رواية ملاذي الاخير للكاتبة نورا عبد العزيز

•• الفصـــــل الثــــامــن ( 8 ) بعنـــوان ” قلـــوب عــاشقـــة ” ••

أحاول أن لا أحبك …. وأقتل حبك بداخل قلبي
أحاول أن أقاوم قلبي … ،ف كلما قاومت قلبي…كلما زاد تشبثي بك ، كلما أنهكي وجعى كلما عشقتك ، كلما دفعتك بعيداً .. كلما عودت لى ..
فلما على الأمر أن يكون كذلك ؟؟

وصلت “نور” إلى القاهرة بعد ساعات من القيادة فى منتصف الليل ، وهى فى حالة يرثى لها ، منهارة من البكاء خلال قيادتها مر أمامها شريط الذكريات وهو يعاد أمام عيناها مرة أخري ، صعدت للشقة وهى تريد شئ واحد فقط أن تختفي من أنظار الناس ، وأن تجد مأوي لها تصرخ بيه وتبكي كما يحلو لها ، وقفت أمام شقتها وهى تفتح الباب ،جاءت لها زينب ( أحدى سيدات العمارة ساكنة بالشقة المجاور )

هتفت السيدة “زينب” وهى تقترب منهم تناديها :-
– يادكتورة

أستدارت لها وهى ترسم أبتسامة مزيفة على شفتيها وتقول :-
– تحت أمرك ياطنط

قالت وهى تمد يدها لــ “نور” بظرف مُبتسمة :-
– فى واحدة سألت عنك أمبارح وسابت لك الظرف ده وبتقولك تكلميها ضروري

أتبسمت وهى تأخذ منها الظرف وتقول :-
– ميرسي تعبت حضرتك معايا

  • لا تعب ولا حاجة يادكتورة ، الجيران للبعضها
    قالتها ثم دخلت إلى شقتها ، دخلت “نور” شقتها وأغلقت الباب ولم تعلق بالها بصاحبة الظرف ، وضعته على البوفيه ودخلت إلى غرفتها ، رمت بجسدها فوق السرير بتعب من شدة البكاء وأرهاق القيادة ، نظرت للسقف بتعب وعيناها شبه مفتوحة من أرهاق جسدها

هتفت بصوت ضعيف شبه مسموع وهى تمسك صورته الموجودة بجوار سريرها وتحدثها قائلة :-
-كان عندى أمنية واحدة بس ، أنك تكون جنبي ومعايا ..

سالت دموعها مرة أخرى وهى تتحسس وجهه بأناملها الصغيرة وهى تكمل حديثها قائلة :-
– هى أمنيتى كانت صعبة اوووى كدة ، ولا أنا اللى أتمنيت حاجة مش من حقي وكتير عليا

ضمت صورته بشغف وأشتياق يحرق قلبها ويؤلمه إلى صدرها وهى تطوقها بكفيها ، وظلت تبكي حتى غرقت في نومها ، تلقاه فى حلمها مادام لقاءه فى الواقع مستحيل

•••••••••••••••••••••••••••••••••••

وصل “حسن” إلى المستشفى صباحاً وهو يبحث عنها ، يريد أن يطمئن على تلك الطفلة المتمردة ، يصطدم بفتاة وهو ينظر حوله ، يسقط منها بعض الأوراق تنحنى لكى تجلبها ، جثو على ركبته يساعدها
هتف وهو يجمع الأوراق معاها دون النظر لوجهها :-
– متأسف جدا يافندم …

هتفت “تالا” وهى تقف برقة وصوت عاذب جميل يجعل القلب أسير الحب واقعاً فى شباكها :-
– حصل خير

وقف كالصنام وهو ينظر لها بدهشة ، ألتقي بها بعد ٤ سنوات من الفراق بينهم ، نظر لها نظرة طويلة صامتة ولكن عيناه بها الكثير والكثير
قال وهو غير مصدق ما يراه ولا يستوعب بأنها أمامه بعد كل هذه السنوات :-
– تالا

أبتسمت له بعفوية وهى تنظر لعيناه وتمد يديها له تصافحه وهى تقول :-
– دكتور حسن .. أزيك

نظر ليديها الممدودة له بهيام ومد يده له وتتشابك أيديهم وهو لا يبعد نظره عنها وهو يقول :-
– أنا تمام .. المهم طمنينى أنتى عاملة ايه وبتعملى أيه هنا

ردت عليه وهى تجذب يدها من كفه بخجل قائلة :-
– أنا تمام الحمد لله ، أصلى أتفقت مع دكتورة نور أو ما أرجع القاهرة هجيلها ، دورت عليها كتير قوليلى بتمر على المرضي

سأل بدهشة أكبر وأستغراب :-
– دكتورة نور ، أنتى بتكلميها

أبتسمت بسعادة ومرح وهى تقول :-
– أووومال ايه أحنا طول السنين دى بنتكلم فون وفيس وواتس

نظر لها بدهشة وهو غير مصدق ما تقوله هو يبحث عنها هنا ، وهى مع أقرب شخص له وصديقة عمره

سمعوا صوتها من الخلف وهى تقول مبتسمة :-
– عندك تأخير ٧ دقائق ياهانم

أرتسمت أبتسامة واسعة على وجه “تالا” وهى تركض نحوها ثم تعانقها بحب وأشتياق وهى تبتسم مُردفة :-
– على فكرة واحشتينى جدا

قالت “نور” وهى تربت على ظهرها بسعادة :-
– وأنتى أكتر ياحبيبتى

أبتعدوا عن بعضهم وأكملت “نور” جملتها وهى تقول :-
– أول ما قرأت الجواب وأنك رجعتى وهتيجي المستشفي ، لبست وجيت على طول ، بسببك أول مشافونى نزلونى شغل وسحبوا الأجازة بس كله يهون عشان خاطرك

قالت “تالا” وهى تنكزها فى ذراعها بعفوية وأبتسامة لا تفارق وجهها :-
– باقي لى ٣ أيام بجيلك المستشفى كل يوم مش موجودة

أبتسمت لها وهى تضحك بصوت مسموع ونظرها على “حسن” وهو ثابت مكانه شارد الذهن تماماً يفكر في عودتها إلي حاضره ثم قالت وعيناها عليه :-
– هخلص شغل الساعة ٧ ،، أنتى قاعدة فين ؟؟

  • فى فندق كدة مش كبير على قد فلوسي
    قالتها بهدوء فوضعت “نور” يديها فى جيب البلطو الأبيض وأخرجت مفاتيحها وهى تمدهم لها وتقول :-
  • خدى ده مفتاح شقتى ، روحى هاتى حاجاتك وأستنينى فى الشقة هخلص شغل وأحصلك

أبتسمت “تالا” بأحراج وهى تنظر للمفتاح وتقول :-
– مش عايزة أثقل عليكى

نكزتها “نور” فى يدها وهى تعطيها المفتاح بالغصب قائلة :-
– أسمعى الكلام أومال يلا

أخذت المفتاح ثم نظرت لـ “حسن” وهى تقول :-
– عن أذنك يادكتور

لم يجيب عليها ، يقف لا يسمع ولا يشعر بشئ حوله ، ذهبت فشعر بيد “نور” على ظهره وهى تقول مبتسمة وتشاكسه بمرح :-
– أيه الحكاية ، أنا بردو قولت الواد حسن ميقولش كلام حلو زى اللى قاله ده غير لو فى حاجة مخبيها عليا

نظر لها بأحراج وهو يضع يديه خلف رأسه قائلاً :-
– مفيش يانور هخبي عليكي يعنى

وضعت يديها الأثنين فى جيب البلطو الأبيض هى تقول بحزن مصطنع :-
-اه ياحسونة بقيت تخبي عليا ، عموماً أعمل في حسابك هعرف كل حاجة فى البريك فاهم

كاد أن يحدثها ويعترض وضعت يديها أمام وجهه تستوقفه قبل أن يتحدث وتمنعه من المعارضة وهى تقول :-
– ممنوع الجدال أو الأعتراض مفهوم ، ده قرار جمهورى من دكتورة نور

أبتسم لمرحها وعودت أبتسامتها ومزاحها معه مرة أخري ، عادت تشاكسه وتأمره كعادتها عادة أحبها بها وأحب جنونها وشقاوتها معه ، ذهبت لزيارة “لطيفة” قبل أن تكمل عملها ، دقت على باب غرفتها وفتحته وأدخلت رأسها فقط من خلف الباب وهى تقول بمرح :-
– ممكن أدخل

نظرت لها بضعف ، وتعب وحالتها تسوء كل يوم عن السابق وأشارت إليها بالدخول

قالت “نور” وهى تدخل مبتسمة تزيح بأبتسامتها قليلاً من التوتر والخوف اللذان يحتلان وجه لطيفة :-
– صباح الخير على عيون الحلوين .. لا ده أحنا النهاردة عال اوووى اللهم ما لا حسد

أبتسمت لها “لطيفة” وهى ترفع يديها بتعب وضعف ، تمسك “نور” يديها وهى تجلس على الكرسي بجانبها فهتفت بلهجة متعبة واهنة قائلة :-
– حصل حاجة .. ومخبيها …عليا صح ..

سألت “نور” وأبتسامتها تتلاشي شيئاً فشئ :-
– ليه بتقولى كدة ؟؟

أجابتها وهى تتنفس الصعداء بصعوبة :-
– أنا بقيت حافظكى أكتر من نفسك .. بتضحكى عشان تخبي اللى جواكي .. بتضحكى عشان تداري ضعفك ..مش عايزة حد يشوفك ضعيفة ويشفق عليكي حتى لو كان أقرب الناس ليكى ، مش عايزة حد يبصلك بصة الشفقة

أربت “نور” على يدها بحنان وهى مبتسمة قائلة :-
– مشكلتك أنك أكتر حد فاهمنى ، بس أنا بحاول أعيش وأتعود

  • أنك تتعودي حاجة وأنك تحاول تعيشي حاجة ، يعنى مثلاً أنتى عايشة ليه ، مالكيش أى احلام خالص
    قالتها بضعف فقهقهت “نور” من الضحك وبدون إرادة تحول الضحك للبكاء وهى تقول بسخرية وأستهزاء من حالة قلبها المجروح :-
  • أحلام ايه .. أنا جزء منى عايش على الماضي والذكريات الجميلة ونفسه ترجع ، وجزء تانى عايش على بكرة وبيتمنى يكون أحسن من الماضي ، بس فى النص فى جزء مجروح لا عارف يطول الماضي والذكريات الجميلة ولا عارف يطول بكرة والأمل أنه أجمل ، وفى جميع الحالات عايشة والأيام بتمر سوء بحلوها أو بمرها

سألتها “لطيفة” بهدوء قائلة :-
– يعنى حياتك هتقف من غير الذكريات الجميلة والحب

إجابتها وهى تفكر بعقلها بدلاً من قلبها الممزق وهى تقول :-
– خلينا نكون واقعيين وأن حياة الإنسان مبتقفش على حد ، الحاجة الوحيدة اللي ممكن حياتى تقف عليها ومن غيرها بجد هى الهواء والمياه غيرهم لا

أبتسمت “لطيفة” وهى تسحب يدها من يد “نور” و تخلع خاتمها من خنصرها و تعطيه لها وهى تقول :-
– خلاص يابنتى أصنعي لنفسك ذكريات جميلة جديدة فى الحاضر بعيد عن الماضي وجراحه ، عيشي وأتهنى بشبابك ، أوعي فيوم تخلي حد يصنعلك سعادتك ، لأن سعادتك الحقيقة محدش هيصنعها غيرك ، عيشي كل لحظة فى حياتك على أنها أخر لحظة ،قول للناس اللي بتحبيهم إنك بتحبيهم كل يوم .. كل ساعة .. كل لحظة.. قولي ليهم قد إيه هم مهمين بالنسبالك .. قد إيه ماتقدرش تعيش من غير وجودهم جانبك.. عيشي يابنتى و أوعي تستسلمى للمرض والموت ، قاومي وحاربي ، عافري بجد عشان توصلي للى عاوزه ، لأنه أكيد اللى عاوزه يستاهل .. عافرى حتى لو هتعافر الموت نفسه

وضعت خاتمها فى خنصر “نور” ، نظرت لها بأبتسامة من جمال حديثها ونصيحتها لها ، أنحنت “نور” ووضعت شفتيها على كفها تقبله بأبتسامة من قلبها وقبل أن تبتعد وتترك كفها ، سمعت صوت جهاز القلب يصدر صفارته معلن عن وفأتها ووقوف قلبها عن النبض ، تشنجع جسدها وهى تقبل يدها فى صدمة ، غير قادرة على الحركة من صدمتها ، دخلت الممرضة وخلفها “حسن” وأسرعوا لها ، أبعدها عن “لطيفة” لتفوق من صدمتها وشرودها وتقف بعيداً وهى تنظر عليها

أمسك “حسن” بجهاز صدمات القلب وهو يقول بهلع :-
– أشحنى على ٢٥٠ جول

فعلت الممرضة كما أمر ، تقف تنظر لها و”حسن” يصعق صدرها بجهاز صدمات القلب مرة و أخري ولم يعود النبض ، أبتعد عنها بيأس وحزن وهى يضع الغطاء على وجهها ، فى تلك اللحظة شعرت “نور” بخروج روحها معها وصرخت بقوة وهى تقترب وتدفعه بقوة وهى تبكي بطريقة هستيرية كالطفل الذي فقد أمه للمرة الثانية ، أبعدت الغطاء عنها وهى تضع كفيها فوق قلب “لطيفة” وتضغط بقوة تريد أن يعود النبض مرة أخري
وهى تقول ببكاء وصراخ :-
-لااااا متسبنيش لوحدي أرجوكي … لااااااااا عشان خاطرى أنا بستقوي بيكي ، ماتموتيش وحياتى …. لااااااااا أنا ماليش غيرك

أقترب “حسن” بحزن وهو يتألم لبكاءها وهى تصرخ وتمسك “لطيفة” من كتفيها وتهزها بقوة وتأمرها بضعف وهى تصرخ بأن لا تتركها ، يمسكها وهو يقول :-
– خلاص يانور .. أمر ربنا ونفذ .. ربنا يرحمها

دفعته بقوة وهى غير مصدقة ما يقوله وهى تصرخ به بغضب وتقول :-
-لااا متقولش كدة هى مامتتش هى بتخضنى عليها ..

مسكت هى جهاز صدمات القلب بيديها وصقعت القلب مرة وأخرى وفشلت فى أعادت النبض لقلبها مرة أخري
رد عليها بغضب وهو يريدها أن تعود إلى وعيها وتتقبل ما حدث ويأخذ منها الجهاز ويقول :-
– يانور ماتت

هتفت بغضب بأقوى ما لديها وهى تقول :-
-أنا بكرهك بكرهكم كلكم

أقترب بحزن وشفقة على حالها وهو يضمها له ويحاول قدر الإمكان أن يسيطر على دموعه من أجلها ويقول لها بصوت دافئ وحنان :-
– أدعيلها بالرحمة والمغفرة يانور

أنتفض جسدها بين ذراعيه وهى تبكي وصوت شهقاتها تعلو فى الغرفة وتقول :-
– ليه .. ليه ياحسن … ليه كل اللى بحبهم بيسبونى … ليه كدة هو أنا وحشة اووى كدة عشان يسيبونى

أجابها بحنان وهو يربت على ظهرها وكأنه والد تلك الطفلة الضعيفة تبدو وكأنها هش أى صدمة قد تقتلها وتسقطها ، همس لها بلطف قائلاً :-
– أستغفري ربك يانور ، متكفريش ، ده قدر ربنا ، أنتى عمرك ما كنتى وحشة يانور ده أمر الله

نزلت دموع الممرضة ليست على وفأة تلك العجوزة أنما على بكاء “نور” ، صرخت الممرضة بأسمها حين سقطت من يده فاقدة الوعي :-
– دكتورة نور

••••••••••••••••••••••••••••••••••••

سمعت “نور” صوتها وهى تعيد جملتها ( عيشي يابنتى و أوعي تستسلمى للمرض والموت ، قاومي وحاربي ، عافري بجد عشان توصلي للى عاوزه ، لأنه أكيد اللى عاوزه يستاهل .. عافرى حتى لو هتعافرى الموت نفسه )

فزعت من نومها وهى تنادي بأسمها :-
– ماما لطيفة ..

شعرت بيد دافئة تمسك كفها برفق ، نظرت ووجدت حبيبها يجلس بجانبها على السرير ويمسك يدها ، مُبتسم لها بحزن ، تركت يدها فى كفيه بأستسلام ،فهو أمانها الوحيد ومأواها الذي ما دامت عمر بأكمله تتمناه ، تنظر حولها وتجد نفسها نائمة فى سريرها فى غرفتها داخل شقتها ، أغمضت عيناها بأستسلام للوجع وبدأت دموعها تسقط على الجانبين ، مسك “عمر” منديل ورقي ومسح دموعها بحنان وهو يقول بهدوء :-
– للدرجة دى بتحبيها ، مبطلتيش نطق أسمها وأنتى نايمة

فتحت عيناها ورمقته بنظرها نظرة مليئة بمشاعر مختلطة ، أشتياق ممزوج بالعتاب ، ضعف ، أحتياج ، ألم ، شغف ، حزن ، حب مدفون بداخلها منذ سنوات
قال وهو يربت على كفها مُبتسماً :-
– قومي كدة وجهزى نفسك ، هعملك فطار بأيدي

وكاد أن يقف لتمسك يده بضعف وأحتياج ، ينظر لها بدهشة ويبتسم ، تخجل من فعلتها وتترك يده بأحراج وهى تكذب ما داخلها وتسأله :-
– فطار .. ليه أنا نايمة من أمتى

أبتسم لها بمرح وروحه الخفيفة المعتادة وهو يقول :-
– اااووووووه أنتى كنتى مهاجرة ، بقالك يومين نائمة

قرص خدها بلطف وخرج ، أعتدلت فى جلستها على السرير ووضعت يديها على فمها وهى تتثاءب ، تشعر بخاتم “لطيفة” فى خنصرها ، تنظر له بأشتياق وحزن وتنزل دموعها

وقف “عمر” فى المطبخ يجهز الفطار لها مُبتسماً ، يأتى “حسن” من خلفه وهو يقول مَازحاً :-
-ياخوفي لتخرج دلوقتى تطردك كعادتها ، ويضيع الفطار الجميل ده عليك

ويأكل من البطاطس المقلية ، يضربه عمر على يده بضجر وهو يقول :-
– مالكش فيه ، أطلع منها وهى هتحلو وتتحل بس

خرجت “نور” من غرفتها وهى تتثاءب بكسل ومظهرها فوضوي من النوم ، وجدت تالا جالسة فى الصالة على الأريكة وتلعب بهاتفها ، جلست بجانبها وهى تقول :-
– أنتى كمان هنا

تركت تالا الهاتف وهى تنظر لها بأبتسامة وتقول :-
– أنا مقيمة هنا أنتى نسيتى ولا ايه ، و على فكرة حسن كمان هنا بس فى المطبخ مع عمر

نظرت “نور” لها وعادت برأسها للخلف وأغمضت عيناها وصمتت ، خرج “حسن” وهو يضع الأطباق على السفرة ويذهب تجاههم ويقول بأرتباك :-
– يعنى لو مش هنتعبك تسيبي التلفون ده شوية وتقومى تساعدينا

هتفت “تالا” بأحراج وهى تترك هاتفها وتقف :-
– حاضر

ذهبت نحو السفرة معاه ، خرج “عمر” من المطبخ وهو يحمل الأطباق بيديه ويضعها على السفرة ، يسمع الجميع صوتها الحاد بنبرة جافة وهى تغمض عيناها كما هى قائلة :-
– ممكن تسبونى لوحدى

نظر الجميع لبعضهم بدهشة ثم هتف “حسن” بأستياء قائلاً :-
– مينفعش يانور ، ممكن تتعبى

قالت وهى تقف وتتجه مرة أخرى إلى غرفتها بدون مبالاة :-
– تالا موجودة لو مُت هتكلمك

ودخلت للغرفة بعد أن رمت لهم قنبلة القلق والخوف عليها ، والغضب من تصرفاتها ، نظر “عمر” لــ “حسن” بضيق فقال “حسن” بلهجة حادة وغاضبة منها :-
-أنا ماشي

وخرج وخلفه “عمر” ،دلفت “تالا” إلى غرفتها وهى تقول :-
– مشيوا ممكن أدخل ؟؟

ألتزمت “نور” الصمت كما هى ، دخلت “تالا” وجلست بجانبها على السرير بهدوء وتقول :-
– نور كلنا هنموت ، ده قدر ربنا ومحدش بيهرب منه ، بس بردو منتمناش الموت لأنفسنا ، أنا يمكن أكون أصغر منك ب سنين ، بس ده مش معناه أنى مش فاهمة ، ليه تتمنى الموت لنفسك وفى حد زى عمر بيحبك وكان هيتجنن لما كلمنا وقولنا له اللى حصل

رمقتها بنظرة حادة فهى ضغطت على جرح أخر فى قلبها لم يتوقف عن النزيف أبداً
فأكملت “تالا” حديثها وهى تقول :-
– خديها منى كلمة عمر لا يمكن يكون أتجوز غيرك بمزاجه ورضاه ، اللى حكيتهولى عنه وعن ماضيكم واللى شوفته وهو راكع تحت رجليكى وأنتى نايمة ودعواته أنك تفوقي ، يثبتولى قد أيه هو لسه بيحبك ، الحب أفعال مش كلام

قالت “نور” بهدوء شديد وهى تعقد يديها أمام صدرها :-
– ممكن تقفلى على الموضوع ده

ربتت “تالا” بيديها على قدمها وهى تقف وتقول :-
– عيشي يانور وبلاش اليأس والأستسلام ده للموت

خرجت من الغرفة ، تردد فى أذن نور كلمة ” عيشي ” بصوت “تالا” وبصوت “لطيفة” ، الجميع وكل من حولها يتمنى أن تعيش وهى تتمنى الموت لنفسها ، عادت جملة “لطيفة” تكرر فى أذنها ” عيشي يابنتى و أوعي تستسلمى للمرض والموت ، قاومي وحاربي ، عافري بجد عشان توصلي للى عاوزه ، لأنه أكيد اللى عاوزه يستاهل .. عافرى حتى لو هتعافرى الموت نفسه ”

مر أسبوع بأكمله وهى فى غرفتها لا تتحدث مع أحد ولا تأكل تنقطع عن كل شئ حتى “حسن” ، و “تالا” تسكن معاها فى نفس المنزل ولم تراها …

وقفت “تالا” فى المطبخ تجهز الطعام ، تسمع صوت باب غرفتها يفتح خرجت من المطبخ ووجدتها ترتدي بنطلون جينز أسود وقميص نسائي أسود وتستدل شعرها على ظهرها وتضع نظارتها الشمسية فوق رأسها
أبتسمت بسعادة وهى تقول :-
– أنتى خارجة يانور

أجابتها وهى تقف بجوار باب الشقة وترتدي حذاء رياضي أبيض اللون :-
– اه مشوار صغير وراجعة مش هتأخر

وخرجت من الشقة

•••••••••••••••••••••••••••••••••

فى أسكندرية .. ذهب “منصور” للشيخ الصيادين ومعه مبلغ من المال ،رحب بيه شيخ الصيادين وهو يقول :-
– أتفضل ياحاج منصور

  • يزيد فضلت يابيه ..
    سأله شيخ الصيادين برحب :-
  • تحب تشرب أيه ؟؟
    أجابه “منصور” وهو يخرج من جيبه بعض الأموال ويمدها له قائلاً :-
  • تشكر دايما عامر .. أنا بس كنت جبتلك ألف جنيه من المبلغ

نظر شيخ الصيادين له بأستغراب وهو يسأل :-
– مبلغ أيه ؟؟

رد “منصور” عليه مُبتسماً :-
– اللى كنت واخده سلف من جنابك

قال شيخ الصيادين له :-
– بس أنت بعتلى المبلغ كله مع بنتك

سأله “منصور” بأستغراب قائلاً :-
– بنتى مين ، أنا بنتى الله يرحمها

  • بس أنا جتلى واحدة أسمها دكتورة نور ومعاها واحد ودفعوا الفلوس ، قالوا أنك أنت اللى باعتهم
    قالها بهدوء فأبتسم “منصور” بسعادة وهو يقهقه من الضحك ويمسك عكازه بيديه ويقف وهو يقول :-
  • حتى دى ماسابتهاش

خرج من المكتب وهو يضحك بقوة ويسند على عكازه ، وتمنى الحياة وطول العمر لتلك الدكتورة العاجزة عن علاج قلبها ….

••••••••••••••••••••••••••••••••

أوقفت “نور” سيارتها أمام منزلها القديم ، عادت لدفتر ذكرياتها وشريط الماضي ولحظات الفرح تمر أمامها عابرة فى طريقها ، أما عن لحظات حزنها ليست مجرد عابرة للوهلة ولكنها تعيشها بأتقان ، صعدت إلى شقتها وفتحتها دلفت للداخل وهى تغلق الباب وتنظر للمكان ، لم تدخله منذ أن توفيت أمها ما يقرب إلى ٦ سنوات ، مليئة بالأتربة والغبار وعناكب فى كل زوايا من البيت ، أبعدت الغطاء عن أحد الكراسي وجلست بهدوء وهى تضع شنطتها


تجلس “نور” بجانب “زيزى” على السرير وهى تبكي على مرض أمها ، وتقف روحها على حافة الفراق ، يقف “حسن” خلفها بصمت وحزن
هتفت “زيزى” بتعب قائلة :-
– خلى بالك من نور ياحسن

قال وهو يجثي على ركبته ويمسك يدها يطمئنها على طفلتها :-
– متقلقيش نور فى عينى يا أمى

قالت “زيزى” وهى تتنفس الصعداء بصعوبة بالغة وتعانى :-
– نور مالهاش غيرك ، خليك معاها

قالت “نور” وسط بكاءها :-
– ماما أنتى مش هتسبينى صح .. أنا مقدرش أعيش من غيرك

أبتسمت رغم مرضها وهى تضع يديها قرب وجه نور وتقول :-
– لازم تعيشي ياحبيبتى وتبقي دكتورة قد الدنيا كلها ، وتحققي حلمك .. متزعليش يانور ده قدر ربنا ياحبيبتى ، وأنا عمرى ما هحب حد ولا هخاف على حد قدك أنا أمك يانور ، أنت اللى حته منى مش أنا اللى حته منك …. حسن نور أمانة معاك ……..

وسقطت يديها بجانبها ، وفارقت روحها جسدها بسلام لتعود إلى خالقها


سقطت دمعة هاربة من جفنيها ومسحتها بأناملها وهى تقول بصوت مسموع :-
– حسن صان الأمانة ياماما .. وحققت حلمي وبقيت دكتورة يازوزو … تفتكرى لسه فى حاجة أعيش عشانها

••••••••••••••••••••••••••••••••••

يجلس “حسن” و”تالا” فى الصالون فى شقة “نور” ويقف “عمر” بقلق وخوف من أن تفعل بنفسها شئ ، ظل يتحرك أمامهما ذهاباً وإياباً
صاح “حسن” بتذمر وهو يشير له :-
– يابنى أقعد بقا خيلتنا معاك

سأل “عمر” وهو يقف ثابتاً أمامهم :-
– تفتكروا اتأخرت ليه

أجابت “تالا” عليه وهى تنظر لهما بقلق :-
– معرفش وهى خارجة الصبح قالت مشوار صغير وراجعة لكن مقالتش فين

وقف “عمر” وقلقه يزيد مع تأخر الوقت وهو يقول :-
– أنا هروح أدور عليها

وأتجه نحو باب الشقة ، دخلت من الباب ورأته أمامها أغلقت الباب بصمت ثم قالت بهدوء تام جداً وهى تضع الشنطة على الترابيزة :-
-مساء الخير

رد عليها “حسن” بضجر وهو يقف :-
– مساء النور ياست نور .. كنتى فين ؟؟

ردت عليه بأستغراب وهى تنظر له قائلة :-
– أول مرة تقولى كنتى فين

أجابها بحدة وقسوة وهو يقف :-
-أول مرة الهانم تخرج من غير ما تقول هى راحة فين ، أنا ماشي

وقف وهى يمر من جانبها غاضباً من تصرفاتها فتمسك يده وتوقفه وهى تنظر له ببراءتها وهدوءها وهى تقول :-
– حسن متزعلش أنا مقصودش أزعلك

لم يجيب عليها ويبعد نظره عنها ، قالت بأسلوب طفولى وهى تمسك فى ذراعه كالطفلة الصغيرة ببراءة تحتل وجهها :-
– ياحسن متزعلش مش هقول كدة تانى أبداً

نظر لها وهو يخفي أبتسامته من طريقتها وقال :-
– مش هتقولى بس هتعملى

تبسمت له بطفولية وهى تتشبث بذراعه بكلتا يديها :-
– لا مش هعمل ومش هقول كلمة موت دى تانى

  • لو عايزة تصالحنى يبقي توافقي على العملية
    رمقها بجدية ثم قالها فتركت يديه بعصبية وهى تقول :-
  • لا ياحسن وهتصالحنى غصب عنك

وأستدارت لكي تدخل إلى غرفتها ، وجدته يقف كما هو ينظر عليها ، تقابلت عيناهم معاً فى صمت وهدوء ولكن بداخل كلا منهما عاصفة قوية فقطعت “تالا” تلك النظرات بمرح وهى تقول :-
– نحضر العشاء بقا ، أقعدوا أتعشوا معا

ردت عليها وهى تنظر لها وتبعد نظرها عنه هاربة منه خوفاً من أن تضعف لحبه ويسقط قناع القسوة التى تصطنعه أمامه :-
– أنا هغير هدومى

ودخلت إلى غرفتها ،أقتربت “تالا” من “حسن” بتساؤل وهى تنكزه فى ذراعه وتسأل :-
– هى رضيت تتعشوا معا ، وهى كمان هتأكل
أجابها مُبتسماً وينظر لها بسبب قربها منه :-
– خليكى أرغى لحد ما تخرج وتقول مش واكلة .. أجري شوفي العشاء

أجابته بضجر وهى تذهب من جانبه :-
-أنا غلطانة أني أتكلمت معاك

تجلس “نور” فى غرفتها وهى تضع يديها فى شنطتها وتخرج منها ورقة فتحتها وتأملت المكتوب بداخلها بصمت
•• قرأت مرة جملة بتقول (إذا كنت تُحبهآ أحفظ حق ذلكَ الحُب بميثآقٍ غليظ ، وشهآدة إثنين وخآتم يُزيَن إصبعهآ ، فـ لا وجوُد لحُب صآدق دون زواجٍ يكتمل …. ) مفهمتهاش وقتها ، لكن لما قابلتك فهمتها جداً .. أوعدك أعمل كل حاجة لتحقيقها ، أوعدك أنى سأضع يوماً ما دبلتى فى يديكى حبيبتى … عاشقك المجنون عمر ••

أبتسمت بسخرية على تلك الكلمات والوعد الذى لا يتحقق حتى الآن ..
فتحت أحد إدراج مكتبها وأخرجت أجندتها ووضعت بها الورقة ، غيرت ملابسها وخرجت لهم وجدتهما يجهزا الطعام معا ويجلس “عمر” فى الصالون ، تنهدت بقوة وجلست على الأريكة بهدوء ، نظر لها بهيام وحب وهى تجلس بجواره تتحاشي النظر له بخجل ، توردت وجنتها بالدم كعادتها منذ الصغر ، أبتسم وهو ينظر لها ، يقف من كرسيه ويجلس بجوارها على الأريكة ، شعرت به وهو يجلس ولكنها تحلت بالشجاعة وحاولت السيطرة على أضطرابات قلبها فرغم كل شئ ورغم كل ما يحدث فمازال قلبها ينبض بأسمه ومازالت هى القلب وهو النبض

هتف وهو ينظر لها بقصد مشاكستها لكى ينال رؤية البسمة على شفتيها وفى عيناها قائلاً :-
– مش هتقوليلى كنتى فين ؟؟

نظرت له ببرود قلب منكسر بسببه وقالت :-
– معتقدش أنه يخصك

شعر بأحراج من حديثها وقال بهدوء :-
– من أمتى و هو ميخصنيش ، طول عمرك تخصينى يانور

رمقته بنظرة حادة وقالت ساخرة :-
-ده كان زمان ، وكان فعل ماضي ، يعنى ماضي

قال وهو يمسك يديها بين يديه بحنان :-
– أنتى ليه مصرة تبعدينى عنك يانور ، ليه مصرة تقتلى كل أحلامنا وحبنا ، ليه عايزة تعيشي فى الماضي وتسيبي الحاضر

هتفت بهدوء وثقة مزيفة تخفي خلفها ضعف و خوف وهى تسحب يديها من يديه قائلة :-
– عشان اللى مالوش ماضي مالوش حاضر ، وأنت اللى سيبتنى ومشيت وأتجوزت غيري وخنت كل الوعود وكسرت قلب قاعد هنا مستنيك ، أنت اللى أتنازلت عنى مش أنا

رد عليها بثقة أكبر وهو مُصر على أسر قلبها وعقلها من جديد في شباك حبه :-
– بس لو فضلت عايشة فى ضلمة الماضي هتلاقي حاضرك بردو ضلمة ، ليه تفضلى دافنة نفسك فى ضلمة الماضي

أجابته مُتحاشية النظر له وتنظر للجهه الآخرى :-
– الضلمة دى أنت اللى عملتها

وقفت “تالا” تضع الطعام فى الأطباق و”حسن” يقف لها على باب المطبخ قال مبتسماً :-
– مش كفاية كدة أحنا مش هنأكل كل ده

أبتسمت وهى تكمل ما تفعل وتقول :-
– بألف هنا وشفاء يادكتور

هتف وهو يعقد ذراعيه أمام صدره مُتذمراً قائلاً :-
– أسمي حسن مش دكتور على فكرة

مسكت بعض الأطباق فى يديها بخجل وتتحاشي النظر له وهى تقول :-
– ممكن تعدينى

أجابها وهو ينظر لها ويرفع حاجبه الأيسر قائلاً :-
– لما تقولى أسمي الأول

قالت وهى تتحاشي النظر له بخجل وبنبرة هادئة تذيب قلبه :-
– الأكل هيبرد كدة

أقترب خطوة منها وهو ينظر لخجلها وأحمرار وجهها ويقول :-
– هى القوطة بكام النهاردة

أبتسمت له بأشراق وبراءة تفيض من العينين ملوحة بخصال من الحنان والدفء، أبتسامة تسلب القلب وتوقعه أسيراً للحب وفى شباك غرامه ، سمع صوت “نور” من الخلف وهى تقف خلفه وتقول بنرة قوية :-
– على حد علمى القوطة بخمسة

أبتعد عن طريق “تالا” وهو ينظر لــ “نور” بأحراج ، خرجت مُبتسمة وتركته فهتف بضيق وغضب قائلاً :-
– أنتى دايما كدة تيجي فى الأوقات الغلط

دخلت المطبخ وهى تحمل بعض الأطباق وتقول :-
– قصدك الأوقات المناسبة ، أنت بتحب ياواد من ورايا

جاءت “تالا” من الخارج ، أسرع “حسن” ووضع يديه على فمها حتى لا تفضحه أمامها وهو يهمس في أذنها :-
– باااس أسكتى هتفضحنى يخربيتك

جلسوا جميعاً على السفرة “نور” وبجوارها من الأيمن “تالا” ومن الأيسر “حسن” وبجواره “عمر” ، كان يراقبها وهى تأكل مازالت تأكل وجه طاجن المكرونة بالبشاميل ، والخيار والخضرة من السلطة وتترك الطماطم ، لم تتغير محبوبته غير فى قسوة قلبها وتحجره

هتف “حسن” مُلطفاً للجو وهو يريدها أن تغفر لحبيبها فأن لم تغفر يعنى بأنها لم تفعل جراحتها قائلاً :-
– ما تأكل ياعمر ، هو الأكل على وش نور

رفعت نظرها له بدهشة ، وخجلت من مراقبته لها ، سؤال واحداً يدور برأسها أن كان يحبها ومازال يحبها ويريدها لما تزوج “ملك” ولم يعود لها ، وقفت بخجل وهى تنهي طعامها
قالت “تالا” وهى تنظر لها بترجي :-
– أنتِ كدة كلتى يانور .. كملى أكلك

أبتسمت لها أبتسامة مزيفة تخفي خلفها أحراجها وترد لـ “حسن” ما فعله وهى تقول : تسلم أيدك ياحبيبتى .. يابخت أمه اللى هيتجوزك

جلست على الأريكة ، نظر حسن لها وهو على السفرة ويقول بتذمر :- مالكيش دعوة بأمه هى بتحبك والله

قهقهت “نور”ضاحكة رغم عنها بصوت عالى وهى تقول :-
-وأنا والله بحبها

نظر “عمر” تجاهها لكى يري أبتسامتها التى أشتاق لها بجنون ،

سألت “تالا” وهى تنظر لهما :-
– ده على أساس أنكم تعرفوه وتعرفوا مامته كمان

أسرعت “نور” قبله فى الحديث وهى تقول :-
– أومال أيه دى ست طيبة أووى حماتك مش كدة يابو على

رد “حسن” عليها وهو ينظر لـــ “تالا” بهيام وحب قائلاً :-
– اه والله طيبة وبتحبك أوى هى وأبنها

خجلت “تالا” من نظرته وهى تفهم بأنه يتحدث عنه هو ووالدته ، نظرت إلى طبقها وهى تعض شفتها السفلى بخجل وأحراج

قالت “نور” وهى تتجه للمطبخ مبتسمة :-
– بس أبنها دى أشك أنه طيب ، وأفتكرى كلامي

وقف بغضب من جملتها ، مسك “عمر” يديه بقوة وهو يسأله :-
– على فين ؟؟

أجابه “حسن” وهو يمسك سكينته وينظر على المطبخ قائلاً :-
– هقتل نور وأرجعلك أستنانى

جذابه “عمر” بقوة وجعله يجلس على كرسيه مرة أخري وهو يقول بنبرة محذرة له من الأقتراب من محبوبته :-
– أقعد يابابا لأحسن بدل ماتدخل دنيا تخرج منها

سمعته من الداخل ، وأبتسمت رغم عنها بدون أرادتها وقلبها ينبض بجنون على غضبه وغيرته عليها ، تعلم بأنه يغير بجنون من “حسن” ومزاحه معاها ولكنه يخفي ذلك حتى ينال قلبها وأن تغفر له أولاً ثم يظهر تلك الغيرة
أستدارت تبحث عن السكر ووجدته خلفها عادت بخطوة إلى الخلف بهلع ، نظر لها مبتسماً وهو يقول :-
– أحط الأطباق دى فين

نظرت ليده وهى تشير على الحوض وتقول مُرتبكة :-
– فى الحوض

أستدار لكي يضعها ، وضعت هى يدها على قلبها الذي ينبض بأسمه يريد أن يخرج من صدرها ويذهب إلى حبيبه
أستدار لها ورأها تضع يديها على قلبها
سألها بخوف عليها :-
– أنتى تعبانة ؟؟
قالت وهى تبعد يدها عن قلبها وتتحاشي عيناها أن تلتقي بحب عيناه :-
– لا

أعاد سؤاله مرة أخري :-
– متأكدة يانور ؟؟

أستدارت وأعطته ظهرها وهى تمسك المجات وتقول :-
– اه متأكدة .. تحب كام معلقة سكر

أقترب خطوة منها وهو يهمس لها بحنان وصوته دافيء يذيب قسوة قلبها وتحجر صدرها عليه :-
– أى حاجة منك حلوة ، زيك

أرتجفت قدمها من دافئ صوته وقربه منها وقالت :-
– حاضر
تركها وخرج ، تنفست الصعداء وهى تشعر وتسمع صوت دقات قلبها العالية

جلس “حسن” بجوار “عمر” ومعاهم “تالا”
قالت “تالا ” بمزاح وهى تنظر لهم :-
– منورين والله

أجابها “حسن” بغزل وهو يقول :-
– بنورك ياجميل

جاءت “نور” لهم وهى تحمل صنية عليها مجات الكابوتشينو والقهوة بالحليب الخاصة بــ “حسن” وقدمت لكل منهم مج ، وجلست بجوارها على الأريكة المقابلة لهم
سأل “حسن” وهو ينظر للمج :-
– أنتى اللى عاملة القهوة دى

ردت عليه وهى ترتشف القليل من مجها :-
-مش عاجبك سيبها

همست “تالا” لها بصوت منخفض حتى لا يسمعوا :-
– هم مش هيمشوا ولا هيباتوا هنا

قالت “نور” بصوت عالى مسموع وهى تمسك مجها :-
– عالم معندهاش دم نقول أيه يابنتى

نظروا لها وسأل “حسن” :-
– هم مين يانور اللى معندهمش دم

قالت وهى تنظر له بتحدي من أجل أن تغيظه أكثر وتغضبه :-
– واحد مضايق تالا كل شوية يتصل ويقولها أتجوزنى أتجوزنى .. مش بقولك معندهمش دم

رمق “تالا” نظرة غضب جعلتها ترتعش وتنظر لــ “نور” بخوف من نظرته ، أشارت لها بنعم وهى تبتسم ، فهم “عمر” طفلته الصغيرة وأن ليس هناك أحد لكنها تغضب “حسن” وتشاكسه فأبتسم عليها ، ألتزم “حسن” الصمت وهو يرتشف قهوته
همست ” تالا” لها مرة أخرى قائلة :-
– أيه اللى بتقولى ده ، ده كشر

قهقهت “نور” بصوت عالى وهى تحاول السيطرة على ضحكاتها وتقول :-
– هنصلحه بعدان

سألها “عمر” وهو يتأمل تلك الأبتسامة ويرسمها فى قلبه و يحفرها فى ذاكرته :-
– هو مين

للحظة نسيت غضبها منه وقالت :-
– زميل تالا زعلان جدا منها

وقف “حسن” بغضب وهو يقول :-
– أنا ماشي .. مش أنت كمان ماشي ولا بايت هنا

أجابه “عمر” وهو يضع مجه على الترابيزة قائلاً :-
– اه ماشي

مر من جانبه وهو يتجاهل تلك الطفلتين الأشرار و يقول :-
– أنا مستنيك فى العربية

وقفت “تالا” بحزن على غضبه وكادت أن تذهب خلفه وتخبره بأنهم يمزحوا معه ،لكن “نور” أمسكت يديها وهى تقول :-
– حصله يا كابتن

وقف وهو ينظر لها بدهشة ويقول :-
– كابتن .. ماشي ماشي

وذهب خلفه وأغلقت باب الشقة ، سألت “تالا” وهى تنظر لأبتسامتها الغير مفهومة :-
-ليه كدة

أخذتها “نور” وهى تضع ذراعها حول كتف “تالا” وتقول :-
– كبري يابنتى ، بكرة نصالحه

سألت “تالا” وهى تنظر لعيناها قائلة :-
– وعمر ؟؟

أبعدت عنها بأستغباء وهى تقول :-
– ماله عمر ؟؟

سألتها بهدوء :-
– مش هتسامحيه ؟؟

أزدردت لعابها ثم سألتها :-
– لو كنتى مكانى هتسامحيه ؟؟

تنهدت بهدوء ثم قالت بثقة :-
– معرفش لأن معرفش أحساسك أيه ، بس يمكن أسامحه بعد الحب اللى بينط من عيناه قبل قلبه

  • سيبها للزمان ياتالا هو اللى يحكم ، واللى مكتوب هيحصل
    قالتها ودخلت للغرفة ..

•••••••••••••••••••••••••••••••••

يجلس “عمر” بجوار “حسن” وهو يقود ، سأله عمر بفضول شارداً بها :-
– تفتكر فاضل كتير ونور تسامحنى ؟؟

أجابه “حسن” بهدوء قائلاً :-
– قبل ما نروح أسكندرية كان فى أمل ، وبعد ما روحنا الأمل مات وأتحول لألم

نظر “عمر” له بأستغراب وهو يسأل :-
– ليه أيه الفرق ، أختلف أيه لما روحنا أسكندرية ؟؟

أوقف “حسن” السيارة ونظر له وقال :-
– أختلف أن نور عرفت كل حاجة ، عرفت أنت أتجوز ملك ليه وعملت أيه قبل الجواز

نظر “عمر” له بأستغراب وقال :-
– عملت أيه .. أنا مش فاهم حاجة

رمقه “حسن” بنظرة حادة وروى عليه ما حكته “نور” سابقاً ، دهشة “عمر” وأتسعت عيناه وهو يقول :-
– لااااا أنا معملتش كدة .. أنتوا فاهمين غلط

صرخ “حسن” بوجهه بأنفعال :-
– لولا أنك الأمل الوحيد أن نور تعمل العملية أنا كنت خنقتك بأيدي على كسرة قلبها دى

صرخ “عمر” فى “حسن” وهو يقول :-
– لا أنا معملتش كدة .. ودينى لنور دلوقتى

نظر “حسن” له بجدية وهو يسأل :-
– عايز تفهمنى أنك معملتش كدة ، طب جوزكم اللى مكملش شهرين وملك كانت حامل ف ثلاث شهور ده ايه

قال “عمر” بتنهيد وهو ينظر للأمام :-
– مش أنا مش أنا والله ربنا يعلم أنى ملمتسش ملك خالص لا قبل الجواز ولا بعده

صعق حسن بصدمة وقال :-
– لا أحكيلى حصل ايه …….

يتـــــبــع …..

error: