رواية كيف لي ألا أحبك
الفصل الثامن
أمسكتهم الاء من يديه سريعاً ووضعتهم بالحقيبة مرة أخري وهي تقبض عليها فكرر السؤال عليها بغضبٍ:
– لما اسئلك تردي عليا .
قالت له بتضايق :
-انت مالك .
وقف أمامها ليمنعها من الرحيل وهو يقول :
-انتي ازاي تخدي الدواء دا دا غلط عليكي
حاولت أبعاده عن طريقها ولكنها كانت أضعف من أن تقوم بذلك :
-ملكش دعوة بيا
كور قبضة يديه بغضبٍ وصاح بها :
– انتي مفيش فايدة فيكي هاتي الدوا دا
أمتلئ عينيها بالدموع فلم تستطيع أن تحتبس دموعها فهربت واحدة منها وهي تقول :
-انت عاوز مني ايه ما تسبني بقي في حالي وانت يهمك في ايه اخده ولا ماخدهوش ملكش دعوة
أمتلئ عينيه بالدموع فقال بنبرة صارمة :
– انتي بتاخديه بقالك قد ايه
تنهدت وهي ترفع عينيها لأعلي لعلها تمنع نزول باقي دموعها التي تتسارع في التحرر من مقلتيها :
-بقالي كتير ارتحت سيبني امشي
أمسكها من معصمها وقال وهو يستحثها للنظر بعينيه :
– الاء اسمعيني الدوا دا خطر جداً وبالذات للحالة بتاعتك ف أبوس إيديك ماتخدهوش تاني
فرت الدموع من عينيها وهي تقول بتضايق طعن قلبه :
– للأسف مش عارفة أبطل يادكتور
أشتد غضبه لوصولها لتلك المرحلة من إدمان تلك الحبوب فأكمل بنبرة تهديد لعلها تجعلها تغير رأيها بتناول تلك للأقراص :
– لا هتبطلي لاما هقول لمحمود انك بتاخديه الأدوية دي
أشاحت وجهها عنه ومسحت دموعها قبل أن تبتسم له بسخريه :
– قوله يا دكتور لأنه هو اللي مديهولي بنفسه.
أتسعت حدقة عينيه بزهول مما قالت فدفعته بعيداً عن الباب لكي ترحل فوقفت أمام الباب وأردفت قبل أن ترحل :
– ومتنساش يا دكتور تقوله العلبة قربت تخلص وهي محتاجة علبة تانية يبقي يجيبها وهو جاي
تركته وخرجت من الغرفة فعتصر قلبه عليها وأشتد غضبه فلحقها وخرج من تلك الغرفة وأتجه ناحية غرفة العمليات ليلتقي به
ركبت سيارة الأجرة بكت بشدة فهي تحدثت معه بطريقة غير لائقة ومع ذلك لا تعلم ماذا سوف يفعل بها محمود هل سيمنع عنها تلك الحبوب لكي يعاقبها ماذا اذا لو أخبره هيثم عن أقراص منع الحمل نزلت دموعها وأزدادت دقات قلبها بالخفقان وصل هيثم لغرفة العمليات فوجد محمود قد انتهي منها للتو أتجه لعنده ودفعه علي الحائط ليصطدم به متألماً فأردف هيثم بغضب :
– بتعمل فيها كدا ليه
سئله محمود بعدم فهم :
-بعمل ايه وضح كلامك
صك أسنانه بغضب وهو يقول :
– ازاي تدي لي الاء دواء مضاد للتوتر وأنت عارف قد ايه خطر عليها وعلي حالتها
أتسعت حدقة عيني محمود وقال بتلجلج :
-هي قالتلك .
تابع هيثم بتضايق :
– اتقي الله فيها يا دكتور وقبل ما تاذيها افتكر انك حالف قسم انك هتعالج كل مريض
قال له محمود بغضبٍ :
– انت بتكلمها
أجابه هيثم قائلاً :
-مراتك جت انهارده مجروح ايديها وبالصدفة عرفت انها بتاخد الدوا دا ومانع الحمل ياتري انت كمان اللي مديها مانع الحمل زي ما اديتها الدوا دا علشان تقضي عليها وتخلص منها
دفعه محمود بقوة واتجه للخارج مهرولاً ليتجه ناحية سيارته لتنقله لعندها
جلست بأرضية المطبخ البارده تبكي وهي تمسك قطعة القماش المبتلة لتمسح بها أثر الدماء الملتصقة بتلك الأرضية شعرت بالدوارفعلمته لأنها نزفت بشدة ففقدت الكثير من الدماء الذي يحتاجه جسدها الضعيف فجلست قليلاً لتستريح ولكنها سمعت صوت الباب يفتح علمت أنه قد أتي ولكنه أغلقه بقوة فأرتعدت خوفاً منه وجدته ينادي عليها بغضب وصوته يرج أركان البيت قبل أن يرعب قلبها الضعيف فأرتعدت أوصالها حاولت أن تقف عدة مرات ولكنها فشلت بذلك فأن الدوار كان أقوي من ذلك أقترب منها وهو يحمل شريط مانع الحمل الذي تاخذه فسئلها بغضبٍ:
– ايه دا
جابته بتلجلج :
-دا دا
صفعها بقوة جعل جسدها يحضن الأرض من ثم رفعها أليه مرة أخري وهي تبكي فصاح بها:
-مش عاوزة تخلفي مني ليه ؟
أجابته ببكاء وصراخ :
-انت مجنون طلقني وشوفلك واحدة تتجوزها وتخلفلك
عندها أردف قائلا ً بخبث:
-علشان يخلالك الجو مع حبيب القلب .
حاولت أبعاد جسده الضخم عنها وهي تصرخ :
– سيبني وربنا انا مش عاوزة اتجوز انا كرهت الجواز مش عاوزة أرحمني بقي وأعتقني لوجه الله .
القي محمود شريط الحبوب بالارض وأمسكها بقوة ليجرها الي غرفة نومهم وهي تصرخ مستنجدة به أن يتركها ولكنه كان كالثور الهائج وظل يتمتم متوعداً لها :
– اقسم بالله لاندمك يا الاء علي كل يوم عذبتني فيه علي أمل أني أخلف.
حاولت دفعه ولكنه لم يمهلها أن تقاومه فصفعها بقوة فهوت علي السرير أغلق باب الغرفة بإحكام أرتعدت بفراشه وهي تصيح به:
– طلقني مش طايقة عيشتي معاك .
أقترب منها ليمسكها من معصمها بقوة فصاحت بتألم ليجبرها علي النظر بعينيه :
– انتي فاكرة اني هطلقك بالساهل اما عذبتك وخليتك متسويش بصلة في سوق النسوان مبقاش محمود مسعد
أقترب منها وانتقم منها كما أعتاد أن ينتقم حتي تركها كالجثة الهامدة لا تختلف عنها سوي نبض ضعيف ينبض به قلبها المتألم ،
أعتدلت بجلستها وخرجت من الغرفة فوجدته يجلس ياكل بنهمٍ دون أن يبالي بشئ كم هي تتالم ولا تستطيع التنفس بشكل طبيعي فوجدته يردف قائلاً :
-هخلف منك غصب عن عين اللي جابوكي ورحمة امي مانتي واخدة حبوب مانع الحمل دا تاني وابقي شوفي هتنزلي العيل ازاي يابنت الناس
نظرت لجسدها الهزيل الذي أزداد من أرتعاده أمامه بعد قوله هذا جذب أنتباهها وهو يكمل :
– مش كفاية مستحمل قرفك انتي اصلا متنفعيش لحاجة .
تساقط دموعها وكأنها تتسابق في الخروج من مقلتيها وهي تنظر له كم هو صغير بنظرها فأجابته :
-طالما انا منفعش لحاجة ما تطلع راجل بقي وطلقني طلقني
عندها أستئنف كلامه قائلاً :
– انا راجل وغصب عنك ولا تحبي اثبتلك تاني يابنت خالتي
عندما وجدته يقوم من كرسيه هرولت في اتجه المطبخ أمسكت سكين ظل يرتعش بيديها المرتعشة وجهته بإتجاه قلبها الذي أحبه وتمناه في يومٍ ما فقالت بنبرة تهديد :
-لو مطلقتنيش هموتلك نفسي .
أشتد غضبه وصاح بها :
– سيبي يا بت السكينة دي
صرخت به وقالت :
– مش هسيبها طلقنييييي
عندها اقترب منها سريعاً لم يمهلها وقت لكي تغرس تلك الأداة الحادة بجلدها النحيف ليخترقه ويمزق قلبها المتألم فضغط علي معصمها بقوة فأوقعت رغمٍ عنها السكين
ققال لها بتوعد :
– إما ربيتك يا الاء بس هربيكي بطريقتي.
عندها فقدت وعيها وهي تشعر بقوة قبضته علي رسخها وهويجرها لغرفة نومهم وكأنها شاة تخشي أن تذبح بيدي من أحبت
فتحت عيونها بعد فترة ليست بقليلة وجدتها بالمشفي ولكنه يختلف عن مشفي الذي يعمل به محمود من الدهان الحائط القذر والسرير الذي يحدث صرير كلما تحركت به
حاولت أن تعتدل ولكنها بالفعل مقيدة برباط ضخم واليد الاخري معلق لها محلول يجعلها تشعر بتحسن حتي تشفي وتعود لعذابه مرة أخري فصرخت وهي تحاول أن تزيح ذلك الخيط عن رسخها حينها وجدته يدلف عليها الغرفة ومعه طبيب أخر طويل القامة عينيه شديدة السود شعرت بالخوف من نظراته الثاقبة عليها فأخرج محمود كلمة بعدما ساد الصمت بالغرفة :
– صحيتي
سئلته قائلة :
– انا فين ؟
أبتسم بسخافة قبل أن يردف قائلاً :
-انتي خلاص اتجننتي كان لازم اجيبك هنا .
حدقت بالمكان ما حولها بخوف قبل أن ينطق الأخر :
-انتي في مصحة
أشتد غضبها وأخذت ترتعش بعصبية وهي تقول :
ايه مصحة خرجوني من هنا
حاولت الاعتدال ولكنها لم تقدر علي ذلك فأقترب منها محمود وأسرع من نزول ذلك المحلول :
– اهدي شوية علي نفسك .
نظرت له بإستعطاف وقد أمتلئ عينيها بالدموع :
-مشيني من هنا يا محمود .
رفض محمود ذلك وأبتعد عنها فصرخت وهي تراه يبتعد عنها :
– محمود متسيبنيش هنا أبوس أيديك خدني معاك
أخذت تصرخ بشدة حتي فقدت وعيها فأتجه ناحيتها وتأكد من أنها مازالت علي قيد الحياة بعدما أستيقظت بالمساء لم تجد محمود بجانبها فصرخت بأسمه حاولت الأعتدال وبالفعل أستطاعت ذلك لم يكن هناك شئ يقبض علي رسخها فأتجهت سريعاً ناحيةباب الغرفة متحملة ذلك الدوار المسيطر علي رأسها طرقت علي ذلك الباب الخشبي المتسخ بقوة وهي تصرخ :
– طلعوني من هناااا.
دلف عندها ذلك الطبيب ومعه أثنين من رجال المشفي فقال لها :
– أهدي يا مدام الاء
أردفت بنبرة أقل حدة :
-فين محمود يا دكتور أنا عاوزة أخرج من هنا
عندها أمسك يديها بطريقة أستفذتها ودفعها علي السرير المعدني فأصدر صرير شديد فقال :
– هو دخول الحمام زي خروجه أنتي مش هتمشي من هنا.
أمسكت كوب الزجاجي المجاور لها وكادت أن تضربه به برأسه ولكنه أمسك يديها لتسقط قيدها جيداً بيديه وصاح بأحدي الممرضين أن يحضروا له حقنة مهدئة دفعته بقوة لم تعرف كيف أتت بها وأتجهت ناحية الباب تحاول الفرار من تلك الغرفة ولكن ذلك الممرض الضخم المتواجد معه حملها بخفة فضربته ولكنه لم يهتم بذلك فوضعها علي الفراش فأخذت تصرخ بأسم أخيها مصطفى فقام بتقيدها بقوة والطبيب قد حقنها بمهدئ فسمعته يقول له :
-جهز الأستاذة الشجاعة لجلسة الكهرباء.
حاولت أن تتكلم لتصرخ ولكنها لم تستطيع فقط أحست بذلك الضخم وهو يحملها علي ذراعيه ليخرج بها من الغرفة حاولت أن تتحرك لتضربه ولكنها لم تشعر الأ بثقل جسدها فأغمضت عينيها بإستسلام لمصيرها، في صباح يوم جديد بحياتها معه شعرت بتثاقل وهي تفتح عينيها وجدت محمود بجانبها أمتلئ عينيها بالدموع وبكت وهي تحاول أن تعتدل ولكنها أحست أنها غير قادرة علي ذلك فجسدها يؤلمها كمن قضي الليل بضربها به فأخرجت صوتها المنبوح :
– محمود خرجني من هنا أبوس أيديك.حاولت تحريك يديها لتمسك يديه وهي تلتقط أنفاسها فوضع ساق علي ساق قبل أن يردف قائلاً :
– هخرجك من هنا بس بشروطي.
دمعت وهي تنظر له فأكمل :
– تجيبيلي عيل وتمنعي أي حبوب بتاخديها تخص منع الحمل.
أبتلعت ريقها وقالت :
– موافقة يا محمود خرجني
فتابع كلامه قائلاً :
-تعيشي كلبة تحت رجلي .
نزلت دموعها وقالت :
-اها
أقترب منها وقال بفرح وكأنه سعيد بكسرها :
-لا اسمعها
ألتقطت أنفاسها وأردفت :
-هعيش معاك
أعتدل بوقفته فقاب بنبرة صارمة تحمل الكثير من التهديد :
-ولو في يوم اتمرضتي اقسم بالله اجيبك هنا يدوكي جلسات كهربا وانتي عارفة يعني أيه كهرباء.
قاطعته قبل أن يكمل :
– اوعدك اني هستحمل وهعيش
أبتسم محمود وأمر ذلك الطبيب أن يفك قيدها أقترب منها حسين وفك يديها فتقدم ناحيتها محمود ونزع الكانولا من يديها وحملها علي ذراعيه وفي دقائق خرج بها من المصحة ظلت طول الطريق صامتة دموعها لا تجف علي خديها حدثت نفسها :
– ماذا فعلت سوف أعود من حيث أتيت حتي يكمل ذلك العذاب معه، نظرت له من ثم اكملت :
– أنت الذي تمنيت من ربي لكي تكون من نصيبي .
رفعت عينيها الدامعه للسماء وناجت ربها:
-ياه يارب انت كنت دايما تبعده عني وانا من غبائي مكنتيش قادرة ابعد عنه وكنت بحبه ياما دعتلك واترجيتك علشان تديهولي بس انا ندمانه وعارفة اني غلطانه
نزلت دموعها وألتقطت أنفاسها :
-انا مكنتيش اتوقع انه يطلع كدا
تابعت :
– يارب انا مليش غيرك سامحني واغفرلي وخلصني من العذاب اللي انا فيه بالخير من عندك
عندها أردف محمود قائلاً :
-هتفضلي تأوقي كدا كتير هتجبيلي الفقر
مسحت دموعها وقالت له:
-اسفة
قال لها متسائلا ً :
-اسفة علي ايه
تنهدت قبل أن تستئنف :
– ولا حاجة يا محمود
نظرت له وقالت لنفسها :
-أعتذر لأني أحببتك في يوم من الأيام
أغمضت عينيها ونعست علي الكرسي
اختفت عن العالم كما لم تعد لتضحك ولو بإبتسامة فهي لا ترى أحد لتضحك معه فقد منعها من رؤية أحد غيره حتي أهلها لا ترهم بذلك العالم غير وجه التي كانت تقبله بصورة الهاتف وتنام اما عن يوم الذي يبيت به بالمشفي يغلق الباب بالمفتاح وهو فقط من يحمل نسخته يتصل بها فترتعد من سماع صوت الهاتف وهو الذي يطلبها منعها أن تكلم أحد من اخوتها حتي اخته التي طلبت ان تراها رفض ذلك بحجة أنها ليس لديها وقتٍ لكي تزورهم
في يوم تاكدت انه نام بعمق فبتعدت عنه دون ان يشعر وامسكت هاتفه حاولت ان تفتح كلمة السر الخاصة به ولكنها لم تعرف ان تكتبه فأقتربت منه وأمسكت أصبعه وفوجدته يتقلب أدعت النوم فحتضنها ونام عندما تاكدت انه نائم ابعدته عنه ووضعت اصبعه علي بصمة الهاتف عندما فتح ابتعدت وخرجت من الغرفة
جلست بالغرفة الاخري التي اعدها لأولادهم بالمستقبل أردت أن تتصل بمصطفي ليأتي لأخذها منه فهي لم تعدد تتحمل ذلك العذاب معه فباتت تكره ذلك الجسد الذي يبات بحضن من ذبحها بحبه ولكنها أستغربت حين وجدت
برنامج تسجيل المكالمات يبعث لها إشعار بالتحديث ففتحته من جانب فضولها وجدته كلم شخص اكثر من مرة فتحت تسجيل الصوت ،صعقت حين ألتقي أذنيها صوته وهو يقول
– بقيت زي الخاتم في صباعي كلبة في البيت ملهاش اي ستين لازمة
أتسعت حدقة عينيها وهي تستمع لصوت الاخر أمتلئ عيونها بالدموع وأمسكت قلبها حين سمعته يكمل :
– من بعد فكرة مستشفى المجانين دي بقيت لا بتهش ولا بتنش بس خلاص هانت .
ظلت تستمع ودموعها تسبقها تركت الهاتف وبكت بشدة وهي ترتعد وجدت أمامها علبة حبوب المهدئة فدفعتها بعيداً عن وجهها وهرولت ناحية غرفته وضعت علي جسدها عباءة سوداء وهي تغطي ذلك القميص القصير الذي ترتديه وأردت الخِمار القت عليه نظرة وهو نائم فأسرعت ناحية الباب فتحته بمفتاحه وهرولت للخارج وكأنها تهرب من زمانها الذي دهسها لم تعرف كيف اوقفت سيارة الاجره وركبت بها في ذلك الوقت المتأخر من الليل والطقس سيئ أرتعشت بالسيارة وهي تبكي وتستحث السائق بالأسراع وصل لمنزل مصطفي وأعطت السائق جميع النقود التي تحملها بالحقيبة غير مبالية كثرتهم أتجهت مهرولة ناحية عمارة الساكن بهامصطفي وركضت علي السلم حتي وصلت لشقته طرقت الباب بقوة فأنتفض مصطفي ذعراً من يأتي بتلك الساعة ويطرق الباب هكذا أتجه أليها وفتح الباب وجدها أمامه :
-الاء ايه اللي جابك الوقت دا
أنفطر قبلها من البكاء فأرتمت بحضنه وهي تلتقط أنفاسها حاول تهدئتها ولكنها لم تكف علي البكاء أدخلها غرفة الضيوف وأنامها علي الفراش ليدفئها فهي ترتعد من اليرد وتلهث من البكاء قال لها مصطفي :
-ايه يا حبيبتي مالك صلي علي النبي
بكت الاء بشدة فاتت ليهم مريم وسئلتها بلهفة :
-فيه ايه يا الاء مالك
قال لها مصطفي أن تحضر لأخته كوباً من العصير حتي تهدئ ولكنها أمسكت به بشدة كطفل خائف يحتمي بوالده فقال لها :
– اهدي يا حبيبتي وفهميني في ايه
اخذت تبكي وتنحب تاخذ انفاسها بصعوبة حاول أن يتركها ويبتعد عنها قليلاً ولكنها تمسكت به اكثر وقالت :
-مصطفى متسبنيش متسبنيش
وضعت مريم كوب العصير بجانب الاء وقالت :
-مصطفي انا هكلم محمود
عندها صرخت بها رافضة ذلك وتشبثت بمصطفي اكثر
أردف مصطفي قائلاً لمريم :
– هاتي الموبايل بتاعي يا مريم وروحي شوفي جودي صحيت ولا لا
سئلته مريم :
-هتعمل ايه
أجابها :
-هتصل بدكتور مش وهينفع نسيبها كدا
– الوقت متاخر
قالتها مريم فقاطعها مصطفي قائلاً بغضب :
– البنت منهارة روحي هاتي تليفوني بسرعة
ناولته أياه فأمسك هاتفه واتصل بهيثم دون أن يفكر للحظة بذلك أستيقظت مي وأمسكت هاتف هيثم وأيقظته من نومه قائلة :
-اصحي شوف حد بيرن عليك .
نظر علي شاشة هاتفه فوجد أسم مصطفي
اعتدل بجلسته وأجابه فقال مصطفي:
– السلام عليكم انا اسف جدا علي المكالمة المتاخره دي
سمع هيثم صوت نحيب الاء فقال :
– لا يا بشمهندس عادي ولا يهميك خير
رتب علي كفتها ليهدئها قائلاً له :
– الاء منهارة في العياط وتعبانه أوي مش عارف اهديها
أزاح هيثم الغطاء من عليه وقال له :
-طيب خلاص انا مسافة السكة واكون عندك حاول تشربها كوباية لبن عقبال ماجي
أغلق مصطفي المكالمة فسئلته مي :
– رايح فين يا هيثم
قال لها :
– نامي انتي يا مي انا مش هتاخر
أشتد غضبها وقالت :
– انت هتسيبني وهتنزل
زفر هيثم وقال وهو يلتقط ملابسه ليرتديها : -منفعش اسيب حالة تعبانه واكمل نوم يا دكتورة
إجابته بسخرية أستشعرها من نبرتها :
-ودي مش اي حالة دي الاء
أكمل قائلاً:
-انا مش هرد عليكي لاني مش فاضي عاوز الحق اروح
ارتدي بنطاله وقميصه وتركها تصرخ به ونزل ليتجه ناحية بيت مصطفي الذي أخبره بعنوانه
أقرب كوب اللبن من فمها قائلاً :
-اشربي يا حبيبتي حبة حبة كده
أزاحت يديه بعيداً عنها فتضايق مصطفي وتابع :
– يابنتي متتعبنيش معاكي بقي
طرق باب الشقة ففتحت مريم فقال لها بلهفة : -فين الاء
– اتفضل يا دكتور
قالتها مريم وهي تفسح له مجال بالدخول وأشارت له ناحية الغرفة المتواجدة بها
دلف غرفتها فوجدها تبكي لدرجة وجهها اصبح كقطعة جمر من كثرة البكاء عندها قال له مصطفي :
– كويس انك جيت يا دكتور هيثم
نظرت له الاء بعيونها الدامعه فصاحت بوجهه بأن يبتعد عنها وهي تبكي وتمسكت اكثر بمصطفى
جلس بجانبها وحضر حقنة مهدئة حقنها بها فهدئت ولكنها ظلت تنهج بأخذ أنفاسها فأغمضت عينيها وغطت بنومٍ فسئله هيثم :
– هو ايه اللي حصل
اجابه مصطفي :
-منعرفش هي لسه جاية وزي ما جيت شوفتها مش مبطلة عياط
ألتقط أنفاسه وأمسك يديها واخذ يقيس لها النبض ويري مؤشراتها الحيوية وضع سماعته علي صدرها وأخذ يفحصها بإهتمام فعندما أنتهي سئله مصطفي ما بها فأجابه هيثم ققائلاً بتضايق وقد كان متوقع أن يحدث لها هكذا :- انهيار عصبي .
وضعت مريم يديها علي صدرها فسئله مصطفي قائلاً :
– طيب هي هتبقي كويسة؟
قال هيثم :
-باذن الله خير هي لازم تاخد الحقن دي في موعيدها وبكرة هاجي اطمن عليها
شكره مصطفي وأوصله لباب الشقة فسئله هيثم عن محمود
فتح عينيه لم يجدها بجانبه فأعتدل بجلسته وبحث عن هاتفه فقال منادياً عليها :
-الاء
وقف واتجه ناحية باب الغرفة بحث عنها الشقة لم يجدها اتصل بها فلم تجيب عليه
ووجد هاتفها متوجد بالشقة فارتدي ملابسه سريعاً وهرول للخارج
جلس بجانبها وأمسك يديها وقال :
-حبيبتي ممكن تفهميني فيه ايه
نظرت له الاء ولم تجيب عليه بل أجابته دموعها فأردف مصطفي مرة أخري :
– يا بنتي يا حبيبتي ردي عليا علشان اعرف اجيبلك حقك منه والله أجيبلك حقك منه
ازاحت وجهها بعيداً عنه فطرق باب الشقة فتحت مريم وجدت محمود فعندها سئلها :
– الاء عندكم ؟
خرج مصطفي من غرفة الاء وقال بغضب :
-عملت في اختي ايه
تلجلج بكلام :
-عملت عملت ايه انا مش فاهم حاجه
أشتد غضب مصطفي عندما لاحظ أضطراب كلامه :
-البنت جالها انهيار عصبي بسببك
عندها تأكد محمود من أنها أخبرت أخيها عن ذهابها للمصحة :
-اختك هي اللي مجنونة فعلا تستاهل مستشفي المجانين .
أشتد غضبه فصاح به :
– جن لما يلهفك الاء ست العقلين انت اللي حيوان وسافل
أمسكه محمود من ياقته فلكمه مصطفي بقوة فصرخت مريم وحاولت ان تجعله يبتعد عن محمود فدفعها
خرجت الاء من الغرفة فرأت محمود يضرب مصطفى ويبادلون اللكمات فصرخت بقوة جعلتهم يتوقفون
تركه محمود واقترب منها أمسكها من ذراعها بقوة وهو يجبرها للخروج معه فضربته وهي تصرخ :
– ابعد عني مصطفى الحقني يا مصطفي ابوس ايديك متخلهوش يخدني
اخذها مصطفي من يديها وجعلها بحضنه :
-اختي مش هتاخدها الا علي جثتي أنا غلطان لما خليتها تتجوز واحد زيك
عندها حدقها محمود بغضبٍ قبل أن يتابع بتوعد :
-هخدها غصب عنك يا مصطفى وبالقانون
أرتعدت بحضن مصطفى فرتب عليها بحنان خرج محمود فوجدها تبكي بشدة أمسكها وأتجه بها ناحية أقرب كرسي ليجلسها عليه أخذت تتمتم بكلمات فأمسك يديها ونظر بعينيها قائلاً :
– حبيبتي اهدي وفهميني أيه اللي حصل؟
دمعت وقالت بتلعثم :
-مش عاوزة ارجعله تاني مش عاوزة
أردف مواعداً لها :
-مش هترجعيله متخافيش بس احكيلي عمل ايه
أجابته قائلة :
– محمود بينتقم مني
أتسعت حدقة عينيه وقال :
-ازاي
ابتلعت ريقها قبل أن تردف :
– متفق مع ماهر انه يموتني بالبطئ علشان يرجعله كل الفلوس اللي اخدتها ويطلعني مجنونه علشان قرار ضم حمزة يتنسب لماهر
من ثم حَكت له جميع ماحدث لها بالمصحة وما بعدها قال لها :
– ازاي دا كدا مقولتليش ليه
عندها أكملت قائلة:
– عاوزة ارفع قضية طلاق
تابع مصطفي قائلاً :
-هرفعلك يا الاء بس عاوزك اقوي من كدا عاوزك تستردي صحتك يا حبيبتي وانا اوعدك انه مش هيعرف يلمسك
أبتسمت له بفرح واحتضنته بشدة لانه وقف بجانبها
رفع مصطفى قضية خلع عند اكبر محامي بالمنطقة وعدم تعرض للاء
تضايق محمود من ذلك الخبر فتوعد بالأنتقام
أما عن هيثم فأزدادت مشكلاته مع مي بسبب الإنجاب ووالدتها أخبرته أنه يجب أن ينفصل عن أبنتها فهو لا يستطيع الأنجاب حاول أن يفهمها أنه يستطيع ذلك وان أبنتها هي التي لا تنجب لأنها لديها عيب خلقي بالرحم ولكنه لم يخبرها ذلك لأخر لحظة حتي لا يؤثر عليها بالسلب فأن ذلك سيؤثر عليها ولكنها لم تقتنع فكذبته مي وأدخلت الاء وأهتمامه بها سبباً كي تخلق معه مشكلات وألحت عليه أن يطلقها وتتخلص منه
نظر لها قبل أن يردف بنبرة صارمة :
– هو دا اللي هيريحك يعني
أزاحت وجهها الناحية الأخري ودمعت قبل أن تجيبه :
-اها طلقني وخلصني
تنهد قبل لان يقول :
-انتي طالق يا مي وورقتك هتوصلك في اقرب وقت
نظرت له ونزلت دموعها فوجدته يمسك هاتفه وسلسلة مفاتيحه من فوق المنضدة ورحل من فيلا أبيها
جلس مصطفي أمام الاء وقال بخبث :
-تعرفي يا الاء مش هيثم طلق مي
نظرت له الاء وقالت بعدما ابتلعت ريقها :
– وانا مالي ربنا يصلحلهم الحال فتركته ودلفت غرفتها فأردفت مريم قائلة:
– انت ليه قولتلها
تابع قائلاً :
– كنت عاوز اتاكد من حاجة واتاكدت منها
في يوم المحكمة ذهب كلاً من مصطفى ومريم ومعهم هيثم الذي أصر أن يحضر المحكمة ليشهد مع الاء علي صديقه محمود ولكنه لم يجدها فسئل عليها فأجابه مصطفي:
– قالتلي فيه مشوار مهم لازم اروحه قبل المحكمة
قال له هيثم بتضايق :
– مروحتيش معاها ليه يا بشمهندس
أجابه مصطفي :
– مرضيتش وقالتلي عاوزة ابقي لوحدي
فرك هيثم بيديه بتوتر قبل أن يقول :
-يارب بس تيجي بسرعة
وقف هيثم قلق عليها فنظر له مصطفى ليجده يتحرم يميناً ويساراً محاولاً تقليل من توتره
اتي ميعاد الجلسة ولم تاتي الاء فقال المحامي :
-ايه اللي اخر مدام الاء كدا هيتحكم في صالح دكتور محمود لو مجاتيش
– باذن الله هتيجي
قالها مصطفي وقد سيطر عليه التوتر فتنهد محمد أما زوجته فظلت تراقب أوجه الجميع بصمت،دلفوا للقاعه ماعدا هيثم ظل واقف منتظرها تنهد طويلاً فكاد أن يدلف القاعة فاقدٍ الأمل بتواجدها ولكنه وجدها اتيه من بعيد تجر حقيبة كبيرة الخاصة بالسفر صعبة الحمل أبتسم بفرحة وأسرع أليها وامسك الحقيبة بدلا عنها وجرها فسئلها
– اتاخرتي ليه
أعتذرت علي تأخرها ودلفت معه القاعة حدقه محمود بنظرات نارية وقد أزاحت وجهها بعيداً عنه فكلما نظرت أليها أرتعدت رغماً عنها
بدأت المحكمة فأعتذرت عن التاخير
اخذ القاضي يسمع من محمود دفاعه الذي أحرجها أمام اخوتها وهيثم والجميع فاخذ يدافع عن نفسه بطريقة بشعة أعتصر قلبها وهو يقول :
– يا حضرة القاضي دي انسانة باردة في كل حاجة دا غير انها مدمنه ادوية مهدئه ياما نصحتها انه غلط عليها وعلي حالتها كانت مش بتسمع كلامي وبتاخذ بردو الادوية لحد لما اثر علي اعصابها ودي قرار بحالتها من دكتور نفسي من مستشفى الامراض النفسية والعقلية وانا صبرت واستحملت كل دا علشان بحبها يافندم أستحملت صدمتني لما لأقيتها بتاخد حبوب منع الحمل علشان مش عاوزة تخلف مني وهي أعترفتلي أنها سبب في تسقيط أبني اللي كانت حامل فيه.
نظرت له وامتلئ عيونها بالدموع فقالت بصوت منبوح :
– ممكن حضرتك تسمح لي اتكلم .
سمح لها القاضي بالحديث فقالت :
– حضرتك الدكتور دا مكدبش انا فعلاً كنت باخذ أدوية مهدئه بس هو اللي وصلني للحالة أني باخذ مهدئات علشان استحمل عشتي معاه وهو اللي كان بيكتبهالي أقسم بالله هو اللي أدهالي انا حضرتك صحفية اش فهمني في الطب علشان اكتب لنفسي دوا مهدئ زي دا واصرفه من الصيدلية مع العلم ان اي صيدلية مش بتسمح بأخذ الدوا غير بروشتة وحضرتك انا معايا الروشتة اللي كان كاتبهالي بخط ايديه حضرتك ممكن تتاكد منها اعطتها له الاء فاكملت وهي تفرك بيديها بتوتر :
-حضرتك دي بالنسبة للمهدئات بالنسبة اني كنت بارده معاه دا لاني اولاً انسانة مريضة وهو كان بيضغط عليا وكان الموضوع بيتطور للضرب المبرح فأماكن مختلفة بجسمي وحضرتك دا ضد الشرع الشرع قال انه من حقه انه ياخد حقه لو رفضت يضربني بس ضرب بسيط ومن باب المداعبة حضرتك دا باب المداعبة رفعت كم فستانها فظهر علامات جسدها من اثار الضرب لم تزل عنها فأعتصر قلب هيثثم وهو يراها بتلك الحالة
صاح بها محمود وقال :
– دي كدابة حضرتك
أنفعل القاضي وقال :
-صوتك ميعلاش و متتكلمش غير لما اقولك
تابعت الاء كلامها :
– حضرتك انا منكرش اني كنت مقصرة في حقه بس دا بسبب عمايله ربالي الرعب من فتح الباب بقيت اخاف منه جسمي كله بيوجعني حضرتك دا في يوم انا كنت تعبانة جسدياً ونفسياً من الهباب اللي بيدهولي ولما رفضته وداني مستشفى المجانين وخلاهم يدوني جلسة كهربا ودا لاني مجنونة وخلاني اعيش معاه كلبة عديمة اي احساس فين المودة والرحمة حضرتك انا عاوزة اوريلك واوري كل اللي حاضر الجالسة حاجة
نظر الجميع لها وللحقيبة اليد التي تجرها فتحتها فاذا هي بأموال كثيرة وذهب
أشارت عليها وقالت :
-دا كل فلوسي مهري من ماهر و المأخر اللي دكتور محمود كان عاوز يموتني بالبطئ علشان يرجعهوله اتفضل يا دكتور محمود الفلوس اهي اللي بتنتقم لماهر بيه بيها انا مش عاوزاها
نظر الجميع لها وفي حالة دهشة فحدقها محمود بغضب
فقال لها المستشار :
-وضحي كلامك يا مدام
نظرت الاء له قبل أن توضح قائلة :
-حضرتك انا كنت متجوزه ماهر العراقي رجل الاعمال المعروف ودا اول جوزاتي ومنكرش اني كنت بحب دكتور محمود قبل ما اتجوز ماهر وكنت فاكره انه هو كمان بيحبني
بس لما لاقيته اتجوز حبيت اغيظه واتجوز ماهر بيه كانت عشتي معاه صعبة اوي وطلقني واخد ابني وسافر بيه وحرمني منه والدكتور كان عاوز يتجوزني علشان ياخد فلوسي اللي ماهر اديهالي وقال دي واحدة مريضة وكدا كدا هتموت بس كان بيعجل بالموضوع
صاح بها محمود وقال :
– كدابة محصلش
أردف القاضي بغضب :
-وبعدين بقي معاك قولتلك اسكت خالص ثم نظر للاء ليستحثها علي أن تكمل كلامها
أبتلعت ريقها وقالت :
-من شهر عرفت انه بيكلم جوزي الاولاني وانه علي اتفاق انه يوديني المستشفى امراض النفسية ويدوني جلسات كهرباء علشان فعلاً أتجنن ويثبت أني غير صالحة للأهلية فياخد كل فلوسي و ماهر يضم أبني لاني مش هعرف اعتني بيه فانا حبيت اوفر عليه تعب وجبتله كل فلوسي بما فيهم ورثي من ابويا وامي انا مش محتاجة فلوس انا محتاجة سعادة وراحة بال اللي عشت سنين مش حاسه بيهم
نفي محمود ما قالته عن أتفاقه مع ماهر فستئنفتقائلة :
-حضرتك انا معايا الدليل بكلامي.
أمسكت هاتفها وفتحت برنامج الواتس اب واعطت التسجيلات للقاضي للإطلاع عليها
فقال محامِ محمود :
-حضرتك مفيش اذن نيابة للتسجيلات دي
فرد محامِ الاء :
– حضرتك دا مش محتاج اذن لان موكلتي سمعتها من جانب الصدفة وكان لازم تستشهد بيها وحضرتك دا من جانب البراهين
نظر المستشار لها بعدما سمع تلك التسجيلات وأستمع الجميع لها وقال :
-تحبي تقولي حاجة تانية
تنهدت قبل أن تقول :
-لا يا فندم انا مش عاوزة اقول حاجة تاني انا واثقة في عدالة ربنا وقضائه قبل حكم حضرتك
فأذن لها بالجلوس قائلاً :
-اتفضلي اقعدي لو تعبانه
قال محمود :
-حضرتك كل الكلام اللي هي بتقوله دا مش حقيقي
أجابه المستشار بصرامة :
-مش محتاج تبرر يا دكتور انت قلت كل حاجة عندك وهي كمان انا اللي هقول بعد كدا
نظر لها هيثم وجدها تجلس تفرك باصابعها من فرط التوتر فقال لها :
-الاء ان شاءالله خير
أنتظروا قليلاً قبل أن يعلن القاضي الحكم :
-حكمت المحكمة حضورياً بقبول دعوة الطلاق وبإلزام المدعي عليه بتكاليف واتعاب المحاماة رفعت الجلسة .
خرجت الاء والجميع فرح اما عن محمود فقد كان يغلي كغليان المياة بداخل براد صغير أمسكها من ذراعها بقوة وقال بغضب وتوعد : -انتي فاكراني هسيبك انا هدمرك سمعاني ثم نظر لهيثم وقال :
– هدمركم
أمسكه هيثم ومصطفي لكي يبتعد عنها فتركهم ورحل غاضب فأخرج محمد حقيبة اموال الاء من القاعه فقال للجميع :
– فين الاء
نظر الجميع حوله لم يجدوها بحثوا عنها بجميع المحكمة لم يجدوها وبالخارج
ركضت بالشارع وهي تبكي نظرت علي البحر وبكت بشدة وذكرياتها مع محمود تتوالي واحدة تلوي الأخري من سعادة وألمً فقررت أن تنهي تلك الحياة بأيديها فالجميع سيلحقهم مشكلاتها وبالأخص هيثم…
بحثوا عنها بكل مكان حتي بشقتهم القديمة المستشفيات والأقسام أختفت من ذلك العالم يأس الجميع ولكنه لم ييأس برؤيتها مرة أخري
مر حوالي ستة اشهر بدلت ملابسها بذي وردي اللون وحجاب أبيض اللون فقد أمتلئ جسدها قليلاً فأصبح متناسق بعض الشئ مع طولها تقدمت ناحية أحدي الغرف فدلفت بها لم يكن هناك أحد ولكنها أبتسمت فظهر غمازاتها وقالت :
– أيه دا هما راحوا فين؟
سمعت صوت همسات الضحك أسفل السرارير وخلف الكراسي أضاءة النور فظهر رؤوس الأطفال فأمسكت بهم قائلة :
– قفشتكم.
ضحكوا وأتجه الجميع ناحيتها فقد أنتهي وقت اللعب الأختباء فاحتضنتهم وقالت :
– يا عفاريت كدا تضحكوا عليا.
ضحكوا وقالوا :
– بنحبك يا أبلة الاء
أبتسمت لهم وقالت :
– ايوة كلوا بعقلي حلاوة كل واحد وواحدة علي مكانوا علشان هنبدأ الدرس.
زفروا الأطفال فقال أحدهم :
– يييوه كل شوية درس أحنا عاوزين حدوته
فقال الجميع :
-اه ونبي يا ابلة عاوزين حدوتة
فدلفت ممرضة الغرفة طويلة عريضة عينيها سودوات ترتدي مثلما ترتدي الاء فأردفت قائلة :
-الاء خلي العيال دي تنام علشان ترتاح شوية
قالت لها :
– حاضر يا شيماء روحي انتي وانا هنيمهم دلوقتي
فقالت فتاة وهي تلقي بجسدها الضئيل بحضن الاء قائلة :
– احنا عاوزين حدوتة مش عاوزين ننام
حملتها الاء علي ذراعها وقالت :
-طيب انا موفقة بس بشرط صغنتوت
أنتبه اليها الجميع فأكملت :
– الاقيكم كلكم في سرايركم دلوقتي وانا هحكيلكم .
اتجه الجميع لفراشهم ووضعت الصغيرة بسريرها وساعدت الأخرين من ثم جلست علي أحدي الكراسي الصغيرة واخذت تحكي لهم قصة من قصص الأطفال كليلة ودمنة حتي ناموا فأبتسمت وهي تري وجوهم نائمة بهدوء خرجت من الغرفة فقالت لها شيماء :
-روحي غرفة ستين عند سلمى كانت بتعيط جامد وعاوزاكي
دلفت لعند غرفة الصغيرة فهرولت عليها واحتضنتها
فقالت لها وهي تبكي :
– ابلة الاء انا خايفة من العملية
مسحت الاء دموعها باطراف أناملها وقالت :
-لا يا حبيبتي متخفيش احنا قولنا ايه احنا اقوياء ومش بنخاف صح
امسكت يديها وقالت :
-هتيجي معايا بكرة
أزاحت خصلة شعر الصغيرة التي ضايقت عينيها :
– هفضل جمبك لحد لما تخرجي من العمليات وأقولك شوفتي محستيش بحاجة أزاي
احتضنتها سلمي فرتبت الاء علي كتفها حتي نامت بحضنها
خرجت الاء من الغرفة وجلست علي اقرب كرسي عندها تذكرت هيثم عندما سافر معها وأخذ يقنعها بالعملية فكان يقول لها مثلما قالت لتلك الصغيرة ولكن تلك الطفلة أمتلكت الشجاعة لتفعلها أما هي فلا تستطيع ذلك فتذكرت حين هربوا من ماهر وتقاسموا طبق الطعام فأبتسمت بعفوية من ثم وقفت وقالت :
– ايه اللي جابك في دماغي دلوقتي يا هيثم اوف
سئل هيثم أخيها مصطفى :
– مفيش اخبار عنها
أجابه مصطفى قائلاً :
-والله يا هيثم لا انا لفيت عليها مصر كلها لدرجة اني عملت مكافاة متين الف للي يلاقيها ومفيش فايدة
زفر هيثم وقال :
– أن شاء الله هنلاقيها
رن هاتف هيثم فأذا برقم غريب فستأذن مصطفى ليجيب عندما رد لم يتلقي اي ردٍ من الجهة الأخري لم يعرف لما ازداد دقات قلبه هكذا فعندها قال قلبه بصوتٍ عالِ :
– الاء.
فأغلقت المكالمة سريعاً من ثم نظرت لوجهها بالمرآه فحدثت نفسها بصوتاً عالٍ :
-ايه اللي انا عملته دا
وجدته يكلمها مرة أخري ولكنها أغلقت الهاتف ولم تجيب فنظر لمصطفى وقال :
– انا حاسس انها هي
سئله :
-هي مين
قال هيثم :
-الاء قلبي بيقولي انها هي
اردف مصطفى قائلاً :
-طيب تعرف تحدد موقع المكالمة
أمسك هاتفه وقال :
-لا بس انا صحبي ظابط هخلي يشوف الموضوع دا
تنهد مصطفى وقال :
– افرض مش هي
عندها أخبره هيثم بأنها هي فهو شعر بها فتمني مصطفي أن تكون هي ومازالت علي قيد الحياة
اعطي هيثم رقم الهاتف لحد اصدقائه الضباط وبالفعل أحضر له جميع بيانات صاحبة ذلك الهاتف كان يمتلك الكثيى من الأمل بشأن صاحبة الهاتف هي حبيبته ولكنه صدم حين عرف أسم صاحبة الهاتف وهي ما تدعي شيماء محمد وهي فتاة تعمل بمركز مجدي يعقوب للقلب بأسوان زفر بشدة فأن أحبال الأمل قد أنقطعت
هدئه مصطفي فقال له :
– متزعلش بقي يابني تحب نتغدي مع بعض الجماعة عاملين عندي صنية بطاطس باللحمة الضاني انت بتحبها
قال له هيثم :
– مليش نفس يا مصطفي
رتب علي كتفه وقال :
-والله ابدا يالا نروح نتغدي ونسيبها علي اللي لا بيغفل ولا بينام
تنهد هيثم وركب مع مصطفي سيارته
ضربتها شيماء بكتفها فقالت :
– يابنتي هتفضلي طول عمرك هنا
قالت الاء :
-وانتي مالك انتي انا مستريحة هنا
تابعت شيماء قائلة :
– لا مش مستريحة انتي مش بتاخدي اجازة خالص ولا بتنزلي مصر تشوفي اهلك
هناك عاملين ايه
فركت بيديها وقالت :
– عاوزة اريحهم من مشاكلي شوية
دست شيماء الطعام بفمها قبل أن تردف قائلة : -طيب ودكتور هيثم
نظرت لها الاء وقالت :
– ماله هيثم
قالت لها شيماء بخبث :
-حرام تخليه يعيش من غيرك وانتم الاتنين بتحبوا بعض
تنهدت الاء وقالت :
-مننفعش لبعض يا شيماء
أستئنفت شيماء قائلة :
– ليه انتي مش قولتيلى انه طلق مراته
أمتلئ عينيها بالدموع وهي تقول :
– اكيد طلقها بسببي هو بيحبها علشان كدا اتجوزها
أبتعدت شيماء عنها وأخذت زجاجة المياة وقالت لها :
– علي اساس انك كنتي بتحبي دكتور محمود
نظرت لها الاء وصمتت فوجدت شيماء تكمل :
– يابنتي ماهو اكيد اتغصب علي الجوازه دي زي ما انتي اتغصبتي عليها بس انتم لبعض
زفرت الاء بشدة وقالت :
– بقولك أيه أقفلي علي الموضوع دا أناوهروح لسلمي كادت أن تخرج من الغرفة ولكن شيماء أوقفتها قائلة :
– انتي لسه بتحبيه
ألتفتت اليها الاء وقالت بتردد :
– لا مبحبهوش
أبتسمت لها شيماء بخبث وهي تقول :
– اومال بتتصلي به ليه علي موبايلي
صمتت الاء قليلاً فهي لم تعرف ماذا تجيب فقالت شيماء :
– والله شكلك هتموتي عليه
أردفت الاء قائلة :
-اقفلي علي السيرة دي بقي و خلينا نشوف شغلنا
زفرت شيماء وقالت :
– اقسم بالله انتي هبلة يابنتي انتي ليه عامله في نفسك كدا شغالة ممرضة وانتي خريجة اعلام ليه كدا دا غيرك بيتمني يدخل الكلية دي
تركتها الاء وخرجت وهي تتنهد فكيف وصل بها الحال لتلك المهنة تقدمت ناحية غرفة سلمي
جلس علي كنبته الجلدية فوجد نفس الرقم يتصل به أتسعت حدقة عينيه وقالت :
– معايا دكتور هيثم
اجابها قائلاً :
-ايوة مين معايا
أردفت قائلة :
-حضرتك انا شيماء صاحبة الاء
أزدادت دقات قلبه حين سمع أسمها يجتاح أذنه فقال لها بلهفة :
– الاء هي فين قوليلي ؟
قالت له :
-انا هقولك .
في اليوم التالي دلف المشفي وقف ينظر لها من بعيد وهي تهتم بالأطفال تضحك معهم وتدرس لهم فانه لم يراها تضحك بهذا الشكل منذ وقت طويل
فأبتسم بعفوية وحمد ربه أنه عثر عليها وقف ووضع يديه علي زجاج المطل عليها
خرجت من الغرفة بعدما نام الأطفال صدمت حينما وجدته يقف أمامها ينظر لها بشدة فقالت بتلجلج :
– دكتور هيثم .