البارون .. “عندما يصبح واقعك هو جحيمك”

الجزء السابع

… ان تعبير الذهول والصدمة والدهشة مجتمعين لا تساوى بينهم وبين ما شعرت به عندما استمعت لما تفوهت به سيلين .. كيف يمكن ان ما قالته حقيقي؟!! .. كيف وافقت سارة على انتقالها للعمل بمناوبة المساء دون ان تخبرنى؟!! .. لا هذا جنون، لابد من ان هناك شئ غير صحيح ؛ صحت بسيلين قائلا

  • انتى بتقولى ايه؟!! .. ازاى وامتى ده حصل؟!!

= النهاردة الصبح يا دكتور

  • وهى وفقت؟!!

= هى رفضت فى الاول بس انا اقنعتها ..!!

… لم يكن ذلك الحديث من سيلين ولكنه جائنى مباغت من خلفى من ذلك الصوت الأنثوي المميز لهند، فلتفت أنظر لها لأجدها بمظهر صارخ الأنوثة مرتدية فستان احمر ناري قصير بدرجة كبيرة بكتف واحد من الجهة اليسرى ومجسم بطريقة تبدى أكثر مما تخفى من معالم جسدها ؛ نظرت أليها أرمقها بنظرات يختلط بها الغضب والامتعاض لبضع لحظات قبل أن أقول

  • اهلا يا استاذة هند

= اهلا يا دكتور .. اخبارك أيه؟

  • انا تمام .. تمام اوى !!

… كانت النظرات بيننا انا وهند كافية للتعبير عما ببواطن حديثنا البسيط، فنظراتها تؤكد أنها تعلم ما يدور بعقلى من عاصفة تساؤلات عن انتقال سارة لمناوبة المساء دون أخبارى حتى بعد ما حدث بيننا بالأمس ورغم ذلك تحاول استفزازى بهدوء حديثها، وانا أيضا أعلم أنها هى من قامت بنقل سارة متعمدة لتبعدها عنى فبالرغم من عدم رؤيتى لهند كثيرا فى الأونة الأخيرة إلا وأنها بكل مرة كانت نظرات الغيرة والحقد تفضح ما بداخلها نحو سارة ؛ رمقت هند بنظرة حانقة يملؤها الغضب قبل ان اتحرك مبتعدا عنها قائلا

  • استأذنك

… استوقفتنى هند قائلة

  • دكتور أدهم !!

… توقفت بمكانى دون ان استدير نحوها فأقتربت مني هى لتقف بمواجهتى قائلة

  • متقلقش يا دكتور أكيد مش هنسيب حمل الشغل كله عليك ولحد ما دكتور عزت يحدد مين هيحل مكان سارة معاك الصبح هكون انا موجودة

… تنهدت فى تملل ثم ابتسمت ابتسامة باردة ساخرة قائلا

  • مفيش داعى لتعبك يا أستاذة هند .. مفيش حمل شغل أصلا عشان أشيل همه .. بعد أذنك أروح أشوف شغلى بقى

… أبتسمت هند بنظرة تعجب ساخرة قائلة

= اكيد يا دكتور .. اتفضل

… تركت هند عائدا الى غرفة الأطباء وبركان من الغضب مستعر بداخلى ولا أعلم بالتأكيد ما سببه هل هى هند التى أشعر بضيق كلما رأيتها، أم هو أبتعاد سارة المفاجئ دون علمى .. أحقا الى هذا الحد تملكت سارة من وجدانى وعقلى وقلبي وكيانى بالكامل لأشعر بكل ذلك الغضب، أم هو غضبي على نفسي لقد تبدلت كثيرا وتبدلت أخلاقي وطباعى بتلك الفترة أصبحت غاضب وعصبي طوال الوقت، ولم أعد أكترث لأحد سوى سارة ورغباتى ؛ ظل التفكير يشعل الغضب بداخلى و بمجرد أن دلفت الى غرفة الأطباء أطحت ببعض الملفات والهاتف من على المكتب المتواجد أمامى مطلق صيحة غضب حانقة قائلا

  • فى أيه يا أدهم؟!! .. ماااالك؟!! .. ايه اللى بيحصل؟!!

… مر بعض الوقت قبل أن أستطيع تمالك أعصابى وتهدئت نفسي محاولا أن أقنع نفسي ان سارة سوف تأتينى مساء لتخبرنى بحقيقة ما يحدث ؛ توجهت بعد قليل الى المعمل كى أستكمل عملى على مصل الليمنت 3 حيث أن المعادلة النهائية لم تنتهى بعد فالعنصر الأساسي للمصل والذي تجنبت ذكره بأبحاثي مازلت أعمل على ضبط نسبه النهائية قبل أن أشرع بأختبار المصل .. انطلق صوت تنبيه الغداء من ساعتى فغادرت المعمل عائدا الى غرفة الأطباء وهناك تعجبت من رتابة المكان كما كان قبل ما أحدثته من فوضى به، وأيضا وجدت وجبت الغداء موضوعة كما تعودت، ولكن الغريب بالأمر أنه رغم عدم تواجد سارة تواجدت وجبة أخرى بجوار وجبتى فنظرت أليها متحيرا قبل أن أجد هند تدلف الى الغرفة قائلة

  • انا قلت نتغدى سوا بدل مكل واحد فينا يأكل لوحده

… أكتفيت بنظرة غير مبالية نظرت بها أليها دون أن أتحدث ثم جلست أتناول غدائي معطيها ظهرى فى تجاهل صريح مني لها .. تقدمت هند لتقف أمامى تحدق بى بنظرة ثاقبة قبل أن تقول

  • للدرجة ديه وجودى بيضيقك .. حتى مش عايز تبصلى

… لم أعير هند أى أهتمام وظللت جالس أتناول غدائى بصمت فأمسكت هند بزجاجة الماء لتملئ أحد الأكواب وقبل أن تلتقطه أختطفته أنا لأرتشفه كاملا دفعة واحدة وأعيده فارغ أمامها متعمدا أغضابها أو أستفزازها كى تعى أننى لا أتقبل وجودها معى، ولكن على عكس ما توقعت لم تغضب هند نهائى بل أطلقت بعض الضحكات قبل أن تتوجه نحو المكتب المقابل لى فتصعد لتجلس أعلى المكتب وترفع قدمها اليسرى على المقعد الصغير أمامه وهى تستند بكلتا يديها الى الخلف على المكتب بجرأة فاضحة حيث أرتفع فستانها القصير بدرجة كبيرة ليكشف عن أكثر أماكن جسدها خصوصية بشكل واضح تماما أم نظرى الأن .. لم أكن أتوقع ان يصل الفجور بهند الى تلك الدرجة فبدت الدهشة جالية بنظراتى التى حاولت أن أسيطر عليها قدر أستطاعتى ولكن هند قد رأتها فأبتسمت بتخابث قائلة فى رعونة

  • طب ياترى كدة هتبصلى .. ولا برضوة هتفضل واخد موقف منى؟!!

… تركت الطعام من يدى متمللا وانتفضت واقف ثم توجهت نحو هند لأقف أمامها تماما وبين ساقيها ناظرا بعيناها عن كثب للحظات قبل أن أقول

  • لا يا هند .. برضوة مش شيفك !!

… ثم ضربت المقعد أسفل قدمها اليسرى بقدمى قاذفه بعيدا لتتألم هند قليلا وتنزل عن المكتب لتقف أمامى، وللمرة الأولى أرى الغضب والحنق يرتسم على ملامحها، فتبادلنا بعض نظرات التحدى الصريحة قبل أن تنصرف مغادرة الغرفة بعصبية مفرطة دون حتى أن تأخذ طعامها معها .. ملئت كوب أخر من الماء ورفعته أمام وجهى وانا انظر نحو الباب الذى اغلقته هند بعنف خلفها مبتسما لشئ فى نفسي لا يعلمه غيرى ؛ عدت للمعمل لأستكمل عملى على مصل الليمنت 3، وعندما أنتهيت من تحويل البحث الورقي لمصل مادى أحمله بين يداى بأحد أنابيب المعامل جلست أنظر أليه بتفاخر وسعادة بالغة فها هو حلمى تحول الى حقيقة ملموسة بين يداى .. أحلام يقظة بدأت بغزو عقلى بقوة حتى أنتشلنى منها دخول أحد الممرضات الى المعمل مهرولة تلهث لتخبرنى عن خروج أحدى مريضات قسم ع1 عن السيطرة وأصابتها بنوبة أنهيار عصبي .. توجهت من فورى مع تلك الممرضة اهرول كى أحاول السيطرة على تلك المريضة التى أبلغتنى عنها .. دلفت الى داخل القسم حيث تتواجد المريضة لأجد تلك الفتاة الصهباء التى رأيتها تنظر من الشرفة نحوى عندما وصلت الى المشفى فى بادئ الأمر وقد كانت فى حالة هياج غير طبيعية تصرخ بطريقة هيسترية وهى متعلقة بالقضبان الحديدية للشرفة تحاول أن تحطمها وتصطدم رأسها بها مما تسبب لها بجرح غائر بجبهتها وتناثرت الدماء بكل مكان بينما كانت الممرضة الأخرى تحاول أن تنزلها من هناك، ولكن المريب بالأمر كان ألتزام باقي الفتيات المرضي بالقسم بفراشهم دون حركة أو أدنى رد فعل كأنهم أجساد بلا أرواح، هرولت انا والممرضة نساند الممرضة الأخرى لنثنى تلك الفتاة عما تفعله حتى أستطعنا أن ننزلها من هناك لننقلها الى أحد غرف الكشف وسط مقاومة شرسة وصرخات قوية منها وقد أصابتنى بعدة خدوش بذراعى من شدة قبضة أظافرها عليها بينما احاول نقلها الى غرفة الكشف مع الممرضتان التى قامت تلك الفتاة بتمزيق رداء أحدهما وانتزاع خصلة كاملة من شعر الأخرى .. وبصعوبة بالغة أستطعنا بالنهاية تقيدها الى الفراش بغرفة الكشف بينما هرولت احدا الممرضتان إلي بحقنة مهدئة وما أن أعطيت الحقنة للفتاة إلا وقد بدأت فى الهدوء شئ فشئ حتى غابت عن الوعى وذهبت فى نوم عميق، طلبت من الممرضتان تضميد جرحها وغسل الدماء عنها واستبدال ملابسها وعدم أرجاعها الى القسم حتى أعود لرؤيتها بعد قليل .. عدت الى المعمل كى أقوم بأنهاء عملى وحفظ المصل الذى قد تركته هناك دون حفظ عندما أتتنى تلك الممرضة، وبالفعل حفظت تركيبة المصل بقنينة حفظ خاصة وتوجهت نحو غرفتى الشخصية لأضعه بالمبرد الصغير بها بعيد عن أيدى من بالمشفي فأنا لا أريد أن يصل أليه أحد قبل أن أعلن عن أكتشافى وبحثي بالطريقة اللائقة ؛ انتهيت من ذلك وعدت الى غرفة الكشف الموضوعة بداخلها تلك الفتاة الصهباء مقيدة الى الفراش وقد قامت الممرضات بتضميد ذلك الجرح بجبهتها وبدالوا ثوب المرضي التى كانت ترتديه بواحد اخر نظيف .. وقفت هناك بجوارها انظر أليها بتعجب حزين من أمرها، لا أعلم لما أشعر بالشفقة عليها ولكننى وجدت منها فرصة سانحة لأختبار الليمنت 3 على تلك الفتاة الغريبة، فبكل الأحوال هو لن يضرها بشئ فهى بالأصل مريضة .. تفكرت قليلا بالأمر وأتخذت قرارى بأختبار المصل عليها بالفعل فى صباح الغد حيث أننى لدى أمر أخر أشد أهمية الليلة يجب أن أتفرغ وأعد أليه جيدا..!!، نظرت الى وجه تلك الفتاة الذى أعتلته ضمادة الجرح بجبهتها وبعض الخدوش الأخرى بوجهها قليلا بثقة قبل أن أقول

  • لما جيت المستشفي هنا انتى أول مريضة انا شوفتها .. مكنتش أعرف أنها أشارة من القدر أنك هتكونى أول حد أختبر عقارى عليه .. بس متقلقيش أنا متأكد أنك هتشكرينى فى النهاية !!

… هممت بالانصراف لولا أن الغطاء التى دثراتها به الممرضتان قد سقط أرض عندما حركت هى ساقيها أثناء نومها ليكشف لى عن مشهد جعلنى أتجمد بمكانى مصدوما من هول ما أرى..!!

error: