفتيه للأمام وأخرج هاتفه ليجري مكالمة هاتفية :
– صباح الورد على عيونك يافيرو، عاملة إيه؟

لم يكن يستمع لها في الأصل، بل كان عقله شاردًا بما سيقوله لها.. حمحم عقب أن انتهت من حديثها و :
– آآ.. طيب إحنا جايين نقعد معاكي شوية، لأ مفيش حاجه، رفيف نفسها تشوفك

صمت قليلًا و :
– الحقيقة هما هيبقوا كام يوم واحتمال أكتر.. متقلقيش ياأمي قولتلك مفيش حاجه ، عمومًا إحنا في الطريق أهو

خرجت “رفيف” مرتدية كامل ثيابها.. فـ خطف نظرة منها وعادت ملامحه تتجهم من جديد :
– ماشي، هقفل معاكي دلوقتي ياحببتي.. سلام

راودها الفضول حول ماهية تلك التي يتحدث إليها بحميمية هكذا.. ولكنها بدت له غير مهتمة، أشار لها نحو الباب و :
– أتفضلي عشان أقفل الشقة

استبقت خطواتهِ للخارج، ثم هبطت للأسف واتخذت موضعها في السيارة وكأنها آليه.. تسير وفق التعليمات فقط وبدون مناقشة.. هذا الأمر جعل غضبه عليها يتضاعف أكثر وأكثر، كونها حتى لا تهتم بمناقشتهِ.. ولكنه تجاهلها في المقابل.. وبقى وقتهم صامتًا جافًا گجفاف الأجواء من حولهم.

…………………………………………………………

ما زال حادث الأمس عالقًا بذهنها وعينيها وحواسها، تشعر بصفعته على صدغها وكأنها وليدة التو واللحظة.. تحسست “ناهد” صدغها والقهر غازيًا صدرها، لقد أصبحت تشعر بالغبطة أكثر وأكثر.. ليس شعور الغيرة فحسب، بل إنها أصبحت تمقتها أكثر من ذي قبل..
انفتح باب الغرفة على حين غرة، فأدركت إنه زوجها.. ابتسمت بسمة مزيفة وهي تستقبله قائلة :
– صباح الخير ياحبيبي

عقد “عاصم” حاجبيه بإندهاش وهو يجيب بنبرة بطيئة :
– صباح النور، خير؟
– خير إيه؟

فتسائل بدون تردد :
– يعني شايفك رايقة على غير العادة، في إيه؟

فعادت تبتسم و :
-مفيش، إيه رأيك نروح سوا أي حته النهاردة.. بقالك كتير أوي أوي مخرجتش معايا

فضحك ساخرًا و:
– أنا كنت نسيت إنك زي بقيت الستات ياناهد، إيه اللي حصل فجأة

تنحنحت و :
– قصدك إيه؟
– قصدي إن أي زوجة طبيعية بتطلب من جوزها يخرجها.. إلا انتي، ليكي سنين معملتيهاش!

ضاقت عيناه و :
– لدرجة حسيت إنك مش بتحبي تخرجي معايا

أدّعت التعجب من حديثه، ورغم قوة المعنى الذي تحمله كلماتهٍ الدقيقة إلا إنها تغاضتها و :
– إزاي تقول كدا ياعاصم، انت جوزي وأكيد هحب اخرج معاك.. بس انت عارف مشاغل الدنيا كانت شغلاني عنك شوية

تذكرت تلك الكلمات التي جلدتها بقسوتها، ثم أردفت :
– بس بعد كدا خلاص، مفيش حاجه هتشغلني عنك أبدًا

ارتفع حاجبيه بإعجاب، دنى من موضع جلوسها وجلس بقربها وهو يردف :
– أنا مش مصدق إني بسمع الكلام دا منك

فمسحت على صدغهِ مسحه أنسته عجاف معاملتها طيلة السنوات الغابرة، وتابعت:
– لأ صدق ياعاصم، كل حاجه هتتغير.. كل حاجه

……………………………………………………………

راحت تتنفس بصعوبة عقب أن جلست بأريحية على مقعدها المتحرك.. لقد سئمت تلك المعاناه التي تعيشها منذ ذهاب “رائد” وهي بمفردها وتأبى مساعدة الآخرين، استمعت لطرقات خافتة على باب غرفتها.. فسمحت بالدخول :
– ادخلي يازهور

فوجدت “عاكف” يشرأب برأسه أولًا قبل أن يدخل :
– صباح الخير يافيرو

عقدت ما بين حاجبيها بإستغراب :
– صباح النور، افتكرتك روحت الشركة

فأقبل عليها بتحمس و :
– لأ قاعد النهاردة معاكي
– نعم!.. معايا ازاي يعني؟

وجدته يقود مقعدها للأمام وهو يردد :
– يعني قاعد معاكي

التفتت برأسها نصف التفاته لتعترض على تصرفه :
– أقف ياعاكف، أنا بمشي لوحدي

لم يستجيب، واستمر هكذا حتى خرج من الغرفة، فعادت تردد :
– عاكف، بقولك أقف!

سار بها في هذا الرواق المؤدي لمصعد سينقلها للأسفل، ليلتقي بهما في طريقه.. ابتسم بسخافة وهو يواجه عبوس “عاصم” بقوله :
– أزيك ياعاصم، كنت لسه هدور عليك
– كويس، في حاجه ولا إيه؟

فقال متعمدًا أن ينقل بالخبر لزوجته “ناهد” :
– أنا مش رايح الشركة النهاردة، قاعد مع مراتي

فتدخلت “ناهد” بدورها وكأنهما يردان على بعضهما :
– سبحان الله، عاصم كمان مش رايح عشان خارجين سوا

ثم نظرت “ناهد” نحو زوجها :
– خلاص بقى ياعاصم، كلم طارق وقوله يحل محلك

كانت “فريدة” على دراية بما يحدث حولها، فـ ابتسمت بسخرية.. إنها حتمًا لعنة ولن تتخلص منها سوى بخلاصها من “عاكف”، وزعت نظراتها على عيونهم المتحدية التي ينظران لبعضهما بها.. وكأنها تشاهد فيلم سينمائي سمج وثقيل وتتوقع نهايتهِ التقليدية المملة.. حتى انتهى هذا الوضع الذي تحملتهُ عنوة وهبطت للأسفل.
وفي غرفة الجلوس، حيث تجلس “ميسون” بمفردها.. ولجت عليها “فريدة” وزوجها :
– صباح الخير يا ميسون، أمال فين عمي؟

التفتت برأسها تراها وهي تجيب بضيق :
– صباح الخير يافريدة، فاروق فضل تعبان طول الليل ما صدقت إنه نام.. عشان كدا مش هصحيه على الفطار النهاردة

ترددت “فريدة” ولكنها لم تجد من ذلك مفرًا:
طب آ.. رائد ومراته جايين يفطروا معانا

فقالت “ميسون” على الفور :
– أهلًا بيهم يافريدة، أنا هبلغ زهور دلوقتي تعمل حسابها

ثم نهضت لتخرج، بينما تسائل “عاكف” بإستخفاف :
– هما لحقوا يتهنوا ببعض عشان ييجوا هنا؟
– مش من أولها ياعاكف!

في هذا التوقيت..
كان “رائد” يترجل عن سيارته ويترك المفتاح للسائس كي يصف سيارته بالجراچ.. وأخيرًا تمكنت “رفيف” من معرفة إلى أين يقودها، تفائلت بإنها لن تتواجد معه بمفردهما كثيرًا بعد الآن.. فـ الأغلب ستكون بين عائلته، لم تدرك إن وجودها هنا سيكون عقابًا لها كما يرى هو،
وقبل أن تدخل استوقفها قائلًا :
– أسمعي، محدش هنا يعرف حاجه وخصوصًا جدي.. أنا مش بحب خصوصياتي تبقى في لسان الناس زي اللبانه

قوست شفتيها و :
– ماشي

ثم تابع تحذيراته :
– مواسير الصرف الصحي ضربت عشان كدا هنقعد هنا فترة.. أكيد فهماني
– أها، فهمت

ثم سبقها للداخل وهي من خلفهِ.. قادتهم “زهور” عقب إستقبال حافل منها إلى الداخل، وقبل أن يدلفا لغرفة الجلوس خرجت إليهم “فريدة” تستقبلهم بحرارة :
– أهلًا ياولاد، وحشتوني

انحنى “رائد” يُقبل رأسها، فوجدها تعانقه بشدة وتضمه لصدرها وكأنها لم تراه منذ سنين.. تفهم إشتياقها له لتعلقها الزائد به، فـ شعر ببعض الراحة بين أحضانها وتناسى للحظات ما يحمله من هموم..
ابتعد لتنال “رفيف” نصيبها من هذا الإستقبال، في حين تحدث “عادل” له وهو يصافحه :
– بقى بدل ما تسافروا جايبها هنا!!

فـ ابتسم بسخرية و:
– دي فاكرة نفسها في نزهه وفرحت لما شافتني داخل على القصر

ثم نظر إليها من زاوية فمه وتابع :
– متعرفش إنها هتشوف السواد هنا، دا كفاية عمتي إيمان عليها

التفتت رأس “رفيف” إليه و :
– مش كدا يارائد؟

فـ انتبه لها و :
– كدا إيه؟ معلش مش مركز معاكوا

هذا الصوت تعرفه جيدًا وتحفظه حفظًا عن ظهر قلب، مواء قطة.. أجل إنه بالفعل كذلك، أقشعر جسد “رفيف” وتحفزت حواسها وهي تستمع لهذا الصوت يقترب منها، فلم تجد سوى ذراع “رائد” لتتمسك به بذعر أصابها وهي تقول بصوت خافت :
– رائد!.. في صوت قطة هنا في القصر

نظر “رائد” أولًا لكفيها المتشبثان به ، ثم قال :
– تقريبًا دي كيتي.. القطة بتاعت برديس

ارتجف قلبها وهي تنظر لحدقتيه بخوف بيّن و :
– إيــه!
– Good morning

نظرت “رفيف” بتوتر لمصدر الصوت، لتجدها تقترب منهم وهي تمسك بقطتها الصغيرة البيضاء.. فـ صاحت وهي تختبئ خلف ظهره :
– لألألأ، أوعــــي تقربي مني بالقـطة اللي مـعاكـي دي

أحس “رائد” بأصابعها المرتجفة التي تطبق على سترتهِ.. فـ ابتسم بتشفي و :
– حببتي دي قطة صغيرة

فـ ضحكت “برديس” :
– انتي بتخافي من القطط، ياحرام!

قفزت القطة من بين يدي صاحبتها وركضت نحوهم، فذعرت “رفيف” وركضت بعيدًا وهي تقول :
– حد يمـسـكها أحسن والله همشي من هــنا

لم يتوقع أحد منهم إنها تخشى هذه الكائنات لهذه الدرجة.. أسرع “عادل” بإنقاذ الموقف، حيث أمسك القطة ومسح عليها بلطف و :
– متخافيش يارفيف، دي كيتي هتحبك خالص

فقالت وكأن هيستيريا أصابتها:
– مش عايزة شكرًا، مش عايزة خالص

ابتعد “عادل بها و:
– وديها مكانها يازهور

كان” رائد” يتابع ما يحدث بتسلية شديدة، على الأقل تسببت هذه القطة الصغيرة في أن تقترب منه برضاها ولو لحظات..
حضر” فاروق” متكئًا على عصاه عقب أن استمع لصراخها، فإذ به يتفاجأ بوجودهم و:
– رائد!! أنا قولت إنكوا هتسافروا؟

فأقبل على جدهِ :
– بعدين ياجدي، الشقة فيها مشاكل دلوقتي وقولت نقعد هنا يومين لحد ما الشركة تيجي تصلح المواسير اللي ضربت

لم تنطلي هذه الكذبة عليه بالطبع، ولكنه تجاوزها بقوله :
– تنوروا يابني في أي وقت، وأوضتك لسه زي ما هي
– ربنا يخليك لينا ياجدي

فـ بادرت “فريدة” قائلة :
– سلامتك ياعمي، انت كويس؟
– آه يافريدة الحمد لله، عن أذنكم

ومضى نحو غرفة المكتب خاصته، بينما كانت “إيمان” تهبط الدرج.. فتوقفت لحظة لتقول :
– استغفر الله العظيم، كل ما الواحد يقول ارتاح من حد منهم يلاقيه جه تاني في وشه.. إيه اللي جابهم على الصبح دول!

وعادت تصعد الدرج من جديد تفاديًا لصدام هي ليست مستعدة له..

انتظر الجد قليلًا حتى آتاه إتصال هاتفي كان ينتظره، ثم أجاب عليه بتلهف بيّن :
– أيوة يافواز، طمني في جديد؟.. يعني إيه مش موافقين، أنا كدا هيتخرب بيتي يافواز، عارف يعني إيه ؟

شعر بإنقباضة قلبه وكأنه على وشك مواجهة أزمة قلبية جديدة.. فسحب شهيقًا عميقًا و :
– طيب، تابع وقولي أول بأول.. أنا هقفل

ثم ترك الهاتف وتراخى جسده على المقعد وهو يتمتم :
– ربنا يعديها على خير ومحدش ياخد خبر منهم

ثم أطبق جفونهِ متمنيًا ألا يواجه لحظة گهذه قط.

………………………………………………………….

  • أيوة ياأميرة، عملتي إيه؟

قالها “رائد” وهو يقف أمام باب القصر.. استمع لصوت السكرتيرة خاصته ثم ردد :
– طيب، أنا هروح البنك وهحول الفلوس من هناك على عندك.. لأ مسافرتش أنا فـ مصر، سلام

زفر وهو يغمغم :
– هقول لجدي إيه دلوقتي لو سألني رايح فين؟

ثم تأفف وهو يعود للداخل :
– أوووف

أطرقت “رفيف” رأسها عقب أن سردت على “فريدة” ما قامت به الأيام الماضية، ورغم عدم رضاها عن تصرفها حيال ابنها.. إلا إنها ساندتها، فهي تعي جيدًا ما معنى الخيانة وإلى أي حد يكون شعور صاحبها مرير..
ربتت على كتفها و :
– أنا عارفه إن عندك حق، بس لازم ترخي الحبل شويه ياحببتي

رمشت “رفيف” بإستغراب عقب ما قالته، ثم ردت بـ :
– حبل إيه ياماما فريدة، انا اتجوزت رائد عشان أحسسه بـ…..

قضمت عبارتها فور رؤيته يقترب، بينما استشعر هو ذلك وأحس وجود حديث سري بينهما..
فـ دنى منهما و :
– في إيه ياماما، بتتكلموا في إيه؟

فأجابت بإقتضاب:
– ولا حاجه يارائد، طلع مراتك أوضتها وعرفها عليها

فوزع نظراته الشاملة عليهن :
– ماانا هعمل كده قبل ما اخرج

ثم أشار لها لتتبعه :
– اتفضلي

واستبقها للأعلى.. كان يستمع لخطاها من خلفه ويود لو أن يلتفت إليها فـ يباغتها بـ قُبلة أو عناق حار يطفئ به لهيب شوقه الجارف لها، ولكنه أطبق جفونه حينما تخيل رد الفعل الذي سيواجهه.. نفخ بضيق بالغ وهو يفتح باب الغرفة، ثم ولج :
– دي أوضتنا، للأسف مفيش هنا ولا أوض منفصلة ولا سراير منفصلة.. يعني…..

فقاطعته وهي تتأمل غرفته :
– عادي مش مهم
– كويس، سلام

نظرت لحقيبتها الموضوعة في الزاوية، فـ انتقلت نحوها لتتفحص محتواها.. ظنت إنه نصب لها فخًا وانتقى الثياب التي تروق له من ثياب فاضحة ومكشوفة وما إلى ذلك.. ولكنها تفاجئت بملابس معتدلة للغاية، وحتى مناماتها محتشمة.. مطت شفتيها للأمام و :
– أممم

نظر “رائد” للطريق من أمامه وهو يقوده، ثم تابع بلهجة يكسوها الضيق:
– أكيد هي هتلاحظ إني اخترت الهدوم دي بالذات، ماانا مش هجبرها تعمل حاجه زي دي.. لو مش هتيجي من نفسها يبقى ملهاش طعم ولا ريحة

ثم نظر لـ “عادل” الجالس بجواره في السيارة :
– أنا زهقت ياعمي، كنت فاكر نفسي أطول من كدا!. لكن خلقي الضيق طلع عليا على طول

فرك “عادل” طرف ذقنه بتفكير، حينما سأله “رائد” :
– أعمل إيه ياعمي، أنا محتار ؟

فقال “عادل” فجأة :
– إيه رأيك أتقدم لندى، ولا استنى شوية؟؟.. انا متردد جدًا

ارتفع حاجبي “رائد” ونظر له بشدوه و :
– يعني كل دا كنت بكلم نفسي!!

عقد “عادل” حاجبيه و :
– إنت كنت بتقول حاجه؟

فـ أفتر “رائد” ثغره ببسمة ساخرة و :
– حاشا لله.. دا انا حكيت قصة حياتي وانت ولا انت هنا ياعمي! ، وبعدين موضوع ندى دا شكله اتطور أوي وانا مش واخد بالي!! بتفكر فعلًا تاخد خطوة رسمي معاها؟
– آه
– بصراحة ندى بنت ناس ومتربية

طرق “عادل” بأصابعهِ على النافذة و :
– اللي مخوفني موضوع السن دا، خايف اظلمها واحبسها جوا شخصيتي اللي بالنسبالها موضه قديمة

توقف “رائد” في إشارة مرورية وفتح الزجاج المجاور له وهو يردد :
– أنا شايف إن الحُب هو الحب، والسن مش مقياس يتقاس بيه فشل العلاقه أو نجاحها

ثم التفت برأسه إليه و :
– وبعدين ليه بتقول إنك هتحبسها جوا سنك ؟ مش يمكن هي تخطفك للعالم بتاعها وتعيشك العمر اللي ملحقتش تعيشه وانت في سنها!

للحظة تحمس “عادل” بشدة.. وتطلعت أحلامهِ لما فوق السحاب، وكأنه ارتاح أخيرًا عقب هذه الكلمات، لاحظ “رائد” تحول حالتهٍ المزاجية على الفور فـ ابتسم قائلًا بخفوت :
– ربنا يهديكي يارفيف، أحسن انا نسيت شكل الحُب كان إزاي بسببك!

……………………………………………………………

خرجت “رفيف” من القصر وهي تتحدث في هاتفها لتكون بعيدة بقدر الإمكان.. عضت على شفتيها بغيظ وهي تتحدث في هاتفها :
– فاكر نفسه كدا بيعاقبني، دا انا حاسه إني هرتاح هنا أكتر ميت مرة

وقفت أمام المسبح الذي يتلألأ بمياههِ الزرقاء أسفل ضوء الشمس الناعم.. وتابعت حديثها :
– فاكر نفسه مين؟ رجع يعاملني بغرور زي أول مرة شوفته فيها بالظبط ياندى.. تصوري!، بعد كل دا هو اللي زعلان كمان!

كانت “برديس” تحتسي مشروب الكاكاو الساخن خاصتها بحديقة القصر، عندما رأتها تتحدث في الهاتف ومبسمها متسع بإبتسامة واسعة.. ظنت إنها تحدث زوجها، فـ تلوت شفتيها وهي تردد :
– ياترى مراحوش الـ Honeymoon ليه ؟

داعبت “برديس” قطتها بلطف، حتى جائتها فكرة عبثية جعلتها تبتسم تلقائيًا.. ومن ثم نهضت لتنفيذها على الفور.
في حين كان “طارق” يتأهب لمغادرة القصر.. بحث عنها هنا وهناك، ولكنها غير موجودة.. فـ خرج يبحث عنها بالخارج، رآها تقترب من المسبح، فنظر للجانب الآخر لـ يجد “رفيف” تقف بالقرب من حافة المسبح وهي تتحدث في هاتفها.. خرج من القصر قاصدًا جهة المسبح، ليتفاجأ بزوجته تترك قطتها أرضًا.. فـ ركضت القطة نحو “رفيف” وكأنها تعرف الطريق جيدًا، تابع “طارق” ما يحدث بهدوء شديد وبدون أن يحدث جلبة كان يدنو منهن ..
لمست القطة قدم “رفيف” فـ انتفضت وقد سقط هاتفها بالمياه، وصرخت وهي ترى القطة تحتك بقدمها وبدون أن تنتبه لوجود خطوة واحدة بينها وبين المسبح .. فصاح “طارق” وهو يركض بإتجاهها :
– حــــاســـبي يا…….

ولكنها قد سقطت بالفعل، وفي النطاق العميق من الأسفل حيث لا تطول ساقيها الأرضية.. فـ ركض “طارق” وهو ينزع عنه الچاكت خاصتهِ وألقاه أرضًا، وسرعان ما قفز في المياه خلفها بدون إنتباه لهاتفه الموجود بجيب بنطاله و……………….

error: