((مُغرَم بك))ِ (صَغِیرة ولَکِن..القيادي)
الفصــل الأول
مُغـرَم بـكِ
ـــــــــــــــ
– مش هقدر يا فاضل صدقني ما إنت عارف .
جاش عادل الأخ الأصغر لفاضل السمري بتلك الكلمات المتأسفة ليعتذر عن عدم حضوره حفلة اليوم المُقامة في فيلته، عقِل فاضل موقفه فهو مدركًا ما به الآن كونه سقيمًا وحالته متأخرة ولكنه لم يُبين له ذلك، هوّن عليه ما هو فيه قائلاً بإعزازٍ:
– ربنا يشفيك يا حبيبي، ياما نفسي نرجع زي زمان بقى ونعمل سهراتنا الحلوة ونتلم كلنا، قد أيه يا عادل مشتاق للأيام دي، قلبي حاسس إنك هتخف بسرعة بس إنت اللي كسلان .
قال فاضل جملته الأخيرة بمزاح ليكشف عن كربته، بينما مسح عادل وجهه بكف يده الأخرى وتنهد بضعفٍ فهو طريح الفراش من فترة ويعلم بقروب أجله فهو يشعر بذلك ولكن من حوله يبادلونه المحبة ليتنيّح قلبه، ما يقلقه هو ابنته التي ما زالت صغيرة لم تدرك الحياة بعد فسيتركها وحيدة كما أمها، رد عادل بإجهادٍ ونبرة ذات معنى:
– يا رب يا فاضل، أنا كل اللي يهمني نور، خايف أموت وأسيبها وحيدة دي لسه صغيرة ومتعرفش حاجة و…
قاطعه فاضل عائبًا عليه مما يهذي به:
– بعد الشر عنك ليه بتتكلم كده، ونور في عنينا وحتى وإنت موجود، نور بنتي وكلنا بنحبها وعمرنا ما هنتخلى عنها مهما حصل، إنت بس شد حيلك علشان ترجعلنا زي زمان .
إغتبط عادل من كلمات أخيه المحبورة ورد ممتنًا:
– مش عارف من غيرك كنت عملت أيه يا فاضل، ماسك الشركة مكاني وبتهتم بكل حاجة كإني موجود بالظبط، دلوقتي بس قلبي هيبقى مطمّن لما أسيبك كل حاجة .
تنهد فاضل بحزن فقد إستترت الكلمات المشفقة من على لسانه ليستمر في تزيف بث الأمل بداخله، قال فاضل بتمني:
– إن شاء الله هترجعلنا زي الأول وإنت اللي تكمل تربية نور وتشوف معايا الشركة اللي تعبنا علشان تكبر، ودلوقتي زين كبر وهيبقى معانا ………
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ترجلت من الحافلة الخاصة بمدرستها ثم استدارت بجسدها لتلوح بيدها لابن عمتها مالك، لوّح لها مالك ويغطي وجهه ابتسامة واسعة، ردد بوداعٍ حار:
– مع السلامة يا نانو، مع السلامة يا قلبي أشوفك بكرة
ردت عليه بابتسامة صغيرة ثم التفتت بعدها لتتحرك داخل البناية التي تقطُن فيها في أحد الأبراج العالية بمدينة العجمي بالأسكندرية والتي يملكها والدها، وجدت نور المصعد عالقًا لحظها السيئ فهي ليست بالمرةِ الأولى، نفخت نور بحنقٍ ثم إضطرت لصعود الدرج لشقتهم في الطابق الرابع وتعابيرها متذمرة ضجرة، بخطی بطيئة كسولة صعدت فقد اُرهقت اليوم في مدرستها، ليكمل يومها الخادر بهذا المصعد اللعين ويبطل عن العمل، تعجبت أثناء صعودها الدرج من تكرار ذلك في الأونة الأخيرة، اشتكت لوالدها وللحارس ليبرر الأخير بعدها بأنه ليس به شيء لتتعجب أكثر، تنهدت بفتورٍ وهي ترفع رأسها للأعلى لتحسب المسافة المتبقية وترتاح قليلاً فلم يتبقى سوى طابق لبلوغ شقتهم؛ لم يكن كل ذلك من القضاء والقدر فقد كان مفتعلاً بفضل ذلك الشاب والذي هو في أواخر العقد الأول، حيث قطن منذ فترة وجيزة في إحدى الشقق، وقف مهيد أمام شقتهم في الدور الثالث مستندًا على الدرابزين ومرتديًا ملابس شبابية مكونة من بنطال برمودة قصيرة وتيشرت بدون أكمامٍ ضيق ومحددًا لجسده النحيل، بنظراتٍ ماكرة راقب صعودها الدرج فقد عطّل المصعد ليراها يوميًا في أثناء عودتها من مدرستها، عبث مهيد بالسلسال الذي يرتديه في عنقه وهو ينتظر بشغفٍ قدومها، صعدت نور تلك الدرجتين لتعجرج بعدها صاعدة الدرجات المتبقية للدور القاطنة فيه، تفاجأت بهذا الشاب الذي تجده يوميًا واقفًا هكذا منذ جاء، تحاشت نور الحديث معه ثم أكملت طريقها، صُدمت حين أمسك بذراعها لتضطرب وتنكمش في نفسها، هدأها مهيد بمكر داخلي ونظراته تجري بوقاحة على جسدها:
– متخافيش يا نور، أنا بس كنت عاوز أقولك على حاجة
ازدردت نور ريقها بارتباك وبيدها الأخرى أبعدت يدها قائلة بتذبذبٍ:
– عاوز مني أيه؟، أنا عايزة أطلع فوق!!
ثم أبعدت يده لتتحرك نحو الأعلى لتُكمل صعود الدرج ولكنه وقف أمامها ليعيق ذلك فنظرت له نور مرتبكة، قال مهيد بلؤم:
– إنتي ليه خايفة مني؟، دا أنا عندي لعب كتير في الشقة جوه وكنت عاوزك تلعبي معايا .
نظرت له نور ببراءة تشع من وجهها لتغفل عما ينتويه هذا الشاب، لم تجد مانعًا في ذلك فهو جارها ويريد اللعب معها، بدا عليها الموافقة ليبتسم مهيد باغتباط وهو يراقب مؤشرات وجهها، قالت نور بمعنى:
– أنا موافقة
إتسعت ابتسامة مهيد الماكرة لتظهر أسنانه، بينما أكملت نور بملل:
– بس دلوقتي أنا جاية من المدرسة تعبانة، خليها يوم الجمعة علشان مش بيبقى ورايا مدرسة، وهلعب معاك طول اليوم
ليس هناك عارضًا لموافقته فيوم الجمعة يخرج والديه طوال اليوم لقضاءه في النادي، سارع مهيد بالرد مرحبًا بتلك الفكرة:
– أنا موافق يا نور، خلاص هستناكي تنزلي عندي ونلعب سوا
ابتسمت نور ببراءة فأفسح لها الطريق لتمرق، صعدت نور الدرج وسط نظراته التي تأكلها وابتسامته الخبيثة فهو شاب مُدلّل لفتت هي انتباهه منذ قطنت أسرته هنا لتضحى جارته الحسناء، ردد بأنفاسٍ حارة:
– مستنيكي يا نانو، الجمعة مش بعيدة !!…..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
قرعت نور جرس الشقة لتفتح لها الخادمة الأجنبية، ألقت علیها نور حقيبتها باجهاد، تسائلت باهتمام:
– بابي نايم ولا صاحي؟
ردت الخادمة بعملية:
– السيد عادل مستيقظ في فراشه سيدتي
تحركت نور سريعًا ناحية غرفة والدها وهي تبتسم بشدة فغالبية الوقت يكون غافيًا، ولجت نور غرفته بهدوء وهي تمد برأسها للأمام لتجده بالفعل يقظًا ويُطالع جريدة ما فابتسمت بحب، تحركت نور للداخل متجهة ناحيته لينتبه عادل لها، نظر لها بحنان ويعلو ثغرة ابتسامة بشوشة ثم وضع الجريدة جانبًا، دنت نور من فراشه محتضنة إياه وهي تردد بحبٍ ممتزج ببعض الحزن:
– بابي حبيبي عامل أيه؟، ببقى فرحانة لما بلاقيك صاحي!
ضمها عادل إليه ثم رد وهو يربت على ظهرها بحنان:
– سامحيني يا نور، العلاج اللي باخده يا حبيبتي بيخليني أنام
ابتعدت نور قليلاً عنه، سألت ببراءة:
– هتخف إمتى يا بابي وترجع تفسحني زي الأول ونخرج للنادي سوا؟
ابتسم عادل بوهنٍ، قال ليريحها:
– إن شاء الله يا نور قريب، دلوقتي أنا كنت عاوز أقولك على حاجة هتفرحك .
لمعت عيناها بوميضٍ شغوف، اعتدلت مرددة:
– قول بابي على طول أيه اللي هيفرحني؟
رد مبتسمًا بمغزى:
– عمك فاضل عامل حفلة علشان زين راجع من برة وهيدخل معانا في الشركة
زاغت نور في حديثه لتعود للوراء متذكرة زين فكم كان وسيمًا استلب قلبها منذ كانت تأتي للفيلا، تحب الحديث معه لتتأمل ملامحه فقط، لم يدُق قلبها من قبل سوى وهي معه، لا تعرف السبب ولكنه شعور جيد أحبته، عادت من شرودها الخاطف لترد على والدها بحماس:
– هروح إمتى يا بابا؟، باحب ولاد عمي وعاوز اقعد عندهم شوية، أنا عايزة أروح دلوقتي!!
سعد عادل لرؤية فرحتها، رد موضحًا وهو يمسح على شعرها:
– الحفلة بكرة يا نور، خليكي النهاردة على ما تجيبي فستان جديد تحضري بيه الحفلة
ردت موافقة إياه الحديث فلابد أن تبدو بمظهرٍ جيد أمامه:
– خلاص يا بابي، كلم السواق يوديني أجيب فستان ……!!
__________________________________
ضمه والده إليه باشتياقٍ فهو ابنه الوحيد والمُدلّل، تأملنه اختيه بتلطفٍ تريد كل منهن الترحيب به فقد عاد للتو من الخارج كونه يعشق الترحال والسفر، ها هو قد عاد لموطنه ليستقر فيه وذلك لرغبة والده في إدارته للشركة فهو لم يعد صغيرًا فليكفي دلال إلى هنا، لبعض الوقت مر وزين في أحضان والده إبتعد ناظرًا إليه وعلى محياه إبتسامة جذابة متناسقة مع طلعته الحسنة لتنبهرن إخوته به، قال لوالده بنبرة محبوبة:
– وحشتيني يا بابا
رد فاضل وفرحته لا تقدر بثمن:
– خلاص من هنا ورايح مش هتبعد عننا، كفاية كده
هز زين رأسه ليؤكد ذلك قائلاً:
– خلاص يا بابا، أنا أصلاً عندي مشاريع وأفكار بفكر أستغلها في الشركة وأكبّرها
ربت فاضل على كتفه مسرورًا بذاك الخبر وابتسم، بينما وجه زين بصره لإخوته اللتان تحدقن به، قال بمرحٍ:
– وحشتكوا صح؟
لم تلبثن الفتيات موضعهن حتى إرتمت كل منهن في أحضانه ليضمهن لصدره، قالت مريم أخته بشوق:
– وحشتنا يا زين، ليه الغيبة دي كلها؟!
قبّل زین أعلى رأسها بلطف، قال بجدية:
– خلاص مش هروح في أي مكان لما هتزهقوا مني
– مش هيحصل أبدًا
قالتها سلمى أخته الصغرى بمحبة وهي في أحضانه، ابتسم زين ثم قال بمزاح:
– طيب هتفضلوا قافشين فيا كده، أنا جاي من سفر وعايز أرتاح
قال فاضل مبتسمًا من رؤيتهم من حوله:
– خلاص يا بنات سيبوه يرتاح وبعدين إبقوا أقعدوا سوا زي زمان ابتعدن الفتيات عنه على مضضٍ فقالت مريم متذمرة:
– وحشنا يا بابا، بقالو شهور في إنجلترا
تنهدت سلمى بولهٍ، قالت بتمنٍ:
– يا بختك، بتسافر من هنا لهنا وإحنا قاعدين، ياما نفسي أروح أي مكان
– طبعًا مش الوحيد ومن حقه يدلع
قالتها مريم بحسدٍ صريح ليرفع زين حاجبيه باندهاش، فطن بأنها تغار منه فقال مظلمًا عينيه بمغزى ليعاقبها:
– بما إنك بتنوقي عليا، فإنتي محرومة من الحاجات اللي جايبهالك من أفخم الأماكن في انجلترا
أسرعت مريم بالإعدال عن حديثها قائلة بتوسلٍ:
– أسفة، دا أنا مستنية تيجي علشان أشوف هدياك الحلوة علشان زوقك بيعجبني يا زينو
رفع رأسه بتعالٍ فتوسلت بنظراتها ليرضى عنها، تدخلت سلمى هاتفة بفضولٍ وهي تتأبط ذراعه:
– سامحها يا زينو، دا إحنا بنحبك والله وبنقول إمتى يرجع علشان وحشتنا قوي، دا أنا مروحتش الجامعة النهاردة مع إنها آخر سنة ومهمة وكل دا علشان أشوفك
قال ساخرًا وهو يرمقها بطرف عينيه:
– عاوزين تشوفوني برضوه ولا مستنين تشوفوا جايب أيه
ابتسمت سلمى بسخافة فقالت مريم بخبث:
– أنا بقى خلصت جامعتي من زمان وقاعدة، يعني مش لازم تشك في حبي ليك أبدًا
ضحك زين بخفوت وكذلك فاضل، تنهد قائلاً بلطف:
– أنا جايبلكوا كل حاجة بتحبوها ومنستش حد أبدًا، وعارف يا حبايبي بتحبوني قد أيه، حتى نور الصغيرة جبتلها رغم إني معرفش كبرت ولا لسه صغيرة!!
قالت مريم بحنوٍ مادحة إياه:
– قد أيه إنت ذوق يا زين، دا نور هتفرح قوي، بنت رقيقة وبتفرح من أقل حاجة، وديما تسأل عليك وتقول زين هيرجع إمتى
ابتسم زين فتدخلت سلمى موضحة:
– يمكن علشان وحيدة، دي بتبقى مبسوطة قوي لما بتيجي هنا، بتفضل طول ما هي هنا تجري في الفيلا وعملالها حس كإنها اختنا الصغيرة، ولما بتمشي بتبقى زعلانة وعايزة تخليها هنا معانا، بنحبها قوي
ابتسم زين مرددًا بسماحةٍ:
– أنا جايبلها حاجات كتير بس يا رب تطلع على قدها علشان مشوفتهاش من زمان، وكمان وحشتني شقاوتها وهي بتلعب في الطين بتاع الجنينة
ضحك الجميع وكذلك هو حينما تذكرها، أكمل ساخرًا بضحكٍ:
– أوقات بحس إنها هبلة والله البت دي، بس وحشتني
دنا فاضل منه مبتسمًا فهو يريد محبتهم من حوله لينتابه شعور إرتباطه بنور فقد إستدعاه مدعيًا معاونته في العمل ولكنه يريد إرتباطه بابنة عمه وذلك لوجودها معهم ليرتاح قلب أخيه عليها، قال فاضل وهو يربت على ظهره لينظر له زين:
– ربنا ما يحرمنا منك يا زين، إطلع يا حبيبي إنت إرتاح يا علشان تجهز نفسك لحفلة بكرة، دي مخصوص علشانك، وكمان لسه هتروح تسلم على عمك، دا هيموت ويشوفك ووصاني أول ما توصل تروح تسلم عليه .
اومأ زين برأسه ثم قال مرحبًا بالموضوع:
– أنا كمان عاوز أشوفه، وبالمرة آخد هدايا نور معايا ……!!
_________________________________
جاء من مكتبه الصغير في شركة المقاولات الخاصة به التي يعمل بها بمفرده منهكًا، ولج حسام شقته نافخًا بملل، قابلته والدته ببسمتها الحنون والتي تنتظره مجيئه يوميًا بطلعتها البشوشة، ابتسم لها حسام فدائمًا ما تُنسيه همه، هتفت فاطمة بلطافة:
– مساء الخير يا حبيبي، حمد الله على السلامة
ابتسم لها حسام ثم احنى جزعه قليلاً ليدنو من كف يدها مُقبلاً إياه باكتهاء، رد باطراقٍ وهو يلثم كفها الدافئ:
– مساء الخير يا ست الكل
ثم اعتدل لتقول له بنبرةٍ ودودة:
– انا جهزتلك الأكل، ادخل غيّر هدومك علشان تتغدى
حرك رأسه بطاعة مرددًا:
– حاضر يا ماما، بس بسرعة وحياتك علشان واقع من الجوع
ربتت على ذراعه قائلة بسماحة:
– يلا يا حبيبي، خمس دقايق ويكون جاهز!!
تحرك بعدها حسام لغرفته وهو يتنهد باجهاد، ألقى حقيبة صغيرة جلدية كانت بيده على مقعد جانبي ثم توجه لتخته ملقيًا بثقل جسده عليه ومتسطحًا على ظهره، ثم حدق بالأعلى ضجرًا من عمله هذا، لحظات وتنبّه لمن يهاتفه، بنفخٍ مجهد اعتدل ليجيب حين أخرجه من جيب بنطاله، رد بهدوء دون النظر لهوية المتصل:
– السلام عليكم
– وعليكم السلام
جاءه هذا الرد المقتضب ليعقد حاجبيه زائغًا في ذلك الصوت المألوف، سأل مرتابًا في شيءٍ ما:
– مين اللي بيتكلم؟
قهقه الطرف الآخر عاليًا ليفغر حسام فاهه بذهول، اعتدل جالسا محله وهو يردد بانكار:
– مش معقول، زين!!، رجعت إمتى؟
هتف زين بضحكٍ يسلب العقول وخفة روح:
– رجعت النهاردة
تهلل وجه حسام ثم استمع لأبواق سيارات، استفهم باقتطاب:
– وصلت يعني ولا في الطريق، أصلي سامع صوت عربيات؟
كان زين يقود سيارته متجهًا لشقة عمه، رد موضحًا:
– أنا وصلت من ساعة كده، بس قولت اروح عند عمي علشان عرفت إنه مريض قوي وبصراحة وحشني
تفهم حسام ليهتف بتلهفٍ بعدها:
– طيب وأنا عاوز أشوفك أنا كمان!
رد بمعنى مبتسمًا بود:
– بكرة فيه حفلة عندنا، طبعًا هتيجي، ويا ريت تكلم معتز علشان رقمه القديم مقفول، وحشتوني قوي وعاوزين نسهر للصُبح …….!!
_________________________________
عادت من الخارج بعد قضاءها وقتًا لا بأس به في النادي كعادتها اليومية بعدما تقدمت للجامعة هذا العام، ففي فترة الثانوية العامة لم تجد الوقت لذلك، ولجت ميرا الفيلا وهي تخطو بتهللٍ لترى والدتها جالسة على الأريكة ترتشف من قهوتها الخاصة، تحركت تجاهها فشهقت ثريا بحماسٍ حين رأتها، هتفت ثريا وهي تتقدم منها:
– عندي ليكي خبر هيفرحك قوي
قفزت ميرا لتجلس بجوارها مربعة ساقيها، قالت بفضولٍ جم:
– قولي يا مامي خبر أيه ده!
ردت ثريا بمغزى غامزة بعينيها:
– زين رجع
شهقت ميرا بعدم تصديقٍ وذهول، تسائلت بقلبٍ ينبض:
– بجد يا مامي زين رجع؟
هزت ثريا رأسها مؤكدة، ردت بمفهوم:
– خالك لسه مكلمني وبيقول إنه رجع وهيعمله حفلة بكرة علشان رجوعه بالسلامة
عضت ميرا على شفتيها بفرحة، تسائلت بتردد:
– تفتكري يا ماما زين لما رجع أهو هيجي يطلب إيدي؟
ردت ثريا بثقة متغطرسة:
– أومال هيتجوز مين غيرك، إنتي الوحيدة اللي في العيلة تناسبيه، إنتي دلوقتي مش صغيرة وبقيتي في الجامعة، بعني مافيش غيرك قدامه، وكمان خالك مش هيلاقي أحسن منك لزين
اتسعت إبتسامة ميرا وتنهدت بهيام، قالت بتعلقٍ:
– يا رب يا مامي زين يبقى ليا، أنا هبقى مبسوطة قوي لما نتجوز، دا أصحابي لما بيشوفوه في النادي بيبقوا هيتجننوا عليه، وكمان لما يعرفوا إنه هيتجوزني هيتجننوا أكتر
مسحت ثريا على فخذها بتحننٍ، قالت بمعنى:
– هيتجوزك متخافيش، المهم دلوقتي جهزي نفسك علشان حفلة بكرة، أنا كلمتك المصممة مخصوص هتيجي علشان تختاري اللي يناسبك، مش عوزاه يشوف غيرك بكرة، عاوزاكي البنت الوحيدة الجميلة اللي في الحفلة، علشان هتشوفي بنات كتير قوي
قالتها ثريا بمغزى، نهضت ميرا هاتفة بثقة:
– وأنا مش هخليه يبص لغيري بكرة!! ……
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
في غرفة ما بالأعلى ارتمى مالك وهو الابن الأصغر لثريا على التخت متسطحًا على بطنه يريد مهاتفة نور كعادته وقت عودتهما من المدرسة، فهي ابنة عمه ويرغب بالزواج منها حين يتخرجا، ضغط أرقام هاتفها فأجابت نور سريعًا كونها كانت تعبث في محتويات هاتفها فهي لا تراه سوى بالمنزل، هتف مالك بابتسامة عريضة وهو يستمع لصوتها الناعم عبر الهاتف:
– بتعملي أيه يا نانو؟
ردت زاممة شفتيها بضجر:
– هكون باعمل أيه، بلعب بفوني شوية، إنت عارف إنه مش مسموح ناخده في المدرسة
تفهم مالك فهو معها بنفس المدرسة، قال بمعنى وهو يحدق أمامه بشغف:
– خالي هيعمل حفلة بكرة، هتيجي طبعًا مش كده؟
تذكرت نور وابتسمت فهي ستحضر خصيصًا لرؤية زين فقد إشتاقت إليه وقد تلاعب بأوتار قلبها لتطرق بابه نظراته وهيئته التي سلبت عقلها، فقد شعرت بالحب المراهق في تلك الفترة الفارقة والجازمة في حياتها لتحبه هو، ردت مؤكدة :
– أيوة طبعًا هحضر، شوية وهروح أجيب فستان جديد
رد مالك مبتسمًا بسرور:
– يعني هنزيط في الحفلة، هشوفك كده مرتين، مرة في المدرسة ومرة في الحفلة، هنسهر لحد الصبح علشان هيبقى بعده الجمعة
ثم صرخ بفرحة لتهتف نور مستائة بعض الشيء:
– للأسف بابي قالي مش اتأخر علشان أرجع بدري
تأفف مالك قائلاً بعد تفكيرٍ مرضي:
– خلاص يا نانو تعالي الحفلة بدري علشان نقعد كتير مع بعض
وجدته نور تفكيرًا صائبًا لتقضي وقتًا أطول عند عمها، قبل أن ترد ولجت الخادمة، خاطبتها باطراقٍ:
– سيدة نور، السيد زين وصل بالخارج!! ………………….