رواية دُمية على مسرح الحياة / نورا عبدالعزيز
أستيقظت “سارة” من نومها صباحًا وهى تمطى جسدها بتكاسل فوجدت والدتها جالسة على حافة الفراش تتأملها ،، أعتدلت فى جلستها برفق وهى تقول :-
– مامى .. صباح الخير ،، حضرتك قاعدة كدة ليه ؟؟
مسحت على رأس طفلتها بدلال وقالت :-
– صباح النور ياحبيبتى .. واحشتنى ومحبتش أصحيكى
حدقت “سارة” بها بصمت مُبتسمة لها وتلاشت بسمتها شيئًا فشيء حين قالت “فريدة” :-
– هتتغيرى عليا أمتى أنتِ كمان يا سارة ؟؟
أجابتها بنبرة ناعمة ودافئة هاتفة :-
– يا مامى أنا لا يمكن أتغير على حضرتك ،، و مريم مش قصدها تزعلك صدقينى هى بس موجوعة عشان بتحب مروان وحضرتك سورى يعنى مهتمتيش بقلبها ولا مشاعرها
أردفت بتجاهل لحديثها قائلة :-
– مش مهم ،، يلا قومى عشان تفطري معايا وروحى صحى أختك تفطر أمبارح كان شكلها تعبانة
– اه صح ،، مريم رجعت أمبارح تعبانة أوى ودايخة ورجعت فى تاكسي مع أنها خرجت بعربيتها وبعدها السواق رجع بالعربية وهى مكانتش واخدة السواق معاها
بعثرت شعرها من الأمام بحنان وقالت بلطف :-
– تلاقيها معرفتش تسوق وهى دايخة يللا متتأخريش أنا خليتها يحضروا الفطار فى الجنينة بقالنا كتير مفطرناش سوا
غمزت لها بعيناها بسعادة تغمرها وقالت :-
– الجنينة ووااااوو زى ما مريم بتحب .. حالاً خمس دقايق وهتلاقينا تحت
قرصتها من وجنتها مُبتسمة بخفة لها ثم خرجت ،، نزلت من فراشها مُسرعة وهى تأخذ ملابسها وتتجه إلى المرحاض لتأخذ حمامها وبعد دقائق سريعة خرجت وذهبت لغرفة أختها دون أن تصفف شعرها أو تجففه ولم تجدها بالغرفة نادتها بسعادة :-
– مريم .. مريومة
لم تجد أى جواب فتحت باب المرحاض وكان فارغًا فخرجت بلهفة خوفًا على أختها فوقعت عيناها على ورقة موجودة بمنتصف الفراش ،، أسرعت لها بخوف من أن تكون هربت أختها مُجددًا وكان محتواها ( سارة أنا أسفة جدًا على اللى حصل متزعليش منى أنى مشيت وسيبتك ، أنا عارفة أنك هتقدرى لأنك بتحبي وعارفة يعنى أيه قلبك يكون مع حد تانى غيرك ويارب ما يكتب عليكى الفراق ووجع القلب ،، أنا رجعت أمريكا وهعيش هناك مدوريش عليا ومتلوميش فريدة على اللى حصل كفاية أنها خسرتنى ،، خلى بالك من نفسك ومتعيطيش كتير زى الطفلة الباكية على كل حاجة ،، أنا هكلمك وأعرفك أيميلى الجديد بس نصيحة منى متعرفهوش لحد ،، أنا بحبك يا سارة أكتر من أى حاجة فى الدنيا ومبقاليش حد أحبه غيرك خلى بالك من مذاكرتك ومن سليم وسلميلى عليه وقوليله ميزعليش أنى مشيت من غير ما أسلم عليه ولا أعرفه مكانى …. بحبك جدًا … مريم )
كانت دموعها تنهمر مع كل كلمة حتى أنهت قراءة الورقة وسقطت أرضًا باكية بصوت مرتفع وقلبها يؤلمها حقًا ،، غاضبة من أختها الأنانية فكيف رحلت وهى تعلم بأنها الحياة لها وقلبها النابض ؟؟ متى أصبحت أنانية هكذا ؟؟ …
•••••••••••••••••
كانت جالسة بغرفتها وتتحدث بالهاتف معاها بهدوء :-
– يعنى وصلتى الحمد لله ؟؟ .. طيب يا حبيبتى خلى بالك من نفسك ؟ وطمنينى عليكى كل يوم … ماشي
دلفت “مروان” عليها فحدق به تشير له بأن ينتظر وقالت :-
– هكلمك تانى ،، سلام
أردف بشك من نبرة حديثها قائلًا :-
– بتكلمى مين يا أمى ؟؟
– فى أيه يا مروان أنت بتحاسبنى ولا أيه ؟؟
أبتسم عليها فقد تأكد الأن بأنها تعرف مكان حبيبته فقال :-
– لا ،، أنا جيت أطمن عليكى بس
وقفت من مكانها بهدوء بينما تقول :-
– كداب يا بن بطنى .. هو أنا مش عارفك ،، أنت تسألنى على مريم .. المرة اللى فاتت مسألتش عشان كانت معاك بس المرة دى عاوز تسأل لأنها مش معاك
تنحنح بأرتباك وقال :-
– أنا عاوز أطمن بس عليها ،، مريم كويسة صح
– اه
قالتها وهى تجلس على الفراش برفق ،، أقترب نحوه حتى جلس بجوارها وأردف بلهجة واهنة :-
– واحشانى يا أمى ،، وتعبت من كل حاجة موجودة حواليا
مسحت على رأسه بحنان بينما تقول :-
– أيه النبرة دى يا مروان ؟؟ أول مرة اشوفك ضعيف كدة طول عمرك واقف على رجلك وصامد وبتواجه أى حاجة
وضع يده على قلبه وقال بعجز :-
– مكنش فى طفلة صغيرة هنا ،، ومسئول عنها ،، مريم سرقت قلبي يا أمى ومشيت مع أن كان المفروض ترجعهولى قبل ما تمشي عشان أقدر أعيش
وضع رأسه على قدمها كالطفل الصغير بين أيادى والدته فقالت بحذر :-
– مروان ،، مريم لحد اللحظة دى مراتك سيبك من الشويتين بتوع فريدة دول ،، ومروان ابنى راجل ربيته وعلمته أن مفيش حاجة بتاعته يديها لحد ولا يتنازل عنها …
– أنا ليه حبيتها يا أمى ؟؟ أنا اللى رجعت عمتى وفتحتلها باب بيتى وكأنى كنت بفتح باب قلبي ليها .. جبت تعب القلب لنفسي يا أمى
كان يحدثها وهو مغمض العينين ،، مسحت على رأسه بحنان ولطف وقالت بتشجيع وتعطيه القوى ليظل قوى ويحارب من أجل قلبه :-
– أسمع يا مروان .. مريم كويسة وبعيدة عن أيد فريدة وتحكماتها المسيطرة عليها ،، أعتبرها سافرت عشان دراستها وهى كدة كدة مراتك .. أجمد وفكر فيها متفكرش أنكم أتفرقته ومبقتش بتاعتك وجابتلك تعب القلب خليها لما ترجع تلاقيك مروان القوى اللى حبته وأتعب وعافر عشانها وشيل من دماغك أى فكرة سيئة .. وأنا هطمنك عليها كل يوم عشان أنا أم وعارفة يعنى أيه ابن قلبى يكون تعبان لأن قبل ما تتعب أنت وأختك بتستقبل أنا التعب دا جوا قلبي لأنكم حتة منى وبكرة لما يجيلك طفل هتفهم دا
أعتدل فى جلسته بهدوء ثم حدق فى عيناها بعيون دامعة باكية فى حين قلبه ينزف أضعاف مضاعفة لبكاء جفنيه وقال بضعف :-
– أنا اللى واجعنى بجد مش حبها ياأمى اللى واجعنى حقيقي غيابها واللى بتفكر فيه .. مريم مهربتش خوف مريم بتخطط لحاجة وشكلها حاجة قوية .. مريم بنت قلبي وأنتِ قولتلى قبل ما الوجع ما بيمر علينا بيعدى عليكى هكذا بالظبط مريم .. صدقنى مريم وراءها سر كبير وأنا خايف عليها منه
وضعت يديها على وجنتيه تجفف له دموعه بشفقة وحزن يؤلم قلبها على حال ابنها فمهما كبر سنه ومهما اصبحت مكانته كبيرة فى المجتمع ويخشاه الجميع سيظل بالنسبة لها طفلها الذي لم يكبر يومًا وستظل تقلق عليه لآخر نفس همهمت هامسة له :-
– متقلقش عليها يا مروان أنا هكلمها وهشيل أى أفكار وحشة بتفكر بيها ومريم جواها طيبة وبريئة وبتسمع الكلام
– يارب يا أمى
قالها ثم وقف لكى يرحل من غرفتها إلى عمله ملجأه الوحيد الذي ينهك به جسده ونفسه وعقله هاربًا من صراع قلبه وقلقه عليها الذي وصل إلى أقصي مراحله بعد هروبه وعقله يفكر بحديثها والأنتقام الذي تحدثته عنه فى آخر لقاء بينهما …
*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*
كانت جالسة معه فى الكافى غاضبة من تصرفاته فضربت الطاولة بقبضتها بأنفعال وقالت صارخة به :-
– وبعدين معاك يا زين هتندمى أنى قولتلك على حاجة
كز على أسنانه بسبب سذاجتها وقال بغيظ منها ومن أخته السذاجة مثلها :-
– أنتِ مخك جراله حاجة أنتِ وهى .. جاية تقوليلى أختك عاوزة الورق بتاعها وهتسافر والمفروض أنا أطبطب عليها وأقولك اه يا حبيبتى روحى سفريها
– يا زين هى أول مرة تسافر فيها .. نيڤين لفت العالم كله مع عمه .. وأنا هكون على تواصل معاها وأطمنك عليها لكن لو عرفت أنى قولتلك ممكن تطلع بدل فاقد لأى ورق وتسافر وساعتها مش هنعرف عنها حاجة خالص
صمت للوهلة ثم ثار غضبه عليها يقول :-
– أنتِ أزاى أصلآ تقابلها من غير ما تقوليلى .. أنتِ متخلفة يا مليكة
حدقته بنظرة شرسة وتكاد تقتله بطرف عيناها وقالت بحدة :-
– أنت عمال تهزقنى مش ملاحظ كدة وأنا أقول دا متعصب وأعذريه بس كدة كتير بقي .. أنا ماشية وأياك تكلمنى تانى فاهم
أخذت حقيبتها ورحلت مُبتسمة بخُبث عليه فهى أستخدمت أسلوب قلب الطاولة عليه .. دفع الحساب مُسرعًا وذهب خلفها وجدتها تركب بالتاكسي ركض نحوه لكن لسوء حظه تحرك التاكسي فوضع يديه فوق رأسه بضيق …
*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*
أوقفت “صفاء” سيارتها بطريق هاديء وظلت تنتظره حتى جاء إليها فتح باب السيارة المجاور لها وصعد يقول :-
– أزيك يا ست الكل ؟؟
– فين التسجيل ؟؟
قالتها بحدة بينما تحدق بالأمام دون أن تلتف له فسألها بجدية :-
– جبتى الفلوس
أخرجت ظرف من حقيبتها وأعطته له ،، أخذه منها وفتحه وجد به الكثير من الأموال فأبتسم وأخرج لها الفلاشة من جيبه وقال :-
– لو أحتجتى أى حاجة تانى معاكى رقم تليفون .. سلام
أخذت الفلاشة منه ووضعتها باللاب سريعًا لتتأكد من محتواها بينما نزل هو فوجدت به تسجيل لحديثهما فأبتسمت بخُبث شديد وحدقت به وهو يمشي للأمام بنظرة شيطانية وقادت سيارتها بسرعة جنونية لتدهسه بها فسقط أرضًا جسد هامد والدماء تسيل من كل أنش به من فوة صدمتها ،، نزلت من سيارتها بهدوء تنظر حولها بخوف من أن يراها آحد وذهبت نحوه تتأكد من أنه فارق الحياة ولم يكن هناك دليل على أفعالها .. أنحنت قليلًا وأخرجت من جيبه الظرف وأخذته رغم الدماء الموجودة عليه وهكذا هاتفه ثم ذهبت نحو سيارتها ووضعت الهاتف أمام عجل السيارة وصعدت بها لتقود وكأنها لم تفعل شيء وينكسر الهاتف لأجزاء مُتناثرة ..
ظلت تقود بأنتصار وسعادة فلم يبتزها من جديد أو يهددها ،، نظرت على الظرف من جديد وأوقفت سيارتها لتمسكه بمنديل وتفرغه من المال وأخذته وترجلت من سيارته وبيدها الأخر قداحة وأشعلت النار به لتتخلص منه وعادت إلى سيارتها وكأنها لم تفعل شيء …..
*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*
∆∆ بعد مرور خمس أعوام ∆∆
كانت تمشي بالشوارع فى أمريكا وحيدة مُرتدية ملابسة شتوية كثيفة عبارة عن بنطلون جينز مقطع من على الركبتين وعليه تيشرت أبيض قصير يظهر خصرها النحيل وعليه بلطو جلد أسود وحول عنقها وشح قطني وترتدي جذاء برقبة يصل لأسفل ركبتيها فرن هاتفها بأسم “ليلى” أجابت عليها بهدوء :-
– أزيك يا طنط ؟؟
– أنا بخير يا حبيبتى ،، طمنينى أنتِ عاملة أيه ؟؟ والمذاكرة عاملة أيه معاكى
– أنا بخير الحمد لله بس مقدمش على الدكتوراة هشتغل على طول تعبت من المذاكرة .. احم هو مروان عامل أيه
قالت جملتها الآخير بينما تنظر للأرض بتوتر وخجل فرغم مرور هذه السنوات لم تتجرأ على محادثته لمرة واحدة وهكذا لم تفي بوعدها لــ “سارة” فهى لم تحدثها هى الآخرى ولا حتى مرة ،، أجابتها بهدوء :-
– بخير ياحبيبتى قدم المشروع اللى كان شغال عليه وسدد كل القروض مع التسليم مش فاضله غيرك يا مريم
تنحنحت برفق وقالت :-
– تفتكرى ياطنط مروان لسه بيحبنى فعلاً
– بيحبك يا مريم وأنتِ عارفة دا أنا بقولك أرجعى لأنكم بتكبروا يا حبيبتى بلاش تكبروا بعاد عن بعض وكمان أنا متصلة عشان عندى ليكى خبر حلو
– خير ؟؟
– فرح سارة وسليم أول الشهر ،، مينفعش تسيبي أختك فيوم زى دا يامريم ،، سارة أكتر حد مفتقدك
تنهدت بحيرة وقالت بعجز :-
– هحاول يا طنط ،، أنا مضطرة أقفل دلوقتى هكلمك تانى
– ماشي يا حبيبتى فى أمان الله
أغلقت معاها الخط بحزن شديد مع كل مكالمة معاها يزيد وجع الفراق وشغف الشوق له لكن ليس بيدها شيء لتفعله سوى البُعد والعيش على ذكريات أيام معدودة ،، قطع حبل أفكارها وشرودها بها صوت طفل صغير لم يكمل من العمر أربعة سنوات يناديها قائلاً :-
– مامى …
أستدارت له مُبتسمة أبتسامة مُشرقة رغم أنها حزينة ثم جثوت على الأرض قليلاً وتفتح ذراعيها له برحب ليأتى ركضًا نحوه حتى أرتطم جسده الضئيل بصدرها يتشبث بعنقها بكلتا ذراعيه الضعيفين لتطوقه هى بكل قوتها بحب وتستنشق عبيره الدافيء بأشتياق وكأنها تحتضن وتستنشق رائحة حبيبها الغائب بهذا الطفل الصغير ..
أردف “إياس” ببراءة مُبتسمًا على والدته الجميلة :-
– miss you mum
أخرجته من حضنها لتتقابل عيناهما معاً وسألته بحنان :-
– شكلك كدة عملت حاجة .. عملت أيه ؟؟
تشبث بوشحها بقبضتيه الصغار وهتف ببراءة أكثر قائلاً :-
– مامى مش عملت حاجة .. حتى أسالى دارين
رفعت رأسها إلى تلك الفتاة التى تقف خلفه بهدوء فأشارت لها بلا وأنه حقًا فعل شيء ،، وقفت من مكانها وهى تحتضن يده بيدها لكى ترحل معاه وتتحدث مع مربيته الشابة قائلة :-
– عمل حاجة النهاردة ؟؟
– أتخانق مع ولد فى التدريب
أجابتها بنبرة هادية بعض الشيء وهى تنظر عليه وهو يترك يد والدته ويركض أمامهم ليلهو مع حبات المطر التى بدأت تنهمر فوقهم ،، تنحنحت “مريم” بأغتياظ وهى تنظر عليه طفل صغير يلهو ضاحكًا رغم أنه حاد الطباع ويرث من والده العصبية الزائدة والعناد ثم همهمت بحزن وشفقة :-
– وطبعًا كالعادة الخناق على عدم وجود أب لإياس مش كدة
– اه ،، ولو من رأي أنا حضرتك ممكن تكلمي باباه مادام عايش .. إياس لحد النهاردة مسألش فين باباه ؟؟
قالتها “دارين” بهدوء خوفًا من أن تغضب “مريم” عليها فقالت وهى تتجه نحو السيارة :-
– هاتى إياس عشان نروح ؟؟
ضغط على زر مفتاح السيارة وصعدت بالمقعد الخلفى وبجوارها صعد “إياس” طفلها الصغير الذي مازال لا يعلم شيء عن والده وماذا تعنى كلمة أب ولا يعرف سوى الضحك واللعب فقط .. صعدت “دارين” بمقعد السائق وقادت بهما بينما هى ألتزمت الصمت لتفكر بحديث “ليلى” أحقاً حان وقت عودتها ،، قرص وجنتها طفلها وهو يحدثها بأنه يرغب بشيء بالخارج ولم تنتبه هى لحديثه بل شردت بوجوده وكيف ستعود به فحتى “ليلى” التى تحدثها يوميا لم تعلم حتى الآن بوجود هذا الطفل وأنها تملك حفيد وماذا سيفعل الجميع حين تعود بهذا الطفل الذي يشبه والده فصغره تمامًا فحتى دون أن تتفوه بكلمة واحدة سيعرفون من هو ومن والده من ملامحه ؟؟ خرجت تنهيدة قوية من بين ضلوعها تدل على حيرتها وأوجاعها فحان وقت أعلن السر للجميع …
*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*
∆∆ فى مـــصـر ∆∆
دلفت “مليكة” إلى غرفة مكتب أخيها بضجر كبير ملحوظ فى ملامحها وتردف :-
– مروان .. أنا مش عاوزة أتجوز الرجل المجنون دا
رفع نظره عن الأوراق يرمقها بصمت حيث دلف خلفها “زين” مُشتاطًا غضبًا منها ويقول :-
– حوشي يابت أنا اللى هموت وأتجوزك أنتِ كرهتينى فى الجواز وفى صنف الحريم كله … لا يا مروان مش معقول أختك مش عاجبها العجب .. دا أنت فنعمة يا رجل أنك متجوزتش
شعر بنغزة بقلبه وكأن “زين” ضغط على جرحه بقوة بكلمته الآخيرة فقال بهدوء :-
– ممكن تحلوا خناقاتكم دى بعيد عنى أنا ورايا شغل
ضربت قدمها بالأرض بغيظ من برود أخاها وقالت :-
– يا مروان بقولك مش عاوزة أتجوزه
أردف بملل وهو يقلب ببعض الأوراق قائلاً :-
– أنتِ كل يوم بتخشي عليا نفس الدخلة وتقولى نفس البوق وأول ما يقولك كلمة حلوة بتمسكى فيه خلاص بقي روحى وهى هيصالحك كعادتكم أنا مش فاضية لتافهتكم دى
– ماشي
قالتها بغيظ واستدارت لكى ترحل تتواعد له بالكثير من الغضب والأنتقام …
– هو مين اللى جاى بكرة ؟؟
سأله “زين” بهدوء ،، رفع رأسه بأستغراب من سؤاله وقال :-
– مين اللى جاى .. مش فاهم
– طنط عاملة أجتماع للخدم والمؤظفين ونازلة عليهم بتعليمات شديدة وبتقول فى ضيف مهم ليها جاي بكرة
أجابه وهو يجلس على الأريكة بفضول ،، عقد حاجبيه بصمت وأشار إليه بأنه لا يعلم شيء وعادت لما كان يفعل دون التفكير بشيء ….
••••••••••••••••••••••••••
فـى غــرفــة “مروة”
– ماما تفتكرى مين اللى جاي بكرة ومهم أوى كدة
أبتسمت ساخرة وقالت بثقة :-
– مريم .. أنا سمعتها بتتكلم فى التليفون وتقولها مستيناكى يا مريم … بس مقالتش لحد لأنها لو قالت هتحصل مشكلة كبيرة أنها تعرف مكان مريم كل دا وبتتواصل معاها ومبتقولش
أتسعت عيناها على مصراعيها بذهول وسألت بفضول سافر :-
– ومروان يعرف أن مراته راجعة بكرة وقاعد كدة عادى
ضربت رأسها بغيظ وقالت :-
– أنتِ هبلة مروان ميعرفش حاجة ،، ودى اللحظة اللى أنا مستنيها
همهمت بصوت مسموع وهى تفكر قائلة :-
– تفتكرى بنوظ عليها المفاجأة وأنزل أقوله
– أنتِ هبلة ،، مروان لو عرف هيزين القصر ويعمل أحتفل للملكة اللى راجعة ،، أنا عاوزاه كدة على عماه لما نشوف بكرة المفاجأة هتبقي عاملة أزاى
قهقهت “ريما” ضاحكة وقالت بفضول أكبر :-
– المفاجأة الحقيقة لما مريم ترجع وتلاقي والدتها فريدة هانم بنت القصور والعز متجوزة وقاعدة مع جوزها فى القصر
– يوم بكرة كله مفاجأت والله وخلينى نتفرج على الدراما ونضحك
قهقهت ضاحكة مع والدتها بسعادة ….
•••••••••••••••••••••
فى صباح اليوم التالى
كان الجميع بأنتظار الضيف المجهول القادم فى حين البعض كان فى أنتظار رد فعل “مريم” حين تعلم بزواج والدتها ولم يتوقع أحد بأنها من أعدت لهم المفاجأة الكبري بحضور حفيد للبعض وابن لحبيبها الغائب بصحبتها فهم لم يعلم بخبر حملها ولا بأبنها أصبحت أم ….
وحده من كان لا يعري أنتباه لم يحدث بالقصر ولا يهتم بالضيف المجهول فكان جالسًا بغرفة مكتبه يستعد للذهاب إلى العمل ….
جلس الجميع فى الصالون بطلب من “ليلى” لترحيب بذلك الضيف ..
توقفت سيارة “ليلى” بالسائق أمام القصر بعد أن أرسلتها لأستقبال “مريم” بالمطار ،، نزلت “دارين” أولاً من المقعد المجاور للسائق وفتحت الباب الخلفي لكى تنزل تلك الطفلة التى نضجت كثيرًا مُرتدية بنطلون جينز وعليه تيشرت أبيض اللون وبطلو جلد وتحمل حقيبة يدها وترتدى حذاء بكعب عالى ورقبة طويلة تصل لأسفل ركبتها ،، أنزل السائق الحقائب من صندوق السيارة .. كانت تنظر على القصر بصمت وتنهدت بهدوء تجمع شجاعتها فحين عادت للمرة الأول خسرت الكثير بدخل هذا القصر واليوم عودتها الثانى تخشي أن تخسر شيء مُجددًا .. قطع نظرها صوت طفلها الذي لم ينزل بعد وهو ينظر على القصر بسعادة ويقول :-
– wwwooowww .. Nice
أبتعدت قليلًا عن السيارة لينزل هو وأومأت برأسها لـ “دارين” بأن تنفذ ما طلبته فأومأت لها بنعم وأخذت “إياس” من يده لتدخل “مريم” أولاً فأرادت أن تستقبل الصدمة الأولى وحدها لكن ذلك الطفل لم يلبي رغبتها فصاح بـ “دارين” وترك يدها ليتشبث بيد أمه وحدها بكلتا يديه فأزدردت لعابها ودلفت به ….
فتحت الخادمة باب القصر وولجت “مريم” بكبرياء وثقة وكانت “ليلي” تقف على بُعد قريب من الباب لترحب بها فقالت بسعادة :-
– ألف حمدلله بالسلامة …..
بتر حديثها ولم تكمله حين رأت ذلك الطفل بصحبة “مريم” .. توقف الجميع بذهول من حضورها فهذا الضيف كان هى .. أتسعت عين “سارة” بذهول وركضت نحوها بسعادة رغم غضبها منها بسبب أنقطاعها عن الحديث معاها حتى وصلت أمامها وعنقتها بسعادة وأشتياق فبادلتها العناق بشغف كبير وكم أفتقدت أختها المُدللة المرحة كثيرة …
دلف “عاصم” إلى غرفة المكتب من باب الحديقة بسرعة حينرأها تنزل من السيارة ليخبره بعودتها ..
سألت “ليلى” بعدم تصديق وصدمة كبيرة بوجود هذا الطفل نسخة طبقًا للأصل من والده لكنها كذبت حسها الذي أخبرها بأنه طفل ابنها وحفيدها :-
– مين دا ؟؟
أبتعدت عن أختها بصمت وقبل أن تتفوه بكلمة رأته يقف هناك أمام باب المكتب يحدق بها لا تعلم أهى نظرات أشتياق أم غضب وعتاب ،، زادت ضربات قلبها لرؤيته فأنتظار سنوات حتى ترأه أمامها هكذا أرادت الركض نحوه والأختباء بحضنه لتستمع لصوت نبضات قلبه وتشعر بالأمان الذي فقدته ،، قطع نظراتهما صوت ذلك الطفل الصغير “إياس” يجيب على سؤال “ليلى” بسعادة طفولية وهى يشير بأصبعه فى الهواء وكأنه يعد له عدد أسماء أسمه الكامل قائلًا :-
– أنا إياث ملوان إبلاهيم أبوالغيط ( إياس مروان إبراهيم أبوالغيط )…
يتــــــــبــع ………….