رواية دُمية على مسرح الحياة / نورا عبدالعزيز

•• الفصــــل الســابــع ( 7 ) بعنــــــوان ” نظـــرة عيــــــن ” ••

دلفت “مريم” إلى غرفة والدتها بصحبة أختها ووجدتها تقف أمام المرأة تضع أخر لمستها بأرتداء الأكسسوار مُرتدية ملابسها عبارة عن سروال أسود واسع وعليها بلوزة نسائية ذات اللون الأسود ..

سألتها “سارة” مُستغربة خروج أمها بيوم عطلتها :-
– مامى هو حضرتك خارجة ؟؟

أجابتها وهى تعلق بأذنها حلقها الطويل بلا مبالاة :-
– اه يا سارة خارجة عندى مشوار مهم ،، متقلقيش سليم مش جاي معايا

هتفت “مريم” بتذمر قائلة :-
– يا مامى إحنا مبنسألش عشان سليم ، إحنا بنسأل عشان عاوزين نقعد مع حضرتك ، إحنا مبنشوفش حضرتك خالص

وقفت من مكانها بهدوء تتجه نحو فراشها لتلتقط حقيبتها الصغيرة وتردف :-
– سورى يا حبايب مامى بس الشغل كتير والشركة فى أولها محتاجة التعب والمجهود شوية ،، عن أذنكم .. خلى بالك من أختك ياسارة لو أحتجت حاجة ومتنسيش ميعاد الدواء

خرجت قبل أن تترك لهما مساحة للجدال معاها فنظر الأتنين إلى بعضهن بخيبة أمل ،، تبسمت “سارة” بتكلف لأختها التى تشعر بالغربة وتحتاج لأمها أكثر من تلك الشركة ثم أخذتها من يدها للخارج مُبتسمة لها …
قابلا “مروان” يخرج من غرفته مُرتدي سروال قطن أسود وتيشرت رمادي فاتح ، وجد علامات حزن على وجهها بينما هى صامتة وأختها تمسك بيدها فسألهما :-
– صباح الخير ،، مالك يامريم ؟؟

– مفيش يامروان زعلانة شوية عشان مامى خرجت
قالتها “سارة” بهدوء ثم نظرت لأختها وأستكملت حديثها :-
– تعالى يا مريم أقعدى معايا وسليم هتلاقيه قاعد تحت

نزلا هما أولاً وهو خلفهم يتفحص صمتها الهاديء لم تكن لحظة بهذا الصمت رغم كونها هادئة بطبعها كانت دومًا على حاسوبها تبحث عن أشياء وتتحدي الجميع بقوتها لكن الحادث غير بها كثيرًا ،، وجدت “مليكة” تصعد إلى غرفتها باكية فقالت بلهجة واهنة :-
– أنا هقعد مع مليكة ..

أشاحت يد أختها بعيدًا وصعدت خلفها لتقابل عيناه ناظرًا عليها فشعر بالحرج منها وأشاحت نظره للجهة الآخرى سريعًا ،، شعرت بسعادة تغمرها بالداخل وشيء جديد عليها يدغدغها بقلبها فوقفت أمام تعوق طريقه ليعيد نظره عليها مُجددًا لكن تلك المرة تتطلع عليها بعينين يلمعين ببريق فرحة ونظرة مُختلفة حين رأها مُبتسمة له ومُتكية بذراعها على سور الدرج وتميل رأسها لليمين تتفحصه فسألته بدلال :-
– أنت بتراقبنى ؟؟

تنحنح بأحراج وهو يشيح نظره للأمام بعيدًا عنها فضحكت عليه ،، نظر لها من جديد حين سمع صوت ضحكتها الدلالية برقتها التى تذيب أى حجر وتلين الحديد يتفحصها شاردة بملامحها الباسمة ولا يعلم كيف تحولت من فتاة ناضجة إلى طفلة صغيرة تستكشف الحياة من البداية ،، ضحكت عليه وهى تصعد لتفسح له الطريق لتظهر بسمته على شفتيه ويفزع حين تتكي على ظهره بذراعيها وتميل رأسها على كتفه هاتفة بعفوية :-
– شوفتك ،، أنت بتخاف تضحك قدام الناس

أزدرد لعابه مُرتبكًا بسبب قربها منه إلى هذا الحد فأدار رأسه يسارًا لتتقابل بعيناها وشاردا الأثنين بهذا الزوج من العيون المقابلة لهما شعر بشيء كالسحر بزوج عيناها الزرقاء ،، كانت تعانقه من الخلف مُتشبثة بعنقه بينما هو واقفًا مكانه واضعًا يديه بالجيب فشعر برعشة قلبه القوي يرتعش لأجلها ،، لأجل طفلة أرادت الأنتقام منه والأن تقتله بدلالتها وبراءتها أما هى كانت مُبتسمة له بأسترخاء وراحة فوضعت رأسها على كتفه مُستسلمة لرغبة قلبها الذي يخشي أن تترك هذه العيون العسليتين وترحل يريدها أن تظل تنظر لهما هكذا ..

كادت “مروة” أن تصعد الدرج حتى شقهت بقوة حين رأتهما هكذا حيث هى تعانقه وهو مُستسلمة لها لكن عيناه تحتضنها بقوة بنظرته هذا ،، خجل بإحراج حين سمع صوت شهقتها فأخرج يده سريعًا من جيبه ليضعها فوق يدها يريد أبعدها عنه لكنها تشبثت به بقوة أكبر ،، حاول إفلات يدها بينما ينظر لـ “مروة” بتوتر ،، هتفت هامسة بأذنيه حتى لا يسمعها سواه :-
– أنت بتخاف ؟؟ مكنتش أعرف كدة

كانت همساتها تطرب على أوتار قلبه بقوة فتزيد من نبضاته قطعت ذهوله بقبلة على وجنته رقيقة ثم ركضت للأعلى مُتجه إلى الأعلى ،، ظل مكانه مُتشنج جسده بأكمله من فعلتها تلك وعيناه مُتسعة على مصراعيها ، خرج من صدمته على صوتها تقول :-
– عيشنا وشوفنا المسخرة فى بيتك يا أبراهيم ،، الله يرحمك قلة حياء صحيح

جمع شجاعته بوجه خالى من التعابير وأكمل نزوله حتى وصل إلى غرفة مكتبه ولج إلى الداخل وأغلق الباب مُستديرًا واضعًا يده على وجنته بدهشة ومُستمعًا لضربات قلبه بينما يتسائل عقله على ماذا تنوى تلك الفتاة ؟؟ وماذا تريد أن تفعل به ؟؟ ..

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

فـــى ڤيـــــلا ” فـــارس أبــو الغيـــط ”

نزلت “نيڤين” من الأعلى مُستعدة للخروج ووجدت والدتها جالسة بالصالون ترتشف العصير المفضل لها بأسترخاء فأتجهت إلى الباب لتستوفقها “صفاء” بحديثها :-
– على فين يا نيڤين ؟؟ مش تأخدى الأذن من مامتك ؟؟

أستدارت لها “نيڤين” وقالت ببرود :-
– مهم عند حضرتك أنا رايحة فين ؟؟

– أكيد مش بنتى
قالتها بنبرة قوية فضحكت “نيڤين” بسخرية وقالت :-
– لا مش مهم ولا هيكون مهم ،، أنتِ بقيتى زى جوزك المهم عندك الفلوس والمكانة بس

صرخت “صفاء” بوجهها وهى تقف :-
– نيڤين أتكلمى مع والدتك بأدب ،، أيه اللى بتقوليه دا ،، وأزاى تتكلمى عن والدك كدة ها

أدارت رأسها بأغتياظ ثم عادت بنظرها لها وقالت بملل :-
– تعرفوا أووى معنى العلاقة وأهميتها صح ،، عن أذنك يا صفاء هانم

نادتها بقسوة هاتفة :-
– نيڤين مش هيعيد سؤالى ،، رايحة فين ؟؟

زفرت بضيق ثم قالت بأنفعال :-
– رايحة النادى أجيب مخدرات أرتحتى ،، خليكى أنتِ فى اللى بتعمليه عن أذنك

تركتها بصدمتها أوصلت أبنتها لمرحلة الأدمان ،، وقفت بصدمة تناديها لكنها لم تجيب عليها ورحلت …

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

فى قصـــــــر ” أبراهيــم أبــو الغيـــط ”

دقت باب الغرفة لكى تدخل فأذنت “مليـكة” لها بالدخول وجففت دموعها سريعًا ،، ولجت “مريم” إلى الداخل تقول :-
– مليكة، أي دا بتعيطى ليه ؟؟

أسرعت لها فور رؤيتها للدموع تذرف من جفنيها حيث جلست بجوارها على الفراش وتعيد سؤالها :-
– حصل أيه ؟؟ بتعيط ليه ؟؟

– مفيش حاجة يا حبيبتى ،، عاوزة حاجة ؟؟
قالتها مُستاءة وحزينة ،، ردت عليها “مريم” تذكرها بحديثهما :-
– كنت جاية أقولك ألبس ولا لا عشان نروح نشترى حاجات ونعمل شوبينج زى ما أتفقنا بس مش مهم دلوقتى قوليلى معيطة ليه ؟؟

– زين الحيوان الخاين تصورى جاي يقولى هيخطب ويوم الخميس ،، طب أزاى يخطب هو مش كان أمبارح بيقولى بحبك وعاوزك وبتاعتى والكلام دا أزاى يا مريم
كانت تتحدث وهى تجهش فى البكاء وجسدها ينتفض مع شهقاتها ،، شعرت بيدها تربت على كتفها بحنان وهمهمت برفق :-
– بيهزر ياحبيبتى أكيد زين متجننش عشان يخطب غيرك ،، دا بيحبك أنتى ،، عارفة حتى لو نزلتى دلوقتى وقولتله أنا فى واحد عاوز يخطبنى هتلاقيه أتعرفت وأحتمل يجيب المأذون عشان محدش يأخدك منه

– لا مكنش بيهزر دا كان بيتكلم بجد
قالتها بوجه عابث ،، قهقهت “مريم” ضاحكة وقالت :-
– طب قومى ألبسي وأنا هوريكى وأثبتلك،، قومى بس تسمعى كلامى بالحرف الواحد يللا ..

حدقت بها “مليكة” بأستغراب ووقفت سريعًا لتغير ملابسها وتذهب معاها ….

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

كانت جالسة بالحديقة على المقعد الخشبي بجواره وأصابع يدها متشابكة مع أصابعه واضعة رأسها على كتفه بأسترخاء وقالت :-
– مامى أتغيرت أوى يا سليم من ساعة ما رجعنا مصر ،، على طول برا ومبتقعدش معانا خالص ،، حتى مريم مبتقعدش معاها ومريم حاسة أنها غريبة وبتحاول تتأقلم مع الجو هنا

حرك ذراعه للأعلى بحنان ليحيط كتفها به ويطوقها ثم قال بهدوء :-
– طنط مُصرة على الأنتقام يا سارة ومش عاوزة تتراجع خالص ،، أنا خايفة النار اللى عاوزة تولعها تحرقها هى

أخرجت نفسها من حضنه ترمقه بنظرها ثم قالت بأستياء :-
– طب حاول تتكلم معاها يا سليم هى بتسمع منك

هز رأسه بعجز وقال بأقتضاب ويأس :-
– صدقنى أتكلمت كتير وهى مُصرة على اللى فى دماغها ،، كنت فاكر بعد اللى حصل وبعد ما حست أنها ممكن تخسركم ممكن ترجع عن اللى فى دماغها بس اللى حصل زود رغبتها فى الأنتقام أكتر …

تنهدت بأختناق وهمهمت بلهجة واهنة ناظرة للأسفل :-
– أنا خايفة عليها يا سليم

وضع أنامله أسفل رأسها يداعب ذقنها بنعومة ورفع رأسها للأعلى لتتقابل عيناهما معًا ثم قال مُتمتمًا :-
– أنا محبش أشوفك كدة يا سارة ولا زعلانة ،، أنا ممكن أهد الدنيا دى كلها عشان أشوف ضحكتك اللى بتنور حياتى ،، ممكن تورينى ضحكتك بقي

تبسمت له أبتسامة حزينة فوضع يديه الآخري بجوار عنقها ثم أطبق شفتيه على جبينها بقبلة رقيقة ،، أنحنى قليلًا ناظرة على شفتيها وقبل أن يضع قبلته قطعته “مريم” وهى تقف خلف الأريكة وقالت :-
– هو أنتوا مبتبطلوش قلة أدب ،، متجوزهاش وخلصنا

أبتعد عنها بتذمر يقول بضيق :-
– ما قولت أتجوزها ومسمعتوش الكلام ،، قعدتوا تقوله كلية وشهادة وحاجات عجيبة ،، مش فاهم أنا أيه لازم الكلية متجوز وتقعد فى البيت ..

ضربته على ذراعه بتذمر من حديثه وقالت بغيظ :-
– نعم يا أستاذ سليم ،، بتقول أيه سمعنى ..

– بقول نستنى الشهادة طبعًا هكون بقول أية يعنى
قالها بمرح مصطنع الخوف منها ،، ضحكت عليه بسعادة وهى تعقد ذراعيها وقالت :-
– أيوة كدة بحسب …

أدار رأسه إلى “مريم” يتفحصها وهى ترتدي فستان بسيط يصل لأسفل ركبتها بكم ومقفول الصدر والظهر وبه رابطة من الخصر فقال بجدية :-
– أيه اللى جابك ولابسة كدة.. رايحة فين ؟؟

أعتدلت فى وقوفها بأناقة ثم قالت :-
– رايحة أعمل شوبينج

هتفت “سارة” بسعادة وهى تقف مكانها قائلة :-
– أجى معاكى

جذبها من ذراعها لتجلس مُجددًا بجواره ويقول :-
– أقعدى هنا تروحى فين ؟؟ أنا هخرجك بليل

– أروح معاها ولما أجى خرجنى أوك ،، يللا يا مريم
قالتها وهى تركض من أمامه لتذهب معاها ،، ضحكت “مريم” عليها واضعة يديها على بطنها بسعادة ثم ركضت خلفها ،، دلفت إلى الداخل راكضة تنظر إلى الخلف عليه فأصطدمت بجسد قوى يعوق طريقها كادت أن تسقط من الأصطدام وكعبها العالى فشعرت بيد قوي تحاوط خصرها النحيل بسهولة ،، أدارت رأسها لتقابل عيناه مُجددًا بينما ضحكاتها لم تفارق وجهها وسعادة لم تتلاشي ،، تذكر ما فعلته صباحًا مع تلك الضحكات المرسومة على شفتيها ليعود التوتر له بعد أن تركه للحظات ،، ذهبت بنظرها لعيناه العسليتين بصمت ثم أنتقلت إلى باقي ملامحه تتفحصها بنظرة ساحرة فظل ثابتًا مكانه لتتفحصه كما تشاء دون أى أعتراض منه بل مُستسلمًا لها ولرغبتها تفعل به ما تشاء وما ترغب به ،، وضعت يدها على صدره ببطيء شديد لتثير نبضات قلبه فشعر بقشعريرة تسير فى جسده بأكمله من لمستها له ،، رمشت عيناه بإيجاب وكأنه يخبرها بأن تفعل دون أى خوف أو تردد فأستقرت يدها فوق قلبه مباشرًا لتشعر بنبضات قلبه المتسارعة ،، أبتسمت على تلك النبضات وشعورها بها …
أتاها صوت “مليكة” من الخلف تنادي أخيها فلم تراها وكأنها تختبي خلف جسده القوي ،، أبتعدت عنه بخجل بعد أن توردت وجنتيها فسحب ذراعه من خلف ظهرها بحنان وبطيء شديد ثم ترك وداعًا لعيناها وأستدار لأخته مُرتبكًا يقول :-
– أيوة يا مليكة

– أنا خارجة مع مريم
قالتها بهدوء ووجه عابث فهتفت “مريم” بسعادة :-
– وسارة وسليم معانا

أومأ له بالموافقة وخرجوا الفتيات معانا ومعاهم “سليم” يقود السيارة بهم فقط ليظل مع طفلته فى يوم عطلته …
ودلف “مروان” إلى غرفة مكتبة ليباشر بعض أعماله وهو يشعر بطاقة حماسية غريب …

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

فى النــــــــادى

كانت “نيڤين” تقف مع شاب تأخذ منه جرعة المخدرات وتعطيه الأموال فرأت “ريما” تمشي خلف الملاعب وتنظر حولها بتوتر وكأنها تفعل شيء فدفعت له الأموال وأسرعت خلفها دون أن تراها ووجدتها تقابل رجل فى عمر أخاها واضعًا قبعة سوداء فوق رأسه ويأخذ منها ظرف ليفتحه وتظهر الأموال ،، نظرت مُستغربة ما تراه لماذا هذه الأموال ؟؟ وما المقابل ؟؟ حدثته “ريما” قليلًا ثم ذهبت فركضت “نيڤين” مُسرعة …

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

فـى قصـــــــر ” أبـراهيـــــم أبــو الغيـــط ”

صعد الدرج وهو يتحدث بالهاتف بأهتمام :-
– طب أقفل ثوانى وهكلمك تانى ..

ولج إلى غرفته يبحث عن بعض الأوراق على مكتبه بالغرفة حتى وجد الملف الذي يبحث عنه إلتقطه بيديه وخرج إلى الخارج وأثناء مروره من أمام غرفة والدته سمع ضجة بها على غير العادى ؛؛ فتح باب الغرفة بهدوء ودهش حين وجد والدته تجلس على الفراش بالمصحف بين قبضتها وبجوارها “مليكة” لكن ما أدهشه حقًا وجود تلك الطفلة بجوار والدته نائمة وواضعة رأسها على قدمي “ليلى” تسمع لحديثها عن الدين وفروض الأسلام وأول فروضه الصلاة وهكذا الحجاب لها فسألت بفضول :-
– مليكة أنتِ محجبة من أمتى ؟؟

أجابتها بسعادة وفخر :-
– من ١١ شهر ويومين بعد وفأة بابا على طول ومُنتظمة فى صلاتى من ثانوى ،، بس بقيت أحس براحة كدة بعد الحجاب ولما بخرج كمان مبحسش أنى شاذة عن الناس أو بيبصولى وحش وبقيت أحس أن الدنيا بتضحكى كأن فعلًا ربنا رضي عنى ونورلى طريقى

سألتها بسعادة بعد أن أستمعت لحديثها وهى ترى البسمة لم تفارق شفتيها :-
– يعنى أنا ممكن أتحجب زيك

– ممكن طبعًا ياحبيبتى بس الأول تنوى التوبة وأن تحاولى متعمليش حاجة غلط ،، مينفعش تكونى مُحجبة وعايشة بعادات وتقاليد الغرب ،، هنا ممنوع تقربي من رجل غير لو كان حلالك ومفيش بوس وأحضان ولا هدوم قصير تبين لحمك ،، بمعنى هنا مش بس بلد شرقي لا كمان بلد مسلمة والمسلمة يا مريم بتعمل بدينها ياحبيبتى واللى ربنا ورسوله قالوه …
قالتها “ليلى” بعفوية وهى تمسح على شعرها فأجابتها بسعادة :-
– ماشي أنا هقعد مع حضرتك كل يوم أتعلم حاجة جديدة …

تبسمت “مليكة” عليها وقالت بسعادة :-
– أنا ممكن أخدك معايا المعهد تحفظى قرأن كمان ،، عارفة يا مريم بعد ما أتحجبت بفكر دلوقتى ألبس الخمار وفساتين وأبطل بناطيل دى وقريب أخد الخطوة دى

– خلاص هجى معاكى ،، وبكرة هأخد فلوس من مامى ونروح نعمل شوبينج وأشترى هدوم جديد وحجابات كمان
قالتها وهى تعتدل فى جلستها فتبسمت لها “ليلى” وقالت :-
– ربنا يهديكى ياحبيبتى وينور طريقك

كان يبتسم بسعادة تغمره وهو يستمع لحديثهم وهذا التغير الذي تريده هذه الطفلة ،، شعر وكأنها تسكن قلبه بكل لحظة تمر وفى كل دقيقة يلتقي بها تتعمق بداخله إلى اللانهاية ،، أغلق باب الغرفة بهدوء قبل أن ينتبه أحد عليه وهو يختلس النظر لها وعاد إلى الأسفل مُتجه إلى مكتبه يكمل عمله ….

فى الصبـــــاح
كانت تنزل خلف “فريدة” تحدثها وهى تستمع لها بعدم أهتمام فصاحت بنبرة مرتفعة بأغتياظ من أهمال والدتها لحديثها :-
– يا مامى بقولك عاوزة فلوس كتير

كان يجلس على السفرة مع والدته وزوجة والده فأنتبه لصوتها المرتفع …
أستدارت لها بأغتياظ تقول :-
– عاوزة فلوس كتير كام ؟؟ وليه ؟؟

– حوالى ٥٠٠٠٠٠ أو أكتر هشتري حاجات هعمل شوبينج
قالتها بتردد ،، أتسعت عينى “فريدة” من ضخمة المبلغ فسألتها بذهول :-
– هتعملى شوبينج بـ ٥٠٠٠٠٠ غير بتوع أمبارح ليه أنتى بتشترى أيه ؟؟

نظرت أسفلًا بإحراج وقالت بهدوء :-
– خليها مفاجأة يامامى بس بجد محتاجة الفلوس دى والفيزا بتاعتى خلصت

وضعت يدها على كتف “مريم” وقالت بلا مبالاة :-
– بليل نشوف الموضوع دا عن أذنك يا مريم عشان أتأخرت

تركتها وخرجت دون أن تعطيها شيء ،، نظرت أسفل بخذلان ووجه عابث ثم صعدت إلى غرفتها مُستاءة ..
أنهى “مروان” فطاره بعد أن سمع ذلك الحديث ووقف من مكانه وقال :-
– مليكة ،، خلصي فطار وتعالى عاوزك

أومأت له بنعم ثم ذهب إلى غرفة مكتبه يفكر بها وما سمعه أمس ورغبتها بالتغير للأفضل ،، ظل ينظر على الحديقة من خلف الزجاج واضعًا يديه خلف ظهره يتخيل مظهرها بالحجاب وكيف ستكون تلك الفتاة فى الحجاب ،، شعر بيد أخته تربت على ظهره وتقول :-
– مروان ،، سرحان فى أيه ؟؟ بقالى ساعة بنادى عليك

– مفيش يا مليكة ،، المهم عشان أتأخرت على الشركة خدى …
قالها وهو يخرج الفيزا الخاصة به من محفظته ويمدها لها فسألته :-
– أيه دا

– أشترى لـ مريم كل اللى هى عاوزه ،، كله حتى لو خلصتيها كلها مفيش مشكلة المهم تجيبلها كل اللى نفسها فيه
قالها وهو يجمع بعض الأوراق من على سطح المكتب ،، نظرت للفيزا بدهشة ثم له وقالت بأستغراب من تصرف أخيها :-
– مريم .. حاضر

أخذ أغراضه وذهب إلى شركته ،، بينما هى ذهبت معها إلى أكبر مول وظلوا معًا طيلة اليوم ومعهما حارسين ،، أشترت الكثير من الملابس منهم ملابس كاجوال للجامعة وبعض الفساتين للسهرة والحجابات الملونة كثيرة .. ..

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

فى قصــــر ” أبراهيـــــم أبــو الغيـــط ”

خرج من غرفة مكتبه على صوت ضجة بالخارج فوقعت عيناه عليها وهى تبكي مختبئة خلف “سليم” ومتشبثة به كطفل صغيرة وما أدهشه أكثر ذلك الرجل الغريب الذي يقف فى الأمام ويريد أخذها بالقوة فسأل مُستفهمًا عن هذا الوضع :-
– فى أيه ؟؟ مين حضرتك ؟؟

قبل أن يخبره ذلك الرجل شيء ،، ركضت نحوه بسرعة البرق لتختبيء خلفه وقالت بتلعثم شديد :-
– مروان أنا مش عاوزة أروح معاه ،، أنا معرفهوش والله

أربت على كتفها برفق ليطمئنها ثم أتجه خطوة لليسار ليخفيها عن نظر ذلك الرجل ثم حدق به ببرود سافر وسأله مُجددًا :-
– ممكن أعرف مين حضرتك ؟؟

أقترب نحوه بخطواث ثابتة وقال بثقة :-
– أنا سمير الحناوي جوز مريم

أتسعت عيناه على مصراعيه بصدمة ألجمته وأوقفت تفكيره وقال بذهول :-
– جوز مين ؟؟ أنت متجوز مريم ؟؟

زدات فى بكاءها وشعر بيديها الصغيرة تتشبث بظهره بقوة وكانت رعشتها قوية ليشعر به هو الآخر وغمغمت بضعف :-
– مش جوزى أنا معرفهوش … مروان متسبهوش يأخدنى

سمع غمغمتها ولجهتها الضعيفة التى غرست سهمًا بقلبه لا يعلم سببه فقال بثقة وهو يضع يديه فى جيبه بينما يحدق به بأستنكار :-
– أطلعى فوق يا مريم … ،، هاته يا عاصم ………

دلف إلى المكتب وهم خلفه ألتف حول المكتب وجلس على مقعده بغرور وقال :-
– أقعد وسمعنى قولت أيه ؟؟

أخرج ورقة من جيبه وأعطاها له بينما يقول :-
– جوز مريم ،، ودى قسيمة الجواز وعليها أمضيت مريم

نظر فى قسيمة الزواج فى صمت وظل دقائق هكذا ناظرًا بها بهدوء ما قبل العاصفة تبسم بسخرية وقال :-
– عاصم ،، هات ولعة

وقف “سمير” من مكانه بفزع ،، وضع “عاصم” الولعة بين قبضته فأشعلها ووضع الورقة على حافة النار بغرور ،، صاح “سمير” بوجهه بأغتياظ قائلاً :-
– أنت بتعمل أيه ؟؟ أنت أتجننت ؟؟ أنت فاكر أنك كدة بتبطل الجواز يعنى

رفع نظره له بسخرية وقال :-
– أنت رجل متخلف وغبي واللى بعتك أغبى منك ،، أولًا دى ورقة جواز عرفى يعنى بعد ما تتحرق مفيش جواز ،، ثانيًا المتخلف اللى بعتك لما كتبلك العقد دا معرفش يكتب تاريخ صح كتبلك تاريخ ما كانت مريم فى غيبوبة ولا مريم فاقت من الغيبوبة مضيتلك عليها ورجعت الغيبوبة تانى ….

وقف من مكانه وألتف حول المكتب بغرور يقول :-
– أنت غبي واللى بيلعب معاك أغبي منك وعشان أنت متخلف جيت هنا زى الحمار من غير ما تسأل أنت جاى لمين ولا عارف أنت بتطلب أيه

وضع يده خلف رأس “سمير” يقبض عليها بقوة وأستكمل حديثه :-
– وأنا عشان رجل جدع وعارف أنك أهبل هسيبك تخرج من هنا بس لما تقولى مين الحقير اللى قالك تعمل كدة ولما تروحله قوله ألعب غيرها ياشاطر عشان مريم متجوزة …

أخذه عاصم للخارج بعد أن أخبره من أرسله .. ظل بمكتبه شارد لا يتوقع أن ذلك الشخص هو من يريد أذيتها وكيف لها بأن تأذي طفلة تبدأ من جديد ومازالت تتعلم الحياة من جديد ،، خرج من غرفته يبحث عنها ولم يجدها مع الجميع وصعد إلى الغرفة ؛؛ دق باب الغرفة ففتحت له بهلع شديد ووجهها شاحب من الصدمة لاهثة ،، غمغمت بخوف :-
– مروان أنا معرفهوش والله متسبهوش يأخدنى …..

بتر حديثها حين وضع سبابته على شفتيها ويقول :-
– متخافيش يامريم محدش هيأخدك مش هسمح لأى حد بـ دا

حدقت به بعينين دامعتين ووجه عابث شاحب اللون ،، همهمت بذعر :-
– هو مشي ولا لسه تحت ؟؟

أجابها وهو يجفف دموعها بلطف :-
– مشي .. متخافيش مش هيقدر يقرب منك أبدًا طول ما أنا عايش

دهش منها حين أختبت بحضنه تطوقه بذراعيها بقوة وبدأت تجهش فى البكاء وتنتفض مع شهقاتها ،، رفع ذراعيه بحنان يربت على ظهرها حتى هدأت قليلًا فأبعدها عنه ورفع رأسها للأعلى لتلتقيا عيناهما معًا وقال بلهجة دافئة :-
– تتجوزينى يا مريم ؟؟

تبسمت بحنان ولمعت عيناها وتشعر بضربات قلبها فهى لم تشعر بالأمان إلا معه وحده وقبل أن تخبره بموافقتها ،، أتاهما صوت “فريدة” من الخلف تقول بجدية ونبرة قاسية :-
– ومين سمحلك تتجوزها ،، ومين قالك أنى هوافق على الجوازة دى ،، ثم أن مريم مخطوبة وعريسها موجود …

أتسعت عيناه وهكذا تلك الفتاة التى صدمت بصدمة ألجمتها هى الآخرى مثله وتنظر على والدتها وولم تستطيع نطق كلمة واحدة ………

يتــــــــبــع ………….

error: