رواية كيف لي ألا أحبك

الفصل السابع :
أجتاح الدوار رأسه وألماً ضرب معدته لم يرد أن يضعف أمامها ويخبرها بأنه ليس علي ما يرام فحاول أن يهرب بعيداً عنها ليدلف المرحاض لعله يقلل من ذلك الشعور السئ ولكنه عندما وقف وتقدم بضع خطوات بتثاقل وكأنه يحارب لكي يصل اليه ولكنه هزم من قبل ذلك الألم والدوار جعل جسده يرتخي فلم يشعر بقدميه فهي لم تعد تستطيع أن تحمل ثقل جسده فهوي مصدرٍ صوتاً قوياً مما لفت أنتباه الجميع وهي أيضا ً فتحطم نظارته الطبية وأجتمع حوله من بالمكان وهم يحاولون جعله يستعيد وعيه أقتربت منه وضمته لحضنها كأم تضم طفلها وهي تصرخ بمن حولها لكي يطلبون سيارة الإسعاف بعدما أحست بدقات قلبه المتسارعة وهي واضعة يديها علي صدره فتح عينيه فلم تكن رؤيته واضحة ولكنه تمكن من رؤيتها أجل أنها حبيبته الاء تمسك به قلقه عليه حد الموت سمعها وهي تطلب من الناس إحضار سيارة إسعاف فأيقن أنها ليست بحبيبته أنها مي أبنت عمه وخطيبته فقد الأمل برؤيتها وتمني أن لا تفتح عينيه مرة أخري وهو لا يراها أمام عينيه فأغمضها مرة أخري وهو يغرق بظلام دامس ،أتت سيارة الإسعاف حملته وذهبت معهم مي صنع له طبيب المسعف بعض الإجراءات الطبية مما جعلت الأمر أقل سوءٍ ولكنها ظلت ممسكه بيديه تبكي وتنحب حتي وصلوا للمشفي الذي يعملان به من حسن الحظ أن محمود كان نباطشيته بالطوارئ فهوي قلبه حين رأي صديقه يدلف المكان نائم علي الترول الطبي فاقداً الوعي تماماً أخذ يفحصه بإهتمامٍ فسئل مي التي لم تكف عن البكاء :
– هو أيه اللي حصل؟
أجابته بصوت شبه مسموع من صوتها الباكي قائلة :
– كنا بنتعشي مع بعض مرة واحدة أغم عليه ومرضاش يفوق.
نظر لها قبل أن يقول للممرضين بأن يأخذوه لإجراء اشعة من ثم يذهبوا به لغرفة العمليات ويقوموا بتجهيزوه فأمسكت مي به لتسئله ما به فأخبرها :
– شكله محتاج غسيل معدة
أتسعت حدقة عينيها حين أخبرها أنه سيقوم بعملية غسيل معدة فهي طبيبة وتعرف مدي خطوة الأمر فطمئنها محمود ورحل مع هيثم جلست علي أقرب كرسي وبكت بشدة فأمسكت هاتفها وأتصلت بأبيها قائلة ببكاء وصوت محتنق :
– بابي ألحقني أنا في مصيبة.
بعد قليل كان والدهاقد وصل للمشفي وجلس معها يحتضنها ويهدئها أنه سيصبح بخير فبكت قائلة :
– اول مرة يحصله كدا .
أردف سعيد لأبنته :
– مدخلتيش معاه العمليات ليه يا مي.
بكت وقالت وهي تضغط علي حقيبتها لعلها تستطيع أن تخفض توترها :
– مش هقدر يا بابي أني أشوفه قدامي كدا .
خرج محمود من غرفة العمليات فأسرعت أليه مي ووالدها ليسئلته عنه وهي تمسح دموعها فطمئنها عليه قائلاً :
– هو بخير الحمدلله متقلقيش يا دكتورة مي بكرة هيبقي زي الحصان .
خرج الممرضان يجران الترول الطبي محدثاً صوتاً مزعج وهو النائم عليه يرتدي زي العمليات وجهه شاحب وشفتيه بيضاء بشدة فأمسكت مي يديه وأتجهت معهم ناحية الغرفة فأتبعها والدها جلست بجانبه تزيل قطرات العرق المتجمعة فوق جبهته وهو مازال تحت تأثير المخدر فضغطت علي يديه بشدة وهي تحمد ربها أنه مازال سالماً ، أنتهز محمود الفرصة ليخبر الاء بما حدث قائلاً:
– هيثم تعبان .
أتسعت حدقة عينيها وأردفت بلهفة أستشعرها بنبرة صوتها :
-ماله فيه ايه ؟
أجابها وقد تضايق أنها مازالت تهتم به :
– رمرم في الاكل وعملتله غسيل معدة .
أبتلعت ريقها قبل أن تقول وقد أمتلئ عينيها بالدموع :
– هو كويس ؟
أجابها مؤكدا ً أنه بخير :
– اها الحمدلله بخير .
تنهدت الاء وقد تنفست الصعداء فقال لها وهو ينهي علي ذلك الحوار الممتلئ بسيرة هيثم :
-سيبك منه انتي وحشاني موت .
في اليوم التالي مع صباح جديد تفتحت الشمس لتنثر دفء علي جميع البلدة فتح عينيه وجد مي بجانبه وعمه أيضا ً لم تكن رؤيته واضحة ولكنه سرعان ما أيقن مَن بجانبه فسئلته مي بلهفة أن كان يشعر أنه بخير أم لا فقال متسائلا ً :
– انا ايه اللي جابني هنا ؟
أمسكت يديه وأبتسمت له قائلة :
انا جبتك يا حبيبي بالاسعاف امبارح .
نظر لها قبل أن يتابع :
– انتي كنتي معايا ؟
أجابته :
-مسبتكش لحظة .
تنهد وقال بيأسٍ مما حدث أنه رأها بليلة أمس :
– اكيد حلم .
أستغربت من رده فسئلته :
-حلم حلم ايه ؟
أزاح وجهه عنها قبل أن يكمل :
-متخديش في بالك.
فقال له عمه :
– حمدالله علي سلامتك يا بطل
شكره هيثم أنه أتي لعنده قبل أن يخبره ان لا يقول لوالده شئ عن ما حدث حتي لا يقلقه
فأعتدل بجلسته ونزع ابرة المحلول من يديه
مما أثار غضب مي فقالت :
– انت رايح فين انت تعبان
أجابها قائلاً :
– مش بحب الرقدة وبعدين السرير دا غيري اولي بيه اكيد حد محتاجه
أجلسه عمه وأخبره أن لا يتحرك ولكنه رفض فأمسكت به مي قائلة:
-هيثم متضايقنيش واقعد بقي
أبعد يديها عنه :
-انا هرتاح في بيتي احسن
دلف محمود الغرفة بعدما أستأذن بالدخول وقال :
-حمدلله علسلامه ايه دا انت رايح فين
-مروح
قالها هيثم فمنعه محمود قائلاً:
-متهزرش انت تحت الملاحظة
زفر هيثم وهو يقول :
– بلا تحت بلا فوق انا هروح مش عاوز اقعد بعد اذنكم بقي علشان عاوز اغير
خرجوا من الغرفة فأتي مكالمة لسعيد فستأذن بالرحيل وأوصي أبنته علي خطيبها
زفر هيثم بشدة فتذكر الخاتم الخاص بالاء فبحث عنه في جميع ملابسه حتي وجده بجيب البنطال أمسكه قبل أن يطلق تنهيده أنه مازال معه فوضعه مرة اخري من حيث أخرجه
بعد قليل بعدما بدل ملابسه خرج من المشفي بصحبة مي وفي نفس ذات اللحظة دلفت الاء المشفي سئلت عليه فقالوا لها عن غرفته فصعدت لعنده ولكنها لم تجده فتنهدت قبل أن ترحل
أردفت مي قائلة:
-اعملك اكل يا حبيبي
قال هيثم لمي :
-ميرسى يا مي بس ميصحش تدخلي شقتي وأنا قاعد لوحدي
تضايقت من طريقته الجامدة فقالت :
– احنا مخطوبين وقريب اوي هنتجوز
لوي ثغره بإستنكار قبل أن يتابع :
-لما نتجوز تبقي تدخلي برحتك لكن دلوقتي مينفعش
تنهدت قبل ان تقول :
– برحتك يا هيثم انا ماشية حمدلله عالسلامه
تركته ورحلت فزفر هيثم واغلق باب الشقة
اتصلت الاء به ولكنه لم يجيبها فدلفت الشرفة نظرت علي غرفته وجدتها مضيئة فطمئن قلبها ،جلس هيثم علي سريره نظر بخاتمها الذي يحتضن كفه فأمتلئ عيونه بالدموع فخاطب نفسه :
– لدرجادي يا هيثم حبيتها لدرجة انك خسرت كل حاجه علشانها مشيت وراها وسفرت كل دا علشانها لازم تنساها هي خلاص اختارت طريقها مع محمود
أمسكت دميتها قبل أن تخاطب مريم التي جلست أمامها بغرفتها :
– انا قلقانه عليه
همست لها مريم قائلة :
– وطي صوتك لو محمود سمعنا هتبقي مشكله كبيرة
صاحت الاء وهي متعمدة أن ترفع من نبرة صوتها :
-ما يسمع بقي أنا عاوزاه يسمع علشان يعتقني
أستحثتها مريم أن تخفض من نبرة صوتها فهي تعلم بطش أخيها :
-يابنتي الله يهديكي وطي صوتك
أستأذن مصطفي قبل أن يدلف الغرفة قائلاً لمريم :
– ايه يا مريم هي عجبتك القعدة هنا يالا علشان نروح
أمسكت يد مريم قبل أن تقول :
– سيبها تقعد معايا شوية
رفض مصطفى قائلاً :
-لا علشان عندي شغل الصبح مش هينفع نبات
ترجته أن يأخذها معه لبيته لتبيت عنده لعدة أيام فهي تشعر بالوحدة من دونمريم فهي علي الأقل سوف تساعدها لتقوم بتنظيف الشقة حتي لا ترهق زوجته جسدها وهي حبلي فوافق مصطفي قبل أن يستأذن أخاه الأكبر بأن يسمح له بإصطحابها معه
طرق باب الشقة هيثم فتقدم ناحيته بخطوات ثابتة وقد أستطاع أن يفتح الباب فوجد أمامه والده ترك الباب مفتوح دون أن يخبره بالدخول فشعر والده أنه مازال غاضب منه فسئله :
-عامل ايه يا هيثم
جلس هيثم أمام التلفاز وقال :
– عايش
جلس بجانبه صبري وقال :
-انا جيت اطمن عليك
لم ينظر أليه هيثم وظل ينظر لشاشة التلفاز وهو يستئنف كلام والده :
– الخير كويس انك جيت وشوفت ابنك وهو بيضيع
وضع يديه علي ساعده قبل أن يقول :
-متقولش كدا يا حبيبي بعد الشر عليك
ضحك هيثم بسخرية وهو يكرر كلمات والده : – شر هو فيه شر أكتر من انك حرمتني من كل حاجه بحبها انا بموت يابابا ومحديش حاسس بيا
وقف صبري وقد أشتد غضبه فظهر علي ملامحه :
-كل دا علشان البنت دي
وقف هيثم أمامه ليقول وقد أمتلئ عينيه بالدموع :
-لو سمحت يا بابا
نظر له صبري بإستنكار وقال :
– طول عمرك غبي يا هيثم
دمع هيثم وهو يقول :
– بابا ابوس ايديك وحياة اغلي حاجه عندك سببني في حالي بقي
نظر له صبري بتضايق وكاد أن يتركه ويرحل من الشقه فأمسك بيديه هيثم وسئله :
– رايح فين
أجابه بتضايق :
-هسيبك في حالك يادكتور
أخفض عينيه عنه وهو يقول معتذراً علي تلك النبرة الصارمة التي حدث بها والده :
– بابا انا اسف بس انا تعبان اوي
جلس علي الكرسي مرة أخري فأنفطر قلبه علي ولده فسئله :
– مالك يا حبيبي متقلقنيش عليك
فأمسك يديه وكاد أن يقيس له النبض وهو يسئله أن كان يشعر بألماً بمكان ما بجسده فأجابه متنهداً :
– لا يا بابا
رتب على كتفه وأكمل قائلاً :
-طيب ادخل اوضتك يا حبيبي ارتاح وانا هعملك عشا
رفض هيثم ذلك واخبره أنه سوف يريح جسده لينام قليلاً ولا يريد أن يأكل فأنه ليس لديه شهية لوضع شئ بجوفه
دلف هيثم غرفته ونام علي فراشه ظل والده طوال الليل يطمئن عليه خوفاً عليه من أصابته بالحمي
ظل معه لمدة اربع ايام ثم رجع من حيث اتي
بعدما ذهب والده دلف هيثم شرفته ظل يتطلع علي شرفتها فوجدها مغلقة فوضع يديه علي صدره ونظر للسماء قائلاً وهو يناجي ربه :
– يارب قدرني وأنسي .
مرت الشهور سريعاً لم تشعر بها الاء وكأنها أيامٍ فإن محمود أصر أن يكون زفافه عليها بيوم زفاف هيثم علي مي لم تعلم لما فعل ذلك بالتأكيد هناك شئ يدور بعقله ناحيتهم ولكنه لن يفصح عنه لها
جلست الاء في مركز التجميل بجانبها مي فرحة تبدو كالبدر في تمامه وهي ترتدي فستانٍ عاري الصدر يظهر أكثر ما يخفي ولكنه كان متناسق مع قوامها المنحوت وشعرها الأشقر أما عن الاء فهي أرتدت فستانٍ بسيط للغاية ذو الأكمام طويل للغاية يزين رأسها حجاب رقيق فوقه تاج العروس أتي هيثم وهو يرتدي بيزة سوداء ورابطة عنق من نفس اللون ومحمود أرتدي واحدة أخري ولكنها لونها رمادي ما يليق بلون عينيه الخضراء التي جعلته أكثر وسامة وهو بذقن صغير فنظر هيثم للاء وهي جالسة حزينة لم يري بوجهها بمثل ذرة فرح فأشاح وجهه ونظر لمي وجدها تبتسم له فرحة وقفت لتظهر له جمال الفستان قائلة له :
– ايه الشياكه دي
أتسعت حدقة عينيه وهو يري صدرها ظاهر للجميع فكور قبضة يديه وهو يحاول أن يمسك اعصابه قائلاً :
-ايه اللي انتي لابساه دا عريان اوي
أبتسمت له بعينيها اللامعة :
-دا موضة
أردف قائلاً وهو يكسر بفرحتها بذلك اليوم :
– انا مش هخرج معاكي وانتي لابسه كدا
قالت والدتها شرين فهي سيدة أرستقراطية تشبها مي بشدة ولكن كنسخة مكبره :
– و ماله يا هيثم
أشاح هيثم بوجهه ناحيتها ليتابع بتهكم :
-لو سمحت يا مرات عمي متدخليش بيني وبينها
وضع محمود يديه علي كتفه وهو يحاول تهدئته فأن جميع من بالمكان ينظرون اليه :
-فيه ايه يا هيثم اهدي صوتك عالي
قال بنبرة صارمة وهو يوجه كلماته لمي :
-انا قولت كلمتي عاوزة نتجوز ونلم الليلة تلمي انتي نفسك وتلبسي فستان غير دا
أمتلئ عينيها بالدموع من تسلطه فقالت :
-هغيره ازاي بس
زفر بشدة وهو يكمل قائلاً :
– أقسم بالله لو مغيرتهوش لأخدك ونروح نكتب الكتاب في اي حته ونروح ولا فيه فرح ولا دياوله .
وضعت مريم يديها علي بطنها قبل أن تقول :
-ممكن انا اروح مع مصطفي نجيب فستان بس أهدي أنت يا دكتور هيثم
أمسك مصطفي يديها وقال بصوت هامس لها :
-نروح فين انتي كمان مش شايفة نفسك انتي ممكن تولدي في الطريق بمنظرك دا
عندها أردفت الاء قائلة :
– ممكن انا اروح أجيب الفستان بس حرام تكسر بخاطر البنت .
عندها نظر لها الجميع بإستغراب فقال لها محمود بغضب :
– تروحي ازاي انتي ناسية انك عروسة
أجابته :
-مجراش حاجة هنروح بسرعة وانت تعالي معايا
نظر لها هيثم بتضايق قبل أن يقول :
-خليكي انتي يا الاء انا هروح اجيب .
تركهم وغادر مركز التجميل لم يمر سوي نصف ساعة حتي أحضر فستانٍ جميل ذو الفصوص بأكمام جميلة تجذب الانتباه ولكنه لا يناسب أسلوب مي بالأزياء
فقالت والدة مي :
– مينفعش كدا هيبقي فال وحش عليكم
تركته مي وهي تبكي مما أفسد ما وضعته بوجهها :
– ايه دا دا مش هيليق فيا دا عاوز واحدة اتخن مني فنظرت للاء فازاحت الاء عيونها عنها فعندها أخبرت الجميع أن ينتظروهم بخارج المكان وبالفعل خرج هيثم ومعه محمود ومصطفى
فقالت مي لهم :
– مش عجبني
حملته مريم قائله :
-والله تحفة
عندها نظرت علي فستان الاء قبل أن تردف :
– بتاع الاء احلي
صمتت الاء دون أن تتفوه بكلمه فوجدت مي توجه لها حديثها قائلة:
– تبدلي
نظرت لها الاء بدهشة من طلبها لها
بعد قليل خرجت الاء وهي ترتدي فستان الذي احضره هيثم فازدادها جمالاً بينما ارتدت مي فستانها فبدي جميلاً عليها للغاية أستغرب محمود من رد فعلها فركبوا السيارة ولكنه كان غاضباً فظن أنها من فعلت ذلك
سئلها هيثم قائلاً :
-مش دا فستان الاء
أجابته بتلعثم :
-ما انا وهي بدلنا قالتلي علشان ميبقاش فال وحش
ازاح هيثم وجهه الناحية الاخري
ظل محمود صامت ولم يتحدث معها حتي وصلوا للقاعة نظرت الاء الي هيثم فامتلئ عيونها بالدموع وهي تراه ينزل مي ويستقبلها ومحمود يمسكها من ذراعها
دلفوا القاعة وجلسوا فلم تشعر الاء بتلك الفرحة أتي المأزون وأني زواجهم فقد تمنت تلك اللحظة التي تتزوج بها محمود ويرقصون معاً علي أنغام الهادئة نظرت لهيثم وجدته يبتسم لمي وكأنه قصد أن يظهر للاء أنه يمكن أن يكمل حياته بدونها هكذا ما فهمت تركت محمود قبل أن تقول :
-انا عاوزة اروح الحمام
لم تمهله فرصة لكي يجيبها بل تركته وخرجت لأحظت مريم خروجها فأتت اليها بمرحاض القاعة فوجدتها تبكي وحين وقفت أمامها أرتمت بحضنها وبكت بشدة لم تفهم مريم لما ذلك فلم تفهم من كلامها فهي تلعثمت وبكت
فقالت لمريم :
– عاوزة أروح دلوقتي
أمسكت مريم بيديها وهي تستحثها علي الخروج للمعازيم لأن بالتأكيد الناس ستلاحظ ذلك ، سمعت كلام مريم فأحضرت لها مريم كرسي جلست عليه أمام القاعة فوجدت هيثم يخرج من القاعة نظر لها وجدها تبكي ووجهها شاحب للغاية أتجه أليها وسئلها :
– انتي كويسة .
نظرت له الاء والتقطت انفاسها قبل أن تقول له :
-نادي محمود لو سمحت
سئلها مرة أخري :
-فيكي ايه
لم تجيبه فأتي لعندها محمود وأمسك يديها سئلها :
– حبيبتي مالك .
تنهد هيثم وأزاح وجهه بعيداً عنهم فأتت أليهم مي تبحث عن هيثم
أبتلعت الاء ريقها وقالت :
– روحني يا محمود
أردف قائلاً بإستنكار:
-طيب و الفرح والناس
نظرت له بعيني دامعة وقالت :
– انا تعبانه
أمسك يديها قائلاً :
– تعالي ندخل لحد لما الفرح يخلص احنا كدا كدا هنروح مستعجلة اوي
أمسكه هيثم من يديه بغضب من رد فعله معها قائلاً :
– روحها
لوي محمود ثغره قبل أن يجيبه بنبرة صارمه :
-قولت هنكمل في الفرح انا دفعت فيه قد كدا
نظر له هيثم بغضب قبل أن يقول :
-طظ في الفلوس مراتك بالدنيا
أمسكها محمود وقال له :
– متتدخلش بينا يالا ندخل الفرح
نظرت الاء لهيثم تفاعلت مع محمود ودلفت معه مره أخري للقاعة تابعها هيثم طوال الفرح ينظر لها ويراقب حركاتها حتي انتهي الفرح فذهب الجميع أركب محمود الاء بسيارته
اسنتدت راسها علي زجاج السيارة فقالت :
-انا بردانه
أردف قائلاً :
– بقولك ايه مش من اولها تفضلي تقولي عيانه وبردانه انا مش واخد ستي متجوزها
صمتت وأرجعت رأسها للخلف فأن محمود لم يزين سيارته لها ورفض أن يقوم أحد بتوصيلهم مداعياً أنه يكره أن يقود أحد سيارته غيره ،وصل محمود بها لشقتهم بمصر الجديدة فتح باب الشقة وقال وهو يبتسم لها أبتسامة عريضة :
– اتفضلي يا حبيبتي
دلفت الاء فنظرت للشقة فهي اول مرة تشاهدها بالحقيقة منذ أن كانت بالجامعة ويتواعدان بالزواج ارسل لها صورها فقط ليستشير رأيها بالاثاث ، فقد كانت ترفض أن تذهب لتراها بالخطوبة علي امل أنها لن تتزوجه بيوم ولكن ها هو القدر يجمعها به بعد سنوات طوال
أمسك محمود يديها فوقف أمامها فأنحنت رأسها وهي تحاول أن لا تنظر بعينيه فرفع وجهها بأطراف أنامله قبل أن يردف مبتسماً :
-كنت بتمني اللحظة دي اللي نبقي انا وانتي تحت سقف واحد .
أستشعرت الفرحة بعينيه فصمتت ولم ترد عليه فوجدته يكمل ليذكرها بالماضي حيث كانوا يخططون كيف ستكون شقتهم حين يتجوزون أبتلعت ريقها فأنحي برأسه ليقبل رأسهافتركته مبتعدة عنه ودلفت غرفتهم لتغلق الباب خلفها ظل يطرقه فصرخت به أن يتركها فهي تريد أن تنام حاول أن يفتح ذلك الباب بقوة فجلست علي السرير أرتعدت جسدها لثواني وهي خائفة منه ولكنه بالفعل أستطاع أن يفتحه فأتجه لعندها وأبتسم لها بخبث قائلاً :
-بتهربي مني.
في شقة هيثم قالت له مي :
-يا يا حبيبي اخيرا بقينا لبعض
أزاح هيثم وجهه عنها قائلاً : – اها
أبتسمت له بفرحة وأحتضنته بشدة فأغمض عينيه محاولاً أن ينسي ما حدث مع الاء بالفرح فخاطب نفسه :
– تري ماذا حدث لها؟
لم تنسي الاء ذلك اليوم فهو أول ليلة في بداية حياتها القاسية مع محمود فهو جزء لا يتجزأ من ماهر بل أشد قسوة فهو يجعلها تقوم بأعمال المنزل ويحكم عليها أن تنتظره كل ليلة علي أحر من جمر لم تكن لتفكر بهيثم فكلما تذكرته أستغفرت ربها من الشيطان حتي لا تمسي خيانة لمحمود فهو زوجها وستحاسب عليه أما عنه فهو أصبح روتيني نوعاً ما يستيقظ كل يوم للعمل من ثم ياتي ليتغدي مع زوجته و ينام دون أن يبالي بها فهي دائماً وحيدة سواء كان معها أو لم يكن مرت الأيام حتي أتي ذلك اليوم أخبرته أنها لا تستطيع أن تقوم بأعمال المنزل و تريد خادمة لكي تساعدها ولكنه رفض وقال لها :
– بلاش دلع قولت مش هجيب خدامين مأمنش علي بيتي وفلوسي منهم
نظرت له وظلت تترجاه بأن يذهب بها لعند والدتها فرفض وهو يدعي أنه سيتأخر علي عمله بدل ملابسه ورحل غير مبالي بها ، أمتلئ عينيها بالدموع ودمعت ولكنها دلفت غرفتها وبدلت ملابسها وأرتدت خِمارها ونزلت تاركه شقتها لتذهب لعند مصطفي كان قد ذهب للشركة ولكن مريم مازالت بالشقة أحتضنتها بشدة وحملت علي يديها جودي فهي تشبه مصطفي كثيرا ً مع شعرهت الاشقر لمريم جلست الاء معها قليلاً قبل أن تقول لها :
– تعالي معايا
سئلتها مريم قائلة :
– علي فين العزم؟
أردفت الاء:
– في المستشفى عند محمود
تركت مريم الاء ودلفت المطبخ لتصنع لها عصير :
– الاء متهزريش محمود هيضايق .
تابعت الاء كلامها بإستنكار :
-يتفلق انا هروح المستشفى عنده يعني هروح واذا كان عجبه بقي دا مهنش عليه ياخد اجازة ويقعد معايا لما عرف أني تعبانه ولا حتي راضي يجبلي خدامة.
رفضت مريم بالبداية ولكن الاء أخبرتها أنها ستذهب سواء كانت معها أو بمفردها فوافقت مريم وبدلت ملابسها هي والصغيرة التي حملتها علي ذراعيهاوذهبوا للمشفي
فأخذوا تذكرة الدخول للطبيب فجلست تنتظر دورها فمر هيثم عليهم خارجٍ من غرفة طبيب امراض النسا وجدها جالسة تسند راسها لأعلي فذهب اليها وسلم علي مريم وقال لها :
-ازيك يا الاء
نظرت له وقالت :
-بخير يا دكتور هيثم ازي حضرتك والدكتورة مي أخبارها ايه
أردف قائلاً :
– بخير انتي جاية لمحمود اقوله انك هنا
توترت تعبيرات وجهها فقالت :
-لا مش جايله انا جاية لدكتور عمرو
أبتلع ريقه وقال :
– الف سلامة عليكي تعالي معايا
أمسكت ذراع مريم واتجهت وراء هيثم الي غرفة الكشف فأوصي الطبيب عمرو عليها قبل أن يتركهم ويخرج من الغرفة ووقف قليلاً أمام باب الغرفة التقط انفاسه وذهب لغرفته
سئلته الاء بقلق :
– خير يا دكتور ؟
أبتسم لها عمرو وقال وهو يكتب لها بعض أدوية :
-خير بأذن الله انتي تمشي علي الادوية دي في انتظام وهتوقفي الادوية اللي كنتي بتاخديها شوية
صمتت بإيجاب فطرق باب الغرفة فأذن عمرو بالدخول فدلف محمود لعند عمرو صدم حين وجد الاء ومريم جالسون بالغرفة فقال له عمرو:
– ابن حلال كنت لسه هكلمك افرحك
قال للاء بتضايق :
-ايه اللي جابكم
أبتسم له عمرو وتابع :
-مبروك يا دوك المدام حامل
أبتسم محمود بفرحة :
– بجد
خرج بها بعدما أخبره الطبيب علي التحاليل التي سوف يجريها عليها فقالت له مريم أنها سترحل مع صغيرتها فوافق محمود وتركتها الاء لف ذراعه حول كتفها وهمس لها قائلاً :
– مبروك يا لولو ايوة كدا انا عاوز بيبي شبهك .
أجابته :
– ربنا يسهل
سئلها :
– انتي مش فرحانة بالبيبي دا
تنهدت قبل ان تردف :
-لا فرحانة يا محمود
أبتسم لها وقال :
-البيبي دا هيخلينا نقرب من بعض اكتر .
أبعدت يديه عنها وهي تقول له :
– ممكن تبعد عني شوية علشان الكل بيبصلنا
تضايق محمود من طريقتها الجامدة معها :
-انتي مراتي ولا نسيتي
قالت له :
– لو سمحت يا محمود بلاش تلميحاتك سخيفة
خرج هيثم من غرفته فوجد محمود يضم الاء اليه فأبتلع ريقه وذهب اليهم ليقول لها :
-عملتي ايه يا الاء
نظر لها محمود بغضب وقال لهيثم ليحاول أن يغيظه :
– مش هتباركلنا الاء حامل
نظر لها هيثم فوجدها أخفضت عينيها عنه بحزن فبارك لهم فوجد محمود يكمل :
– عقبالك يا هيثم انت ومي
كور قبضة يديه قبل أن يردف :
– ربنا يقومهالك بالسلامة بعد اذنكم
تركهم هيثم وذهب عنهم من حيث أتي
فأمسك محمود يديها وضغط عليها بغضب ليوصلها لبيت أمها فرحت فردوس بأن الاء حبلي وسوف تنجب مرة أخري ولكنها لم تشعر بذلك الفرح فهي لا تعلم كيف ستنجب طفلاً يشاركها حياتها البائسة مع محمود بعدما أنهي عمله أخذها من بيت والدتها ليذهبوا لبيتهم فظل طوال الطريق صامتاً جعلها تشاركه صمته
بعدما وصلوا بدلت الاء ملابسها فوجدت محمود يسئلها بلؤمٍ:
– هو هيثم عرف منين انك في المستشفى وجوزك ميعرفش ويتفاجأ بيكي هناك .
حاولت ألتقاط أنفاسها قائلة :
-والله هو كمان اتفجئت به في المستشفى
أمسكها من ذراعيها بقوة ألمتها :
– انتي هتستهبلي يابت عليا انا الكلام دا
دمعت عينيها وقالت :
-ورب الكعبة اتفجئت به
تركها وهو يكز علي أسنانه قائلاً :
– انا هعديها لكن اقسم بالله لو حسيت لحظة انك بتكلميه
بكت وقالت له :
-ما تطلقني وتطلع راجل لو لمرة في حياتك
عندها لم تشعر بنفسها غير أنه صفعها بشدة وأمسكها بقوةمن شعرها حتي تمزق القليل في يديه :
– انا طلاق مش هطلقك بس هسود عشتك
صرخت قائلة :
-علي اساس اني عشتي معاك مش سودة
أمسكها محمود بقوة من يديها :
-انتي عشتك معايا سودة ليه بصبحك بعلقة وبمسكي بعلقة
التقطت انفاسها وهي تكمل :
-كفاية اني عايشة معاك غصب عني وجواية جزء منك
ضغط محمود علي يديها بقوة وقال :
– لو كان منه كنتي هتحبيه مش كدا
تابعت بدموع وهي تنظر بعينيه الغاضبة :
-انت مش طبيعي انا عمري ما خونتك مع اني بكرهك وبكرهه وبكره نفسي
عندها دفعها بعيداً عنه وتركها وغادر البيت ظل لأيام لم يعود اليها كلما أتصلت به لا يجيب عليها حتي أتي في يوم بالمساء وجدها نائمة علي الكنبة فأقترب منها وضع يديه علي وجهها فأنتفضت ذعوراً وعندما وجدته أمامها فأمتلئ عينيها بالدموع وهي تمسك يديه :
– محمود انا عاوزة اقولك اني عمري ما خونتك يعلم ربنا اني بخافه وحكاية هيثم انا نسيتها لاني واحدة متجوزة ومينفعش افكر في حد تاني غير جوزي
أبتسم لها وقال :
-الاء انا بحبك أوي .
أقربها اليه فحتضنها بشدة فدمعت وأغمضت عينيها كان يستطيع أن يدرك كيف يمتص غضبها فبكلمه منه تنسي عالمها أو ما تحاول أن تنسي عالمها ،مر حوالي شهرين وكل يوم علاقة هيثم بمي تتوتر فهي تفكيرها الاول والأخير أن تنجب منه وهو لا يبالي بذلك أما عن الاء ومحمود ظلوا كما هم فمعامله محمود صارمة ولا يهتم بها أما عن أمها أشتد عليها المرض وأردت الاء ان تذهب اليها وترعاها ولكن محمود أبي ذلك بأنانية منه أنها حبلي ولا تستطيع خدمتها ظلت تبكي وتنحب أنها تستطيع مراعتها وتريد أن تقوم بذلك ولكنه تركها في نهاية الطريق تفعل ما يحلو لها ولكن فردوس لم تعش طويلاً حتي خرجت روحها والاء تجلس أسفل قدميها وهذه أكثر لحظة قاسية عليها منذ رحيل والدها رفضت الاء الرجوع مع محمود المنزل بل فضلت المكوث في شقة والدتها حتي تهدئ قلق عليها من العيش بمفردها فأجبرها بالذهاب معه لبيتهم لم يمر الكثير علي وفاة فردوس حتي نزل طفلها الأخر فحزن محمود عليه وعلي الحالة التي وصلت عليها الاء
فتحت عيونها بتثاقل فوجدت الجميع حولها ومحمود يمسك يديها يدمع لفقدانه صغيره فقال لها :
-حمدالله علسلامة
ابتلعت ريقها وازاحت وجهها الناحية الاخري فاردف مصطفى
-بالله عليكي متزعليش انتم لسه صغيرين بكرة تجيبوا اورطة عيال اهم حاجه صحتك يا حبيبتي
حمدت ربها علي كل شئ فأنه قادر علي ان يصلح لها حالها ويرحم أمها
مر يومين حتي تعافت قليلاً وأستطاعتعلي الخروج من المشفي فاتي هيثم لعندهم بالمنزل
– حمدالله علي سلامتك والبقاء لله في طنط
دمعت وقالت :
– الله يسلمك يا دكتور
أمسكت مي يديها وقالت :
-معليش يا لولو ربنا هيعوضك عنه وسمحيني أني مجيتش أعزي لأن هيثم قالي أنك تعبانه ومكنتيش عاوزة تشوفي حد
كانت تقول مردده :
– الحمدلله على كل شئ أنا هقوم أعملكم حاجة تشربوها
أوقفها هيثم قائلاً:
-والله ابدا متتعبيش نفسك احنا جايين نطمن عليكي
قال لا محمود وهو يجلسها مرة أخري علي الكنبه :
-انا هقوم انا أعملكم قهوة
تركهم محمود ودلف المطبخ فنظر هيثم للاء ولوجهها الشاحب وملابسها السوداء أنفطر قلبه عليها وهي شاردة لا تنظر لهم وكأنهم غير موجودين فلاحظت مي نظراته للاء فحاولت أن تقطع شرودها قائلة :
– مش هتقومي ترتاحي شوية
وقفت فأسندتها مي لغرفتها أنامتها علي الفراش وأدفئتها جيداً لم تعلم مي شئ عن علاقة هيثم بالاء غير أنها زوجة صاحبه ولكن كلاهما لا ينسيان الايام القليلة التي قضوها معاً بأوروبا
سئله هيثم كيف نزل جنينها فأخبره محمود انه لم يعلم شئ فقد أتي من عمله وجدها تنزف فتضايق هيثم من أجلها وأخذ يوصيه عليها قبل أن تقاطعه مي كلامه وهي تخبره انها تريد أن ترحل فأن حديث زوجها وأهتمامه الزائد ب الاء ضايقتها ركبوا سيارتهم وذهبوا لبيتهم فقالت مي بغضب :
– مممكن افهم ايه اللي حصل دا
أنتبه لها هيثم وقال بعدم فهم :
– حصل ايه
وضعت يديها بخصرها وأكملت بغضب :
– عمال تبصلها اوي ولا كان في مراتك قاعدة جمبك
زفر بشدة وقال :- مكنش قصدي
صاحت به قائلة:
– لا كان قصدك معرفش في ايه بينك وبينها
أشتد غضبه من تلميحاتها :
-هيكون فيه ايه يعني بطلي اسلوب الجنان بتاعك دا انا مبقتيش مستحمل غيرتك الاوفر دي
أقتربت منه ووضعت يديها علي صدره وقالت :
-انا بغير عليك علشان بحبك
أجابها بنفاذ صبر :
– مفروض في ثقة مش كل ما تشوفيني واقف مع زميلة ليا تفضلي تنكدي عليا وانهارده رايحة تتبلي عليا انا والغلبانه دي حرام عليكي الاء مرات صاحبي وانا واحد متجوز فياريت تريحي نفسك شوية وتغوري من وشي علشان اروح اتخمد تصبحي علي خير
جلست مي علي كرسي الانتريه والقت الوسادة خلفه بغيظ
دلف محمود عندها وهي جالسه بغرفتها تبكي : -اتفضلي يا حبيبتي الحباية دي
مسحت دموعها براحة يديها وقالت :
– بتاعت ايه دي
أجابها قائلاً :
-هتهدي اعصابك وهتخليكي ريلاكس وهتبعتدي للدنيا فاكس
اخذتها من يديه وتناولتها دون تفكير فربما تقلل من حزنها أبتسم لها محمود وأقترب منها أكثر وأمسك يديها قائلاً:
-انا عاوز نعوض الواد اللي نزل
أجابته :
– انا لسه مش مستعدة نفسياً لحمل تاني
أردف قائلاً:
-وانا مش هسيبك لحد لما تجيبلي بيبي تاني
زفرت الاء بشدة فاقترب منها محمود
بعد مرور عدة أشهر ذهبت الاء عند مريم فقالت لها :
-مريم ما تقولي لاخوكي يطلقني وتكسبي فيا ثواب
ضحكت مريم بشدة وضربتها بخفة علي يديها :
– يابت بس بقي
وضعت جودي علي الفراش وقالت :
– انا بتكلم بجد
أردفت مريم قائلة :
– يابت انتي مش هتعقلي بقي
قالت لها الاء :
-مريم انا لو قولتلك حاجة هتقولي لحد
سئلتها الأخري بفضول :
– فيه ايه
قالت لها :
– أنا عاوزة وسيلة تمنع الحمل غير الحبوب
أتسعت حدقة عيني مريم وهي تعلم كم يتمني محمود أن ينجب طفلاً فأشتد غضبها من رد فعل الاء :
-بتقولي ايه
فركت بكفيها بتوتر قائلة :
– ربنا يسمحني بس انا مش عاوزة اخلف واتعلق به ومحمود ياخده مني زي ما ماهر عمل
أمسكت يديها وتابعت بإستنكار :
– الاء انتي مجنونة اقسم بالله مجنونه انتي لازم تتعالجي جوزك ليه هيعمل كدا محمود بيحبك
أبتلعت ريقها وقالت :
-محمود مبيحبش غير نفسه عمره ماحبني افهمي بقي
عندها أستئنفت مريم قائلة :- انا معرفش انتي بتفكري ازاي اوعي تكوني يابت بتفكري في
قاطعتها الاء وقد علمت ما تفكر به مريم وهي تقصد هيثم : -متكمليش انا مبفكرش فيه ريحي نفسك انا شكلي غلطانه لما قولتلك
أجابتها مريم : -وربنا ماقصد بس انا مستغربة من رد فعلك ازاي قلبك يجيبك انك تحرمي نفسك من العيال وتحرميه هو التاني
أبتلعت ريقها : -علشان حاسة اني مليش لازمة في حياة اخوكي حاسة اني مجرد واحدة بيرجع بليل يبات في حضنها وخلاص
أمتلئ عيون الاء بالدموع فقالت :- انا طهقت ونفسيتي تعبت العمر بيجري بيا وانا بمر باسود ايام بعمري ابني بعيد عني ومعرفش اراضيه واتجوزت غصب عني
اخرجت الكبسولات الحبوب المهدئة من حقيبتها وابتلعت واحدة
أمسكت مريم يديها وقالت :- بت انتي بتبلبعي ايه
أبتسمت بسخافة قائلة :- دا مهدئ
فقالت مريم : – محمود علي علم به
نظرت لها الاء وقالت :
– اطمني محمود هو اللي مديهولي .
صمتت مريم فستأذنت الاء بأن ترحل فاحتضنتها ونزلت الاء بالشارع وهي تمسك بحقيبتها ظلت تتجول به و تشاهد المحلات احست انها صغرت كثيراً تذكرت عندما كانت صغيرة وكانت تتنزه مع والدها في ذلك الشارع واكلت معه المثلجات
سئلها محمود :
– فين الاء
اجابته مريم :- هي نزلت من عندي وقالتلي انها هتروح
تركها محمود ورحل فجلس قليلاً ببيته حتي وجدها أتت فقال لها بغضب :
– حمدالله علسلامة يا مدام
صمتت الاء وكادت ان تدلف غرفتها فأمسك بيديها ليوقفها ليسئلها أين كانت فأجابته
قالت :
– بتمشي كنت مخنوقة زهقت من قعدت اربع حيطان مش كفاية انك مقعدني من الشغل
أردف محمود قائلاً :
-مقصر انا معاكي في حاجة طلبتي حاجة وملقتهاش
أجابته بإستنكار :
– انا مش محتاجه فلوسك انا الحمدلله معايا فلوس كتير
صاح بها :
– اومال مصممة تضايقني ليه يا بنت الناس
ألتقطت أنفاسها وقالت :
– انا اسفة مش هتتكرر تاني هفضل كلبة في البيت تحرص البيت ولا هفتح بوقي فرحت كدا
دفعها بعيداً عنه قائلاً :
– امشي غوري غيري واتخمدي
تركته ودلفت غرفتهم فاتصل بمريم وطمنها ودلف عند الاء نام بجانبها وجدها تبتعد عنه
فأعطاها ظهره ونام
في اليوم التالي استيقظ وجدها مجهزة له الفطور وجالسة بالشرفة تنظر للسماء وهي مغيمة تستقبل اولي قطرات المطر علي كفها
تركها محمود دون ان يقول لها تحية الصبح ورحل تركته فبالتأكيد سيصالحها فهو لن يقدر علي العيش بمفرده ولا يضايقها بيومها
أما اليوم لم تعرف له عنوان فالايام كلها تتشابه في عيشتها معه هذا ما كانت ترجو ربها بأن تتزوجه ولو يوم واحد حتي تصبح سعيدة فأي سعادة أمتلكتها وهي لا تعرف للفرحة باب تأخذ حبوب تدمرها أكثر ما تشفيها فلا تعرف أن تتخلص منها ومع ذلك تخشي أن تحمل بأحشائها جنيناً له فيتالم مثلما تتالم فهو في كل يوم يبذل قصاري جهده بأن ينجب طفلاً منها وهي تتحمل وتأخذ موانع حتي لا تنجب أعصابها لم تعد بخير فأن أمسكت كوبٍ حتماً سيقع ويتحطم و سيغضب عليها أن أتي ولم يجدها صانعة له الطعام جلست بالأرض تلملم بقايا زجاج تبكي علي ما توصل بها حالها تروي دموعها الأرض وفي لحظه أتت لها فكرة بان تتخلص من تلك الحياة فلم يعد لها وجود كلما صرخت صوتها مكنون فإن تشاجرت معه يطول بالضرب كما كان يفعل معها ماهر حتي أهلها يققون بصفه دائماً ولكنها أستغفرت ربها من تلك الفكرة
فجرحت يديها دون أن تشعر فتساقط الدماء وقفت ونظرت للمرآه لم تعد تعرف نفسها فقد أسمر وجهها كثيراً أصبح لديها هالات سوداء وكأنها سيدة بالخمسون أين تلك الفتاة الجميلة التي كانت تفوح منها رائحة السعادة ماتت بحبه وتحللت بنار الشوق والانتظار وضعت ضمادة علي جرحها وخرجت من الحمام ولكن الدماء لم تكف عن التحرر من يديها تنهدت وبدلت ملابسها لم تهتم بختيار افضل الثياب كما تعودت ولكنها أرتدت عباءة سوداء خمار من نفس اللون نزلت اوقفت احدي سيارات الاجرة واتجهت ناحية المشفي الذي يعمل به محمود تمنت أن لا تراه ولكن ليس باليد حيل
دلفت المشفي سئلت عن محمود فقالوا لها انه بغرفة العمليات
الاء : طيب دكتور هيثم فين
ردت : بغرفة الكشف
ذهبت الاء اليه وقالت : لو سمحت يا دكتور
وقف هيثم وقال بلهفة :
– مال ايديك
أخفضت رأسها قائلة :
– اتعورت بس غصب عني
اعطها هيثم قطن وقال لها :
-اضغطي علي الجرح
أمسك كفها فوجدها يرتعش فنظر لها وقال بتضايق :
-هي مش محتاجة خياطة هطهرهالك وخلاص فاتن تعالي طهري الجرح دا
امسكت فاتن الممرضة يديها واخذت تطهرلها الجرح
جلس هيثم أمامها يتطلع علي وجهها الشاحب فأردف قائلاً:
– مالك يا الاء هزيلة ووشك اصفر مش انتي الاء بتاعت زمان
نظرت له قبل أن تقول بنبرة يأس :
– الدنيا وحشة اوي يا دكتور ادعيلي اخلص منها بقي
قال لها بتضايق :
-بعد الشر عليكي متقوليش كدا
تنهدت قبل أن تكمل :
– الحمدلله علي كل شئ انا هروح علشان محمود لو شفني هنا هيحصل مشكلة
وقفت واتجهت ناحية الباب فأرتعش يديها مما جعلت حقيبتها تسقط فهوت ادويتها بالارض انحني هيثم ليجمع لها تلك الادوية ويساعدها بلمهم ولكنه أتسعت حدقة عينيه وهو يمسك أدويتها بما فيهم من حبوب المهدئة وحبوب مانعة للحمل فصاح بها قائلاً بغضب وهو يقبض عليها بكفه:
– أيه دا.

error: