الاعيب القدر للكاتبه ايمان عبد الحفيظ
نوفيلا : الاعيب القدر
الكاتبة : ايمان عبد الحفيظ
الفصل الثامن عشر
كانت تقف امام المرأه تلف حجابها الوردى اللون … نظرت لنفسها بالمرأه … وجدت نفسها باهته … كانها جسد بلا روح … هى للأسف هكذا .. فقدت حيويتها كلها حين سقط جسدها من على درجات الدرج فى منزلها … اغمض عيونها بحزن بالغ حين حين تذكرت لحظات استيقاظها … الالم الذى كان اسفل معدتها … كانت اصعب لحظه مرت بها … ان تفقد شعورها كأم … شعرت بيدها تحتضن خصرها … و اسند رأسه على كتفها … ابتسمت هى ابتسامة خفيفة … لم تدم طويلا بل اختفت بمجرد ان نظرت ليده المنجرحة …
شغف بحزن : اتجرحت من ايه ؟؟ .
يزن بابتسامة : مفيش .. حاجه بسيطة …
شغف بهدوء : رد عليا و قولى من ايه ؟؟..
يزن بابتسامة : مش مهم دلوقتى … هحكيلك بعدين … و يلا علشان ماما امنة منتظره فى العربية علشان تروحى معاها …
استدار بجسده ليتوجه لحقيبتها يحملها … الا انها تمسكت بساعده بكلتا يديها … استدار لها بترقب … كانت تضغط على يده كانها تترجاه …
يزن بترقب : مالك يا شغف …
شغف بثبات : مش عاوزة اروح مع ماما يا يزن …
يزن باستغراب : اومال حابة تروحى فين يا حبيبتى ؟؟..
شغف بحزم : عاوزة اروح بيتنا … بيتنا يا يزن …
يزن باعتراض : لا لا لا لا لا يا شغف … مستحيل يا شغف دلوقتى …
شغف بغيظ : و انت هتقعد فين ؟؟؟… انت من يوم ما جيت هنا المستشفى ماما قالتلى انك مش سبتها دقيقة … ممكن تفهمنى هتقعد فين ؟؟..
يزن بهدوء : انا مش مهم … انما انتى اهم منى … بلاش بيتنا يا شغف …
شغف بابتسامة : يزن … بيتنا ده هو الوطن بالنسبالى … هو اللى شفت فيه اجمل ايام حياتى … هو عش الزوجية بتاعى و بتاعك … المكان الوحيد اللى اتشاركت انا و انت فيه يا يزن …
يزن بابتسامة: هو انا قولتلك أنى بحبگ…
شغف بدلع : النهارده لا ….
جذبها بخفة بصدره … وضع يده خلف ظهرها … و يده الأخرى ارتفعت لتداعب وجنتها الورديه … ثم اقترب منها ليطبع قبلة رقيقه على شفتيها الناعمتين … التقط شفتيها بحميمية افتقدها لأيام … شعرت به يمتلك كل ذره بجسدها … قبلته بها حنان و حب و احتواء و تملك … حقا اشتاقته كثيرا … لم يظهر اى خلاص لتلك القبلة … فابتعدت هى قليلا تأن طلبا الهواء … شعرت بيده تدلك عنقها من أعلى الحجاب … فتحت عيونها الرمادية اللامعه …. لتجده يحدق بها بتوتر … هو قلق عليها للغاية …
يزن بقلق : متأكدة يا شغف …
شغف بابتسامة : مش هعرف اقعد من غيرك …
وضعت يدها فى كف يده … ضغط هو على يدها ليمنحها الامان و الحمايه … بينما هو ما زال في حالة توجس من قدرة شغف على رؤية المنزل مره اخرى … قدرتها على رؤية والدته ….
فى السيارة …
كانت هى تجلس في المقعد الأمامي … و فى الخلف اروى و أمنة و لينا التى كادت تقفز فرحا لعودة شغف و رجوعها للحياة مره اخرى …
لينا بفرحه : فرحانه اوي انك خفيتى و رجعتيلنا بالسلامه يا شغف …
شغف بابتسامة : الله يسلمك يا لينا … الحمد لله على كل حال …
ساد الصمت مره اخرى … فى داخل كل شخص منهم تفكير .. يزن .. يفكر فى كيفية التعامل مع شغف و مع والدته … يفكر في مقدرة شغف على رؤية المنزل …
شغف … تفكر في ردة فعلها حين ترى نادية … تفكر هل ستستطيع تحمل رؤية المكان الذي فقدت فيه ابنها … اروى … تفكر فى كيفية التعامل مع والدتها … هى لم تحادثها منذ يوم الحادث الذي ألحقت به شغف … أمنة .. التى تفكر جديا في الذهاب الى منزل يزن … لتوقف والدته عند حدها … لتأخذ حق ابنتها منها … لينا … اشتاقت لحسام جدا … الذى عرفت بالصدفه أنه لم يعود للمنزل منذ أيام … منذ معرفته بفعلة والدته …
وقفت السيارة اسفل البناية التى تقطن بها والدة شغف …
امنة بهدوء : يلا يا شغف …
شغف بهدوء : انا مش هنزل معاكى يا ماما ….
امنة بزهول : نعم ؟؟…
شغف بحزم : بقول مش هنزل معاكى ….
امنة بغيظ : ليه ان شاء الله … و لا عاوزة تروحى هناك تستنيها لما تخلص عليكى …
كلمة افلتت من فم امنة … جرحت قلوب معظم الجالسين … جرحت يزن لانه لم يستطيع حمايتها من امة … جرحت اروى لانها تشعر بالخجل من فعلة والدتها .. جرحت شغف لان والدتها تصمم على تذكرها بما حدث …
شغف ببرود : امى … انا بيتى فى بيت جوزى … اللى حصل ده محدش ليه علاقه بيه غيرى انا و يزن و مدام ناديه … و بيتى انا مش هسيبه لو اخر يوم فى عمرى …
صمت عم فى ارجاء المكان … ثم استطرد قائلة
شغف بحزم : و مكان الزوجة جمب جوزها يا امى …
اصاب امنة حالة من الذهول … لما لم تصرخ او تغضب ؟؟؟… لم تود ان تعود الى بيتها الى هذا الحد … بل و تتحدث بتملك مثير للريبة … خرجت امنة من السيارة و الغضب يسيطر عليها بسبب افعال ابنتها .. تبعتها لينا بعد ان ودعتهم ببعض الكلمات البسيطة …
اروى بقلق : ليه كده يا شغف …
شغف بهدوء : هى مش زعلانة منى … هى خايفة عليا … و انا قررت خلاص … بيتى هرجعله … و لا يلدغ المؤمن من جحره مرتين …
ابتلع يزن ريقة بتوتر … فيما تفكرين يا شغف ؟؟… هى تخطط لشيئ اخر … لم تكن ترغب بالعودة لما اخبرته به … هى تريد شيئ معين من العوده للمنزل …
يزن بهدوء : اروى .. معلش يا حبيبتى انزلى بس حاولى تراضى ماما امنة … و اتصلى ب تيم يوصلك هو ماشى …
اروى بقلق : و انت يا يزن ؟؟..
يزن بحزم : اعتقد ان انى لازم اقعد ع شغف لوحدنا … النقاش فى التصرفات هيكون كويس …
اومأت اروى برأسها بقلق … ثم خرجت من السيارة … هى تعرف جيدا شغف .. شغف تخطط لتاخذ حقها … برغم كل الطيبة التى تنبع من عيونها و من شخصيتها … الا انها لا تصمت عن حقوقها … و ابنها الذى حُرمت منه بسبب والدتها … شغف لن تترك الامر ليمر على خير … رغم انها كانت تصمت على اهانات والدتها الخفية لها قبل الزواج … لكن الان لن تصمت … طفح الكيل بالنسبة لها …
رأت الانفعال على وجهه … لم ترد هى ان تبدأ الحديث … بل فضلت الصمت الا وقت ان ينفجر هو بها على فعلتها مع والدتها … و على طريقتها فى الحديث …
يزن بغيظ : ممكن افهم ايييه اللى عملتيه ده ؟؟…
شغف بهدوء : عملت ايه ؟..
يزن بغيظ : شغف … دى والدتك ازاى تكلميها بالطريقة دى ..
شغف بهدوء : مش من حق حد يدخل فى حياتى … حتى لو كانت والدتى …
يزن بزهول : شغف دى والدتك … ازاى مش من محقها تتدخل …. هى خايفة عليكى …
شغف ببرود : يزن … امى خايفة عليا من امك …
يزن بترقب : شغف …
التفت له بهدوء … تنظر الى عيونه السوداء … التى تلمع بشده بسبب الغضب … بدت فى تلك اللحظة و كانها ستطلق شرار ..او كأنها بركان على وشك الانفجار …
يزن بغضب : انتى عايزة ايه دلوقتى بالظبط …
شغف بهدوء : عاوزة اروح بيتنا يا يزن …
يزن بصراخ : شـــــــــــــــــــــغف …
شغف بثبات : عايزة حقى و حق ابنى اللى مات من امك يا يزن … و الا …
يزن بترقب : الا …
شغف بحزم : الا مش هتشوف وشى تانى يا يزن ….
اتسعت حدقتى عيونه صدمه … من هذة … من تلك التى تجلس بجانبه فى السيارة … هل هذة شغف زوجتة التى وقع بحبها … هل هذة هى التى كان يحادثها فى المشفى قبل قليل …
يزن بدهشه : عايزة ايييه !؟… شغف انتى اتجننتى …
شغف بثبات : ايوووة اتجننت … و مش هسكت غير لما اخد حقى من امك … و من غير اى ضرر … بس همارس أسلوبها اللى كانت بتتبعه معايا قبل الجواز … تجريح بالكلام من الاخر …
يزن بغيظ : و المفروض أنى اسيبك تعملى اللى انتى عاوزة … دى امى يا شغف …
شغف باندفاع : و اللى زقتنى برضو علشان ابنك و ابنى يموت …
صوت مكابح السيارة الذى ضغط عليها يزن بحركة لاارادية بسبب صدمته فيها … تبعها اصطدام جسدها بالزجاج الامامى للسيارة … أفلتت منها شهقة خوف … لسانها اللعين خرجت منه الكلمات … كلمات كان وقعها كالخناجر على قلبة … هى لا تعرف ما الذى تتفوه به … نظر لها بأعين منصدمه … غاضبة بل على وشك ان تحرق كل شيء …ضرب بكل قوته على مقود السيارة … كاد ان يحطمة …
يزن بصراخ : طب يا ترى فكرتى فيا … فكرتى فيا و انا مرمى بين نارين … نار الست اللى ربتنى و اللى زقتك علشان ابنى اللى كان فى بطنك يموت … و لا نار حبى ليكى … نار احساسى بعذابك علشان ابنننا مات … فكرتى فى شعورى و انا رايح علشان اعاتبها … فكرتى فيا و انا بعيط و بتعذب بينكم انتوا الاتنين … فكرتى فى انها ممكن تكون زقتك بالغلط …
صمت تام … تخلل الفراغ الى عقلها … هى بالفعل لم تفكر فى اى شيئ من هذا … لم تفكر فى كم العاناة التى سقط هو بها … لم تفكر فى شعورة … توقعت ان يدافع عن والدته .. الا انه لم يفعل … بل وقع بين نارين … و هى بغباءها تزيد عذابه …
شغف بتوتر : يزن .. انا …
يزن بحزم : مش عايز اسمع حاجه يا حبيبتى … قصدى يا مدام يزن …
قالها ثم وجه بصره للأمام و ادار محرك السيارة و بعد نصف ساعه من الصت فى السيارة … أوقف السيارة بجانب مدخل البناية التي يقطن بها … فتح باب السيارة ثم اغلقة خلفه بقوة انتفضت هى على إثرها … تبعته بعيونها و هو يتوجه المدخل بخطوات سريعة غاضبة كأنه يخرج غضبة و خنقة فى خطواته … فتحت هى الباب و هى تنتفض خوفا منه و مما كانت هى مقدمه عليه … كانت تود أن تؤذى والدته … لم تفكر به … الذى استوحذ على كل ذره من تفكيرها … الذى عشقته بكل انش فى جسدها … ابتلعت ريقها بخوف … تدفق الذكريات يبدأ مع اول خطوة خطتها داخل البناية … جسدها الملقى هنا مغرق فى بقعة دماءها … وقفت امام الدرج تستعيد ذكريات حادثتها … تساقطت حبات الدموع من عيونها الرمادية بقهر و حسرة … لم تشعر بجسدها الا و هى تطير في الهواء … كان يزن قد حملها بين ذراعيه… صعد بها درجات السلم دون النظر إلى وجهها … فقط ينظر على السلم الى خطواتها … لم يحرك شفتيه مطلقا …
كانت تنظر الية بحنان … نظرات عاشقة … اشتاقت اللقاء … اشتاقت العودة إلى موطن الاحضان … موطن العشق الذى يضمد كل الجروح … كيف كانت بهذه الأنانية و لم تفكر به …
شغف ببكاء : يزن … أنا آسفة …
مع انتهاء جملتها شعرت بقبضته ازداد ضغطها على خصرها … لاحظت أن تعابير وجهه تشنجت قليلا لكنها لم تلبث أن عادت كما كانت … يتصنع أنه لا يسمعها … او يتعمد تجاهلها …
شغف بدموع : يزن … انا غلطانه ماشى معاك … بس انا مجروحه يا يزن … قلبى اتكسر … و محدش حاسس بيا …
لم تجد اى ردة فعل … كأنها تحادث الحائط …
شغف ببكاء: يا يزن .. انا بحبك و خائفة على حياتنا …
يزن بهدوء : لو كنتى بتثقى فيا و بتحبينى فعلا … عمرك ما كنتى هتكدبى عليا كأنى عيل صغير عايزة تخدعيه علشان ينفذ اللى انتى عاوزة …
شغف بدموع : انا مكدبتش يا يزن … كل كلمة قولتها كانت مضبوطه من قلبى ….
انزلها لانهم وصلوا لباب الشقة … فتح الباب باصابع ترتجف من الغضب … دخل مندفعا للداخل … فتح باب مكتبة و اغلقه خلفه بقوة ارتجفت هى على اثرها … هى من صنعت غضبة .. هى من صنعت هذا الحد الذى تكون بينهم الان بكلمات غبية …
نادية بحزن: انا اسفة …
التفت لها شغف بسرعه البرق … كأنها افعى على وشك ان تقرصها … نظرت له نظره تقطع القلب بل و تحطمة لاشلاء… نظره تحمل كل معانى العتاب … تحمل كل معانى الالم …
شغف و هى تجز على اسنانها : انا الاسفه لانى نزلت و حاولت اقنعك بيا … انا اسفه …
ناديه ببكاء : يا بنتى و الله غضب عنى انا اتصدمت … و معرفتش و انا فعلا ندمانه على اللى حصل منى … انا اسفه انا حاليا محرومه من ولادى التلاته … الكبير بيلومنى لانى خربت حياته و الوحيده مش بتكلمنى و لا بترد عليا … و الغصير ساب البيت و شى .. مليش حد .. ضيعتهم منى … انا اسفه …
شغف بدموع : للاسف مش هعرف اسامحك بسهوله يا امى … لانك قتلتى حلمى و ابنى فى ثانيه واحده … مش هعرف …
نادية ببكاء : شغف ارجوكى سامحينى …
شغف بدموع : سبيها بظروف يا مدام نادية …
قالت جملتها ثم ركضت لغرفتها تحتمىى بها …. و تلقى بنفسها على الراش الذى جمعها مرارا و اياما بيزن .. وسادته التى عانقتها بكل قوتها لتقص عليها همومها … تعانق بها رائحه يزن …الذى اشتاقته للغايه … بينما هو كان يقف خلف الباب يستمع الى حديثهم … ترقرت الدموع فى عيونه حزنا على زوجته و حبيبته و ايضا والدته التى تشعر بان جميع اولادته لم يحبوها .. او قد نسوها … لكن الامر مختلف هم فقط مجروحين منها بسبب فعلة غبية كادت تفسد كل شيئ … مسح دموعه مسرعا … ثم خرج من مكتبة بعد ان سمع صوت اغلاق باب الشقة الخارجى … اسرع الى غرفته هو و شغف … ليسمع صوت شهقاتها التى تمزق انياط القلوب …
فتح الباب مسرعا … وجدها ممدده على فراشهم تحتضن وساته و تبكى …ا جذب ذراعها الذى يعانق الوساده بقوة … ليعانقه هو بقوته … يغدق عليها بكل حنانه رغم حزنه منها و عليها … لكن هو عاشق و زوج و اخ … يجب ان يقدم الدعم لها فى كل الحالات حتى و لو غاضب منها .. لانه ببساطة رجل عاشق ….
كانت تجلس على الأريكة فى منزلها … تجز على اسنانها بقوة … غضب … قلق … خوف … مشاعر كثيرة اندمجت سويا ليخرج الذى تشعر به الآن … ما الذى تفعله ابنتها ؟؟… لقد حدثتها اليوم بطريقة غير لائقة … بطريقة باردة … لم تكن تلك شغف ابنتها ابدا بل كانت أخرى … شغف الذى حملت لها و انجبتها للدنيا … الهشة الرقيقة كالالماس … سمعت صوت مفتاح الشقة … أدركت أنها لينا و بصحبتها اروى … لينا اخبرتها قبل قليل انها ستهبط لتحضرها من أسفل البناية لانها تقف وحيده في انتظار تيم زوجها …
اروى بهدوء : ينفع ادخل يا طنط …
آمنة بابتسامة : ادخلى يا بت يا هبلة انتى … مش انتى اللى هتتحاسبى على غلط غيرك يا اروى … ادخلى …
اروى بدموع : و الله يا طنط … ماما اكيييد مكنش قصدها … اكيد كل حاجه حصلت فى ثانيه و …
أمنة بحزم : انتى مقتنعه بكلامك ده …
اروى بحرج : لا …
آمنة بهدوء : يبقى بلاش تفتحى الموضوع ده تانى …
اومأت برأسها بخجل من هذه السيدة الطيبة … التى لم تقلل من شأنها او حتى تجرحها بالكلام … من الممكن أن يكون حديثها فى السيارة محرج قليلا … الا انها محقة تماماً …
اروى بترقب : هو حضرتك زعلتى من شغف …
آمنة بابتسامة : لا … ده بنتى من لحمى و دمى … معرفش ازعل منها … يمكن تكون كلمتنى بطريقة مش حلوة بس انا هعلمها الادب لما تيجي المره الجايه … لازم قرصه ودن حلوة ليها …
اروى بخوف : تفتكرى هتعمل حاجه تضيع بيها كل حاجه ..
آمنة بابتسامة : مش هتبقى وقتها شغف … شغف ممكن تخبط فى الحلل شوية بس هترجع شغف بتاعت زمان …
اومأت اروى برأسها بابتسامة عريضة … محظوظة شغف بوالدة كأمنة … تتفهمها لأقصى درجه …
لينا بابتسامة: انا جعانه يا ماما ..
أمنة بضحك : يا ربى شغف الصغيرة … حاضر ثانية و الاكل يبقى جاهز … هعمل حسابك انتى و جوزك …
أسرعت أمنة للتوجه إلى المطبخ لتعد طعام الغداء … بينما جلست اروى تبتسم لطيف رحيلها … كم هى حنونه و ودودة للغاية … جلست لينا بجانبها …
لينا بابتسامة: ايه يا ابلة اروى بتفكرى فى اييييه ؟؟..
اروى بهدوء : و لا حاجه …
لينا بخبث : يعنى مثلا مش بتفكرى فى أبية تيم …
اروى بضحك : لا ده انتى و هو عليا …
لينا بتوتر : بقولك … عايزة أسألك على حاجه بس اوعى تفهمينى غلط …
اروى بخبث : معرفش هو فين ؟؟..
لينا بخجل : هو مين ؟؟…
اروى بابتسامة : اللى بتسألى عنه …
لينا بخجل : طب تعرفيه هو فين أو اييييييه اخباره ….
اروى بابتسامة : لسه مكلمنى من شوية … بيطمنى عليه و بيسأل على يزن و شغف …
تابعت بتنهيده : بس للأسف حلف أنه مش هيرجع غير لما ماما تصلح علاقتها بشغف … و المصيبة الأكبر أن امتحانات على الابواب … و التشتت النفسى اللى هو فى ده مش كويس علشانه …
لينا بخوف : طب هو ليه مش عايز يرجع …
اروى بضيق : حسام بيعتبر يزن الاب و الاخ و السند و الحمايه … علشان كده حسام عمره ما هيرجع غير لما يتأكد أن الوضع في البيت فى تمام الهدوء و الراحه …
لينا بابتسامة ينفع أتكلم معاه …
اروى بمرح : لا …
لينا بالحاح : علشان خاطري …
اروى بابتسامة : ٥ دقايقمش اكتر … علشان الواد ثانوية عامة يا سلفتى …
لينا بدهشة : يا ايييييه ؟؟؟…
اروى بضحك : هتعرفى بعدين خدى …
أمسكت اروى هاتفها لتدق رقم أخيها الأصغر حسام … و تلقى بالهاتف بين يدى لينا … ثم انطلقت للمطبخ لتساعد أمنة فى تحضير الطعام …
يجلس على فراش صديقه … يضع قدما على الأخرى … يضع أحد الاقلام خلف أذنه … و قلم اخر بيده … و الورق مبعثر من حوله … كان متعب للغايه … هو مصر على تحقيق حلمه .. أن يلتحق بكلية الهندسة … رغم عزيمته على ذلك إلا أنه متعب و مرهق من القراءة … بدأ الملل يتسلل إلى روحه و عقلة ايضا … و معرفته أن هذا نهاية المطاف و لن ينجح إذا ترك نفسه لهذا … قاطع تفكيره صوت اهتزاز هاتفه الصامت بدون رنين … نظر للهاتف باستغراب … ليجد رقم اروى …
حسام بدهشة : انا مش لسه مكلمك من شوية يا بت … عايزه اييييبه … مش تسيبنى اذاكر …
لينا بحرج : انا لينا مش اروى … آسفة لو بزعجك …
انتفض من جلسته … لتتبعثر أكوام الورق من حوله … وقعت بعض الكتب و الاقلام الفارغه أرضا … مما أدى إلى تعثر قدمه و سقوطه أرضا … و صراخه بألم …
لينا بفزع : انت كويس ؟؟… ايه الصوت اللى عندك ده … حاجه وقعت منك …
حسام بتوتر : لا بس ….. أااااااا …
لينا بمرح : انت علقت و لا الشريط سف منك …
حسام بضحك : لا ده احنا اتطورنا اووى … و استغل الالش اهو …
لينا بابتسامة : ايوووة من عاشر القوم أربعين يوماً ..
حسام بابتسامة : طيب يا ستى … ايه اخبارك ؟؟…
لينا بخجل: الحمد لله … انت أية اخبارك … و اخبار المذاكرة معاك ايييه ؟؟..
حسام بتنهيده : الحمد لله … بس تعبت و زهقت و النفسية مش مساعده …
لينا بابتسامة : شد حيلك يا بشمهندس … فات كتير ما بقى الا القليل ..
حسام بابتسامة : صح … ربنا يستر أن شاء الله … صحيح هى اروى معاكى ..
لينا بابتسامة : اه هنا … بس مش موجوده جمبى …
حسام بابتسامة : طب كنتى عاوزة حاجه ؟؟..
لينا بخجل : لا بس بسلم عليك …
حسام بابتسامة : الله يخليكى … انا كويس …
لينا بمرح : طيب سلام بقى …
حسام بلهفة : لينا …
لينا بابتسامة : ها …
حسام بحب : وحشتيني …
الجمتها الصدمه … كلماته سرت على جسدها كشرارة كهربية … لكن افلتت من شفتيها ابتسامه خجولة .. لم تعرف بما ترد علية … فقط ازدادت قبضه أصابعها على هاتفها … و هى تنصت لصوت أنفاسه الغير منتظمه …
حسام بقلق : لينا … انتى موجوده …
لينا بابتسامة : خلى بالك من نفسك … سلام ..
أغلقت الهاتف بوجهه دون انتظار اى رد … بل و وقفت تقفز فرحا … كطفلة صغيرة احضر لها احدهم هدية قيمة ….
اروى بضحك : ربنا يشفى كل مريض ….