الاعيب القدر للكاتبه ايمان عبد الحفيظ

نوفيلا : ألاعيب القدر
للكاتبة : ايمان عبد الحفيظ
الفصل التاسع


كانت تجلس تقرأ فى الرواية التى وجدتها بالمصادفة وسط صندوق الكتب الى اعطاها لها حسام .. ظت فى البدايه انه وضعها بالخطأ .. لكنها تفاجات باول صفحه من صفحاتها .. وجدت ” بدل الزهق من كتر الدح ..” .. ابتسمت بهدوء لتذكرها تلك العبارة .. الوقت اصبح متأخر .. فالساعه الان اصبحت العاشرة و النصف .. يجب عليها ان تخلد للنوم .. سمعت صوت شيئ يصطدم بالارض .. الصوت كان ياتى من الشرفة .. نظرت الى شغف النائمة بجوارها .. هل توقظها لترى ماذا يحدث فى الشرفة .. ام تخرج هى لترى ماذا يحدث ؟؟.. فلتتحلى بالشجاعة و تخرج هى لترى …
فتحت باب الشرفة .. لتتسع حدقتى عيونها و هى تطالع حسام الذى يقف ينظر اليها .. ما الذى يفعلة هنا فى هذه الساعه ؟؟.. هل جن ام فقد عقلة ..
لينا بدهشة : انت بتعمل ايه هنا ؟؟…
حسام بابتسامة : مفيش .. كنت بتمشى قولت اغلس عليكى شويه ..
لينا بغيظ : بتكلم بجد انا ياحسام .. ايه اللى جابك ..
حسام بجدسة : كنت عاوز اشوفك .. ايه غلطت و لا اجرمت .. و متسأليش عن السبب لأن انا نفسى مش عارفة ..
نظرت له بحيرة و ضيق .. ما العمل الان .. لقد ازداد الجنون عن حده لديه .. يجب عليها صرفة الان من هنا.. و الا ستطرد من هذا المكان ايضا ..
لينا بغيظ : و الله انت مجنون .. يلا بسرعة امشى من هنا …
حسام بضحك : جبتى التايهه انى مجنون .. المهم انتى كويسة ..
لينا بابتسامة : كويسة .. و امشى عااا ..
حسام بضحك : و الله مفتقد وجودك فى البيت بجد .. مفتقد وجود ان الاقى حد اغلس عليه غير اروى ..
لينا بغيظ : طيب .. انا ماشية .. و من غير تصبح على خير ..
حسام بضحك : و من غير و انتى من اهله ..
أغلقت باب الشرفة .. و هى تضغط على شفتيها لتمنع خروج اى ضحكة منها حتى لا تشعر بها شغف .. لكنها لم تقاوم رسم ابتسامة خفيفة .. لقد قطع كل تلك المشافة فقط كى يراها .. هو مجنون بحق .. لكن ما الدافع وراء ذلك .. بالتأكيد ليس حب .. او ربما حب اخوى …
توجهت مسرعة الى الحمام لتغسل وجهها و تزيل عنها اثار الخجل .. لم تكن مدركة ان هناك من رأها .. و راى حسام ايضا .. السيدة اّمنة ..


صباح جديد .. ممتلئ بالمفاجأت على الجميع .. فتحت عيونها الرمادية اللامعه على اشعه الشمس الصفراء الذهبية .. ابتسمت بأشراق لهذا اليوم .. الشعور بالتفاؤل يملأ قلبها .. نظرت بابتسامة الى لينا التى تغط فى نوم عميق بجانبها .. تنفست بعمق لتملأ رئتيها بالأمل و الاقبال على الحياة ..
سمعت صوت اهتزاز هاتفها .. نظرت باستغراب للهاتف .. لتجده رسالة نصية من رقم غير مسجل لديها .. فتحتها باستغراب ..
” صباح الخير .. يا ريت تفتحى باب شقتك .. يزن ” ..
ماذا .. باب الشقة ؟؟.. الان و فى هذه الساعه .. محال ان يكون هنا فى هذا الوقت .. لا لا .. بالتأكيد هو يمزح .. وقفت مسرعة لترتدى اسدال الصلاة الخاص بها .. ذا اللون الاحمر القانى .. يقترب للون القوالب البنائية .. فتحت الباب لتتفاجأ بباقة ورود من اللونين الاحمر و الابيض معا .. و معها كارت صغير ..
انحنت بجسدها لتلتقط تلك الباقة الجميلة ..
” صباح الورد .. يمكن تفتكرى انى مجنون .. بس انا فعلا مجنون بيكى يا شغفى .. يزن ” ..
ابتسامة ناعمة ارتسمت على شفتيها .. ثم رفعت الباقة الى انفها لتستنشق عبيرها .. تلك الرائحة المنعشه التى سلبت عقلها و قلبها .. شعرت بنفسها تحلق فى السماء .. شعرت بأهتزاز هاتفها فى يدها .. لتفتح الهاتف بلهفه .. لتجد رسالة منة ايضا .. ” اراهن انك واقفة تتاملى فى الورد و بتضحكى .. عقبالى لما اقف اتأمل فى جمالك .. ” .. ابتسمت بخجل و اسرعت لتدخل شقتها .. لا تعرف لما شعرت بأنه يراقبها .. او يرى كل ردود افعالها .. فهربت الى غرفتها تحتمى بها من فيضان المشاعر التى تشعر بنفسها تغرق به دون اى احساس منها .. هو بحر و هى ترغب بالنجاة منه لكن قلبها يتوق للغرق به ..
انتفض جسدها على صوت رنين الهاتف .. لتنظر الى الهاتف لتجد ما توقعته تماما .. يزن يتصل بها .. ما العمل ؟؟. هل تلقى بالهاتف من النافذة .. ربما هكذا تهرب منه .. لا لا ما هذة السخافة .. تضعه اسفل الوسادة .. و تتصنع انها لم تسمع الرنين .. لكن الكذب ليس من شيمتها .. ما العمل ؟؟.. أخذت نفس عميق تملأ رئتها بالهواء النقى المنعش .. لتستطيع ان تتحدث معه ..
شغف بهدوء : السلام عليكم ..
يزن بابتسامة : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاتة ..
صمتت .. صوتها بالكاد يخرج تحكما بالخجل الذى اوقعها به .. لا تجد حديثا اساسا لتقوله .. بينما هو يتلذذ بسماع صوت انفاسه المضطرب ..
يزن بابتسامة : هتقعد تتنفسى كتير فى السماعة …
شغف بترقب : و ده اعتبره لعب و لا زهق …
يزن بضحك : لا لعب طبعا يا انسه شغف …
ابتسمت بهدوء .. هو يتذكر حين حذرته من ذكر اسمها من دون لقب .. هو يريد ان يلعب .. اذن فله ما يريد ..
شغف بابتسامة : لا فاكره يا استاذ يزن ..
يزن بدهشة : استاذ مين لا مؤاخذة .. انا يزن بس ..
شغف بابتسامة : و الله هو ده اللى عندى .. عاجبك كان بها مش عاجبك الباب يفوت جمل ..
يزن بغيظ : مش ملاحظه انك داخله فيا شمال ..
جزت على شفتيها لتكتم خروج ضحكتها التى تحبسها بصعوبة ..
شغف بابتسامة : مش انت اللى قلت نلعب .. انا بلعب كده .. ثم انت اللى مش ملاحظ انك بتكلم واحده متعرفهاش ..
يزن بسخرية : ما ايه يا اختى ؟؟.. معرفهاش .. بقولك ايه . انا هعدى عليك النهارده فى الكلية ماشى ..
شغف بحزم : لا ..
يزن بغيظ : هو ايه اللى لا ..
شغف بثبات : بص يا يزن .. مش هينفع اكلمك و لا اخرج معاك و انا لسه فى شهور العده .. اولا ده حرام و انت عارف كده كويس .. ثانيا مش هكون مرتاحه لو عملت كده .. ثالثا بقى كلام الناس ..
يزن بابتسامة : بصى يا شغف .. كلامك مقنع جدا .. لكن برضوه هعدى عليكى فى الكلية .. و بأذن من مامتك .. سلام بقى ..
اغلق الهاتف دون انتظار اى رد منها .. فالكلام الكثير دون فائده لا معنى له .. هى لن تقنعه هذا امر مفروغ منه .. هكذا الذكور التسلط و الجبروت من اهم صفاتهم الاساسية .. لكن كيف ستجيد التحكم بنفسها بجواره .. هذا صعب للغايه .. هى ظلت صامتة على الهاتف لان صوته يورقها .. يبعث بها شعور غريب .. ماذا سيحدث حين تكون بجانبه …


ارتدت ملابسها على عجلة .. يجب ان تخرج من المنزل على اقصى سرعة قبل ان تشعر بها والدتها .. و لا ستكون العواقب وخيمه .. من الجيد ان يزن ليس فى المنزل .. و الا كان سيكون الامر اصعب .. اكثر ما يحزنها انها تفعل ذلك دون علم والدتها .. و اكثر ما تكرهه فى حياتها الكذب .. لكن يتوجب الخروج .. لقد اصبح لديها اختبار فى الجامعه ان لم تذهب .. ربما يذهب حلمها ان تكون معيدة بكليتها هباءا ؟؟ ..
اروى بحيرة : استرها معايا يا رب .. انا بعمل كده علشان مش عاوزه اسقط السنة دى بسبب الحاجه نادية ..
توجهت الى الشرفة بتوتر .. استعاذت من الشيطان .. وضعت حقيبتها على كتفها .. و ألقت بكتبها فى الشرفة المقابلة .. فركت كلتا يديها معا ..
اروى بخوف : استعنا على الشقا بالله .. يا رب خليك معايا … بسم الله الرحمن الرحيم …
قفزت من شرفتها للشرفة المقابلة .. وجدت باب الشرف مفتوح .. فابتسمت بهدوء .. ظنا منها ان السيدة امانى قد تركت له الباب مفتوح لتخرج منه سريعا .. انحنت بجسدها لتجمع كتبها التى ألقتها قبل قليل .. استدارت لتدخل للحجرة ..اثار دهشتها رؤية فراش الغرفة مبعثر قليلا .. عليه بعض الملابس .. لما الحجرة غير مرتبة اذا كان مالكها غير موجود .. انتفض جسدها على صوت خلفها .. استدارت بفزع .. لتجد شاب طويل للغايه .. اسمر البشرة قليلا .. عيونها خضراء لامعه .. ذو لحية خفيفه .. شعره اسود فاحم .. يقف و بيده احدى كتبها ..
تيم بدهشة : انتى بتعملى ايه هنا ؟؟.. معتقدتش انك حراميه خالص ..
اروى بتوتر : اااااه .. انا .. انا ك..كنت …
فتح تيم اول صفحه فى الكتاب الذى يحمله .. ليجد اسمها اروى النجدى ..
تيم بدهشه : اروى النجدى .. اخت يزن .. انتى بتعملى ايه هنا يا اروى ؟؟؟..
اروى بتوتر : انا بس كنت … كنت عاوزة اخرج ..
تيم بهدوء : واضح انك كنتى خارجه .. بس هربتى من اوضتك ليه .. و نطتى فى اوضتى .. ليييييه ؟؟..
اروى بقلق : ده مش شغلك .. انا عايزة طنط امانى ..
تيم بغيظ : انسة اروى .. حضرتك حاليلا فى اوضتى .. يعنى لازم اعرف جيتى هنا ليه ؟؟..
اروى بتوتر : كنت بهرب من اوضتى …
تيم بصراخ : مــــــــــــــــــــــــاما ….
ابتلعت ريقها بفزع .. يبدو ن هذا الموقف لن يمضى على خيرا مطلقا .. يبدو ان هناك كارثة على وشك الحدوث .. سيعرف الجميع الان بما فعلته .. يبدو ان تيم سيجعلها فضيحه لا محالة …
امانى بفزع : تيم .. مالك يا ابنى .. اروى .. انت ايه اللى ….
صمتت امانى و هى تتذكر ما اتفقت عليه البارحه مع جارتها الصغيرة قبل مجئ ابنها ..
تيم بغيظ : المفروض ان حضرتك عندى علم بده .. قالها و هو يشير الى الشرفة و اروى …
امانى بتوتر : يا تيم .. البنت مضطرة تخرج .. محبوسة فى البيت من غير سبب ..
تيم بثبات : ماما .. تفتكر حضرتك ده ان هروبها من اوضتها هو ده الصح .. ل حصلتلها حاجه .. لو وقعت و هى بتنط من البلكونة .. لو خبطتها عربيه بعد لما نزلت من عندنا .. هيبقى ايه الوضع .. اللى بتعمليه ده غلط يا انسه .. فكركك الصح ان تخدعى والدتك ده بدل ما تجربى تقوليلها فى وشها انا عاوزه اخرج لسبب كذا .. و تقنعيها بانك من غلطانة .. ان امعرفش اسباب الخلاف و مش مهمه عندى .. انا المهم عندى انى مش اتسبب فى مشاكل مع اعز اصدقائى .. و لعلمك يا ماما انتى و هى .. مفيش حد هيخرج من الاوضه دى .. هى هترجع لأوضتها و ده اللى عندى .. و لعلمك انا جاى عندكم البيت و هقول لأخوكى ..
قالها و هو يتحرك ليخرج من الغرفة .. تاركا ايها ترتعد خوفا من يزن .. الذى عقابه سيكون اشد من اى عقاب .. طالما يزن كان متفهما و حنونا معها .. كيف سيكون ردة فعلة اذا علم ما اوشكت على فعله .. اسرعت اروى لتخرج من الشرفة كما اتت لهنا .. وقفت قبل ان تقفز تبكى بصمت .. ما فعلته خطأ .. و اهانتها فى هذا البيت خطأ اكبر..


اوشكت ان تقفز من الشرفة لتلك .. كان قدمها واحده بالخارج .. و الاخرى بداخل شرفة منزلها .. اختل توازنها بسبب الدموع العالقه بعيونها .. الحزن يسيطر عليها بسبب كبرياءها الذى جرحه ذلك الغبى .. وقعت بكل جسدها داخل شرفة غرفتها .. لتصرخ بالم .. لتنظر الى قدمها لتجد بها جرح .. نتج عنه تمزج فى بنطالها .. و مما زاد خوفها الجرح الذى ينزف .. نظرت أمامها لتجده يقف و ملامح الفزع عليه ..
تيم بفزع : ده اللى كنت بقوله .. شوفتى ..
اروى بألم : ده مش وقته حراام عليك.. ان رجلى بتوجعنى اوووى ..
تيم بسرعة : طيب لحظه ..
ركض تيم من الشرفة الى خارج الشقة مسرعا .. ليتوجه الى البناية جوارهم التى هى البناية التة تقطن بها عائلة النجدى .. لحسن حظه وجد يزن يفتح سيارتة ليتوجه الى عمله ..
تيم بصراح : يـــــــــــــزن …
التفت يزن الى الصوت ليجده أعز اصدقاءه .. جارة و صديق طفولتة .. تيم ..
يزن بزهول : تــــــــيم …
عانقه يزن بقوه .. هو صديقة الذى اشتاق للجلوس معه .. اشتاق لأن يقص عليه كل ما يضايقة ..
تيم بلهفه : مش وقته .. نقعد نحب فى بعض .. اطلع بسرعة فوق ..
يزن باستغراب : يا ابنى انا مش لسه نازل اهو .. اطلع تانى ..
دفعه تيم بقوه الى مدخل العمار بغيظ
تيم بفزع : يا ابنى .. اختك واقعه فى البلكونة عندكم و متعورة .. و رجلها بتنزف ..
يزن بهلع : اروى …
ركض كلاهما الى الشقة التى يقطن بها الجميع .. فتح يزن الباب بأسرع ما يمكن .. اقتحم غرفتها ليتوجه مسرعا الى الشرفة .. ليجدها نائمة على الارض .. قدمها تنزف .. و هى تبكى من الالم و الخوف ..
يزن بفزع : اروى .. اروى انتى كويسة ..
اروى ببكاء :رجلى بتوجعنى اوى يا يزن ..
يزن بحنان : متخافيش .. اهدى كده .. و أقرأى اى ايات قرأنية حفظاها .. او أقرأى الرقية الشرعية ..
اروى بألم : انا هموت يا يزن صح .. دى بتنزف اووى .
يزن بابتسامة : هتموتى من دى .. اهدى كده بس أقرأى قرأن .. هوبا ..
حملها يزن مسرعا .. و ركض بها خارج الشقة و خلفة تيم القلق عليها .. لا يعرف لما السبب ..
بعد نصف ساعة ….
اروى بالداخل يتم فحصها و معالجتها من قبل طبيبة .. و يزن و تيم بالخارج فى انتظارها ..
يزن بابتسامة : جيت امتى ؟؟..
تيم بابتسامة : امبارح بالليل …
يزن بترقب : شفتها ازاى ؟؟.. قصدى ايه اللى عرفك انها واقعة فى البلكونة و بتعيط …
هل يخبره بالحقيقة .. هل يخبره انها كانت بغرفتة لتهرب .. هل يجعل يخرب علاقتها بأخيها الذى لاحظ مدى تعلقها به .. حيث انها شعرت بألامان حين حملها .. ما الذى يقوله الان …
تيم بابتسامة : و لا حاجه .. ماما سمعتها و هى بتزعق بالصدفة ..
يزن بهدوء مريب : طيب …
صمت يزن يفكر ماليا فيما حدث .. ليس من عادة تيم ان يكون قلقا على شخص غير والديه ..ليس من عادتة الاهتمام بأى شخص .. بل هو دائما بارد كالثلاجة .. ما الذى حدث حتى يهتم بأختة هكذا .. ما الذى غير شعور تيم ؟ .. ما الذى جعل اروى ترتدى ملابسها الخاصة بالخروج فى شرفة المنزل ؟ .. هناك شيئ مريب فى هذا الامر .. و لا يجب تركة .. بل سيعرف لكن بعد ذلك .. ربما الان ليس الوقت المناسب للحديث …

error: