رواية كيف لي ألا أحبك

الفصل الخامس عشر والأخير :
فتحت عينيها بتثاقل فأن ذلك المخدر أخذ وقتاً حتي تلاشي من جسدها الهزيل تاركاً القليل مازال بعد ، تساقطت عينيها علي سقف الغرفة النائمة بها فهي مصنوعة من الخشب المدهن بألوان تشبه قوس قزح حاولت الأعتدال حتي أستطعت ذلك بصعوبة فأن رؤيتها لم تكن واضحة بعد ، أنها بغرفة صغيرة لم يكن بها الكثير غير كنبة متوسطة الحجم جلدية ذات اللون الأسود بجوارها برادة مياة مقابلها منضدة يرقد فوقها تلفاز صغير غير الفراش النائمة عليه وبجانبه أثنين من كومود المتواجد يمين ويسار الفراش والناحية الأخري مرحاض صغير بينما يكُن مقابلها شرفة الغرفة ، ضاق صدرها لانه لم يكن بجانبها فهبت واقفة للتقدم ناحية الباب الشرفة الوحيدة بتلك الغرفة الخشبية الصغيرة ولكن أتسعت عينيها حينما فتحت بابها علي مصراعيه لتجد أمامها المياة وأشجار كثيفة بجانب تلك الغرفة علي جانبيها كما أنها بأدغال أرتجفت من برودة الهواء الذي داعب وجهها ليعلن عن ترحيبه بها فملي صدرها وهي تتطلع علي تلك المياة صاحت بأسمه وهي تكرره عدة مرات ليأتيها الأجابة بصدي صوتها عندها أيقنت أنها بمفردها بذلك المكان المخيف جلست علي أرضية الخشبية الملتصقة بالغرفة أنتظرته كثيراً دمعت حينما أقترب غروب الشمس معلناً عن إظلام السماء ظلت تردد أسمه دمعت وهي تجلس بوضعية كئيبة ضامة ركبتيها من صدرها ودفنت وجهها بين قدميها لفترة ليست بقليلة .
شعرت به وهو يقترب منها من رائحة عطره المميزة الذي أجتاح أنفها رفعت رأسها وجدته يترك ما بيديه من حقائب ليقترب منها قائلاً بلهفة :
– الاء .
هبت واقفة فأحتضنته بشدة وأنهارت بالبكاء فوضع كفه علي شعرها وسئلها :
– مالك يا حبيبتي ؟
قالت وهي تتلعثم من كثرة البكاء :
– كنت فين وسبتني لوحدي؟
أبعدها عنه قليلاً ليقول :
– أسف اني مشيت بس كنت بجيب أكل وهدوم لأني نسيت هدومنا .
عندها دفعته لتبتعد عنه قليلاً قائلة :
– رؤي فين؟
أخبرها أنها لدي علياء ولا داعي للقلق ، نظرت له وقالت بتضايق :
– حرام عليك رعبتني عليك.
أبتسم بفرحة من شعوره بقلقها فقال معتذراً :
– أسف يا قلبي أوعدك مش هكررها تاني
تنهدت لتزيح وجهها بعيداً عنه قائلة :
-أنت ايه المكان اللي جبتنا فيه دا؟
أجابها بثقة :
– أيه رايك في المفاجأة دي حلوة مش كدا؟
قالت له بإستنكار من طريقته المبالغة بها :
– زي الزفت إنت تخدرني علشان تجبني هنا في أوضة فاضية أصلاً
أردف قائلاً :
– أنا حبيت نعمل شهر عسل أنا عارف أني مُقصر معاكي ومش بخرجك وحتي مروحناش شهر عسل من ساعة ما أتجوزنا قولت أفرحك.
زفرت بشدة فعندها تركها ليبتعد عنها قليلاً ،أمسك أحدي الحقائب وأمد يديه بها لكي يناولها أياها فقالت متسائلة :
– أيه دا ؟
أبتسم لها وهو يقول :
– شوفيه أنتي وقوليلي رأيك.
أمسكت به قبل أن تتطلع عما بالحقيبة فأتسعت حدقة عينيها لما أحضر لها فتحول وجنتيها لثمرتين فراولة قائلة بخجل :
– أيه دا ؟
قال لها بخبث :
– مش عجبك أرجعله.
ضربته بصدره فضحكوا قبل أن تقول :
– والله ما فيه دم.
أبتسم لها وهو يقول :
– عاوز الجميل يحضر نفسه علشان عاملك مفاجأة حلوة أوي.
حدقته قبل أن يأخذ أحدي الحقائب وخرج نظرت لفستان المتواجد بيديها فأنه قصير للغاية عاري الأكتاف لونه أحمر كَحُمرة ثمرة التفاح ضيق من الجانب العلوي عن السفلي
أرتدته ولكنها شعرت بالخجل فكيف ستخرج بذلك الفستان ليراها به ولكنها فعلت، خرجت من المرحاض وجدته تارك لها ورقة يقول لها :
– أسف حبيبتي هتستنيني شوية صغيرة وأوعدك أني مش هتأخر عليكي أتلهف رؤية فراولتي الصغيرة .
أبتسمت بشدة وجلست علي الفراش ترتدي الحذاء الذي أحضره لها ولكنه لم يكن مقاسها بل أصغر منها فألم قدميها من ضيقه ولكنها حينما سمعت صوته بالخارج خلف النافذة أقتربت منها وفتحتها أنها تعلم أن ذلك المكان لا يوجد به غيرهم فلا تحتاج أن ترتدي ما يداري به جسدها ورأسها ألتقطت أنفاسها حينما وجدته يرتدي بذلة سوداء أنيقة ،يقف بداخل مركب مزين بالورود والمصابيح المتنوعة الملونة أبتسمت له وهو يتطلع علي جمالها عينيه تلمع بشدة كما تلمع عيني حبيبته تقدم بضع خطوات حتي وقف علي حافة المركب مد لها يديه قائلاً :
-تعالي يا حبيبتي أركبي
تقدمت ناحيته وأمسكت يديه ليعاونها علي الصعود فوجدت منضدة بها طعام وشموع علي هيئة قلوب حمراء أجلسها علي كرسي الخاص بتلك الطاولة ليجلس أمامها فقال بها :
– أيه الحلاوة دي كلها .
أبتسمت له وهي تقول بخجل :
– عجباني البدلة دي أوي
عندها قال لها بمزاح :
– أتفضليها أقلع.
ضحكت فقالت له :
– لااااا
فتابع بمزاح :
– والله أقلعها.
ضحكت فضحك هو الأخر ليقوم بتقريب أطباق الطعام منها قائلاً بنبرة أمره:
– عاوزك تخلصي الأكل دا كله
نظرت الي الطعام كم هو يبدو شهياً قبل أن تبتسم له قائلة :
– وإنت كمان كُل معايا ولا تكونشي حطيتلي حاجة في الأكل.
ضحك وهو يقول لها :
– حطيتلك حاجة أصفرة .
ضحكت وقالت بمزاح :
– أها لحسن توزك دماغك وتشربني خمرا أحنا صعايدا أهلي يقطعوني قطيع.
ضحك بشدة وأخذوا يأكلون بنهمٍ حتي أنتهوا فأزاحت كعب قدميها فأن الحذاء يؤلمها بشدة فقال لها متأسفاً :
– معليش يا حبيبتي مكنتيش أعرف مقاسك وأستنتجته كدا.
أردفت قائلة :
– ولا يهمك يا هيثم أنا فرحانة جداً بالجو دا المركب تحفة والأكل كمان تسلم أيديك بجد .
أمسك يديها بيديه فقبلها قائلاً :
– حبيبتي أنتي علشان جميلة شايفة كل حاجة جميلة حوليكي.
أحمر وجنتيها خجلاً من كلامه المعسول فوقف متابعاً :
– يلا بينا.
قضبت حاجبيها بأستغراب قائلة :
– يلا أيه؟
فتح هاتفه ليشغل أحدي الأغاني الرومانسية الهادئة فأمد لها يديه قائلاً :
– هنرقص.
قالت معترضة :
– لا لا مش هينفع أنا مش بعرف أرقص وبعدين مش لابسة شوز وهيبقي شكلي وحش.
لم يمهلها فرصة لتعترض بل جذبها أليه ليحتضنها فأحمر وجنتيها خجلاً لتصبح كثمرة الطماطم ، وقفت لتستجيب له فأحاطها من خصرها وهي تقف علي حذائه الجلدي ووضعت يديها علي كتفيه فظلوا ينظران لبعضهم البعض بهيامٍ تلمع عيونهم كلمعة النجوم في السماء عندما أنتهت الموسيقي أخذها ليجلسوا بشرفة الغرفة أحتضنها وهو يقول لها :
– أنا أسعد واحد في الدنيا دي كلها تعرفي ليه ؟
أمسكت يديه وهي تسئله :
– ليه ؟
أجابها قائلاً :
– لأنك معايا وفي حضني .
أبتعدت عنه لتنظر لعينيه التي تتطلع لعينيها لتخبرها كم تعشقها فعندها أمتلئ عيونها بالدموع فرحة قائلة :
– أنا اللي أسعد واحدة في الدنيا يا هيثم.
أبتسم لها وهي تكمل قائلة :
– علشان ربنا رزقني بزوج زيك أنا كنت مش عايشة من قبل ما أكون معاك
أمسك يديها فتابعت :
– معاك حسيت أني ليا أب اللي أتحرمت منه من غير ما أشوفه وصاحب اللي أتعذب علشان يجيبلي حقي من اللي ظلموني
أقترب منها قائلاً :
– وأيه كمان.
أردفت قائلة بدموع :
– وحبيبي .
أحتضنها فرحاً فطالما أنتظر تلك الكلمة واليوم الذي يتفوه فمها بقولها قائلة :
– بحبك أوي.
عندها أردف قائلاً :
– وأنا بموت فيكي .
ظلوا هكذا لفترة وكأنهم لم يروا بعض منذ سنوات قضوا ثلاث أيام بتلك الغرفة ليجددوا شهر عسلهم بين الطبيعة التي تشهد عن حبهم لبعض حتي عادوا ألي شقتهم لتأخذ صغيرتها معهم ولكن ما حدث بمصر أنه أستفاق ماهر من غيبوبته ليصدم بخبر موت طفله بذلك الحادث ووالدته تخبره عن سنوات القليلة التي قضاها بالمشفي خرج منها فعلم من قام بقتل طفله وتوعد له بالإنتقام.
تغيرت ملامحه لم يعد ذلك الوسيم الذي يفتن الفتيات بجماله وجمال عينيه بل أصبح شخص فبيح ليس قبح الوجه لانه قبيح القلب الذي أظلم الكثير وقام بكل شئ محرمٍ واعد الكثير بالحب وخالف به وأوله هي تلك الفتاة التي لم يري منها غير أنها أحبته بصدق ليتلاعب بها وهو علي يقين به ولكنها مزقت قلبه حين أختارت صديقه المقرب الذي ألقي به لذلك المكان القذر ليفقد كل ما يملك من شهرة ومال وماذا ينفع المال حين تتلاشي السمعة الطيبة فالجميع الأن يعلم أنه حاول قتلها وأنه سيظل طوال شبابه مدفوناً بين أربعة حوائط رمادية لا يدخلها الشمس والهواء غير من نافذة صغيرة كل ما تبقي منه لينال قسطٍ من الهواء ليظل علي قيد الحياة ليعاقب كل يوم حتي يموت ويدفن أسفل التراب ولما فعل لكل ذلك فهو حتي وقتنا هذا لا يري أنه قد أظلمها ولكن هيثم من أظلمه وبالطبع هي سمع صك قف الحديد وهو يفتح باب زنزالته ليدلف العسكري وهو يقول له بنبرة جامدة:
– قوم فِز جيلك زيارة.
وقف وكرد فعل متوقع حينما أخبره به ذلك الشرطي ليتجه معه نحو الغرفة المتواجد به الزائر دلف بها ليرفع مقلتيه علي من زاره أتسعت حدقة عينيه حينما وجد أخته أمامه واقفة ترتدي أسود فك العسكري قيوده فأتجه نحوها بلهفة ليحضتنها وكأنه لقي ملجأ لينسي همومه ولكنه صدم حينما أوقفته قبل أن يقترب منها قال لها بتضايق :
– أيه يا مريم لدرجادي مش عاوزاني ولا طايقة تحضنيني هتبقي عاملة زيهم.
أمتلئ عينيها بالدموع وهي تقول له :
– عمري ما كنت أتوقع أنك تبقي كدا يا محمود ليه تعمل كدا أنت دمرتني قبل ما تدمر الاء.
أقترب منها خطوة وهو يقول :
– مريم أسمعيني
أوقفته قائلة بصياح :
– أسمع أيه أنت أيه يا أخي مش بتحس جبت قسوة القلب دي كلها لمين أبوك وأمك كانوا أطيب الناس عمرهم ما ظلموا حد.
عندها أردف وكأنه لا يعلم بما فعل :
– أنا معملتيش حاجة يا مريم صدقيني.
دمعت عينيها وهي تقول :
– أنا كنت دايماً أكدب نفسي وكدبت الاء وقولت هي مأفورة في اللي عملته فيها من ساعة ما أتجوزتها بس طلع عندها حق وأنا كمان ظلمتها زيك بالظبط لما كذبتها وصدقتك
عندها تابع قائلاً :
– هيثم اللي عمل دا كله هو اللي وقعنا في بعض صدقيني علشان يخدها مني لكن أنا عمري ماحبيت غيرها
أوقفته قائلة بدموع :
– أخرس مش عاوزة أسمع منك كلمة كفاية بقي يا أخي تتبلي عليه دا أشرف منك ودُفره برقبتك
كور قبضة يديه بغضب فدلف العسكري وهو يقول لها :
– الزيارة أنتهت.
مسحت دموعها قبل أن تخبر ذلك الرجل :
– أنا كمان خلصت اللي عندي .
نظرت لمحمود وقالت له وهي تبتلع ريقها :
– ياريت تنسي أنك ليك أخت يا محمود وأعتبرها ماتت زي ما أبوك وأمك ماتوا وأنا كمان أخويا مات ولبست عليه أسود.
نزلت كلمتها كالصاعقة عليه فصاح بها وكاد أن يمد يديه عليها قائلاً :
– أنتي أتجننتي يا مريم مين دا اللي مات أنا عايش وهفضل أخوكي غصب عنك .
أمسكه العسكري قبل أن يرتكب حماقة فأمسكه وأجبره علي الخروج من الغرفة فجلست علي الكرسي وبكت بشدة وكأن عينيها تأبي أن تكف عن البكاء .
دفعه العسكري بحبسه وأغلق عليه الباب وهو يردد :
– أنا هفضل أخوكي يا مريم غصب عن عين اللي خلفوكي أقسم بالله لأوريكم كلكم كل واحد فيكم له معايا حساب خاص .
عندها تذكر هيثم قائلاً بتوعد :
– وأنت كمان ليك معايا حساب عسير .
قضت الاء بباريس أجمل أيام حياتها معه
أخذت تعتني به وبالصغيرة حتي حصل علي الماجستير والدكتوراة عادوا مرة أخري ألي مصر بصغيرتهم التي صارت لديها خمس سنوات فهي أشد أقترابٍ من هيثم عن الاء دائماً تنفعل عليها الاء فتهرول لتختبأ بحضن هيثم .
بعدما عادوا من السفر وأستقر هيثم بعمله وذهبت الصغيرة للمدرسة كانت الساعة الثالثة عصراً عندما هرولت الاء خلف رؤي لتضربها فصرخت وهي تتجه ناحية أبيها الذي ضمها أليه ليمنعها من بطش والدتها فيقول لها هيثم :
– انتي كل يوم تمسكي بنتي تضربيها
أقتربت منهم وأمسكت بالصغيرة التي تمسكت بهيثم فصاحت به قائلة :
– والله أنت اللي مدلعها.
بكت الصغيرة فأمسكها هيثم قائلاً :
– فيه أيه عملتلك أيه لدي كله؟
تركت معصمها الصغير وكأنها قد حررت يديها الصغيرة من قبضتها لتحضر له كُراستها الدراسية قائلة :
– أتفضل يا دكتور شوف الهانم مفيش حاجة عملها صح والميس بتشتكي منها أنها مش بتسمع الكلام ومش عاوزة ولا تحل الواجب ولا تجاوب معها .
جلس هيثم علي أقرب كرسي لينظر بكراسة أبنته فقضب حاجبيه بتضايق قائلاً للصغيرة :
– أيه دا يا رؤي ينفع كدا كله غلط أنا زعلان منك أوي .
أمتلئ عينيها الصغيرة بالدموع فأقتربت منه لتمسك بذراعه الضخم فأزاح يديها عنه قائلاً :
– لا أنا مضايق أبعدي عني علشان كل شوية أقول لمامي رؤي حلوة وبتسمع الكلام بس طلعتي غير كدا.
بكت الصغيرة بشدة وهي تتمتم قائلة :
– مش عاوزة أتعلم كفاية عليا كدا قعدوني .
أزدادت غضب الاء فقالت لها :
– نعم يا حبيبتي سمعيني كدا تاني.
نظر لها هيثم كي تصمت ولا تتحدث معها فتركتهم ودلفت للمطبخ وهي تشتعل غضباً و لكنها تعلم عن قوة أقناعه للصغيرة ، أقربها أليه ليمسح لها دمعها وهو يقول :
– تعالي بقي فهميني ليه بتقولي كدا
هدئت الصغيرة قليلاً وهي تقول بتلعثم من كثرة البكاء :
– المدرسة وحشة والمس بتضربني وأنا مش عاوزة أروح.
تضايق هيثم وهو يستمع للصغيرة لعدم رغبتها في أستكمال تعليمها من أجل معلمة تضرب صغيرته فعندها قال لها بحكمة :
– مش رؤي عاوزة تبقي زي بابا ودكتورة كبيرة
مسحت دموعها بكفها الصغير وهي تجيبه بإيجاب فعندها تابع قائلاً :
– يبقي لأزم رؤي تتعلم وتبقي شاطرة وتجيب الفولمارك.
تمتمت الصغيرة مرة أخري قائلة :
– رؤي مش بتحب المدرسة.
أجابها هيثم :
– المدرسة حلوة يا حبيبتي أوي مش فيها مراجيح وحاجات حلوة كتير
أومات بإيجاب فظل هيثم لفترة يقنعها بالمدرسة فتابع :
– تعرفي لو جبتي الفولمارك في كل المواد بابي هيجيبلك حاجة حلوة كبيرة .
أبتسمت الصغيرة بفرحة وأحتضنته فخرجت الاء من المطبخ وقالت له :
– يالا يا بيه أنت كمان علي عيادتك لو فضلت جمب السنيورة مش هتروح في مكان.
ضحك علي غيرتها من صغيرتهم فقال :
– خلي بالك من دُرتك ويارب أجي ملقيش البت متاكله.
ضحكت الاء فأقترب منها ليقبلها من وجنتيها قائلاً :
– مع السلامه حبيبتي.
تركها ورحل فجلست بجانبها تعلمها كتابة بعض الحروف حتي أستمعت لصوت باب الشقة فأستجابت له وقامت بفتحه فعندها وجدتها تقف أمامها عينيها تملئها الدموع من شوقها فأحتضنتها الاء بشدة فقالت لها :
– وحشتيني أوي يا مريم .
دمعت مريم وهي تقول :
– أنتي أكتر.
سمحت لها بالدخول فجلست علي أقرب كرسي فظهر كبر بطنها فقالت لها الاء :
– أنتي حامل؟
أبتسمت لها مريم وأجابتها :
– في الشهر السابع.
فرحت الاء بها وقالت :
– ربنا يقومك بالسلامة يا مريومة هتجيبي ولد ولا بنت؟
جلسوا مع بعض قليلاً وداعبت جودي التي أصبحت بمنتصف المرحلة الأبتدائية كما أحضرت مريم الحلوي لرؤي.
في المساء نامت الصغيرة ودفئتها الاء جيداً دلفت شرفة الشقة فأرحت جسدها علي الكرسي ونظرت للسماء لم يمر كثيراً حتي أنهمرت دموعها علي وجنتيها بغزارة، عاد لشقته بحث عنها فلم يجدها بغرفتهم تنتظره كعادتها ولكنه سمع صوت بكائها بشرفة دلف لعندها فأقترب منها قائلاً :
– حبيبتي؟
وقفت الاء ومسحت دموعها قائلة وهي تحاول الأبتسام بوجهه :
– حبيبي ثواني والأكل يكون جاهز.
تركته وغادرت الشرفة لتقوم بتحضير الطعام أحتضنها من ظهرها فسند ذقنه علي كتفها قائلاً :
– أنا جعان أوي.
أردفت قائلة :
– أستني شوية هحط الأطباق علي السفرة.
أبتعدت عنه قليلاً فأوقفها قائلاً :
– مالك يا حبيبتي؟
أزاحت وجهه عنه قائلة :
– مفيش حاجة يا حبيبي أنا كويسة.
وقف أمامها وهو يتابع :
– بس عينيكي بتقول غير كدا.
عندها نظرت له وأمتلئ عينيها بالدموع التس أنسابت علي وجنتيها قائلة :
– أنا وحشة أوي يا هيثم.
أردف متسائلا ً بتضايق :
– متقوليش كدا.
دمعت وهي تخبره :
– أنا غيرت من مريم لأنها حامل تاني ومكنتش قادرة أداري غيرتي.
ضمها أليه وهو يقول :
– أهدي يا حبيبتي .
بكت بحضنه بشدة وهي تقول :
– أنا مش قادرة أستحمل يا هيثم كل لما أنسي أفتكر اللي حصلي.
رتب علي ظهرها بحنان وهو يتابع :
– حبيبتي دا بتاع ربنا مكتوبلك دا كله ولو مكنش دا حصل مكناش عمرنا هنخلف غير رؤي علشان ربنا كتبلنا كدا فأرضي باللي ربنا كتبهولك وأحمديه غيرنا مش طايل دُفر عيل
أبتعدت عنه قليلاً ومسحت دموعها وهي تقول :
– الحمدلله علي كل شئ.
أبتسم لها وحاول أن يخرجها من ذلك الحزن قائلاً :
– تيجي ننزل ناكل برة ونتفسح .
أردفت قائلة :
– رؤي نايمة وأخاف تصحي تدور علينا
رتب علي ذراعها برفق وهو يخبرها:
– هنخدها معانا يالا أجهزي أنتي بأشيك حاجة عندك عقبال ما ألبسها.
أبتسمت له وخرجت من المطبخ لتدلف غرفتها تنهد هيثم قبل ما يتجه ناحية غرفة أبنتهم، بعد قليل خرجت له بعدما أرتدت أجمل فستان لديها ذو اللون العنابي وفوقه خمار به ورود من نفي ذات الدرجة وحذاء مرتفع فوقف ليصدر صفير قائلاً :
– أيه الحلاوة دي أنتي كدا هتخليني أقول مفيش نزول ونقعض مع بعض أحسن.
أقتربت منه قائلة :
– نعم يا حبيبي بعد لما لبست يالا أنا عاوزة أخرج.
أبتسم لها وقال :
– بينا ننزل ياختي.
أمسكها من يديها وأمسك يد الصغيرةبيديه الأخري التي أستيقظت عندما علمت أنهم سيخرجون فكيف يتركونها بمفردها ، أخذهم وذهبوا السينما التي أصرت علي حضور فيلم الرسوم المتحركة ما يسمي بالأنيمشن فرأي بعيني زوجته الفرحة تضحك وكأنها لم تزوق الحزن يوماً ففرح بفرحتهم به فهو يجلس مع أبنته الكبري وحبيبته وليست مجرد زوجته فقط ، تناولوا العشاء فنامت رؤي بحضنها مما جعلهم يقطعون خروجهم ويعودون للمنزل مرة أخري وضعدت يديها بجانب رأسها حتي لا تتأذي من زجاج السيارة، فأمسك هيثم يديها الأخري ليقبلها فعندها أردفت قائلة :
-ربنا ميحرمنيش منك ويديمك في حياتي.
صعدوا لشقتهم أنام هيثم صغيرته بفراشها بينما كانت الاء تبدل ملابسها طرق باب الشقة فتقدمت بدون أن تعطي فرصة لهيثم يقوم بذلك وكأنها قد نسيت أنه متوجد معها بالشقة ولكنه من سيأتي أليهم بذلك الوقت المتأخر فأن الساعة الواحدة بعد منتصف الليل
فتحت باب الشقة وليتها لم تفعل، وجدت صندوق صغير مزين باللون الأزرق أخذته بعدما نظرت بالخارج عن صاحب ذلك الصندوق فدلفت مرة أخري لشقتها فتحت سريعاً ذلك الصندوق من جانب فضولها ولكن سرعان ما وقفت تحدق بداخله بزهول أزدادت دقات قلبها بالعلو التي كادت أن تقتلع خارج قفصها الصدري وهي لا تعلم كيف أتي أليها خرج هيثم ليقترب منها قائلاً :
– مين اللي كان بيخبط وأيه الصندوق دا؟
أمدت يديها التي تحمل الصندوق لتعطيه أياه وهي ترتجف بشدة فتناوله بدلاً عنها ونظر به فأتسعت حدقة ععينيه هو الأخر قبل أن يردف متلعثمٍ:
– أيه دا؟
نظرت له وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها قائلة :
– هو يا هيثم هو .
تم بحمدلله

 

 

error: