رواية زوجة أخى بقلم سهام صادق كامله

الحلقة السابعة


نظرت الي كأس العصير الذي يضعه لها النادل بتوتر .. وحركت رأسها بأماءه بسيطه كشكر .. لينصرف النادل من المكتب بعدما نفذ أوامر رئيسه ..
ليردف اليها هو بعد ذلك للحظات يتبعه شخصاً يحمل اوراق يناقشه فيها .. فتنظر هي الي كأس عصيرها .. وكأنها تُلهي توترها به
الا ان غادر الموظف المكان بعدما انهوا نقاشهم بأحوال ذلك الفندق الذي جاءت اليه سابقا يوم حفل الزفاف مُدير اختها وابن خالتها حازم … وأخذت تُشغل بالها للحظات بسبب وجوده هنا ودعوته لها في مكتب المدير.. وكأنه هو المالك للفندق ..
فتنحنح هو بأبتسامه لاول مره تراها فيه قائلا : مش معقول كاس العصير عجبك لدرجادي
لتنصدم زهره من حديثه ونظراتها البلهاء التي لاحظها لكأس العصير .. وألتفت نحوه بأضطراب قائله : ها
فنهض هو من فوق ذلك الكرسي الذي جلس عليه للتو .. وجلس علي الكرسي الذي امامها قائلا بهدوء : تعرفي ان شكلك وانتي متوتره .. شبه الاطفال
وعندما وجدها ترمقه بنظرات قاتله… تعالت أصوات ضحكته وهو يهمس : قوليلي بقي عايزه تتكلمي معايا في ايه …
واسند بمرفقه اليسري علي حافة المكتب .. مُتطلعا اليها ينتظر حديثها الضروري الذي هاتفته من اجله ليلة امس
فلاحظ هو سكونها .. الا ان همس بأعتذار قائلا : انا اسف يازهره
فطالعته بأندهاش وهي تستمع لاعتذاره المُفاجئ قبل ان حتي تبدء بالحديث ..
فتأملها للحظات وهو يري دهشتها : اكيد بتقولي الشخص البارد ده بيعتذر زي الناس العاديه ..
فهمست هي بتسأل : وليه ظنيت اني بقول عليك كده
ليُبادلها هو الحديث مُتجاهلا سؤالها : عايز اسمعك يازهره
ليدق هاتفه عقب تلك الجمله .. الي ان ضحك : ثواني يازهره معلش
فأخذت تُحدق به بغرابه … ولاول مره تكتشف جزء من شخصيته حتي وسامته اليوم قد جعلتها تندهش
فهو بالفعل وسيم بوسامة الرجل الشرقي الهادئه .. جسده يشبه جسد الاروبين وكيف لا يشبههم وهو قد عاشرهم لسنوات
حتي ضحكته هذه التي يضحكها للشخص الذي يُحادثه جعلتها تشك بكل شئ حولها ..وصوته
وبعدما انهي حديثه بلباقه فرنسيه لم تفهم منها الا جزء بسيط .. وجدته يُفرقع بأصابعه امامها ضاحكا : المرادي شكل حد تاني اللي عجبك
فرمقته بتلعثم وهي تلعن قلبها الغريب الذي جاء اليوم كي يستكشف ملامحه وتصرفاته وقد نسيت كل الحديث الذي رتبه عقلها
لتستمتع للحظات برائحه عطره الفواحه التي قد سكرت انفها وهي لا تعلم كيف قد ظهرت الرائحه فجأه
فتأملها قائلا : زهره .. زهره !
لتفيق زهره من كل هذا .. مغمضه عينيها قليلا كي تفيق من شعورها الغريب قائله بجديه : انا جيت النهارده ، عشان افهم انت ليه خطبتني مدام مش عايزني
فطالعها للحظات قبل ان يُتمتم : قدرك يازهره .. حطك قدامي .. وللاسف مكنش عندي خيار تاني
ولاول مره كانت تشعر هي بالغباء .. فحدقت به مُتسائله : مش فاهمه
ليتنهد هو للحظات ..ويُرتب ما سوف يقوله لها .. الي ان قص عليها كل شئ صراحتاً
فوقفت من صدمتها وهي لا تُصدق بأنها كانت مُجرد غاية اراد ان يُحطم بها قلب حبيبته السابقه
وما افظعها من حقيقه قد علمتها ..
احبت مُخذلا حطم قلبها ..
وارتدت دبله شخص .. اخذها هدفً
وماذا بمشاعرها الان .. فأخذ قلبها يدُق بعنف وهي تتأمله بصدمه .. حتي بدأت تُحرك رأسها برفض وهي لا تقوي علي الحركه
ولكن صوت اعتذاره أخذ يرن بأذنيها ..
فأقترب منها ليمسك يدها .. التي نفضتها هي سريعا : زهره انتي كويسه .. تحبي أجبلك دكتور
فطالعته للحظات وهي لا تري شئ أمامها .. سو صوره أخري لهشام وكأن هشام هو شريف ..
فصرخت به بضعف : ليه عملت فيا كده ليه ، انا ذنب ايه قولي حرام عليك
وسقطت علي مقعدها ثانيه ، لتقع عينيها علي بُنصرها الذي يحتوي علي دبلة خطبتها فخلعته سريعا وهي تضعها علي المنضده التي امامها قائله : كده كل حاجه بينا أنتهت .. يابشمهندس .. دور علي لعبه تانيه تلعب بيها دور الراجل المظلوم من حببته وراجع عايز يوجعها
ووقفت ثانية ولكن بقوه عجيبه وصارت امامه … وهي تهمس بداخل نفسها : اختارني عشان يوجع حبيبته الاولانيه ، ويظهر قدامهم انه نسيها خلاص … انت السبب ياهشام في اللي بقيت فيه .. حولتني لانسانه ضايعه مش فهمها نفسها ولا عارفه هي عايزه ايه
لتتذكر طموحاتها في اول سنه دخلت بها الجامعه .. عندما كانت تقف بجانب رفيقاتها وهم يحلمون بالخطبه وفارس الاحلام .. أما هي كل امالها كانت أن تتخرج بتقدير عالي وتعمل في شركه مرموقه ويصبح لها شأن ..
فوجدته يهمس لها بأسف : انا اسف يازهره صدقيني مقصدتش أجرحك ..
واخذ يُطالع دبلتها التي تركتها امامه ، وهو يُشعر لاول مره بكرهه لنفسه وأنانيته .. فهو أصبح لا يختلف عن مريم شيئا
كلاهما حطموا أناسً .. في سبيل سعادتهم
هي حطمته.. وهو حطم تلك الضعيفه التي خُطبت له
……………………..……………………..…………..
نظرت الي هاتفها الذي يدق بأعين دامعه .. ولكن عندما أخذت تلتف حولها وجدت ان شمس النهار بدأت تغيب ..
فقد جلست في تلك الحديقه التي خلف الفندق بعدما شعرت بأن قدماها لا تقوي علي الحركه
فشريف قد حطمها أيضا .. فحتي لو لم تكن تحبه
فهو جعلها تكرهه كونها كأنثي …
ليرن هاتفها ثانية بأصرار .. لتري المُتصل هي أختها
وقبل ان تتحدث بشئ وجدت أختها تبكي هاتفه : انتي فين يازهره .. ماما خبطتها عربيه وهي راجعه من السوق واحنا دلوقتي في مستشفي…
ليسقط الهاتف من يد زهره .. وبعدما عادت لتلك الحقيقه التي من الممكن ان تفقد فيه والدتها
ركضت سريعا .. وهي تمسح دموعها التي سقطت ولكن هذه المره من الخوف
……………………..……………………..………..
أخذ يتلاعب بدبلتها الموضوعه علي راحة كفه .. وهو يتذكر وجهها الذي أطفأه
وحطمه بالحقيقه .. لتردف اليه والدته قائله : كلمت حماك ياشريف .. بدل ما تبقي خطوبه .. يبقي كتب كتاب وفرح
وتاخد عروستك وتسافر
فرفع هو وجه اليها بعدما خبئ دبلتها في جيب بنطاله قائلا بتسأل : هو هشام رجع شرم تاني
لتتنهد مني قائله : لقيته الصبح واخد مراته وبيقولي مسافر ..مع ان مراته ياعيني ملحقتش تقعد معانا .. اخوك بقي طبعه غريب ياشريف
وتابعت بحديثها وهي تُطالعه : مقولتليش برضوه كلمت حماك ..
فنهض من مجلسه وهو يُغير مجري الحديث : محتاج فنجان قهوه .. من ايدك الحلوه ياست الكل
……………………..……………………..………..
وصلت الي المشفي بأنفاس لاهثه وهي تبحث عن اختها ووالدها في ذلك الدور الذي اخبرها به موظف الاستقبال بأن الحاله التي تسأل عنها فيه
لتجد حازم واقفا مع احد الأطباء.. يتحدث معه بوجه مُريح جعلها تطمئن قليلا .. الي ان اقتربت منهما
فأنصرف الطبيب ، ليُطالعها حازم بأطمئنان : متقلقيش يازهره ، خالتي بخير الحمدلله مجرد كسر في رجليها ودراعها ..
وتابع بحديثه : مال وشك مخطوف كده ليه
لتدفعه بذراعيها وهي تصيح به : فين ماما ياحازم ، اخلص
ليضرب هو كف بكف قائلا : انجري قدامي ياختي
وتتحرك خلفه حيث غرفة والدتها .. لتجد اختها واباها الذي مازال في صدمته جالسين قربها يحمدون الله علي سلامتها
لتسقط حقيبتها ارضا .. وتندفع الي احضان والدتها التي قالت مُتألمه : براحه يابت دراعي ، اه ..
لتلمع عين زهره بالدموع وهي تُقبل جبين والدتها بحب : كده تخضينا عليكي ياماما ، يارتني كنت انا وانتي لاء
لتهمس والدتها بضعف وهي تتأمل زوجها وبناتها حولها : مكنتش أعرف اني غاليه عندكم كده
وتبدء تقص عليهم كل ماحدث لها .. منذ ان اخذ السارق منها حقيبتها الي ان ركضت خلفه هاتفه في الناس بمساعدتها .. حتي اصطدمتها السياره
ويتبدل قلقهم .. لضحكات ..
……………………..……………………..……………
نظر اليه حماه بعتاب .. بعدما عاد من رحلته التي قضي فيها شهر عسله مع عروسه الجديده قائلا : مزعل نهي منك ليه ياهشام
ليترك هشام الملف الذي يحمله ..ويضعه جانبا : اسألها مين اللي مزعل مين
بنتك رجعت لشرب السجاير والخمره تاني .. لاء وكمان الشله اللي كانت مصحباها .. وكانوا السبب في أدمانها
لينتفض صالح فجأه .. وهو يرتشف من كوب الماء والذي أهتز من يده قائلا : انت بتقول ايه ياهشام .. هي وعدتني أنها خلاص مش هترجع لكل ده تاني
هشام أعمل حاجه اومال أنا جوزتهالك ليه .. نهي بنتي بتحبك ياهشام وبتسمع كلامك
لتلمع عين هشام بالذكريات وهو يتذكر ذلك اليوم الذي رأي فيه نهي فقد كانت فتاه طائشه… كانت تقضي اجازتها الصيفيه في دبي حيث المنتجع الاخر الذي يملكه والدها
وهو كان يعمل هناك كمدير … فصالح كان يأتمنه علي امواله ويعتبره شبيها له في شبابه .. الا أن تعرف علي نهي كأصدقاء … وتواعدوا بأن يتقابلوا حينما يعود هو لمصر في اجازته السنويه .. وعندما عاد في أحد المرات بدأت علاقتهم تأخذ محور أخر وخاصة منها .. فقد تعلقت به بشده حتي أنها صارحته بمشاعرها التي رفضها ونهرها عليها فهو كان يعيش نفس المشاعر مع أخري قد دمرها
ولكن …..
صوت صالح المُرهق أفاقه وهو يُتمتم قائلا : أنت عارف غلاوتك عندي ياهشام …نهي بنتي الوحيده ياهشام وسلمتها ليك وأنا واثق أن هتخليها تتغير .. انا مصدقت خرجت من المصحه وأتعالجت
……………………..……………………..…………..
وقف منصور مصعوقا بعدما أستمع للطبيب وهو يخبره بنتائج الاشعه والفحص الشامل الذي فعلوه من أجل الأطمئنان علي صحة زوجته .. ليكتشفوا بأن زوجته مريضه ب Chondrosarcoma
والتي لم يفهم معناها الا عندما بدء يشرح له الطبيب
بأنه سرطان عظام .. حيث تبدأ الإصابة في الخلايا الغضروفية ثم تنتشر إلى كامل العظم
ليشعر بأن الدنيا توقفت للحظات .. الي أن طالعه الطبيب باشفاق قائلا : ياحاج منصور .. أحمد ربنا اننا أكتشفنا المرض بسرعه .. هو باين عليه لسا في أوله ..وبالتدخل الجراحي هنقدر نعالجه .. بس أهم حاجه السرعه
فتحرك منصور بثقل .. وهو يسمع صوت الطبيب يخبره بثمن العمليه التي لا يملك حتي نصفها …
ليقترب منه شريف بقلق قائلا : طمني ياعمي .. الدكتور قالك ايه
فربط منصور بيده علي كتفه بحنان لوقفته معه تلك … وبدء يخبره بضعف كل ماسمعه للتو من الطبيب وكأنه يُريد أن يحمل عنه جزء من همه …كي يستطيع الصمود من أجل زوجته التي تنتظره في غرفتها
ويخبرها بأن الطبيب سمح لها بالخروج من المشفي التي أصبحت لا تُطيق المكوث فيها
ليُحدق به شريف مصدوما .. ولكنه أفاق من صدمته سريعا وهو يري جسد منصور يهتز …
فسنده قائلا : تعالي ياعمي ارتاح ، ومتقلقش كل حاجه هتكون بخير ولا تشيل هم حاجه …
ليُطالعه منصور للحظات قبل أن يجلس ويضع بوجهه بين راحتي كفيه
……………………..……………………..……..
جلست تستمع لضحكاتهم وخططهم من أجل زواجها بشريف
لتتذكر من يومين حينما جاء اليهم مهرولا بعدما اخبره حازم بالخبر …ليُطالعها بنظرات أعتذار
ولولا حالة والدتها وحالهم في ذلك الوقت .. لكانت أخبرت الجميع بفسخ خطوبتها منه
ولكن الان الجميع يرون أن شريف وهي الثنائي المنتظر من أجل أتمام خطبتهم بالزواج .. كما اخبرتهم والدته بذلك ليلة أمس
فتنهدت هي بأسي وهي تسمع ضحكات امها وفرحتها الظاهره علي وجهها ودعائها لشريف الذي يأتي كل يوم ليطمئن عليها
وهمست بضعف داخلي : اه ياماما لو تعرفي انه بيعمل كده عشان الواجب ..
ويردف هو ووالدها سويا .. ناظرين اليهم بنظرات شاحبه
الي ان هتف حازم بدعابه ناظرا لخالته : الدكتور قال ايه عن الجميل بتاعنا
لتوكظه خالته بيدها السليمه :اتلم ياحازم
فتضحك مني وابنتها علي تلك المداعبات …الي ان لاحظت مني شرود زهره.. لتسقط بأعينها دون قصد علي اصابعها فلا تجد خاتم الخطبه
قائله بتسأل : اومال فين دبلتك يازهره
فتنظر اليها زهره بصمت وهي لا تعرف بماذا تُجيب لتري نظرات والدتها مُعلقه نحوها ..الي ان اقترب منها شريف قائلا : زهره ادتهاني عشان اغيرها لانها بقيت واسعه عليها
ونظر الي زهره التي وقفت مُرتبكه ..وكادت ان تعترض وتخبرهم بكل شئ الي انه قال بهدوء :مش كده يازهره
لتُطالعهم والدتها وهي تهمس :ربنا يخليكم لبعض ياولاد
فوقفت هي حائره من كل مايحدث .. الي ان همس بأذنيها هو : بلاش تزعليهم بخبر انفصالنا .. خلينا نستني لحد ما والدتك تقوم بالسلامه
لتًطالع هي والدتها بأسف … وتلتف نحو والدها الجالس بشرود بينهم
……………………..……………………..…………
سقطت دموعها بعجز وهو يخبرها عن امر تلك العمليه ..
وأخذ يُضم كفيها اليه بحب وهو يعتذر لها عن كل لحظه قد أحزانها فيها … لتربط هي علي يده قائله بحنان : انا مش زعلانه يامنصور .. ده قضاء ربنا .. بس انا مش هعمل العمليه غير لما أطمن علي زهره
فلمعت عين منصور بضعف .. الي أن طلبت منه قائله برجاء : وافق علي كتب كتاب زهره وشريف ، عايزه اطمن علي زهره يامنصور قبل
وقبل ان تهمس بعبارتها الاخيره التي أرتجف بسببها قلبه
نظر اليها بحب سنين طويله قد قوته العشره : حاضر … بس قومي لينا بالسلامه وانا اعملك كل اللي عايزاه ياغاليه
……………………..……………………..……
اصبح ذهابها الي المشفي يومياً وهم لا تعلم لماذا لم يسمح الطبيب لخروج والدتهم .. وخرجت من منزلهم لتجده ينتظرها
فأشاحت بوجهها عنه وهي تهمس : فين حازم
فوقف يُطالعها للحظات وهو يري شحوب وجهها الي ان تأمل نظرات الناس حولهم في حارتهم : علي فكره عمي منصور عارف بكده .. وحازم سافر تبع الشغل مأموريه .. فأركبي يلا يازهره من غير ما تتعبيني زي كل يوم وياريت تركبي قدام لان انا مش السواق بتاعك
لتُطالعه هي بغضب .. لتتذكر اصطحابه لهما كل يوم ولكن دوما تكون معاها جميله وحازم او أباها..

لتبتعد هي عنه مُتمسكه جيدا بالحقيبه البلاستكيه التي بها طعام لوالديها ..
قائله بجمود : اهلي اه لسا فاكرين انك واحد مننا .. بس النهارده لازم ننهي المهزله ديه وشكرا علي خدماتك
فوقف يُطالعها للحظات بجمود الي ان هتف بتحدي : اكيد لازم ننهي المهزله ديه ..وللاسف مش هتعرفي تخلصي مني يازهره .. لان بكره كتب كتابنا وهتبقي مراتي

يتبع

 

error: