رواية ملاذي الاخير للكاتبة نورا عبد العزيز
•• الفصــــل التـــاســع “الجــــزء الثــانى ..” ( 9 ) ••
•• بعنـــــوان ” أعشقــــك وحـــدك “••
أستيقظت “تالا” صباحاً فى منزل خالتها ، تجهزت ونزلت قبل أن يستيقظ أحد وركبت أول مكروباص مر بجوارها .. رن هاتفها بأسم “نور” فأجابتها قائلة :-
– صباح الخير
أتاها صوت “نور” عبر الهاتف بحزم تقول :-
– صباح النور … مرجعتيش ليه أمبارح ؟؟
تنهدت بأقتضاب ثم قالت بهدوء :-
– خالته أصرت أبات عندها ، بس متقلقيش هجي النهاردة لأن مش عارفة أخد راحتى خالص بسبب ولادها الصبيان
هتفت بلهجة جدية قائلة :-
– ماشي الساعة ٧ تعدي عليا فى المستشفى
سألتها بأستغراب بينما عقدت حجابيها :-
– أشمعنا ؟؟
تبسمت بخجل ثم قالت بلهجة ناعمة دافئة :-
– هنروح مشوار مع عمر ومينفعش أروح لوحدى
أتسعت عيناها بذهول فى حين قالت بدهشة :-
– أستنى أنتى قولتى عمر .. هو أنتوا أتصالحتوا ؟؟
عضت شفتيها برفق من سعادتها ثم قالت بهيام ولهجة عاشقة :-
– اه
تذمرت “تالا” عليها تشاكسها مُتمتمة :-
– هو أنا غايبة بقالى كتير أووى كدة ولا ايه .. أغيب يوم يحصل كدة من ورايا
زفرت “نور” من مشاكستها وقال بضجر :-
– بطلى رغي بقا المهم تعدي عليا
لم تستطيع كبت فضولها عن ما حدث فسألتها بفضول :-
– هنروح فين يانور هانم ؟؟
- البيت عند عمر
قالتها بلا مبالاة ،، شهقت “تالا” بذهول قائلة :- - أنتى لحقتى كمان البيت
ضحكت عليها ثم قالت قاصدة إثارة رغبتها فى الحضور :-
– بطلى تفكيرك ده ، حسن كمان هيكون معانا ياجميل
أبتسمت بسعادة لوجوده وستراه فقالت بقلب يحب :-
– لا تمام هكون عندك من الساعة ٦ مش ٧
- هههه طيب ياختى سلام عشان عندى شغل
قهقهت ضاحكة عليها وقالت هذا ثم أغلقت “تالا” معاها ووصلت للمدرسة التى تعمل بها ..
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
نزلت “نور” من بيتها ووجد “حسن” ينتظرها بسيارته ، أبتسمت له وذهبت نحوه وهى مبتسمة وتقول :-
– صباح الخير
قال يمازحها كعادته :-
– صباحك فل ياسنفورتى
تذمرت عليه بسبب ذلك اللقب وسألته. :-
– أية اللى جابك هنا ؟؟
تصنع الغرور ثم قال وهو يتهندم لياقة قميصه :-
– قولت أعطف عليكي وأتنازل وأوصلك النهاردة
- كتر خيرك ياسيدي
قالتها ضاحكة ثم فتح لها باب السيارة وركبت بجواره وركب هو الآخر وقاد بها ، رن هاتفها بأسم حبيبها “عمر” فأجابته بحياء من وجود “حسن” :- - الو
أتاها صوته بنبرة ناعمة يدللها قائلاً :-
– صباح الخير يا نور عيني
- صباح النور ياعمر
نظرت لـ “حسن” بإرتباك ثم قالتها فنظر لها بدهشة وهو يقود ، أردفت وهى تنظر من النافذة بدلال :- - لا راحة المستشفى … ده حسن اللى بيسوق
رد عليها بغضب ونيران الغيرة تشتعل فى صدره قائلاً :-
– اااه حسن نور أنتى عارفة أنى بغير ..
أجابته بتذمر طفولى قائلة :-
– بس ده حسن
تنهد بهدوء يسيطر على غيرته ثم قال :-
– ماشي يانور أنا واثق فيكى وده الأهم
أبتسمت بسعادة ملوحة بخصال الحنان والبراءة وقالت :-
– ميرسي
هتف مُتمتمًا :-
– هعدي عليكى بعد ما أتخلصي شغل ومتنسيش تقولى لحسن
سألته بتردد قائلة :-
– هو ضرورى أووى أنى أجي
- عشان عايز أوريكي حاجة مش هعرف أجبهالك برا
قالها بترجي فأجابته مُستسلمة لرغبته قائلة :- - ماشي
تبسم بقلب عاد للحياة وقال بحنان :-
– يلا ياحبيبتى روح شغلك وهكلمك تانى عشان عندى شغل .. لا إله إلا اللَّه
- محمداً رسول اللَّه
قالتها وأغلقت معه الخط ، سأل “حسن” وهو يقود :- - أنا فاتنى كتير بقا ؟؟
أجابته وهى تستدير له وتسند ظهرها على باب السيارة :-
– أصل عمر حكي لي كل حاجة
- اه ما أنا عارف
أجابها بغرور فسألته بفضول وأستغراب :- - أنت كنت عارف
هتف بسرعة قبل أن تغضب عليه :-
– لا حكي لى من يومين عشان كده قولتلك أسمعيه .
تنهدت بإرتياح من غضبها المستمر ،، أردفت قائلة :-
– اه وأدينى سمعته وسامحته كمان
غمز لها بغزل وقال :-
– طب الحمد لله يعنى الدنيا بقيت بديع وربيع
قهقت من شدة الضحك عليه وقالت :-
– اه صح عمر بيقولك تيجي معايا بليل
سألها بأستغراب لم يختلف عن “تالا” :-
– على فين ؟؟
نظرت للأمام بخجل منه وقالت بنبرة طفولية :-
– فى بيته عايز يورينى حاجة ومينفعش أروح لوحدى
رفع حاجبه الأيسر لها وقال بكبرياء سافر :-
– ااااه محرم يعنى .. هتدفعوا كمان
- أيه التسول ده .. خلاص كفاية تالا عليا
عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالتها بتذمر بينما أعتدلت فى جلست بتذمر ، أردف بسعادة وهو يقول :- - تالا .. ميبقاش خلقك ضيق يانونو .. أكيد هجي
رفعت حاجبها لها ترد له فعلته قائلة :-
– عشان حبيبة القلب مش عشانى … ااااه منها دى اللى هتكون ضرتى وتشاركنى فيك يأبو على
قهقه ضاحكاً عليها ثم قال غامزاً لها :-
– زى عمر ما سرقك منى مش شاركنى بس
وصلوا إلى المستشفي معاً وأتجه كلا منهما إلى عمله ..ذهبت إلى الأستقبال وفحصت جدولها وجدت بأنها ستبدأ يوم بجراحة لأحد المرضي ثم ذهبت لتغير ملابسها وبعدها إلى غرفة المريض بعد أن فصحت أشعته وهى ترتدى زى العمليات بنطلون أخضر فاتح وتيشرت أخضر فاتح بنص ، وتتحدث مع الممرض ، وتقف امام سرير المريض
قال أحد الأطباء فى الفريق الذي سيجري الجراحة معاها :-
– المؤشرات الحيويه طبيعى وضغط الدم قليل شويه ونبض القلب مستمر بالاجهزة
أجابته وهى تنظر على الأجهزة موجهة حديثها للممرضين :-
– تمام خدوه
اخذوه بالسرير (ترول) و”نور” تمشى خلفهم… لتشعر بيد صغيرة جداً تمسك يديها تنظر وتجد طفلة صغيرة تبلغ من العمر سبع سنوات فسألتها بنبرة هادئة :-
– نعم
قالت الطفلة وهى تبكي وتمسك فى يد “نور” بترجي :-
– ممكن ترجعيلى بابا
جثيت على ركبتها لتكون بمستوى الطفلة وقالت وهى تمسح دموع الطفلة بأناملها الناعمة مبتسمة لها :-
– حاضر.. متقلقيش بابا كويس أحنا هنديله حقنة بس وهنرجعه تانى
ابتسمت لها اردت أن تزيل الخوف من قلبها هذه الطفلة الصغيرة التى لا تعرف شي ببراءتها ، ثم نظرت لزوجته وأتجهت لغرفة العملية …. فتحت صنبور المياة وتعقم يديها وتغسلها بالصابون والمطهر ناظرة على فريقها من خلف الزجاج ثم أغلقت صنبور المياه وجففت يديها و دلفت للغرفة العمليات وهى تربط الكمامة الطبية على فمها وأنفها
ساعدتها الممرضة وهى ترتدي الروب الأزرق وتلف لها وتعطيها ظهرها لتربطه لها من الخلف ثم ساعدتها فى أرتدى الجوندى الابيض … وذهبت وتقف مكانها
أعطاها دكتور التخدير الأشارة لتبدأ الجراحة بشق الصدر … تفتح “نور” الصدر ويظهر لها ذلك القلب الضعيف ،، تذكرت قلبها لتشعر بالتوتر وتسير القشعريرة فى أطراف جسدها ،، بدأت تشعر بدوران فى رأسها ولكنها هزت رأسها بأرتباك وهى تتجاهل ذلك الصداع النصفي الذي أحتل على رأسها ..
قالت بهدوء شديد وهى تحاول أن تسيطر على رعشة يديها :-
– منشار
أعطته لها الممرضة ومسكته وزادت يديها فى الأرتعاش ليلاحظ ذلك الجراح المساعد …. بدأت بوضعه فى القلب بتركيز ليرى الجميع الدماء غرقت الصدر بملابس “نور” لتترك المنشار بفزع وهلع ويسقط على الارض ،، نظر الجميع ووجدوا يدها تنزف بقوة ، فهى جرحت يدها بالمنشار بدلاً من القلب ، أقترب الجراح المساعد وقص لها الجوندى بحذر ويجد كفها مفتوح وينزف بغزارة فيحاول كتم الدماء والسيطرة عليها وخيط يديها أردفت بهدوء قائلة :-
– أطلبوا دكتور قلب بسرعة
لف يديها بالشاش وأتى دكتور أخر فأعتذرت منه وخرجت تقابل “حسن” وهو يأتي ركضاً بعد أن سمع بما حدث .
سأل بخوف عليها قائلاً :-
– حصل ايه
أبتسمت له بعفوية وهى تخفي عنه ألم قلبها الذي بدأ فى الموت ببطئ شديد وترفع يديها له بسذاجة :-
– زى ما أنت شايف
سألها بفضول فهى لم تخطيء هذا الخطأ من قبل :-
– أزاى كدة ؟؟
- اللى حصل قدر ربنا ياحسن
قالها ثم تركته ورحلت وهو لا يصدق بأنها أخطأت فى مسك المنشار الطبي فهى أصغر دكتورة سناً ولكنها ماهرة فى الطب أكثر من دكتور لديه خبرة عشرون عام …. ذهب “حسن” إلى عمله ويقابل دكتور قلب أكبرها سناً وخبرة ويخبره بأنها أجراءات فحوصات طبية للقلب وقلبها أصبح جزء منه تألف وقد تحتاج إلى عملية زرع قلب لو تأخرت أكثر فظل طوال اليوم يفكر كيف يقنعها ويفتح الموضوع معاها .. أنتظر حتى يذهبوا لـ “عمر” مادامت غفرت له فسيكون هو القادر على أقناعها .. أنتهى من العمل وذهب إلى مكتبه فوجدتها تجلس مع “تالا” فى أنتظاره ..
أردفت “تالا” بغضب مصطنع وهى تنظر له قائلة :-
– كدة أديك نور أمانة تعمل فيها كدة
صاح بوجهها مازحاً يخفي خلف مزحه قلقه عليها :-
– مش أنا ياماما .. أنتوا هتجبولى مصيبة وأنا قاعد
قهقهت ضاحكة عليه وقالت مُتذمرة :-
– لالالا هو ياتالا شايف المفترى عمل فيا ايه
رفعت حاجبها له وقالت بأستياء :-
– لا أخس عليك يادكتور .. دلوقتى نروح لعمر وهو بقا يجبلها حقها منك
قال وهو يخلع البلطو الأبيض ويعدل ملابسه ونظره علي “نور” .. تلك الطفلة التى تجعل من حولها يعانى لأجلها وكيف تريد أن تتركهم وتستسلم للموت بدل من أن تحاربه :-
– اه هنروح لعمر ويارب يعرف يعمل حاجة
لم تعلم بأنه يقصد على الجراحة وليس على مزاحهم .. خروجوا معاً من المستشفى ووجدوا “عمر” يقف يسند ظهره على سيارتها ويضع يديه فى جيبه يرتدى تيشرت رجالى أسود اللون وبنطلون جينز ، رأهم قادمين ذهب إليهم صافح “حسن” أولاً ثم “تالا” ثم وقف بجوارها ونظره ثابت عليها مشتاق إليها وهمس لها قائلاً :-
– واحشتينى كل ده تأخير
أبتسمت له بسعادة وحياء من حديثه بينما وجنتيها توردت وقالت :-
– حسن اللى أخرنا
قرب يده من يدها ليشابكهم معاً ورأي جرحها ، سأل بهلع وخوف وهو يرفع نظره إليها من جديد :-
– ايه ده
- حاجة بسيطة ياعمر
قالتها بعفوية فقال “حسن” بسخرية وهو ينظر للجهه الآخرى بغضب مكتوم من تصرفاتها :- - حاجة بسيطة جداً أربع غرز بس
نظر “عمر” له بأستغراب من لهجته وطريقته وقال :-
-طيب يلا بينا .. أنا هركب مع حسن وأمشوا ورانا .. هتعرفي تسوقي
أومأت له برأسها فأبتسم لها ورحل معه ركب معه السيارة بينما هى و “تالا” فى سيارتها
أخبره “حسن” بحديث الدكتور وأعلمه بأنها أذا أجرت جراحة زرع القلب سيكون الخطر أكبر ونسبة بقاءها حية أقل وأصعب .. صمت بهدوء ولم يعقب على حديثه وهو يفكر طوال الطريق كيف يفتح معاها الموضوع ويقنعها دون غضب منه أو عصبيتها الزائدة ….
وصلوا إلى العمارة وصعدوا معاً إلى شقته فأحضر لهم العصير وجلس بترحيب معهم فى الصالون ..
قالت “تالا” وهى تمسك كأس العصير تكسر هذا الصمت السائد :-
– شقتك حلو ياعمر
أجابها بهدوء شديد :-
– لسه واخدها جديد
قهقه ضاحكاً مُصطنع السعادة وقال :-
– حلو بس رجولية شوية ..
- شقة عازب بقا .. تعالى يانور أوريكى حاجة
قالها وهو يقف من مكانه فقال “حسن” وهو يرتشف العصير وينظر لـ “تالا” :- - نحن هنا ها ياواد أنا بحذرك
تذمر غاضباً منه ويقول :-
– ههه لا متخافش ياخويا على نور طول ما هي معايا .. أشرب العصير
أخذها ودخل إلى الداخل وقف أمام باب غرفته وقال لها :-
– أدخلى أتفرجي على الأوضة دى وقوليلى رأيك .. أنا هقعد مع حسن وتالا لحد ما تخلصي براحتك
- ماشي
قالتها بهدوء فذهب وتركها .. فتحت الباب ودخلت وأول ما رأته صورة كبيرة لها بحجم الحائط معلقة عليه ،، أقتربت بهدوء شديد وهى تتأمل صورتها وقلبها يدق بأقصى ما لديه لذلك العاشق .. نظرت حولها ووجدت صورة أخرى على المكتب وبجوارها أجندة سوداء اللون أقتربت من المكتب أكثر ووجدت غلاف الأجندة أسود اللون خالى من الرسومات ليس عليه غير لقبها الذي أعطاه لها ( نور عيني ) باللون الأحمر
فتحتها وبدأت تقرأ ما بداخلها وقفت عند قصيدة الشاعر نزار قباني ”
إنْ كانَ عندي ما أقولُ .. فإنَّني
سأقولُهُ للواحدِ القهَّارِ…
عَيْنَاكِ وَحْدَهُما هُمَا شَرْعيَّتي
مراكبي ، وصديقَتَا أسْفَاري
إنْ كانَ لي وَطَنٌ .. فوجهُكِ موطني
أو كانَ لي دارٌ .. فحبُّكِ داري
مَنْ ذا يُحاسبني عليكِ .. وأنتِ لي
هِبَةُ السماء .. ونِعْمةُ الأقدارِ؟
مَنْ ذا يُحاسبني على ما في دمي
مِنْ لُؤلُؤٍ .. وزُمُرُّدٍ .. ومَحَارِ؟
أَيُناقِشُونَ الديكَ في ألوانِهِ ؟
وشقائقَ النُعْمانِ في نَوَّارِ؟
يا أنتِ .. يا سُلْطَانتي ، ومليكتي
يا كوكبي البحريَّ .. يا عَشْتَاري
إني أُحبُّكِ .. دونَ أيِّ تحفُّظٍ
وأعيشُ فيكِ ولادتي .. ودماري
إنّي اقْتَرَفْتُكِ .. عامداً مُتَعمِّداً
إنْ كنتِ عاراً .. يا لروعةِ عاري
ماذا أخافُ ؟ ومَنْ أخافُ ؟ أنا الذي
نامَ الزمانُ على صدى أوتاري
وأنا مفاتيحُ القصيدةِ في يدي
من قبل بَشَّارٍ .. ومن مِهْيَارِ
وأنا جعلتُ الشِعْرَ خُبزاً ساخناً
وجعلتُهُ ثَمَراً على الأشجارِ
سافرتُ في بَحْرِ النساءِ .. ولم أزَلْ
_ من يومِهَا _ مقطوعةً أخباري..
وكتب أسفل القصيدة جملة أخري ” شعرت به يتحدث عن حبيبتى فأهديت تلك القصيدة لطفلتى.. نور ”
أبتسمت بسعادة جنونية تغمر قلبها وكيانها ، وكأن روحها صعد إلى القمر معه وحدهما .. لا يفرقهما أحد ولا يحقد عليهما أحد ،، قلبت الصفحة ووجدت رسالة صغيرة لها بتاريخ يدل على أنه كتبها بعد أن ألتقاءه بها من جديد وكانت رسالته ( أبتسمي .. رمِمَى الثِقة بداخلك .. إصعدي درجات الثَِقة .. لكن لا تحطميها بالتكبر .. كُوني أنتِ بأيمانك .. بأخلاقك .. بعفويتك .. بدلالك ، كونى بثبات قوتكِ.. ذكاء عقلكِ مع توكُلك على الله .. ونرجس تزرعينه .. يغدو بك سعادة .. ثقي بأيمانك وربك ..ثقي بأن قلبي لن يدخلوه غيرك ولن تسكن أحدهن بيتك بين أذراعى .. أنتى الهواء الذي دخل رئتى لأتنفسك وأعيش بك …)
دخل “عمر” عليها وجدها تجلس على مكتبه وتمسك تلك الأجندة بيديها .. أسرع لها وأخذها منها وأخفاها خلف ظهره ..
قالت بحزن و تذمر طفولى وهى تقف :-
– هات ياعمر لسه مخلصتش
تذمر عليها بينما يرفع ذراعيه للأعلى بها :-
– دى هدية جوازنا يادكتورة عايزة تخديها قبل الجواز أزاى
قالتها بترجي وهى تقف أمامه :-
– بلييييز ياعمر عايزة أكمل
تغيرت تعابير وجهه إلى الجدية وقال بحزم :-
– لما نجوز كمليها براحتك .. تعالى عشان عايزك فى موضوع
سألته بفضول بعد أن تلاشت بسمتها :-
– خير ؟؟
أخذها وخرج من الغرفة .. رأهما “حسن” وهم يدخلوا البلكونة
قالت “تالا” وهى تجلس بجواره :-
– تفتكر هيعرف يقنعها ..
تنهد بأستياء وقال :-
– المفروض أنه هو اللى يقدر
- يارب
رفعت يدها للسماء وقالتها ،، نظر “حسن” لها وهو يقول بهيام :- - هو الحاج الوالد مش فى القاهرة ولا ايه
نظرت بأستغراب له وقالت :-
– بابا ليه
غمز لها بغزل وقال :-
– عايزين نزوروا ونطمن عليه
أشاحت نظرها عنه بأستعباط وقالت :-
– هو كويس
فأجابها بأصرار شديد :-
– أيوة يارب دايما بس لازم أشوفه
رمقته بظرها وقالت :-
– ليه
زفر بضيق من تجاهلها لما يلمح به :-
– الحاجة أم حسن عايز تشوفه
- مين الحاجة أم حسن دى
سألته بأستعباط فصاح بها قائلاً :- - ااااااه أنتى بتستعبطي بقا ؟؟
تذمرت عليه بطفولية وقالت :-
– ايه بتستعبطي دى .. خلاص هو مش موجود
نكزها فى ذراعها وقال بهدوء :-
– خلاص ياستى متتقمصيش .. أنا والست الوالدة ونور عايزين نشرب الشاي معه
أكملت تذمرها تشاكسه :-
– أحنا معندناش شاي
زفر بوجهها بأغتياظ من ردودها :-
– اه ده أنتى رخمة بقى
ضحكت له بسعادة وأردفت قائلة :-
– لا بجد معندناش شاي يمشي معاك عصير
أبتسم لها بلهفة وقال :-
– ياستى أى حاجة أنا جاي أخطب ولا أشرب
قالت بدهشة مصطنعة لتغيظه أكثر :-
– تخطب .. بس بابا معندوش بنات للجواز
- وسيادتك أيه ؟؟
سألها بتذمر فنظرت بخجل له ونظرت للأسفل ، أبتسم عليها هو بفرحة هامساً فى أذنيه :-
-أحبك وأنتى قوطة كدة
لم تتمالك نفسها من الضحك عليه وعلى غزله بها وقالت بقصد أغضبه :-
– بس أنا مش عايزة أتجوزك
- مش مهم أنتى المهم أنا
قهقهت ضاحكة بسخرية وقالت :- - ههه هتجوزنى غصب عني
-
وغصب عن أبوك كمان .. أنتى تطولى يابايرة أنتى أنك تتجوزى دكتور زي
رمقته نظرة حادة وقالت :- - بايرة .. طب مفيش جواز بقا ورينى مين دى اللى هتتعمي فى عيناها وتتجوزك
قرص وجنتها وقال لعفوية :-
– أنتى
زفرت بضيق بقوة وقالت معترضة :-
– أيه ياأخواتى ده جواز بالعافية
- اه
تبسمت بخفة وقالت :- - خلاص هعطف عليك عشان صعبت عليا وأتنازل وأوافق
قهقه من الضحك على طريقتها الطفولية فى شجاره
••••••••••••••••••••••••••••••••••••
يقف “عمر” بجوارها وهى تنظر للشارع بصمت .. قال :-
– ايه يانور .. سرحانة فى أيه
أستدارت له وهى تأخذ نفسها بصعوبة بالغة من التوتر وقالت بأرتباك :-
-:عارف أنا أتعورت أزاى
- أزاى يانور ؟؟
سألها بأهتمام ليسمعها وحكت له عن ما حدث وعن ذلك الصداع الذي أصابها ورعشة يديها وتشويش الرؤية التى أصاب عيناها فأن أخفت عن الجميع ما حدث كيف لها بأن تخفي عن روحها ما حدث بها وقالت مُنهية حديثها :- - بس الحمد لله أنهى جت فيا لو كنت أذيتك المريض كنت هروح فيها
هتف بحنان وهو يملك يديها بين كفيه وقال :-
– بعد الشر عليكى يانور عيني .. طب أيه ؟؟
رفعت نظرها له وهى تعلم لما يلمح له وسألته :-
– أيه ؟؟
- مش نروح نحدد معياد العملية بقا .. عايز مضيعكش من أيدي تانى .. عايز أخدك من أيدك وأحقق كل أحلامنا اللى حلمناها زمان ووعدتك أنى أحققها .. عايز أوفي بكل وعد وعدتك به
حدثها بنبرة هادئة حتى لا تغضب عليه فقالت بلهجة واهنة :- - خايفة ياعمر أوى من العملية .. مش متخيلة حد يفتح قلبي بمشرط مش قادرة أتخيل أن ممكن يوقفوا عنى جهاز القلب الرئوى ولو معملوش الشريان الاورطي ممكن أموت
أمتلك وجهها بين كفيه ناظراً لعينيها وقال بحنان :-
– وأنا مش قادر أتخيل أنى بسيبك كدة ماشي فى الطريق الغلط وبتسيبى أيدي
صاحت بنبرة مرتفعة قليلاً ناظر لعيناه :-
– بقولك خايفة
أجابها بهيام يطمئن قلبها :-
– متخافيش يانور عيني أنا معاكي ولا يمكن أسيبك ..
صمتت للحظات ووهلة من التفكير وقالت بأستسلام :-
– ماشي هعملها بس بشرط
تبسم لها بسعادة وقال بدون تفكير :-
– موافق عليه
ضحكت بخفة عليه وقالت :-
– مش تعرفه الأول ياعمر
وضع خصلات شعرها خلف أذنها وقال بدلال يدللها :-
– أنا موافق وهعمله عشانك
- نروح أسكندرية الأول
قالتها بضعف فسألها بدهشة :- - أشمعنا ؟؟
أخفضت رأسها بخجلوأحراج من فعلتها. قالت :-
– أولاً عشان أعتذر لطنط حنين على المقابلة الأخيرة وأسلوبي معاها وكمان عشان أشوف عم منصور
فسألها برفق شديد :-
– مينفعش بعد العملية
أجابته بأصرار على شرطها :-
– لا
تنهد ببهدوء لأجلها وقال :-
– موافق بكرة أخد أجازة من الشغل ونروح على طول
تبسمت له بخوف يظهر فى ملامحها وعيناها وقالت :-
– ماشي وبعدها نعمل العملية
- ماشي وأول ما تفوقى نتجوز
قالها يمازحها فضحكت بسخرية فهو لا يعلم مدى خطورة حالتها وقد لا تعود له مرة أخرى فحين يوقفوا جهاز القلب الرئوى الخاص بها عن ضخ الدم يكون لديهم ٤٥ دقيقة فقط لصنع ذلك الشريان وأن لم يفعله سيتوقف قلبها عن النبض .. لذلك طلبت الذهاب إلى الإسكندرية ليس للأعتذار من “حنين” كما قالت له .. بل لكى تخبر “منصور” بأنها ذاهبة للموت وستقابل أبنته وستعتذر منها بنفسها وتريد أن تتأكد بأنه سامحها من قلبه ..
خرج “عمر” وهو يمسك يديها ويقول بسعادة :-
– عندى ليكم خبر حلو جداً
قال “حسن” بسعادة وهو يضع قدم على الآخر :-
– أنا أتجوزت
تذمر بضجر عليه وقال بتهكم :-
– لا ياخفيف المرحلة الجاية لسه
تحدث “حسن” بغرور قائلاً :-
– يابنى أنا بقول عن نفسي مش عنك
دهشت “نور” من حديثه وقالت :-
– أتجوزت أمتى ومن ورايا
- هتجوز يعنى ياسنفورتى .. هتجوز تالا
قالها بسعادة فضربته “تالا” بخفة على كتفه وهى تقول :- - ومالك بتقولها من غير نفس ليه .. وبعدين أنا مش عايزك هى عافية
-
اه
قالها بأصرار ،، قهقهت “نور” بسعادة تغمر قلبها الصغير وتقول :- - هتبقي ضرتى يعنى
نظر “عمر” لها بغيرة وتبسمت له بطفولية وهى تمسك بيديها الاثنين فى ذراع وقالت :-
– وأحنا عندنا خبر جميل جداً ليكم
- خير ياسنفورتى
سألها بفضول فرد “عمر” عليه وهو يجلس وهى بجواره قائلاً :- - نور قررت تعمل العملية
نظر “حسن” بسعادة وهو يعتدل فى جلسته وأخيراً وافقت عليها، جاء الأمل له فى عدم فقدها وقال :-
– يبقي بكرة نروح المستشفى نبدأ الأجراءات
تحدث “عمر” بجدية قائلاً :-
– مش هينفع نور عايز تروح بكرة أسكندرية الأول ولما نرجع نحدد معاد العملية
غادروا منزل “عمر” وهو معاهم لكى يوصل حبيبته إلى بيتها ويطمئن بأنها عادت للمنزل بسلام ،، ودعها بقلب مُشتاق ثم صعدت إلى العمارة وأستقل هو أول أتوبيس مر بجانبه ليعود إلى منزله ويستعد ليوم طويل لهما ومن ثم عمليتها التى لا يعلم هل ستعود منها أما سترحل عنه مرة آخري بلا رجوع …..
يتــــــبـــــع ……..