رواية كيف لي ألا أحبك
الفصل الثاني :
في شقة محمد جلست علياء أمام المرآه الخاصة بتسريحة غرفة نومها بعدما أرتدت قميص للنوم وردي اللون كان محمد يبدل ملابسه أما عنها فهي تزيل أثر مساحيق التجميل من وجهها قائلة:
– أختك اتجوزت حته جوازه.
أردف قائلاً وهو يرتدي قميص قطني أزرق اللون :
– أهيه نصيبه ربنا يهنيهم.
أكملت بنبرة تحمل الكثير من الحقد من حظ أخته :
– أكيد هيهنيها دا ماهر العراقي يعني عز وشباب ودنيا تانية.
نظر لها محمد بتضايق و تابع قائلاً :
– ممكن تقومي تتخمدي علشان انتي سهرتي جامد انهارده والعيال عندهم مدرسه الصبح عاوزين يروحوا.
زفرت بشدة من معاملته الجامدة لها فنامت بجانبه دون أن تتفوه بكلمه ، جلست فردوس علي الكرسي المطبخ ففركت بيديها بتوتر قائلة :
– البت وحشتني اوي ياتري عامله ايه مع جوزها .
ألتقط مصطفي هاتفه من فوق المنضدة ونظر بشاشة الهاتف قائلاً :
– عامله ايه دا ماهر بيه يعني تلت تربع بنات مصر يتمنوا إشارة منه أنتي دايماً تحمدي ربنا أنه رزقها به .
وضعت يديها علي صدرها فأكملت قائلة :
-قلبي مش مطمن .
أردف مصطفي قائلاً بإستنكار من قلق والدته الزائد :
– خلاص بقي يا ماما أنتي اوفر اوي زمانها دلوقتي في العز ربنا يهنيها .
قالت سعاد :
– يارب النهار يطلع علي خير علشان أروح أطمن عليها .
لم تعلم كيف مرت عليها تلك الليلة فقد أحست بطول الليلة والوقت يمر بصعوبة فأنه لم يكن بجانبها حيث تقدم ناحية الباب وخرج وأغلقه ورائه بعدم أكتراث لها وكأنها فتاة ليل عاهرة أنهي ليلته معها ليتركها وحيدة بأول ليلة لها معه تأكدت من أنه رحل فأعتدلت بجلستها قبل أن تبكي بحسرة علي حالها حتي جف دموعها ونامت رغمٍ عنها وهي تتمني أن لا يصبح عليها الصباح حتي لا تري وجهه هو ووالدته مرة أخري وفي اليوم التالي ذهبت فردوس معها اخوتها باكراً وهم فرحين لم ترد أن تخبر أحد بما حدث معها فإن كادت أن تفعل لأبرحه مصطفي وأشبعه ضرباً حتي أرقده بفراش المشفي بالشهور أو أنه يطلقها ببساطة وعندها يقول الناس أنه لم يجدها فتاة فطلقها بأول يوم معها أقترب منها مصطفي وأحتضنها وقال لها :
– خلي بالك من نفسك يا حبيبتي ربنا يسعدك يارب.
دلفت المرحاض فألقت ملابسها بالأرض لتجلس بحوض الأستحمام وهي تقول لنفسها وهي تتذكر كلمات أخيها مصطفي :
– أخبرني أخي من أين أجد السعادة فأني بحثت عنها كثيراً فلم أجدها أم أني شؤم كما قال لي أخي محمد في يوم ما أن توفي أبي حين وضعتيني أمي لو كنت أعلم أني سأعيش هكذا لكنت أفضل أن تؤدني أمي أهون علي مما أنا به ولكني سأحمد ربي مهما حدث فأنه قادر علي أن يغير لي قدري تنهدت وتمنت أن تغمض عينيها لتستيقظ من ذلك الكابوس لتجد نفسها مازالت مع حبيبها ولم يهاجرها ويرحل ولم تري ماهر ابدا وبالفعل فعلت أغمضت عينيها لتنام بالمرحاض فعندها حلمت بيوم زفافها وما حدث في ذلك اليوم حتي طرق باب الغرفة فأعتدل ماهر قائلاً :
-دا وقته .
أتجه ناحيه الباب وفتحه بالفعل فإذا هي والدته تنظر له ولها
فقال لها :
– نعم ياماما .
قالت بوقاحة لم تعتقد الاء أن والدته بتلك الرجعية فأن كلامها تدل علي أنها من أعلي الطبقات الارستقراطية :
– خلصتوا ولا لسه؟
فغرت شفاه الاء بصدمة لما قالته فكيف لها أن تتدخل بوقاحة هكذا توقعت أن يجيبها وكأي بطل من أبطال الروايات التي قضت عمرها ومراهقتها به أنه سيقول لها أن لا تتدخل بحياتهم ولكنه صدمها حينما أخبر أمه أنه سيقوم بالذي طلبته منه ،أمتلئ عينيها بالدموع من رده الجارح أخذت توصيه أنه عندما ينتهي يجب أن يتركها ويذهب اليها ليطمنها ولا ينام بجانبها في تلك الليلة وكأنها لديها مرض خشيت عليه أن تصيبه العدوي و أن لا ينام بجانبها وكأنه متزوجها من أجل هدف واحد وعندما يحصل عليه يلقيها كدمية تمزقت والقاها صاحبها بعدما مل منها ، أقترب منها أمام والدته فحاولت الفرار بالغرفة وهي تصرخ بأن لا يستمع للكلام والدته ولكنه أمسكها بقوة فدفعته فعندها أخذ يضرب بها بغضب حتي وقعت بين يديه متألمه فاقدة القدرة علي الحركه فأزاح عنها ثوبها وكأنه يثبت لوالدته كم هو رجل فخرجت والدته وكأنها أستحرمت أن تراها عارية أمامها وأبنها يفعل ذلك بوصت صراخ مرير بعد قليل تركها وخرج ليفرح والدته أنه قد أمتلكها قالت له وهي تكرر تلك الكلمات :
-لا تفعل معها شئ أخر بل أتركها الليلة .
أنصدمت مرة أخري به فكم هو معدوم الشخصية كيف تتحكم به والدته هكذا ، دلف الحمام وجدها تنام بالمياة حوض الاستحمام وكأنها تحاول أن تغرق نفسها به فنزلت بها ولكنه سرعان ما أخذها من المياة قبل ما تغرق وتموت أنقذها من الموت وليته لم يفعل.
– يا مدام ماهر بيه جيه.
قالتها الخادمة وهي تستحثها علي قطع شرودها فأنتبهت لها وأجابتها بتضايق :
– فيه ايه؟
فكررت الخادمة جملتها فأتجهت الاء لداخل الفيلا وجدت ماهر يجلس مع أمه فقال الكلام وموجهاً :
– عاوزك حصليني علي فوق .
نظرت لامه وجدتها تلوي ثغرها فتقدمت الاء خلفه وصعدت دون أن تتكلم ولكن قلبها تكلم أخذ يدق بسرعة وكأنه أجراس كنائس دلف الغرفة فأتبعته فأغلق خلفها باب الغرفة فأبتلعت ريقها قبل أن تردف :
– خير يا ماهر.
عندها صفعها ماهر بقوة فنظرت له وعينيها أمتلئت بالدموع ووضعت يديها علي خدها قائلة :
– كدا أرتحت؟
أمسكها من ثيابها ليقربها أليه قائلاً :
– كدبتي عليا ليه؟
أجابته بعدم فهم :
– كدبت عليك؟
كور قبضة يديه فقال وهو يحاول أن يمتص غضبه :
– دكتور هيثم علاقتك به ايه؟
نظرت له فأرتجفت وقالت بتلعثم :
– ها هيكون علاقتي به ايه يعني.
عندها صفعها مرة أخري أقوي من السابقة فوقعت بالارض متألمه فقال :
– أنتي بتضحكي عليا يا بنت…. متعرفيش جارك اللي بلكونته في وش بلكونتك مكنتيش بتروحي عنده المستشفى وتقابليه بحجة أنك تعبانه .
دمعت وقالت بصياح :
– أنت اكيد اتجننت .
عندها أمسكها من ذراعيها بقوة مجبرها علي الاعتدال فقال :
– أتريني كنت حمار مخدوع فيكي قولت دي متدينة وبتتقي ربنا عمرها ماتعمل الحرام طلعتي …
عندها صرخت به وهي تحاول أن تسكته وترتجف وهي تدفعه بعيداً عنها :
– أخرس أنا معملتيش حاجه والله ماعملت حاجه .
عندها أمسكها بشدة ألمتها غرساً أظافره في جلد ذراعيها وألقاها علي السرير فتركها ودلف غرفة الملابس أحضر لها ملابس خروج وألقاها بوجهها قائلاً :
– خمس دقايق واشوفك تحت سمعاني.
نزلت دموعها واؤمات رأسها بالايجاب فقال :
– أقسم بالله لاوريكي اللي عمرك ما شوفتيه لو طلع اللي في دماغي صح لاخليكي تبوسي رجلي علشان أعتقك واموتك أهون من اللي هعمله فيكي .
دمعت وهي تحدق به فتركها وصفع الباب خلفه أرتجفت لثواني وهي تتخيل ما يمكن أن يفعله بها فبكت أكثر حتي توقفت عينيها فلم يعد بداخلها دموع تريد أن تحرر منها ،
تذكر حينما دلف لعنده مساعده محسن وأخبره عن هيثم وأنه يسكن مجاوراً لزوجته فربط نظراتها له ومسكه ليربطها بأشياء بعقله لا يعلمها سوي ربه.
أنتهت من أرتداء فستان زيتي اللون وخمار أسود وحذاء منخفض الكعب وصلت لعنده فحدقها بنظرات نارية وكأنه يريد أن يحرقها حية أركبها السيارة وركب بجانبها فأمر السائق بالتحرك
ظلت صامته وهي لا تعلم لأين ستذهب حاولت أن لا تنظر له فإنها ترتجف كلما نظرت لعينيه الزرقوات الغاضبة حتي وقف السائق أمام المشفي الذي يعمل به هيثم
فقال بنبرة صارمة :
– أنزلي.
أجابته :
– أيه اللي جابنا هنا؟
وقفت سيارة الحَرَسْ الخاص به ونزلوا خلفهم
أمسك يديها بقوة وأجبرها علي السير ليدلفوا المشفي فوقف أمام شباك التذاكر فقال :
– دكتور هيثم صبري موجود .
نظرت له الاء فأتسعت حدقة عينيها ومسكت يديه وحاولت أن تفلتها من قبضته ولكنه كان أقوي من أن يتأثر بأصابعها الصغيرة
قالت الموظفة :
– أيوة يا فندم حضرتك المريض أسمه ايه
فنظر للاء قبل أن يكمل قائلاً :
– الاء صلاح.
نزلت دموعها لما يخطط لفعله معها أبتلعت ريقها فأخرج ماهر ثمن الفحص وبالكثير حتي تدخلهم قبل أي أحد ،حاولت جاهداً ان تخفض من توترها وضربات قلبها المتسارعة فقد بدت تؤلمها من شدة الخوف ولكنها لم تستطع فتقدم بها ناحية الغرفة أمسك ذراعيه حتي يمتلكها، ألتقطت انفاسها بخوف من ما قد يفعله بها فدلف لعنده بها فعندها وقف هيثم بلهفة قائلاً :
– فيه ايه مالك.
أجابه ماهر وهو ينظر لقلق الواضح علي ملامحه :
– تعبت شوية قولت أجيبها ليك تشوفها لأنهم شكرولي فيك
نظر للاء التي كانت تنظر بالأرض كمن سقط منه شيء حتي لا يرى عينيها الزائغة خوفاً فأردف :
– أتفضلي يا مدام.
أتجهت ناحيه السرير وهي ترتعد من نظرات ماهر لهما أمسك هيثم سماعته وأقترب من الاء فظل ماهر واقف بجانبها فلاحظ هيثم أنها تغمض عينيها حتي لا يري عينيها الدامعة فقال بلهجة رسمية وكأنه لا يعرفها :
– أنا هنادي الممرضة تيجي تساعد المدام
فأتت الممرضة فقال هيثم له :
– أتفضل استريح يا ماهر بيه .
فتحت عيونها بعدما غادر من جانبها فنظرت لعينيه وكأنه أحس أنها تود أخباره شئ فأخبر الممرضة بأحضار أحدي الحقن فقالت له بلغة الشفاه فهي تعلم كام هو بارع في قراءة لغة الشفاه السريعة :
– ساعدني أهرب من هنا .
عندها أتسعت حدقة عينيه فتقدم ناحيتهم ماهر فأدعت انها مغلقة عينيها فقال له بخبث :
-قلقتني عليها خير.
أخذه هيثم وجلسوا علي المكتب وقال :
– هي حامل في الشهر الكام؟
فأجابه ماهر قائلاً :
– السابع في اواخره .
نظر لها هيثم فضاق صدره فأستئنف قائلاً :
– هي كويسة مفهاش حاجة تاخد الحقنة دي وتروح.
ابتسم له ماهر بخبث قال:
– شكراً يا دكتور تعبانك معانا .
نظرت الاء علي النافذة فهو مطل علي أقرب طريق للبوابة المشفي فلاحظ ماهر أنها تنظر علي النافذة وشارده فعندها دلفت الممرضة ومعها الحقنة فقالت الاء وهي تمسك في ستائر المجاورة للسرير فقالت الممرضة :
– بعد اذنكم علشان هديها الحقنة.
نظر لها ماهر قبل أن يسخر منها :
– أنا جوزها عادي يعني .
أبتلع هيثم ريقه وأجابه بتلعثم :
– ممكن حضرتك تخرج معايا علشان متتحرجش أتفضل.
فخرج هيثم ولحقه ماهر فوقف هيثم عاقد ذراعيه أمام باب الغرفة تذكرها وهي تقول :
– ساعدني أهرب.
أغمض عينيه فنظر له ماهر قبل أن يسئله :
– أنت ساكن فين يا دكتور .
أجابه :
– العبور.
مر قليلاً من الوقت حتي سمعوا صوت صريخ الممرضة :
-الحق يا دكتور .
دلف هيثم عندها سريعاً ولكنه وجد الممرضة ملقاه علي الارض والنافذة مفتوحة تقدم ماهر مسرعاً لينظر من خلال النافذة وجد الاء تهرول ناحية باب المشفي عندها دفع هيثم بعيداً عنه فلحقها للخارج أمراً حراسه بتتابعها وإحضارها له
ركبت سيارة اجرة وقالت له وهي تلهث :
-السيدة ياسطي .
أنطلق الرجل بالسيارة فلم يلحقه ماهر فصاح بحراسه :
– بتهببوا ايه وراها .
نزلت من السيارة بعدما تاكدت من عدم تتابعها احد وقالت بأسف وأحراج فهي لم تملك المال بدفع ثمن الاجرة :
-اسفه يا عمي نسيت كل فلوسي .
زفر الرجل بقوة ولو كان هناك ورق أمامه لأختفي طائراً فقالت بتضايق :
– والله مش معايا فلوس بص خد دي .
نزعت دبلة ماهر من يديها بسهولة فهي من أن تزوجته فقد نحفت فأصبحت دبلته لا تثبت بيديها :
-بيعها واتراضي .
عندها أردف قائلاً :
– هبيعك دبلة جوازك روحي يا بنتي ربنا يصلحلك حالك .
أبتسمت له فتابعت :
– ربنا يخليك ويسترلك طريقك.
نزلت وأرتدت دبلتها مرة اخري حدقت بوجوه من حولها وإزدحام الشارع بالناس وكأنه ليله عيد تقدمت ناحية المنزل فصعدت البنية القديمة فوجدت أمامها جارتها القديمة الحجة ضحي سيدة مسنة عندما رأت الاء دققت النظر بها فلحقتها الاء قائلة :
– ازيك يا طنط .
أبتسمت لها وأخذتها بحضنها وقبلتها :
-ازيك يا حبيبتي عاش من شافك .
أجابتها :
– معليش مشاغل الحياة .
قالت الاخري وهي تنظر لكبر بطنها :
– تعالي اتفضلي أكيد تعبانه من السلم.
تابعت :
-معليش انا هطلع شقتنا تصبحي علي خير .
ردت الاخري :
– وانتي من اهله .
صعدت الاء شقتها وجدت اسفل السجادة الحمراء مفتاح الشقة ففتحتها ودلفت بها اضائت الأنوار وتقدمت ناحية أقرب الكرسي لم تعبأ بكمية الأتربة المتواجدة علي الكرسي بل جلست عليه تلتقط انفاسها من صعود السلم فتذكرت عندما دلفت الممرضة ومعها الحقنه نظرت لهيثم وأخبرتهم أن يرحلوا حتي تستطيع أن تعطيها الحقنه فعندما خرجوا هرولت الممرضة تضع الكرسي الخشبي أسفل النافذة وقالت للاء :
– مفيش وقت بسرعة.
أبتسمت لها الاء وشكرتها لمساعدتها فخرجت من الشرفة عندها جلست علي الأرض وصرخت حتي وصل اليها ماهر وهيثم أبتسمت الاء أنه فعل ذلك وحررها من بطش ماهر ولكنه بالتأكيد لن يتركها.
طرق باب الشقة بقوة كاد أن يقتلع بيديه فهرول مصطفي ناحيته ليفتح الباب وجد ماهر يدفعه بقوة ليبتعد عن الباب فأتجه ناحية فردوس قال لها بغضب :
– فين بنتك .
أجابته :
-معرفش هي مش عندك .
عندها أمسكه مصطفي من ياقة قميصه وصاح به :
-عملت فيها ايه وديتها فين؟
أجابه :
-اختك هربت مني يا بيه بس عاوز اعرفك أني لما الاقيها مش هرحمها أقسم بالله لاندماها الخاينه إن شاءالله حتي روحها تخرج في أيدي .
تركهم وغادر فجلست ولدته تبكي وتلطم علي وجنتيها فهي لا تعلم أين أرض أبنتها فقال مصطفي لها :
– يعني هتروح فين ؟
قالت له ببكاء :
– هاتلي بنتي يا مصطفي.
قال لها مصطفي :
-حاضر يا ماما أهدي بس علشان متتعبيش لقدر الله.
أكملت :
– البت تعبانة وحامل لحسن يجرالها حاجة وهي بعيدة عني.
دلف شقته فألقي المفاتيح علي المنضدة فجلس علي الكنبه ليلتقط انفاسه بعد يوم طويل بعمله ولكنه تذكرها فضحك بعفوية أنه كم كان أحمق حين بدل أن يخبرها بأسم الحقنه أخبرها كيف ستهربها وعندها فرح بها انها تحلت بالشجاعة لتخبره بما تريد ان تترك ماهر ولكن ضاق صدره فأين ستذهب وكيف ستعيش اذا.
ظلت حوالي يومين لا تنزل من البيت تضوع جوعاً ولكنها لم تملك المال لتفعل فماذا اذا ستموت جوعاً مع طفلها فما ذنبه هو أن لا تطعمه خشيت أن يراها أحد ولكنها يجب أن تأكل فستموت هكذا نزلت بعدما أرتدت الحجاب الخاص بوالدتها ونزلت عن الجارة ضحي فقالت لها متأسفة :
– أنا أسفة يا طنط ممكن أكلم من عندك مصطفي .
اجابتها مرحبة بها بالدخول :
– أيوة طبعاً.
جلست الاء عندها فطلبت رقم مصطفي :
– ألو .
فرح مصطفي أنه سمع صوتها :
– ألو الاء حبيبتي أنتي كويسة طمنيني عليكي .
أجابته :
– أنا بخير يا حبيبي متقلقش عليا.
قال لها مصطفي :
– أنتي فين أجيلك امك هتموت من القلق عليكي وجوزك قالب الدنيا.
نظرت لضحي فقالت له :
– مصطفي بالله عليك ماتقول لماهر عن مكاني .
كرر سؤاله لها ثانية :
– أنتي فين؟
قالت :
– هقولك.
بعد حوالي نصف ساعة كان مصطفي يطرق باب الشقة عند الحجة ضحي ففتحت الاء الباب فأبتسم لها بفرحة رؤيتها وأحتضنها بشدة وسلم علي الحجة ضحي فقالت له أخته :
– تعالي نطلع شقتنا
صعدوا الشقة فدلفت بها معه فنظر للشقة ومازالت تملئها الأتربة فهي لم تقم بتنظيفها بعد فتسأل :
– أزاي طايقة تعيشي في القرف دا .
جلست علي كرسي الكنبه قبل أن تجيبه :
– القرف دا عندي أهون من عيشتي مع ماهر أنا خلاص مبقتيش مستحملة لو مطلقتونيش منه والله ماحد فيكم هيشوف خلقتي تاني
جلس بجانبها مصطفي قائلاً :
– أهدي بس وفهميني أيه اللي حصل؟
أجابته قائله :
– هقولك بس أنا جعانه اوي بقالي يومين مكالتيش حاجة وبطني بتتقطع.
تركها ونزل ليحضر لها طعام وعصائر كثيرة صعد لعندها مرة أخري فأكل معها وظل بجانبها يتابع أكلها حتي أمتلئ بطنها بالطعام فأردف :
– أديكي كلتي قوليلى ايه اللي حصل .
خرج من المشفي فرن هاتفه أخرجه من جيب معطفه ألقي نظر بشاشة الهاتف وجد مي زفر بقوة قبل أن يجيب .
سئلته بتضايق :
-انت فين .
فتح باب سيارته وقال :
– في مشوار
صاحت به فأبعد الهاتف عن أذنه :
– سايبني اولع في نفسي يا هيثم ومش معبرني .
ركب السيارة وأجابها ببرود :
-عاوزة ايه يا مي .
أبتلعت ريقها قبل ان تردف :
– انت ليه بتعملني كدا انت مغصوب علي الخطوبة دي .
رد هيثم قائلاً :
– ليه بتقولي كدا
قالت بتضايق :
– هيثم أنا عاوزة أشوفك
ادعي انه لا يستطيع سماعها واغلق المكالمه فهو عقله ليس بفارغ ليهتم بمسائلها الفارغة
قال لها أخيها :
– سيبك من دا كله وتعالي معايا
أبتعدت عنه قائلة :
– مش هقدر يا مصطفي أنتم المرة اللي فاتت لما هربت سلمتوني لي المرادي مش هيرحمني
قال لها متوعداً :
– مش هيقدر يجي جمبك طول مانا معاكي صدقيني .
ألتقطت أنفاسها قائلة :
– مش هقدر .
نظر لها وأدرف بغضب :
– أنتي حرة أن شاء الله حتي تفضلي عايشة في القرف دا طول عمرك سلام .
خرج من الشقة وتركها وحيدة كما كانت نظرت لهاتفه فقد نسي أحداهم معها وكأنه كان يقصد ذلك لكي يطمئن عليها بعدما ركب سيارته وقف أحد الرجال ذو الشارب الاسود، طويل القامة عريض المنكبين أمسك هاتفه وعندما تلقي اجابة من الطرف الاخر قال :
– أيوة يا باشا لاقيتها .
ذهب لشقته فأخذ يحضر بحقيبته ويضع بها ملابس فسألته والدته :
– بتعمل ايه يا مصطفي ؟
أجابها :
– زي ما انتي شايفة بلم هدومي .
تابعت :
– ليه يا بني انا هلاقيها منك ولا من اختك الطفشانه اللي مش عارفين اراضيها
تنهد مصطفي وقال :
– هسافر أدور عليها متقلقيش يا ماما ممكن تكون راحت عند مريم .
قالت فردوس وهي تناجي ربها :
– جيب العواقب سليمة يارب.
أشتد المساء في ذلك اليوم لم تكن تعلم لما ينتظرها من مصيرها ، تفكر ماذا ستفعل هل ستظل محبوسه بداخل تلك الشقة لوحدها حتي تنجب ابنها من ثم تهرب بعيداً عن ماهر ماذا لو حدث لها شئ لن يشعر بها أحد
أخذت انفاسها ووضعت يديها علي بطنها ونظرت للسماء الصافية الزرقاء المزينة بمصابيح النجوم كم أحبت النظر للسماء في المساء عندها تذكرته في يوم ما ماتت والدته كيف كان حزيناً عليها يبكي فطغي عينيه الجميلة الخضراء كورق الحشائش تجلس بجانبه أخته الصغيرة ذات الشعر المنسدل الأسود والعينين الخضراء التي تشبه والدهم تقدمت فردوس ناحيتهم وضمتهم لها فهم من بقوا قطعة من شقيقتها كان والده ظابط بالجيش أحب واحدة أخري علي حسناء فتزوجته وجعلته يطلق الأخري ولم يعرف يوماً عنهم شئ غير أنهم سمعوا أنه كتب لها كل شئ بأسمها أما الطفلين فربتهم فردوس مع أولادها وكأنت تلك نقطه غيرت حياتها تقدمت الاء من مريم فبكت بشدة أنها لن تري خالتها حسناء مرة أخري فأن مصطفي أخبرها من يموت لا يعود مرة أخري فأشتد المساء عليهم ورحل الجميع من ذلك العزاء وجدته جالس أمام النافذة ينظر للسماء فتقدمت ناحيته له وأردفت متسأله :
– أنت بتعمل ايه مريم بتدور عليك تحت.
أجابها :
– ببص للسماء وبدعي ربنا أن بابا يرجع يعيش معانا تاني.
قالت له :
– يارب بابا وعمو ويرجعوا تاني.
أبتسم لها قوجدها تبادله الابتسامة بحب ،قطع شرودها إنقطع النور من شقتها فهرولت ناحية باب الغرفة وهي تتحسس الأشياء من حولها بإستخدام الهاتف الخاص بمصطفي حيث سمعت أن هناك من يفتح الباب صوت رجال يدلفون الشقة هرولت لتتخبأ ما بين الحائط والخزانة الملابس حتي لا يراها أحد فأن دلفت الدولاب فسوف تختنق ولكنها لا تتحمل تلك العتمة فأنها لديها Nyctophobia أو ما يمسي رهاب الظلام لم تكون لديها تلك الحاله من الخوف منذ أن كانت صغيرة أو عندما كانت بشبابها ولكنها أكتسبته منذ أن دلفت فيلا ماهر العراقي عندما أجبرها علي خلع الخمار فرفضت وأصرت عليه فقام بتقيديها وألقائها عارية بغرفة مظلمة في أبرد الأيام وأخذ يضرب بها حتي نشب الدماء من جسدها لم تكن تلك رغبته أن تترك الخمار لا بل كانت لوالدته فهي تري أنها راجعية حمقاء لم تعرف يوماً بفن الأزياء مثلها فأمرته بذلك فجعلها تفعل ولكنها منذ الحين والاخر لا تلومه فأمه مسيطرة عليه وهو ما عليه غير أن يلبي كلمتها ، أغمضت عينيها وظلت ترتعد من الخوف فهي تسمع أصواتهم يتهمسون أنهم عليهم إيجادها حية أو ميتة فتح أحدهم باب الغرفة المتواجدة بها فبدت وكأن لم يدخل بها أخد تملؤها الاتربة وغير مرتبة تأكد من عدم تواجد أحد بها كاد أن يعود من حيث أتي حتي سمع صوت إرتعاشة هاتف بالغرفة فتحت الاء المكالمه بدون قصد وهي تحاول أن تسكت الصوت ولكنه دلف بالغرفة مرة أخري فأقترب من خزانة الملابس وهي جانبها فأنكمشت علي جسدها أكثر وأرتعدت أكثر فإن لم يستمع صوت الهاتف بالتأكيد سيستمع لصوت دقات قلبها المتسارعة بقوة أغمضت عينيها بقوة وهي تنتظر مصيرها ….