رواية الجرم الأكبر

الفصل الخامس!
—————–

هدأ مروان قليلا وهو يواصل سرده وإخباره بما علمَ، وراح يستعيد في ذهنه ثانيًا صوت حسناء وهي تسترسل هاتفة:

_ شاهين في النهاية بشر له لحظات ضعف، هذيانه وهو نايم جمبي، خلاني أتأكد إن وراه بلاوي!
بطريقتي الخاصة معاه خليته يطمنلي ويحكيلي كل اللي جواه ويفضفض عشان يرتاح، والحقيقة اللي مقدرش انكرها، إن عمك فعلا بيحبني، وليا تأثير عليه، وانا استغليت ده عشان احمي نفسي وقت الزوم منه، وسجلت كل كلمة قالها على تليفوني، ونقلتها لفلاشة محتفظة بيها..!
وواصلت حسناء استرسالها، وهي تقص مالديها لمروان:

_الجرم الأكبر بدأ من سنين طويلة، قبل أنت ماتيجي على الدنيا..! في شباب جدك وجدتك، أما كانت حامل، وفي ليلة جالها طلق الولادة، وتعبت أوي وجدك خاف عليها ومارضيش إن داية تولدها زي المعتاد في الوقت ده، ونقلها للمشفى وفعلا كانت ولادتها متعثرة، فولدت بعملية، ونزل المولود ضعيف، والجدة حالتها الصحية اتدهوت مع جرح الولادة وفضلت في المشفى حوالي شهر، والطفل بعد أسبوع طلع من الحضانة وأخده جدك على البيت تراعيه الخدامة نعيمة لحد ما تتعافى أمه!
وعدئ الشهر ورجعت الجدة بيتها تراعي هي الولد!

وبعد 3 سنين الجدة جابت ابوك أمين الله يرحمه
كان في اختلاف كبير وعجيب بين الأخين.. شاهين كان عدواني طماع متهور أناني، لدرجة كان بيأذي ابوك لو حس بتدليل زيادة، وده كان سبب إن جدك يعامله بقسوة شوية وكانت دايما ثقته بيعطيها لوالدك أمين، لحد ما عدت السنين وكان ابوك ناوي يكتب وصيته لأنه كان مريض قلب وحس انه هيموت، وخاف يسيب. ثروته لشاهين يبددها على حياة الهلس، فكتب النصيب الأكبر لأمين، لأنه كان متأكد إن شاهين هيضيع فلوسه كلها وهيحاول يستعطفه وياخد منه بحجة انه أخوه الكبير ..

لكن ربنا أراد لحاجة تانية. تحصل!!
مرضت الخدامة جدا وجدك نقلها المشفى ووقف جمبها واتكفل بكل علاجها، ولأنها ضميرها كان معذبها قررت تعترف بحاجة ماكانش حد ممكن يكتشفها ابدا

صمتت تبتلع ريق حلقها، ثم تتفوهت:

_ شاهين… مش عمك من الأساس!

جحظت عين مروان وانفرج فمه قليلا دون أراده ومعالم الصدمة تُكسي وجهه، ربما توقع الكثير والكثير من ذاك العم.. ولكن أن يكون هو ذاته شخص مزيف ولا يمت له بقرابة؟!!! هذا مالم يمر بخياله قط!

أسترسلت حسناء حديثها دون أن تنتبه لتعبيرات مروان المصدومة، هاتفة!
_لأن عمك وهو لسه طفل رضيع مات بعد ما سابه جدك معاها بيومين بس، وهي معرفتش تتصرف، ازي تبلغ جدك بالمصيبة دي وهو حزين على تدهور صحة مراته، لحد ما فكرة خبيثة سيطرت عليها، إنها هتبدل الولد اللي مات بطفل تاني.. والطفل التاني ده ماكانش غير… ابن اختها الغير شرعي!!!!

ودي كانت صدفة عجيبة وقدرية إن اختها اللي خلفت طفل نتيجة علاقة غير شرعية، ولدت بعد جدتك بيوم واحد، وكانت بتحاول تشوف حل ينقذها من العار ده، لحد ماجت الفرصة إنها تداري فضيحة أختها، وبنفس الوقت ترحم الأم والأب من خبر موت ابنهم! ولأن الأطفال بأول ايامهم شكلهم بيكون متشابه، محدش ابدًا لاحظ الفرق!

وتعافت الأم ورجعت بيتها تاني عشان تفرح بابنها اللي مالحقتش من مرضها تتملى حتى من ملامحه!

أما الأم الأصلية لشاهين، واللي وافقت مجبرة على فكرة اختها عشان تداري فضيحتها، مقدرتش تتحمل بعد ابنها عنها، تعبت فترة طويلة، لحد ما اتوفت وشاهين عمره سنتين.. ومبقاش حد عارف سر شاهين غير خالته نعيمة.. الخدامة!!!

صممت تتجرع شربة ماء اخرى لجفاف حلقها مما سردته، ثم اكملت:

وده فسر قصاد جدك ليه كان دايما حاسس إن شاهين مش حتة منه، واخلاقه مختلفة وشكله مالوش أي علاقه به او بزوجته او اي قريب في العيلة!!

حزن على موت ابنه الرضيع اللي حتى مادفنوش بإيده واترحم عليه.. وحزن إنه عاش في كدبة كبيرة وخدعة شيطانة زي نعيمة، حتى لو اعترفت وهي على شفا الموت، بس ده مايشفعش ليها ابدًا ..!

وطبعا حصل صدام بين جدك وشاهين لما رجع البيت ولاقاه راجع بيطوح من اللي بيشربه، ساعتها اتحكمت فيه مشاعر الكره لإن واحد زيه اتنعم في خيره مكان ابنه اللي مات، وضربه قلم عشان يفوقه من تأثير المشروبات المحرمة، ولأن شاهين كان تقريبًا فاقد الوعي من السُكر رد الضربة لأبوه بقلم خلاه يفقد توازنه ويقع على الأرض، جدك وقتها صعب عليه نفسه وهو مريض قلب ما اتحملش الموقف، وجاتله الأزمة واستغاث بشاهين يجيبله دواه، بس التاني رفض!

قام جدك صارحه بحقيقته إنه ابن زنا من اخت خدامة! وده خلى شاهين يفقد عقله أكتر ويثور ويتهمه بالجنون وصمم أكتر يمنع عنه العلاج وهو بيصرخ ويكذبه، لحد ما فعلا جدك مات!!وكله افتكر موته طبيعي نتيجة أزمة قلبية!

ومرت الأيام وبقي شاهين يستغل والدك أكتر وياخد منه شقاه بإستمرار، ولأن والدك طيب، كان بيستجيب

لحد اما اتجوز ابوك والدتك، وجيت انت للدنيا، وطبعًا كان طبيعي تفكير والدك يتغير بعد وجودك أنت ووالدتك في حياته، مبقاش يرضخ لطلبات شاهين بسهولة، وبقى يهدده إنه مش هيعطيه حاجة تاني، وإنه اخد حقه وزيادة من يوم وفاة ابوهم، واللي فاضل من حق ابنه ومراته ومستقبلهم!!

الغل في قلب شاهين زاد، وحقد على والدك أكتر، فدبر حادث موته مع الراجل اللي أنا سمعته بيساوموا في التليفون!!

صممت بعد أن القت حمل تقيل كان جاثم على صدرها، ولا تعرف ما سيترتب على كشف تلك الحقائق، ولكن مهما يحدث، هي فعلت الصواب، شخص گ زوجها، يجب أن يوضع لشره حدًا..!
**************************
ضوضاء تتسرب لعقلها رويدًا رويدا وجسدها متيبس وتشعر بوجع كبير بأماكن متفرقة، فتحت عيناها ببطء فوجدت نفسها بمكان غريب! أين هي؟!

حاولت سمر التركيز حولها، وهي تتبين طبيعة المكان، هي ترقد بفراش ابيض وغرفة كبيرة، ينغرز بكفها محقن مثبت بلاصق طبي، يُصب من خلاله في وريدها محلول شفاف! هي إذا داخل مشفى، ولكن ماذا حدث.. وفجأة تدفق لعقلها يوم خروحها عازمة على الذهاب للمدعوا شاهين كي تهدده بما تعرف!
فصدمتها سيارة مسرعة وهي تعبر الطريق العمومي ولا تتذكر شيء بعدها..!

يجب أن تتصل بملك فلابد أنها تموت قلقًا عليها، خاصتًا بعد أن وجدت رسالتها مؤكد ستظن الكثير من السوء حدث لها..! وما أن دخلت إليها إحدى الممرضات حتى طلبت منها الأتصال بجارتها لتأتيها.!

*********************
_أنت بتتكلم جد يا مروان؟! يعني الحمد لله سمر طلعت مش مخطوفة، وكانت في المشفى بسبب حادث تصادم؟

_ أيوة ياغسان أنا كنت خايف تكون راحت الزفت شاهين، بس ربنا ستر!! أنا روحت المشفى مع ملك أول ما كلمتني، وحطيت مبلغ تحت الحساب
لأنها للأسف هتفضل هناك شوية لأن في كسور في جسمها، بس الحمد لله الدكتور قال مش خطيرة وهتخف مع العلاج!
_ ربنا يشفيها، بنت مسكينة وحظها سيء وحملها تقيل، أنا عايز اقولك على حاجة حابب اعملها..!

_ عارف هتقول أيه، بس مالوش لازمة لأني قررت قبلك!! بأذن الله هتكفل بعلاجها وبعملية حاتم، وإن شاء الله الأجر يكون على روح أمي وأبويا..!
_ طب خليني اشاركك في الثواب ده ماتبقاش طماع
_ خلاص ياغسان، أنتهينا من الموضوع ده مافيهوش نقاش، خلينا بقى في الأهم.. وفي الست حسناء!!

غسان بأعجاب: أسمها حلو أوي على فكرة!! وعاجبني تصرفها وشخصيتها وشجاعتها وذكائها و………

مروان بتهكم: جرى أيه يامرهف، أنت هتتغزل فيها وأنا واقف دي لسه متجوزة ولا نسيت!؟!

_هو أنا قلت أيه، ده مجرد رأيي برييء فيها!
عموما نتكلم جد.. أنت متأكد إن حسناء هتساعدك وتشهد ضد شاهين في المحكمة؟!

_أيوة يا غسان لأن هي كمان عايزة تخلص منه، لأنها عارفة إن شخص زي ده عمره ما هيكون أمان ليها هي وابنها، وضميرها الحي خلاها فعلا عايزة تساعدني!
وأكمل: صدقني أنا ببذل مجهود فوق طاقتي ياغسان عشان ما اقتلش البني آدم ده بأيدي!
وعزائي الوحيد أنه هيترمي في السجن بقيت عمره لحد ما يعفن ويموت مجرد كلب في زنزانة!

غسان وهو يثني على تصرفه:
واللي عملته هو عين العقل يا مروان، تضيع نفسك ليه عشانه وأنت ممكن تقتص منه بالقانون! إحنا رفعنا قضية بالطعن في نسبه ليك وانتحاله شخصية غير حقيقته!

وماتنساش دلوقتي الطفرة الطبية الي حدثت في مجال تحليل البصمة الوراثية ل (DnA) واللي مبقاش مقتصر على معرفة نسب الأب لأبنه من عدمه! لأ..! تطور أكتر وأصبح في امكانية إنك تعرف النسب من جيل الجد الأكبر لحد الجيل ال 52 بعده!!

والمحكمة وافقت تفتح قبر جدك وتاخد عينة منه وتطابقها معاك أنت وشاهين..
يعني بسهولة هتقدر تثبت إن شاهين مش من دمك، مع اعترافات حسناء باللي تعرفه عن جرايمه في حق والدك وجدك! بالإضافة للتسجيل الصوتي اللي هي عملته لشاهين وسرد فيه تفاصيل جرايمه!!
ونتيجة التحليل الوراثي، وننتهي تمامًا من الكابوس ده للأبد يا مروان!

*****************************
بعد أيام ظهرت نتيجة ال DNA، وتأكد عدم وجود أي صلة قرابة بين ومروان وشاهين!
ومع شهادة الزوجة حسناء بما تعرفه أمام القاضي ومع الضغط النفسي عليه، أعترف شاهين بجرائمه القديمة، وتم الحكم عليه بالإعدام لإرتكابة جريمتين قتل، وسرقة معرض سيارت بالخداع وانتحال شخصية لا ينتمي لها..!
……………………..………….

أمام دار القضاء العالي واقفًا مروان بجانبه غسان وأمامهما السيدة حسناء زوجة شاهين!

هتف الأول:
_شكرا يامدام حسناء على مساعدتك ليا في قضيتي ضد شاهين، اللي برغم أنه زوجك، بس أنتي أخدتي جانب الحق، وتستحقي كل احترام وتقدير.. واوعدك إن من اللحظة دي هتكوني أخت ليا، وأبنك كريم زي ابني ومش هتحتاجوا لأي حاجة طول ما أنا موجود..!

أما غسان المنبهر بجمال حسناء، ونعجبًا بحكمة تصرفها بأمر زوجها الفاسد وذكائها بإقاعه! لا يصدق أن مثلها كانت زوجة لشخص مثل شاهين!

فهتف بحماس اوجس منه صديقه: وأنا كمان..!

رمقه مروان بطرف عينه بنطرة ذات مغزى، فتنحنح غسان هاتفًا: اقصد أنا كمان تحت أمرك في أي حاجة تحتاجيها، يعني أنتي مش لوحدك زي ما قال مروان!

قالت بحزن لم يخفى عليهما:
شكرًا ليكم أنا عملت اللي ريح ضميري عشان ربنا يباركلي في كريم، وصحيح كان صعب عليه وقوفي خصم لزوجي وابو ابني، بس ده نصيبي ولازم اتحمل نتيحة اختياري وقلة وعيي من البداية ودي النتيجة الطبيعية!! أنا هخرج للدنيا واشتغل واصرف على ابني من الحلال، لأن كل حاجة كانت عند شاهين مش من تعبه وشقاه، ده حقك اللي هيرجعلك يا استاذ مروان!

ومضة اعجاب لمعت بعين غسان،فأزداد لها إنجذابًا..!
أما مروان هتف بنبرة قاطعة: مافيش حاجة أسمها كده، حقي المعرض وبس، اي حاجة تاني مش عايزها، كفاية عندي إن اللي اتسبب في موت ابويا وجدي اخد جزاء يستحقه! انتي مافيش حاجة هتتغير في حياتك!

هتفت بحزم: مافيش مليم من فلوس شاهين هيتصرف علي كريم تاني لأنها تعتبر حرام، أنا هرجع لبيت والدي الحمد لله إني مافرطش فيه، ولو فعلا عايز تساعدني دبرلي شغل مناسب ويبقي كتر خيرك!

_هتشتغلي معايا..!

التفتا هي ومروان لغسان الذي واصل:
مادام حضرتك محتاجة شغل ومصممة، يبقي اتشرف تشتغلي معايا في شركتي المتواضعة، في السكرتارية، أو العلاقات العامة، أو أي حاجة تناسب مؤهلك!! قلت أيه؟؟؟

ولأنه راقه الأقتراح قال: وأنا شايف إن كلام غسان مناسب يا مدام حسناء إن كان لابد من الشغل، يبقى الأفضل تشتغلي معاه، انتي عمرك ما اشتغلتي وماعندكيش خبرة تعامل مع اصناف كتير ممكن تستغلك! أرجوكي توافقي عشان ابقى مطمن عليكي!

صممت برهة من التفكير..فلم تجد لديها ما يمنع، هي تُعد فرصة جيدة بالنسبة لها.. فقالت: وأنا اتشرف بالشغل معاك يا أستاذ غسان!

تهلل وجه بشكل ملحوظ وهو يهتف بلهفة: أنا بجد بشكرك إنك وافقتي! وبأذن الله يكون تعامل الخير بنا..!

رمقته متعجبة، يشكرها بحماس وكأن الأمر معكوس، هي التي وجب عليها الشكر وليس هو!!!
نفضت الأمر من عقلها، وودعتهم لتذهب إلي كريم الذي تشتاقه وتريد ضمه بأسرع والوقت..!

ولم يفت على غسان طلبه لرقم هاتفها، حتى يتحدثا بأمر عملها لاحقًا، ولم تعترض فهو بالنهاية سيكون رب عملها، وتبادل هواتفهم يُعد شيء بديهي!!!!
***************************
مروان وهو يطالعه بريبة : هو في أيه ياعم غسان؟؟؟
أجابه بخشونة: نعم؟؟؟ .. أنت اللي في أيه عمال تبصلي كأنك هتصورني!!!

مروان بتهكم: أيه ياعم نبرة الصوت المرعبة دي، أمال فين النحنحة والصوت الحونين اللي كنت بتتكلم بيه من شوية مع مدام حسناء!!!

اجاب: ده أنت ناوي تفوق عليا بقى، بقولك أيه، مش رجعت حقك؟؟؟ يلا روح شوف حالك وفكك مني بقى مش عايز اشوفك لمدة شهر ع الأقل!

مروان بنظرة متفحصة: على فكرة حسناء أكبر منك بسنتين، صح ولا أنا غلطان؟!
_ قصدك أيه مش فاهم؟! بتلمح لأيه خليك دوغري!
_ ولا بلمح ولا حاجة.. بكره كل حاجة تبان لوحدها..!

************************
_ حمد لله على سلامتك ياسمر.. أنا كنت هتجنن عليكي وانا فاكره إنك مخطوفة!
سمر بوهن: أنا فعلا نزلت وانا ناوية اروح لشاهين، بس عربية خيطتني وجريت، وفضلت في المشفى فاقدة الوعي، واول مافوقت اتصلت بيكي!
وواصلت: أخويا عامل أيه يا ملك، أكيد سأل عليا..!

ملك: أطمني، حاتم بخير، وفي مفاجأة مستنياكي تخصه كمان!
سمر : مفاجأة أيه، قولي عشان خاطري!!
ربتت ملك على كفها هاتفة:
أستاذ مروان قرر يتكفل بعمليته وابتدى فعلا مع طبيبه المختص، وحاليًا بيعمله كل الفحوصات اللازمة! ودلوقتي منتظريين المعاد اللي هيحدده الطبيب!

امتلأت عيناها بالعبرات غير مصدقة :
بتتكلمي جد ولا أنا بحلم، حاتم هيعمل العملية؟ يعني هشوف أخويا بيمشي تاني!!!
ثم بكت بشدة من شدة خجلها حين تذكرت فعلتها مع رب عملها مروان، وكيف قابل خداعها، بجميل ودين لا تعرف إن كانت ستقدر على سداده أم لا..!

ملك التي اغرورقت عيناها لفرحة سمر:

تعرفي أنا كمان ما صدقتش غير لما أستاذ مروان اتصل بيا، وطلب مني كل تحاليله اللي عملها عشان يعرضها على طبيب تاني، وبعد كده روحت معاه المشفى وكنت مع حاتم وهو بيعمل كل فحوصاته

ثم استطردت بنبرة نمت عن إعجاب واضح:
مبقاش فيه حد زي مروان في شهامته ورجولته وقلبه الطيب في الزمن ده، رغم أني اخدت عنه فكرة وحشة في الأول إنه متهور ومتسرع وغضبه بيسبق عقله، بس بجد معجبة بأخلاق الفرسان اللي ظهرت في الوقت المناسب!
أنا مجرد ما قلتله ياسمر إنك اتخطفتي، نسي أنك خسرتيه معرضه، ومافكرش غير ازاي ينقذك، ووعدني بمتنهى الرجولة إنه هيرجعك تاني بخير!!

سمر وهي تكفكف دموعها: ربنا يرزقه كل الخير على قد نيته الطيبة وقلبه الأبيض!!

_ السلام عليكم يا بنات!!!

سعلت ملك فحأة حين بوغتتا هي وسمر بدخوله، وتدعوا الله داخلها ألا يكون سمع حديثها عنه!

مروان: عاملة أيه دلوقت ياسمر؟
أجابت بنظرة ممتنة: بخير طول مافي أمثالك في الدنيا دي يا أستاذ مروان!
قال مبتسمًا: ماتقوليش كده، وبعدين عايزك تنسي القديم كله، أنا عارف إنك كنتي مجبورة، وندمتي وده كافي بالنسبالي، وبعدين رُب ضرة نافعة!!
لولا موضوع المعرض ماكنتش عرفت البلاوي المستخبية وراه.. وبالنسبة لحاتم ياسمر، ماتحمليش همه في حاجة، وإن كنت هساعده، فأنا مجرد سبب من ربنا أنه يتعافي ويمشي تاني!!
شدي حيلك أنتي بس عشان تبقي جمبه وتكوني أول أيد تسنده وهو بيخطي أول خطوة بعد الشفاء أن شاء الله!!!

شكرته سمر بقدر ما استطاعت من كلمات ثناء وامتنان، كما حاولت ملك الاستأذان لتغادر، فأوقفها متعللًا سؤالها عن أمر هام!!!
—————–
بالكافيتريا الملحقة بالمشفى!

مروان: تشربي أيه يا ملك؟!.. معلش اسمحيلي أقول ملك بدون ألقاب!
قالت بحدة لتداري رجفتها وتوترها من احتمالية سماعه ما قالت: لأ ما اسمحش.. ولو سمحت قول سؤالك عشان لازم أمشي ضروري!!
مروان بمكر: ليه كده، مش كنتي بتقولي من شوية إني الطيبب الشهم وبأخلاق فرسان!!

حدقت به مذهولة محدثة ضميرها!!
يادي الفضايح!! ده سمعني!!!!
ثم وضعت كفيها سريعًا تكمم عينيها، وقد أصبحت عاجزة تمامًا عن النظر إليه!

ضحك وهو يتابع ردود افعالها المضحكة التي تجلت على وجهها الرقيق الذي اصتبغ احمرارًا من الخجل!!
وقال: أنا ماكنتش اقصد اتصنت والله، بس قدرًا قبل فعلا ما اخبط على الباب سمعتك، ومقدرتش اتغابى واضيع الفرصة دي، المتنمرة الشرسة بتمدح في العبد لله.. ده كتير عليا والله..!

استفزها نعته لها بالمتنمرة، ففكت انعقاد أصابع كفيها من فوق عيناها هاتفة بحنق: أنا مش متنمرة ولا شرسة، أنت اللي اتريقت على كلامي وضربتني وأنا ومعملتش حاجة غلط!

قُطب جنينه بضيق وعكست حدقتاه حزن ممزوج بخجل حقيقي وهو يقول: أنا أسف!!

استائت من رؤية خجله أمامها فقالت رغبًا منها بتخفيف ما يشعر من حزن: خلاص يا استاذ مروان حصل خير، الظروف كلها وقتها كانت تفقد أي حد أعصابه!!

رمقها طويلًا ثم قال: أنتي ليه عايشة لوحدك يا ملك مع إن عندك أخين؟
أجابت بدهشة: نعم!!! وعرفت منين؟
قال: سألت عنك وعرفت حاجات كتير، بس مقدرتش اعرف ليه سبتي اخواتك وعايشة لوحدك!!
هتفت باندهاش مازال يتملكها:وليه سألت عني؟

ارجع ظهره للخلف قليلًا موجهًا لها نظرة ثاقبة:
معرفش! صدقيني مش عارف ليه حسيت إني عايز اعرف كل حاجة عنك، واما عرفت حيرتيني أكتر!

صمتت لا تعرف ما عليها قوله والمفاجأة. تربكها..!
فهتف يستحسها على الحديث:
ارجوكي افتحيلي قلبك، عايز اعرفك ياملك!
تسائلت: ليه عايز تعرفني؟! هفرق معاك في أيه؟!

أجاب بهدوء مبتسما: أكيد تفرقي وإلا ماكنتش سألت وحاولت اجمع عنك معلومات كتير! في ناس لما بيتقابلو يا ملك بتحصل بين ارواحهم وقلوبهم شرارات خفية بتحركهم ناحية بعض، وأنا في حاجة قوية بتحركني ناحيتك..!

تعجبت من كلماته التي مست قلبها، وتطور مشاعره لتلك الدرجة التي تسوقه ليجمع عنها معلومات!

راقها حديثه وذبذبة صوته الحانية، فكم يفتقد مثلها الاهتمام المطعم بنكهة اعجاب وربما أكتر!!
خانها لسانها الذي راح يسرد له الكثير والكثير!
فظل يستمع لها بشغف وعيناه تتألق بإعجاب كلما تحدثت واتضحت جوانبها الخفية عنه!
وما أن انتهى حديثها له حتى ألقى عليها سؤالًا دمر ما بقي داخلها من ثبات :

_ تتجوزيني يا ملك ؟؟؟؟؟؟

************************

 

error: