أسير صورتها

الفصل الخامس

تشعر بغضب شديد منه .. كيف يتجرأ ويهددها بتلك الطريقة الغاضبة .. هو مازال لا يمثل لها شيء بعد لتطيعه، كيف يخيفها بهذا الشكل “وقح ومعتوه”هكذا صارت تنعته بسرها .. وفجاة برقت بعقلها فكرة شريرة لعقابه ..وشرعت فورا بتفيذها


جالسا معهم بوجه عابس لإغضابه سما .. وحزين لعدم رؤيتها هديته في وجوده .. كان مشتاقا لرؤية ردة فعلها بنفسه ..حتي وجدها تتقدم إليهم حاملة بيديها صينيه القهوة الانيقة .. وللغريب منحته ابتسامة … كيف هذا ؟! لا يصدق انها تبتسم له .. ظنها مازالت غاضبة! ربما رأت هديته فأعجبتها
فغفرت له ما أغضبها منه منذ قليل .. ولما لا.؟؟؟

فبادلها أبتسامتها بأخري وهو يلتقط فنجان قهوته من يدها وشكرها بصوت خافت وكأنه يعتذر بعيناه ..

ثم أرتشف رشفة من فنجانه ..وما أن فعل حتي علم بمكيدتها..المجنونة وضعت له مسحوق الشطة بالقهوة ..فسعل من شدة طعمها الحارق .. ومنحته هي ابتسامة متشفية مستفزة .. فرمقها بغضب ..
وللعجب اكمل قهوتها وعندما سأله والده ما أعتراه ولما يسعل هكذا أخبره انها سعلة عادية ولا يقلق … !!!
لم يشأ ترك فنحان القهوة وأضطر لإكماله .. حتي لا يكون إحراج للحمقاء أمام الجميع إن لم يتناول فنجان قهوتها الأول..!


كانت سعيدة لثأرها منه .. ولا يعلم أحد مابينهما
تعجبت انه أستطاع إكمال قهوته..فهي وضعت بها الكثير من الشطة
ولكنها لم تبالي المهم أنها ثأرت لنفسها منه ..


الحاج جمال : ياسما قومي يابنتي اعملي قهوة تاني…
همت سما لتفعل كما أمرها والدها ..
فتسمرت مكانها عندما سمعت ام كريم تقول :

لا لا بلاش ارجوكم كفاية قهوة مرة واحدة..

نظرت سما لكريم تلقائيا نظرة قلقة محدثة نفسها :
هل أشتكي كريم من فعلتها لأمه؟! وترجم كريم نظرتها ولكن تجاهلها ببرود!!

الحاج جمال باستغراب :
ليه بس يا حاجة .. هي قهوتنا وحشة ولا ايه؟؟
ام كريم بنفي : لا طبعا تسلم ايد عروستنا .. قهوتها جميلة
بس كريم عنده قرحة بالمعدة .. القهوة والاكلات الحارة والبهارات الكتير بتتعبه شوية ..فبلاش عشان معدته
الحاج جمال : الف سلامة علي يا ابني ..انت بتدخن يا كريم ؟

كريم : كنت ياعمي بس دلوقتي لا ..


بطنه تألمه كثيرا بعد تناول قهوتها الملتهبة ..
فمنذ إصابته بقرحة المعدته… وهو محظورا عليه تناول أكلات أو مشروبات حارة حتي يتعافي..

تناوله السابق للقهوة والمنبهات الكثيرة علي الريق قبل تناول أفطاره قد سبب له هذا العرض..
كما انه كان يدخن بشراهة ولكنه اقلع عن تلك العادة .. فتحسنت حالته كثيرا ..
ولكن مافعلته تلك الغبية هيج معدته ثانيا ..

يحاول ألا يظهر ألمه الشديد إلى تنتهي الزيارة ..
ولكنه كان غاصب منها بشدة .. حتي أنه لم ينظر لها مرة واحدة بعد ذلك ..
تجاهلها تماما ….ثم غادر منزلهم مع والديه ..!!!


شعرت بتأنيب الضمير عندما علمت بعلته وانها ستكون سببا بمرضه .. فالألم قد بدا جليا علي وجهه والغضب ايضا..
فهو لم ينظر لها أبدا حتي غادرهم .. لا تدري لما ضايقها ذلك ..
أرادات ان تعاقبه ولم تتخيل ان تكون سببا بأذيته هكذا .. كما لم تتوقع رد فعله بالتجاهل و الغضب الذي
لم يخفي عليها.. حتي انه أكمل قهوته حتي لا يلحظ أحد مافعلت.. قابل تصرف المتهور بتصرفه العاقل ..
تذكرت هديته ..التي قال أنه صنعها وصممها لها بنفسه
فأحضرتها وهمت بفتح غلافها الأنيق…
ثم ترددت .. هل تنظر لافندر إلي أن تأتي من الخارج
حيث ذهبت هي وعمار لشراء شيئا ما لشقتهما..
ولكن الفضول يأكلها …فقررت أن تفتح هديته وتراها…
شهقت إعجابا من كثرة جمال الفستان الذي صممه لها يبدو فستان خطوبة شديد الرقة والجمال .. أبهرها كريم حقا ..!!
هل يهتم بها لتلك الدرجة..تذكرت خيبة امله عندما تركته وكان ينتظرها أن تري هديته وهما بمفردهم سويا ..ربما لهذا انفعل عليها …
أنتابها شعور خانق بعذاب الضمير .. هو فعل كل هذا ليفاجأها ويهاديها شيء مميز كتلك القطعة الرائعة..وهي تسببت باغضابة وإصابة معدته بوعكة صحية أكيدة من قهوتها ..
دمعت عيناها دون أن تدري .. ونهشها الندم.. !!!!


مالك يا كريم ؟؟؟؟

والد كريم : ابدا يا بابا أنا بخير الحمد لله ..
والد كريم : حاسس انك تعبان يابني .. وشك باين عليه كدة …تدخلت والدته قائلة ..

في حاجة تعبتك في الأكل يابني ؟؟؟ مع ان الاكل كان حلو ماحسيتش فيه حاجة نقيلة ممكن تضايق معدتك!

كريم وهو يتذكر قهوتها، مواريًا داخله حنقه من تلك المجنونة التي أختارت دون ان تدري عقاب مؤلم له
تتلوي معدته من وقتها بمغص شديد ويحاول أخفاءه أمام والديه ..

فقال : الأكل كان جميل يا أم كريم ومافيش حاجة تعباني اطمني ..ثم أستأنف حديثه قائلا : ماقولتوش ..أيه رايكم في سما ؟؟؟ حبيتوها ؟؟؟

والدته : بصراحة البنت دخلت قلبي وعجبتني اوي جمال واخلاق وادب واضح .. زي الملاك ….

كريم مقاطعا بتهكم غير ملحوظ: دي نسمة يا ام كريم .. مايطلعش منها العيبة ابدا..!
كان يجز علي أسنانه.. ويقسم أن يعاقبها بطريقته… أما والد كريم فقال :
ووالدها بصراحة راجل محترم .. ومش طماع زي أباء كتير بالعكس كان مرن جدا وأحنا بنتفق علي الامور المادية.. واختها واضح اخلاق جدا … برافو يا كريم عرفت تختار ناس تشرفنا ..
ربنا يسعدك ويجعلها زوجة صالحة ليك يا بني ….


لا تعرف ماذا تفعل .. بأي طريقة تعتذر له ..
لا تملك هاتفه .. وحتي ان كان معها .. لا يجوز لها الاتصال به..ماذا تفعل كي تعتذر وبنفس الوقت تحفظ ماء وجهها أمامه ..
واثناء شرودها .. دخل والدها حاملا شيء معه قائلا…

_شوفتي ياسما لقيت أيه في الانتريه … محفظة كريم ..!!

واضح انها وقعت منه وانتو قاعدين سوا هناك …
اكيد هيفتكرها ضاعت ويقلق .. دي فيها بطاقته واكيد حاجات مهمه بالنسباله … خدي خليها معاكي وانا هروح اتصل بيه واعرفه أنها عندنا


أبتسمت بسعادة علي تلك الصدفة القدرية .. كانت تبحث عن طريقة لتعتذر له .. وها هي أتتها دون ترتيب منها .. فمؤكد سوف ياتي إليهم ليأخذها.. ولابد ان تخلق فرصة للإعتذار وأن توصل له أعجابها الشديد بهديته المميزة ….!!!


ابتسم عندما تذكر كيف ترك محفظته عمدا حتي يراها أحدهم ويستطيع العودة لرؤية حمقاءه ثانيا …

رغم غضبه من فعلتها .. ولكنه يشتاق لرؤيتها..
ولعقابها ايضا .. فلن يكون إن لم يثأر لمعدته المسكينة ولما فعلته حبيبته الغبية..
_______________.

تعجب عندما شاهد صدفة أثناء مروره، كريم وهو يدس محفظته عمدا في أحد الزوايا.. فتأكد ظنه ان هناك ماحدث بينه وبين ابنته سما عندما جلسوا سويا ..تظاهر انه لم يري شيئا .. كمان تصنع الدهشة أمام سما وهو يخبرها عن محفظة كريم الذي تركها هنا ..هو يصنع لابنته فرصة مع هذا الشاب .. يميل إليه كثيرا ويطمئن له .. ويخبره قلبه انه هو من سيصون ابنته ويحفظها


في صباح اليوم التالي والوقت مازال مبكرا…

استيقظت سما بينما لافندر مازالت غافية ..
علمت من والدها أن كريم سوف ياتي صباحا..فلم تظهر اي أهتمام لابيها عندما أخبرها..
ولكنها كانت ممتنة لتلك الفرصة .. وراحت تفكر كيف تقابله لا تريد ان تبدو أنها منتظرة مجيئة وبنفس الوقت تود رؤيته والاعتذار له .. وأيضا أن تشكره علي هديته الرائعة ..دلف والدها حجرتها هي وشقيقتها .. فتصنعت النوم أمامه..

فربت عليها قائلا : سما .. قومي ياحبيبتي كريم جه برة ..يلا عشان تعمليله حاجة يشربها ورحبي بيه!

سما وهي تتململ في نومتها لتوهم ابيها بأستيقاظها للتو :

_حاضر يا بابا .. اتفضل حضرتك وهقوم انا أجهز ..!!

شكرت والدها بداخلها أنه أتي ليوقظها .. فبهذا قد أعفاها من الإحراج .


لا يعرف هل سيري حبيبته في هذا الوقت المبكر أم ستكون نائمة ولكنه يتمني أن يراها … ويتمني ان تكون رآت هديته وأعحبتها..


كان يعطيها ظهره ويقف مستندا بمرفقيه علي إطار النافذة المفتوحة شاردا وهو ينظر إلي المارة أمامه ..
ارتعش قلبها بشكل غريب عليها .. معجبة بهيئته الأنيقة الجذابة التي اتي بها هذا الصباح..

يرتدي قميصا كاروهات ازرق وبنطالا من الجينز الازرق بدرجة قاتمة، كم ظهر بجسد رياضي متناسق .. تتأمله للمرة الاولي رغما عنها..
هذا الشخص يجذبها بشكل كبير .. تشعر في حضوره بشعور غريب لا تعرف تفسيره .. تتذكر أمس ضيقها الشديد عندما تجاهلها غاضبا
هل أصبحت تهتم لمشاعره حقا ؟؟؟
تنهدت وهي تنفض الافكار من رأسها

وتنحنحت لتعلن عن وجودها .. فلم يلتفت لها .. يبدو مازال شاردا، لا بأس يا سما، ألقي السلام حتي ينتبه!

_السلام عليكم …!!

لم يلتفت أيضا .. هل أصاب الطرش أذنيه ؟؟؟؟!!!

شعرت ببعض الضيق بقالت بصوت أعلى :

انت يا أخينا .. أنزل من الكوكب بتاعك .. ورد السلام علي أهل الارض!


يشعر بقدومها من اللحظة الاولي خلفه ..
ولكن تعمد تجاهلها عندما شعر انها تتأمله ..
كم أسعده انها تتأمله ..ولاحظ أمس ضيقها عندما تجاهلها ..أميرته أصبحت تتأثر به .. أصبح يعني لها شيئا .. يرقص قلبه فرحا
حبيبته بدأت تشعر به .. هو أقسم أن يجعلها تعشقه كما عشقها هو..هي توأم روحه ..وهو قدرها وأمانها وسيكون كل شيء لها فيما بعد ..

لما لا يتسلي بها ويعاقبها علي حماقتها بالأمس؟! ..اتخذ قراره، التفت إليها ببرود قائلا :

أهلا يا انسة سما …ما كنتش أعرف ان معاليكي بتصحي بدري عموما انا جاي اخد محفظتي وهمشي .. مش عايز ازعجك ..!!

أيقنت أنه مازال غاضب من فعلتها أمس من فتور رده عليها.. لا تريد الأعتذار له بشكل مباشر ..
ولا تعرف ماذا تقول .. ولكن لا يجب ان لا يشعر انها كانت بانتظاره

فقالت بكبرياء: انا مابصحاش بدري علي فكرة .. بس بابا صحاني عشان اعملك قهوة!

ثم وضعت ماتحمله بيديها قائلة بعجرفة : أتفضل القهوة!

خطي إليها خطوتين قائلا بسخرية: لا والله حضرتك مش هينفع .. كفاية قهوة إمبارح اللي بسببها مانمتش من ألم معدتي! ولا انتي لسة عايزة تاخدي بتارك مني وحابة تشربيني جرعة شطة تانية مكثفة علي الريق ..؟؟؟.!!

كان يتاملها كالطفلة المذنبة .. وهي تفرك يدها بارتباك وخجل .. لا تعرف ماذا تقول
قاوم أبتسامته بأعجوبة علي هيئتها الطفولية المرتبكة..

فتمتمت سما بأسف وكلمات ماقطعة : أصل … أنا … بصراحة …وصمتت خجلا من هذا الموقف ..ولن تسعفها الكلمات! ماذا تقول ..ماذا تفعل حقا لا تدري..

أشفق عليها كثيرا .. صحيح انه كان غاضبا منها .. ولكن ارتباكها امامه وشعورها بالذنب جعل قلبه يلين لها ..حاول تغير الحديث ليعفيها من الحرج

تفوه بصوت خافت : شوفتي الهدية بتاعتي ؟؟؟؟

هزت رأسها بالإيجاب دون ان تنطق…

فسالها ثانيا : وعجبتك ولا لأ؟؟؟؟

ابتسمت بخجل قائلة وهي تنظر أرضا : عجبتني جدا جدا …

فرد بصوت حاني : نفسي أشوفه عليكي .. عارف أن جماله هيزيد مليون مرة أما تلبسيه ..

ثم اقترب لأذنيها وقال بمشاكسة : بس المقاس مظبوط ..؟؟!!!

احمر وجهها خجلا وغضبا معا .. فعاقبته على الفور
وفاجأته بفعل ادهشه، حين تناولت شيئا ما من حجابها وغرسته في ذراعه…
فأنتفض وابتعد متألما وحانقا عليها وهو يقول : أيه ده ياشيخة! بتضربي في دراعي دبوس يامفترية ..
انا خاطب ممرضة بتاعة حقن ….؟؟؟؟

سما بتحذير: أحمد ربنا انه كان دبوس المرة دي ..عشان تاني مرة تحافظ علي المسافة بينا وماتقربش مني كدة ياظريف ….!!!!


مش ممكن الفستان مالوش حل ياسما يجنن .. بجد كريم ده طلع ذوق وبيحبك اوي ياسوما .. أول هدية منه مش هتنسيها ابدا..فعلا مميزة

سما وهي تتامل الفستان بأعجاب :

بصراحة عجبني جداااا.. حبيته لأنه عمله بايده عشان يفرحني ..!!

لافندر : وفرحتي يا سما ؟؟؟؟؟

رمقتها سما بتمعن وهي تعلم مغزي سؤال شقيقتها الأبعد من ظاهره، وقالت:

يمكن عندك حق يا لافندر.. أنا حبست نفسي في تجربة مؤلمة ورفضت أخرج من جواها .. حكمت علي كل الناس من خلالها وعيشت نفسي في الحزن ..
ثم عادت بنظرها للفستان المعلق أمامها تتأمله بحب قائلة:تعرفي يا لافندر .. ده مش مجرد فستان ألبسه في خطوبتي ..وانا بشوفه لاول مرة
حسيت كأنه توب يرمم ويداوي روحي المكسورة ..وفرحة لقلبي .. ووعد خفي منه بحياة وردية زي لون فستاني اللي أختاره ..

أحتضنتها لافندر بحنان وتأثر متمتمة:
ماكنتش أعرف إن الواد.كريم سره باتع كدة وهيخلي عقدة لسانك تتفك ..
ثم قبلتها فوق جبينها متمنيه لها كل السعادة ….


أستقبل عمار والديه من مطار القاهرة صباحا
سعيدا بقدومهما لحضور زفافه …

_أخيرا ياماما انتي وبابا جيتوا تشوفوني ..

سناء والدة عمار : قلب امك انت ياعمار .. أنت عارف ياحبيبي شغل والدك هناك و ارتباطاته.. وانا لازم اكون معاه وأراعيه..

عبد الحميد والد عمار : هانت ياعمار.. دي أخر سنة لينا هناك .. وخلاص يابني هننزل بشكل نهائي .. الغربة خدت مننا كتير وخلاص قررت نستقر قريب جدا … واهو انت خلاص هتتجوز وهتجبلنا أحفاد نعيش معاهم ويسعدوا أللي باقي من حياتنا ..

عمار : أن شاء الله يا بابا . ربنا مايحرمني منكم ابدا
ومبسوط اوي انكم هتنهوا غربتكم وتكونوا جمبي انا ومراتي..

سناء : فين لافندر صحيح ليه ماجاتش معاك تستقبلنا .. كان الأصول تيجي تقول حمد لله ع السلامة ..
عبد الحميد : وبعدين ياسناء .. هتبتدي شغل الحموات من دلوقتي البنت عروسة فرحها بعد يومين .. واحنا جايين متأخر أكيد عندها حاجات كتير تعملها …

عمار وهو يرمق والدته بنظرة عاتبة :
والله يابابا كل كلامك صح .. لافندر مشغولة جدا .. وكمان أختها سما هتتخطب معاها وبتجهز حاجتها هي كمان ..وواصل: معلش انا هسيبكم بس ساعة زمن هجيب حاجة واجي .. تكونوا ارتاحتوا شوية من السفر ..


عبد الحميد بعد ان غادر عمار ..قال معاتبا زوجته ..

يعني اية لازمة الكلام الفارغ اللي قلتيه لأبنك ده ياسناء مش هتكبري عقلك بقي شوية .. البنت عروسة فاضلها يومين طبيعي تكون مشغولة بلوازمها .. أمتي هتيجي تستقبلك ؟؟؟؟
اديكي زعلتي ابنك منك ..

سناء باعتراض : وانا كنت قلت أيه يعني لكل ده عشان تزعلو أنتو الأتنين .. يعني من دلوقتي الهانم هتقلبكم عليا..

عبد الحميد بنفاذ صبر: لا بجد أنتي اتخبلتي في مخك .. غيرتك علي أبنك بتخليكي تتصرفي بحماقة .. دي مرات أبنك يعني زي بنتك بالظبط … وبعدين انا شايف البنت محترمة وطيبة ومؤدبة..
وبأذن الله تكون زوجة صالحة وأم محترمة لأحفادنا ..

سناء : خلاص ياعبد الحميد .. انا ماكنتش اقصد أضايقه لما يجي هصالحه .. ده وحيدي ومايهونش عليا زعله ابدا …


يقترب يوم زفاف عمار ولافندر ..وأيضا خطوبة سما وكريم..لم يتبقي سوي يومان
كل شيء تم تجهيزه .. وأخرهم ثوب زفاف لافندر
الذي انتقته مع شقيقتها سما ..


يسجد شكرا لله بفرحة وسعادة .. ابنته الكبري سوف تتزوج .. والأخري ستلحقها بنفس اليوم
يتذكر يوم ان هاتفه كريم منذ يومان وطلب منه بإلحاح ان يكون كتب كتابه علي سما بيوم الزفاف وليست خطبة فقط .. لم يعلم ماذا يجيبه .. فأنقذه كريم من حيرته عندما قال له إن رفضت سما لن يجبرها احد، وستتم الخطبة فقط..هذا كان وعده …

لا ينكر ان هذا الشاب كريم يثير أعجابه .. هو يحب ابنته كثيرا، لا يبخل بإظهار مشاعره ابدا .. رغم انه يخاف ان تغضب سما لهذا القرار .. ولكن قلبه يخبره ان ابنته هي الاخري تريده وربما أحبته .. فما اسرع أتصال قلبين بشرارة حب صادقة نقية
يراهن علي انها ستكون سعيدة مع هذا الشاب


يوم الزفاف …

خلاص هيتجوز عمار وكريم أصحابك ؟؟؟

جواد مجيبا علي سؤال والدته : ايوة يا امي .. ربنا يهنيهم ..

فهتفت بتمني : وانت أمتى هشوفك متهني وسعيد ومرتاح يا حواد؟؟

أجاب : لما يجي الوقت المناسب يا امي .. وقبل ما تسأليني أمتي هقولك معرفش … في حاجات كتير في الدنيا دي بتيجي من غير معاد يا أمي … !!!


بطلة ملائكية وفستان زفاف أبيض وحجابه اللامع تقدمت لافندر ..
مثل ملكة متوجة تتعانق ذراعها بذراع زوجها عمار الذي كان بنظر لها بإعجاب وحب طوال الوقت منذ أن رأها بطلتها التي سلبت عقله
وبجوارهم أميرتهم الأصغر سما شقيقة لافندر..بثوبها الوردي المبهر وكريم المتيم بها غير مصدق أنها معه وله أخيرا ..الجميع ينظر لهما باعجاب وانبهار من طلتهم الجميلة البسيطة ووجهيهما الذي لما يضعا عليه سوي القليل جدا من الاصباغ..


يقف بعيدا يطالعهم وهما يدلفون القاعة بهيبة وجمال .. تصاحبهم الموسيقي المعتادة المستقبلة لحفل عرسهم جميعا
الشقيقتان لافندر وسما.. وأصدقاؤه عمار وكريم ..
السعادة تتجلي علي وجوههم بشكل لا يخفي علي احد مما يطالعهم..!

الآن أسدل الستار علي قصتك ياجواد ..قصتك العجيبة التي لم تجني منها سوي عذاب وحزن ..
آن الآوان لتبدأ عهد جديد مع نفسك بأيامك القادمة ..

تذكر أمه وهي تسأله عن زواجه ومتي ستراه سعيدا ..ليته يستطيع تحقيق ما تتمناه .. ليته يستطيع ان يأمر قلبه وعقله بالنسيان ..
هو قدره ونصيبه أن يحيا تلك التجربة المؤلمة المرهقة لقلبه وروحه معا …
اخذ نفسا عميقا وتجرع كل حزنه بحلقه ونفض عنه كل مشاعره المعذبة ..وكأنه يغلف روحه ووجه بقناع أخر ..فاليوم زفاف عمار وخطوبة كريم .. سيكون معهم ويفرح لأجلهما ..!!!


تشعر بالخجل الشديد .. كريم لا يدير نظره عنها منذ أن رآها تحاول ألا تلتفت له توزع نظراتها هنا وهناك .. لكنها تشعر بعينيه تحيط كل لافتة تصدر منها …اقترب كريم لاذنها قائلا:
الفستان طالع عليكي خيال .. هتجننيني من جمالك يا سما قلبي
قالت وهي تكاد تذوب خجلا ..
كريم لو سمحت .. أبعد وبطل الكلام اللي بتقوله ده .

كريم : هو انا قلت حاجة .. انا بشكر في الفستان بتاعي اللي تعبت فيه أسبوع
سما وهي ترمقه بغيظ : والله ممكن أرجعهولك وتاخده وانت ماشي
مادام عاجبك كدة .. أساسا الفستان وحش
كريم مشاكسا : بس انا مش عايز الفستان.. أنا عايز صاحبته ..
سما : لو مابطلتش ياكريم هقوم وأسيبك ..
كريم : طب هاتي أيدك أمسكها وانا مش هسمعك صوتي خالص لاخر الفرح..
سما : لا طبعا .. أما تبقي جوزي تبقي تمسك أيدي ..
كريم بخبث : تعرفي انك بنت حلال ونيتك صافية..
سما بتوجس : قصدك أيه مش فاهمة ..
انتصب فجأة قائلا : تعالي معايا وأنتي تعرفي ..
سما بذهول : أروح معاك فين يامجنون … اقعد الناس بتبص علينا
ألتقط يدها مجبرا أياها علي النهوض.. مستغلا ذهولها وخطي بها بعيدا امام نظرات الفضول من الجميع ..

وصل بها إلي ركن خالي جانبي من القاعة
نزعت يدها بعنف من يده وهمت ان توبخه علي فعلته فعاجلها قائلا:
قبل ماتنطقي حرف وتتعصبي .. بصي هناك كدة …
ألتفتت تلقائيا لما أشار . فوجدت أبيها يقف يتابعهم بنظراته وبينهم مسافة أمنة
وحوله أشخاص أخرين يجلسون قريبا منه .. لا تعرفهم.

فعادت بنظرها إلي كريم الذي كان يقف يترقب و يتأمل ردة فعلها ..
قالت : هو في ايه بالظبط ؟؟؟؟؟؟
كريم : في أني هطلب منك طلب وأمنيه نفسي أحققها أنهاردة
بس اوعدك لو أضايقتي ورفضتي .. هحترم رأيك ومحدش هيجبرك علي حاجة ..
أكتفت سما بالصمت منتظرة أن يكمل حديثه ..

كريم وهو ينظر لها برجاء لم يخفي عليها :

أنا قلتلك قبل كدة عن أحساسي بيكي . وليه حبيتك أنتي بالذات
ودلوقتي بقولك أني هكون اسعد واحد في العالم لو وافقتي تحققي أمنيتي أننا نكتب كتابنا الليلة دي ..
زي ما أرواحنا أتألفت وأتقابلت من أول لحظة ..انا عايز حروف أسامينا انهاردة يكونوا مع بعض بورقة واحدة ..

عشان نرجع الكوشة وأيدك في أيدي من غير ما تخافي مني
ولا أحس اني بعمل حاجة مش من حقي .. ومتفتكريش أني هستغل ده بشكل غلط .. انا بخاف عليكي اكتر مما تتصوري ياسما .. عايز يكون ليا الحق دايما اكون معاكي وحواليكي من غير قيود تمنعني

لكن لو كنتي حاسة اني لسة بعيد عنك ومش جدير بيكي ومش مطمنة علي نفسك معايا .. أنا هحترم قرارك وهديكي فرصتك زي ما انتي عايزة..

الدهشة تتملكها لا تعرف ماذا تقول .. نظرت لوالدها علها تجد لديه طوق نجاة من حيرتها فأشار لها ابيها إشارة تعني انه لن يتدخل ثم أشارة اخري مشجعة اوحت لها انه معها مهما كان القرار ..

نظرت لكريم ثانيا ولا تعرف لما تذكرت جملة شقيقتها لافندر
عندما قالت لها .. ماترفضيش عطايا ربنا ..
لن تنكر ابدا تأثيره القوي عليها و أحساس الأمان الذي باتت تشعر به في حضرته سعادتها بوجوده وإطراءه وحبه وأهتمامه الذي يحيطها به بكل وقت.. كل شيء يصدر منه أصبح يسبب لها السعادة .. كريم أصبح يمثل لها شيئا كبيرا .. يتغلل في روحها ببطيء وثقه..
تغيرت داخلها مفاهيم كثيرة .. رغم قصر فترة تعارفهما ولكن بداخلها تغير الكثير والكثير ..
هي تطمئن لهذا الشخص لا تخافه ولا تريد أبتعاده ..

نظرت لوالدها مرة اخري لتستمد منه الشجاعة والقوة
فلم يبخل عليها ومنحها أبتسامة مشجعة حنونة ..

ثم نظرت لكريم قائلة بثقة : موافقة ياكريم …

كان يقف يترقبها بصمت متلهفا لمعرفة قرارها
هيء نفسه لأحتمال الرفض بنسبه تفوق كثيرا قبولها طلبه ورجاءه
ولكن ما أن نطقت قرارها حتي توقفت انفاسه بصدره
بل توقف العالم حوله .. هل وافقت حقا ؟!! ام يتوهم قبولها؟!!!

فقال بصوت خافت : انتي قلتي موافقة .. ولا أنا بيتهيئلي؟؟؟؟

أعادت سما علي مسامعه موافقتها قائلة :

موافقة تمسك ايدي لأخر العمر يا كريم …!!!


جلس يصلي ركعتين صلاة الفجر
ويدعو الله ساجدا أن يسعد أبنته مع زوجها ويرزقهم الذرية الصالحة
كما راح يدعو لأبنته سما بالتوفيق بحياتها القادمة مع كريم الذي أصبح الليلة السابقة زوجها بعد ان تم عقد قرانهما ويحمد الله ويشكره علي نعمته وأطمئنانه علي بناته مع رجال يستحقوهما.. ويدعو الله ايضا ان يحفظ ابنه الصغير خالد، هو يعلم انه مقصر بحقه هو الاخر .. ولكن ما بيده حيلة ابنه صغير لا يستطيع ترك والدته .. يراه ويتابعه قدر ما يستطيع ..!

فرغ من صلاته ..
وتفاجيء بصوت هاتفه يرن بهذا الوقت ..
لا يعرف لما انقبض قلبه عندما سمع صوت الهاتف ..
التقطه ليتبين من المتصل،فوجده أبو عمار زوج ابنته

تعجب لما يتصل بهذا الوقت المتاخر ..
رد قائلا: السلام عليكم أستاذ عبد الحميد..

عبد الحميد بصوت لا يبشر بالخير : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أنا اسف للي هقوله ياحاج جمال بس …..

قاطعه الحاج جمال : بنتي مالها ؟؟؟ حصلها ايه ؟؟؟؟

عبد الحميد : عمار ولافندر حصلهم حادثه في الطريق وهما راجعين بيتهم..!


ينتفض جسده.. العرق يُغرق جبينه
يصارع شيئا ما ..يختنق .. يعافر .. يحاول أن يمد يده فلا يستطيع.. يشعر بقيد خفي يشل أطرافه ..ويعوق انطلاق صوته من حلقه…

_لاااااااااافندررررررر……

قامت مفزوعة علي اثر صرخة أبنها جواد المرعبة
فهرولت إليه مسرعة .. وما ان دلفت غرفته حتي وجدته يعافر بنومته تيقنت أنه يشاهد كابوسا مفزعا ..فأيقظته وهي تسمي بالله وتستعيذ من الشيطان الرجيم!

أفاق جواد وراح ينظر حوله وهو يحاول الأستيعاب .. هو بغرفته ووالدته تجلس جواره ترتل القرآن..
يا الله .. كابوسا أفزعه كاد يموت وأنفاسه تتلاشي من صدره لولا ان أيقظته والدته بالوقت المناسب ..

أم جواد :اسم الله عليك ياحبيبي .. كابوس وراح لحاله ياضنايا أهدى ومتخافش وأستعيذ من الشيطان الرجيم .

جواد….!!
أنتظمت انفاسه واستعاد وعيه بالكامل .. و لا يعرف سر أنقابض قلبه! هل حدث مكروه لعمار ولافندر.؟. كيف له أن يطمئن عليهم !!
قاطع تفكيره القلق صوت هاتفه كان كريم يتصل به

تناوله سريعا وما أن قام بالرد وسمع صوت كريم حتي أيقن صدق حدسه .. وتحقق كابوسه المفزع ……..!!!!


_بنتي … بنتي فين هاتولي بنتي طمنوني علي بنتي

سما وهي تحتضن أبيها باكية ..تحاول التماسك من أجل أبيها المنهار امامها:
أهدي يا بابا عشان خاطري أختي هتكون بخير بس أهدى وادعيلها ..بأذن الله مش هنشوف فيها شر ربنا مش هيسيبنا ..وراحت تحتضنه اكثر كي يهدأ…

وعلي الجهة الاخري للممر الذين يقفون فيه امام غرفة العمليات.. تجلس والدة عمار منهارة تبكي بحرقة علي فلذة كبدها الذي كان من المفترض ان يكون ببيته ينعم مع عروسته بحياتهما الجديدة.. كانت تنتظر الصباح حتي تذهب إليه تهنئه وتتمني له الخير والسعادة ..بينما يحاول زوجها عبد الحميد التماسك من أجل ابنه وزوجته، القلق يعصر قلبه أعتصارا علي وحيده وزوجته الشابة المسكينة وما آل إليه حالهم .. سبحان مغير الأحوال
باول ليلتهم كانوا يستقبلون تهاني المدعوين والفرحة تكسو الوجوه، والأن هما بين أيادي الله .. ولا يعلم مصيرهم احد..

يقفون جميعا يتضرعون لله أن لا يفجعهم بأبنائهم…


يحاول كريم وجواد تهدئة ومواساة الجميع منتظرين بكل لحظة خروج الطبيب ليطمئنهم…

وبعد وقت ليس بقليل خرج الطبيب فهرول الجميع يسألونه عن حالة عمار ولافندر …

الطبيب: للاسف الحادثة كانت قوية جدا وسببت أثار مش هينة.. بالنسبة للشاب مصاب بكسور متفرقة بالجسم بس مع الوقت، هيتعافي بدون ما تسببله أي عاهه تذكر ..
ثم صمت برهة.. ليستأنف حديثه قائلا :

لكن البنت للاسف غير جروح جسمها المتفرقة وجروح وجهها.. أخدت خبطة شديدة جدا علي دماغها وفي أحتمال كبير جدا تكون قرنية العين أتأثرت وبالتالي بصرها هيتأثر بنسبة كبيرة ..هنتاكد ونحدد نسبة الضرر لما تفوق باذن الله ..

ما ان سمع الحاج جمال ما قاله الطبيب علي مسامعهم حتي أحس بالدوار يكتنف رأسه فسقط ارضا وصرخت سما فهرول إليهم كريم وجواد لإسناده .. وبتدخل الطبيب وقياس ضغطه تبين أرتفاعه بشكل مفاجيء بسبب الصدمة التي تلقاها ..
أعطاه دواء مناسب لإنزال مستوي الضغط وحقنة مهدئة …

وعلي الجانب الأخر لم تكن حالة والدة عمار أفضل من والد لافندر فعلي الفور انتابتها اغماءة سكر وقام الطبيب بإسعافها علي الفور وأيضا أعطاها الأدوية اللازمة لحالتها ..


ظل كريم بجوار سما يحاول التخفيف عنها وأحتواء حزنها علي تلك الفاجعة …بينما تركهم جواد باحثا عن مسجدا قريب من المشفي
وجد مسجدا بالفعل.. دلف داخله توضأ وراح يصلي ويدعو الله لشفاء صديقه وزوجته لافندر ..
الألم ينهش قلبه تحقق كابوسه اللعين الذي رأه قبل الحادث .. لا يستوعب بعد ما حدث لهما..
تري ماذا سوف يحدث لهما .. عمار سيتعافي كما قال الطبيب، ولكن هي لافندر هل سيتأذي بصرها حقا !!!!!

يا الله كن رحيما بها وبأهلها .. وكن رحيما بي ..
ربما ليس لدي الحق أمامهم بأظهار حزني ومشاعري
ولكنك تعلم بحالي .. تعلم أن فاجعتي لا تقل عنهم
وأغفرلي ضعفي وحزني عليها .. رغما عني قلبي مفتورا عليها …

ظل يدعو الله بإخلاص وصدق حتى يتقبل منه دعائه .. ثم عاد ليطمئن على الجميع!

error: