رواية زوجة أخى بقلم سهام صادق كامله
الـفـصـل الــثـانــي والــثــلاثــون (وقبل الأخير)
ألجمت عباراته جسدها ، وجف حلقها وهو تراه يضم صديقتها بذراعيه بتملك ويخبر رفيقه وزوجته بأن تلك هي من أخبرهم عنها..
فظنت جميله بأنها غافيه وستفيق حتماً كي تقتلع ذلك الكابوس الذي لم يكن الا حقيقه
وعندما استمعت الي ضحكاته التي كان يختصها بها ، ظناً منها بأن هذه الضحكات اليها وحدها وهتف بهدوء وهو يُطالع منه غير عابئ بتلك الواقفه والتي لا تقوي علي الحركه: اتأخرتي ليه ياحياتي!
فأبتلعت منه ريقها .. فكل مافعله هشام اليوم قد فقد صوابها
فهي لم تصدق يوم سفرها عندما جاء الي بيتها في زياره لم تتوقعها يُخبرها بأنه يُريد ان يتزوجها
فالأول مره تشعر بأنها أمرأه مرغوبه .. رغم انها جميله بعض الشئ وخاصة عندما تضع بمساحيق التجميل وملابسها الضيقه التي قررت التخلي عنهم وعن كل شئ يجعلها كالعاهره
ولكن كان دوماً شعورها بأن جسدها الممتلئ لن يجعل رجلا يرغب بها
وعندما وجدته يمسك يدها امام صديقه ليمدحها ويُحدق في جميله التي وقفت كالخرساء .. تذكرت بأنه كان يُحادثها
وهتفت بهدوء وهي مُسلطه أنظارها علي جميله ولأول مره تكون نظرات أشفاق وليست كرهه : جميله أزيك !
لتُطالعهم جميله بنظرات واهنه .. وهي تُريد ان يُقظها أحد من ذلك الحلم الذي قضي علي جزء كبير بداخلها
وبعدما سمعت صوت رنا وهي تتسأل بود : مالك ياجميله فيكي حاجه ولا ايه ياحببتي
ثم طالعت منه وهشام قائله : أكيد اتفاجأتي زينا من الخبر ده ، وواضح ان انتي ومنه معرفه .. شكلي انا اللي هكون غريبه وسطكم
ليضحك هشام من حديث زوجه صديقه .. ويقف يتأمل جميله بنظره ضائقه يتخللها الندم من فعلته هذه ..
ولكن عزائه الوحيد كان بأنها تستحق ذلك
الي ان وجدها تمشي بترنح .. غير عابئه بنداء رنا ولا نظراتهم نحوهم ..
لتقف منه قبالته قائله : انت ليه عملت فيها كده ، انت قولتلي انك مش هتجرحها
ليتنهد هشام بقوه .. ليخبرها بجمود : ممكن يامنه منتكلمش في الموضوع ده !
……………………..
تهاوت بجسدها أرضا بعد ان غادرت الحفل وشعرت بأن قدميها لن تتحملها .. لتشعر لأول مره بالمهانه في حياتها
فهي دوماً من كانت تُهين .. هي من كانت تظن ان ليس عيباً
ان تتبع قاعده
“قول للأعور انت اعور في عينك ”
وقد نسيت ان كل القلوب التي أجرمت بحقها لها خالق رحيم
لتسقط دموعها أخيراً وهي تُتمتم : انا اكيد بحلم
وظل شريط الاشهر الماضيه يسير أمام عينيها .. وهي لا تُصدق بأنها كانت غافيه كل ذلك الوقت خلف شيطانها
……………………..
فتحت عيناها بتكاسل وهي تتثاوب في الفراش .. متأمله هيئه شريف المنمقه امام المرئه ورائحه عطره التي تسلب عقلها دوما
وابتسمت بسعاده بعد ان سامحها : صباح الخير ياحبيبي
ليقترب منها شريف فجأه .. فيقبلها علي شفتيها بقبله سريعه قائلا : وحشني شعرك المنكوش وانتي صاحيه من النوم
فوضعت بيدها علي شعرها لتهندمه سريعا ، فضحك هو بعلو صوته وهو يري فعلتها
ووجدها تُعاتبه بدلال ورقه : اخص عليك ياشريف ، انا منكوشه
فحرك رأسه بالايجاب وهو يرتدي ساعته الانيقه .. قائلا بمشاكسه : أكدب يعني ..
وتابع بدعابه : تخيلي بقي لو كنت اتجوزت فرنسيه ، ياسلام
وقبل ان يُكمل باقي عباراته وجدها تنهض من فوق الفراش سريعا ، مُنقضه عليه بشر .. وتضع بكلتا يديها علي خصرها قائله بحنق : بتقول ايه ياسي شريف
فضحك شريف بقوه وهو لا يُصدق بأن تلك المخلوقه الضيعفه .. تسلبه عقله رغم جموده وجديته
وكأنها الجزء المرفه بحياته الذي جاء لينعشه ..
وتفاجئ بفعلتها الجريئه عندما وجدها تقف علي أطراف أقدامها تقترب من شفتيه لتُقبله بحب ..
وأبتعدت عنه ..فوجدته مُسلط أنظاره علي عينيها الخجله وانفاسها الضائعه مع أنفسه .. ليهمس بشوق :
مش عايز بعد كده أسمع الكلام اللي سمعته منك وانتي مش حاسه بنفسك
لتخفض زهره رأسها بخجل وهي تتذكر ما تفوهت به عندما أستمعت لكلام جيداء .. فرفع وجهها بأنامله قائلا بهدوء:
ارفعي عينك يازهره ، واوعي تبصي في الارض ابدا طول ما أنا عايش ..انتي قويه ..سامعه
فطالعته زهره ببتسامه هادئه وهي لا تُصدق بأنها زوجة رجلا كهذا .. وضمها اليه بحب قائلا :
انا عارف انك مكنتيش تقصدي كلامك ده ، وعارف اي حاجه بتعمليها .. بتعمليها بحس نيه وهو ده اللي بيشفعلك صدقيني
فأبتعدت عنه قليلا ..لتنظر في عينيه وهي عاشقه مُتيمه به
وتنهدت بندم وهي تُقرر بأنها يجب ان تخبره عن هوية حبيبها السابق الذي أكتشفت بعد زوجها منه انه لم يكن حب بل مجرد احتياج لبعض الاهتمام ليس أكثر
ليربط هو علي وجهها بنعومه قائلا بمشاكسه : هتأخريني عن الاجتماع ياهانم
وانصرف بعد أن قبلها علي أحد وجنتيها ليتركها كالتائها في بحور عشقه
……………………..
نظر اليها حاتم بعد ان انتهت من جلستها النفسيه…فطالعته بنظره ممتنه رغم معرفتها بأنه سينفصل عنها بعد ان يساعدها..وتأملها بملامح هادئه وهو يسألها :
حاسه انك مرتاحه يامريم!
فحركت مريم رأسها له باالإيجاب وهمست : انت طيب اوي ياحاتم
فأبتسم حاتم علي نظرتها اليه التي ليست في محلها.. فهو ليست من سماته الطيبه ولكن معها لا يعلم لما هو كذلك
ثم امتقع وجهه عندما وجدها تتذكر زوجها قائله : ويمكن اشرف كمان كان طيب..
وعندما وجدت ملامحه قد اكتاسها الغضب تابعة بفتور:
اكتر غلطه ممكن يرتكبها الواحد في حق نفسه ان يبيع مشاعره وحياته عشان الفلوس..
وتذكرت جملة والدتها دوما اليها عندما كانت مراهقه
“الراجل اللي معاه فلوس .. هو ده اللي ينفع الواحده تتجوزه
غير كده تبقي الواحده خيبه وفقريه ”
وضحكت بسخريه … وهي تتذكر نفسها كيف كانت حياتها مع زوجها الاول ..
ليشعر بها حاتم لأول مره قائلا بهدوء : انتي من اهم اسباب ضياع نفسك يامريم !
……………………..
جلست جميله علي فراشها بأعين مسوده .. فهي حتي الأن تظن نفسها في حلمً يخنقها
ليعيد عقلها كل ماحدث للمره الألف ودموعها تنحدر.. فقد قتلها هشام وهي كالغبيه كانت تُصدقه كالمغيبه
فقد لعب بها … وهدمها ووسم في حياتها حبه الكاذب
لتردف اليها والدتها بقلق قائله : مالك ياجميله ، حالك من امبارح مش عجبني يابنتي
وعندما لم تجد رد منها تنهدت بفتور : حد زعلك طيب في الحفله يابنتي
فتمتمت جميله بقهر : ارجوكي ياماما سبيني لوحدي ، وعشان ترتاحي مشاكل في الشغل ياستي
لتنظر اليها والدتها نظره أسي وقبل ان تُغادر همست : كلمتي زهره أختك تطمني عليها
ليقع اسم زهره علي أذنيها وهي تتذكر تحذيرها لها منه
ولم تصدقها
وأمسكت بهاتفها وهي تري والدتها تخرج من الغرفه .. تاركة اياها
لتُقابل زوجها الذي كان يهم بالخروج .. وهتفت بحزن :
جميله مش عجباني يامنصور
ليلتف اليها هو قائلا : ولا عجباني انا كمان .. اظاهر ده أخرة دلعنا فيها ونفخنا ليها في السما
وتذكر زهره التي لم تحظي بحنانهم مثل جميله .
وأنصرف من أمامها وهو يضرب كف بكف علي احوال ابنته
……………………..
لمعت عين زهره بالدموع وهي تري نتيجه الفحص ..فهي قد نسيت امر الفحص تمام بسبب ما مرت به .. ولحسن حظها كان اختبار الحمل لديها .. لتبتسم بسعاده وهي تتحسس بطنها
التي تضم طفلا من شريف .. وتذكرت اخر ليله كانت بينهم في مصر قبل ان يغادر هو بمفرده ..
وفجأه رن هاتفها لتجد رقم أختها جميله .. وهتفت بقلق : جميله !
ليعلو صوت جميله الغضب : طلع بيضحك عليا يازهره .. طلع كداب .. خطب صاحبتي وهيتجوزها
انا ازاي كنت غبيه كده ..
وقبل ان تنطق زهره بكلمه .. وجدت جميله تخبرها بتوعد :
انا هقول لشريف كل حاجه وهقلب كل حاجه عليه ، خليه يعرف أن خوه المحترم كان علي معرفه بمراته
لتشهق زهره فزعاً وتمتمت برجاء : حرام عليكي ياجميله ، انا ذنبي ايه ليه تخربي حياتي
فهتفت بها جميله بجمود : ذنبك .. اني كنتي حبيبته زمان يازهره
وأغلقت الهاتف بوجهها .. لتنظر زهره لهاتفها وهي لا تُصدق بأن اليوم الذي فرحت فيه بخبرحملها قد ضاع
لتعاود الاتصال بها ولكن لا رد
وتذكرت بأنها تعلم رقم هشام …الذي كان سبب لكل مايحدث لها
فوجوده اذاها في الماضي .. ومازال يؤذيها حتي في مستقبلها
……………………..
ظل يدور بكرسيه وهو شارد فيما فعله بجميله ليلة أمس ..
ليتذكر منه وأمرها .. فهو حتي لو تزوجها سيتزوجها كي يثبت لأخيه بأن زهره ليست في حياته ..فهو يُكمل حياته دوماً دون اي حنين لأمرأه كانت علي معرفه به سابقا
ورغم انه يعلم بنتائج ما سيفعله بنفسه .. الا انه هو الحل الذي امامه الان حينما يواجه اخيه.. فأخيه كان لا بد ان يعرف من البدايه بكل شئ
ليسمع رنين هاتفه ..فيوقف دوران كرسيه ولمعت عيناه عندما رأي رقم المتصل
وضغط علي زر الاجابه وهو يستعد لسيل من الغضب والأتهامات وقبل ان يتكلم وجدها تهتف به بغضب :
انت اسوء انسان شوفته في حياتي .. اختي عاملتلك ايه عشان تأذيها كده
فضحك هشام وهو يري دفاعها عن شقيقتها التي كانت تتلاعب بها قائلا ببرود : حصاد شرها وطمعها
فتنفست زهره بصعوبه وهي تخبره بألم : انت مش ربنا عشان تحاسب الناس ياهشام .. وياريت بلاش انت بالذات تتكلم
ليتنهد هشام قائلا بتهكم: انا مضربتش اختك علي أيدها عشان تحبني ، وانتي عارفه كده كويس
ورغم انها تعلم حقيقه ماتفوه به .. الا انها تشفق علي حال شقيقتها . فمهما فعلت ستظل شقيقتها الكبري
وهتفت به برجاء : اتجوز جميله ياهشام ، صدقني هي بتحبك
فتنهد هشام بسخريه .. قائلا : اختك مبتحبش غير نفسها
وعندما اخبرته بأن جميله ستقص لشريف كل شئ .. لتدمره كما دمرها ..
ضحك علي ماكان سيفعله بنفسه كي ينهي تلك المهزله ويحدث مايحدث … فهتف قائلا : أظن ان وقتك جيه يازهره
شريف لازم يعرف منك انتي .. لو عرف منك أكيد هيغفرلك
ليغلق معها الهاتف ..
فوقفت تنظر أمامها وهي تبتلع ريقها وتتخيل ما سيحدث عندما ستخبره بكل شئ
وتنهدت بقله حيله وهي تُتمتم : هقوله ايه انا دلوقتي .. انا حامل ولا ان الشخص اللي وهمني بالحب زمان كان اخوك
……………………..
تأملها بسعاده عندما وجدها تقف أمامه تحمل بعض الاغراض الخاصه بأخته والتي حان موعد زفافها
قائله بأرهاق : وسع كده من علي الباب خليني أدخل
فضحك حازم علي نبرتها .. ليتسأل : فين نهله
ليسمع صوت نهله وهي تأتي من خلفها تحمل بعض الاغراض ايضا
فيضع بيده علي شعره ليبعث به ..وهو يتمتم : كده انتوا الاتنين هتخربوا بيتي
فركضت نحوه اخته بعد أن تركت الاشياء جانباً وأحتضنته بذراعيها باكيه : ربنا يخليك ليا ياحازم يارب ، انا عارفه ان حملي تقيل عليك
فضمها بذراعيه وهو يواسيها بدفئ ..: ياهابله انا بهزر معاكي .. انتي بنتي يابت قبل ماتكوني أختي
لتُسلط فرحه أنظارها عليهم وهي لا تُصدق بأن الله قد رضاها بشخص مثل حازم
……………………..
ظلت تفرك يدها بتعلثم وهي تُطالعه .. حتي تنهد شريف بملل : بقالنا ساعه قاعدين القعده ديه ، ياصبر أيوب
ولمس وجهها الدافئ قليلا من كثره التوتر قائلا بحنان :
ياحببتي في ايه ، انا بدأت أقلق
لتبتسم اليه زهره ، فتجده يبتسم لها .. ثم ضمها اليه بحب : انا خلاص نسيت صدقيني اللي عملتيه .. وسامحتك ياسيتي
وأبعدها عنه قليلا .. ليعبث بخصلات شعرها قائلا بدعابه :
بس لو اتكررت تاني ..هشدلك ودانك الأتنين
فضحكت علي حديثه الذي تعشقه رغم توترها
لتجد هاتفه يُعلن عن أتصال أحدهم .. فشعرت بالخوف من أن يكون هشام او أختها
وعندما نظر للمتصل تمتم بخفوت : مش وقتك يارامز
فشعر قلبها بالأرتياح قليلا .. وتنهدت بعمق
لتجده يقف بملل : لاء شكل كده يومنا طويل يازهره ، هدخل أغير هدومي لحد ما لسانك يتفك وتتكلمي
وصار بخطوات بطيئه .. نحو غرفته ..
ليجدها تهمس بأختناق : مش عايز تعرف مين الشخص اللي كنت عرفاه قبل ماتتجوزني ..
ورغم أنه يعلم بأنه ماضي وأن ذلك الشخص قد جرحها .. الا انه شعر بالضيق لتذكرها له
وتنهد بعمق وهو مازال يُعطيها ظهره : الماضي راح لحاله خلاص يازهره ، انسيه
فأغمضت عيناها وهي تشعر بالشفقه علي حالها .. لتخبره بعضف : الشخص ده هو هشام اخوك ياشريف !
يتبع بأذن الله