الاعيب القدر للكاتبه ايمان عبد الحفيظ
نوفيلا : ألاعيب القدر
للكاتبة : ايمان عبد الحفيظ
الفصل السابع
************************** *****
جففت دموعها بحزم .. لقد نفذ قرارها .. ستثبت للجميع انها قوية .. لن تضعف أمام عادات المجتمع الشرقى .. الانثى الجريحة .. التى خسرت كل شيء فى حياتها كما هو حالها الان .. هى أقوى ما خلقة الله على الارض .. و سيثبت قوتها للجميع .. ستحب و تتزوج مرة أخرى .. لكن الأهم الان هو الهروب من أمام الأعين التى تترقبها منالسيارة .. ربما هو السبب الرئيسي في عزيمتها الان .. لكن الشيئ الغريب حين يزداد عن حده يصبح سخيف للغايه .. و نظراتهم تزداد .. و سخافة هذا الشعور مستحيلة .. اى شخص فى الحياة ما عدا مروان أو ذلك يزن
وقفت من جلستها .. و جففت دموعها .. أخذت نفس عميق .. تملأ رئتها بنسمات الهواء المشبعة برائحة البحر المنعشة .. التفت لتعود سيرا الى منزلها ..
رأى ملامحه التى تتغير من البكاء و الحزن .. إلى الثقة و القوة .. ثم العزم ..
لاحظ توجهها إلى الطريق الرئيسي .. ربما هى ترغب بالعودة .. لكن لما لم تأتى لتصعد معه بسيارته .. هو من أتى بها إلى هنا .. و مسئولية إعادتها إلى المكان الذي أخذها منة .. فتح باب السيارة و هو يراها تسير بحزم تجاه الطريق …
يزن بصراخ : شغف… شغف
التفت له بحزم ..
شغف بثبات : أنسة شغف ..
يزن بابتسامة : يا أنسة شغف .. اتفضلى علشان اوصلك ..
شغف بهدوء : لا مفيش داعى .. شكرا ..
يزن بغيظ : ده اللى هو ازاى يعنى !! .. انا الى جبتك هنا .. و مسئوليتى ارجعك مكان ما جبتك ..
شغف بثبات : مفيش داعى .. عن اذنك انا اتأخرت ..
همت بالرحيل من أمامة.. أو الهروب في الحقيقة .. تود الهروب من الشعور الذى ولد بداخلها يوم الزفاف .. و يزداد فى كل لحظه تسمع اسمه .. أو تذكر أخته اى معلومة و لو صغيره عنه .. لكن هيهات.. أمسكها من ذراعها بهدوء .. مانعا إياه الذهاب
يزن بحزم : انا مش اريال و لا كيس مانجا واقف قدامك.. انا لما بقول كلمة تتنفذ .. و انتى هتروحى معايا ..
شغف بثبات : كلامك ده تمشية على اختك اروى أو مراتك لكن انا لا .. و معتقدتش أن فى اى رابط بينى و بينك ..
ابتسامه خافتة ارتسمت على شفتيه .. و هو يرمقها بنظرات حانية .. لن يخبرها بما هو مقدم على فعلة .. ربما الصمت افضل الان ..
يزن بابتسامة : طب خدينى على قد عقلي .. و اتفضلى .. اعتبرينى تاكسى و اتفضلى ..
فكرت ماليا فى الأمر .. ربما هى لن تجد وسيلة مواصلات للذهاب الى منزلها .. فهذه المنطقة نوعا ما نائية عن السكان .. ربما هو افضل من غيرة .. يكفى حاليا انها تثق به لأنه شقيق رفيقتها ..
شغف بحرج : على شرط
يزن بترقب : قولى
شغف بحزم : هقعد فى الكرسى اللى ورا ..
يزن بابتسامة : رغم انى مش السواق اللى جابتة الست الوالدة .. بس ماشى علشان اروى ..
ابتسمت بهدوء و هى تتركة و تتوجه لتجلس على مقعد السيارة الخلفى ..
************************** **
ابتلع ريقة بفزع .. الشحنات السلبية التى انتشرت بعشوائيه فى الجو .. نظرات والدته التى توشك على حرقة او ألقاءه خارج المنزل .. و نظرات الفزع و الخوف التى تصدر من تلك المسكينة التى كل أثمها الوحيد انها نطقت بكلمة عفويه لا اكثر .. لكن نظرات والدته و صوت انفاسها لا يبشر بخير ابدا ..
نادية : انا كنت صح لما قلت انك عاوزة توقعى ولادى .. وقعت واحد و جابك تعيشى معانا .. و التاني عاوزة يتجوزك .. يا بجاحتك ..
حسام باعتراض : يا ماما …
نادية بصراخ : انت تسكت خالص .. و تطلع تستانى فوق .. اما انتى تلمى هدومك و مش عاوزة اشوف وشك هنا تانى .. و لا اقولك انا مش هستناكى تلمى هدومك ..
توجهت الى لينا التى تقف كأنها طالب ينتظر عقابه على براءتة لا اكثر .. جذبتها من معصمها بقوه .. ثم دفعتها للخارج بقوه كبيره و قسوة .. وقعت لينا على وجهها بسبب قوة الدفعه الخاصه بوالدته ..
تلألأت الدموع فى عيون لينا .. التى لاول مره تشعر بمراره اليتم .. و ان ليس لها شخص تستند عليه و تحتمى به .. تساقطت تلك الدموع بألم على وجنتيها الورديتين ..
ناديه بصراخ : بلاش دموع التماسيح دى .. و برررررة ..
حسام بصراخ : مـــــــــــــاما ..
نظرت له نادية بترقب .. ايصرخ بها لأجل تلك الفتاة .. هل فقد ابنها الصغير عقلة .. ازداد جنونها حين رأته يتوجه الى لينا .. و يمسك بكف يدها .. و يجذبها بهدوء لتقف على قدميها ..
نادية بغضب : انت بترفع صوتك عليا علشان البنت دى . انت اتجننت ..
حسام بعصبية : العفو يا ماما .. بس لينا معملتش حاجه غلط .. هى بس قالت الكلمة بعفويه .. و بعدين حضرتك جبتى كل القسوه دى منين ها .. من اول ما لينا دخلت البيت ده و حضرتك مش طايقاها .. لييييييه … لييييه يا ماما .. دى حتى يتيمة زى انا و يزن و اروى ..
ثم جذب لينا من معصمها .. ليخرج بها من الشقه التى تقطن بها .. بينما هى كانت فى حاله اللاوعى .. هل هو للتو وقف بوجه والدته لأجلها .. ام لأجل قيم و مبادئ يؤمن بها .. كما فعل اخيه مسبقا .. لا يهم لماذا ؟.. المهم انه يقف بجانبها .. هو حقا رجل .. ربما صغير فى السن لكنة رجل ..
اما هو كان يفكر الى اين ستذهب هى الان ؟؟..
امسكت الهاتف بغضب .. كتبت رقم الهاتف الخاص بابنتها الوحيدة
نادية بصراخ : اروى .. تجيبى يزن و تيجى حالا ..
اغلقت الهاتف و هى تزفر بضيق .. ابنها يتسرب من بين اصابعها كحبات الرمال .. و لا تستطيع التحكم بها ..
************************** *
كانت تسير فى طرقة مبنى الجامعه .. كالمجنونة .. تتحدث مع نفسها بغغيظ و عصبيه .. و هى تمسك هاتفها و تعيد الاتصال و لا اجابه .. الى اين ذهبت تلك الغبية .. لم تتصل بها لكى تعودا سويا كما المعتاد .. سخيفة هى هذة الجملة .. كما المعتاد .. كل شيئ تغير ما هو المعتاد يا اروى .. نظرت للهاتف بغضب .. و هى تعاود الاتصال مره اخرى بصديقتها ..
اروى بغيظ : الله يخربيتك يا شغف .. هقعد ادور انا عليها .. طب اروحلها الكليه بتاعتها .. و لا اكلم يزن يروحنى و اسيبها هنا تتعلم الادب .. ما انا الغلطانة انى عماله ادلع فيها .. ادلع ايييه انا كمان هى بنتى و انا معرفش .. يخربيت كده ..
قالتها و الكتب تسقط من بين يديها بسبب توترها .. انحنت بجسدها لتجمع تلك الاغراض التى سقطت منها .. لتسمع رنين هاتفها .. نظرت للهاتف بدهشة و قلق .. لانه رقم والدتها .. هى لم تتأخر للغايه لكى تتصل بها والدتها .. حتما حدث شيئ بالمنزل ..
اروى بهدوء : الو ..
نادية بصراخ : اروى .. تجيبى يزن و تيجى حالا ..
اروى بدهشة : ليييه يا ما …
لم تكمل جملتها لانها سمعت صوت انقطاع الخط .. يبدو ان والدتها غاضبه للغايه .. لكن ماذا حدث ؟؟.. رىبما هو امر خاص بحسام .. امسكت الهاتف لتتصل باخيها ..
اروى بهدوء : الو ..
يزن بغيظ : قلت كام مره اسمها السلام عليكم ..
اروى بهدوء : السلام عليكم ..
يزن بابتسامة : و عليكم السلام يا اختى .. انطقى عاوزه ايه يا اروى ..
اروى بحنق : مش انا اللى عاوزة .. دى امك عاوزانى و عاوزاك ..
يزن بقلق : ليييه ؟.
اروى بغيظ : معرفش قالتى تعالى انتى و هو حالا .. و قفلت فى وشى .. اصلا انا مش عارفة فين شغف دلوقتى و عماله ادورعليها ..
نظر يزن الى مرأه السيارة حيث شغف الشارده ..
يزن بابتسامة : طب خليكى مكانك قدام الكليه و انا جاى اخدك ..
اروى بدهشة : و شغف اللى اختفت دى ..
يزن بابتسامة : يا بنتى بس بقى .. قولتك خلاص ..
اغلق الهاتف بوجهها .. لتقف و هى تزفر بضيق .. تنتظر يزن ليحضر ليذهب بها الى المنزل ..
************************** ****
الجميع فى دهشه عارمه .. ماذا يفعل حسام و لينا على سلم المنزل .. اثار ذلك غضب و قلق يزن و اروى .. اما شغف فهى تقف فى غيظ تام .. لما احضرتها اروى الى هنا ..
يزن بترقب : انت بتعمل ايه هنا يا حسام ؟؟.. و لينا قاعده هنا ليه ؟؟..
حسام بغيظ : قاعدين نبيع لبن يعنى .. امك طردتها ..
يزن بغضب : اعدل لسانك يا حسام .. اسمها ماما .. و بعدين ليه ان شاء الله ..
لينا ببكاء : انا غلطانة بس و الله كانت كلمة عفويه مش اكتر ..
اثار بكاء لينا عاطفة اروى التى اسرعت لتعانقها بقوه .. لتخفف عنها ما حدث .. و الذى لا تعرف سببة من الاصل ..
اروى بحزن : اهدى طيب يا لينا .. اهدى هو ايه اللى حصل ..
جذب يزن حسام من ذراعه .. ليخرج كلاهما ليقفا يستندا على السيارة .. بجانب شغف التى اسرعت للتوجه لتجلس بجانب اروى التى تحتضن لينا بقوه لتخفف عنها ..
شغف بابتسامة : اهدى يا حبيبتى .. صدقينى مفيش حاجه تستاهل دموعك .. مفيش مشكله ملهاش حل ..
نظرت لها لينا بدموع .. لا تعرف لما الشعور بالامان تسرب لكلاهما .. كأنهما اختان ضائعتان .. و وجدتا انفسهم فى وسط الظلام و العاصفه ..
لينا ببكاء : انا السبب .. كان غلطى .. انا قولتلة بحبك على اساس انه اخويا .. بس هى طنط فهمت غلط .. انا مكنتش قصدى ..
اروى بزهول : يا حـــــــــــــلاوة .. امى سمعتك بتقولى لحسام بحبك .. ده احنا ليليتنا مطينة بطين ..
تابعت جملتها بلهجه صعيديه لتجعل لينا تبتسم بهدوء .. و هى تشعر بمدى حجم الكارثه التى وقعت بها …
لينا بدموع : انا كده ضمنت ليلتى فى الشارع …
الفكره اضاءت فى عقل شغف ..
حسام بجديه : مكنش قصدها يا يزن ..
يزن بجديه : اعتقد انك عارف ان الكلام اللى بيطلع لوحده ده .. هو الحقيقة و ماما عارفة كده كويس .. و معتقدتش انها هتسيب لينا تقعد هنا لحظه واحده ..
حسام بقلق : يا يزن .. و الله كانت كلمة عفويه مش اكتر .. هى فرحت بالروايه اللى جبتها ليها ..
يزن بغيظ : و انا مش قولتلك ملكش دعوه بيها .. قولت انك متقربش من الشقه غير و انا موجود و لا لا .. او تكون اروى هنا .. صح و لا لا ..
حسام بأسف : صح .. بس مش عارف ليه حسيت انى هموت و انزل تحت علشان اشوفها ..
يزن بترقب : انت حبيتها يا حسام ؟؟..
السؤال الاصعب .. لا اجابه لديه .. نحن نقع فى الحب .. لكننا نرفض الاعتراف .. او ربما نحن لا نتعرف عليه .. هو شعور يتسرب داخل خلايا القلب دون الشعور به ..
يزن بابتسامة : تبقى حبيتها يا حسام .. بس ايه العمل .. هتقعد فين هى دلوقتى ..
شغف بابتسامة : اسفه لو بدخل فى الحوار ..
التفت لها كلا الاخين .. نظرات الاستغراب من حسام الذى يتساءل ماذا تفعل هنا صديقه اخته الوحيده هنا .. و نظرات ترقب ما الذى تريده شغف منه ..
يزن بهدوء : لا عادى
شغف بهدوء : لينا ممكن تقعد عندى .. قصدى معايا انا و ماما ..
************************** *****
بعد مرور 3 ساعات …
دخلت الثلاث اخوه الى منزلهم جميعا .. ترتسم على وجوههم الابتسامة الهادئة .. بينما اثار قلقهم الظلام الذى يحل بشقتهم .. رغم معرفتهم بوجود والدتهم فى المنزل ..
يزن بهدوء : ماما .. مــــــــاما ..
اضاءت مصباح غرفة الجلوس .. كانت تجلس تنتظرهم .. الهدوء الذى يسبق العاصفة .. يعرفونة جميعا .. هذا هو ..
نادية بهدوء : حمد الله على السلامة ..
يزن بهدوء : الله يسلمك ..
نادية بهدوء : برافو .. عرفت تحل مشاكلك فى ثانية .. جمعت الاتنين مع بعض..
حسام بزهول : ماما انتى تقصدى ايه ؟..
اروى بقلق : ماما .. الموضوع مش زى ما انتى فاهمة ..
نادية بعصبية : برضوه عملت اللى فى دماغك و مبعدتش عنها .. لا و كمان جايبها هنا فى بيتى ..
يزن بهدوء : ماما .. ده كانت صدفة ..
نادية بغضب : متكدبش عليا .. مكنتش صدفة انها تكون فى عرببيتك و تدخل بيتى كمان .. و التانيه الصايعه الصغيرة اللى لفت على اخوك .. راحت معها .. ما الطيور على اشكالها تقع ..
يزن بعصبيه : ماما .. بلاش اللهجه دى .. شغف و جت هنا بالصدفه مش اكتر .. و لينا كانت كلمة عفويه قالتها و خلاص .. و بعدين دول عيال ..
نادية بعصبية : بص يا يزن .. مش مشكلتى عيال او زفت .. و لا مشكلتى ان شغف كانت هنا .. مشكلتى هو انتوا .. انتوا التلاتة …
اروى بقلق : معتقدتش ان شغف او لينا .. هيسببوا اى مشاكل لينا احنا التلاتة ..
نادية بحزم : اسمعوا بقى .. الاتنين دول مش هيدخلو بيتى ده تانى .. كلامى و قلته ..
قالت جملتها و هى تتوجه لغرفتها .. لتخرج غضبها بأى شيئ .. لكنها سمعت ما الجم لسانها .. ما جعل ارجلها تتوقف عن الحركة ..سمعت ما جعلها تدخل فى حاله اللاوعى ..
يزن بهدوء : عيدى التفكير يا ماما .. فكره ان شغف مش هتدخل البيت ده تانى دى مستحيلة .. و هى هتبقى مراتى …
سكب عليها دلو من المياة المثلجة .. ماذا قال للتو .. هل هو حقا يخبرها بكل بساطة ان تلك الفتاة .. ستدخل بيتها .. و تعيش به على اساس انها زوجه ابنها البكرى .. محال ان تترك هذا يحدث ..
نادية بصدمة : انت قلت ايه ؟؟..
يزن بجدية : قلتلك فكرى تانى .. انا طلبت ايدها يا ماما …
*********************
تلاعبت بخصلات شعرها البنية الناعمة .. تراها نائمه كملاك صغير .. هى حقا تشبة الملاك .. عيونها البنية .. شعرها القصير البنى الذى يطير حولها و هى تسير بسبب مداعبة الهواء له .. لكن حقا مسكينة .. تعانى مرارة اليتم و الوحده منذ هذا العمر .. ربما هى عانتها لكن كان اكبر منها .. كانت لديها قدره لتتحمل ذلك ..
سمعت صوت طرق خفيف على باب غرفتها .. لترى والدتها تدلف للداخل ..
امنة بهدوء : شغف ..
شغف بانتباة : ايووه يا ماما ..
امنة بتوتر : تعالى عاوزاكى …
اؤمأت شغف براسها بهدوء .. و هى تقف عن الفراش و هى تحاول ان تجعل تلك الفتاة الجميلة تخلد للنوم .. خرجت معها بملامح تترقب ما تريده والدتها فى هذا الوقت ..
شغف بترقب : افندم .. يا ماما قولى …
امنة بتوتر : فى شخص طلب ايدك منى النهارده .. و بصراحه انا موافقه ..
شغف بعنف : اذا كنتى بتتكلمى عن مروان يا ماما.. فانسى ده مستحيل ..
امنة بجديه : لا انا مش بتكلم عن مروان ..
شغف بدهشه : عن مين ؟؟..
امنة بثبات : يزن الجندى ..
للكاتبة : ايمان عبد الحفيظ
الفصل السابع
**************************
جففت دموعها بحزم .. لقد نفذ قرارها .. ستثبت للجميع انها قوية .. لن تضعف أمام عادات المجتمع الشرقى .. الانثى الجريحة .. التى خسرت كل شيء فى حياتها كما هو حالها الان .. هى أقوى ما خلقة الله على الارض .. و سيثبت قوتها للجميع .. ستحب و تتزوج مرة أخرى .. لكن الأهم الان هو الهروب من أمام الأعين التى تترقبها منالسيارة .. ربما هو السبب الرئيسي في عزيمتها الان .. لكن الشيئ الغريب حين يزداد عن حده يصبح سخيف للغايه .. و نظراتهم تزداد .. و سخافة هذا الشعور مستحيلة .. اى شخص فى الحياة ما عدا مروان أو ذلك يزن
وقفت من جلستها .. و جففت دموعها .. أخذت نفس عميق .. تملأ رئتها بنسمات الهواء المشبعة برائحة البحر المنعشة .. التفت لتعود سيرا الى منزلها ..
رأى ملامحه التى تتغير من البكاء و الحزن .. إلى الثقة و القوة .. ثم العزم ..
لاحظ توجهها إلى الطريق الرئيسي .. ربما هى ترغب بالعودة .. لكن لما لم تأتى لتصعد معه بسيارته .. هو من أتى بها إلى هنا .. و مسئولية إعادتها إلى المكان الذي أخذها منة .. فتح باب السيارة و هو يراها تسير بحزم تجاه الطريق …
يزن بصراخ : شغف… شغف
التفت له بحزم ..
شغف بثبات : أنسة شغف ..
يزن بابتسامة : يا أنسة شغف .. اتفضلى علشان اوصلك ..
شغف بهدوء : لا مفيش داعى .. شكرا ..
يزن بغيظ : ده اللى هو ازاى يعنى !! .. انا الى جبتك هنا .. و مسئوليتى ارجعك مكان ما جبتك ..
شغف بثبات : مفيش داعى .. عن اذنك انا اتأخرت ..
همت بالرحيل من أمامة.. أو الهروب في الحقيقة .. تود الهروب من الشعور الذى ولد بداخلها يوم الزفاف .. و يزداد فى كل لحظه تسمع اسمه .. أو تذكر أخته اى معلومة و لو صغيره عنه .. لكن هيهات.. أمسكها من ذراعها بهدوء .. مانعا إياه الذهاب
يزن بحزم : انا مش اريال و لا كيس مانجا واقف قدامك.. انا لما بقول كلمة تتنفذ .. و انتى هتروحى معايا ..
شغف بثبات : كلامك ده تمشية على اختك اروى أو مراتك لكن انا لا .. و معتقدتش أن فى اى رابط بينى و بينك ..
ابتسامه خافتة ارتسمت على شفتيه .. و هو يرمقها بنظرات حانية .. لن يخبرها بما هو مقدم على فعلة .. ربما الصمت افضل الان ..
يزن بابتسامة : طب خدينى على قد عقلي .. و اتفضلى .. اعتبرينى تاكسى و اتفضلى ..
فكرت ماليا فى الأمر .. ربما هى لن تجد وسيلة مواصلات للذهاب الى منزلها .. فهذه المنطقة نوعا ما نائية عن السكان .. ربما هو افضل من غيرة .. يكفى حاليا انها تثق به لأنه شقيق رفيقتها ..
شغف بحرج : على شرط
يزن بترقب : قولى
شغف بحزم : هقعد فى الكرسى اللى ورا ..
يزن بابتسامة : رغم انى مش السواق اللى جابتة الست الوالدة .. بس ماشى علشان اروى ..
ابتسمت بهدوء و هى تتركة و تتوجه لتجلس على مقعد السيارة الخلفى ..
**************************
ابتلع ريقة بفزع .. الشحنات السلبية التى انتشرت بعشوائيه فى الجو .. نظرات والدته التى توشك على حرقة او ألقاءه خارج المنزل .. و نظرات الفزع و الخوف التى تصدر من تلك المسكينة التى كل أثمها الوحيد انها نطقت بكلمة عفويه لا اكثر .. لكن نظرات والدته و صوت انفاسها لا يبشر بخير ابدا ..
نادية : انا كنت صح لما قلت انك عاوزة توقعى ولادى .. وقعت واحد و جابك تعيشى معانا .. و التاني عاوزة يتجوزك .. يا بجاحتك ..
حسام باعتراض : يا ماما …
نادية بصراخ : انت تسكت خالص .. و تطلع تستانى فوق .. اما انتى تلمى هدومك و مش عاوزة اشوف وشك هنا تانى .. و لا اقولك انا مش هستناكى تلمى هدومك ..
توجهت الى لينا التى تقف كأنها طالب ينتظر عقابه على براءتة لا اكثر .. جذبتها من معصمها بقوه .. ثم دفعتها للخارج بقوه كبيره و قسوة .. وقعت لينا على وجهها بسبب قوة الدفعه الخاصه بوالدته ..
تلألأت الدموع فى عيون لينا .. التى لاول مره تشعر بمراره اليتم .. و ان ليس لها شخص تستند عليه و تحتمى به .. تساقطت تلك الدموع بألم على وجنتيها الورديتين ..
ناديه بصراخ : بلاش دموع التماسيح دى .. و برررررة ..
حسام بصراخ : مـــــــــــــاما ..
نظرت له نادية بترقب .. ايصرخ بها لأجل تلك الفتاة .. هل فقد ابنها الصغير عقلة .. ازداد جنونها حين رأته يتوجه الى لينا .. و يمسك بكف يدها .. و يجذبها بهدوء لتقف على قدميها ..
نادية بغضب : انت بترفع صوتك عليا علشان البنت دى . انت اتجننت ..
حسام بعصبية : العفو يا ماما .. بس لينا معملتش حاجه غلط .. هى بس قالت الكلمة بعفويه .. و بعدين حضرتك جبتى كل القسوه دى منين ها .. من اول ما لينا دخلت البيت ده و حضرتك مش طايقاها .. لييييييه … لييييه يا ماما .. دى حتى يتيمة زى انا و يزن و اروى ..
ثم جذب لينا من معصمها .. ليخرج بها من الشقه التى تقطن بها .. بينما هى كانت فى حاله اللاوعى .. هل هو للتو وقف بوجه والدته لأجلها .. ام لأجل قيم و مبادئ يؤمن بها .. كما فعل اخيه مسبقا .. لا يهم لماذا ؟.. المهم انه يقف بجانبها .. هو حقا رجل .. ربما صغير فى السن لكنة رجل ..
اما هو كان يفكر الى اين ستذهب هى الان ؟؟..
امسكت الهاتف بغضب .. كتبت رقم الهاتف الخاص بابنتها الوحيدة
نادية بصراخ : اروى .. تجيبى يزن و تيجى حالا ..
اغلقت الهاتف و هى تزفر بضيق .. ابنها يتسرب من بين اصابعها كحبات الرمال .. و لا تستطيع التحكم بها ..
**************************
كانت تسير فى طرقة مبنى الجامعه .. كالمجنونة .. تتحدث مع نفسها بغغيظ و عصبيه .. و هى تمسك هاتفها و تعيد الاتصال و لا اجابه .. الى اين ذهبت تلك الغبية .. لم تتصل بها لكى تعودا سويا كما المعتاد .. سخيفة هى هذة الجملة .. كما المعتاد .. كل شيئ تغير ما هو المعتاد يا اروى .. نظرت للهاتف بغضب .. و هى تعاود الاتصال مره اخرى بصديقتها ..
اروى بغيظ : الله يخربيتك يا شغف .. هقعد ادور انا عليها .. طب اروحلها الكليه بتاعتها .. و لا اكلم يزن يروحنى و اسيبها هنا تتعلم الادب .. ما انا الغلطانة انى عماله ادلع فيها .. ادلع ايييه انا كمان هى بنتى و انا معرفش .. يخربيت كده ..
قالتها و الكتب تسقط من بين يديها بسبب توترها .. انحنت بجسدها لتجمع تلك الاغراض التى سقطت منها .. لتسمع رنين هاتفها .. نظرت للهاتف بدهشة و قلق .. لانه رقم والدتها .. هى لم تتأخر للغايه لكى تتصل بها والدتها .. حتما حدث شيئ بالمنزل ..
اروى بهدوء : الو ..
نادية بصراخ : اروى .. تجيبى يزن و تيجى حالا ..
اروى بدهشة : ليييه يا ما …
لم تكمل جملتها لانها سمعت صوت انقطاع الخط .. يبدو ان والدتها غاضبه للغايه .. لكن ماذا حدث ؟؟.. رىبما هو امر خاص بحسام .. امسكت الهاتف لتتصل باخيها ..
اروى بهدوء : الو ..
يزن بغيظ : قلت كام مره اسمها السلام عليكم ..
اروى بهدوء : السلام عليكم ..
يزن بابتسامة : و عليكم السلام يا اختى .. انطقى عاوزه ايه يا اروى ..
اروى بحنق : مش انا اللى عاوزة .. دى امك عاوزانى و عاوزاك ..
يزن بقلق : ليييه ؟.
اروى بغيظ : معرفش قالتى تعالى انتى و هو حالا .. و قفلت فى وشى .. اصلا انا مش عارفة فين شغف دلوقتى و عماله ادورعليها ..
نظر يزن الى مرأه السيارة حيث شغف الشارده ..
يزن بابتسامة : طب خليكى مكانك قدام الكليه و انا جاى اخدك ..
اروى بدهشة : و شغف اللى اختفت دى ..
يزن بابتسامة : يا بنتى بس بقى .. قولتك خلاص ..
اغلق الهاتف بوجهها .. لتقف و هى تزفر بضيق .. تنتظر يزن ليحضر ليذهب بها الى المنزل ..
**************************
الجميع فى دهشه عارمه .. ماذا يفعل حسام و لينا على سلم المنزل .. اثار ذلك غضب و قلق يزن و اروى .. اما شغف فهى تقف فى غيظ تام .. لما احضرتها اروى الى هنا ..
يزن بترقب : انت بتعمل ايه هنا يا حسام ؟؟.. و لينا قاعده هنا ليه ؟؟..
حسام بغيظ : قاعدين نبيع لبن يعنى .. امك طردتها ..
يزن بغضب : اعدل لسانك يا حسام .. اسمها ماما .. و بعدين ليه ان شاء الله ..
لينا ببكاء : انا غلطانة بس و الله كانت كلمة عفويه مش اكتر ..
اثار بكاء لينا عاطفة اروى التى اسرعت لتعانقها بقوه .. لتخفف عنها ما حدث .. و الذى لا تعرف سببة من الاصل ..
اروى بحزن : اهدى طيب يا لينا .. اهدى هو ايه اللى حصل ..
جذب يزن حسام من ذراعه .. ليخرج كلاهما ليقفا يستندا على السيارة .. بجانب شغف التى اسرعت للتوجه لتجلس بجانب اروى التى تحتضن لينا بقوه لتخفف عنها ..
شغف بابتسامة : اهدى يا حبيبتى .. صدقينى مفيش حاجه تستاهل دموعك .. مفيش مشكله ملهاش حل ..
نظرت لها لينا بدموع .. لا تعرف لما الشعور بالامان تسرب لكلاهما .. كأنهما اختان ضائعتان .. و وجدتا انفسهم فى وسط الظلام و العاصفه ..
لينا ببكاء : انا السبب .. كان غلطى .. انا قولتلة بحبك على اساس انه اخويا .. بس هى طنط فهمت غلط .. انا مكنتش قصدى ..
اروى بزهول : يا حـــــــــــــلاوة .. امى سمعتك بتقولى لحسام بحبك .. ده احنا ليليتنا مطينة بطين ..
تابعت جملتها بلهجه صعيديه لتجعل لينا تبتسم بهدوء .. و هى تشعر بمدى حجم الكارثه التى وقعت بها …
لينا بدموع : انا كده ضمنت ليلتى فى الشارع …
الفكره اضاءت فى عقل شغف ..
حسام بجديه : مكنش قصدها يا يزن ..
يزن بجديه : اعتقد انك عارف ان الكلام اللى بيطلع لوحده ده .. هو الحقيقة و ماما عارفة كده كويس .. و معتقدتش انها هتسيب لينا تقعد هنا لحظه واحده ..
حسام بقلق : يا يزن .. و الله كانت كلمة عفويه مش اكتر .. هى فرحت بالروايه اللى جبتها ليها ..
يزن بغيظ : و انا مش قولتلك ملكش دعوه بيها .. قولت انك متقربش من الشقه غير و انا موجود و لا لا .. او تكون اروى هنا .. صح و لا لا ..
حسام بأسف : صح .. بس مش عارف ليه حسيت انى هموت و انزل تحت علشان اشوفها ..
يزن بترقب : انت حبيتها يا حسام ؟؟..
السؤال الاصعب .. لا اجابه لديه .. نحن نقع فى الحب .. لكننا نرفض الاعتراف .. او ربما نحن لا نتعرف عليه .. هو شعور يتسرب داخل خلايا القلب دون الشعور به ..
يزن بابتسامة : تبقى حبيتها يا حسام .. بس ايه العمل .. هتقعد فين هى دلوقتى ..
شغف بابتسامة : اسفه لو بدخل فى الحوار ..
التفت لها كلا الاخين .. نظرات الاستغراب من حسام الذى يتساءل ماذا تفعل هنا صديقه اخته الوحيده هنا .. و نظرات ترقب ما الذى تريده شغف منه ..
يزن بهدوء : لا عادى
شغف بهدوء : لينا ممكن تقعد عندى .. قصدى معايا انا و ماما ..
**************************
بعد مرور 3 ساعات …
دخلت الثلاث اخوه الى منزلهم جميعا .. ترتسم على وجوههم الابتسامة الهادئة .. بينما اثار قلقهم الظلام الذى يحل بشقتهم .. رغم معرفتهم بوجود والدتهم فى المنزل ..
يزن بهدوء : ماما .. مــــــــاما ..
اضاءت مصباح غرفة الجلوس .. كانت تجلس تنتظرهم .. الهدوء الذى يسبق العاصفة .. يعرفونة جميعا .. هذا هو ..
نادية بهدوء : حمد الله على السلامة ..
يزن بهدوء : الله يسلمك ..
نادية بهدوء : برافو .. عرفت تحل مشاكلك فى ثانية .. جمعت الاتنين مع بعض..
حسام بزهول : ماما انتى تقصدى ايه ؟..
اروى بقلق : ماما .. الموضوع مش زى ما انتى فاهمة ..
نادية بعصبية : برضوه عملت اللى فى دماغك و مبعدتش عنها .. لا و كمان جايبها هنا فى بيتى ..
يزن بهدوء : ماما .. ده كانت صدفة ..
نادية بغضب : متكدبش عليا .. مكنتش صدفة انها تكون فى عرببيتك و تدخل بيتى كمان .. و التانيه الصايعه الصغيرة اللى لفت على اخوك .. راحت معها .. ما الطيور على اشكالها تقع ..
يزن بعصبيه : ماما .. بلاش اللهجه دى .. شغف و جت هنا بالصدفه مش اكتر .. و لينا كانت كلمة عفويه قالتها و خلاص .. و بعدين دول عيال ..
نادية بعصبية : بص يا يزن .. مش مشكلتى عيال او زفت .. و لا مشكلتى ان شغف كانت هنا .. مشكلتى هو انتوا .. انتوا التلاتة …
اروى بقلق : معتقدتش ان شغف او لينا .. هيسببوا اى مشاكل لينا احنا التلاتة ..
نادية بحزم : اسمعوا بقى .. الاتنين دول مش هيدخلو بيتى ده تانى .. كلامى و قلته ..
قالت جملتها و هى تتوجه لغرفتها .. لتخرج غضبها بأى شيئ .. لكنها سمعت ما الجم لسانها .. ما جعل ارجلها تتوقف عن الحركة ..سمعت ما جعلها تدخل فى حاله اللاوعى ..
يزن بهدوء : عيدى التفكير يا ماما .. فكره ان شغف مش هتدخل البيت ده تانى دى مستحيلة .. و هى هتبقى مراتى …
سكب عليها دلو من المياة المثلجة .. ماذا قال للتو .. هل هو حقا يخبرها بكل بساطة ان تلك الفتاة .. ستدخل بيتها .. و تعيش به على اساس انها زوجه ابنها البكرى .. محال ان تترك هذا يحدث ..
نادية بصدمة : انت قلت ايه ؟؟..
يزن بجدية : قلتلك فكرى تانى .. انا طلبت ايدها يا ماما …
*********************
تلاعبت بخصلات شعرها البنية الناعمة .. تراها نائمه كملاك صغير .. هى حقا تشبة الملاك .. عيونها البنية .. شعرها القصير البنى الذى يطير حولها و هى تسير بسبب مداعبة الهواء له .. لكن حقا مسكينة .. تعانى مرارة اليتم و الوحده منذ هذا العمر .. ربما هى عانتها لكن كان اكبر منها .. كانت لديها قدره لتتحمل ذلك ..
سمعت صوت طرق خفيف على باب غرفتها .. لترى والدتها تدلف للداخل ..
امنة بهدوء : شغف ..
شغف بانتباة : ايووه يا ماما ..
امنة بتوتر : تعالى عاوزاكى …
اؤمأت شغف براسها بهدوء .. و هى تقف عن الفراش و هى تحاول ان تجعل تلك الفتاة الجميلة تخلد للنوم .. خرجت معها بملامح تترقب ما تريده والدتها فى هذا الوقت ..
شغف بترقب : افندم .. يا ماما قولى …
امنة بتوتر : فى شخص طلب ايدك منى النهارده .. و بصراحه انا موافقه ..
شغف بعنف : اذا كنتى بتتكلمى عن مروان يا ماما.. فانسى ده مستحيل ..
امنة بجديه : لا انا مش بتكلم عن مروان ..
شغف بدهشه : عن مين ؟؟..
امنة بثبات : يزن الجندى ..