رواية زوجة أخى بقلم سهام صادق كامله

الفصل السادس


وقف يتأمل الاجواء حوله وهو لا يُصدق كل ماحدث منذ أن علم من والدته بخبر الوفاه …وتنهد بأسف ليري أن الدنيا حقاً صغيره
وأقترب من زوج خالته وفارس.. كي يُصافحهما ..مُقدما له واجب العزاء
فرفع طارق بوجهه قليلا ليتأمل ملامحه .. ليتذكر السنين الماضيه التي حطم فيها قلبان .. بسبب رغبته بأن يري أبنته تعيش حياه مترفها .. ولكن الأن ماذا حدث
زوج أبنته الغني قد أصبح تحت التراب .. ومعظم أمواله قد ضاعت بسبب ديونه ولعبه للقمار
وبعد أن تصافحت الأيدي للحظات .. أخذ يُطالع كل منهما الاخر بنظرات غامضه تُداريها نظارتهم السوداء
ليلتف شريف بأعينه قليلا باحثا عن والدته .. وسط النساء
فيجدها تقف بجانب خالته.. وبجانبهما هي
من تخلت عنه يوما …. تاركة حبها دون دفاع
والسبب هو أرضاء طموحات والدها وطموحاتها ايضا
وبدأ يتحرك قليلا .. نحو خالته ووالدته قائلا بصوت رخيم : البقاء لله ياخالتو
ثم ألتف بأعينه نحوها وهو يُشاهد دموعها التي تنحدر كالشلال علي فراق زوجها مُتمتما بخفوت : البقاء لله يامريم
لتبتسم خالته له بأبتسامه شاحبه .. أما هي رفعت بأعينها نحوه تتأمل هيبته وجموده وهي تشرد بذهنها بالماضي عندما كانت ترتمي دوما في أحضانه تتدلل عليه وتُشاكسه مثل نسرين ..
ولكن سريعا ، قد أفاقت من تخيلاتها .. عندما وجدته يمسك بيد خالتها مُغادرين المقابر .. مع باقي المغزئين
ووجدته يصعد لسيارته هو ووالدته … بعدما أنهي واجب عزائه برسميه
ليحتضنها والدها بدفئ أبوي قائلا : سامحيني يابنتي !
……………………..……………………..………….
جلست بتوتر علي أحد الارائك .. تنتظر ذلك المُدير كي تجري معه مقابلتها الاخيره قبل أن تستلم وظيفتها
ولكن الصدمه كانت هو .. هو يردف اليها بهيبته ونظراته المُتفحصه
فنهضت سريعا وهي تهتف بغضب : متقفلش الباب ، خليه مفتوح لوسامحت
ولكنه اغلق الباب … واقترب منها قائلا بحنين : زهره ، ارجوكي اديني فرصه افهمك انا عملت كده ليه
فخانتها دموعها وهي تتذكر .. صفعة الخذلان التي حطم بها قلبها البرئ واستغلي سذاجتها .. ورغم ان حبه مازال ينبض بقلبها .. ولكن الكرهه قد تعشش ايضا حوله
فأصبح الحب والكرهه ممزوجان ببعضهما
فحملت حقيبتها وهي تخطي سريعا نحو الباب قائله : مش عايزه افهم حاجه …
وتذكرت سريعا بأنه بالتأكيد من كان سبباً في قبولها بتلك الوظيفه
وكادت ان تسحب مقبض الباب لتُغادر تلك الحجره
ليقف امامها بضعف : انا هشام يازهره .. انا حبك الاول نسيتي حبنا
فوقفت تُطالعه للحظات وهي تتذكر كل أحلامها معه .. وعندما رأت أبتسامة نصر بأنه جعلها تلين عندما ذكرها بحبهما
رفعت بيدها لتصفعه بقهر : وده قلم وجعك ليا ياهشام .. انا بكرهك ابعد من قدامي
فأخذ يُحدق بها بصدمه… وهو لا يُصدق بأن زهره .. تلك الفتاه التي شكلها علي يديه .. تقف الان أمامه بتلك القوه وتصفعه
وبسبب زهوله المُفاجأ بفعلتها ودخول صديقه رامي أيضا في تلك اللحظه .. فرت هاربه وهي تُلعن غبائها الذي جعلها لا تُفكر للحظه بأن قبولها في الوظيفه كان أتفاقاً
فجلس هشام بصمت علي أحد الأرائك .. ونظرات رامي تُحاوطه بشك قائلا : مسمعتكش صح ، عندها حق والله
وقبل أن يُكمل رامي حديثه … وجده ينهض بضيق قائلا : رامي .. أسكت خالص انا مش ناقصك دلوقتي
ليعلو رنين هاتفه .. فينظر لرقم المتصل بصمت
لتتعلق نظراته بنظرات صديقه ويبدء في أشعال أحدي سجائره … وصوت رنين الهاتف يدق للمره الثانيه
الي أن سمع صوت رساله .. فأخرج هاتفه ثانية ليري ما بُعث اليه .. فتكون الرساله ” أنا وصلت ياهشام عند مامي مني .. ”
……………………..……………………..……………
نظرت اليها والدتها بملامح مخضوضه بعدما فتحت لها الباب قائله : أنتي رجعتي بدري ليه كده ، مش النهارده هتستلمي وظيفتك
فأردفت زهره للداخل وهي تخلع عن قدميها حذائها .. وتمتمت قائله : سيبت الشغل خلاص ، مش أنتي عايزه كده
فلمعت عين والدتها بشك .. وأقتربت منها بحنان : مالك يازهره ، اوعي تكوني فكراني مش حسا بيكي يابنتي
أنا أمك وبكره لما تخلفي هتعرفي أد ايه غلاوة الضنا
وحتضنتها والدتها بدفئ وهي تُدعابها كي تزيل عنها ما كانت سبب فيه الايام السابقه : لسا زعلانه مني عشان هددتك قدام أبوكي لو سيبتي شريف هسيبلكوا البيت
لتتذكر زهره ليلة أمس .. عندما سألها والدها عن رغبتها في الأستمرار بتلك الخطبه .. وقبل أن تبلغ هي أبيها برغبتها في عدم أكمالها .. كان رد والدتها التي جاءت من المطبخ هو الأسبق .. لتبدء مرحله عراك بين والدها ووالدتها بسبب
أصرارها علي تلك الزيجه
لتُحرك زهره رأسها برفض : لاء ياماما مش زعلانه .. مع أني عارفه انك هتزعليني تاني وعمرك ما هتفهميني
أشمعنا جميله طيب مبتتخنقيش معاها .. ولا بتدخلي في قرارتها
فأبتسمت والدتها بود وهي تتذكر مراهقتها قبل ان تتزوج والدها قائله : عشان انتي هابله ومبتفكريش غير بالقلب ، ومحدش بيودينا في داهيه غيره .. اما جميله كل حاجه بتحسبها بعقلها … عرفتي السبب يابنت ابوكي
ورغم صدمتها في كل ماحدث لها اليوم .. ظهرت ضحكتها
فضمتها والدتها الي صدرها بحنان قائله : يلا تعالي نعمل لأبوكي البسبوسه اللي بيحبها .. عشان أصالحه
فتأملتها زهره بخبث وقد لمعت عينيها بالمشاكسه .. وماكان من والدتها سوا أن ضربتها علي ذراعها : مش أنتي السبب … ورايا علي المطبخ
……………………..……………………..………..
وقف يتأمل زوجته بزيها القصير واعين والدته تُطالعه
الي أن نهضت نهي سريعا وتركت كوب العصير الطازج الذي كانت ترتشف منه وركضت نحوه تُقبله : وحشتني اوي ياحبيبي ، كده تغيب عني اسبوع انا والبيبي
وامسكت بكفه .. لتضعها علي بطنها التي برزت قليلا
فقبض علي معصمها بقوه وهو يُطالعها بغضب : ايه اللبس اللي انتي لبساه ده ياهانم ، جيتي من المطار بالمنظر ده
وعندما بدأت نبرة صوته تعلو .. نهضت أمه نحوه وهي تُزيحه عنها : هشام .. عامل مراتك كويس قدامي .. ديه بنت ناس
فأخذ يُطالع هو والدته بقهر وهو يري نظرات عدم رضاها علي زوجة أبنها ورغم ذلك تُدافع عنها
وظفر بضيق وهو يجلس علي أحد الارائك .. ورفع بوجه نحو زوجته بغضب قائلا : ادخلي اوضتي ، غيري المسخره ديه … كويس ان شريف مشفكيش بالمنظر ده
فربطت مني علي ظهرها بحنان : روحي ياحببتي اوضة جوزك ارتاحي من السفر
فصمتت نهي للحظات تتطلع الي وجه زوجها بندم … ومن ثم أستجابت لطلب حماتها
وأقتربت منه والدته بعتاب : مدام أختيارك ..يبقي لازم تنصحها مش تشخط وتنطر
وكاد أن يعترض علي كلمات والدته … الا انها طالعته بحزم : قوم صالح مراتك .. قوم
……………………..……………………..………..
وضعت بصنية الحلوي امام والديها وهي تبتسم قائله : هاخد لحازم وجميله طبقهم
فأبتسم اليها والديها وهم يُتابعون أحد المسلسلات القديمه .. وقبل ان تتجه لأختها وخطيبها ألتفت الي والديها ثانية : أتصالحتوا طبعا وبقيتوا سمن علي عسل ..
فحدقت بها والدتها .. ثم تعالت صوت ضحكتها وهي تمسك يد زوجها وعشرة عمرها : هو أنا برضوه أقدر ازعل أبوكي … الكلمه كلمته والشوره شورته
فأخذت تُطالعها زهره كالبلهاء .. الي ان وجدت والدها يهمس بحب : ربنا يخليكي ليا يا أم البنات
فوقفت تستوعب ما يدور بين والديها للحظات .. وبدأت تُشاكسهما قائله : ياسيدي ياسيدي علي الحب .. يعني أطلع منها انا
فحرك كل من والديها رأسهما … لتضحك هي بسعاده وهي تري الحب في عين والديها
وأتجهت نحو الغرفه التي يجلس بها حازم وجميله
فنظرت اليهما بصدمه : أنت بتبوس أيد أختي ياحازم ، يادي المُصيبه .. يادي المصيبه .. ياحاج منصور تعالا شوف اللي بيحصل
فركض حازم نحوها ووضع بيده علي فهما : كده يازهره ، ديه مراتي ياناس والله مكتوب كتابنا
فتأملت زهره وجه أختها المُرتبك.. وأخذت تُحرك حاجبيها بطفوله .. لتنهض جميله بخجل نحو طبق الحلوي الذي مازالت تحمله هي
وأبتسمت بخبث وهي تُحرك وجهها نافره من يد حازم التي كتمت أنفاسها : خلاص عفوت عنكم ..
وبدأت تُشاكس أختها وهي تتأمل ملامحها : وقال ايه ماما بتقول جميله معندهاش غير عقل .. تيجي تشوف الحب
فأقتربت منها جميله وهي تضحك من افعال أختها وهمست بنبره دافئه : بكره شريف يعلمك الحب ، ياأم لسان طويل
ليضحك حازم مؤكدا علي حديثها : اما نشوف .. رومانسيتكم بقي …ثم تابع بخبث : بس قوليلي يازهره أنتي وشريف بتتلكموا أمتا في التليفون .. عايزين نرخم
فضحكت جميله بعدما تناست خجلها : مش بيتكلموا ياحبيبي ، هو مش فاضي وهي علطول قافله تليفونها
بس طنط مني مظبطها هدايا كل شويه وايه من أغلي الماركات .. وتابعت حديثها بغمز : ما أكيد حبيب القلب موصيها …
فأستمعت هي لدُاعبتهما بألم وهي تتمني أن تعيش لو للحظه مثل تلك المشاعر التي شاهدة بها والديها .. واختها مع خطيبها .. ولكن شعورها بأنها لا شئ قد عاد اليها ثانية
فجلست بينهم تتوسطهم : دلوقتي الحفله بقيت عليا ، اه ما أنتوا مُهندسين بقي .. وبتعرفوا تطلعوا منها
وصرخت بوجههم : ولعلمكم بقي انا وشريف .. مش راضين نتكلم في التليفون او نخرج سوا عشان كل ده حرام
غير انه تعبان في شغله اووي .. عايز يخلص الشغل بسرعه عشان نتجوز ونسافر فرنسا ، واشوف الناس النضيفه
وبدأت تتأملهم بقرف وهي تُتابع بحديثها الذي يُمزقها : مش انتوا ..
ليُطالعها حازم ضاحكا وهو يستمع لجديتها .. الي أن صفقت جميله قائله : ايوه بقي ياواد يامحافظ انت ، انا قولت برضوه انك مش سهله … يابتاعت فرنسا والناس النضيفه
ونهضت فجأه من بينهم وهي تهتف : هات تليفونك ياحازم ، عايز اعمل مُكالمه مُهمه
وقبل أن يُناولها حازم هاتفه .. اخذته قائله وهي تُغادر الغرفه : هعمل تليفون منه ، ورجعلكم تاني ياروميو انت وجوليت
فعاد يُطالع حازم جميله بهيام : عملت خير والله ، هو أحنا كنا بنقول ايه ياقلب حازم
……………………..……………………..…………
أغلقت زهره غرفتها خلفها بأحكام.. وجلست علي فراشها بأقدام مُرتجفه : انا لازم أتصل بيه ، ليه بيتصل بس بماما او حازم … لاما يحسسني اني خطيبته ليروح لحاله
انا مش نقصه وجع
واخذت تبحث في هاتف حازم عن رقمه الخاص .. الي ان وجدته فسجلته علي هاتفها سريعا .. وتنهدت بعمق وهي تُحادث نفسها : اتصلي بيه يازهره ، أفهمي منه ليه بيعمل كده .. ليه ناسيكي ولا كأنك خطيبته .. مش هو اللي طلب أيدك زي ما ريم قالتك
وتمالكت قواها .. وأخذت تُرتب أفكارها بأنفاس مُضطربه
……………………..……………………..……
وضع بحاسوبه الشخصي علي تلك المنضده المُقابله للأريكه التي يجلس عليها ويُتابع أعماله عندما وجد والدته تردف اليه
وأقترب منها : تعبتي ليه نفسك ياماما
فربطت مني علي ذراعه بحب وهي تُناوله كوب النسكافي المفضل له وبعض السندوتشات البسيطه : مأكلتش كويس علي العشا .. قولت أجيبلك حاجه خفيفه ياحبيبي ..
وجلست علي فراشه بقلق: مرات اخو تصرفتها مش عجباني ياشريف ..رغم ان باين عليها طيبه بس تربيتها مش زينا ياأبني
فأقترب من والدتها وحاوطها بذراعيه وهو يُطمئنها : هشام شخصيته قويه ياماما وهو عارف يسيطر عليها كويس ..وبتحترمه أظن أنتي شوفتي لما زعق فيها علي العشا اول ما شافها خرجه قدامنا بلبس مش مظبوط .. وكمان هي أختياره فحر بقي ياست الكل متتعبيش نفسك
فحاوطت والدته وجه بين كفيها قائله : وانت ياشريف .. من ساعة موت..
وقبل أن تُكمل والدته بباقي عباراتها .. نهض من جانبها قائلا بعدما فهم مقصدها : أنا نسيت مريم ياماما ، وجوازي من زهره هيتم وقريب اوي …انا قررت اتكلم مع عمي منصور بكره واطلب منهم اتجوزها واسافر علطول
ورغم ان كلمة سفر اصبحت تزيد همها ، ولكن زواج أبنها هو الحل الوحيد ليأسس حياته من جديد .. فأبتسمت بحب وهي تنهض خلفه قائله : فكر كويس ياشريف .. قبل ما تظلمها
فطالعها شريف للحظات وهو يٌفكر بقراره الذي أتخذه اليوم
عندما ذهب الي خالته المنزل بعد أصرار فارس عليه ليطمئن علي أحاولها بسبب وعكتها حزناً علي أبنتها
وقد رأها تجلس بشرود تحتضن طفلها الذي سمته علي أسمه
فأخذ يتنهد بعمق .. وهو يُلعن قلبه
ليفيق من شروده صوت والدته : هو انا ليه مش بشوفك بتكلم زهره زي أي أتنين مخطوبين …وسؤالك عنها بيكون عن طريق حازم او مامتها …وبيكون قدامي عشان تراضيني
حتي تليفونك مفيهوش رقمها ..
واشارت اليه والدته بأصباعها : دورت في تليفونك ياشريف .. وتابعت بحديثها : وفهمت دلوقتي سبب اختيارك لزهره بالسرعه ديه …
وتذكرت يوم حفل زفاف أبن أختها .. لتُطالعه : شريف أبني ميظلمش بنات الناس .. مش ديه تربيتي وتربية ابوك ياشريف
وكاد ان يُدافع عن نفسه .. الا انه وجدها خرجت من غرفته
لتتركه يقف كالتائه وهو لا يُصدق بأنه أصبح ظالم في نظر والدته
ليشعر بهتزاز هاتفه في جيب بنطاله القطني … فيُخرجه ليري من يُهاتفه … فأخذ يُطالع الرقم الظاهر أمامه بدون اسم
الا أن ضغط علي زر الاجابه ليسمع صوت أنثوي يُحادثه : بشمهندس شريف معايا ..
فهتف شريف : ايوه ، مين معايا
لترفع هي سماعة الهاتف عن أذنها وقلبها يخفق بألم .. فهو لم يعرف صوتها
وعادت تضع سماعة الهاتف علي أذنها ثانيه قائله بحرقه : انا زهره

يتبع بأذن الله

error: