رواية ملاذي الاخير للكاتبة نورا عبد العزيز

•• الفصـــــل الحـــادي عشـــر ( 11 ) بعنــــوان “عُـــدت إليــــك ” ••

فتح باب غرفة العمليات فوق مز مكانه مذكوراً متلهفاً ،، رأي الممرضات يخرجوا وهم يدفعوا سريرها المتحرك ومعهم “حسن” .. أسرع لها بلهفة ونظر عليها وهى نائمة وعلى أنفها أنبوب التنفس الصناعي تمسكه الممرضة لها ويناديها :-
– نور

أجابه “حسن” وهو يربت على كتفه بحنان قائلاً :-
– هى نايمة متقلقش

سأله وهو يمسك يدها مرة أخرى رافعًا نظره له :-
– العملية نجحت ؟؟

نظر عليها ثم له مُجدداً وقال هاتفًا :-
– أحنا عملنا اللى علينا والباقي على ربنا ،، عن أذنك لازم نوديها الأوضة

أخذوها إلى الغرفة مرة أخرى ووضعوها على السرير ثم خرجوا الممرضين وظل “حسن” معاهم وهو يضع الأجهزة على جسدها ويوصل لها أنبوب التنفس الصناعي ويعلق المحلول فى الكانولا الموجودة فى يدها ..

سأله “عمر” بلهفة لرؤيتها رغم أنها لم تتركه إلا لساعات طويلة فقط :-
– هتفوق أمتى ؟؟

أجابه بتهكم وهو يكمل ما يفعله :-
– لاااا مش دلوقتى خالص معاك ٤ أيام أو أسبوع على ما القلب يستعيد وظائفه من جديد

عقد حاجبيه مُستغربًا وسأله مُستفهمًا :-
– مش كتير ؟؟

  • ياعمر أنت متعرفش حصل ايه جوا ده أحنا نحمد ربنا أنها خرجت الحمد لله .. قلبها وقف مرتين منين وحصل نزيف أحمد ربنا ياعمر
    قالها بأرتياح ثم تركه وخرج لكى يغير ملابسه ،،أقترب “عمر” منها مُنحنيًا نحوها ويهمس فى أذنها بحب مُتمتمًا :-
  • ألف حمد الله على سلامتك يانور عيني ..

وضع قبلة على جبينتها بحنان وكان قلبه ينبض بقوة بعودتها له فعادت وأعادت النبض لقلبه مرة أخري ،، لا يَعلم أيبتسم لعودتها أم يبكي ويحزن على حالها وهى بين يديه جسد فقط فاقد الروح والبسمة فنظر لها مُتأملاً ملامحها فمسح على شعرها بحنان ورفق وكأنه يتمنى أن تستيقظ اليوم فليس لديه طاقة للأنتظار أكثر ..

قال “منصور” وهو يدخل الغرفة عليهم مبتسماً فهى كانت تخاف من الفراق وتركهم بسبب تلك الجراحة والان هرب الخوف حين عادت إلى الحياة بجانبهم :-
– ألف حمد الله بالسلامة

وقف “عمر” وهو يصافحه بترحيب ويقدم له الكرسي لكي يجلس عليه أردف قائلاً :-
– تعبت نفسك ياعم منصور

أربت “منصور” على كتفه وقال :-
– أحنا عندنا أعز من الدكتورة

نظر إليها بصمت وأخفض رأسه مشتاق إليها ولرؤيتها تبتسم مرة أخرى وسماع صوتها رغم أنها لم تفارقه إلا لساعات طويلة فقط وقال :-
– الصبر ياولدى الصبر

حدثه وهو ينظر عليها بشغف :-
– ما أنا صابر والله ياعم منصور .. بس حاسس أنها واحشانى بزيادة

همس بأذنه قائلاً :-
– أنت أستنيتها ١٢ سنة مش قادر تستنى أيام … قعدت كله السنين اللى فاتت دى فى قطار الأنتظار ومش قادر تستنى كمان محطة

تبسم بأمل وأصرار قوية عليها وقال مُحدثها :-
– هستناها يعنى هعمل ايه .. هستناكِ لو العمر كله

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

تجلس “تالا” تضع رأسها على يديها وتنظر على “نور” مر يومين ولم تستيقظ و “حنين” بجوارها تقرأ فى المصحف من أجل هذه الفتاة التي سرقت قلب أبنها للأبد من أجل عشرتها مع “زيزى”
جلس “عمر” بجوارها وهو يمسك منشفة مبللة ويمسح بها على جبينها وهمس فى أذنها بنبرة تدل على ضعفه بدونها وهو يمسك يدها بكلتا يديه مُغمغمًا :-
– فوقى يانور عيني بقا .. فوقى عشان تطمنينى عليكي .. قلبي واجعنى من الخوف عليكي ومن الشوق …

لما يكمل حديثه حين يصدر جهاز القلب صفارته يعلن عن توقف نبض القلب وكأنها تخبره بأنها لن تستطيع البقاء بهذا الفراش أكثر وتريد الرحيل ، نظر “عمر” بهلع لها ولأيديهم المتشابكة معاً ..أغلقت “حنين” المصحف بخوف ووقفت تقترب منها،، ركضت “تالا” للخارج وهى بدأت في البكاء لكي تحضر “حسن” أو اى طبيب يفحصها فوجدته قادم من بعيد مع زميل له ،، ركضت نحوه وهى تنادي عليه باكية مُرتجفة :-
– حسن

سمع صوتها من بعيد فنظر ووجدها تركض له وهى تجهش فى البكاء فعلم بأن شئ أصاب صديقته أسرع لها وهو يسأل مُستفهمًا عن سبب بكاءها وفضوله :-
– مالك ؟؟

مسكت يده لأول مرة بدون قصد وهى تأخذه إلى غرفة “نور” وتبكي ،، نظر ليدها الماسكة بيده ونبض قلبه بجنون من أجلها مُبتسمًا فدخل الغرفة وصدم حين رأيه يمسكها من كتفيها ويهز جسدها بقوة وهو يصرخ :-
– نور .. نور متسبنيش .. نوووور

دفعه “حسن” بهلع وهو يقترب منها ويري خط مستقيم مرسوم داخل شاشة جهاز القلب فضغط على زر الطوارئ ثم مسك بجهاز الصدمات الكهربائية وصعق قلبها به ، أنتفض جسدها معه ولم يعود النبض مرة أخرى فعاود صعقه مرة أخرى وهو يردف لها :-
– يلا يانور .. خليكى قوية

أنتفض جسدها معه مرة أخرى ولم يعود النبض،، دخل مجموعة من الأطباء والممرضات الغرفة ، ترك “حسن” الجهاز وبدأت يضغط بكفيه على صدرها وهو يحدثها :-
– يلا يانور

وقف “عمر” فى مقدمة السرير وهو ينظر عليها وبدأت دموعه تترك أسر جفنه وتخرج وهى تشق مجراها الطبيعي فوق خدوه ..
أشبك “حسن” كفيه معاً ورفعهم للأعلى وضرب قلبها بقوة بقبضته فأعادت قوة ضربته النبض لها ،، تحركت رأسها برفق وأصابع يديها تشير لهم بأنها عادت له،، بدأ ذلك الخط المستقيم يختفي ويرسم خط مموج ..
عادت من أجله و من أجل تحقيق أحلامهم معاً ، عادت لكى ترتدي له فستان زفافهم الأبيض ..

أخرجهم “حسن” للخارج وهو يطهر جرحها بعد أن نزف من شدة ضربته القاضية وأدخلهم بعد أنهي عمله ..
سأله “عمر” بنبرة يائسة قائلاً :-
– هى مش هتفوق بقا ؟؟

أجابه بحيرة وهو ينظر لها ثم له :-
– أنا ممكن أفوقها لك بس ده هيتعبها خليها نايمة أفضل ليها

تنهد بأستياء وقال بخوف عليها :-
– ماشي

لحظات تمر عليه قد تُميت قلبه وتقتل روحه ،، أنتظارها لسنوات طويلة مضيت والأن وهو يراها أمامه لا يستطيع أن ينتظر أكثر وأكثر ..
طوال هذه الأيام ظل “حسن” فى المستشفى لا يفارقها أبداً ينتظر أن تعود صديقته الصغيرة للحياة ، تعود لبسمتها من جديد ولشجارهما معاً …
تذهب “تالا” يومياً إلى عملها وتعود منه على المستشفي فى أنتظار أستعادة “نور” حيويتها وتفتح عيناها مبتسمة لهم …
ظلت “حنين” بجوارها تصلى وتدعي ربها من أجل حب أبنها وحياته ، لا تستطيع مساعدتها غير بصلواتها ..
أما عن ذلك الحبيب وحبه النائي ظل بجوارها لا يتركها لحظة دائماً ماسكًا يدها ولا يتركها أبداً وكأنها ستهرب منه لو ترك يدها ،، روحه بداخلها وقلبه ينبض بين ضلوعها هى .. يشعر بأن قلب واحد له لا يكفي عشقه لها ،، يشعر بأنه يحتاج لقلوب أخري تزرع فى صدره وينمو بهم حبها ولن يكفوا لها .. تسائل كم قلب يحتاج لأحتواءها ،، يتذكر حين سألته فى صغارهم …. (ماذا يعنى العشق ؟؟ وكيف يكون الحب رزق ؟؟ ) لم يجيبها بوقتها لأن لم يجرب العشق ولا يعلم كيف يكون الحبيب رزق لحبيبته .. أبتسم بقلب مشتاق وقال :-
– العشق هو ما يأتي بعد درجات الحب والحب في معناه
هو اختيار شريك للحياة ميشبهكش فى اى حاجة عشان يكمل اللى ناقص جواك
الحب تحويل كامل لحياتك بمعني يقدر يحول الكلمة من الألم لأمل عشان يتعاش بحلوه ومره ، هدوءه وشقاوته ، مشاعره الدافئة وأحاسيسه الهامسة لقلبك .. العشق أن أكون معاكي وواحشانى .. العشق هو اللى خلاكى تحاربي الموت وترجعيلى ..
و الرزق مش ڪله فلوس
وجودك فى حياتك رزق ، أخلاقك وتربيتك رزق ،حُب الناس ليك رزق ، صبرنا كل ده رغم كل الظروف رزق ربنا لينا ، صحابك اللى فى ضهرك رزق
حد بيحبك وإنت بتحبه’ رزق ربنا ليك ، حنيتك عليا رزق برضو ، وقفتك جنبي وسندي رزق ، حضنك اللى بتحضنه لى عيناكي رزق ، ضحكتك اللى بشوفها بعد كل خلاف رزق ، وأنتى أكبر رزق ونعمة ربنا بعتهالى

أنحنى وأطبق شفتيه بدلال ورفق على كفها ثم ترك لها قبلة تعلمها معنى الحنين والدلال فقال وأنفاسه الدافئة تداعب أصابعها بسبب قربه من يديها :-
– أنتى.. الزرق كله يا نور عيني

تحركت رموش عيناها بهدوء شديد وعيناها تحاول أن تتفتح كالوردة التى تتفتح لأول مرة فى بستانها ، ظلت شفتيه ملتحمة بأصابعها حتى شعر بأصابعها تتحرك بين كفيه وأسفل شفتيه ، رفع رأسه وهو فى وهلة الدهشة وغير مستوعب أنها عادت أخيراً ..
رأي يديها تتحرك وكأنها تخبره بأنه يقبض عليهم بقوة فرفع نظره إليها ووجدها تحاول فتح عيناها بتعب وضعف
أردف بأسمها وهو يبتسم بسعادة أنتظار تلك اللحظة طويلاً :-
– نور

سمعت صوته من بعيد الذي تميزه بكله حواسها ، فتحت عيناها أخيراً لتلتقى به أول شيء أمامها مبتسماً لها ، أرمشت عيونها بتعب ، وضع يده الأخري فوق رأسها بحنان وهو يقول :-
– ألف حمد الله بالسلامة يانور عيني

رفعت يديها ببطئ وهى تنزع عن أنفها وفمها التنفس الصناعي ، ساعدها فى نزعه ووضعه بجوارها

، خرج منها صوت مبحوح ضعيف جداً وهى تقول بتلعثم :-
– عمر

  • عيون عمر .. مش قولتلك هتخرجي تلاقينى جنبك مستنيكى
    قالها بحنان فأذدردت لعابها الجاف بصعوبة وقالت بنبرة مُتعبة تدل على أرهاق جسدها :-
  • أنا .. عايزة أشرب ؟؟

  • عينى ياحبيبي
    قالها مُسرعًا وألتف يحضر لها زجاجة المياة
    خرجت “حنين” من حمام الغرفة رأته وهو يرفع رأسها بحنان ويشربها بيده ، أبتسمت بسعادة وهى تقترب وتقول :-

  • حمد الله على سلامتك يانور

  • خليها ساكتة ياماما ومرتاحة
    قالها بحنان ثم تركها وخرج يخبر الأستقبال بأنها فاقت .. أتصلوا الأستقبال بحسن

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

كان يقف “حسن” فى شقته أمام المرآة يصفف شعره ويجهز لكي ينزل ويذهب لـ “تالا” فى المدرسة يأخذها ويذهبوا للمستشفي .. رن هاتفه بأسم أحد الممرضين فأجاب عليه :-
– الو

أتاه صوت الممرض يستفهم عن حاله أولاً :-
– دكتور حسن أزاى حضرتك ؟؟

أجابه وهو يلتقط مفاتيحه ويتجه للخارج قائلاً بكُلف :-
– تمام الحمد لله .. خير

قال مُبتسمًا يبشره بذلك الخبر المُنتظر :-
– دكتورة نور فاقت

أتسعت عيناه على مصراعيهما من الذهول والسعادة فهتف بأستعجال سافر مُحدثه :-
– اييه .. طيب أنا جاى حالاً

أغلق الخط وركض للخارج مسرعاً وهو ينزل درجات الدرج دون أنتباه ثم ولج لسيارته يشعلها بسعادة وفرحة ثم قادها متجهاً إلى مدرسة “تالا” وهو يتصل بــ “عمر”فأجاب عليه وقال بلهفة :-
– أيوة ياعمر .. نور كويسة ؟؟

نظر عليها بسعادة قطعت أحبال الأنتظار وقال :-
– اه الحمد لله فاقت من نص ساعة

فسأله مُجددًا لتأكد أكثر ويصدق عودتها :-
– يعنى هى كويسة الحمد لله ؟؟

أكد له حالتها مُدركًا حال هذا الصديق هاتفًا :-
– اه والدكتور جه شافها وطمنى عليها فـ براحتك مستعجلش هى كويسة وبتتكلم معانا أهي

قال مُبتسمًا :-
– ماشي أنا فى الطريق

أغلق “حسن” الخط معه وقد أرتاح قلبه وأطمئن عليها .. وصل إلى المدرسة ، وجد “تالا” تقف أمام البوابة بغضب تنتظره ،، ترجل من سيارته بسرعة لها فقالت بإقتضاب :-
– كل ده يادكتور بقالى ساعة واقفة

أجابها بأرتياح يشاكسها قائلاً :-
– كلهم على بعض ٨ دقائق جبتيهم منين ساعة

رمقته بنظرة غاضبة وقالت بانفعال :-
– وكمان بتهزر

  • ومهزرش ليه
    قرص وجنتها فكبتت غضبها منه ثم دفعته من صدره بعيدًا عن طريقها ومرت من جانبه تركب السيارة وهى غاضبة منه وأغلقت الباب ، ركب بجوارها وهو ينظر لها وقال بعفوية :-
  • خلاص بقا فكي التكشيرة دى

أردفت بتذمر شديد ناظرة للأمام مُتحاشية النظر له قائلة :-
– مالكش دعوة وأتفضل ودينى لنور

أبتسم بمكر ثم قال بخبث شديدة وهو يرفع حاجبه لها عاقداً ذراعيه للأمام :-
– ماهو التكشيرة دى مينفعش تروح لنور .. البت لسه فايقة من العملية أوديكي ليها مكشرة

أستدارت له بدهشة وفرحة وهى تسأله ببراءة طفولية وقد زال غضبهاومنه تمامًا كما توقع :-
– نور فاقت ؟؟

أنقر بسبابته على أنفها مداعبها ثم قال بنعومة :-
– اه

أربتت على ذراعه ببهجة تغمر قلبها كطفلة صغيرة تتصرف كما يتصرف أطفالها فى المدرسة فقالت :-
– بجد طب سوق بسرعة خلينى أروح لها دى واحشتنى موت

أعتدل فى مقعده وهو ينظر للأمام عاقداً ذراعيه للأمام ثم رفع حاجبه لها وقال بغرور مُصطنع :-
– مش لما تصالحينى الأول

صاحت بوجهه كقنبلة مُوقتة حان وقت أنفجارها قائلة :-
– مين اللى يصالح مين ؟؟ .. هو مين اللى متأخر ؟؟ .. مين اللى زعل التانى ؟؟

  • أنا اللى زعلتلك وأنتى اللى هتصالحينى أيه قولك
    قالها بكبرياء وغرور فرمقته نظرة حادة تدل على غضبها منه وقالت مُهددة له بزفر :-
  • هنزل ياحسن ..

  • خلاص خلاص
    قالها بهلع من جنونها وقاد السيارة متجهاً إلى المستشفى لكى يري هذه الطفلة الصغيرة

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

جلست “نور” على الفراش بتعب ويطعمها “عمر” بدلال و يمازحها لتبتسم بخفة ، وهى غير مُصدقة بأنها عادت له ولم تموت ،، مازالت معه فى جنة الأرض ، وفي بوعده حين أخبرها بأن حين تستيقظ ستجده بجوارها
نظر “عمر” فى الطبق ويقطع لها سمك الفيليه ، تتأمله بسعادة وهى تبتسم وتقول :-
– أنا بحبك ياعمر .. ومبسوطة أنك معايا وجنبي

نظر لها بهيام وعيناها تحتضنه بقوة لمعتها والفرحة الموجودة بها وقال وهو يطعمها بيده :-
– وأنا بحبك وهنفضل مكملين سوا أنا وأنتى لحد النهاية ، عشان أنا مينفعش أكون غير ليك أنتي وأنتي مينفعش تكوني غير ليا

أجابته بحنان وصوت ناعم :-
– عشان مينفعش أكون غير ليك أنا بحبك أنت

بعثر شعرها بدلال وهو يقول لها :-
– طبعاً يامُدللتى

بالفعل هى مُدللته الصغيرة دللها منذ أول لقاء وأول لحظة لهم وجعلها أميرته المدللة أمنياتها أحلامه يسعى لتحقيقها .. هى من أعطته كل الدلال حين أحبته وجعلته ملك على عرش قلبها وتوجته بتاج حبها بأنه يكون الملك الأول والأخير عليه ملك أبدياً على ذلك العرش ،، ومقابل ذلك العرش أعطاها عمره بأكمله ملكاً لها هى وحدها

دخلت “تالا” غاضبة تصرخ بـ “حسن” :-
– برضو مبكلمكش ده ايه ياختى ده …نور

أسرعت لها وعانقتها عناق تمني “عمر” بأن تكون حلاله فى تلك اللحظة التى فاقت بها لكى يعانقها مثل “تالا” ولكنه تحل بالصبر فى أنتظار أن تكون حلاله وملكه وحده
دخل “حسن” خلفها وهو يغنى لها مقطع من أغنية ( أتحبنى بعد الذي كان / للقيصر كاظم الساهر ) :-
– زمن مضي وبقيت غالية
لا هنت أنتى ولا الهواء هان
لولا المحبة يا مدللتى ما أصبح الإنسان إنساناً

نظرت “نور” عليه بدهشة وقالت :-
– الله يسلمك ياتالا .. هو حسن ماله

أجابها وهو يقرب يشاكسها مُشتاقًا لشجارهما معًا :-
– شوفته قالت حسن يبقي لسه مفاقتش من البنج .. حمد الله على سلامتك ياسنفورتى

تذمرت عليه وقالت بغرور :-
– صوتك وحش ياحسن متغنيش تانى

أجابها بمرح :-
– كدة أخس عليكي يانور .. طب أضحكى عليا .. خطيبتى واقفة

سألته “تالا” وهى تجلس بجانب “نور” بغضب وغيرة :-
– فين خطيبتك دى .. أنتى أتخطبتي له يانور

رمقها “عمر” بضيق وغيرة وكأن “حسن” سيسرقها حقاً منه وقال :-
– خطب مين ياتالا .. هو في ايه أنتى والزمن عليا

قهقه ضاحكًا على غيرتهما الأثنين وقال :-
– ههه كسفة .. أنا خاطبك أنتى ياتوتا

ردت عليه بكبرياء وأستنكار :-
– أمتى ده محصلش أنت هتجبلى مصيبة

نظر لصديقته وقال بأستياء مُصطنع :-
– شايفة يانور بتعمل فيا أيه

أجابتهم بينما تستلقي على الفراش بتعب :-
– بس ياتالا متزعلش أبو على

نظرت لها بأستياء وقالت بغيظ :-
– اه أنا اللى مزعله ؟؟

فتح باب الغرفة ودخل “منصور” ، أبتسمت فور رؤيته فقال :-
– حمد الله بالسلامة يادكتورة

أجابته وهى تعاود الجلوس مرة أخري :-
– الله يسلمك

أقترب منها وهو يصافحها ويقول :-
– يلا شدي حيلك كدة

جلسوا معاً وهم يحكوا لها عن حالة “عمر” فى غيابها وكيف كان يبكي ليلاً من أشتياقه لها وعندما توقف قلبها كيف قسي عليه الزمن وأختباره القدر بتوقف النبض أمامه …
دق باب الغرفة … فتح “عمر” الباب ووجد رجل تجاوز عمر الستينات ومعه سيدة من سنه فقال مُستفهمًا عن هويتهم :-
– أيوه ؟؟

  • مش هنا أوضة دكتورة نور
    قالها الرجل بحزم فوقفت “تالا” بسعادة حين سمعت صوت والدها وقالت :-
  • بابا

ركضت له وعانقته .. وقف “حسن” بفرحة وأخيراً جاء والدها وسيتحقق حلمه ويطلبها منه للزواج .. همس لـ “نور” بصوت منخفض :-
– عن أذنك

قالتها بأستغراب :-
– أستن ياحسن رايح فين ؟؟

قالها بأصرار وهو يرحل بعيداً :-
– هطلبها منه قبل ما أضيع الفرصة تانى

قالها والدها وهو يقترب منها :-
– حمد الله بالسلامة يادكتورة

أجابه بلامبالاة وهى تنظر على صديقها المجنون :-
– الله يسلمك ياعمه

قالتها والدة “تالا” بهدوء مُبتسمًا لها :-
– معلش تعبناكي مع تالا

  • تالا زى أختى مفيش الكلام ده
    أجابتها برفق وأقترب “حسن” من والد تالا وهو يقول :-
  • تعال ياحاج أنا عايزك فى موضوع

نظر والد “تالا” لــ “حسن” بأستغراب وعجب من تصرفاته وقال :-
– نعم

  • على أنفراد ياحاج
    قالها بحزم وأخذه وهو يتجه للخارج ، نظرت تالا له بأعتراض على أستعجاله ومسكته من تيشرته من الخلف بأطراف أصابعها ، أبعد يدها عنه وهو يخرج متجاهلها

سألتها والدتها بفضول شديد :-
– ده حسن اللى قولتلى عليه

نظرت للأسفل بخجل من أمها وقالت :-
– اه ياماما

جلست “تالا” فى عالم آخر وهى تفكر فى رد فعل والدها… وتتخيله وهو يجلس بجوار والدها ويطلبها منه بدون تجهيز لكلامه أو تأنقه من أجل تلك اللحظة،، لم يرتب كلماته التى سيقولها لوالدها ،، جلست نظرها ثابت على باب الغرفة منتظرة دخولهما أنتظرت تلك اللحظة منذ أن ألتقت به منذ النظرة الأولى بينهم

قالت “نور” بهمس لـ “عمر” وهو يعطيها العصير :-
– شايف تالا عاملة أزاى

همس لها بحب وهو يأخذ يدها بين كفيه هاتفًا :-
– عقبالك يانور لما أروح أطلبك من عم منصور وحسن وتقعدى قاعدتها دى

تذمرت عليه بدلال وهى تقول :-
– ومش هوافق

رمقها بنظره ثم قال بغيظ :-
– أنتى تطول يابايرة أنتى

نظرت نحوه وهى تجذب يدها من قبضته وقالت :-
– أنا بايرة ياعمر

أخذ يدها مرة أخرى بحنان وقال :-
– أنتى أجمل وأحلى وأرق بايرة فى حياتى .. قصدى بنت

أشاحت نظرها عنه تحدثه بأستياء :-
– ياسلام ياخويا كل بعقلى حلاوة

سألها بنبرة هامسة تذيب قلبها وتجعله يسرع فى نبضاته له :-
– أنا يانور

أدارت رأسها له فتقابلت عيناهما معا فقال :-
– لا ياحبيب نور

وقف من مقعده وهو يساعدها على الاسترخاء يقول :-
– طب بطلى كلام بقا عشان متتعبيش أنتى لسه فى فترة نقاء ياهانم

تبسمت له وهى تقول له :-
– حاضر يابابا

مسح على رأسها بحنان وقال مداعبها :-
– برافو أنا بحب بنتى تسمع الكلام

دخل “حسن” وعلى وجهه حزن عميق ، رأته وهو يدخل حزين مهموم خائب الأمل ، دق القلق والذعر باب قلبها وتحول أنتظارها المبهج إلى خوف ، أحرجت أن تسأله أمام الجميع عن رد والدها ، أنزلت رأسها للأسفل بخيبة أمل وقلب مجروح

سألته “نور” بقلق من ملامحه البائسة :-
– مالك ياحسن

قال وهو يجلس بجوار “تالا” بنبرة حادة إلى حد ما وينظر لــ “تالا” :-
– باركوا لى طلبت تالا من باباها للجواز ووافق .. بس لسه مستني رأيها يمكن معجبهاش ولا حاجة

رفعت نظرها وتحول خوفها وحزن إلى غضب شديده ضربته بقوة بقبضتها الصغيرة على كتفه وصرخت به :-
– أنت رخم ياحسن .. وقفت قلبي

نظر لها بغرور وقال :-
– يابنتى ما لسه جنابك موافقتيش

  • ومش هوافق
    قالتها بضيق منه فى حين دخل والدها الغرفة ، أشار “حسن” لها عليه وبأنه قد يرفضه من هزارها بتلك الكلمة ، أحنت رأسها بخجل وأحمرت وجنتها وهى تقول :-
  • خلاص موافقة

قهقت “نور” من الضحك عليهم بقوة وألمها قلبها قليلاً ووضعت يدها عليه بتعب فصرخ “حسن” وهو يقف ويخطو نحوها :-
– عجبك كدة .. يابت متضحكيش

  • برا ياحسن .. وأنتى يانور براحة
    صاح “عمر” به وهو يقترب منها بهلع عليها،، فقال “حسن” وهو يقف بجوارها :-
  • يلا بيتك بيتك عندنا مريضة عايزة ترتاح

  • عيب ياحسن
    كانت تلك الكلمة التى قالتها والدة “حسن” وهى تدخل ، نظر لها وهو يقول :-

  • حماتى … قصدى حماتك والدتى .. أيه اللى جابك يأم حسن

ضربته على كتفه بأغتياظ وهى تقول :-
– جاية أطمن على بنتى .. أخبارك أيه يانور

أجابتها بصوت مبحوح يظهر بنبرته تعبها وأرهاق قلبها :-
– تمام الحمد لله

قالت والدته وهى تطبق قبلة على جبينها :-
– ألف سلامة عليكى

تبسمت لها وهى تتقول :-
– الله يسلمك

سألها أبنها بفضول وهو يبعدها عن تلك المريضة :-
– ياأم حسن سيبى نور وردى عليا مين اللى جابك دلوقتى

نكزته بأغتياظ وهى تقول :-
– جوز أختك أرتاحت ياحسن

  • طب تعالى أعرفك على خطيبتى
    قالها بسعادة فأتسعت عيناها على مصراعيها ونظرت له بدهشة وقالت :-
  • خطيبتك …. أنت خطبت ياحسن من غيري

ضحك لها وقال بمرح :-
– هأخدك لما أجي ألبس الدبل .. تعالى يامي .. تالا

همسته له فى أذنه قائلة :-
– تالا اللى قاعدة عند نور

أومأ لها بإيجاب وقال :-
– اه

فسألته بحنان أم :-
– هى اللى شقلبتك كدة

أحرج من جملتها وسط الجميع وأحمرت وجنته ثم قال :-
– سلمي يامي

صافحتها والدة “حسن” ثم عانقتها و تقول وهى تضغط عليها يتذمر :-
– ومالها معصعصة كدة ليه .. أنتى مبتأكليش ياحبيبتى

تألمت “تالا” من عانقها وهى تقول :-
– ااه لا بأكل ياطنط

أبعد أمه عنها بحرج وهو يقدمها أهلها :-
– أبقي غذيها ياأمي .. والدتها .. والدها

رحبت بهم والدته وجلست بجوارها فقال بجدية :-
– طب أنا هروح أستلام نبطشيتى وهجيلك بليل وحد يروح البيت يجيب ليها هدوم ثقيلة عشان جسمها ميسقعش وتتعب

وقف “عمر” بسرعة كما يخشي عليها من البرد والمرض ثم قال :-
– أنا هروح

أستوقفه بحديثه هاتفًا :-
– لا خليك أنت ياعمر .. يمكن تحتاج حاجة حريمي ولا حاجة .. بعد أذنك ياعمي تالا تروح مع والدتى يجبولها عشان هى عارفة البيت عند نور

أردف بسعادة قائلاً :-
– مفيش مشكلة وأنا هروح معاهم عشان الوقت متأخر

  • ماشي وخدوا عربيتى
    قالها وهو يخرج المفتاح وأعطي “تالا” مفتاح سيارته وخرج

رحل “منصور” و”تالا” و”والدة حسن” و”والدة تالا” ووالدها وأبقي “عمر” بجوارها هو و”حنين” فقال لها بحنان :-
– نامي يانور

أجابته بتعب من حديثها طول اليوم :-
– حاضر ممكن تطفئ النور

  • عيني
    قالها بهدوء مُلبيًا طلبها فأغلق لها الضوء وغطت جسدها جيداً ثم جلس على المقعد بجوار أمه ووضع قدمه على مقعد أخر لينال قسط من الراحة …

يتــــــبـــع ……..

error: