أحبك والبقية تأتي

الفصل السادس

أغمضت عيناها بألم وهى تتأوه فهذا المبنى بعيدا كل البعد عن المدرسة وعالى جدا وهى اصلا مصابة بنقص الحديد وعظامها تؤلمها بقوة عندما تتحرك كثيرا..تحاملت على نفسها وصعدت الأدوار المتبقية بكفاح وعزم وقوة محارب يريد ان يعرف مصيره…واخيرااااااا وجدته بمكانه المعتاد ..يدخن سيجارته المعتادة …ويجلس بلطريقة الأكثر اعتيادا !
-اااااااه…حرام عليك مكنا نتقابل فى القهوة الى ع أول الشارع دى..اى لازمة البهدلة دى
ضحك بخفة وهو يمد يده لها لتجلس بجواره على السور……
ساد الهدوء قليلا …فقاطعته هى…..بلتأكيد
-ها…اى رأيك نبدأ ب أنك تحكيلى عن عيلتك
صمت قليلا وهو ينظر للأسفل..ثم أخذ نفس اخير من سيجارته ورماها للأسفل…وقال وهو يخرج دخان السجارمن فمه
-طيب….بابا مش كويس ..وماما كمان….بابا كان شغال شغل مش كويس وكان عنيف حبتين….وماما مستحملتش فخنته مع راجل تانى..
صمت قليلا عندما احس بغصة فى حلقه….فأمسكت حياة بيده وهى تشد عليها بدعم وحنو…أما هو فرفع نظراته المدهوشة اليها فنظرت له بحنان..فأراد هو ان يخرج من هذا الوضع الغير مريح بلمرة فقال
-المرادى معكيش سندوتشات؟
ضحكت وهى تقول
-لأ اكيد معايا….اصبر هطلعهالك
كادت أن تفتح حقيبتها ولكن هاتفها رن فقالت
-تيتة بتتصل..خد السندوتشات من السوستة الصغيرة..عقبال ما أرد …هروح هناك متطلعش صوت
أومأ بصمت وهو يفعل ما قالت..ولكن وهو يخرج العلبة البلستيكية التى تخص الطعام أخرج ايضا ورقة صغيرة كانت معلقة بها!!!….. فأثارت فضوله وفتحها…بعد دقائق كانت
عيناه حمراء بلون الدم..هو الغبى الذى قال لها على سر أمه….وهى اصلا تشبهها….تخووووووووووونه
……عادت بأبتهاج وهى تقول
-قلتلها بشترى هدوم…انت مالك
نظرت اليه قليلا وأستنتجت انه ربما غضب لأنه فشى سره المخزى
فقالت بحنان
-خلاص…متكملش مكنتش اعرف ان الموضوع كدة..أنا معنديش مانع أن
قاطعها هو وهو يهدر بعنف
-مادام معندكيش مانع فى دى….يبقى معنكيش مانع انك تعرفى انا مين …
تراجعت للخلف بخوف منه ومن هيئته..بينما هو يستكمل بعنف اكثر
-أنا مووووووووووووت
ارتعد جسدها وارتعش بشدة من كلماته المبهمة…..استكمل هو
-رغم أنى عارف انك سمعتى أسمى بدل المرة الف من ساعة ما حظك الاسود جابك الخرابة دى….بس أنا هوريك الموووووت
اقترب منها بسرعة وأمسك بقميصها المدرسى البسيط ليقطعه بقوة وهو يقبل عنقها بقوة وينهشه بأسنانه….زاد ارتعاشها وهى تقريبا مغيبة….لا تصدق أو تستوعب ماذا يحدث….ولكنها أستجمعت شتات نفسها لتصرخ بأعلى صوت وتركل وتنتفض بشدة…بينما عنده هو عندما بدأت بلمقاومة لم يسمع صوتها صراخها هى ..ولم يرى نظرة الرعب التى بعينيها هى….بل كان يرى…………………أمه
تركها وتراجع للخلف وهو يراها تنكمش وتتراجع بخوف إلى أن لصقت بلحائط وأخذت تسعل وتضم قميصها إليها عسى أن يسترها….ظل ينظر إليها بصمت إلى أن أقترب منها وجثى بجوارها بهدوء وقال بهمس
-كنت ممكن اغفر اى حاجة غير الخيانة
نظرت اليه بصدمة ..ولم تفهمه, أخذت تحدق فيه بعدم أستيعاب إلى أن أخرج الورقة مجهولة الصاحب ورماها أمامها …لتستوعب هى ما يقصد..قالت بأرتعاش
-أنا…أأأنا…مخنتكش …أأأ…أنا معرفش مين بعتها
ضرب بيديه الأرض الصلبة وهو يهدر
-متكذبييييييييييييييش
أنتفضت هى وقالت
-والله أبدااا….بقالى أسبوعين بلاقى الورق ده فكتاب أو ف السوستة الخارجية…أنامعرفش
نظر إليها بعدم تصديق ..فهمست وهى تنهارفبكاء مرير
-ورحمة ماما
أخذ يتمعن فيها لدقائق ومن ثم بدون مقدمات أخذها بأحضانه..كاد ان يحطم اضلاعها وهو يدفعها بقوة بين ذراعيه…كان يود أن يدخلها بين أضلعه ليحميها من الناس والأهم……من نفسه!
خرج صوتها متحشرج من بين هذا العناق القسرى فقالت بهمس
-عايزة امشى
سمع هو همسها فزاد من قوة تطويقه لجسدها الرقيق فتأوهت هى بألم….لا لن تتركه مهما حيا ..حتى إذا خانته…ليكسر أضلاعها ضلع ضلع ويبقيها بجانبه……..هذه المرة قاومت حضنه القسرى وهى تقول بأرتعاش
-عايزة امشى…سبنى
أمسكها من ذراعها وأخذ يهزها بعنف وهو يهدر
-لا مش هسيبك….لا مش بعد ما لقيتك…..سامعة مش بعد ما لقيتك
لاحظت حياة انه غير طبيعى البتة
وأنه يهذى…فمنذ دقائق حاول اغتصابها والأن لا يريد ان يتركها
..عليها التصرف بذكاء إذا ارادت الخروج من هذا المكان بأمان…أستجمعت حطامها وقالت
-أنا مش هسيبك…مش هسيبك…أنا بس هدومى مقطعة زى ما أنت شايف وتيتة تعبانة ومحتجالى…سبنى أروحلها دلوقتى
أمعن النظر فى عيونها ثم قال
-وهترجعى
-أكيد
أبتلعت ريقها بتوتر وهى تنظر لعينيه الشرستين…بينما أبتعد هو ونظر إلى ملابسها بأسف وهو يقول بحشرجة
-أنا مكنتش أقصد…..أبدا
حركت رأسها بلا معنى وهى تقف وتعدل من ثيابها ,فقال هو وهو يقترب
-أوصلك
أنتفضت هى بخوف وتراجعت للخلف ..فوقف هو ونظر لها بأندهاش فأستدرجت الموقف وهى تلم أشيائها بسرعة..وقالت
-لأ…بلاش
قبل أن تخرج أستوقفها صوته وهو يقول بهدوء
-هستناكى
أومأت بصمت ومن ثم تلاشت فى ثوانى….كما دخلت حياته ايضا فى ثوانى
أما فى الناحية الأخرى عند سمية
شعرت بيدين كالحديد تلتفان حولها وتدخلها غرفة مغلقة فى أسفل سلم بيتها قبل أن تصعد الدرج…..أخذت تصرخ وتركل ولكن سرعان ما تلاشت أفعالها كما تلاشى صوتها وحلت محله علامات الصدمة والخوف عندما رأت رجل وسيم مشوه بالكامل ينظر لها بتمعن…أبتلعت ريقها وقالت بضعف
-أأأأنت مين….وعايز اى
ظل يحدق بعيونها لفترة ثم قال
-أنا مش هعمل حاجة مفيش داعى لكل الخوف ده…أنا بس عايزك تعملى حاجة بسيطة..تقدرى
أومأت بسرعة وخوف….فمد يده بجانبه وأخرج ظرف صغير ومد يده به لتأخذه هى بأرتجاف…وتقول
-فيه اىه
قال بثبات وهو يتكتف
-فون صغيرة …عايز أكلم اختى..أكيد جلال أخد بتاعها
قالت بأرتجاف شديد
-أأأأنت …باسم
أومأ بصمت ..فقالت
-أنا اسفة
عقد حاجبيه بعدم فهم لتوضح بخوف
-أنا السبب….أنا الى قلت لجلال عليك..سمعتها بتكلمك …ف
قاطعها بصرامة خفيفة وهو يقول
-أنت مش السبب ان اختى هربت ..ومش السبب ان اخوكى***…ومش السبب ان اهلك ما حبوهاش..ومش السبب ان هى معقدة…فياريت متشيليش نفسك هم حاجة انتى متعرفيش ربعها
نظرت له بأندهاش وخيم الصمت لتقطعه هى
-حاجة تانية
نفى بصمت…فأومأت لتخرج من غرفة البواب وتصعد على السلالم بشرود كل ماتفكر فيه هو..عيناه!
……..ظلت تطرق الى أن جائها صوت ضعيف من الداخل
-عايزة ايه
-أخوكى جيبلك حاجة
فى أقل من ربع ثانية كان الباب يفتح على مصرعيه ونيرة تطل منه بهيئة مشعتة و…..مشوها!
شهقت سمية بصدمة بينما أخذت منها نيره بسرعة ما يوجد بيديها وأغلقت الباب كما فتحته وتركت سمية مشدوها………….
فى منزل حياة…
تتحرك فى غرفتها بهستيرية وهى تخلع ثيابها بعنف وتبكى بحرقة ومن ثم ركضت الى داخل الحمام لتغتسل..وهى تشهق بعنف نزلت دموعها ك الشلال لتغسل جسدها مع المياه الدافئة….وهى تتجه لغرفتها سمعت صوت أنين مكتوم من غرفة جدتها فأسرعت لتلف للغرف وتتجه لجس جدتها النائم وهى تهزها بعنف رقيق وتقول
-تيتا..مالك يا قلبى …فيكى اى
عندما سمعت جدتها صوتها الرقيق يتسلل الى أذنيها فتحت عيناها ونظرت لهيئتها الملائكية شعرها المبلل ومنامتها البيضاء القصيرة ولكن عيناها كانو حزينتان
-مالك ياحبة عينى
ردت بنبرة رقيقة حزينة
-خدينى فى حضنك يا تيتا
وبلفعل أخذتها جدتها الطيبة بأحضانها وهى تمسد على شعرها الى أن هدأت حياة تماما..مرت فترة صمت قطعها صوت حياة وهى تقول
-تيتة لو فى شخص يعنى…عزيز عليكى طلع وحش فجأة تعملى اى
جأها صوت جدتها ترد بهدوء
-على حسب لو بيعمل حاجة وحشة ولا هو وحش
صمتت حياة لدقائق ومن قالت
-لأ بيعمل حاجة وحشة
ردت الجدة ببساطة
-يبقى تحاولى تغيره ..مين يعرف مش يمكن أنت أمله الوحيد والقشاية الى ممكن تنقذه
مجددا صمتت حياة ولكنها أخذت تقلب كلام الجدة بعقلها
فى الصباح بمنزل سمية
كانت سمية وجلال وحدهم من يجلسون على مائدة الافطار ليفطروا سوية…جلال لم يحدثها الأ ب كلمات
مقتضبة وشبه معدومة منذ ليال..أستجمعت شجاعتها وأقنعت نفسها أنه لن يؤذها مهما كان هو أخاها..كما كبر حد قسوته معها كبر حنانه
-جلال
لم يرفع نظره عن الطبق بل رد بهدوء
-نعم
وضعت خصلة منفلتة من شعرها الناعم خلف أذنها وقالت
-هى ..أحم..نيرة كويسة
نظر لها نظرة متفجأة وما لبث ان قال
-دلوقتى تهمك
قالت وهى تنظر مباشرة ألى عيناه
-أنت عارف انها عمرى ما اعتبرتنى اخت ليها… علطول كانت بتعاملنى كشئ غير مرغوب فيه ..مع ان ده بيتى قبل ما يكون بيتها…كانت بتزعقلى وبتشتمنى وبتخلينى أعمل تقريبا كل حاجة ف البيت وانت كنت بتشجاعها
نظر لها بزهول وأشار لنفسه بسبابته وقال
-أنا!
أستكملت بشجاعة
-أه مكنتش بتتكلم وأنت شايف كل دا ب عيناك..مقلتش دى يتيمة وملهاش غيرى …أو أعوضها عن أبوها ومامتها الى ماتو وهى لسة متوعاش
………..أنت بس قلت نفسى نفسى
ومن ثم أخذت حقيبتها وجرت بأتجاه باب البيت وفتحته ثم خرجت منه وأغلقته خلفها بقوة وهى تبكى وتشهق بقوة, تاركة جلال بصدمة كبيرة..ما لبث ألا ان تحرك بأتجاه غرفته هو و زوجته ودخلها ..رأى نيرة جالسة على السرير تستند بظهرها على ظهر السرير وترتدى قميص لونه أرجوانى غامق مطعم بلدانتيل وقصير جدا ..متكتفة وتنظر له بلا أهتمام ….جلس بجانبها ولم يتحدث..فتوجست هى الأخرى خيفة بما قد حدث..لمست ذراعه ببطء وهى تهمس برقة
-جلال…فى اى
التفت اليها ونظر بعينها طويلا ثم انحدرت نظراته الى شفتها ومن ثم إلى جسدها الشبه عارى نتيجة لما تلبسه من قميص نوم خليع..ومن ثم رمى بكل جسده على قدميها وأخذ بيديها ووضعها على رأسه فدلكته بخفة ….قال بعد صمت
-أنا حاسس أننا ظلمنا سمية أوى
تنهدت بأرتياح أن الموضوع يخص سمية وليس أخاها…ومع ذالك هذا الموضوع يؤرقها هى أيضا..فجلال لم يحتجزها بل غرفة أنما هى لا تخرج خشية من أن تواجه عيناها التى تذكرها بنفسها وهى صغيرة حمقاء لا تفقه شئ فى الحياة..فقالت هى الأخرى وهى مستمرة بتدليك رأسه برقة
-وأنا كمان
رفع نظراته المندهشة اليها وقال
-بجد
قالت له ببعض الشعور بلذنب
-أنا مش وحشة يا جلال..أنا بس شفت فيها مامتك وهى بتذلنى وقاعدة على قلبى …بس دلوقتى حسا بلذنب
قال لها بهدوء
-توعيدنى نرجعها لحضننا تانى
قالت له بعيون لامعة وفرحة لأنها وصلت الى النقطة التى تريدها بلظبط
-أول ما توعدنى اننا نرجع باسم كمان
أنتفض من جلسته وأبعد يديها عان رأسه وحدجها بنظرات قاتلة..فأقتربت منه وهى تضع يديها حول عنقه وقالت برقة
-حبيبى اسمعنى بس….انا مش بطلب منك تقرب له أنا بس بقول نرتاح .سامحه وخلينا نعيش بقا فسلام…وأفتكر أن كل دا حصل بسبب غلطنا أحنا مش حد تانى
نظر لها وهو يتمعن بعينيها قليلا ومن ثم حاول نزع يديها من حول عنقه ولكنها أخذت يده ووضعتها على بطنها فنظر لها بعدم فهم وهو عاقد حاجبيه..لتقول برقة
-عشان أبننا
أتسعت عيناه بشدة ومن ثم أخذ يقبلها بفرح وحب عارم..يشكرها على ما أعتطه..وما سوف تعطيه
……………………..……………
نزلت على السلالم وهى تضع يدها على فمها محاولة منها لكتم شهاقاتها
المتتالية ولكن يد من الحديد أجفلتها وهى تسحبها الى نفس الغرفة بأسفل السلم….لحظات ورأت وجهه يقترب منها وعلى وجهه علامات القلق والأنزعاج..سألها بهدوء
-ايه الى حصل
أبتعدت عنه بتوتر وهى تقول
-متخفش أختك زى الفل..ممكن أمشى قبل ما جلال يجى
أقترب منها من جديد كما ابتعدت هى لتلتسق بالحائط خلفها ويضع هو يديه بجانبيها مستنداتين على الحائط ليعيق
تحركها…وقال وهو يشدد على كل حرف من كلماته
-أنا بسأل عليكى أنتى..أنتى وبس
أرتبكت بشدة حاولت أن تخفيها,فحاولت ان تتحرك ولكن هو اقترب أكثر فتوقفت عن الحركة وقالت
-لو سمحت أنا لازم أمشى مش ناقصة مشاكل..أرجوووك
نظر لها بتمعن ومن ثم قال
-تمام..المرادى بس
أبتعد عنها بهدوء لتختفى من أمامه فى لمح البصر..بينما لم ترى الابتسامة الشيطانية على وجهه
……………………..…………
فى بيت حياة
أستيقظت حياة وهى تشعر ببرودة شديدة..تمللت قليلا ومن ثم أستيقظت فى أحضان جدتها الحبيبة رفعت رأسها قليلا وقبل أن تقول شئ
أستوعبت شئ أكثر أهمية….جدتها لا تتنفس!

 

error: