البارون .. “عندما يصبح واقعك هو جحيمك”

الجزء العاشر

… اغتصاب، تعذيب، شذوذ، جنس، جنون و قتل .. وكأن كل شرور الأرض أجتمعت بذلك المكان .. الجميع يرتدون أقنعة تخفى الوجوه ولكن تعري النفوس .. نعم فهؤلاء الأشخاص الذين يقومون بتلك الأمور لابد ان تكون تلك الأقنعة هى وجههم الحقيقي أما وجههم الطبيعي فهو فى الحقيقة القناع المزيف الذي يختبئون خلفه أمام العالم .. كادت شدة التفكير والصدمة من هول ما أرى أن تفتك بعقلى وتفقدنى وعيي لولا إننى تماسكت قدر أستطاعتى .. اقتربت هند بى نحو احد الشاشات وكنت تعرض الموقع الرئيسي على شبكة الأنترنت المظلم بتصميمه الذي يعكس جنون الخدمات الذي يقدمها .. اشعلت هند أحدى سجائرها قائلة بإبتسامة باردة

  • مالك يا دوك؟ .. واسمحلى انى اقولك يا دوك لان حتى هنا محدش المفروض يعرف أنت مين .. لو فى حاجة مضيقاك عرفنى؟!!

… نظرت نحو هند بنظرات يتطاير الغضب منها شزرا، فأنا لم أعد قادر على احتواء غضبي أكثر من ذلك .. كانت لحظات الصمت التى انظر بها الى هند كافية لتعبر عن مدى غضبي أتجاهها قبل أن أقول

  • عايز افهم يا هند..!!

= تفهم ايه بالظبط يا دوك؟!!

  • كل حاجة..!!

… نظرت هند بأعينى قليلا كما لو كانت تتسأل عما يدور بخلدى قبل أن تقول

  • أكيد يا دوك ده حقك ..

… عادت هند تنظر نحو الشاشة التى تستعرض الموقع قائلة

  • بص يا دوك المكان هنا أتأسس من خمس سنين فاتوا .. وكان أبتدأ كنادى سري لمجموعة من الشباب المهوسين بعالم الانترنت المظلم واللى لحد النهاردة احنا نفسنا منعرفش هما مين .. هما أسسوا المكان ده عشان يبقى بوابتهم و يدخلوا منه ويبقى ليهم تواجد فى عالم الانترنت المظلم .. فى البداية أنشأوا الموقع وبدأوا يبثوا عليه بعض الأفلام الجنسية المباشرة اللى بتم بين بعض فتيات الليل المستأجرين وبينهم، ومن البداية كانت الأقنعة أمر مفروغ منه ودايما موجودة، كانت الأمور سلسة ومستقرة الى حد كبير وبدأوا فعلا يحققوا بعض المكاسب البسيطة من الموضوع لحد ما فى مرة من المرات واحد منهم وفى وقت البث المباشر وكان فى نسبة مشاهدة متوسطة للبث ساعتها وقف ومرضيش يكمل تصوير واشترط عليهم انه لو هيكمل تصوير يبقي نسبة ارباحه من الموقع تبقى أعلى منهم كلهم ودارت مشادة كلامية كبيرة بينه وهو قدام الكاميرة وبينهم وهما وراء الكاميرة وكل الكلام ده كان بيتذاع مباشر على الموقع لحد الشاب ده مقال .. (“هى اه الفكرة فكرة البارون بس المكان ده بتاعى انا وانا احق واحد فيكم بأعلى نسبة .. بدل مهخلع قناعى وهعرف العالم كله احنا مين وفين .. مهو أنت مش هتأخد كل حاجة لنفسك .. الموقع والأرباح و ن….”) .. بس قبل ميكمل كلمته الأخيرة حد من وراء الكاميرة ضربه بالرصاص فى كل مكان فى جسمه تقريبا، ووقع الشاب ده غرقان فى دمه وكل ده كان مباشر على الموقع اللى وبسرعة رهيبة نسب المشاهدة عليه اتجاوزت الملايين فى اثناء البث اللى بيعرض اللى حصل ده .. فضلت الكاميرة ثابتة على الشاب المقتول ده دقايق قبل ميعلى مرة واحدة صوت صراخ مرعب من وراء الكاميرة ولفت الكاميرة لوراء عشان تعرض شاب ماسك مسدس وبيقتل بنت وشاب تانين وكمان البنت اللى كانت بتمارس الجنس مع الشاب اللى اتقتل فى الاول .. والشاب اللى قاتلهم ده مكتفاش بكدة وبس ده جاب بنزين ودلقوه عليهم وراح مولع فيهم على الهواء .. بعدها وقف الشاب ده قدام الكاميرة وأعلن أن هو البارون وأن الفترة اللى جاية هيبتدى لعبة على الموقع بتحمل اسمه وهى لعبة البارون، وساعتها وصلت نسبة المشاهدة اكتر من عشرين مليون وده حقق أرباح خيالية بالنسبة ليه وقدر بالأرباح ديه يطور المكان بالشكل الموجود ده دلوقتى وطور الأمر نفسه لنادى لكل حد جواه رغبات مكبوتة او مجنونة عايز يقوم بنفسه بتعذيب او قتل او اغتصاب او اى رغبة عايزها بنفسه وقام بتأجير ناس متخصصين بالأمن والبحث والتحرى لأختيار أعضاء النادى ده طبقا لمعايير معينة لضمان سرية المكان .. ولأن توفير ضحايا لأعضاء النادى كان هو أصعب حاجة فى الموضوع وأكتر حاجة مكلفة .. قام البارون بتكليف مجموعة معينة من رجالته بعمليات خطف شباب وبنات وأطفال من مختلف الأعمار وحطهم هنا فى المكان على أنهم مرضي نفسيين بيتلقوا العلاج .. وطبعا بقوا بيدوهم عقارات هلوسة ويحقنوهم بمواد مخدرة عشان يخلوهم تحت سيطرتهم .. وبالرشوة والفساد المكان بقى شرعى مستشفي نفسي لكن محدش يجرؤ يسأل عن حقيقته .. ووصلنا لكل النجاح ده

= طب وايه هى لعبة البارون اصلا؟

  • البارون عشان يحافظ على نسب المشاهدة العالية ويبقي من اكبر عشر مواقع على الانترنت المظلم دخل نظام المراهنات للموقع وكانت المراهنات على توقعات المشاهدين على انهى عضو هيقدر يخلى ضحيته عايشة اطول فترة ممكنة لحد ميخلص ميعاد البث الساعة 6 الصبح .. واصحاب التوقعات الصح بيكسبوا مبالغ ضخمة او عضوية فى النادى .. اما العضو اللى فعلا قدر يحافظ على ضحيته حية لنهاية الوقت مع أكبر نسبة تعذيب بيكسب مليون دولار كاش مع انتهاء البث .. وديه حاجة خلت فى هوس وجنون بالموقع اكتر من اللى ممكن اى حد يتخيلها..!!

= طيب انا كدكتور دورى ايه فى ده كله؟!!

  • فى حالات كتير من الضحايا بتعيش وبتحتاج تأهيل بدنى ونفسي عشان نقدر نستغلها اكتر من مرة وديه حاجة بتوفر علينا جهد خطف اعداد كبيرة وتكاليف مش ضرورية

… لا أعلم من أين جائت كل تلك اللعنات بعقلي على ذلك المكان، كل ذلك الشعور بالشر والأشمئزاز والغثيان يعبر عن بركان الغضب بداخلى، أحسست من حديث هند أننى أرى ما ترويه رؤية العين كما لو كنت أشاهد أحد أفلام الرعب الأجنبية، ولكن سؤال واحد طرق عقلى بقوة وكاد يفتك بعقلى فوجدت نفسي اساله لهند قائلا

  • مين هو البارون؟!!

= محدش يعرف .. مفيش اى حد من اللى شغالين فى المكان هنا يعرفه او شافه وبيتواصل معنا دايما عن طريق رسائل الموقع او بالاتصال من رقم خاص أمن بصوت أليكترونى .. لكن هو عارف كل واحد فينا كويس جدا وعارف كل تفصيلة صغيرة بتحصل وهو اللى بيبعتلنا ملفات المرشحين للشغل هنا او لعضوية النادى

  • يعنى مفيش اى حد شافه ابدا؟!!

= نهائى يا دوك .. كلنا بنشتغل فى المكان ده وعمرنا معرفنا مين هو .. حتى غرفته الملكية اللى فوق عمر محد دخلها..!!

  • عشان كدة اتفاجئتى لما الموقع حددلى التنكر ده واسم البارون؟

= اصل الموضوع صدمنى .. خصوصا ان عمر الاختيار ده مكان متاح قبل كدة لأن المظهر اللى أختاره الموقع هو المظهر الوحيد اللى بيظهر بيه البارون وبس حتى أسم البارون عمره مكان متاح .. بس لما كلمونى من هنا عرفونى انه عطل عشوائي من الموقع اتسبب فى الاختيار ده اطمنت .. بس ده هو كل الموضوع

… كان هدوء هند فى حديثها وأبتسامتها الباردة يدفعونى دفعا نحو الأطباق على عنقها وقتلها، كم تمنيت لو أستطيع فعل ذلك .. فأنا لم أكن أتخيل أن هناك أشخاص بهذا الشر .. كيف لها أن تتحدث بتلك التلقائية وذلك الهدوء عن كل ذلك الجنون؟!! .. تعجبت من مدى البشاعة التى يمكن أن تصل إليها النفس البشري وحجم الشرور الذى يمكن أن ترتكبه .. وأكتشفت كم من الممكن أن تقوم فكرة صغيرة بالتسبب فى خلق جحيم مستعر من الشر .. أنتشلتنى هند من كل ذلك التفكير قائلة

  • أتفضل معيا يا دوك عشان تشوف كل حاجة على الطبيعة

… على الرغم من ان ذلك هو ما سعيت أليه من البداية ولكننى لم أعد أعلم هل يجب علي فعل ذلك أم ماذا .. لم أعد أعلم كم سوف تصمد قوة أحتمالى أمام كل ذلك الغضب المستعر بداخلى .. هل أرفض كل ذلك وأغادر ذلك المكان الملعون وأنا لا أعلم حتى أن كانوا سوف يسمحون لى بالمغادرة بعد كل ما علمته بشأنهم أم سوف يقومون بدفن سرهم معي .. هل أبقى .. هل أغادر .. ماذا يتوجب على أن أفعل؟!! .. لم أعد أعلم ؛ أقتربت هند نحوى قائلة

  • دوك .. دوك

… نظرت نحو هند للحظات قبل أن أقول

= أوك يا هند يللا بينا

… غادرنا أنا وهند غرفة البث عائدين الى مكتبها حيث قامت بالتنكر بزى أسود من الجلد وشعر أشقر مستعار وقناع أنثوى يخفى نصف وجهها العلوى ثم دلفنا الى ممر أقسام المرضي حيث تواجد الكثيرين من حراس الأمن، وعمال النظافة يمسحون الدماء عن الأرضية، وأخرون يقومون بنقل فتيات وشباب من اقسام المرضي عبر المصعد الأخر نزولا وصعودا وأخرون يأتون بمن لم يقتلوا بعد الى داخل غرف الكشف التى تنقلنا بينها انا وهند نطلع عما يحدث بداخلها حيث يقوم فريق من الأطباء والممرضات بمحاولات مستميتة لأنقاذ هؤلاء الجرحى فقط من أجل أن يعيدوهم مرة أخرى الى غرف العذاب .. كان المشهد مقزز لأبعد الحدود .. دماء الجرحى تملئ المكان .. أنين يصم الأذان .. جراح تصيب الناظر اليها بالغثيان .. كل شئ على مرمى البصر تقشعر له الأبدان ؛ وبالرغم من كل ذلك كان أكثر ما يشغل عقلى هى سارة فظللت أبحث بين الأطباء عنها لعلنى أجدها وسط كل تلك الأزياء التنكرية، ولكن لم أصل ببحثي الى اى شئ .. لم أستطع التعرف عليها وسط كل ذلك الجنون .. كدت أن أصيح بأسمها من شدة اليأس ولكن الخوف مما يحدث لنا أن كشفت عن هويتها أعادنى الى رشدى بينما أقتربت هند نحوى قائلة

  • بيتهيئلى نتحرك يا دوك .. فى اماكن تانية لازم نشوفها

= ماشي يا

  • هانا .. اسمى هانا

… علمت أن هند تستخدم اسما اخر مستعار لها هنا حالها حال الجميع .. فصمت وانصرفت معها نستقل المصعد الأخر الذي يستخدمه الأخرون فى تنقلتهم وسط ذلك الجنون .. هبطت هند بنا نحو الطابق السفلى، وعندما خرجنا من المصعد أعتقدت أننى سوف أجد البهو ولكن لم يكن ما أعتقدته صحيحا فذلك الطابق ليس طابق البهو الأرضي وأنما هو طابق أخر أسفل الطابق الأرضي يشبه كثيرا ممر غرف احتجاز المعتقلات وامام كل غرفة حارس ضخم الجثة .. اصوات الصراخ والفزع والبكاء تملئ المكان .. غرف مغلقة وأخرى مفتوحة يقوم العمال بتنظيفها من الدماء ويخرجون جثث الضحايا منها وبنهاية الممر يوجد باب مخرج كبير يقبع من خلفه محرقة للجثث بجوار المطبخ والكافتيريا ثم غرفة المشاهدة والانتظار لأعضاء ذلك النادى الشيطانى وباب صغير على اليسار هو المخرج الوحيد نحو جراج السيارات وغرف الصيانة .. تنقلت بين جنبات الممر بصحبة هند ومع كل صرخة أسمعها ينتفض قلبى ويقشعر بدنى وأحس من داخلى بعذاب صاحبها ويصبح كل ذلك كالوقود الذي ينسكب على بركان الغضب بداخلى فيجعله يستعر أكثر فأكثر .. نظرت داخل أحد الغرف الذي يقومون عمال النظافة بتنظيفها فوجدت بداخلها كل أدوات التعذيب والقتل التى يمكن للأنسان تخيلها وعدم تخيلها .. ودلفنا الى الجانب الاخر من الطابق فوجدت غرفة محرقة الجثث حيث يقوم بعض الرجال بتقطيع الجثث لقطع صغيرة ووضعها بداخل المحرقة ومن أمام غرفة المحرقة يقبع المطبخ حيث تعد الوجبات وتلاعبت الافكار بعقلى .. هل من الممكن أن يقومون بطهو اللحوم البشرية؟!! .. أعتقد أن بذلك المكان من الممكن أن يحدث كل شئ .. ثم كانت غرفة الكافتيريا ومن بعدها قليلا فى مواجهتها باب الخروج الى جراج السيارات وغرف الصيانة، وبالنهاية غرفة الانتظار والمشاهدة حيث يجلس مشوهى النفسيات ذوى العقليات المختلة المريضة يشاهدون ما تعرضه الشاشات امامهم من ممارسات مقززة بشعة بلذة ومتعة كبيرة وغريبة تدل على أنعدام الصفة البشرية فهم أقل دنائة من الحيوانات وليس فقط البشر .. أنتهت جولتنا بذلك الطابق وعدنا أنا وهند الى المصعد نتوجه الى الطابق العلوى حتى وصلنا الى الجانب الاخر من الحائط المجاور الى غرفتى حيث ذلك الممر الفندقى الذى رأيته على الشاشات .. عندما وصلنا الى ذلك الطابق كان اول ما وقع نظرى عليه هى ذلك الرجل العارى يمسك بيده سلسلة متصلة بطوق مخصص للكلاب مغلق حول عنق فتاة تسير على أربع عارية تماما أمامه متجه بها نحو أحد الغرف .. كان وجه الفتاة مختفى خلف ذلك القناع الذي ترتديه ولكن ذلك الشعر الأصهب أنا أعرفه جيدا .. نعم أنها هى تلك الفتاة التى أصابها ذلك الأنهيار العصبي بالصباح .. وكانت تلك هى قطرة الوقود الفاصلة فى انفجار بركان الغضب بداخلى..!!

error: