رواية الجرم الأكبر

الحلقة السادسة عشر!
_____________تنحنحت ليلى وهي جالسة أمام العم حسن هاتفة بحرج: أنا أسفة اني اتسرعت وافتكرتك ماشي ورايا أصل بصراحة……..

أكمل مقاطعًا لها: أصل بصراحة صعب واحد في سني يعاكس ويمشي ورى واحدة بالطريقة دي.. كبرنا خلاص على الحاجات دي يامدام ليلى!
هتفت مدافعة: بس انا معذورة يا استاذ حسن، اشوفك في المول ويحصل الموقف السخيف بتاع الفيزا بتاعتي. وبعدين الاقيك في نفس العمارة وواقف معايا قصاد نفس الشقة كمان؟! ماهي غريبة بردو!ابتسم بمشاكسة مرحة: غريبة بس لذيذة!
هتفت ببوادر شر: نعم؟؟؟?
قال بمراوغة: اقصد يعني اننا نطلع جايين لنفس الاشخاص حاجة حلوة ومضحكة كمان .. وإلا حضرتك كان زمانك قتلتيني.. أنا خوفت من شكلك وانتي بتهدديني!

_ خوفت من شكلي؟ ليه إن شاء الله وانا وحشة كده ياحسن بيه؟!!!
تدارك نفسه سريعًا وقال دون تفكير: لا والله ده انتي زي القمر!
_ وبعدين بقى أهو رجعنا للكلام اللي يعصب!

هتف بنفاذ صبر: طب اقول ايه طيب عشان ماتتعصبيش، انا بكلمك بتلقائية ومش قصدي حاجة.. ثم نهض قائلًا بجدية: أنا افضل حل امشي وابقى اجي لمرات ابني مرة تاني، وانتي خدي راحتك، عن أذنك يامدام!
نهضت ملتقطة حقيبتها: استنى لو سمحت.. على فكرة ده مش بيتي عشان تسيبهولي وتمشي، انا زيك ضيفة، وانا اللي همشي واجي وقت تاني!
وقبل أن يحاول تلطيف الأجواء، غادرت بالفعل دون تروي، فجلس على الأريكة خلفه، متعجبًا لسرعة غضبها متمتمًا بضميره: ايه الوليه المجنونة دي اللي اتبليت بيها من أول اليوم!
_________________________

_ ازيك دلوقت ياحسناء؟

_ الحمد لله يا بابا حسن بخير بفضل ربنا ودعمك ليا.. أنا مش هنسى وقفتك معايا ابدا رغم اللي عملته، انت بجد اثبتلي إنك والدي اللي اتمنيته يا بابا حسن!

تمتم بابتسامة: أنا وعدتك اني هكون زي والدك..وانا يكفيني ندمك واعتذارك ..وواثق إنك هتقدري تصلحي اللي انكسر بينك انتي وغسان، المهم اتغذي كويس كده عايز وشك يرجع بدر زي ما كان!
ثم واصل بمشاكته المعتادة: يابسبوسة بالقشطة!

ضحكت من قلبها، وحمدت الله على وجود شخص بحياتها گ العم حسن!.. أتى كريم بتلك اللحظة هاتفًا: مش هتلعب معايا ياجدو!
أجلسه على ركبتيه مجيبًا: أكيد ياحبيبي هنلعب سوا..!
كريم وهو يستعرض بعض الألعاب: كان نفسي طنت ليلى تلعب معانا.. دي جابتلي ألعاب حلوة أوي، وكوتش العب بيه كورة!

تذكرها وهو بتفحص الألعاب التي ابتاعتها، وهتف لحسناء : هي مين ليلى دي يا حسناء؟؟؟؟

هتفت بحماس مفاجيء:
مش هتصدق يا بابا حسن ليلى تبقى مين! وحصل بنا أيه!!!
ثم نظرت لكريم آمرة: كيمو العب برة شوية علي ما اقول لجدو كلمة سر! غادر بالفعل، فاقتربت حسناء ومعالم وجهها توشي بأنها ستتفوة بسر حربي خطير وقالت بصوت خافت حريص: أنا هحكيلك يا بابا كل حاجة بس ماتقولش لحد دلوقت!

العم حسن: ماشي مش هقول، بس انتي موطية. صوتك أوي كده ليه؟! هو في حد معانا في الأوضة؟

تنبهت بالفعل انه لا داعي لحرصها المبالغ فيه وهي توزع النظرات حولها متمتمة: تصدق عندك حق، انا بتكلم كده ليه واحنا لوحدنا؟!

هز رأسه يمينا ويسار وهو يصفق كفيه بنفاذ صبر:

الله يكون في عونك ياغسان يا ابني!
______________________

تعجب العم حسن حين علم أنها أرملة المدعو شاهين وكانت زوجته الأولى.. واستعادت ذاكرته حديث ابنه غسان عنها، وكيف ظلمها زوجها اعوام، وهو يستغل مالها، ويستغفلها ويخدعها بزواجه من اخرى دون علمها..وهذا غير وجرمه الأكبر بانتحال شخصية زائفة له..! مسكينة تلك السيدة، اوقعها حظها العاثر، بشخص مثله.. ويراها مازالت صغيرة، ربما تخطت الأربعين بقليل، ولديها شطر ليس هين من الجمال، وشطر اكبر من الحزن.. أصبح مدركًا أسبابه الآن!
______________________
بعد بضعة أيام!

بطلة وهمية وملائكية.. اقبلت عليهم سمر ترفرف گ العصفورة الرشيقة بفستانها الواسع بلونه ” زهري اللون” وحجابها بنفس لونه الهاديء.. فخطفت لُب فارس بطلتها المبهرة له، كما نالت اعجاب ورضا شقيقته مريم وايضًا والدته السيدة صفاء التي اصبحت تُكن لها احترامًا منذ حديثهما الأخير، واعلنت مباركتها لتلك الزيجة أمام فارس، الذي ازداد فخرًا وحبًا لسمر حين قصت عليه والدته ما قالته لها حين. تقابلا.. وبين اجواء فَرِحة وسعيدة ومازحة تم احتفالهم البسيط، الذي حضره الجميع.. حسناء وليلى و ملك وزوجها مروان الذي أصر علي وجود العم حسن كبير المقام والعمر .. ليبارك الزيجة ويستقبل معه عائلة فارس، حتي يعزز أكثر من قدر سمر التي طلبت أن يكون حفل خطبتها بمنزلها القديم وليس بمنزل مروان..حتى يرى فارس ووالدته وشقيقته أين نشأت!
واتفقا فارس ومروان على كل الأمور ..وتم تحديد الزفاف بعد أشهر قليلة. لاستعجال فارس الذي لا يرى للتأخير ضرورة، حيث اقترب من إنهاء تجهيز فيلته الصغيرة بجوار والدته!
…………
العم حسن: مادام اتفقنا يبقى نقرأ الفاتحة على بركة الله! رفع الجميع يده وتلو بصوتٍ خافت سورة الفاتحة.. ثم قدموا جميعًا مباركتهم للعروسين!

أما فارس فمال على أذن سمر هامسًا بخفوت:
_ مبروك ياحبيبتي.. يا أجمل بنت في الدنيا أنا فوزت بيها ربنا يقدرني واسعدك!
سمر بخجل: الله يبارك فيك يافارس.. وانا كمان فوزت براجل بجد ومتأكدة إنك هتكون سندي بعد ربنا، واوعدك اكون الزوجة اللي اتمنيتها..!

نهض فارس وقال بمزاح:
طب ياجماعة، هسيبكم تتسلوا بالجاتوه والبيبسي، واروح أنا وخطيبتي نقف في البلكونة شوية!

مروان بمشاكسة: ماشي ياعريس، بس هتبقى قدام عنينا وشايفينك فاهم؟!

( شوفوا براحتكم.. المهم محدش يسمعني! )

هتف فارس بعبارته غامزًا لمروان وهو يبتعد مصطحبًا سمر!..فقهقه الأخير، تاركا لهما مجال الأبتعاد، والتمتع ببعض الخصوصية!

بعيد بزاوية ما بالشرفة، وقف يطالعها بنظرات أشعلتها خجلا، فضحك بخفوت: هو أنا لسه قولت كلمة واحدة عشان تحمري كده!
هتفت بصوت رقيق خافت: بطل خبث يافارس!
ضحك مرة أخرى: الله يسامحك، ده انا غلبان ياسمورة.. رفعت حاجبيها تطالعه مكذبة ادعائه بالبراءة.. فالتقط نظرتها سريعا وهو يحدق بعيناها:
بحبك ياسمر!

تبعثرت أمامه وداخلها ينهار فعليا من مصارحته وكلمته تدغدع قلبها.. وتلك المشاعر التي يغدق بها عليها كلما حادثها أو رآها.. وكم تطوق هي الأخرى لتعبر له عما تشعر.. لكن يكبلها الخجل والمكان والظروف التي لم تسمح بعد بذاك التطور منها للإفصاح عن مكنونها.. فاكتفت بابتسامة ورأسها ينحني وخديها يتوردان خجلا.. بينما يطالع هو تعابير وجهها الصافي وكأنها ملكة.. لهيبة جمالها وبراءتها سحرًا يأسره دون سيطرة.. أسرٍ أصبح منتهى الحرية بالنسبة له.. فمتى أضحى العاشق في محراب حبيبته مجرد أسير؟!

وبالداخل على مسافة ما، راحت ليلى توزع أنظارها على الجميع والبهجة تملأ وجوههم..ممتنة لخالفها بمعرفة أشخاص مثلهم، ملئوا حياتها التي كانت گ صحراء، تبدلت لبستان يكسوه خضار قلوبهم الطيبة.. وهاهي أصبحت تمتلك عائلة جميلة لا تربطها بهم صلة دم أو قرابة فعلية.. لكن أضحوا منها بنفس القرب الأسري الحميمي الذي جعلها الآن تريد مكافأة الجميع، بصنع عصيرها المميز والذي تتقنه” الليمون بالنعناع”..
فنهضت متوجهة للمطبخ القريب واندمجت في إعداده بمفردها..! بينما العم حسن بدأ يشعر بغيامة على عينه وكأن محيطه يدور من حوله گ الكرة الأرضية، فربما تناوله قطعة كبيرة من الحلوى منذ قليل أصاب مستوى السكر لديه بالارتفاع، حاول التماسك بقدر استطاعته حتى لا يفسد أجواء الأحتفال، ونهض ذاهبًا للمطبخ باحثًا عن شيء يحسن حالته! فعبر للداخل حيث تقف ليلى التي بوغتت بظهوره، فتمتمت بقلق لمظهره: استاذ حسن؟! خير في حاجة؟

غمغم بعبارة ما خافتة وضعيفة لم يدركها سمعها، فاقتربت قليلا تتبين مقصده، فباغتها بانهيار جسده وسقوطه بين ذراعيها دون سيطره وفقده للوعي! فصرخت مستنجدة:
ألحقوني…. مروان ألحقني بسرعة!

هرول الجميع فور سماع صراخها، وكان اقربهم مروان الذي أزاحه عنها، بعد أن حاوات ببنيتها الضعيفة إسناده حتى لا يقع أرضًا..!

_______________________

مروان: ألف سلامة عليك ياعمي.. قلقتنا عليك جدا..!
العم حسن : الله يسلمك، وانا أسف يامروان ختمت الاحتفال معاكم بشكل مش كويس وضايقتكم، ماقلتلك بلاش اجي يابني!

_ ايه اللي بتقوله حضرتك ده، وجودك كان أكتر حاجة اسعدت سمر وحسيت انها مش لوحدها وعريسها واهلوا حبوك جدا.. وبعدين بتعتذر عن ايه ده نصيب والمهم إنك بخير دلوقت”

_ الحمد لله ..بس بلاش تعرف غسان عشان هيقلق ع الفاضي..!
_ حاضر ياعمي، ولو إني قلت فرصة يجي من اسكندرية، ويشوفك، ويحتك بحسناء يمكن قلبه يلين اما يشوفها هي وكريم..!
_ ماتقلقش بأذن الله كله هيرجع لأصله ويتصافوا.. بس خليه يهدي من ناحيتها الاول، لأن غلطها بردو مش هين ..وهي هتعرف ازاي تصلح اللي انكسر.. لازم من دلوقت يتعلموا يحلوا مشاكلهم بنفسهم!

_ أيوة بس تدخل حضرتك، ممكن يختصر فترة الفراق بينهم!
_ أيوة بس مش هيعالح الجروح يامروان.. في ندوب لازم تاخد وقتها وتداوي الأول.. عشان اما يرجعوا تاني مايكونش في تراكمات بينهم ويحصل انفجار تاني مع اضعف ازمة! وماتقلقش وقت اللزوم هتدخل! أكيد مش هسيبهم كده!

أومأ موافقًا: عندك حق.. ربنا يصلح حالهم، عموما الكل بيبلغك سلامه! وواصل: وخصوصًا ليلى اللي أخدت نصيب الأسد من الخضة، والدكتور عطاها مهديء هي كمان!
العم حسن: ليه؟ هو مين فينا اللي جاله غيبوبة؟!

مروان: أعذرها ياعمي.. دي فجأة لقيناها بتصرخ وتقول الحقوني، وجرينا لقيناها ساندة حضرتك بالعافية، وكانت خلاص هتقع معاك هي كمان..!

العم حسن بامتعاص من نفسه: أخص الله يخيبني?.. ياترى بكيزة هانم الضرملي هتقول عليا أيه دلوقت بعد ما شافتني كده!

انفجر مروان ضحكا: بكيزة أيه؟؟؟ بجد ياعمي انت مشكلة، ليه مسميها كده؟

_ أصل أول مرة شوفتها كانت متعصبة عليا وبتعاملني من طراطيف مناخيرها كده، ويشاء القدر ألاقيها ماشية قدامي بنفس عنتظة بكيزة هانم.. فقلت فاضلها برنيطة بريشة ديك رومي وتقلب بكيزة! ”

لم يعد مروان مسيطرًا على قهقهته متخيلا مايقوله، فهتف وهو يسعل : والله حرام عليك دي طيبة. جدا وغلبانة.. هو حضرتك ماتعرفش هي مين؟

اجابه: عرفت من الرويتر حسناء إنها تبقى كانت مرات عمك اللي مات!
تمتم بضيق: قصدك اللي افتكرناه عمي.!

العم حسن بجدية، متغاضيا عن ما قاله مروان، حتى لا ينبش شيء ما عادت له قيمة:
المهم دلوقت عايزك تجيبها الجيم ضروري!

قال متعجبًا: الجيم؟!!! ليه يعني؟

العم حسن: عشان بكيزة تشوفني وانا بشيل حديد في الجيم.. ما انا لازم ابدل صورتي الهباب وانا واقع في المطبخ .. عايزها ماتفتكرنيش غير وهي بتقارن بيني وبين القدير “ارنولد شوارزينجر”..!
_______________________

شاردة أمام النافذة بمعالم وجه حالمة، فأحاطها مروان ملصفًا ظهرها بصدره: مزتي سرحانة في أيه؟

أستدارت له ومازالت تتوسط ذراعيه:
في يوم خطوبتنا، قصدي يوم ما قراءت الفاتحة مع اخواتي. فاكر؟

ازاح خصلات شعرها خلف أذنيها: أكيد فاكر.. أما فضلتي تفشري عليهم وتقولي ده انا ماكنتش خايفة وهزأته.. ثم بإصبعه نكز خدها برفق: مش كده يا مؤدبة!
أمسكت تلابيب قميصه هاتفة بشقاوة: تنكر إنك حبيتني عشان شجاعتي اما ماخوفتش منك وانت خاطفني؟
التقط أحد كفيها ولثمه: لأ مش هنكر.. حبيت شجاعتك اوي، وحسيتك مختلفة.. واما قربت منك حبيتك أكتر.. لأن زي ما شوفت تنمرك، دوقت حلاوة رقتك وطيبتك وحنانك.. أنتي مزيج كنت محتاحة وبدور عليه.. وواصل: بس فيكي عيب واحد بس ياملك.. مش عارفة اتعامل معاه ازاي!

كست عيناها نظرة قلقة متوجسة وهي تتسائل بترقب: عيب أيه يامروان؟ قولي وانا هحاول اصلحه والله يمكن مش واخدة بالي!
راقب توترها باستمتاع ماكر: عيبك إنك كل يوم بتحلوي في عيني عن اليوم اللي قبله!

لو يعلم ما أصابها من حنق.. لفر منها هاربًا..بعد أن طاف بعقلها كل الظنون السيئة لتلك الثواني المعدودة.. فتنمرت ملامحها بشكل مضحك وهي تجز اسنانها بغيظ: مش هتبطل توقع قلبي بمكرك ده.. والله لاوريك!

وظلت تلكم صدره وهو يضحك تاركًا لها المجال لدفعه وظنها الكاذب أنها تؤلمه.. ثم قبض على كفيها وأدار جسدها مكبلا له وهو يحاصرها بذراعه، متمتما بأذنيها بخفوت: حبيبي ياشرس أنت!

وراح يشاكسها، بينما هي تحاول وئد ضحكتها من كلماته التي ظل يهمس بها لها، وتحول حصاره للمسات حانية، وتبدلت مقاومتها لإستجابة راغبة منها له، وأنتهى بهما الحال لقضاء سهرة خاصة بنكهة حب عميق ومشاعر جياشة، خُتمت بمداعبة الصغير يامن وهما يحوطانه بحبهما وحنانهما سويًا..!

______________________
باليوم التالي!

ملك: الحمد لله عمو حسن بقى كويس دلوقت.. مروان طمني عليه!

ليلى وهي تداعب الصغير يامن: الحمد لله، ده وقع قلبي امبارح واخدت حتة خضة، اما فجأة لقيته هيقع واضطريت اسنده وانتوا كلكم شوفتوني وانا بالوضع ده..! اتكسفت جدا بصراحة!

ضحكت عندما تذكرت هيئتها: لا وحضرتك كان وشك احمر زي الفراولة.. يلا الحمد لله عدت على خير

_ الحمد لله، بس هو بردو مهمل، أكل حتة. جاتوة كبيرة، وده غلط على السكر!
ملك بخبث لم تدركه ليلى: أنتي اخدتي بالك أكل أيه امبارح؟
اجابت ببساطة: أيوة شوفته اما خلص طبقه كله وشرب عصير وبيبسي، إزاي مش مراعي مرضه ومهمل كده. وواصلت: هو عايش لوحده ياملك!

_ أيوة، مالوش غير ابنه غسان، ومراته ماتت من سنين وهو ما اتجوزش بعدها..!

_ أه عشان كده محدش رقيب عليه. بس ده بجد محتاج حد معاه بنظم حياته شوية..لأن شكله مش بيراعي سنه ابدا
_ لعلمك أحلى حاجة بتعجبني في عمو حسن، انه بيعيش حياته ببساطة وبيستمتع ويضحك ويعمل جو مبهج للي حواليه.. لكن وقت الجد بتلاقي قدامك شخصية حكيمة ذكية بتعالج الأمور بحنكة وسلاسة.. يارب مروان يكون زيه اما يكون في عمره كده!

ليلى متعجبة: حتى أنتي كمان يا ملك ..هو عاملكم سحر ولا أيه؟ تاني مرة اسمع نفس الجملة!
_ قصدك أيه؟ هو في غيري قالك كده”

_ أيوة حسناء قالت نفس كلامك عنه.. عموما ربنا يعطيه الصحة! واستطردت قائلة: أخبار سمر أيه هي وفارس؟
_ الحمد لله، معزومة انهاردة عندهم وفارس هيفرجها علي الفيلا اللي هيسكنوا فيها اما تجهز”

_ ربنا يسعدهم.. سمر تستاهل كل خير وزادت في نظري أما صممت تعمل فاتحتها في بيتها نفسه.. اعتزازها قدام فارس واهله بأصولها ده يخليهم يحترموها جدا ..!

_ وفارس كمان حسيته بيحبها اوي، ومروان شكر فيه وفي أخلاقه.. ربنا يسعدهم!
_ اللهم أمين!
_ ويعوضك انتي كمان يارب!
_ انا ربنا عوضني بيكم ياملك بجد مليتوا عليا حياتي

_ صدقيني لسه ربنا مخبيلك حاجات حلوة لأنك اتظلمتي.. وبكرة تفتكري كلامي!

منحتها ابتسامة وراحت تداعب يامن، غافلة عن نظرات ملك التي تتفحصها وفكرة ما تجول بعقلها..!
____________________

في منزل فارس على طاولة الغداء!

جالسة سمر هي وأخيها بين فارس وشقيقته ووالدته وأياد، لا تعرف لما تشعر بالتوتر والغربة، لم تتوقع أن تجد مسكنهم بتلك الفخامة، شتان بين نشأتها ونشأة فارس.. تدعوا الله أن يكون زواجهما ناجح، ولا يتسبب اختلاف طباقاتهم الاجتماعية بأي عوائق أو فجوات مستقبلية!

مريم: أيه يا سمورة انتي وتومي! هتعملوا ضيوف ولا أيه؟! فين أكلك أنتي وحاتم؟ اطباقكم زي ما هي؟
سمر: لا ازاي بناكل اهو” والتفتت لحاتم: يلا ياحاتم كل ياحبيبي!
حاتم: شكرًا أنا مش جعان يا ابلة سمر!
إياد لصديقه: هزعل منك ياحاتم لو مش أكلت طبقك كله زيي!

السيدة صفاء: طب هو الأكل مش عاجبكم؟ لو كده هخلي الطباخ يظبط حاجة بسرعة، قولي ياسمر حاتم بيحب أيه؟
سمر بتهذيب: لا والله ده ماشاء الله كل الأصناف موجودة ربنا يبارك، وهناكل ماتقلقيش!

يتابعهم فارس مدركًا غربتهم في بيت والدته. فنهض من فوق مقعده واقترب من حاتم هاتفًا: مافيش الكلام ده يا تومي.. هتاكل ومن إيدي!
حاتم بأصرار: أنا مش جعان ياعمو والله!

اقتطع فارس قطعة لحم صغيرة بشوكة فضية وقال بمرح: يلا افتح بقك بسرعة، عشان عندي ليك أنت وايدو مفاجأة حلوة أوي!
إياد بحماس طفولي: بجد ياخالو! أيه هي المفاجأة دي.. أجابه بعد أن اقحم قطعة اللحم بفم حاتم”

_هوديكم الملاهي وطنت سمر وماما معانا، وتيتة كمان لو عايزة تيجي معانا!

ضحكت السيدة صفاء: لا يا سيدي شكرا ، خليني انا برة النزهة دي، روحوا انتم وانبستطم!

مال حاتم يحدث شقيقته بخفوت ورصانة لا توعزي عمره القليل: موافقة نروح الملاهي مع عمو فارس يا أبلة؟!

ابتسمت وهي تربت على كفه: أيوة ياحبيبي موافقة!

لاحظت صفاء تهذيب حاتم وعزة نفسه رغم صغره، لم ينبهر بفخامة فيلتهم، ولم يظهر سعادة مبالغ بها او يتصرف بحماقة تبررها صغر سنه! ورغم طفولته تشعر برصانته ورجولته المبكرة! راق لها كثيرا تربية سمر لشقيقها، واطمأنت أن أحفادها سيكون لهم أمًا تتشرف هي بها.. ربما أخطأت في باديء الأمر عندما انزعجت من فقر سمر وقيمتها بشكلٍ خاطيء، فرغم الفقر هي واخيها يتصرفا بمنتهي الرقي وعزة النفس!

أما سمر فكانت شديدة الفرح لحنان فارس على أخيها واحتواء غربته بينهم.. بكل يوم يعلو بنظرها أكثر وأكثر.. بينما هي شاردة تنظر إلى فارس، غمز هو لها خفيه، فتخضب وجهها حمرة، وابعدت انظارها بعيدا عنه حتى لا يلاحظ أحدًا..!
…………………… .
مضى الوقت سريعًا ما بين رؤية سمر لفيلا صغيرة وقريبة من فيلا السيدة صفاء، وانتقت هي وفارس بعض الألون والأشياء الخاصة بالتشطيب.. ثم نزهة الملاهي التي استمتع بها الصغار وكذلك هي ومريم وفارس الذي لم يترك فرصة إلا وغازلها خفيه!
وأخيرًا أوصلها هي وشقيقها لمنزلها وودعهما أسفل البناية، على وعد باللقاء باليوم التالي لأختيار قطع الأثاث التي تناسبها..! تشعر أنها بحلم من كثرة السعادة التي تحياها.. قررت أن تقيم الليل بسجدات شكر لله على منحها رجلا گ فارس، وأن يجعل التوفيق حليفهما معًا..!

ما أن أنهت صلاتها، حتى صدح صوت هاتفها برقم فارس، فاستقبلت صوته على الطرف الأخر، فباغتها هو قائلا بمزاح:

_ الحج عبد الموجود موجود؟!

ضحكت رغمًا عنها فهتف بمرح: أيوة بقى فكها علينا يا عم الحج، احسن انتي منشفاها على الأخر ياسمورتي!
فقالت باعتراض: ليه بقى؟ منشفاها ازاي يعني؟!

فقال بمشاكسة: طبعا منشفاها، ولا صباح حنين، ولا مساء الفل يا ابو الفوارس، ولا استغفر الله وحشتني ياحبيبي! مافيش أي حاجة خالص منك!
وواصل بمزاح: صارحيني لو مش شاحنة تليفونك، ابعتلك كارت فكة فودافون أنا سخي مايهمنيش!

ضحكت لدعابته: فكة؟ لا خليك لوقت عوزة أنا فاضلة خيرك محولة رصيد 100 ج?

ابتهج لتجاوبها المازح وذوبان خجلها نوعا ما:

ياسيدي لما الغزال دماغه تروق ويحب يهزر..طيب نتكلم جد بقى شوية، أنتي ليه كنتي مش عايزة تاكلي في الغدا انتي وحاتم! في حاجة ضايقتك عندنا؟

فهتفت: لا عادي مافيش حاجة مكناش جعانين!

_ لأ.. أنا حسيت انك راهبة المكان، بس انا عايز اقولك ماتعمليش مسافة، ده هيبقي زي بيتك ياسمر ، وماما هتكون زي والدتك، ومريم بتعزك جدا.. بلاش تحطي في دماغك حواجز وهمية، وعلى فكرة، انا طلعت لقيت ثروة والدي ويدوب شغلتها بعد دراستي، يعني انا مش شاب عصامي ولا حاجة، يعني كنت ممكن اكون بنفس مستواكي، صدقيني احنا اللي بنعمل مكانتنا وقيمتنا. والفلوس مش هي اللي بتعمل قيمة الإنسان ياسمر.. عشان. كده مش عايزك تحسي إنك اقل مننا لا سمح الله.. انتي عالية وكبيرة اوي في نظري.. وكفاية تربيتك لحاتم، أنا لو ولادي منك هيكونوا كده، فأنا فخور بيهم من دلوقت!

صمتت وقلبها يقول الكثير والكثير.. كم تمتن له وكم تعشقه كل يوم أكثر، يومًا ما ستخبره كل ما بقلبها دون حواجز ودون خجل”
_______________

error: