رواية زوجة أخى بقلم سهام صادق كامله
الفصل التاسع
أرتجفت اوصاله وهو يُطالعها بأعينه .. لترتعش شفتيها وهي لا تُصدق بأن هشام اخو زوجها
لتلمع عين كل منهما بأوجاع الماضي .. وكأن الماضي مازال عالقا في حاضرهم ومستقبلهم
ولكن نظرت الرجاء التي لمحها في عينيها وهي تخبرهه بأن يتركها تعيش حياتها كما عاش هو حياته.. جعلته يتمالك قواه
ويهدأ قليلا وهو يُطالعها بنظرات مُتفحصه .. فحبيبته اليوم عروس لاخيه الاكبر الذي يعشقه
ولمح نظراتها التائهه ناحية اخاه وكأنها تستجند به .. فأشتعل النار بقلبه .. ليسمع صوت امه القلق : مالك ياهشام انت تعرف زهره
ليشحب وجه زهره اكثر ، فيُطالعها هو بأسي
ونظر تحت قدميه حيث هديته التي كان سيهديها لعروس اخيه وهو مازال يشعر بالضياع .. حتي وجد نسرين تنحني ببطنها المنتفخه تلتقط الهديه قائله : شكلك تعبان من السفر ياسي هشام ..
واعطته العلبه قائله : الله يعين نهي عليك
فكررت والدته السؤال ثانية وهي تسأله بمعرفته بزوجه اخيه
ليحدق هشام بوجه زهره قليلا وهو يُريد ان يصرخ بملكيته لها التي ظهرت حينما وجدها تضيع منه وأصبحت لاخر
وأجاب اخيراً : زهره معرفه قديمه ياماما ، صديقة لاخت واحد صاحبي .. شوفتها عندهم بالصدفه
لتخفض زهره رأسها ارضا وهي لا تتوقع بأنه انكر الحقيقه
ووجدته يعطيها هديتها قائلا : مبرووك يامدام زهره
ومن ثم ألتف بجسده ليذهب ناحية اخيه ليودعه
وعينه مازالت مُسلطه علي تلك الشارده التي اصبحت الان جزء من عائلته وزوجة اخيه .. وتنهد بعمق وهو لا يُصدق بأن القدر قد انتقم منه اليوم .. فأخيه تزوج الفتاه الوحيده التي تمناها ولكنه للاسف ضحي بالحب من اجل احلامه بالمال
……………………..
نظر هشام الي وجه امه المبتسم وهي تخبره عن مدي سعادتها لزواج أخيه قائله بأمل : بكره اخوك يعرف قيمة الاسره ويرجع يستقر وسطنا وتنهدت براحه وهي تتابع حديثها : ويفهم يعني ايه عيله .. الواحد مش بيعرف قيمة العيله ودفئها غير لما يخلف ياهشام يابني … ربنا يرزقك ياشريف يارب بالذريه الصالحه
لتسقط تلك الكلمه علي اذن هشام وهو يتخيل اطفال اخيه من زهره .. لينفض كل هذه التخيلات من رأسه بعدما شعر بعدم تحمله لكل ماحدث اليوم
الي ان احتضنت والدته كفه قائله : نهي اخبارها ايه ياهشام ، وميعاد ولادتها امتا
ليتأمل هو ملامحها بحزن .. ومن ثم ارتمي في احضانها باكيا : انا تعبان اووي ياامي
فتضمه اليها هي بحنو وهي تُتمتم : اكيد زعلان عشان شريف سافر تاني ، ما انتوا مالكوش غير بعض ياحبيبي
ليغمض هو عينيه بألم … وهو يهمس : سامحني ياشريف !
……………………..
مدينه اخري وحياة غريبه وضعت بأقدامها فيها ، ليتأمل شريف شحوبها وخوفها بعدما اردف الي شقته الفخمه قائلا : مالك يازهره من ساعه ماركبنا الطايره وانتي شكلك مش عجبني
فحررت اخيرا دموعها وانكمشت في ركن بعيد وهي تبكي بمراره ، ليقترب منها ناظرا في عينيها الملونه بكحلها الازرق .. ومسح دموعها بأنامله قائلا بحنان قد ادهشها : انا عارف اني ظلمتك معايا بتهوري ، بس صدقيني انا مش وحش لدرجادي ولا اناني ..
فخارت قواها من بين ذراعيه ، وهي تنظر ارضاً قائله : انا عايزه انزل مصر ، انا عايزه ارجع بيتنا ارجوك
فلم يتمالك هو ضحكاته وبدء يضحك قائلا : انتي مبقاش ليكي ساعه هنا ..
وابتسم بدعابه اصبحت تكتشفها فيه : تعالي اما افرجك علي الشقه ..
وامسك بيدها ، وقد كانت كالمسلوبه بين يديه .. الا انا جاءت صورة هشام بذهنها فوقفت امامه تتأمل الشبه بينهم حتي صوتهم … فأغمضت عيناها بخوف وهي تبتعد عنه قائله : ارجوك ياشريف خليني انزل مصر .. وظلت تترجاه ببكاء وهو يُطالعها بخوف الي ان احتضنها : متخافيش مني يازهره صدقيني مش هأذيكي تاني
واوعدك هعوضك عن لعبتي السخيفه .. وعاد يمسح دموعها ثانيه وهو يسحبها نحو احد الغرف قائلا : وادي غرفتك ياستي
فوقفت تُحدق به وهي تتمني ان يكون كل مايحدث لها مجرد حلم تعيشه .. ولكن عندما سقطت بأعينها علي تلك المرأه وجدت عروساً باهته اللون تتشبث بفستانها بقضة يديها.. وكحل عينيها ينساب علي جفونها
……………………..
نظرت الي والديها قليلا قبل ان تخبرهما : انا قررت اشتغل
ليُطالعها كل من والديها بدهشه وهم لا يُصدقون بأن ابنتهم التي تعشق الترف وعدم المسئوليه .. تفكر بمثل ذلك القرار
الي ان قال والدها : هو انا يابنتي مقصر معاكي في حاجه انتي وابنك
لتلمع عين مريم ببريق من الحزن وهي تتذكر بأن كل شئ قد ضاع فزوجها ضاع حتي امواله قد ضاعت في الديون ..
وتنهدت قائله : ربنا يخليك ليا يابابا ، بس صدقني انا محتاجه فعلا اشتغل .. واطلع من اللي ان انا فيه .. انا عايزه ابقي مريم جديده واتغير
لتُطالعها والدتها بندم وهي تعتذر اليها : والله يابنتي انا روحت لخالتك .. وعرضت عليها ترجعي انتي وشريف لبعض بس ..
وقبل ان تُكمل والدتها حديثها ، حدقت بها مريم بصدمه قائله : حرام عليكم بقي ، سيبوني في حالي .. مجدي وشريف خلاص انتهوا من حياتي
وركضت من امامهم وهي تشعر بضائلتها .. فأمها قد عرضتها كالسلعه علي ابن خالتها الذي تزوج من اخري وهدم اخر حلم لها بأن تعود اليه وكأنه يُعاقبها علي هجرانه لها قديماً
……………………..
جلست علي فراشها كالقرفصاء وهي تتمني ان يعود الزمن للوراء ولم تتعرف علي هشام .. واخذت تتنفس بأرتجاف وهي مازالت لا تستوعب حتي الان بأن هشام شقيق زوجها
فهتفت بألم وهي تُقارن بملامحهم معا…الي ان بدأت تُحرك رأسها برفض لتلك الحقيقه المؤلمه
فسمعت صوت طرقاته علي باب غرفتها … ومن ثم وجدته يفتح الباب قائلا ببتسامه : تحبي نخرج نتعشا بره
وبدأ يُدعبها بحديثه: علي فكره لو رفضتي الفرصه ديه مش هتلاقي فرصه تانيه .. فأستغلي الفرصه كويس .. لان بكره وهنزل الشركه وانشغل في الشغل
فأخذت تُطالعه وهي تعود بذاكرتها للماضي .. وتتذكر حوارات هشام معها ودعابته.. فهمست قائله : انت اتغيرت معايا ليه
فأردف هو لداخل حجرتها ووقف في المنتصف قائلا بتنهد : طب وكده حلو ولا وحش
وانتظر اجابتها للحظات .. الي ان لاحظ شرودها وتأملها له فضحك غامزاً : لدرجادي انا جذاب
فأشاحت زهره وجهها بعيدا عنه وهي تُلعن غبائها .. الي ان بدأ يضحك …ثم تابع حديثه : مش هنكر ان بداية ارتباطي بيكي كانت سخيفه وظلمتك لما وجعتك ..بس انتي مراتي دلوقتي يازهره وحتي لو مافيش بينا حب فأكيد في بينا احترام وتقدير
وتابع بحديثه مُتنهدا: الحب اكيد هيجي مع العشره
فخلينا ندي بعض فرصه وننسي اللي فات ..
ووجدها تبكي بحرقه ، فأقترب منها بصدمه وجلس بجانبها قائلا بقلق : زهره مالك ، بتعيطي كده ليه
فنهضت من علي فراشها وركضت خارج تلك الغرفه وهي لا تعرف لاي وجها ستتجه
الي ان وجدته خلفها يُطالعها بعمق .. فشعرها ينساب علي ظهرها بنعومه وتسقط خُصلات مُتمرده علي وجهها وترتدي بيجامه قطنيه تُحدد جسدها … فأقترب منها واخذها بين ذراعيه وهو يوشوش في اذنيها : زهره متخافيش مني ، صدقيني هعملك بما يرضي الله .. اوعدك
……………………..
نظرت الي الاطباق المرصوصه التي اعدتها اليه برضي .. وكادت ان تهرب الي غرفتها قبل ميعاد وصوله من العمل ككل يوم منذ ان اتت من اسبوعاً … فشردت قليلا في مُعاملته اللطيفه وحنانه معها وكأنه ليس نفس الشخص الذي عرفته مُسبقا .. فشريف ككثير من الشخصيات التي لا نعرفها علي حقيقتها الا عندما تقترب منهم … وعندما احست بمفتاح الباب يدور
ركضت من امام الطاوله ولكنه دخل الشقه وهو ينده قائلا : لو هربتي مش هاكل النهارده
وتنفس بعمق وهي يُتابع بحديثه : انا مش جايبك هنا ليا خدامه يازهره .. انا من السهل اوي كنت اجيب خدامه تخدمني او اكل من بره زي ما اتعودت
فسحبت زهره يدها من علي مقبضه الباب وعادت اليه .. تُطالع الارضيه قائله : انا عايزه اكلم اهلي ، وحشوني اوي ياشريف
فوقف هو للحظات يتأمل جمال اسمه عندما خرج من حلقها .. وافاق من شروده قائلا : حاضر
ومن ثم وضع بحقيبة عمله علي المنضده التي امامه ، وطالعها بتحذير : عشر دقايق هغير واجيلك نتعشا سوا .. سمعه
واتجه الي غرفته وهو يبتسم .. فسرحت هي فيها ،ثم افاقت من شرودها الذي اصبح يُلازمها وجلست علي طاولة الطعام الذي اعدته تنتظره
حتي وجدته يأتي نحوها ويجلس علي المقعد القريب لمقعدها
ويرتدي تشيرت بنصف كوم يبرز عضلات جسده وشعره يشع بعشوئيه علي وجهه .. فنظرت اليه للحظات وهي تراه يمسك بمعلقته ويحتسي شُربته بوقار …
فهمس بتلذذ قائلا : تسلم ايدك يازهره ، كل يوم بتثبتيلي انك طباخه هايله .. وطالع بطنه الفارغه من الدهون قائلا بخوف : خايف اب راجل بكرش بعد كده
فلم تتمالك نفسها من الضحك واخذت تضحك بقوه حتي ان معلقة الرز التي كانت قد تناولتها .. قد نُثرت محتواها خارجا
فضحك علي منظرها الي ان تنفسوا ببطئ وهما يهدئون من نوبة الضحك التي سيطرت عليهم للحظات
واكملوا تناول طعامهم بهدوء .. وبعدما انهوا طعامهم
حمل معها الاطباق .. وكادت ان تذهب الي غرفتها كي تجلس بها
الا انه اوقفها قائلا : تشربي معايا نسكافي
فحدقت به للحظات .. وهي تُريد ان تفر من امامه حتي وجدته يعود لدُعابته في الحديث معها : انا اللي هعمله ياستي
واخرج هاتفه من جيب بنطاله وبدء يدق علي رقم والدها قائلا وهو يُعطيها الهاتف : كلميهم لحد ما اعمل النسكافي واجي اسلم اعليهم وبعدين اكلم ماما ونسرين
فأخذت منه الهاتف وابتسمت اليه بعفويه دون قصد
وبعدما انهت اتصالها مع والديها .. تمنت ان لو تُحادث صديقتها ريم لتجد لها حلا في تلك المُصيبه التي وقعت بها
ورغم انها تحفظ رقمها عن ظهر قلب .. الا انها شعرت بالخوف
……………………..
نظر اليه حماه بشك وهو يري ذقنه التي اصبحت ناميه ورائحة السجائر تملئ المكان .. قائلا : مالك ياهشام بقيت عصبي كده ليه
فأطفئ هشام سيجارته التي كان يتناولها وجلس امامه .. فلمعت عين حماه وهو يتأمله : اتمني متكنش مشكله في الشغل او حتي مشكله عائليه
ليبتسم اليه هشام بسخريه لم يفهمها .. وهو ينظر لاحد الملفات الموضوعه قائلا : ديه الجدوله السنويه للمنتجع .. محتاجه امضتك ..
وكاد ان يُغادر هشام المكتب لينفرد بنفسه بعيدا عن نظرات حماه القلقه .. فوجده يهتف به قائلا : ابقي خرج نهي من البيت شويه البنت تعبت من الحبسه .. خفف شدتك معاها شويه
فوقف يُطالعه للحظات .. الي ان تذكر عقابه لنهي بسبب اهمالها وطيشها ..وحرك رأسه بعدم اكتراث وانصرف سريعا كي يهدأ من صراع عقله وقلبه كلما فكر بالماضي للحظات
……………………..
وجدها تخرج من الغرفه راكضه وهي تصيح بأسمه بخوف : شريف انت فين ؟
وظلت تتحسس الفراغ المظلم الذي حولها .. فالكهرباء قد انقطعت فجأه وهي بداخل الحمام تتحمم .. لتبكي كالاطفال وهي تتمسك بتلك المنشفه التي تُحيط جسدها
فأنصدمت بجسد صلب ، فتراجعت للخلف بخوف وهي تُتمتم : شريف ، شريف
ليحتضنها شريف مُطمئنا لها : النور هيرجع علطول متخافيش يازهره ، انا معاكي اه
فتمسكت به بقوه وهي ترتجف .. فزاد من ضمه اليها وهو يهدأها من تلك الحاله
الي ان عاد النور فجأه .. فأبتعدت عنه وهي تستوعب ذلك الوضع الذي كانت فيه منذ قليل لتجد نفسها تلتف بالمنشفه والمياه تتقطر من خصلات شعرها ونظراته مُسلطه عليها يُجاهد رغبته فيها
وأرات ان تفر من أمامه هاربه تختبئ في حجرتها ولكن …
يتبع بأذن الله