أسير صورتها
الفصل السادس
يشعر بألام مبرحة بسائر جسده ..وثقل بقدميه.. وشيئا صلبا يحيط إحدى ذراعية أيضا .. وأصوات حوله غير واضحة .. إلا صوت وحيد أستطاع أن يميزه .. صوت والدته تقرأ القرآن وتبكي ..
ماذا حدث له .. أخر ما يتذكره أنه كان بطريقه للعودة إلي منزل الزوجية مع زوجته لافندر بعد حفل الزفاف .. وسيارة تسير بنفس الطريق ويبدو علي قائدها التهور.. حاول تفاديه عندما كاد ان يصطدم بسيارته
وقد تأكد له أن صاحب السيارة بالفعل فاقد التركيز وربما متعاطي شيء جعل عقله مغيب .. تفادى الأصطدام مرة أخرى وهو ينهر صاحب السيارة ويسبه بغضب
وزوجته لافندر بدأت تصرخ عند أحتكاك السيارتين من جانبها
و………….
_لافندر …..لاااااافندررررررر!
_الحقنا يادكتوووور المريض فاق وبيصرخ!
هرول الطبيب محاولا تهدئته ثم أمر بإعطاءه حقنة مهديء
فجسده لا يتحمل الحركة العنيفة .. لأنه ممتليء بالكدمات وبعض الكسور التي لا يجوز معها الحركة الخاطئة
تجلس أمام غرفة لافندر الغائبة عن الوعي .. وبغرفة أخرى قريبة يرقد والدها بعد ان أصابته إغماءة .. وإرتفاع بالضغط ..
أقترب كريم وجلس جوارها بصمت محتويا كتفيها بأحدي ذراعيه ثم قبل جانب راسها قائلا ليبثها الدعم والمؤازرة :
متخافيش ياحبيبتي بأذن الله أختك هتخف وتقوم بالسلامة ووالدك كمان هيبقي كويس .. ده قضاء ربنا ياسما .. لازم نرضي بخيره وشره .. يمكن كان هيحصل الأسواء من كدة واحنا مانعرفش
خلي عندك يقين بالله أنها محنة وهتعدي .. وأنا جمبك مش هسيبك ..
قالت بهدوء ظاهري ومازالت عيناها مصوبة علي باب الغرفة:
هو أنا بحلم ياكريم؟ ولا اللي بيحصل ده حقيقة بجد ؟!! أختي في العناية المركزة ؟؟وأحتمال تفقد بصرها ؟؟؟ وبابا جمبها مش داري بالدنيا ؟؟؟
والتفتت إليه وقد بدأ تماسكها الزائف ينهار وهتفت بصوت مبحوح من كثرة البكاء، و يدها المرتعشة تشيرة إلي صدرها بتساؤل يفطر القلب :
أنا هتحمل أزاي ياكريم .. هتحمل أزاي كل ده لوحدي ؟؟؟ قولي أني بحلم .. صحيني.. فوقني .. قولي أن كل ده كابوس وصحيني منه!
وراحت تعيد الكلمات وهي تتشبث بقميصه وتهزه بأنهيار ودون ان تدري سقطت رأسها بوهن علي صدره تبكي بحرقة.. فأحاطها كريم بكلتا ذراعيه مربتا علي ظهرها محتويا أياها لتفرغ كل بكائها بحضنه وصدره يتلقي دموعها بصمت وعجز وألم على حبيبته وقطعة قلبه..!
مرت بضعة أيام والحال لم يتغير كثير إلا ان الحاج جمال والد لافندر أفاق وحاول التماسك لأجل أبنتيه داعيا الله بكل وقت وحين بنجاة ابنته من محنتها وأن تعود لهم بخير ..
وأم عمار التي لم تترك أبنها لحظة ..تجلس معه تقرآ القرآن وتدعو.. وزوحها يصلي ويتضرع لله ويسأله العافية والسلامة لأبنه وزوجته …
أما جواد فأغلب يومه معهم بالمشفي لايفارقهم أبدا..
وكريم لا يترك سما ليل او نهار .. تقدم بأجازة من عمله حتي يظل معها ولا ينشغل عنها ابدا .. حزين بشدة لاجل حبيبته ومن اجل لافندر وعمار
والجميع يترقب أي امل او جديد ..
واخيرا افاق عمار وبدا يسترد كامل وعيه وعلم كل ماحدث له ولزوجته حاول الذهاب إليها ولكن منعه الاطباء من الحركة ..
بئر مظلم يبتلعها .. لا تري شيئا .. فقط ظلام دامس يحيط بها.. تبحث عن شعاع نور تبصر به طريقها .. ولكن لا شيء غير الظلام ..وصوتا مألوفا لديها يناديها .. تحاول أن تصل إليه .. لا تراه لكن تشعر به
صوت يطمئنها انها ليست وحيدة في هذا الظلام حولها.. أستسلمت لتلك العتمة .. متأنسة روحها بهذا الصوت القريب الحنون ..
أين عمار .. هو ليس صوت عمار زوجها .. أين تركها وحيدة
عمار… عماااااار ….
أنتفضت سما فور سماعها همس شقيقتها الخافت بأسم زوجها ..أنها تعود لوعيها أخيرا ..هتفت بأمل:
_لافندر؟!.. أختي أتكلمي .. سمعاني يا لافندر .. كلميني سمعيني صوتك ارجوكي طمنيني انك صحيتي!
وهرولت تستغيث بأحدهم ليري شقيقتها ويتابع إفاقتها..!
الحمد لله هي فاقت دلوقتي .. وطبعا الألام اللي في جسمها دي طبيعيه من الحادثة .. وحتى التشوهات ممكن تتعالج مع الوقت ..
الأب بلهفة: طب وبصرها يادكتور ؟؟؟
الطبيب بأسف وهو يجيب تساؤل والدها :
للاسف فقدت بصرها .. الضرر كان كبير جدا وحالتها مش سهلة ابدا .. وحاليا مافيش حتي عملية ممكن تتعملها ..ده قضاء ربنا والافضل نتقبله ولازم تساعدوها تتأقلم مع وضعها الجديد بصبر وايمان…
نزعت الضمادة التي تحيط عينيها .. يرتعش جفنيها ببطء تحاول أن تفتح عيناها لتستقبل الضوء بالتدريج .. ولكن أين الضوء ؟؟؟
هل تركوها بغرفة مظلمة ؟؟؟ لماذا.. ألا يعرفون انها تخاف العتمة؟! فتحت عيناها عن أخرهما .. ولا تري شيئا .. ماذا يحدث لها ..
عمار .. سما .. بابا … فين النور ؟؟ ليه طافين النور ..
انا مابحبش الضلمة وبخاف منها .. شغلوا النور عايزة أشوفكم ..
بابااااااا … عماااااار … سماااااااااا………
_حالة الأكتئاب اللي بتمر بيها دي رد فعل طبيعي لحالتها .. وكون انها مطولة معاها أكتر من شهرين كمان شيء متوقع جدا.. لازم كل اللي بيحبها يبقي حواليها.. هي محتاجة تحس بالامل وإن العالم ما أنتهاش . لازم تتقبل الواقع وتتعامل وتتعود علي وضعها الجديد ..
القي طبيبها المعالح تلك النصائح والكلمات علي مسامع والدها وشقيقتها وزوجها كريم وحماها ابو عمار .. الذي كان يشفق عليها كثيرا ..
اما عمار .. تحسنت حالته نوعا ما .. وأستطاع التحرك بمساعدة كرسي متحرك .. فمازالت كدمات و كسور جسده لم تتعافي كليا .. ولكنه يستطيع الأن الجلوس معها .. يحدثها ولكنها لا تجيبه او تبادله اي حديث ..
منذ فقدانها لبصرها .. وهي مستسلمة لحالة من الصمت والأكتئاب معا .. !!!
عمار : لافندرحبيبتي كلميني .. ردي عليا .. سمعيني صوتك .. أنتي علانة مني ؟ والله غصب عني اللي حصل .. حاولت اتفادي الحادثة بس ده نصيبي ونصيبك .. سكوتك مش هو الحل .. اتكلمي حبيبتي أرجوكي ..!
يحدثونها عن الأمل وان الحياة لم تقف او تنتهي؟!!!
عن أي أمل يتحدثون ؟؟؟ واي حياة ؟؟؟ هي أصبحت لا تري شيئا
عاجزة .. عالة .. وجودها لن يفيد أحد بعد الأن!
بعد.مرور 6 اشهر .. مع الادوية الفعالة والعلاج الطبيعي تعافي عمار تقريبا من كل كدماته ومعظم كسور جسده ..
بينما لافندر علي حالها تعافت فقط من الكدمات التي كانت بسائر جسدها وبالعلاج التجميلي تحسنت التشوهات السطحية علي بشرة وجهها وكتفها وذراعها .. ولكنها مازالت تعيش بظلام فقط ظلام …
تقيم مع والدها وشقيقتها سما .. حيث رفضت العودة إلي بيتها مع عمار ..كانت تحلم ان تدخل عروسا محمولة بين ذراعيي زوجها.. لا كفيفة تتلمس المساعدة بكل خطوة گطفل صغير.. لن تستطيع القيام بواجباتها كزوجة لعمار .. لم يعد.لديها شيء تعطيه لأحد، ولن يتحملها أحد، هي عبء ثقيل علية وعلى أهلها.. وحتي عبء علي روحها..!
أتت لزياراتها والدة زوجها عمار .. كانت تأتي كثير في السابق وبالتدريج قل الأهتمام .. أصبحت تأتي علي فترات متباعدة .. هي أستقرت بمصر ولم تعد مع زوجها .. حتي ترعي أبنها عمار..!
سناء: أزيك دلوقتي يا لافندر ؟؟؟
لافندر : بخير ياطنط …
سناء : وأخرتها ايه يا لافندر .. هنفضل كدة ..
لافندر : اخرتها هو اللي انا فيه يا طنط .. اهو قدامك واحدة عامية زي ما انتي شايفة!
ام عمار بتردد : ده نصيبك وقدرك يا لافندر .. وانا يابنتي ما اتمنالكيش غير الخير وزعلانة علي اللي حصلك ده بس.. تردد قليلا ثم اكملت:
بس نصيبك مش لازم يبقي نصيب غيرك كمان يا لافندر! سامحيني .. يمكن أكون في نظرك قاسية وانانية ..بس عمار مالوش ذنب يتعلق كدة .. ولا هو متجوز ولا هو مش متجوز.. وده وضع مايرضيش ربنا ….
لافندر وهي مدركة لمغزى ما تتفوه به :
وأيه اللي يرضي ربنا في رأيك ..؟؟؟
أم عمار بعد تردد قصير قال : أطلبي من عمار الطلاق……!!!!
تماني أشهر مرت منذ الحادث وهو لا يعرف عنها إلا القليل .. يحاول علي أستحياء الاستفسار عن حالتها من عمار أو كريم .. فعلم أنها تمر بحالة أكتئاب حادة ولا تتكلم … وبعد فترة أخري علم انها ببيت والدها وأستجابت للحديث القليل معهم ولكنها مازالت مكتئبة حزينة .. لا تتقبل واقعها
يتعذب لأجلها يتقطع قلبه عليها وما آل إليه حالها ..
ولكن يجب عليها تقبل قضاء الله .. لن يستقيم لها العيش بتلك الطريقة .. ليته يستطيع الحديث معها ومواساتها والتخفيف عنها
ولكن لا يحق له للاقتراب من محيطها .. اي عذاب هذا .. إلي متي ستتحمل يا جواد!!
كان يحلم بحياة أخري معها حياة مستقرة سعيدة هانئة ولكن لم يتوقع ابدا ان تكون تلك حياتهما.. معاناة وأكتئاب وحزن .. يقولون ان لكل انسان طاقة .. ربما هذا طاقته وقدرته علي التحمل..
زوجته أصبحت عمياء! تشوه بعض جسدها حتي وإن تعالجت تجميليًا سيظل الأثر .. ولن تعود مثل طبيعتها .. تبدلت ..يحاول التخفيف عنها في كل مرة وتحمل تقلبات مزاجها وأحيانا صراخها وعصبيتها ويأسها من الحياة الذي يسيطر عليها منذ ما حدث ..ولكنه حقا لم يعد يتحمل .. هو يحبها وحزين لأجلها ويشفق عليها بشدة.. ولكن هل يكفي هذا ؟ ..يعترف ان قدرته قاربت على النفاذ .. لم يعد يقوي علي كل ما يحدث .. أصبح يحمل هم زياراتها عند أبيها للأطمئنان عليها ..
وبداخله يتمني أن يغادرها سريعا .. لا يطيق المكوث لديها ..وتحمل تلك الجرعة من الحزن واليأس
يتسأل عمار داخله .. هل حبه لها كان ضعيفا منذ البداية ؟ هل يُعد حبًا من الأساس؟!
هو اختارها بعقله قبل أي شيء .. لم تكن عاطفته واضحة بأول الأمر، وتطور شعوره فيما بعد لتعود وحب .. ولكن ما معني حالته تلك، هو يتأثر بتلميحات والدته عن استحالة تحمله زوجة بتلك الظروف، كيف ستكون الحياة معها .. كيف سترعاه.. وترعي اولاده ان أكرمهم الله باطفال مستقبلا …
تنهد تنهيدة طويلة مليئة بحزنة وقلة حيلته وخزيه من نفسه! نعم هو يشعر بالخزي لانه لم يقدم لها العون الذي تحتاجه .. وهي تشعر بذلك جيدا .. تشعر ببعده .. بعدم تحمله!
ندل أنت ياعمار .. أعترف لنفسك بهذا ..
تقصيرك معها لا يسمي إلا ندالة …..!!!
_عمار ماجاش يا سما ؟
اجابت بالنفي : لا يا لافندر مجاش من يومين
اكيد عنده قضية شاغلة وقته ياحبيبتي .. مش ممكن يمنعه عنك غير حاحة مهمة .. لو عايزاني اتصلك بيه و ……….
قاطعتها لافندر :
لا يا سما .. أما يجي من نفسه .. بلاش أعطله عن شغله ..
سما محاولة التسرية عن شقيقتها التي لم تراها حتي تبتسم من وقت الحادث : أيه رأيك اتصل بكريم يجي يخرجنا شوية .. الجو انهاردة جميل جدا وبابا كمان يجي معانا و……
لافندر : معلش ياسما مش عايزة اخرج .. اخرجي انتي وكريم
انتي حابسة نفسك معايا طول الوقت .. ارجوكي ياسما ماتتأيديش بيه
كريم له حق يخرج معاكي لوحدكم شوية .. مش معني انه ساكت انه مبسوط بالوضع ده .. أنتوا مالكوش ذنب..
ثم اكملت بمرح مصطنع : ثم تعالي هنا .. انتي هتفضلي قاعدة علي قلبنا لحد امتي .. كريم شقته جاهزة من زمان ياهانم .. ومافيش شيء معطلكم انكم تتلموا في بيت واحد .. امتي هتحدوا فرحكم بقا وتفرحونا بيكم …
سما التي تجاهد ان تكتم بكائها ودموعها لحال اختها .. كيف تتركها وحيدة ؟؟كيف يستقر لها حال وتنعم بحياة وأختها بتلك الظروف البائسة .. شابة جميلة كانت تحلم وتتمني الكثير من الحياة
أين اصبحت هي من احلامها .. حتي عمار تشعر الغضب منه
لم تكن تتوقع ان يكون معها هكذا .. يغيب عنها بالايام ويكتفي بالمهاتفة لها والتعلل بالعمل والقضايا ..
وبقرارة نفسها تضحك بسخرية في كل مرة .. أي عمل وأي قضايا .. وهل هناك اهم من زوحتك المسكينة الوحيدة بحالتها تلك ..؟؟
تشعر بها لافندر .. تلتقط بأذنيها صوت انفاسها المتلاحق وكانها تقاوم البكاء .. وتقسم ان شقيقتها تبكي حقا ..هي تعلم .. صحيح لا تري .. ولكنها تشعر .. شقيقتها لن تتزوج وتتركها وحيدة .. ولكن هل ترضي هي بتلك التضحية ؟؟؟؟
ابدا لن يحدث .. !!!
_هرجع بيتي مع عمار .. بعد فرح سما ……!!!!!!!!
لا يصدق والدها وشقيقتها وكريم ما قالت .. هل حقا ستعود لبيتها تمارس حياتها وتتقبل وضعها ؟؟؟
_استعد يا كريم لفرحك وأحجز القاعة ..مش هيعدي شهر إلا وانت وسما في بيتكم .. خلصونا منكم بقا ياعم .. هتفضلو في بيوت اهاليكم لأمتي..وحضرتك يا بابا اتصل بعمار عشان يجي .. عشان أعرفه بنفسي قراري واتكلم معاه شوية .. اكيد هيطير من الفرح ان مراته اخيرا هترجع بيتها ..
وبقرارة نفسها ضحكت بسخرية ومرارة …
هي تكذب بشأن عمار وفرحته .. ربما يحزن لقرارها …!!!
ولكن لا بديل لديها .. سما لن تتزوج إلا ان اطمئنت عليها
وهي ستفعل لها ما تريد …..!!!
________________.__________
كريم ببرود : اهلا ياعمار .. اخبارك اية ؟
عمار وهو يتجاهل نبرة البرود بصوت كريم :
الحمد لله ياكريم .. بقولك ايه ماتعرفش عمي عايزني في ايه ؟؟؟في جديد مع لافندر ؟؟؟
كريم بسخرية : ولو في جديد المفروض تعرفه مني انا ؟؟؟عموما روح واعرف بنفسك الموضوع .. ده افضل .. !!!
قررتي ترجعي بيتك؟؟؟
لافندر مجيبة سؤال عمار :
ومالك مستغرب ليه .. كنت فاكرني مش راجعة ؟؟؟
عمار بارتباك لم يخفي عليها :
انتي بتقولي ايه .. اكيد عارف انك هترجعي .. ده بيتك في النهاية وطبيعي تكوني فيه ..
طيب امتي ناوية تيجي معايا ؟؟؟
لافندر : بعد فرح سما ب 3 ايام …!!!
عمار : أشمعني يعني 3 ايام ؟ وفرح سما امتي اصلا ..؟
لافندر : كريم وسما هيحددوا خلاص وأنا بس عايزة اطمن عليها وأزورها بالصباحية واقعد مع بابا يوم كمان .. وانت تيجي تاخدني بعدها من هنا ……
ثم اكملت بنبرة غامضة : واوعدك إن كلنا هنرتاح ياعمار ؟؟؟؟
هناك شيء خاطيء فيما يحدث حولها .. كيف بتلك السرعة قررت لافندر رجوعها لبيتها المرهون بزفافها هي وكريم ؟؟؟ كانت تظن انها لن تعود بتلك السهولة .. ربما حقا شقيقتها تريد الاستقرار مع عمار … لا تفهم ..
حاولت تأجيل هذا الامر ولكن اصرار لافندر جعلها ترضخ اخيرا وحددت موعد الزفاف مع كريم .. وتم حجز القاعة وتجهيز شقتهما التي هي بالاساس مهيئة لهما منذ وقت ..
يا الله .. انت تعلم الغيب لنا وماتحمله الايام ..كون بعون شقيقتي واسكن بقلبها الرضي والقبول لحياتها .. وأجعلها هانئة مستريحة البال.
واخير اتي يوم زفاف كريم وسما …
كريم الذي لا يصدق ان الليلة ستكون حبيبته له ومعه ولن تتركه
ستكون زوجته الليلة وتنير بيته وحياته.. يعاهد نفسه بكل وقت انه سوف يسعدها ويصونها ويعوضها وينسيها كل شيء أحزنها ..
سعيدا لاجل صديقه كريم .. فزفافه اليوم اخيرا ..
وسعيدا لاجل شيء اخر .. سيراها اليوم .. لافندر ..
لم يراها منذ ان كانت بالمشفي .. كان يزورها خفية ويراها من بعيد
لام نفسه كثيراااا لتلك الفعلة ..واستغفر مرارا ومرارا .. لكن رغما عنه كان يذهب ليطمئن عليها ويراها .. ها هو والدها يقف هناك .. يبدو عليه الحزن رغم انه بزفاف ابنته، هو يشعر به .. مسكين هذا الرجل ..ابتلاه الله بكثير من المحن ببناته
ولكن دائما ما يعطينا الله بعد المحن القاسية ..منح تثلج صدرونا المتألمة!
كان يترقب دلوفها من باب القاعة بين وقت وأخر ..إلي أن رآها تخطو وذراعها متعلق بذراع زوجها عمار …
كم تبدو حزينة ذابلة يائسة .. رحماك بها يا الله . هون عليها
واغفر لي اهتمامي بها . انت تعلم ما بداخل نفسي المعذبة بها سنوات..
بلاء وأصبر عليه .. نصيبي أن أهوي سرابا لانها ليست لي واتقبل برضا..
ولكن أجعلها هي صابرة قوية في محنتها..
وأعطيها الامل والصبر علي البلاء ….
جلست بإحدي الطاولات المزينة وجوارها عمار وأبيها .. ترسم أبتسامة علي شفتيها .. اليوم زفاف صغيرتها سما .. ألا يستحق هذا ان تبتسم من قلبها بصدق ؟.. هي تشعر بالسعادة لأجل شقيقتها …
تشعر انه حمل سينزاح عن كاهلها .. زفاف سما جعلها أكثر راحة ..فلم تكن لتسمح ابدا بمكوث شقيقتها جوارها طوال العمر .. لابد ان تنعم بحياتها وتستقر وتهنأ مع زوجها كريم ….
ألف مبروك ياعمار … مبروك يا عمي …!!!
أنتفضت لافندر بشكل مفاجيء حتي أن والدها لاحظ انتفاضتها تلك فاحاط كتفيها بذراعيه بتلقائية قائلا …
مالك ياحبيبتي .. أنتي بردانة ؟ أغطيكي بحاجة …؟
لافندر وهي تحاول التماسك : لا يا بابا انا بخير ماتقلقش ..
انتفضت عندما سمعت صوت جواد يهنيء زوجها وأبيها …
هذا الصوت تعرفه جيدا .. أنه نفس الصوت الذي يناديها بأحلامها ويطمئنها عندما تخاف الظلام الذي يحيطها بذلك البئر العميق ..
كل ليلة تري هذ الحلم وتسمع هذا الصوت .. صوت جواد ..!!!!
يا إلهي .. لما يأتيها هو تحديدا بأحلامها؟؟؟ يطمئنها عندما تخاف .. يؤنسها حين تكون وحيدة ببئر ظلمتها …
لا تتذكر ملامح هذ الشخص بشكل واضح .. تلك عادتها لا تحدق او تطيل النظر بالغرباء .. رأته مرة واحدة يوم عقد قرانها هي وعمار .. هنأها سريعا .. وكان يبدو عليه حزن شديد
حتي انها تعجبت لحاله .. ولكنها لم تبالي وقتها .. هي لا تعرفه ..
ولكن ما تفسير أن يأتيها هو دون غيره بحلمها كل ليلة ؟؟؟؟
حاولت نفض تلك التساؤلات عن راسها ..
فيبدو أن حبيبتها سما قد وصلت إلي القاعة .. والجميع يصفق ويتحرك حولها
ويصاحبهم موسيقي مميزة لأستقبال العروسين …
تعالي يا لافندر عشان نروح نسلم علي سما …
أخذها عمار لحيث تجلس سما وكريم .. فأحتضنتها بحب وحنان قائلة
ألف مبروك ياسما .. ربنا يسعدك ويهنيكي .. انتي تستحقي كل السعادة اللي في الدنيا .. مش هوصيكي علي كريم .. ده ابن حلال وبجد انتي محظوظة بيه ياحبيبتي …
سما وهي تزيد بأحتضان شقيقتها .. ومحظوظة بأخت زيك يا لافندر .. ربنا مايحرمني منك ابدا .. ويسعدك انتي وعمار ….
هنأت كريم أيضا وأوصته علي شقيقتها ثم عادت لتجلس جوار والدها
أما عمار فأختفي بعض الوقت.. ثم عاد إليها بأنتهاء الزفاف ..
وعادت إلي بيت أبيها .. مع وعد من عمار لمجيئه وأصطحابها بنفسه لبيتهما معا….
وفيها أيه أما اوصل أبني لشقته !!!
أبو كريم :
يا ولية هو رايح عمرة.. ماتسيبيهم براحتهم يطلعو بيتهم لوحدهم ..
أم كريم بعناد : لا … هوصلهم يعني هوصلهم …
وصممت والدة كريم ان تذهب معهم بنفس السيارة ..
امام إحدي العمائر التي بها شقة كريم وسما ..
كريم محدثا ابيه بصوت خافت ..
وبعدين في مراتك ياحاج.. والله عيب عليك بعد العمر ده كله
ومش عارف تشكم الست ألي آنيها في بيتك …
أبو كريم بنفس خفوت الصوت :
أمك مفترية .. لو ضايقتها هتبقي ليلتي مش معدية
ومش عشان أنت تتبسط مع عروستك .. تنكدوا عليا انا ..
كريم : بتبيع ابنك ليلة دخلته ياحاج ؟؟؟؟
ماشي ……. انا هتصرف …!!
كريم : بس أنتي كنتي مزة انهاردة يا ماما .. العيون الخضرة والبياض والقوام المثالي عامل شغل .. الناس بيفتكروكي أختي مش أمي ؟؟؟
ام كريم بأبتهاج: بجد !! بيفتكروني أختك بجد ?
كريم بخبث : طبعا يا ماما .. ده حتي أونكل علاء مانزلش عينه من عليكي .. كأنه كان بيعاكسك .. أبن خالتك بقا مش غريب بردو ?
ابو كريم بغضب ?
ننننننننعم يا اخويا .. علاء مين وابن خالتك مين .. ليلتك سودة انت وامك .. سايب امك تتعاكس يا بأف..
ثم نظر لزوجته بشر : وانتي ياهانم .. ايه اللي حاطاه في وشك ده
عاجبك المعاكسة دي بعد العمر ده كله ..
أم كريم بذهول :
والنيعمة ماحطيت حاجة ياحمادة .. انا جمالي طبيعي !!!!
ما أن دلفت داخل منزلها حتي أنفجرت سما بضحك هستيري وصوت عالي قائلة …
والله أنت ماطبيعي ياكريم .. وقعت أمك وأبوك في بعض وسبتهم في الشارع قصاد العمارة تحت وطلعت.. دي عمايل ناس عاقلين ؟؟؟!!!
كريم وهو يخلع عنه جاكيته ..
أنا حاولت احل الموضوع بالعقل .. الحاج اتخلي عني ..أسكت ؟؟؟
سما : لا ازاي .. تولع الدنيا وتسيبهم وتمشي …
كريم وهو يقترب منها : سيبك بقي منهم وركزي مع أبنهم..
دق ناقوس الخطر بعقل سما وكريم يقترب منها .. فتذكرت ما حدث معها سابقا بحادثة تامر ..
أبتعدت خائفة ودموعا تغرق وجهها وجسدها ينتفض بفزع ..
فوجيء كريم بردة فعلها المبالغ بها وهي ترمقه بنظرة غريبة وكأنها لاتعرفه . وتذكر علي الفور عقدتها السابقة .. فعلم ما ألم بها ومايدور بخلدها في تلك اللحظة .. فانفطر قلبه عليها ..
حاول تهديتها قائلا ..
حبيبتي أهدي انا كريم مش حد تاني .. متخافيش مني .. بصيلي ياسما واهدي واطمني .. حاول ان يمسك يدها فابتعدت اكثر ..
ماذا يفعل .. تبدو مغيبة لا تراه .. تبا لهذا الحقير ومافعله بها .. يقسم إن جمعته الظروف به سوف بنال منه بأقسي طريقة ..
استغفر الله ودعاه ان يلهمه التصرف الصحيح في هذا الموقف ..
فلم يجد نفسه وهي تنتفض هكذا خوفا أمامه إلا وهو يلتقطها بأحضانه ويربت علي ظهرها بهدوء وحنو ويحتوي انتفاضة جسدها برفق ويحدثها بصوت خافت لتطمئن انها معه وألا تخافه … وظل يحدثها بخفوت وهو يحتضنها برفق حتي هدأت أنتفاصة جسدها كثيرا وانتظمت أنفاسها ..
فرفع وجهها ومسح دموعها الغزيرة من وجنتيها وقبل جبينها قائلا
أهدي حبيبتي.. مافيش حاجة ممكن تأذيكي ابدا وأنتي معايا ..
ثم اجلسها بمكان قريب ثم جثي علي ركبتيه أمامها قائلا بحنو:
انا عارف أنتي حاسة بأيه .. وبتفكري في ايه
ثم قبل كف يدها مستئنفا حديثه الهاديء إليها قائلا:
تعرفي ياسما ربنا قال اية عن الزواج ؟؟؟
هزت رأسها بإشارة النفي فأكمل قائلا : ربنا سبحانه وتعالي قال..
«ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون
عارفة الكلام ده معناه أيه ؟؟؟
السكينة هي الهدوء في قلوب الزوجين المؤمنين، فقال تعالى «هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم» والمودة هي المحبة فقال تعالى «وجعل بينكم مودة ورحمة» أما الرحمة فهي المودة والرقة والمغفرة والعطف.
يعني الزواج ده مش حاجة وحشة ولا تخوف .. ولا هو غصب ابدا
كل حاجة بيني وبينك هتكون بالحب والمودة والرحمة .. اوعي في يوم تخافي مني يا سما .. لاني عمري ما هعمل شيء يخليكي تخافي ابدا .. انا قلتلك قبل كدة اني عاهدت نفسي أ
كون بعد.ربنا أمانك وسندك في الدنيا ..
ثم انتصب ثانيا وجعلها تنهض ناظرا في عينيها مباشرا :
احنا دلوقتي هنصلي ركعتين لله نبدأ بيهم حياتنا .. واوعدك
أن مش هغصبك علي شيء ومش هكون مضايق ابدا.. العمر لسة قدامنا . وانا كفاية عندي انك بقيتي في بيتي ومنورة حياتي كلها ..
واللي انتي عايزاه هو اللي هيحصل ..بس متخافيش …
في مساء اليوم التالي لزفاف كريم و سما .. ذهبت لافندر مع والدها وزوجها عمار لتهنئة شقيقتها بحياتها الجديدة .. وأطمئنت من نبرة صوتها انها سعيدة حقا.. كريم هو افضل من يصون شقيقتها
أحست بالراحة تجاه سما .. وحان دور عمار .. كي يستريح هو الأخر
وهي تعلم كيف ستكون راحته .. وستحققها له ..!!!!
أتي عمار باليوم التالي كي يأخذ زوجته لافندر إلي بيتهم ..
لافندر مستنياك جوة يا ابني . . روحلها وأنا هصلي العشا واجي…
دلف إلي حجرتها .. وجدها تجلس بإسترخاء .. مريحة ظهرها علي المقعد ومغمضة العينين …
بحث بعينيه حولها فلم يجد حقيبة ملابسها .. المفترض انها تستعد للعودة معه
قال : السلام عليكم … أنتي جاهزة يا لافندر ؟؟؟
اخذت نفسا عميقا وكأنها تستعد لحوار طويل …وقالت:
دلوقتي بس انا جاهزة ياعمار …. جاهزة أحط النقط فوق الحروف..
تتكلم بطريقة غريبه عليه.. يشعر أنها تنوي قول ما لا يسر …
فقال : مش فاهمك يا لافندر .. تقصدي أيه بكلامك ؟؟؟
لافندر : هسألك سؤال ياعمار وجاوبني بصراحة …
أنت هتكون مبسوط معايا وأنا بالوضع ده …؟؟؟؟
أنا مش هكون الزوجة اللي هتقوم بوجباتها زي ما انت كنت بتحلم .. مش هقدر أرعاك .. ولا ارعي ولادي لو ربنا اكرمنا .. بالعكس هكون عبء تقيل .. مستعد تتحمل ؟؟؟؟
هتكون مبسوط بالحمل ده ؟؟
لم يجيبها .. ظل برهة صامتا مترددا .. ولكن كان صمته إجابة قاطعة
لها .. وتاكدت من صواب قرارها .. عمار لن يكون لها السند في تلك الحياة .. لم يقول لها مرة واحدة منذه الحادث انه سيظل معها .. لن يتركها .. و سيتحملها .. لم يطمئنها ولو بكلمة كاذبة .. لم يكذب
كما لم يكذب الأن عندما صمت .. فصمته كان مثال الصدق أمامها..
قالت بعد ان تيقنت من إجابته : اوعي تفتكر ياعمار اني زعلانة منك او ممكن ألومك .. بالعكس .. انت كدة حافظت علي اخر حاجة أفتكرك بيها .. أنك ماكدبتش .. انت مش هتقدر تكمل في تجربة محكوم عليها بالفشل مسبقا.. ولا انا اصلا بقي عندي شيء اقدمه ليك واقولك عشانه تفضل معايا .. مبقاش عندي حاجة اقدمها لأي حد .. بقيت عالة علي الجميع ..
صمتت وكأنها تستحضر شجاعتها وتستجلب قوتها..قائلة:
طلقني ياعمار ……….!!!!
ما ان علم جواد من كريم بطلاق عمار للافندر.. حتي جن جنونه .. كيف يتركها بتلك البساطة .. كيف يتخلي عنها بأزمتها وبعز محنتها وعجزها ويأسها .. كيف فعلها !!!!
طلب لقائه بإحدي الاماكن الهادئة حتي يتحدث معه ..
واعتذر كريم عن الحضور .. فبعد ما حدث من عمار .. أخذ منه موقف قاسي .. وفضل ألا يحادثه حتي يهدأ قليلا .. فخبر طلاقهما احزنه بشدة .. كما أحزن زوجته سما فهرعت إليها لتواسي شقيقتها بتلك المحنة الجديدة …..
ياتري ضميرك ارتاح دلوقتي بعد ما أتخليت عنها ؟؟؟؟
عمار وهو يعطي ظهره لجواد …
أنا عملت أللي اقدر عليه .. وكل شي قسمة ونصيب في الاخر ..
جواد : انت عملت اللي قدرت عليه فعلا .. أهملتها وحسستها بالعجز .. بعدت وخليتها تحس انك ولا أمان ولا سند ليها .. فوصلتها تطلب منك الطلاق .. برافو ياعمار برافو ..
عمار منفعلا : انا ماكنتش هقدر أكمل .. أفهمني انت مش مكاني عشان تحكم عليا وتحاكمني .. لما تبقي مكاني ابقي تعالي وقولي هتعمل اية …
جواد بهدوء حزين : لوكنت مكانك ياعمار .. ماكنتش هسيبها لمجرد انها طلبت الطلاق .. كنت هرفض واتمسك.بيها اكتر
كنت هطمنها وأحسسها بالأمان.. كنت هخليها تشوف الدنيا بعيني مش أحسسها بالعجز وانها بقيت عامية و ناقصة .. كنت هقرب مش هبعد وأجبرها تطلب الطلاق .. ويبقي الظاهر للناس أن هي اللي طلبت وأتخليت..مع أن أنت اللي وصلتها للقرار ده ببعدك وإهمالك وخذلانك ليها ..
في قراره نفسه يعلم أن جواد صادق بكل ما نطق به ..
هو حقا لم يطمئنها مرة واحدة .. لم يشعرها بالأمان لحظة بعد الحادث .. ابتعد ولم يحاول الأقتراب مرة واحدة …
هو ضعيف وحبه أضعف لم يصمد أمام أول العقبات بحياتهما معا..
هو لا يستحقها ……..!!!
جواد :
سقطت في الاختبار ياصاحبي … لافندر عملتلك أختبار وانت فشلت فيه .. أختارت تبعد وتتخلي .. ياخسارة ياعمار !!!
أزاي تطلقوا بالسهولة دي فهميني ؟؟؟ انتي كنتي راجعة بيتك ووعدتيني تعيشي حياتك مع عمار.. ليه افترقتوا ليه ؟!!!!
بصوت باكي تسألت سما وهي تجلس جوار شقيقتها لافندر الهادئة بشكل غريب علي هذا الموقف .. المفترض ان تكون منهارة وحزينة ولكنها هادئة حد القلق .. هل هذا الهدوء الذي يسبق العاصفة كما يقولون ..
قالت لافندر بهدوء : ليه مصدومة يا سما .. فراقنا كان تحصيل حاصل
حتي لو رجعت معاه ماكناش هنستمر صدقيني .. بس كان هيكون الفراق أصعب عليا .. عارفة ليه ؟؟؟
لانه كان هيجرحني اكتر بإهماله.. كان هيحسسني بعجزي كل لحظة وانا مش بلبي إحتياجاته زي ماهو متوقع ..
ولأني ماكنتش هقدر أسعده ..كان هيبقي عنده مبرر انه يخوني يا سما
يعني كنا بردو هننفصل .. بس بعد ما اكون عشت تجربة اصعب عليا ..
انا خلاص يا سما راضية بحالي ونصيبي في الدنيا ..
ثم ابتسمت بسخرية قائلة
وعلي رأي حماتي .. مش لازم نصيبي يبقي نصيب غيري …!!!
سما باستنكار : هي قالتلك كدة ؟؟؟؟ طلبت منك تسيبيه ؟؟؟
لافندر : أيوة يا سما .. بس انا ماكنتش مستنية تطلبها .. انا كنت اخدت قراري خلاص .. بس هي خلتني أعجل بيه واتشجع وأتاكد اني صح
وبعدين هو لو عايزني ياسما .. كان اتمسك بيه .. كان عرف يرجعني عن قراري .. كان طمني .. بس عمار ما عملش كدة ..
وانا مش بلومه ..كل واحد في الدنيا عنده طاقه وقدرة علي التحمل
ودي قدرة عمار …
كان يظن انه اوصل بناته لبر الأمان وأطمئن عليهم .. ولكن هاهي أبنته المبري لافندر .. تقاسي وتعاني بحياتها .. خسرت بصرها وزوجها وثقتها بنفسها و بكل شيء .. لم يتصور أن يتخلي عنها عمار هكذا
أبن ذهب حبه السابق لها .. تركها وحيدة ..
ماذا يفعل لأجل ابنته .. كيف يساعدها ..
يا الله .. رحماك بابنتي المسكينة .. أبعث لها الامل وحب الحياة
اللهم أجبر كسرها ورمم جرح روحها وزيدها رضا بقضائك يا جابر المنكسرين.. اللهم أشفي ابنتي فانت الشافي المعافي الذي لا يعجزه شيء عوضها بافضل مما فاتها يا ارحم الراحمين..
بعد مرور 3 شهور
استطاعت سما ان تدرب لافندر كيف تتحرك بالمنزل دون الأصطدام قدر المستطاع بأثاث المنزل من حولها .. أصبحت تستطيع التنقل بمفردها بعد ان حفظت اتجاه وعدد الخطوات التي تنقلها من مكان إلي اخر
حفظت اماكن الأثاث حتي تتلافي الأصطدام بها بقدر ماتستطيع ..
وقد أسعد لافندر هذا الانجاز نوعا ما .. فيجب ان تتعلم الأعتماد علي ذاتها بأي طريقة حتي تخفف العبء عن والدها ..
لم تبارح خياله لحظة واحدة منذ طلاقها من عمار ..
رغم حزنه حينها عندما سمع الخبر ..
إلا أنه يسيطر عليه شعور أخر .. شعور الأمل … الأمل أن تكون له ..
وكانها إشارة له من رب العالمين .. انه آن الآوان ليهنأ قلبه المعذب سنوات… فبعد ان تخلي عنها عمار .. هل يتركها هو ؟؟؟؟
الان تيقن أنها له ولا احدا غيره ..
ربما هي له من البداية رغم مرورها بتلك التجربة …. هو يشعر بأنها أصبحت قريبة .. لم يعد التفكير بها يشعره بالذنب
هي حرة الأن .. لا يقيدها شيء .. ولن يمنعه عنها شيء
لافندر ……… ستكون له …!!!!!!