الاعيب القدر للكاتبه ايمان عبد الحفيظ
نوفيلا : ألاعيب القدر
للكاتبة : ايمان عبد الحفيظ
الفصل الخامس عشر
ألقت بجسدها المنهك بتعب على الفراش .. تنهدت بتعب ..لقد أرهقت جسدها كثيرا اليوم و خصوصا حين كانت تداعب شغف قرب وصول أخيها المتيم يزن ..
Flash back ..
كانت تنظر لها بأعين لامعه من الدموع المكتوبة بداخلها .. صديقتها المقربة الوحيدة ستتزوج .. لأول مره تشعر بشعور الأخت .. لم تشعر بمثل هذا الشعور وقت زيجتها الاولى .. لكنها الآن سعيده بحق لها .. تطالع نظراته الخجولة فى المرأة .. و هى تلمس كل أنش فى وجهها و الابتسامة العاشقة الخجوله ترتسم على ملامحها الهادئة الناعمة .… ابتسمت هى بعمق .. ثم فتحت الباب بقوه .. و هى ممسكه ب لوح خشبي خاص بتقطيع الخضروات .. لتبدأ بالضرب عليه .. كعزف لحن موسيقى طريف .. و بدأت بالغناء والرقص و شاركتها به لينا ..
اروى بابتسامة : ما تذوقينى يا ماما .. قوام يا ماما .. ده عريسى هيأخدنى بالسلامه يا ماما ..
لينا بمرح : قرب .. قرب قرب ..
اروى بضحك : ده الفرح ده فرحنا .. و العروسة من عندنا و تخصنا .. الله بقى و ايوووه بقى .. و خمسه امواااه على رأيى الحجه فيفى ..
لينا بضحك : هى امتى بقت حجه ؟؟ ..
اروى بضحك : هى مش عدا ال ٥٠ تبقى حجه .. سيبك انتى … يلا بس نرقص و نغنى ده الفرح فرحناا …
بينما كلاهما فى حالة اللاوعى مع الرقص و الغناء و الضحك الهستيري .. انفجرت هى ضحكا عليهما .. و قد تناست تماما خجلها و توترها من الليله .. ثم صرخت
اروى بمرح : سمع هوووووس .. الليلة ..
لينا بضحك : الليلة ..
اروى بضحك : اختى ..
لينا بضحك : اختى ..
اروى بخبث : و اخويا ..
لينا بضحك : اخويا ..
اروى بضحك : شغف و يزن .. يعنى العشق .. يعنى عصافير الحب .. يعنى فقع المراره اللى على أوصوله ..
لينا بضحك: اوصوله ..
شغف بصراخ و ضحك : ببسسسس .. ايييييه .. ايه شغل العوالم ده .. يخربيتك يا اروى .. انحرفتى و هتخلى البت تنحرف معاكى ..
اروى بضحك: ده أساسى يا ماما .. مش انا هتخطب بعد شويه .. يعنى لازم اتجنن لانى هعيش حاله اكتئاب زى ما قالت خالتك اليسا ..
لينا باستغراب : مش كانت حاله حب ..
اروى بضحك: حاله الحب دى تعيشها البت أليسا و اللى العالم اللى زيها إنما احنا بنعيش حاله اكتئاب مع الرجل المصرى المتحكم الملقب ب سى السيد ..
شغف بضحك : و الله .. على اساس انك مش عايشه حالة حب مع تيم .. و لا دى برضوه اكتئاب ..
اروى بمرح:دى و لا حاجه .. احنا لسه على البر .. ثم إن أمة عارفه و يزن عارف ان هو طلب ايدى ..
لينا بضحك: مؤدبه ..
شغف بمرح : فعلا .. اقبلى يا اروى .. صدقينى هو بيحبك حتى لو مش بيحبك .. هيحبك مع الوقت .. هو معجب بيكى ..
شغف بثبات: و اوعى تنكرى ده لأنه ظاهر جدا فى عيونه ..
Back …
تنهدت بعمق .. ستقبل .. لم يسع لها الوقت لتخبر شغف عن الحلم الذى راوده بعد أن أدت صلاة الاستخارة على مبدأ قبولها أو رفضها ل تيم .. لقد راودها حلم جميل للغايه .. رأت نفسها ترتدى ثوب طويل للغاية بأكمام طويلة باللون الابيض .. كانت تسير فى حديقه خضراء ممتلئة بالورود بكل ألوانها .. و كان هو يقف بجانبها و يبتسم لها بلمعان .. نظرته فى الحلم أثارت رغبتها فى الامان و الحنان الذى أفتقدته منذ ساعات .. صدقا هى. افتقدت يزن .. لقد بكت من اجله و من أجلها .. رغم أنهم فى الطابق العلوى لها .. لكنها كانت دموع الفرح .. أعز شخصان على قلبها تزوجا ببعضهما .. يا رب تكتب لهم الراحه و الهناء و السعادة .. ثم قامت مسرعه تتوجه إلى الحمام لتتوضأ .. لتؤدى فريضه صلاة العشاء التى لم تقمها بسبب شغلها فى الزفاف البسيط الخاص بأخيها .. كانت تقرأ القرآن الكريم بصوتها الخاشع الهادئ .. الذى يحرك قطرات الدموع فى عيون اى شخص .. فصوتها كان يلمس جدار القلب و الاحساس ..
لم تكن تعرف أن صوتها العذب ارتفع قليلا .. و ظهرت شهقاتها الباكيه من شرفتها .. لتلتقطها الاذان المصغيه و الأعين القابعه فى الشرفه المجاورة .. أعين تيم الذى كان يقف فى الشرفه بالمصادفة .. يحتسى شراب القهوة و يرتدى نظارات طبية ذات إطار فضى لامع .. كان يظهر عليه الإرهاق بفعل عمله الذى بدأ به منذ أيام مع والده .. حيث قرر استثمار قطعه ارض ببناء وحدات سكنية و بيعها بأسعار مناسبة .. فكان منهك فى رسم المبانى و الشقق السكنية .. ارتسمت الابتسامة على وجهه الهادئ حين التقطت أذنه صوت قرأتها للقرأن و هى تقيم فريضتها .. نظر تلقائيا على شرفتها المفتوحه بأعين متلهفه .. يرغب برؤيتها .. لم يشأ أن يذهب إلى الزفاف البسيط فى بيت العروس .. حتى لا يضغط عليها .. و يعيطها متسع من الوقت للتفكير بعمق فى طلبه للزواج منها .. لكنه الآن صدقا يرغب برؤيتها .. ازدادت نبضات قلبه حين سمع صوت بكاءها .. كم هى رائعه للغايه .. صوتها يأسر قلبه المتيم بعشقها .. كانت مشاعره تتضارب كالامواج بصدره .. أغمض عيونه قليلا يستحضر صورتها بخياله .. تجلس خلفه بقليل على سجادة الصلاة .. و يقرأ هو بصوته الهادئ الذى طالما طالبته والدته بالقراءه لها به القرآن الكريم .. لحظه يرغب بتذوق مذاقها الرائع .. مدى تخيلها رائع .. اذن ماذا ستكون الحقيقة ..
فتح عيونه بفزع حين سمع صوت شهقه فزع بجانبه .. تبعها فى أقل من الثانيه صوت وقوع كوب الشاى من يدها هى ..
تيم بقلق : انتى كويسة ..
ابتلعت ريقها بخجل شديد ممزوج بالتوتر .. هى حضرت كوب شاى ساخن لتشربه فى شرفتها و هى تتخيل متى ستخبر يزن بقرارها بقبول طلب تيم للزواج .. لكنها حين وجدته بجانبها يقف شامخا وسيم للغايه .. يرتدى نظارات طبية لامعه .. كان يخطف الأنفاس و العقول معا .. فخرجت منها شهقه فزع و انبهار معا .. ارتجفت يدها الممسكه بكوب الشاى .. لتنتج حالة وقوع الكوب على أرضيه شرفتها .. و تساقطت بضع قطرات على يدها و ملابسها .. مما تسبب فى احمرار موضع قطرات الشاى على يدها .. لكنها شكرت ربها أنه سقط لأنه أخفى ما شعرت به من انبهار بوقوفه بجانبها ..
اروى بخفوت : كويسة .. شكرا ..
تيم بقلق : حصلك حاجه ؟؟.. اتحرقتى او حاجه ..
اروى بابتسامة خفيفه : لا الحمد لله .. دى حاجه بسيطة .. عن اذنك
قالتها ثم ركضت بأقسى سرعتها للداخل .. لحمام منزلهم .. لتهرب بقلبها النقى الذى يخفق بعنف داخل ضلوع صدرها .. كلماته القلقه عليها .. أٓنعشت الانثى المدلله بداخلها .. أن تشعر بأن هناك من هو مهتم بها .. قلق عليها .. هو شعور رائع .. أن تكون محط أنظار شخص معين .. اما هو وقف يضع يديه فى جيبة .. اعاد نظارته للخلف قليلا .. و هو يبتسم بثقه .. ربما تلك كانت لحظات قليلة التى رأها فيها .. لكنها الى حد ما كافيه و لو قليلا لقلبه العاشق لها …
فتح باب الشقة بابتسامة .. التفت لها و هو لاول مره .. يسمح لنفسه أن يتأملها بحب .. سمح لنظراته ان تلتقط كل تفصيله صغيره فى فستان الزفاف الذى حاوط جسدها بطريقة هادئة ناعمه .. مما زادها جمالا و أشراقآ ..
يزن بابتسامة : ادخلى برجلك اليمين ..
شغف بابتسامة خجولة : بسم الله الرحمن الرحيم ..
قالتها و هى تخطى أول خطوة داخل منزلها الجديد .. عشها الصغير الذى ستقوم ببناءه قشة قشة مع يزن .. صدقا هى وقعت بحبه .. لقد أصبحت تفكر فيه فى كل تفاصيل حياتها .. يالسخرية كيف كانت تفكر فى رفض عرض زواجة .. حمقاء ..
اقترب منها يزن و ينبوع الحنان يُضْخ من عيونه .. طبع قبلة طويلة على جبينها .. يبث لها أبعاد شوقه لها و حبه .. ابتعد عنها قليلا ..ثم رفع أصابع يده .. ليشابكها مع أصابعها المرتجفة التى تتعرق بشدة .. نتيجة التوتر .. هى لن تتحمل طوفان المشاعر الذى سيغرقه به يزن .. لكنها تتوق لرؤيتة .. تتوق لرؤيتة يقترب منها.. قاطعها من شرودها
يزن بابتسامة : أدخلى غيرى هدومك .. و تعالى علشان نصلى .. ..
اؤمأت برأسها بخجل .. ثم أسرعت تجاه أول غرفة قابلتها .. التى لحسن حظها كانت الغرفة المطلوبة .. أغلقت الباب بسرعه و هى تستند عليه .. وضعت يدها على قلبها.. تستشعر ضربات قلبها المتيم بعشقه .. ثم توجهت لترتدى ما وجدته على الفراش .. كما توقعت يزن ظن انها ستهرب لاول غرفه بسبب الخجل .. لذلك وضع لها ثياب فى هذه الغرفة .. نظرت لما تم وضعه بأعين هائمه و مصدومة .. وضع لها يزن .. قميص نوم أبيض اللون لامع .. حيث القماش الدانتيل الذى يلتف حول صدرها .. و الستان اللامع الذى أنساب على جسدها الرفيع بحميمية .. أثار خجلها اكثر أن القميص قصير للغاية .. فأرتدت فوقه إسدال الصلاة .. خرجت له بخطوات مرتجفه مترددة .. وجدته يطالعها بحنانه المعهود .. و ابتسامته التى تشق طريقها إلى قلبها دون أي عوائق ..
وقف هو أمام الصلاه و هى خلفه .. كلاهما الان فى غاية السعادة ..سرت قشعريرة قوية على جسدها و قلبها و هى تستمع لصوته الخشن القوى يقرأ القرآن .. كانت صوته هادئ للغاية .. مؤثر جدا .. لدرجه تجعلك تبكى و انت تستمع لصوته الخاشع .. تساقطت قطرات الدموع من عيونها الرمادية الدافئة .. لقد شملتها رحمة الله تعالى .. لقد تزوجت مره .. و توفاه الله قبل أن يمسسها .. و تزوجت الثانى و قلبها ينبض بحبه .. ترى فيه الامان و الحنان .. برغم الالم الذي تحملته إلا أن الله دائما كان معها ..
بمجرد أن انتهى من أداء الصلاة .. التفت لها بابتسامة .. لتختفى ابتسامته و هو يرى دموعها على ملامحها الملائكية .. أثار هذا فزعه و خوفه .. ما الذي حدث يدعو للبكاء ..
يزن بفزع : مالك يا حبيبتي ؟..
شغف ببكاء : صوتك حلو اوي .. حسيت ان ربنا بيكافئنى بيك .. طول عمري كنت بتمنى اتجوز واحد يكون تٙقْى .. صوته حلو فى قراءة القرآن .. أحبه .. يعوضنى عن حنان الاب و الاخ .. يكون ليا صديق و حبيب .. يكون ليا كل حاجه .. و لما سمعت صوتك دلوقتى .. عرفت ان ربنا بعتلى كل اللى اتمنيته فيك ..
تنهد براحة .. السبب لا يستدعى البكاء .. لكن مشاعرها تجاهه .. أثارت رغبتة فى تقبيلها الان .. لكنه وضع يده على رأسها و هو يردد دعاء المتزوج ..
يزن بخشوع : اللهم أنى أسألك خيرها وخير ما جلبتها عليه و أعوذ بك من شرها وشر ما جلبتها عليه
أمسك يدها ليرفعها الى شفتيه ليطبع قبلة على باطن كفها ..
يزن بحب : عارفة انا بحبك من قد ايه .. من حوالى ٤ سنين .. لما شوفتك اول مره فى صورة على موبايل اروى .. حسيت انها مش صورة .. حسيت ان عيونك الرمادى بتشدنى ليكى .. كنتى مش بتفارقى عقلى .. لما شوفتك اول مره على الطبيعه.. كنت حاسس فرحتى زى فرحة العيل الصغير بهدية كبيرة .. حبيتك لما شفت ابتسامتك اللى كأنها ابتسامه مل عجاك .. حبيتك لما سلمتى عليا اول و كنتى مكسوفة تنطقى اسمى .. انا بحبك اوى يا شغف ..
لم يجد منها اى رد سوى أنها حدقت به بأعين هائمه .. و الابتسامة المترددة ترتسم على ملامحها الهادئة ..
يزن بابتسامة هادئة : شغف .. انتى لو مش عاوزة حاجه..
قاطع حديثه أصبعها الذى وضعته على شفتيه لتمنع من الحديث ..
شغف بابتسامة : ينفع اتكلم معاك فى حاجه الاول .. و بعدين نشوف اللى هيحصل ..
يزن بتوتر : خير ..
شغف بتوتر : يوم الفرح ..
يزن بحنق : بلاش السيرة دى يا شغف .. بتضايقنى ..
شغف بثبات : فى حاجه لازم تعرفها يا يزن ..
يزن بمرح : هعصر على نفسى لمونة .. و اسمع السيرة دى ..
شغف بتوتر : بعد فرحى .. لما دخلت الشقة .. س..
يزن بانفعال : يا شغف . اعصابى مش هتستحمل اسمع اسمه من شفايفك ..
شغف باندفاع : يزن .. انا لسه عذراء..
لاحظت صدمتة .. شحوب وجهه كأنه رأى شبح .. كأن أحدهم سكب علية وعاء ممتلئ بالماء البارد .. ماذا قالت للتو ؟؟.. أهى ما زالت عذراء .. لم يمسسها أحد .. كيف ؟.. لقد انتظر شهور عدتها كاملة .. هل كانت خدعة .. كانت تكذب علية ..
يزن بصدمة : ازاى ؟؟..
شغف بحرج : بعد لما دخلنا البيت سوا.. قالى غيرى و تعالى نصلى .. فأنا اتأخرت شوية .. طلعت لقيته نام لأنه كان تعبان اووى .. بس حتى ملحقش يشوف شعرى .. نمت على الكنبة فى الصالة بأسدال الصلاة ..
عجبآ.. هل كان كل ذلك لعبة من ألعاب القدر .. لقد كُتب عليه أن يعيش هو معها .. أن يكون هو أول رجل فى حياتها .. لكن لما فضلت الانتظار لمدة عدتها المزيفة ..
يزن بترقب : و ليه استنتى ٣ شهور .. بتوع العدة .. اذا كان أنتى اصلا مفيش عدة ..
شغف بحرج : مكنتش عاوزة أفضح الى بينى وبين جوزى اللى مات .. غير للشخص اللى اتجوزة ..
يزن بابتسامة : و ليه مقلتيش قبل كده ؟؟..
شغف بخجل : اتكسفت اقولك .. انا أصلا بتكلم دلوقتى .. و عايزة الارض تنشق و تبلعنى ..
جذبها من ذراعها .. ليعانقها بقوه شديدة .. شكرا لله .. لم يحرمة من الزواج ممن يحب .. بل و سيكون الاول فى حياتها .. سيكون هو من يطبع صك ملكيتة على قلبها .. سيرسم نقوش حبه على جسدها .. سيعلمها أبجدية عشقة ..
ألقت بثوبها الفيروزي الناعم الذي كانت ترتديه طوال اليوم .. نظرت له بحب و حنان .. كأنها تنظر إلى حلم جميل .. تنظر الى فارس أحلامها الذى تتجسد صورته دائما فى صورة حسام .. عند هذه النقطه .. تآوهت بتعب قلب تألم من الوحده و النُبذ من الجميع .. لقد كانت مثال لمن ينفر الناس منه .. حتى ألتقت ب يزن .. الذى أحضرها الى هنا .. بل يمكن القدر هو من أوقع يزن على مرأى اعيونها ذاك اليوم .. هى لم تكن تحب التحدث للغرباء بحكم خوفها الشديد .. لكن شيء ما بداخلها دفعها للنهوض التحدث معه .. رغما عنها شعرت به كالقشة التى ستتعلق بها لتنجو من الغرق بالوحده و اليأس ..
سمعت صوت طرقات على الباب .. فابتسمت بهدوء و هى تتوقع مجيء والدتها أمنة .. اتسعت ابتسامتها مره اخرى .. نعم و أخيرا شعرت بحنان الام .. أخيرا شعرت بسيدة تعتبرها كل شيء فى الدنيا .. أمنة .. كانت كالغطاء الحريري الناعم الذي تسرب على جسدها ليحميها من الوحده .. كم تحبها حقا ..
لينا بابتسامة : ايووووه يا طنط .. جايه ..
أتجهت مسرعه الى الباب .. لتطالعها صورة أمنه المبتسمة ..
آمنة بابتسامة : ينفع أتكلم معاكى شوية ..
لينا بتوتر : خير يا طنط .. انا حصلت منى حاجه ضايقت حضرتك .. أو حضرتك مضايقه من وجودى هنا ..
آمنة بحنان : بس بس بس .. ايييييه كل ده .. تعالى ..
جذبتها أمنه من يدها برقة .. لتتجه بها للجلوس فى حجرتها على طرف السرير ..
ارتسمت الابتسامة الحنونه على ملامح أمنة و هى تطالع توتر لينا المبالغ به.. تذكرها بشغف حين كانت تجلس نفس جلستها وقت تفعل شيء خطأ و تنتظر السماح و العفو منها ..
أمنة بابتسامة : انتى عارفه انا عاوزاكى فى اييييه ؟؟ ..
هزت لينا رأسها بالنفي .. و القلق يتسرب داخلها إن كانت أمنه قررت أن تلقى بها إلى الشارع مره أخرى
ماذا سيحدث لها لو كان الأمر كذلك !؟..
أمنة بابتسامة : انا عايزة أطلب منك تفضلى معايا على طول .. تعيشى معايا زى شغف بنتى بالظبط .. موافقة ؟؟ ..
ترقرت الدموع في عينيها البنيه اللامعة .. و الابتسامة الحزينة ترتسم على شفتيها الورديتين .. لا تعرف لما أجهشت بالبكاء و هى تلقى بنفسها فى أحضان أمنة .. شعور المنبوذ بملاقاه من يرغب به .. شعور الوحيد لمن يؤنس وحدته و يمحيها .. عانقتها بكل قوتها تستمد منها حنان الام التى توفيت .. و تستمد منها حماية الأب الذى لم يبالي بها قط.. كم هى محظوظة شغف بوالدة كأمنة ..
لينا ببكاء ممزوج بفرح : طبعا .. موافقة .. يا طنط
أمنة ببكاء : يا حبيبة قلبي .. بس فى مشكلة ..
لينا بتوتر : اييه هى ؟؟.
أمنة بابتسامة حنون : لازم تنادينى ماما ..
لينا بابتسامة طفولية : حاضر يا .. يا ماما ..
عانقتها أمنه بكل قوتها .. تستمد من تلك الصغيرة شعور الأمومة من جديد .. ستصير لينا ابنتها .. لتعوضها عما فقدت من حنان الام و الاب معا ..
أمنة بهدوء : لينا ..
ابتعدت لينا عنها قليلا .. و هى تحدق بها .. كالذى يحدق بتحفه ثمينة للغاية .. حقا أمنة هكذا بالفعل .. جوهرة ثمينة غالية ..
آمنة بابتسامة : بما أنى ماما .. أسألك سؤال كده .. بينى و بينك ؟؟ ..
لينا بابتسامة: اتفضلى ..
أمنة بابتسامة : حسام ..
اختفت الابتسامة تدريجيا من ملامحها .. لتحل محلها أخرى خجولة .. رسمت معالم الخجل الشديد على وجنتيها الورديتين ..
أمنة بضحك : لا ده الموضوع كبير اووى ..
لينا بخجل : مفيش موضوع ؟؟ ..
أمنة بابتسامة : على ماما .. ده انا شفته لما كان تحت البلكونه الساعه ١ بعد نص الليل .. جاى يشوفك .. و شوفته لما كان بيبصلك يوم كتب كتاب شغف .. انطقى يا بت .. أحسنلك ..
لينا بتوتر : يا ماما و الله مفيش حاجه .. هو بس متهور حبتين .. و انا مفيش اى حاجه ..
أمنة بابتسامة: بتحبيه ..
اتسعت حدقتى عيون لينا بصدمة ؟… هل هى حقا تحبه ؟؟… هل هى وقعت في حب ذلك الذى يُدعى حسام … هى فقط تحب التفكير به .. تحب التحدث أليه …لكن تحبه هو كما يحدث في الأفلام والمسلسلات .. لا لا لا … محال أن تكون أحبته .. أو ربما .. هى تدور بمتاهه لا بداية لها و لا نهاية .. هى لا تعرف بما تشعر نحوه ..
لينا بخجل : معرفش .. هو شعور غريب كده .. بحب اتكلم معاه .. أحب اشوفه .. معرفش ده ايييه ؟؟.. بس خايفه يكون غلط ..
أمنة بابتسامة حنونه : الحب فى حد ذاته مش حرام .. لكن التجاوزات اللى بتحصل بدافع الحب دى حرام .. زى مثلا يمسك أيدك .. يشوف شعرك و أنتِ محجبه .. يلمسك بطريقه غلط .. كلام الحب المبالغ فيه .. الغزل الحاجات دى حرام لأنك مش محلله ليه .. عايزه تحبى حسام .. حبيه مش غلط بس أوعى تتجاوزى حدودك .. فهمانى يا لينا ..
لينا بخجل: فاهمه يا ماما ..
جذبتها أمنه الى حضنها .. و هى تطبع قبلة حنونه على خصلات شعرها الناعمة .. و هى تستبشر خيرا فى هذه الفتاة التى ستجعلها معها دائما كأبنتها … تحفظه و ترعها حتى تسلمه لقدرها و نصيبها فى هذه الحياة ..