رواية كيف لي ألا أحبك

 

الفصل العاشر
دقت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل مرت عليها تلك الساعات كالدهر وهي تنتظر عودته من ذلك اللقاء قبضت علي وسادة الكنبة بقوة وهي تحاول أن تهدئ من قلقها وتصارع أفكارها التي تتوالي كصفحات كتب سمعت صوت مفتاح هيثم وهو يحتك بقفل الباب ليفتحه دلف فوجدها تنظر له وعينيها تحمل له الكثير حاول أن يبدو طبيعياً معها وأقترب منها ليحتضنها قائلاً :
– وحشتيني أوي.
دفعت صدره ليبتعد عنها قليلاً وهي تسئله :
-اتاخرت ليه ؟
أجابها قائلاً بإعتذار :
– أسف يا حبيبتي أني سهرتك لحد دلوقتي
ألتقطت أنفاسها وهي تذكر أسمه قائلة :
– كل دا قاعد مع محمود .
نظر لها وحاول أن يبرر لها تأخره :
– لا انا سيبته وكنت مخنوق فمشيت شوية
فركت بيديها بتوتر وقالت :
– قالك أيه
أزاح وجهه عنها وقال بتلعثم:
– مفيش يا حبيبتي قالي انه عاوز نرجع صحاب من تاني وانا رفضت
أمتلئ عينيها بالدموع و قالت بحزن :
-هيثم انا اتوجعت كتير ابوس ايديك متوجعش قلبي أنت كمان زي ما هما عملوا
مسك يديها وقبلها بحنو قائلاً :
-عمري ما هقدر اذيكي ووجع قلبك .
أرتمت بحضنه وقالت :
– انا عاوزة اسافر عاوزة ابعد عنه وعن الكل.
رتب علي ظهرها بحنان وهو يواعدها أنه سيحاول أن يسرع من أجراءات السفر أخذها وجلس معها بالمطبخ ليطعمها فهو يعلم أنها لم يذوق جوفها أي طعام منذ أن رحل دلف بها غرفته أنامها وأدفئها جيداً فتذكر مقابلته مع محمود
أبتسم محمود وهو يحدق بهيثم قبل أن يثير غيظه :
– الاء
أمسكه هيثم من ياقة قميصه وكز أسنانه بغيظ وهو يقول :
– انت اتجننت
أزاح محمود يديه بقوة ليبعده عن ياقته قائلاً : – ماهر بيه عاوز يرجع للاء وهو عاوز يديلك اتنين مليون مقابل انك تطلقها
أجابه هيثم قائلاً بغضبٍ من عرضه :
-انت بتقول ايه انا مستحيل اسيب الاء
قال محمود اه بإستنكار من تمسكه بها :
-دول اتنين مليون يا صحبي مش مبلغ صغير وبعدين انت تقدر تجيب بيهم احسن شقه واحسن عربية واحسن زوجه
تابع هيثم قائلاًبجمود :
– انا مش عاوز حاجة من دول انا الحمدلله راضي باللي ربنا قسمهولي وانا مش هعيش بفلوس حرام لازم كل قرش بيدخل جيبي ابقي تعبان به اسف يا دكتور طلبك مرفوض وقول للي بعتك انا مش هبيع مراتي ولو بكنوز الدنيا كلها بعد اذنك
كاد أن يرحل فوجده يقول :
– حمزة مش هيرجعلها غير لما توافق وتطلق .
أبتلع هيثم ريقه قبل أن يردف متسائلاً :
– حمزة رجع؟
أعتدل محمود بجلسته علي الكرسي قبل أن يقول :
– معنديش معلومات أقدر أقولهالك غير اللي قولتهولك فكر كويس يا صحبي وأبقي قولي قرارك.
نظر لها هيثم وقال بداخله :
-ماذا أخبرك يا حبيبتي أنني يجب أن أتركك مرة أخري من أجل طفلك الصغير
ماذا أخبرك أن تذهبي لتلقي جسدك بالجحيم الذي لطالما هربتي من لقائه
ماذا اخبرك ان الجميع ينتظر ان تسقط ذلك الصخره التي تحمل جسدك الصغير لتهوي بدون روح
ماذا أخبرك أن من أحببتهِ بصدق هو من يريد أن ينهش بجسدك الصغير ليلقي به بسكك الطريق
عن ماذا أخبرك حبيبتي .
مر يوم شهر وشهرين والاء تعيش معه وهي لا تعلم مالذي يخبئه بداخله فأنه منذ ذلك اللقاء يتجنب محادثتها بما تحدث معه أو أنه لا يعملها بطبيعته فقط يأتي من عمله ليأكل ذلك الطعام الذي تحضره له ليلقي بجسده علي السرير غير مبالي بالتي تنام بجانبه اهي علي قيد الحياة أم ماتت من شوق انتظاره
كتبت في دفتر يومياتها التي لطالما شهد ذكرياتها..
لم يعد هيثم الذي أعتدت عليه بل أصبح شخص أخر ،شخص يحب عمله أكثر من أن يطلع علي وجهي أن يشاركني أخباره أفراحه وأحزانه كم أشتاقت ليوم من ايام التي عشتها معه بأوروبا حيث كان حبه يشق الأرض لتنبت زهره مفعمه بالحياة وهي حياتي معه ،
لم اعد اتحمل كل تلك الصعاب ايمكن ان اكون قد قصرت في حقه حتي يهملني هكذا ام انني لم اعد جميلة بعينيه أمتلئ عينيها بالدموع فسقطت دمعة بلت الصفحة وهي تكتب اليوم أشعر بنبضة منه تنمو بداخلي تقوي وأضعف معها، يا من بداخلي أنتظر أبيك سيشعر بك وسيحبك أكثر ما يحبني ولا تغضب عليه فبالتأكيد هناك ما يشغله عنا .
مر حوالي شهرين منذ أن صنعت ذلك الأختبار الحمل فتأكدت أنها تحمل بداخلها قطعة منه تنمو برحمها تخاطبه بورق المذكرات لتخرج ما بداخلها من حزن لأبتعاد هيثم عنها أغلقت الدفتر ومسحت دمعها فسمعته ينادي عليها فخرجت من غرفتها لعنده فقال :
– الاء لو سمحت اعمليلي ينسون .
قالت بهدوء :
– حاضر
دلفت مطبخها وتركته يجلس علي السفره يقرأ بكتاب كبير ويدون ملاحظاته في بضع اوراق كما يفعل عادته في يوم أجازة
أخذت تترقبه من بعيد فقالت :
– هيثم
أنتبه هيثم لها وقال :
– نعم.
نظرت له وهي تنتظر غليان المياة قائلة :
– حمزة واحشني أوي .
أمسك قلمه وتابع وكأنه لم يسمع شئ فأنتهت من وضع المشروب بالكوب وأقتربت الاء منه ووضعته أمامه قبل أن تجلس بجانبه علي كرسي السفرة أمسكت يديه لتستحثه علي الأنتباه لها ولو قليل قائلة:
– ممكن اتكلم معاك شوية
نظر الي الكتب المتواجدة أمامه وأعدل من وضعيه نظارته الطبية وهو يقول :
– انتي مش شايفاني مش فاضي وبزاكر
أمتلئ عيونها بالدموع وقالت :
– هيثم بليز مش هاخد من وقتك كتير بس انا عاوزه نتكلم مع بعض
تنهد هيثم قبل أن يترك الكتاب وقال بتضايق : – خير
سئلته بأهتمام :
– مالك يا هيثم بقالك فتره متغير معايا انا عملت حاجة ضايقتك
أجابها قائلاً :
-مفيش يا الاء انا تعبان شوية من ضغط الشغل والمذاكرة أنا عارف أني مقصر معاكي وهفضالك بس أخلص الكام صفحة دول.
وقفت الاء وعينيها ممتلئة بالدموع وقالت :
-حاضر يا هيثم اللي تشوفه
تركته ودلفت لغرفتها طرق باب الشقة ففتح هيثم فوجد أمامه مصطفي ومريم ومعهم أبنتهم
أبتسم لهم هيثم ورحب بهم قائلاً :
– اهلا وسهلاً ازيك يا درش
صافحه مصطفي وقال لمريم :
– ازيك يا مدام
فقالت جودي له :
– عمو هيثم
حملها هيثم علي ساعده وقبلها قائلاً :
-جودي عامله ايه
أبتسمت له الصغيرة وقالت :
– ويسه (كويسة)
جلسوا علي الصالون فستأذنهم بإحضار الاء فعندما دلف لعند الاء وجدها تدعي النوم أقترب منها ووضع يديه علي كتفها برفق قائلاً:
– مصطفي ومريم عندنا .
قالت بصوت ضعيف يكاد يكن مسموع :
– انا جاية
خرج هيثم فاتبعته الاء فذهبت لمصطفي واحتضنته بشده وقبلت مريم فنظرت لمريم قبل أن تقول :
– تعالي نقعد في اوضتي
أوقفها قائلاً بنبرة جامده :
-طيب من الزوق انك تعملي حاجه للضيوف
حدقته بغضب قبل أن ترد بإستكار :
– اخويا مش ضيف يا دكتور
لاحظ مصطفى أن هناك خطبٍ بهم فقال :
-يا جماعه صلوا علي النبي احنا مش عاوزين حاجه تعالي يا لولو اقعدي جمبي
جلست الاء بجانب مصطفي فنظرت لهيثم
فزدادت دقات قلبها بشدة فسئلهم:
– انتم زعلانين من بعض ؟
حاول هيثم أن يثبت لمصطفى أن لا يوجد شئ بينهم فجذبها لتجلس بجانبه قائلاً :
-لا هو انا اقدر ازعل من قلبي
أمسك يديها فستسلمت له فشعر بيديها الباردة فسئلها مازحاً ليقنع مصطفى أنهم غير متخاصمين:
– أيديك ساقعه ليه بتحبي ؟
ضحك مصطفي وقال :
– أيوة اللي ايده ساقعة قلبه دافي
أبتسمت قبل أن تردف قائلة بإستنكار :
– علشان كدا أيديك علي طول دافية .
نظر لها بجمود فأمرها أن تصنع لهم عصير فوافقت وأخذت معها مريم ودلفت بها للمطبخ ومعها جودي
قالت لها الاء بصوت أشبه بالهمس وهي تلتفت حولها حتي لا يأتي ويسمعها :
-مريم عاوزاكي تعزميني اني اجي عندك كام يوم
سئلتها مريم قائلة :
– ليه ايه اللي حصل ؟
أرتفعت نبرة صوتها قائلة :
– أسمعي الكلام بقي أنا بقولك عاوزة أجي معاكم .
عندها أستأذن هيثم مصطفى وأتجه ناحية المطبخ فقال لها بنبرة بارده شعرت أنه قد أستمع لكلامها منذ البداية :
– عاوزة تروحي فين وانا أوديكي
صمتت وهي تنظر له فتنحنحت مريم وقالت له :
– عاوزة تخرج يا سيدي تتفسح.
نظر للاء وأردف قائلاً :
– بس كدا هخرجك بكرة.
أمسكت الاء يد مريم فقالت له مريم :
– أحنا ممكن نخرج دلوقتي لسه بدري أوي.
فأمسكت الصغيرة تنورة والدتها قائلة :
– جوجو لاهي (جودي عاوزة تروح الملاهي).
قال لجودي :
– ملاهي ملاهي أهي خروجة
أمسك يد الصغيرة التي فرحت بأنها ستذهب للملاهي قبل أن يقول لها :
– غيري أنتي.
خرج وتركها مع مريم فنكزتها بكتفها قائلة :
– أنتي ايه اللي عملتيه دا؟
أخبرتها مريم قائلة :
– أعملك ايه بس روحي غيري علشان نخرج زمانه راح كلم مصطفى.
جلس مصطفى بجانب هيثم وسئله بإهتمام :
-انتم زعلانين من بعض ؟
تنهد هيثم فقال له مصطفي :
-انا مش هسئلك سبب الزعل ايه بس هقولك ان الاء مبقتيش حمل زعل انا جوزتهالك يا هيثم لأني عارف أنك راجل وقد تحمل المسؤليه وانك عمرك ما هتجيبهالي زعلانه منك
أردف قائلاً وهو باسط كفيه :
– انا معرفش هي زعلانه مني ليه انا مزعلتهاش في حاجه
أجابه مصطفى :
– بص يا هيثم انت صحبي وكالنا مع بعض عيش وملح وانا مديلك اغلي حاجه عندي فانا هسيبها كام يوم وانت صالحها وابدؤا صفحه جديده ولو متصلحتوش انا هخدها عندي كام يوم لحد ما نفسيتكم انتم الاتنين تهدئ
هز هيثم رأسه بالموافقه فقال مصطفي وهو ينادي علي زوجته :
-مريم يالا بينا
وصلت لعنده وسئلته :
-مش هنخرج؟
أمسكها من يديها قائلاً :
-يوم تاني يالا
خرجت الاء من غرفتها لم تجدهم بل رحلوا فقالت :
– مصطفي ؟
أمسك هيثم يديها ووقف أمامها فأزاحت يديه عنها بقوة ودلفت مرة أخري غرفتها لتبدل ملابسها فأرتدت قميص نوم موف وفوقه روبه الطويل ذو الأكمام الشفافة جلست أمام التلفاز فجلس بجانبها يتابع المسلسل فأبتعدت عنه قليلاً فأقترب منها أكثر فأبتعدت عنه وهو مازال يقترب فتركته ودلفت غرفتها فأتبعها قائلاً :
– هجري وراكي الشقة كلها ؟
وقفت أمام النافذة فأقترب منها ووضع يديه علي خصرها ليجبرها بأن يسيطر عليها فدفعت صدره بعيداً عنها وهي تقول :
-فيه يا هيثم عاوز مني ايه؟
نظر لها قبل أن يردف :
– عاوز أعرف الجميل زعلان مني ليه ومش طايقني أقعد جمبه
نظرت له بإستنكار قائلة :
– أنت بتقعد جمبي ليه دا تحرش أنك تلزق فيا كدا .
ضمها أليه بشدة قبل أن يغمز لها وقال :
– أيه رايك نطور التحرش لأغتصاب .
كادت أن تتركه ولكنه حملها وأنامها علي السرير كاد أن يقبلها ولكنها أزاحت وجهها الناحية الأخري وكأنها ترفض أقترابه منها فأبتعد عنها زفر بشدة قبل أن يتابع متسائلا ً :
– فيه ايه مالك؟
نظرت له وقد أعتدلت بجلستها وقالت :
– مالي أنت بتسئلني مالي أنا تعبانة وسياتك ولا مهتم أنت عايش معايا أصلاً تعرف حاجة عن حياتي تعرف أنا جواية أيه .
وقف أمامها ووضع يديه علي خصره فقال :
– قولتيلي عاوزة أقعد معاك وأديكي مش طيقاني ألمسك.
أمتلئ عينيها بالدموع ووقفت أمامه قائلة :
– هو دا كل اللي في دماغك أنا كنت عاوزة أقعد معاك نتكلم تشكيلي عن كل اللي في قلبك مزعلك مني وأنا كمان في حاجات كتيرة أوي نفسي أقعد أقولهالك يا هيثم.
جلس علي الفراش فقال لها :
– أتفضلي أقعدي أرغيلي بكل حاجة مضايقاكي.
دمعت وقالت :
– مش عاوزة يا هيثم أنت مبقتيش تحس بيا مبقاش يهمك حاجة غير مصلحتك ومزكرتك وبس لكن أنا ومشاعري طظ ولا أسوي.
تركته وخرجت من الغرفة فأطلق تنهيدة تحمل الكثير خرج ورائها ولكنه وجدها تبكي أقترب منها ليقول :
– خلاص بقي متبقيش نكديه.
نظرت له وتركته لتتجه ناحية غرفتها بتضايق فقال لها :
– أخرتها ايه عمالة تفسحيني في الشقة فرهدت.
وجدها تبدل ملابسها فسئلها :
– رايحة فين ؟
دمعت قبل أن تقول :
– بيت أهلي لما تحتاجني البيت ميتوهش.
أمسك ملابسها ليمنعها من أن تبدل ذلك الثياب فصاحت به أن يتركها وشأنها فشعرت بالدوار الشديد أمسكت به بشدة فنظر لها بفزع وقال :
– فيه أيه مالك.
كادت أن تختل توازنها ولكنه سرعان ما ضمها أليه وأسندها حتي أنامها علي الفراش أمسك يديها ووضع يديه علي جبهتها فنظرت له وهي تستعيد وعيها فقال لها :
– مالك يا الاء؟
نظرت له وأعتدلت بجلستها فقالت :
– أن عاوزة أروح عند أهلي ساعدني أروح .
عندها أشتد غضبه من رد فعلها فستئنف قائلاً :
– أنتي أتجننتي أزاي تنزلي وانتي تعبانه ودايخة أنا هروح أجيب شنطتي واجي أكشف عليكي .
أوقفته قائلة بغضب :
– لا وديني لأهلي قولت
حدقها بشراسة قبل أن يقول :
– مفيش مرواح لأهلك ولو نزلنا هوديكي المستشفي سامعة.
ألتقطت أنفاسها وأسندت رأسها علي الوسادة وهي تقول :
– لو روحت المستشفى هتوديني عن أهلي.
أجابها قائلاً :
– أطمن عليكي الأول.
زفرت الاء وارتدت الملابس التي أحضرها لها هيثم فانزلها وهو يسندها وأركبها سيارته وتحرك بتلك السيارة سريعاً
وصلوا لعيادة الخارجية بالمشفي ودلفوا بعيادة طبيبة أمراض النسا
عندما اتي دورهم وقفت فأحست بالدوار يجتاح رأسها مرة أخري فاسندها هيثم ودلفوا لعندها اخذت تفحصها وصنعت لها اشعه تلفيزيونيه فقالت لها مبتسمة :
– ما أنتي لأزم تدوخي دا طبيعي.
نظر لها هيثم فوجدها تخبره أن زوجته حبلي فرح بشدة وأقترب من الاء ليمسك يديها وقبلها فقال للاء:
– معقوله حامل .
تنهدت الاء فستحثته سارة برؤية الجنين علي شاشة الجهاز فأبتسم وأمتلئ عينيه بالدموع فقالت لها سارة :
– ازاي تبقي الفترة دي كلها حامل ومتجبهاش تتابع
سئلها هيثم بإهتمام :
– هو في حوالي قد ايه
ازاحت الاء وجهها ناحية سارة :
– حوالي أتنين تلت شهور أعملها تحاليل وشوف حامل في قد ايه بالظبط
ألتقطت انفاسها وهي تراه ينظر لها بتضايق
خرجوا من عند الطبيبة بعدما كتبت لها مقويات ومثبتات لذلك الحمل حتي لا يحدث إجهاض محظرة من الإرهاق بالعمل وأن تلزم الفراش للراحة أركبها السيارة فظل صامتاً قليلاً وهي تعلم ذلك الهدوء الذي يسبق العاصفة فسئلها وهو يتابع الطريق :
– انتي كنتي عارفه بالموضوع الحمل دا
صمتت وأزاحت وجهها الناحية الأخري وقد أمتلئ عينيها بالدموع فوجدته يتابع :
– مقولتليش ليه ليه تكسري بفرحتي اني هبقي اب من طفل انتي مامته.
أحتفظت بصمتها مما أستفزه فصاح بها قائلاً : -انا بكلمك والله
أجابته وهي تدمع :
-علي اساس انك بتتكلم معايا اوي ومحسسني انك معايا في البيت .
أكمل قائلاً :
-علي اساس اني فاضي ليل نهار ما انا طالع عين ابويا في ام دا شغل كله علشان مين مش عشانك علشان لما تطلبي حاجة مني اجيبهالك وأعمل فلوس تساعدنا أننا نسافر ومنحتاجش حاجة من حد
نظرت له وهي تقول بعتاب :
– وانا من امتي بطلب منك حاجة يا هيثم دا انا لما بحتاج فلوس بتكسف اقولك اقول اكيد هيحس اني محتاجه دلوقتي وهيديني
بس للاسف يا هيثم انت مبقتيش تحس بيا خالص
أوقف سيارته فقال لها :
– مبحسش بيكي ربنا يعلم باللي فيا وقد أيه أنا بتقطع كل يوم علشانك أنتي بس مش عاوز اشيلك همي علشان أنتي مش هتستحملي وأقول أن أستحمل عنك ولو كنتي فعلاً حاسة بيا يا الاء
دمعت ونظرت امامها علي الطريق قبل أن تعقد ذراعيها أمام صدرها فقال لها :
– روحني يا هيثم لو سمحت
تنهد قبل أن يدير السياره ويتحرك بها ناحيه بيتهم ،نزلت من السياره كادت ان تتجه ناحيه بيت ابيها فأوقفها قائلاً:
– رايحه فين
رفعت عينيها بعيداً عنه وهي تحاول أن لا تظهر دمعها قائلة:
– هقعد في بيت ابويا لحد ما نفسيتنا تهدئ من بعض
تنهد هيثم قبل أن يردف :
– تمام يا الاء اللي يريحك انا مش هغصبك علي حاجه أستني خدي الدوا بتاعك
فتح سيارته واخذ دوائها واتجه ناحيتها وقال :
– خلي بالك من نفسك ومن ابني
أخذت الدواء ودلفت بيت ابيها
سئلها محمد عن سبب جلوسها معه هل تشاجرت مع هيثم أم ماذا حدث فأخبرته أنها تريد أن ترتاح قليلاً بغرفتها فقال :
– ياحبيبتي الشقه كلها بتاعتك
احتضنته الاء فقبل رأسها ودلفت غرفتها
جلست علي السرير واراحت جسدها لتغطوا بالنوم من شدة أرهاقها ،بينما هو أمسك هيثم هاتفه نظر علي خلفيه شاشه هاتفه فاذا بصورة له معها بيوم زفافهم أغلق الهاتف ودلف غرفته لينام علي سريرهم ولكنه لم يحظي بقدرٍ قليلاً من النوم ولم يزوره فقالت علياء لمحمد :
– شكل أختك دبة خناقة مع هيثم.
جلس محمد بجانبها وقال :
– ملناش دعوة بيهم هما حُريين ببعض .
عندها طرق باب شقته فقالت له بإستغراب :
– مين اللي جاي السعادي؟
أتجة ناحية باب الشقة ففتحه فأستغرب لزيارته بتلك الوقت المتأخر من الليل،
في اليوم التالي فتحت عيونها وجدتها بمنزلها نائمه بجانبه علي الفراش
نظرت له وازدادت دقات قلبها وهي تجدها تنام بحضنه ومحاوطها بيديه ليمنعها من التحرك بعيداً عنه فقالت له بغضب وهي تحرك جسده :
– ايه دا قوم .
فتح عينيه وقال مبتسماً ببرود :
-صباح الخير يا حبيبتي
سئلته قائلة بإستغراب :
– انا بعمل هنا ايه انا كنت نايمه في اوضتي جيت هنا ازاي
ابتسم لها وقال بثقه :
– انا اللي جبتك
أردفت قائلة بضيق :
– ازاي عملت كدا
أعتدل بجلسته ليظهر صدره العاري أسفل الغطاء قائلاً :
– فضلت طول الليل مش عارف انام وانتي مش نايمه جمبي نزلت ورحتلك علي اساس اني هلاقيكي انتي كمان مش جيلك نوم وانتي بعيده عني بس لاقيت البعيده نايمه في سابع نوم وكانها مصدقت انها نامت بعيد عن حضني فضايقت وجبتك تنامي جمبي علشان أعرف أنام أحنا معندناش حريم تبات بره حضن أجوازهم
ضحكت الاء فقال :
-الصلاه علي النبي ضحكتي
قالت مردده:
– عليه الصلاة والسلام
تابع قائلاً :
– وبعدين يا هانم عاوزة تأخدي أبني انه يبات برة بعيد عن حضن باباه
كاد أن يحتضنها فدفعته من صدره العاري حتي لا يحتضنها قائله :
– ابعد عني
نظر لها بإستنكارقبل أن يردف :
– ايه انا مش بحضنك انتي انا بحضن حبيبي اللي جاي في السكه أنتي مالك وهبوسه كمان.
أقترب منها وقبل بطنها قائلاً :
– صباح الخير يا حبيبي
شعرت بسير قشعريرة تجري بجسدها من أقترابه منها فأبتلعت ريقها وأزاحته بعيداً عنها قائلة : -هو اصلاً زعلان منك اوعي بقي
نظر لهاوأكمل بخبث :
– ماهو بومه زي امه
قالت بغضب :
-بتقول ايه
أبتسم لها وقال :
-سلامتك يا حب
تركته وذهبت للمرحاض لتغتسل وعندما خرجت للخارج وجدته يقف ينتظرها
وقف ليسد عليها الطريق أمام المرحاض وهو يرتدي بنطال أسود وعاري الصدر فأزاحت وجهها عنه فقال لها :
– خلصتي حمام.
حاولت أن تبتعد عنه ولكنه لم يردها ترحل فسد عليها الطريق وهو يحاول أن يصالحها ولكن قلبها أشد قسوة فدفعته مبتعداً عنها فقالت له :
– انا هعملك الفطار وهروح عند محمد أخويا
أمسكها هيثم من ييديها بقوة وقال بنبرة صارمة:
-فيه ايه يا بت بقي ؟
ردت بإستنكار من كلامه :
-بت بتقولي يا بت
أجابها قائلاً بتهكم :
– وستين بت ولو فتحتي بوقك هديكي بالجزمه
أتسعت حدقة عينيها فأردف بجمود :
– مش هيثم اللي تكبري عليه متنسيش انك مراتي وانا راجلِك يعني ليا حكم عليكي وبقولك مفيش خروج من الشقة
قالت له :
– انت اتغيرت اوي يا هيثم
لوي ثغره وهو يقول :
– من بعد ما عندكم
زفرت تركته لتذهب للمطبخ فقال لها بصوت مسموع :
– اما كسرتلك دمغك الناشفه دي .
دلف الحمام وخرج بحث عنها فلم يجدها فزفر بشده ونزل من شقته طرق باب شقه محمد
فتح له محمد وقال له بتضايق :
-هيثم مالك مش طبيعي امبارح تخبط عليا في نصاص الليالي ودلوقتي الساعه سته الصبح حرام عليك مش عارف اناملي ساعتين قبل ماروح الشركة
شعر بالحرج فأخبره أنه يريد الاء فعندها قال له محمد :
– ما انت خدتها امبارح
أعدل من وضعية نظارته الطبية وهو يقول :
-خرجت عقبال ما دخلت الحمام لاقيتها خرجت
رن هاتف محمد ففتح المكالمه وبعدما انتهي من تلك المكالمه حتي قال :
– الاء عند مصطفي
زفر هيثم وقال معتذراً لما تسبب من أزعاج :
-بعتذر ليك يا محمد اتفضل دلوقتي
خرج من شقه محمد واتجه ناحيه سيارته ركبها وقاد بها بسرعة كبيرة متجه ناحيه منزل مصطفي ،جلست معها تشكي لها منه ومن تصرفاته معهت قائلة:
-مبقاش موجود في حياتي يا مريم انا حاسه اني عايشه لوحدي مبشوفهوش غير اخر الليل وبيجي يغير وبينام وانا باكل وبشرب وبتكلم مع نفسي ولما اكلمه يقولي مش فاضي بزاكر ومش بزاكر طهقت طرق باب الشقه ففتح مصطفي الباب وقال مرحباً به :
-اهلا يا هيثم اتفضل
أردف هيثم قائلاً :
– شكراً يا مصطفي لو سمحت ناديلي مراتي
اتت الاء أليه الاء فحدقها بنظرات غاضبة جعلتها ترتعد لثواني وهو يتجه ناحيتها ويأخذها قائلاً : -يالا بينا
– خليكم نفطر مع بعض .
قالها مصطفى فشكره هيثم قائلاً:
– دايماً عامر
أخذها ونزل بها وهي لم تفتح فمها فقط فأنها تعلم أنها مخطئه لأنه منعها من النزول ومع ذلك فعلت اركبها السياره وأغلق الباب المجاور لها بقوة كاد أن يقتلع بيديه فأرتعدت وهو يركب بجانبها ويأمرها بوضع حزام الأمان فلم يتحدث معها ولو بكلمه بل ظل صامتاً
عدي بيتهم فقالت له متسائلة :
-انت وخدني علي فين ؟
ظل صامتاً ولم يجيبها بل ذلك يتابع طريقه فصاحت به بغضب :
– بقولك وخدي علي فين انا مش الجاموسه اللي اشتريها علشان تجرها معاك
أوقف السيارة وأمسكها بقوة من ذراعها قائلاً : -لمي نفسك لاما اقسم بالله هزعلك مني يا الاء أنا لحد دلوقتي ماسك أعصابي.
صمتت فأزاح يديه عنها
فكادت أن تفتح باب السيارة لتنزل منها فأغلق هيثم الابواب بزر القفل الألكتروني
قالت له وهي تصرخ :
– افتح الزفت دا خليني انزل
نظر لها بغضب قبل أن يتابع بتوعد :
-مش هتنزلي يالاء وهنروح دلوقتي عند اهلي في البلد لحد لما تتربي وتعرفي أن الله حق
ادار السيارة وتحرك بها ولكن لم يسرع بها كما أعتاد خوفاً عليها بأن يحدث لها شئ
فأسندت رأسها علي ظهر الكرسي وهي تعلم ما سوف ينتظرها بالبلد عن أهله فأن والده لن يتقبلها أبدا فنعست فأوقف السيارة حتي ينزل من أرتفاع ميند الكرسي وهو يسند رقبتها حتي لا تؤلمها فوضع عليها معطفه المتواجد بكنبة السيارة نظر لها وهي نائمة هادئه قبل أن يتابع طريقه
فتحت عيونها وهو يحرك جسدها قائلاً :
-انتي يا هانم اصحي
نظرت له فتابع :
– قومي احنا وصلنا
نزلت الاء من السيارة فأمسك يديها كما لو كانت ستهرب فدلف بها بيت ابيه
قابلتهم والدته بالأحضان والقبلات وكذلك فاطمة،فأخبرهم هيثم عن حمل الاء
فرحت والدته كثيراً واحتضنتها واخذتها لتجلسها علي الكنبه قائله :
– انتي ترتاحي خالص روحي يا بت هاتيلها الاكل من جوه وهاتي كوباية لبن
أمسك هيثم سلسلة مفاتيحه وقال :
-خلوا بالكم منها لحد لما اروح عند بابا شوية وهجيلكم علي العصر
خرج هيثم فابتسم وركب سيارته ،تضايقت سامية من عدم أخبارها بذلك الخبر من قبل فأنها أنتظرت كثيراً الفرحة ولكن الاء أخبرتها أنه لم يكن يعلم بذلك
أبتسمت لها حماتها وأمسكت يديها قائلة :
-مبروك يا حبيبتي انتي لازم تخالي بالك من نفسك الكام شهر دول لحد ما العيل يثبت
هزت الاء رأسها وابتسمت لها الاء وهي تشعر بفرحة حماتها بحفيدها
دلف هيثم لعند والده فوقف صبري وقال بلهفة :
-ايه اللي جابك يا هيثم انت كويس ؟
جلس هيثم أمامه علي كرسي المرضي وهو يقول :
-مفيش حاجة يا بابا الاء بس تعبانه شوية قولت تيجي هنا وماما وفاطمة تخلي بالها منها
نظر له صبري وهو يلوي ثغره قبل أن يسئله : – خير
أبتيم له هيثم بخبث وهو يقول :
– مبروك يا دكتور هتبقي جد قريب أوي
أتسعت حدقة عينيه وهب واقفاً وهو يقول بتلعثم : – أيه حامل ازاي ؟
أجابه هيثم بتضايق :
-يعني ايه ازاي يا بابا هو انا ماشي معاها في الحرام دي مراتي واللي حامل فيه دا من صلبي
جلس صبري وأمسك قلمه وضغط عليه وهو يتمتم :
– مكنش لازم تحمل وانت مش هتقعد علي ذمتها وهتطلقها
أزاح هبثم وجهه عنها وهو يقول :
-مستحيل اعملها انا بحبها والبيبي دا هيقربني ليها اكتر
أشتد غضب صبري وقال :
– انت جاي هنا علشان تحرق دمي ياض انت
وقف هيثم ووضع راحتي يديه في جيب بنطاله الجينز قائلاً :
– انا جاي هنا علشان اعرفك ان الاء حامل في ابني وابقي قول للبيه ماهر اني عمري ما هفرط في مراتي وياريت يبعد سمه عننا
ضغط صبري علي القلم بقوة وهو يحاول أن يلين عقله فأن ماهر لن يتركهم يعيشون بسلام فقال له هيثم :
-طظ فيه كل قوي فيه الاقوي منه وانا واثق في ربنا انه هيحميني احسن من اي بني ادم
طرده صبري من عيادته أي من منزله الأخر فهو لا يتحمل أن يراهم معاً فظل يفكر كيف سيقول لماهر بأن الاء تحمل بأحشائها أبن هيثم قطع شروده أنكسار القلم الممسك به فأجرح يديه فزفر بشدة وهو يلتقط قطعة قطن ليوقف النزيف.
وجد الاء جالسه مع فاطمة تضحك معها ووالدته تحضر لهم الغداء
فأمسك هيثم يد الاء وقال :
-يالا يا الاء
خرجت والدته من المطبخ وهي تمسك الملعقة بيديها قائله :
– يابني انت جيت في ايه وماشي في ايه
حاول أن يقنعها أنه لديه عمل بمصر فقالت له والدته :
-انت مش عارف ان غلط عليها السفر والتنطيط وهي لسه في اول الحمل
زفر بشدة وهو يحاول ان يخرج ضيقه من ابيه قائلاً :
– همشي علي مهلي
أمسك يد الاء وكاد أن يرحل
فمسكته والدته من يديه لتمنعه من الرحيل :
-والله ما انت ماشي اقعد بقي حرام عليك البت يحصلها حاجه في الطريق ساعتها هفرح بيك اطلعي يا الاء ريحي فوق روحي معاها يا فاطمة واديها هدوم
اخذتها فاطمة فقالت لهيثم :
– وانت تعالي معايا
خرج مع والدته في المضيفه ليحكي لها عما حدث مع والده فهدئته قائلة :
-اقعد يا حبيبي معانا كام يوم علي اقل مراتك تسترد صحتها حساها هزلانه كدا واول ما تبقي زينه انا هاجي معاكم اشوف طلباتها في مصر
مسك يديها وقبلها قائلاً :
-ربنا ميحرمنيش منك يارب ويخليكي لينا
ابتسمت له وقالت وهي ترتب علي رأسه :
– ويخليك ليا يا حبيبي
جلست علي فراش هيثم بغرفته الصغيرة التي تكاد تأخذ سريره وخزانه ملابسه ومكتب صغير تملؤها صور لنادي الأهلي ولاعبيها أرتدت جلباب منزل خاص بأخته تشاهد صوره وهو صغير أبتسمت بعفوية أخذت فاطمة تحكي لها عن تلك الصور وكم هو يريد أن يمزقها ظناً بأنه يبدو قبيحاً بها ولكنها تري عكس ذلك فقد كان طفلاً وسيماً دلف وجدها تشاهد صوره فاندفع تجاهها وأخذ منها الألبوم حتي لا تشاهد بقية الصور فصاحت به :
– ليه عاوزة اتفرج.
ضرب فاطمة علي رأسها بخفة بقبضة يديه قائلاً :
– أنتي هبلة بتفرجيها ليه علي الالبوم دا
وضعت يديها علي رأسها وقالت وهي تغمز له :
– خليها تتفرج مش كان نفسك تفرجها عليها من زمان
أمسكها وأخرجها من غرفته فضحكت فاطمة وقالت :
– هخليها تتفرج عليه يا فالح.
أعطته ظهرها بتضايق
فأقترب منها ليجلس بجانبها قائلاً وهو يمازحها :
– بس بس
نظرت له وهي تدعي الزعل قائله :
-انا زعلانه منك
أمسك يديها ولكنها أزاحتها فقال :
-قلبك ابيض بقي
أجابته :
-بلا ابيض بلا اسود خاصم
ذقنها بأطراف أنامله ليجبرها علي النظر اليه:
-بلاش نتكلم مين مفروض يخاصم علشان مكسرش دماغك علي عملتك السوده الصبح انتي عارفه يا هانم انك كدا خلفتي كلام جوزك واحنا كصعايده
نظرت لعينيه وقالت متسائلة :
– ايه
أبتسم قبل أن يردف بلؤم قد فهمت ما يدور بعقله :
-هقطعك تقطيع
أبتعدت عنه وهي تلوح بيديها بالهواء قائلة :
– اوف الجو بقي حر أنا هروح اقعد مع مرات عمي
مد جسده علي الفراش الصغير وهو يشير لها بأن ترحل قائله:
– ياريت علشان الكتمه ولما يخلصوا الاكل قوليلي علشان انزل
القت الوساده المجاورة له عليه فاخذها بحضنه قائلاً :
-مقبوله منك يا جميل .
كتبت بمذكراتها قائله…
لم أنكر أنني قضيت أيام لا تنسي بصحبه والدته وفاطمة ومعهم حبيبي الذي ظل بجانبي طوال الوقت أحسست بإهتمامه لي مره أخري حبه لي الذي زاد لأنني أحمل بطفله الأن يا طفلي أفرح فأن أبيك يحبك كثيراً وينتظر مرور الأيام بفارغ الصبر حتي يضمك بين ذراعيه الكبيرتين .
قطع كتابتها صوت طرق باب الشقة فتحت ووقفت تقدمت ناحيه باب الشقه نظرت من خلال العدسة الملحقة به صدمت حين وجدته يقف خلف الباب أنه محمود ألتقطت أنفاسها عدة مرات قبل أن تقول بتلجلج
– ععاوز ايه ؟
أردف قائلاً :
– افتحي يا الاء عاوز اكلمك شوية
أجابته قائله :
– راجل البيت مش موجود لما يجي ابقي تعالي قابله أنا مليش كلام معاك
تابع بثقة:
– انا عارف انه نزل الشغل انا جاي علشانك انتي علشان اقولك عن مكان حمزة
هرولت لغرفتها واحضرت الخمار وضعته فوق راسها ليداري شعرها وفتحت له قائله :
– ابني فين يا محمود
أردف قائلاً :
-أنا كنت متأكد أن هيثم مش هيقولك وهو بنفسه قالي متتكلمش عن الولد دا تاني وحذرني اني مجيش اقولك بس انتي صعبتي عليا أني مجيش أقولك
نظرت له بصدمة وامتلئ عينيها بالدموع قالت بغضب:
– انت كداب هيثم مستحيل يعمل كدا
أمسك هاتفه وشغل تسجيل صوتي قائلاً :
-ودا بردو كدب
أستمعت للمسجل وهو يقول :
– ماهر بيه في مصر وعاوز الاء تشوف ابنها بس لما توافق عل عرضه
رد هيثم قائلاً :
-انت مجنون أنسي الموضوع دا الاء عمرها
أغلق التسجيل فدمعت الاء وقالت :
– امشي يا محمود
وضع هاتفه بجيب بنطاله وقال :
-انا جاي اقولك يا بنت خالتي خلي بالك منه هيثم مش سهل طول عمره بتاع مصلحته
دمعت فوجدته يكمل :
-خلي بالك من اللي في بطنك .
نظرت له الاء بصدمة من معرفته بحملها وقالت متسائلة:
-انت عرفت منين اني حامل مريم قالتلك صح
عندها قاطعها قائلاً :
-اقسم بالله اابداًمريم من ساعه ما أطلقنا وهي مقطعاني دا هيثم كلمني امبارح وقالي انه يديكي اي دوا ينزله علشان مش عاوز يربط نفسه بيكي ويسافر يكمل دراسه بره وهو حر
دمعت وقالت بصياح :
-كفايه
تابع محمود وهو يحاول أن يضغط عليها بكلامه :
-هو مش عاوز منك عيال هو لو كان بيحبك مكنش حرمك من انك تخدي ابنك في حضنك وانا سمعت ان ماهر بيه هيتجوز والله اعلم مراته الجديده هتعمل فيه ايه
بكت بشدة وقالت له :
– انت عاوز مني ايه عاوز تخرب حياتي مش كفايه دمرت حياتي من وانا بنت لحد دلوقتي هتستفيد ايه فهمني انا اذيتك في ايه
اجابها بنبرة هادئه كحية تتلاعب حتي تفترس ضحيتها :
– متظلمنيش يا الاء أنا جيت لحد هنا علشان أظهرلك حسن نيتي
دمعت عينيها ومسكت قلبها متألمة :
-روح يا محمود رسالتك وصلت بعد اذنك أغلقت الباب بوجهه وجلست خلفه تبكي بشده حتي أحست أن حنجرتها بها سكاكين تقطع بها كحنجرة طفل جرحت من كثرة البكاء
اتي هيثم في المساء ودلف شقته بحث عنها فوجدها نائمه علي الفراش أقترب منها قائلاً : -حبيبتي اصحي كل دا نوم
وضع يديه علي كتفها فرتعشت
قالت بصوت ضعيف :
– عاوز ايه يا هيثم
سئلها قائلاً بلهفة :
-مال صوتك انتي بتعيطي
أجابته قائله :
-مش بعيط يا هيثم تعبانه شوية أكلك علي السفره عاوز تسخنه سخنه
تابع قائلاً :
-انا كلت خلاص بس عاوزك تصحي تقعدي معايا انا عاوز نخرج نروح السنيما فيه فيلم أجنبي رومانسي نازل صحابي بيقولوا تحفة
دمعت وقالت :
– معليش يا هيثم بقولك تعبانه سيبني أنهارده
صمت قليلاً وهو ينظر لدوائها فقال :
– أخدتي دواكي
اجابته قائلة :
– اها أخدته سيبني انام بقي.
بدل ملابسه وأقترب منها ليضمها بحضنه فدمعت ، نام ولكنها لم تذوق جفنيها طعم النوم تنظر له طوال الليل وهي تخاطبه بداخلها قائلة :
-لما فعلت ذلك بي فأنني تركت العالم بأجمعه من اجلك وثقت بك ان اسافر معك بعيداً عن جميع اهلي كنت اظنك تحبه ولكني لم اعلم انك اصبحت هكذا نزلت دموعها فبلت وسادتها
أغمضت عينيها بتألم لتنام خائفه من ان يأتي عليها يوم تفقد به كل شئ فظنته انه قريب قريب لدرجه كبيره اجل انه اتي
في صباح اليوم التالي نزل ولم يوقظها فقال : -سيبها تنام
تأكدت انه نزل فتحت عينيها وأعتدلت بجلستها
نظرت لوجهها بالمرآه فانه يبدو مرهقاً أبتلعت ريقها وأمسكت هاتفها ترددت كثيراً قبل أن تتصل به أبتسم بخبث وأجاب قائلاً:
– ايه دا انا مش مصدق ودني ولا عنيا اللي شافت اسمك علي التليفون
أبتلعت ريقها وقالت :
-محمود فين ماهر
سئلها قائلاً :
– بتسألي ليه
أجابته بتهكم :
– عاوزة اشوف ابني ايه مش من حقي
قال بتلجلج :
-طبعاً حقك وانا هكلم دلوقتي ماهر بيه اديله خبر أنك هتروحي فيلته اللي في التجمع
أغلقت المكالمه ووقفت لترتدي فستانها الطويل ذو اللون العنابي وخمار وردي زينه أخذت حقيبتها بعدما تأكدت بوجود مال يكفيها نزلت فأوقفت سيارة اجره لتوصلها لفيلا ماهر بالتجمع أخبر ماهر بأنها ستأتي لعنده عما قريب أبتسم ماهر بفرحة كمن انتصر بمعركة صعبة خسر بها الكثير فوجد محمود يقول له :
– بس انا ليا الحلاوة بقي
أردف ماهر قائلاً :
-اكيد يا دكتور عنيا ليك
أبتسم محمود فقال ماهر له وهو يري من النافذة وقوف سيارة اجرة أمام فيلته :
-شكلها جت مع السلامه انت بقي واعمل اللي قولتلك عليه
خرج من حجرته ليذهب الي هيثم فقال له :
-ازيك يا هيثومه
ترك هيثم سماعته الطبية علي المكتب ليقول له : -خير
نظر له محم قبل أن يردف قائلاً :
– رد يا اخي السلام
اجابه وقال :
– وعليكم السلام ها عاوز ايه
أزاح محمود وجهه عنه ليقول :
– اتصدق اني غلطان انا كنت هقولك حاجه تهمك أوي عن الاء
حدقه هيثم وقال بلهفة :
– مالها الاء
وقف وكاد أن يرحل وهو يتابع :
– خلاص بقي
أمسكه هيثم من ياقه قميصه وقال بغضب :
-ولاه مش عاوز عوق فيه ايه
قال له محمود وهو يبتسم له بلؤم :
– الاء راحت عند ماهر بيه وهي دلوقتي معاه
نظر له هيثم وترك ملابسه وقال :
-عرفت منين
أعطاه هيثم ظهره وهو يكمل غامزاً :
– هو لسه قافل معايا وهي كانت وصلت فيلته وأنت فاهم بقي
تركه هيثم وخرج من الغرفة بل من المشفي وهو يستشيط غضباً ركب سيارته وأنطلق بها بسرعة كبيرة
وصلت لعنده وقالت له :
– فين أبني يا ماهر.
نظر لها بإستحقار فقال لها :
– دلوقتي أفتكرتي حمزة، أبتلعت ريقها وأخبرته أنها تبحث عنه منذ وقت طويل ولكنه لم يعطيها فرصة لكي تلاقيه
فأبتسم لها وقال وهو يناولها كوباً من عصير البرتقال :
– اشربي الدرينك دا عقبال ما مامي تيجي بحمزة زمانها علي وصول أصر علي أحتساء العصير فخشيت أن لا يجعلها تري صغيرها فأمسكت بالكوب وأخذت رشفة منه فوجدته يبتسم أبتسامة صفراء وهو يقول ليستحثها علي تكملة الكوب :
– كملي يا لولو….

 

error: