رواية الجرم الأكبر
كل عام وانتم جميعا بخير??الحلقة الخامسة عشر!
_____________في منزل ليلى!_ معقولة؟! حسناء مشرفاني بزيارة.. اتفصلي حبيبتي.. ثم وزعت انظارها حولها هاتفة: أمال كيمو حبيبي فينه ؟
حسناء: سبته مع ملك، قلت اجي لوحدي عشان عايزاكي في موضوع مهم!
_ طب اتفضلي الأول مش هنتكلم علي الباب يعني
تحبي تشربي ايه يا سونا؟
اجابت مبتسمة: أي عصير فرش لو عندك”
_ عندي.. هعملك عصير ليمون بالنعتاع الطازة هتحبيه جدا.. دقيقة وراجعالك!
تركتها وغادرت، بينما ظلت حسناء تتأمل التفاصيل حولها، ساخرة داخلها فلم تتصور يومًا أن تطأ قدماها بيت شاهين الأول وهي تنتظر زوجته الأولي التي تصنع لها عصير الليمون! هل بعد أن تدرك حقيقتها ستكون معها بتلك الحفاوة والأستقبال الحار!
ارتعدت فرائصها عندما لمحت عيناها ذاك البرواز القديم ذو اللونين ” الأبيص والأسود” ووجه شاهين يطل عليها وكأنه ينهرها عن الحضور لبيته.. لوهلة تذكرت تفاصيل بينهما لا تحب استخصارها بعقلها، فأغمضت عيناها علها تطرد الافكار السوداء، وعبر بتلك اللحظة لأذنيها صوت ليلى:
_ وعندك أحلى عصير ليمون بالنعناع لسونا!
ابتسمت وهي تنفض عنها ما عكر صفوها وهتفت:
تسلم ايدك حبيبتي تعبتك معايا..!
_ تعب ايه ده احنا هنتغدي بعد شوية، لكن بنسخن بالعصير بس! ووصلت: المهم بقى قوليلي ايه اللي عايزة تكلميني فيه ضروري وقالقك كده؟
_ هو باين عليا قلق؟
_ باين انك متوترة اوي!
تنهدت وملأت رئتيها بقدر كبير من هواء محيطها وهتفت: عايزة احكيلك حكاية، واسمعيها للأخر بدون مقاطعة، وبعدها اتكلمي براحتك!
وبدأت حسناء بصوت بدا مرتجفًا وهي تستعيد بخيالها تفاصيل ماضيها مع شاهين!
_ كنت بنت صغيرة فاضلي شهرين وانهي السنة الأخيرة ليا في كلية التجارة.. شافني راجل شكله جذاب جدا رغم سنه، وبنفس الوقت وقور ورصين، صورة ابهرتني لأن كنت عطشانة لإحساس الأبوة اللي فقدته في طفولتي، وهو مثلي الأب والحبيب اللي بيدلع ويهتم وعيشني احاسيس كانت مختلفة وجديدة لبنت في سني، ووهمت نفسي اني حبيته وحبيت العيشة المرتاحة اللي رسمهالي، في وقت كان كل مشاكل زمايلي مع خطابهم مادية بحتة.. وانا كنت هتفادى كل ده.. واتجوزته وانا معرفش عنه اكتر من اللي هو بنفسه قاله، لحد ما عدي الوقت واكتشفت انه متجوز بنت عمه من سنين قبلي وانه خدعني، حاولت اثور واخد موقف منه وابعد لما اتصدمت، بس هو قدر يسيطر عليا وفي نفس الوقت اكتشفت حملي بأبني، وده اضعفني اكتر، لأن ماليش حد وقلت يابنت عيشي وخلاص وده نصيبك.. ومرت الأيام بيا وبقيت اكتشف قبحه اكتر واكتر وجرايمه بانت واحده ورى التانية.. من أول قتله لأبوه اللي طلع مش ابن له من الاساس.. وبعدها تدبيره لقتل اخوه في حادث، وبعدين سرقته بالاحتيال لمعرض ابن اخوه.. ده غير قذارته وعلاقاته المشينة ومهنته گ قواد.. واخر كل ده طلع اصلا مش ابن للعيلة اللي عاش في خيرها وبأسمها سنين وسنين..!
صمتت تلتقط انفاسها ولهاثها المنفعل وهي تستعيد كل ما قالت، ولم تدري لدموعها تسيل دون إرادة وهي تقص ما لديها
أما ليلى فلم تعكس ملامحها سوى نظرة جامدة، وربما لمعت عبرة تحاول التمرد، فحجمتها، منصتة
لحسناء وهي تعود وتسترسل:
باقي التفاصيل اعتقد انتي عرفتيها خلاص يا ليلى.. وعرفتي انا مين.. أنا الطرف التاني اللي اتظلم زيك بالظبط، انا اتجوزت شاهين ومعرفتش بوجودك ..لو اعرف انه متجوز والله كنت رفضت ، لأني مقدرش اكون سبب في وجع زي ده، قاسي علي اي ست في الدنيا، بس شاهين لعب بينا سوا، استغل فلوسك، واستغلني انه يخلف و يجدد شبابه بجوازه من بنت صغيرة هيشكلها براحته. واوهمني بحبه ليا وكدب عليا في امور كتير.. وكدبة وري كدبة لقيت حياتي جريت معاه وفجأة لقيتني في مفترق طرق..وبين اختيارين اصعب من بعض، اقف جمب الحق مهما كان.. او اموت ضميري ..وفي النهاية اختارت الصح، ورفصت لأبني مستقبل مشين مع أب مايشرفوش.. وبعدها ربنا رزقني بغسان اللي احترمتي وحبني واحترم وقوفي في جانب الحق وعطاني كل حاجة اتحرمت منها مع شاهين..
وتوقفت بعد أن قصت ما بداخلها.. منتظرة رد فعل لتلك التي أمامها صامتة ملامحها تخلو من اي انفعال يكشف لها تأثير ما قالت عليها.. غاضبة؟ أصبحت تبغضها الآن؟ هل ستموت بذور صداقتهما التي بُدرت في الأيام السابقة؟ هل ستخسر ليلى كما خسرت غسان؟ عند وصول افكارها لتلك الصورة السوداء هتفت گ دفاع: ليلي انا ماليش ذنب.. انا حتى اما خبيت عنك حقيقتي بالنسبالك كنت عايزة اكسبك الأول لأني شوفت فيكي اخت اتمنيتها.. ارجوكي ماتخليش قصة قديمة انتهت تتحكم في مستقبل صداقة ابتديت بنا ومتعشمة من ربنا تدوم.. طب قولي اي حاجة بس بلاش سكوتك اللي مخوفني ده!
بدا لها انها تبذل مجهود ليس بهين وهي تقول بهدوء ادركت حسناء زيفه داخلها:
_معلش سيبيني لوحدي شوية!
ربما أفضل ما تفعله الآن حقًا، هو تركها تستوعب ما قالت، فتمتمت بحزن : حاضر يا ليلى همشي.. بس اوعي تفتكري اني هسيب علاقتنا تنتهي على كده.. أنا متمسكة بيكي گ أخت حاساها رزق بعته ربنا ليا.. ومش هسمح لشاهين حتى وهو ميت يدمر بنا علاقة حلوة.. خدي وقتك واستوعبي.. وانا وقت ما تنوي تكلميني موجودة!
وغادرتها بهدوء توقن أنه مجرد واجهه تحجب عاصفة داخلها الآن.. ولكن حتما ستمر العاصفة..وتحمل معها بقايا الألم وترحل عنها للأبد ..أما القادم بينهما فلن يكون إلا خيرا.. هكذا تتعشم بخالقها..!
____________________
في اليوم التالي!
( انتي بتتكلمي بجد يا ابلة سمر.. هتتجوزي عمو فارس؟ يعني أنا وإياد هنشوف بعض كل يوم؟!)
ابتهجت لفرحته هاتفة: أيوة ياتيمو.. عمو فارس طلب ايدي من عمو مروان.. وانا وافقت، وبعد اسبوعين جايين يتفقوا ويقرأو فاتحة وكده.. وعايزاك بقي تكون اشيك واحد عشان كده هنروح سوا نشتري طقم حلو لتيمو حبيب قلبي!
عانقها وهو يردد: ألف مبروك يا ابلة سمر.. انا حبيت عمو فارس من كلام إياد عنه، وكنت نفسي يكون ليا أخ زيه كده..!
ملست على شعره بحنان: أهو ربنا حقق امنيتك ياحبيبي، عمو فارس هيكون اخوك الكبير بعد كده وبأذن الله نكون كلنا عيلة جميلة.. أنا اهم حاجة عندي ياحاتم تكون مرتاح.. أنت مش بس اخويا، انت ابني واغلى شخص عندي!
_ وانا كمان بحبك اوي يا ابلة سمر، واوعدك انا اكبر هعملك كل حاجة حلوة.. ولما اشتغل اول مرتب هجيبلك بيه كله شيكولاتة من اللي بتحبيها..!
احتضنته متأثرة بوعده الطفولي، داعية الله أن يوفقها برعايته.. وألا تقصر معه بعد زواجها..!
________________________
(وحشتيني اوي ياغسان!..الأيام مالهاش طعم من غيرك.. حاسة إني مش عارفة اتنفس.. أنا عارفة إن غلطتي كبيرة أوي وإنك مصدوم فيا.. بس عشمانة تسامحني مع الوقت.. انا مش هحاول اضايقك لحد ماتهدى وتبقي قادر تسمعني وتغفر جرمي الكبير في حقك.. بس على الأقل اتصل بكريم طمنه عليك.. أرجوك ماتقساش عليه لأنه مالوش ذنب وبيحبك.. خد بالك على نفسك ياحبيبي! )
أهتز هاتفه بالجوار، فتفقده وفوجيء برسالة حسناء عبر “الواتس آب”..تبثه شوقها وندمها.. التهم حروفها بشوق خائن، ثم ترك هاتفه بعيدًا..وراح يسترجع ذكرياته معها وكم أحبها ولا يزال.. ولكن الغضب والصدمة والحزن يكبلانه! ولا يعرف كيف الخلاص من تلك القيود! أما كريم فاشتاقه بشدة وقاوم مرارا التواصل معه.. ولكن يبدو انه لن يقاوم تلك المرة، سيطمئن على الصغير مهما كانت المسافات التي اصبحت بينهما..!
…………………..
كريم بسعادة طاغية: ماما.. يا ماما..!
أتت إليه سريعا: في ايه ياكريم!
_ عمو غسان اتصل بيا دلوقت وكلمني.. مبسوط اوي يا ماما قالي هيكلمني دايما كل اما يفضي لأنه عنده شغل كتير!
حسناء بلهفة: سألك عني ياكريم؟
_ لأ يا ماما.. بس انا قلتله هنادي ماما تكلمك، لقيت الصوت أختفى. اكيد هيتصل تاني يكلمك!
هزت رأسها بخيبة أمل: أه.. أكيد يا حبيبي!
ثم نفصت ضيقها وقالت له بحنان: المهم دلوقت انك مبسوط انه كلمك.. عشان تعرف ان عمو غسان مش بعيد زي بابا شاهين.. واوعدك يا كريم مافيش حاجة هتفرقنا تاني لما ربنا يريد وعمو يرجع..مش هسمح لحاجة تسرق سعادتنا ابدا..!
واحتضنته وقلبها يرقص فرحا رغم كل شيء.. غسان لم يتجاهل طلبها منه بالتواصل مع كريم.. لم يكرهها لهذا الحد.. مازال هناك أمل في عودتهما مرة أخرى.. عليها فقط الصبر كما نصحها العم حسن إلي أن يهدأ غسان!
__________________________
تلك من شاركتها زوجها اعوام في الخفاء.. من حققت له ما عجزت هي عنه بإرادة الله وليس بذنبها..! وطفله؟! الآن أدركت لما كانت تتذكر شاهين حين تراه وتتعجب لما كان يخطر في بالها حين ترى كريم! كيف لم تشك وهو يحمل نفس عيناه، واستقامة أنفه
وربما اخذ طباعه حين يكبر.. يا حسرتاه!! هل سيكون بنفس السوء؟! معقول ذاك الصغير الذي أحبته حقًا..! ليتها ما اقتربت منه لهذا الحد.. ليتها ما تعرفت عليهم.. ليتها ما وافقت على المكوث بمنزل مروان.. حينها لم تكن لتصادفهم..! لما حدث هذا التقارب؟! ماهو المغزى؟!
عقلها مشتت.. ضيقها يزداد، ويبدو انها على وشك نوبة اكتئاب أخرى.. بعد أن ظنت أنها لن تصاب به ثانيًا..هاهي تعود كمان كانت، وحيدة! فلن تذهب لمنزل مروان بوجود حسناء مرة أخرى! كفى فلتبقى بعيدة كما كانت!
__________________
كريم: هي طنت ليلى بطلت تيجي ليه يا ماما.. وحشتني اوي وكمان مش بتتصل بيا! بقالها أسبوع غايبة!
حسناء بحزن: معلش ياكريم هتلاقيها مشغولة في بيتها ياحبيبي!
كريم: خلاص نروحلها احنا ونعملها مفاجأة يا ماما..!
نظرت له بذهول! كيف لم يأتي بذهنها هذا الحل.. ومن غير كريم يستطع إذابة هذا الجليد الذي كسى سطح علاقتهما؟! هي واثقة من حب ليلى لكريم، ولن. تصمد أمامه.. فلتستغل هذا الأمر جيدا.. والآن وفورًا..ستذهب إليها..!
التفت له هاتفة بحماس: يلا ياكيموا اجهز. هنروح لطنت ليلى دلوقت!
هتف بتعجب: معقولة يا ماما، ده احنا بالليل اوي، طب لو خرجنا هنرجع امتى؟
اجابته وهو تخرج ملابسها: هنبات مع طنت ياكيمو!
هلل مصفقا: بجد يا ماما.. طب انا هلبس بسرعة!
ناداته: استني ياكيمو هتاخد حمامك الأول وبعدين نستعد سوا..!
________________________
فراغ شديد يؤرقها.. عادت حياتها فارغة كما كانت.. نفس الروتين اليومي، نفس الملل..تذكرت مروان الذي هاتفها كثيرا هو وملك وتحججت لهما انها لديها بعض الأمور تود إنهائها وفيما بعد ستأتي.. معتمدة على عودة حسناء لزوجها قريبا.. فتعود هي للذهاب إليهم..
وبينما تتقلب بأرق على فراشها، سمعت رنين الباب، فنهضت متعجبة، الوقت متأخر، ولم يزورها أحد بهذا الوقت.. لا يزورها أحدا بالأساس!
نظرت من العين السحرية التي تتوسط باب منزلها، فوجدت كريم يطل عليها، فرحت ثم انتابتها الدهشة! كيف اتي ولماذا.. صدح رنين الباب مرة اخرى، فاستعدت وفتحت الباب بهدوء، ولكن ما أن طالعها كريم، حتى قفز يعانقها، فلم تتمالك أمام حرارة عناقه تلك إلا أن تبادله أياها بقوة، هاتفة: وحشتني ياكيمو!
وظلت هكذا، وحسناء تقف بعيدا وداخلها منتشي انتصارا، فالبداية تبشر بالخير.. أحسنت صنعًا حين أتت بكريم، هتفت وهي ترمق وجه ليلى باستعطاف: طيب وأم كريم.. مافيش ترحيب بيها هي كمان؟
رمقتها طويلا وداخلها منقسم.. شطرٍ منها يحن لتلك الصديقة التي قد احتلت داخلها بوقت قصير مساحة ليست هينة.. أما الشطر الأخر، فيشعر بالغضب والضيق فتلك التي أمامها هي من شاركتها زوجها يومًا..كيف يتحدا سويًا؟
_ اتفضلي يا ماما ادخلي!
يبدوا أن الصغير أراد اخذ المبادرة، فدعى أمه بتلقائية، فنقلت حسناء عيناها بينه وبين ليلى التي تنحت جانبًا داعية لها بالدخول دون حديث!
فتقدمت حسناء وعبرت للداخل، ولم تغضب لترددها بل توقعته وستتحمل باقي ردود الأفعال التي تتوقعها..!
………………… ..
بعد قليل!
ليلى: دقايق هحضر عشا بسرعة واجي!
تابعتها حسناء: وانا وكيمو هنساعدك!
صمتت ليلى، وبالفعل وقفا ثلاثتهم يُعدون وجبة طعام خفيفة.. ولم يخلو الأمر من مزاح كريم ومداعبته لأثناهما معًا..فراح يطعمهما قطع الطماطم عنوة، وهو يضحك، فضحكت ليلى رغما عنها وهي تشاهد فم وجنتي حسناء المنفوخة بالطماطم، وفعل معها كريم الأمر ذاته، وتبادلو ثلاثتهم الضحك ودون أن تشعر ليلى نسيت ضيقها واندمجت بالمزاح فلأول مرة منذ أسبوع كامل تضحك وتأكل هكذا..!
…………………..
مضى بعض الوقت، وغفى كريم وليلى تحمله على قدميها، فنظرت له حسناء هاتفة: كيمو نام.. معلش جينا من غير معاد ومن نفسنا قررنا نبات معاكي.. أكيد بتقولي علينا ضيوف باردين صح؟!
أجابتها: لا ماتقوليش كده، ده بردو كان في يوم من الايام بيت أبو كريم.. مش كده؟
تبادلوا النظرات الصامتة لبرهة، وتمتم حسناء:
أنا مقدرة صدمتك يا ليلي، وفهماكي.. بس لازم تفهمي أن أنا مش واحده اتعمدت تدخل حياتكم وهي عارفة. بوجودك.. أنا لو اعرف إنه متجوز ماكنتش اصلا وافقت عليه، ولما عرفت كنت واخده ضعيفة ماليش حد ياخدلي حقي ويوقف في وش شاهين.. يعني باختصار انا ما أذتكيش يا ليلى..!
ثم اقتربت منها ومنحتها نظرة أكثر عاطفة:
ليلى انا وانتي نشأ بينا صداقة حقيقية حرام نضيعها عشان حاجة انتهت وماتت.. أنا مش عايزة اخسر اخت زيك! أرجوكي تجاوزي اللي فات وخلينا نفتح صفحة جديدة بينا.. انا حسناء وبس.. وانتى ليلى اللي حبيتها زي اختي!
ومدت يدها: موافقة نبتدي صفحة جديدة سوا..!
حسناء محقة.. لما تضحي بعلاقة صادقة نشأت بينهما؟ لما تضحي بكريم الذي أصبح گ ابن لها.. لما تدع الماضي يحطم حاضرها ومستقبلها.. فلتعانق يدها وتعلن معها بداية جديدة..!
……………… ..
في الصباح!
ليلى: مش هتمشي انتي وكيمو، خلينا نتغدى سوا وبعدين هوصلكم انا..!
ابتسمت حسناء وهزت رأسها بالموافقة وقالت:
موافقة يا لولو!
_ لولو؟؟؟ ده انا كده هكرمك اخر كرم يا شابة وهعملك بسبوسة بالقشطة!
ضحكت حسناء بشكل مبالغ به. فتسائلت ليلى:
ايه يا بنتي هي كلمة بسبوسة بتزغزك ولا ايه؟
قالت وهي تحاول السيطرة علي ضحكها:
لأ ..اصلك مش عارفة الموضوع، بابا حسن دايما يقولي يابسبوسة بالقشطة، ودمه خفيف اوي يا ليلي وبحبه جداااا ومبهورة بشخصيته وحكمته ومرحه وحبه للحياه، وبتمني اما غسان يبقي في عمره يكون بنفس روحه الحلوة دي!
_ بابا حسن! اممممم ..طب تعالي احكيلي عنه واحنا بنطبخ الغدا!
وراحا يسترسلا بالحديث متبادلين ضحكات بنكهة جديدة بعد ان زالت الحواجز ولم يعد بينهما شيء خافي.. وكلًا منها تطبع بصمتها الخاصة بروح الأخري.. تمامًا گ نثر توابل الطعام الذي يصنعونه الآن.. لكلٍ منهما مذاق مختلف.. ومحبب ..حسناء أضحت لليلى شقيقة ولدت من رحم تجربة قديمة جمعتها بترتيب قدري..! وما اقوى العلاقات التي تولد من رحم تجربة أليمة.. تؤذي ولكن تُثقل صاحبها بالخبرة والأمل في القادم .. بعد ماضي تلطخ بالآثام.. وحاضر تضرعت فيه القلوب مستغفرة مستبشرة بعد عناء صبرٍ طويل..!
————————–
بعد بضعة أيام!
سمر: يا ملك ياحبيبتي، دي فاتحة مش دخلة، قمصان نوم ايه اللي عايزاني اجيبها دلوقت، بعدين!
ملك بامتعاض: بلاش كلام كتير هتجيبي القميصين دول يعني هتجيبيهم، دول يجننوا وفرصة واصلا هتحتاجيهم!
حسناء: ملك عندها حق ياسمر، اشتريهم انتي مش هتخسري حاجة، واصلا جوازك مش بعيد، عريسك مرتاح ماديًا ومش محتاج وقت طويل عشان يجهز، يعني يدوب اصلا تشتري الحاجات دي”..ولا أيه يا ليلى؟
اجابت: فعلا كلامك مظبوط جدا..!
سمر: خلاص والله ما هزعلكم، هشتريهم وامري لله!
ملك وهي تشير على شيء: وانا بقي هشتري القميص ده هيعجب ميروا جدا..!
سمر بمزاح: أيوة ياعم يابتاع الحركات والشقاوة، فين أيام التكشيرة والصوت المرعب!
ضحكا حسناء وليلى، وهتفت الأخيرة: دلوقتي الصوت الناعم والدلع كله.. ربنا يهنيكم!
الكل دعى “أمين”.. وشردت حسناء بزوحها غسان، وهي تتصور سعادته ودلاله لها عندما ترتدي شيء يعجبه.. كم تشتاقه وتريد رؤيته.. ولكن تنتظر أن تهدأ عاصفة غضبه كما نصحها العم حسن! ولكن لما لا تشتري بعض القطع التي ستنال اعجابه وتسرق لبه حين يعودا.. انتعشت داخلها الفرحة لمجرد التخيل بعودتها، فراحت تنتقي أشياء كثيرة حتى تكون له گ العروس حين تأتي اللحظة المناسبة!
………………
وبعد وقت طويل أنتهى التسوق بعد أن ابتاعت كلًا منهما أشياء خاصة بها، ماعدا ليلى لن تشتري شيء مثلهم، فلمن ستبتاع تلك الأمور!؟
————————–
بإحدى المولات المعروفة!
الكاشير: حضرتك الفيزا مش شغالة!
ليلي متعجبة: ازاي مش شغالة. طب معلش اجرب مرة. تانية، وعادت إدخال كلمة السر.. وللأسف الفيزا لا تستجيب، فتمتمت: أول مرة تحصل
( ممكن ترجعي للبنك تحدثي بياناتك، حصلت معايا قبل كده)
نطرت خلفها لترى محدثها المبتسم ببساطة بعد أن تفوه بجملته السابقة، فهزت رأسها هاتفة باقتضاب:
يجوز، شكرا ليك.. ثم تحدثت إلى “الكاشير”:
انا الحقيقة مش معايا فلوس كاش كنت معتمدة على الفيزا.. خلاص مضطرة ارجع المشتريات بتاعتي و… …
_ مافيش داعي يامدام.. أنا هدفع بدالك!
نظرت ليلى لنفس الشخص الذي يقف خلفها منتظرًا دوره بسداد قيمة مشترياته، وقالت باستنكار: نعم؟!!!
وتدفعلي بأي صفة حضرتك؟
الشخص: بدون اي صفة، مافيهاش حاجة، ده موقف طاريء وانا اللي بعرض مساعدة ومش……… ..
قاطعته بغضب واضح: وانا ماطلبتش مساعدة جدا
وعادت تلتفت للكاشير ثانيًا بحرج: أسفة جدا..على العطلة دي، ومرة تانية هاجي اجيب لوازمي واتأكد من الفيزا..!
وأثناء اعتذارها للكاشير، أشار له الشخص خلفها أشارة خفية ادرك مغزاها الموطف فقال على الفور للسيدة: على فكرة، حضرتك تقدري تاخد مشترياتك ومعاها الفاتورة، وبكره زي دلوقت عدي عليا حاسبيني عادي، وانا هسددهم معنديش مشكلة!
ليلى مندهشة: معقولة يعني ممكن فعلا اجي بكرة ادفعهم ليك عادي!
_ طبعا ..حصرتك زبونة دايمة ومحترمة، واحنا تحت امرك..!
شكرته بشدة وأخذت حقائبها البلاستيكية، وقبل أن تغادر تمتم لها الشخص بسخرية: اشمعنى وافقتي هو يدفعلك وانا لأ؟!!!
فقالت مدافعة دون تفكير: عشان…… ..
وبترت جملتها بعد أن ادركت انها ليست مطالبة بتفسير له فهتفت بحنق: وانت مالك انت ..حاجة باردة بصراحة!
وترجلت بغرور، فهمس الشخص خلفها بتهكم وهو يتابع مشيتها:
فاضلك برنيطة بريشة ديك رومي.. وتبقي نسخة من “بكيزة هانم الضرملي”..!
_________________________
داخل بناية مروان!
واقفة ليلى تنتظر هبوط ” المصعد” فجاء أحدهم جوارها، لم تلتفت وخمنت أنه أحد سكان البناية!
هبط المصعد واتفرح بابه، وعبرت للداخل هي ونس الشخص، وخانت التفاته تلقائية له فوجدته هو ذاته من قابلته في المول.. فقالت بدهشة: أنتَ!؟
رمقها بنظرة جانبية بعد أن تبين قبلها أنها نفس السيدة المغرورة: أيوة.. شوفتي تدابير القدر!
طالعته بشك: معقول صدفة تيجي نفس العمارة؟!
قال بتهكم واضح: لأ ..أكيد راقبتك ومشيت وراكي، مش ده اللي ناقص تقوليه يا مدام؟!!!
وصل المصعد للدور المطلوب، فعبرت خارجة وكذلك الرجل، كما وقف أمام نفس الشقة التي تخص مروان.. فاكتفت لهذا الحد واستدارت له بغضب ونفاذ صبر:
_ لا كده كتير وعيب اوي.. ومايصحش كده، احترم سنك على الأقل
فاض به الكيل وهم بتوبيخها تلك المرة، فقاطعه انفراج الباب وظهور كريم هاتفًا بفرح:
جدو حسن! طنت ليلى!
نظرا لبعضهما بذهول وردد ملًا منهما اسم الأخر بآنٍ واحد، ووجهيهما يوحي بالبلاهة:
_ جدو حسن؟!!!
_ طنت ليلى؟!!!
__________________________