الاعيب القدر للكاتبه ايمان عبد الحفيظ
نوفيلا : ألاعيب القدر
للكاتبة : ايمان عبد الحفيظ
الفصل الحادى عشر
**************************
اقتحمت الغرفة و القلق يظهر باديا على ملامحها الملائكية .. وجدت صديقتها المقربة تغط فى نوم عميق بفعل المخدر الذى يسير في شراينها .. معظم الفتيات في المصائب تتخيل ابشع المواقف لما هو على وشك الحدوث .. لقد تخيلت ابشع الاشياء التي ممكن أن تحدث لرفيقتها و تؤام روحها ..
شغف بدموع : يا حبيبتى يا اروى .. قومى يا بت هنا و ردى عليا .. اوعى تسيبنى يا اروى .. ده انتى اللى ليا بس انتى و ماما و… ي .. يزن ..
قالتها بخفوت .. صوت يصل إلى الهمس تقريبا .. لم يستمع له أحد غيرها هى و اروى النائمة .. اما هو كان يقف خلفها .. يتأمل ملامحها الخائفة على اختة الصغرى .. يتأمل خوفها الحقيقى من ان تفقد شخص غالى .. خوفها من تجربة شعور ضربها فى مقتل ..
يزن بهدوء : مش هتسيبك يا شغف .. هتقوم بعد كام ساعة .. ده من المخدر بس …
شغف بدموع : خايفة تضيع منى .. دى اختى …
يزن بابتسامة : محدش بيموت ناقص عمر يا شغف .. و دى زى القردة لسه بدرى عليها …
ابتسمت شغف بهدوء .. تعرف انه يقول ذلك حتى يخفف من قلقها و خوفها .. لا تعرف لما تقيدة هو بخوفها على الجميع .. هل هى حقا تعتبرة واحد من اهم الشخصيات فى حياتها .. حين اخبرها بحادثة اروى .. لا تعرف لما قلقت عليه ايضا .. ارتعبت من فكرة ان تفقده .. او يحدث له شيئ .. لا تعرف لما السبب …
أخرجها من دهليز افكارها صوت والدته .. السيدة نادية ..
نادية بعصبية : انتى بتعملى ايه هنا ؟؟…
انتفض جسد شغف برعب .. يبدو ان مأساتها ستحقق مره اخرى .. والدة زوجها الاول كانت تحبها .لكن بعد وفاة سيف زوجها .. انقلب الوضع و اصبحت تكرهها .. هل تكرر الالم الذى عاشتة مع يزن مره اخرى …
شغف بهدوء : بزور صحبتى الوحيدة ..
نادية بغيظ : الزيارة وصلت .. اتفضلى ..
يزن بحزم : مــــــــــــاما ..
لم يكن نداء لأنهاء الحديث .. بقدر ما كان أمر لتوقف الحديث بوقاحة .. لم يرغب ان تسمع شغف لأى كلمات .. تذكرها بما عانته مع والدة زوجها السابق ..
نادية بغيظ : بتقولى اسكتى يا يزن .. بتأمرنى انا علشان دى ..
يزن بثبات : ماما .. اذا سمحتى .. اولا دى ليها اسم .. ثانيا انا مش بأمر .. انا بقولك لحضرتك بطريقة غير مباشرة ان مش من اخلاق عيلة النجدى اننا نتعامل بقلة ذوق مع المحترم يا ماما …
صمتت نادية على مضض .. بينما هى نظرت ليزن بطرف عيونها .. كم هو رائع الان .. دافع عنها بغير اى لفظ خارج .. و لم يخطئ بوالدته حتى .. بل وضع حدا بين الاثنين ..
نظرات والدتة تجاة شغف .. أثارت حنقة للغايه .. جعلتة يرغب بشده فى جذبها من ذراعها و الهروب بها فى مكان .. يحميها به من اى نظرات قد تضايقها او تثير حنقها و خوفها .. بينما نظراتها المنكسرة المتألمة من نظرات والدبته .. جعلتها ترغب بالبكاء .. بل و ارادت الصراخ بأنها بالفعل تحب ابنتها كأتؤام روحها .. لكن ليس الجميع يتفهم العلاقة .. او ربما السيدة نادية تكرها بسبب حب ابنها لها ..
تأفف نادية اثار غيظ يزن الذى لا يستطيع الحديث او التطاول على والدته لان هذا قد يزيد الوضع غباءا ..
نادية بغيظ : يا بخت من زار و خفف ..
وصل غضب و حنق يزن الى اخره .. فجذب يد شغف بحزم لكنة لم يؤلمها .. خرج بها من الغرفة .. ليصل بها الى السيارة الخاصة به .. لاحظ انها لم تتحدث او تعترض على امساكة يدها .. دقق النظر الى وجهها وجدها تبكى .. تبكى جروحها .. تبكى الالم الذى تتحمله بسبب نظرات المجتمع لها .. هى الزوجة المشؤمة ..
رفعت يدها لتجفف دموعها بظهر كف يدها كالاطفال الصغار ..
شغف بدموع : سيب ايدى يا يزن ..
يزن باسف : انا اسف يا شغف .. انتى بتعيطى بسببى ..
شغف ببكاء : بالعكس انت دافعت عنى .. انا مش بعيط علشان كلام والدتك .. انا بعيط علشان الكل مفكر انى الزوجة اللى حظها وحش .. اللى كانت السبب فى قتل زوجها بعد يوم واحد من الجواز .. و محدش منهم يعرف الحقيقة ..
يزن باستغراب : حقيقة ايه ؟؟..
شغف بحزن : حقيقة انى ….
صمتت .. لقد عاهدت نفسها انها لن تخبرة الحقيقة قبل عقد قرانهم .. لن تخبره مطلقا انها ما زالت عذراء سوى بعد ان يجمعهم سقف منزل واحد …
شغف بحزن : هتعرف بعدين .. المهم ينفع تروحنى ده لو هيضايقك يعنى ..
يزن بابتسامة : لا تعليق على كلمة هيضايقك دى .. اتفضلى يا ستى .. و انا ثانية و هروح اجيب لينا و اجى …
تركها تجلس فى سيارتة .. و هى تنظر فى الفراغ بحزن تام .. لاحظت وجود سلسلة تتدلى من مرأه السيارة الامامية داخل السيارة .. على شكل دائرة .. نظرت لها باستغراب .. لاحظت انها تفتح .. اثار بداخلها فضول لتعرف ما بداخلها .. مدت اطراف اصابعها التى ترتجف بفعل الحزن و البكاء .. فتحتها لتجد ما لم تتوقعة .. وجدت نقش جميل لحروف اسمها .. “shagf ”
ابتسمت بحب .. هو فعلا يحبها .. هذه السلسلة كانت موجوده منذ زمن .. لكنها ابدا لم تعرف انها تفتح .. توقعت انها فقط للزينة .. لكن اتضح انها تحمل بداخلها نقش لاسمها .. الذى يبدو انه عزيز على قلبة …..
وقف هو خارج المستشفى .. لكى يبتاع زجاجة مياة .. قبل ان يدخل لزيارة اختة .. شكر ربة ان والدته دخلت قبلة .. فهو يكاد ينفجر غيظا منها فى بعض الاحيان .. توجه الى غرفة اختة التى ارسل له رقمها اخيه يزن ..
كاد ان يفتح باب الغرفة .. لكنة وجد ظل فتاة تجلس تدفن وجهها بين كفى يدها .. ترتدى بنطال واسع نسبيا باللون الاسود .. و قميص باللون الاحمر .. و تعقد شعرها للخلف بأهمال .. خصلات شعرها البنى تذكره بلينا .. اقترب منها قليلا بترقب .. تشبة لينا للغايه ..
حسام بترقب : يا انسة …
صوتة .. هو هنا بالفعل .. ماذا يفعل هنا ؟؟.. يا للغباء داخل تلك الغرفة تركض اخته مريضة .. بالتأكيد سيكون موجود .. ما العمل ؟؟ .. هل تجعلة يعرف من هى ؟؟.. لا مفر من معرفتة .. لا هروب من مواجهته .. و مطالبتة بالابتعاد .. ما تشعر به و هو امامة .. غريب .. ليس له معنى .. هى ما زالت صغيرة على كم المشاعر التى توقع نفسها فيها .. ليست كبيرة كفاية لتتحمل ألم الحب فوق ألم الفراق و اليتم الذى يلازمها منذ سنوات ..
لينا بهدوء : افندم ..
حسام بزهول : انتى بتعملى ايه ؟؟؟..
لينا بضيق : مش بعمل حاجه .. كنت بزور اروى مع شغف …
حسام بدهشة : انت بتكلمينى كده ليه يا لينا ؟؟..
لينا بعصبية : بكلمك ازاى ؟؟.. انا بكلمك عادى اهو ..
حسام بغيظ : يا شيخة .. هو ده عادى .. لو كنتى مش طايقانى كان بقى ازاى ؟؟..
لينا بغيظ : بص يا حسام .. ابعد عنى .. انا مش ناقصة و اللى فيا مكفينى ..
حسام بغيظ ممزوج بالدهشة : يا بنتى انتى اتجننتى .. و بعدين هو انا جيت جمبك …
لينا بحزن : حسام .. انا مش قد اللى بحس بيه و انا جمبك .. امبارح لما جيت تحت البيت .. كل حاجه كانت غريبة بعدها .. انا مش قد اللى انت عاوزة يا ابن الحلال .. سيبنى لحالى .. و روح لحالك ..
اقترب حسام منها بهدوء .. ليلقى بجسده على المقعد المجاور لها .. و نظر امامة فى فراغ .. ثم نظر لها بشرود ..
حسام بهدوء : انا فاهم انتى بتعملى كده ليه يا لينا .. عارف انك خايفة .. و كلنا بنخاف حقك انك تخافى من اللى جاى .. بس برضوه لازم تعرفى ان المستقبل زى ما جواه حزن زى ما فى فرح .. الماضى مش هيفضل عايش جواكى كتير .. لما تلاقى السعادة و الفرح هتنسى الماضى كلة …
نظر لها بطرف عيونها .. التفت لها بأعين تحمل الكثير من الوعود .. اعين تعدها بأن الحزن لهذا الحد فى حياتها و انتهى ..
حسام بهدوء : لازم تعرفى انى مش عايز منك اى حاجه .. غير حاجه واحده بس ..
نظرت له بترقب . بأعين طفلة صغيرة .. تترقب ماذا يطلب منها هذا الوسيم ؟..
حسام بترقب : عايزك تستنى .. تصبرى لغايه ما تبقى قادرة انك تتحملى حبى ليكى .. تصبرى لما يحق لينا نتكلم من غير اى اعتراض من اى حد .. بس اوعدينى يا لينا .. اوعدينى انك تكونى بتاعتى فى الحلال ….
نظرت له بصدمة .. كأنها للتو تعرضت لصدمة كهربائية .. ليس للمطالبة بالصبر .. بل لاعترافة بحبها .. هل هو حقا يحبها .. بل و يطلب منها وعدا بأن تصبح ملكة .. من دون اى وعى وجدت نفسها تؤمأ برأسها كالمغيبة .. كالمسلوبة الرأى .. هذا هو الحب …
لم يلحظ كلاهما يزن الذى كان يراقبهم بابتسامة رضا .. فى كل مره يرى فيها حسام يتأكد انة لم يخطئ فى تربيتة .. يزن يعتبر هو الاب الثانى لحسام اخية الصغير الذى كبر و هو يقلد اخيه الاكبر فى كل تصرفاتة .. لكن ما يفعله حسام الان .. يثبت انه رجل .. كفيل بتحمل مسؤولية فتاة رقيقة .. كــ لينا …
يزن بهدوء : يلا يا لينا .. علشان هروحك انتى و شغف ….
لم ترد فى البداية .. ما زالت فى حالة اللاوعى .. لم تسمع يزن اصلا .. كانت تحدق فى عيون حسام البينة اللامعة .. التى تحمل الامان و الاحتواء بداخلها …
وقفت لتمشى بجانب يزن .. الذى غمز حسام بابتسامة .
يزن بهمس : لا تأثيرك جامد يا ابنى و الله …
ابتسم حسام بهدوء .. بينما سارت لينا بجانب يزن و الابتسامة البريئة ترتسم على شفتيها الناعمة .. هى سعيدة بقدر الدنيا الان .. حسام كان محق .. الماضى لن يظل مسيطر علينا .. سيرحل فى يوم .. و نجد الفرحة …
**************************
ألقى بجسدة على فراشة .. و الابتسامة الهادئة لا تفارق وجهه .. لقد كان اليوم مغامرة بكل المقاييس .. يستيقظ صباحا على صوت فى شرفة غرفتة .. ليرى فتاة تقتحم بيته .. تريد الهروب من بيتها .. و حين تشاجر معها .. عادت لتقفز مره اخرى الى غرفتها .. لتنجرح قدمها .. قلقة عليها .. خوف .. ارتعاش قلبة بين ضلوعة حين رأى منظر الدم يتدفق من جراحها .. شجارة معها و هى فى حالة اللاوعى .. و هنا اتستعت ابتسامة العريضة .. و هو يذكر حين غازلتة .. و وصفتة ب ” رجولة .. و الله طلعت مز .. اييية ده لا لا و عيونك خضرا كمان ” .. صحيح انها كان يسرى فى دماءها مخدر .. لكن أصدق الكلام الذى نتفوه به هو وقت السكر و حالة اللاوعى …
تيم بضحك : و الله البت دى مجنونة .. و هتجننى معاها .. بس..
صمت مره اخرى .. لمجرد تفكيرة فى خوفة و قلقة عليها .. لأول مرة يقلق او يخاف على شخص غير والديه .. لاول مره يرى فتاة بهذا الجمال … صحيح انها ليست جميلة الملامح .. لكنها جميلة بروحها المرحة ..
سمع صوت طرق خفيف على باب غرفتة ..
تيم بابتسامة : ادخل ..
امانى بابتسامة : صاحى يا حبيبى ..
اعتدل تيم فى جلستة .. و جذب والدته لتجلس بجانبة .. ثم امسك يدها ليطبع قبلة رقيقة عليها .. الوالدة حب كل الرجال الاول .. لكن هى عشقة و حبة الابدى ..
تيم بابتسامة : صاحى يا ست الكل .. عاوزة حاجه ..
امانى وهى تداعب خصلات شعرة : وحشتنى يا تيم .. نفسى اقعد اتأمل فى ملامحك على طول يا ابنى .. بتوحشنى اووى ..
عانقها تيم بقوة .. و الشعور بالذنب يملأ داخلة .. هو يقصر بشده تجاة والديه .. لقد ظل مسافر لعدة سنوات .. دون اى زيارة .. لكنة احتاج ذلك حتى يصنع اسما .. و هو يصبح اشهر مهندس معمارى ..
تيم بحزن : حقك عليا يا ست الكل .. انا اسف بس كنت مضطر .. و كنت على طول بشتغل و مكنش فى وقت للأجازات .. بس هعوضها ليكى ان شاء الله .. اطلبى اى طلب و انا هنفذة على طول من غير نقاش ..
امانى بترقب : هتقعد معايا على طول ..
تيم بابتسامة : علم و ينفذ .. مش هسافر تانى خالص .. غيرة يا منون يا حلو انت ..
امانى بضحك : بس يا بكاش .. لو ابوك سمعك ..
تيم بضحك : هو ابويا لسة بيغير برضوه .. و الله الحج يس ده راحت عليه .. تعالى عيشى معايا و سيبك منه ..
ياسين بغيظ : بس يا ولد .. ده كده روح سافر احسن ..
انفجر الجميع فى الضحك .. لقد مرت فترة لم يسمع احدهم الاخر يضحك هكذا .. هو حقا يشتاق لهم للغايه .. يفتقد الجلوس معهم دائما ..
امانى بترقب : بقولك يا تيم ..
تيم بترقب : مش مرتاح .. قلبى مقبوض للطلب اللى هيجى ده ..
امانى بابتسامة : لا مفيش حاجه يا حبيبى .. انا بس كنت هقولك .. مش ناوى تريح قلبى .. و تتجوز و …
تيم بضحك مقاطعا : شفتى .. اريح قلبك و اجيبلك العيال تتنطط حواليكى صح ..
ياسين بهدوء : امك معاها حق يا تيم .. انت كبرت كفايه علشان تتحمل مسؤلية بيت و اسرة .. و بعدين ايه اعتراضك ..
تيم بهدوء: مفيش عروسة ..
امانى بلهفة : انا عندى العروسة ..
ياسين بدهشه : مين يا امانى ؟؟..
امانى بابتسامة : اروى ..
اتسعت حدقتى عيونة .. الصدمة كانت كبيرة للغايه عليه .. الفتاة التى ارادت الهروب من بيت اهلها صباحا .. والدته تريد تزويجه به .. لكن حقا هو يود تجربة هذا .. هى مجنونة و هو يرغب بمزيد من الاثارة فى حياتة .. و هى جميلة .. اذن فليقبل .. و يتقدم لخطبتها .. فراحة بالة لها كبيرة الى حد ما .. اذن فليتبع الخطوات التقليديه التى تثمر بالحب فى اوقات كثيرة ….
يتبع