نوفيلا”هنا سعادتي”

نوفيلا”هنا سعادتي”
ح(٣)

اقتربت شاهندا من المكان الذي يجلس به نبيل، كان ممسكآ بكتاب يقرأه.
شاهي: إحم هاي نبيل.
رفع نبيل نظره مندهشآ ثم وقف، وأخفض بصره وردد : وعليكم السلام أي خدمه ياأنسه.
شاهي بحرج: أسفه على إزعاجك بس أنا بجد كنت بسأل من فتره عليك، ومصدقت إني أقبلك.
نبيل باندهاش أكبر وقد رفع بصره رغمآ عنه: بتسألي عني أنا وعايزه تقبليني! ليه ياترى يا أنسه؟!
ردت مسرعه: شاهي اسمي شاهندا، وللتخفيف أصدقائي بيقولولي شاهي.
نبيل ببعض الحزم :طيب ياأنسه شاهندا أقدر أخدم حضرتك في حاجه، ولا صدر مني شئ ضايقك بدون قصد مني؟
شاهي مسرعه: لا أبدآ مفيش مضايقه ولا حاجه، أنا بس ليا طلب عندك لو تقدر ممكن؟
نبيل بهدوء بعد أن أخفض بصره مره اخرى: اتفضلي ولو أقدر أساعد مش هتأخر.
شاهي: ممكن نقعد الأول من فضلك.
نبيل بحرج فهو لم يعتد الجلوس مع فتاه من قبل: احم اتفضلي.
شاهي: أنا شاهندا البحيري الأولى على ثانويه السنه اللي فاتت، وطالبه مستجده هنا في أولى تجاره، وسمعت إنك الأول على الدفعه.
نبيل دون النظر إليها: أيوه تمام بس مفهمتش إيه نوع المساعده اللي أقدر أقدمها.
شاهي: كنت سمعت إنك عملت ملخصات رائعه للمواد، ومبخلتش بيها على حد من زميلك؛ فلو أمكن يعني تديهاني، ودفاتر المحاضرات أصورهم، وارجعهم لك تاني.
نبيل بهدوء: تحت أمرك هجهزهم، وأجيبهم معايا بعد بكره إن شاء الله.
شاهي بفرحه: متشكره جدآ كنت خايفه ترفض.
نبيل بهدوء: عمري ما رفضت مساعده لأي حد لو بإمكاني.
وقفت شاهي وشكرته مره أخرى، وقالت وهي تمد يدها للسلام هنتظرك هنا بعد بكره.
نظر نبيل ليدها الممدوده بحرج؛ فهو لا يصافح فتيات، ولا يريد إحراجها فأمسك بالكتاب الذي كان يقرأه، ووضعه بيدها.
نبيل بهدوء: ده كتاب جميل جدآ، ومفيد لدراستنا ممكن تستعيريه وترديه لما أجبلك الملخصات.
ابتسمت شاهي فقد فهمت ما فعله، ورددت عبارات الشكر مره أخرى، وأخذت الكتاب ورحلت.
جلست مع هند وابتسامتها تزين شفتيها، وتحتضن الكتاب الذي بيدها.
هند: إيه يابنتي من وقت ما رجعتي من عند نبيل وانتي مسهمه، ومبتسمه، اكملت بضحك الصنارة غمزت ولا إيه?
شاهي بضحك: هو انتي كل حاجه عندك صناره غمزت، لأ طبعا هو أنا اعرفه، بس عجبني أوي ذوقه وأخلاقه، ده مرضيش يسلم عليا تخيلي.
هند باستهزاء: أن عم الشيخ يعني دقه قديمه.
كفكفت شاهي يديها وهي تردد لا حول ولا قوة إلا بالله، مفيش فايده من الكلام معاكي ياله نروح أحسن.

عاد نبيل إلى المنزل، وقابلته والدته بابتسامه قائله: الحمد لله على سلامتك ياحبيبي.
قبل نبيل يدها بحب وابتسم: تسلمي ليا ياست الكل، أنا ميت من الجوع ها عامللنا إيه بإديكي الحلوين دول النهارده؟
حنان مبتسمه بتردد: أصل منى هى ال..
قاطعها نبيل: أه يابطني منى هى اللي طبخت النهارده ليه ياأمي كده، دا أنا ابنك الوحيد.
هنا دخلت منى قائله وهى تجز على أسنانها: بتقول حاجه يانبييييل؟!
نبيل بخوف مصطنع: لا ياقلب نبيل بقول إيه الهنا دا، تسلم إيدك حبيبتي بس أصلي شبعت خلاص.
مني بأمر: مفيش حاجه اسمها شبعت، أنا عامله مكرونه بشاميل، وفراخ اللي بتحبهم ورايا على السفره.
نبيل بقلة حيله وصوت منخفض: أمري لله امتي الشهر ده يفوت، واترحم من تجارب الأكل دي.
مني بصوت عالي: بتقول حاجه؟
نبيل مسرعآ: بقول أنا جيت أهو فين التحفه الفنيه دي.

ضحكت حنان عليهم، ودعت في سرها أن يحفظ أولادها، وأن لا يتفرقا أبدآ فهى عانت الفراق من قبل.
عندما جلسوا على المائده، دق جرس المنزل فوقف نبيل ليفتحه؛ وجد علي أمامه.

نبيل: أهلآ علوه اتفضل الظاهر حماتك هتحبك أوي.
علي بسعاده: ياسلام الظاهر كده انا جيت في وقتي تمام، ريحة الأكل تحفه.
جلسوا سويآ وشرعوا بتناول الطعام، كان علي يأكل بنهم ويمدح الطعام، ومنى سعيده بإطرائه هذا.
نبيل ضاحكآ: لا فيه تقدم هائل يامنمن، يعني الإسعاف مش هياخد مدحت كل يوم ولا حاجه.
ضربته منى بخفه على كتفه وقالت: بطل غلاسه.
ضحك نبيل ووجه كلامه لعلي: إيه ياعم ارحم الرحمه حلوه، لسه هننزل الورشه هتشتغل إزاي، ولا هتروح تنام هناك.
علي وهو يضع يده على معدته: لا ياغالي شغل إيه النهارده بعد الأكله دي، مع نفسك أنا هروح أناااام.
نبيل: ماشي ياخفيف بس متاخدش على كده، هعذرك النهارده بس علشان منى اللي عامله الأكل.
تفاجأ نبيل بضربه على مؤخرة رأسه من يد منى قائله: شكلك مش هتعدي النهارده على خير.
فرك نبيل مكان الضربه قائلا: إيه دا الله يكون في عونك يامدحت.
منى بتحذير: هممممم.
نبيل: خلاص أنا آسف ياستي قوم يابني بسرعه ندخل أوضتي، ونظر لمنى ممكن كوبايتين شاى ياقمر.
رفعت منى زاوية فمها وقالت: دلوقتي قمر لا ياخفه اعمل انت، أنا نازله مع ماما نكمل الحاجات الباقيه في جهازي.
نبيل بهدوء: ربنا يتم فرحتك على خير ياحبيبة قلبى.
منى: ويخليك لينا ياأحسن أخ في الدنيا.
علي بدموع مصطنعه: المشهد مؤثر أوي?

فضحك الجميع عليه وقال له نبيل: طيب قوم ياعم المتأثر ادخل أوضتى دور على ملخصات السنه اللي فاتت عقبال ما اعمل الشاي.
حنان: هعملكوا أنا الشاي ياحبيبي.
نبيل: لا ياست الكل انزلي انتي مع منى وانا هعمله عادي.
علي: وانت عايز الملخصات دي ليه يابلبل.
نبيل بهدوء: أبدآ ياسيدي واحده زميله في سنة أولى طلبتهم مني، ومقدرتش أرفض طبعآ.
علي بابتسامه: زميله أه يانمس واسمها ايه بقى الزميله الأصغر بسنه دي.
نبيل بلا مبالاه : اسمها شاهندا البحيري.
هنا انتبهت حنان وقالت بتقول اسمها ايه؟
نبيل : شاهندا البحيري.
وضعت حنان يدها على رأسها وقد شعرت بدوار خفيف وقالت لنفسها، يمكن تشابه أسماء ياحنان اهدي
نبيل بقلق: فيه حاجه ياأمي؟
حنان بابتسامه خفيفه لتغير الموضوع: لا ياحبيبي دا بس من حلاوة الأكل.
اتسعت عينا منى بصدمه وضحكوا جميعآ بشده.
############
نوفيلا”هنا سعادتي”بقلمي: دعاء الفيومي.

ذهب نبيل إلى الجامعه، وأنهى محاضراته؛ أثناء ذهابه لكافتيريا الكليه سمع رنين هاتفه، وكان المتصل علي.
نبيل: السلام عليكم…. أيوه ياعلوه خلصت ومش هتأخر….. ماشي خلي أصحاب العربيات يسبوها لأخر النهار وإن شاء الله يكونوا خلصوا…… رايح الكافيتريا أقابل الزميله اللي قولتلك عليها أسلمها الملخصات وان شاء الله هاجي على طول….. سلام ياكبير.
بالفعل ذهب نبيل، وجد شاهندا بانتظاره؛ فتوجه نحوها، وألقى السلام.
شاهندا بابتسامه رقيقه: وعليكم السلام إزيك بانبيل.
نبيل بهدوء وهو غاض لبصره: الحمد لله بخير، اتفضلي دي كل الملخصات، ودفاتر المحاضرات.
شاهي بفرحه: بجد مش عارفه أشكرك إزاي.
نبيل بهدوء: مفيش شكر ياأنسه معملتش حاجه تستاهل الشكر.
شاهي: كفايه تعبتك معايا، ان شاء الله هصورهم وارجعهم بكره.
نبيل: لا دول نسخه مصوره مش الأصليه،أصلي لما كتبتهم صورت منهم كام نسخه لأصدقائي ودي فضلت منهم.
شاهي: وتقول معملتش حاجه متشكره جدآ جدآ.
نبيل بفضول: صراحه ياأنسه عندي فضول أعرف ليه مدخلتيش كليه من كليات القمه؟ رغم انك الأولى على الثانويه زي ما قولتي.
ابتسمت شاهي وقالت: طيب ممكن نقعد بدل الوقفه دي.
نظر نبيل لساعة يده ثم قال اتفضلي.
جلسوا وقالت شاهى: معطلاك عن حاجه بتبص في ساعتك يعني.
نبيل: أبدآ بس مش عايز أتأخر على علي صاحبي علشان الشغل.
شاهي بنبرة إعجاب: انت بتشتغل وانت بتدرس، دا شئ رائع!
نبيل: عندنا ورشة تصليح سيارات صغيره على قدنا أنا وعلي.
شاهي: أنا بقى ياسيدي البنت الوحيده لمجدي البحيري، وبابا كان عمره بيتمنى ولد؛ علشان يمسك كل الشغل، علشان يحافظ عليه من السرقه، فكان عايزني أدخل هندسه، ثم صمتت قليلآ وتابعت وأنا كان حلمي أكون دكتورة أطفال، ماما الله يرحمها وقفت معايا وأقنعت بابا إني أدخل علمي علوم، وفعلآ كملت وتفوقت بس وفاة ماما بعد نتيجة الثانويه أثر فينا كلنا، وبالأخص بابا كان بيحبها لدرجه كبيره أوي، اكتئب شويه فحبيت أفرحه، وأحسسه إنه مش وحده، وإنى هحقق حلمه فقررت أدخل تجاره وده أنسب مكان يساعدني في إدارة مصانعنا والمعارض بتاعتنا. بس ياسيدي دا كل الموضوع.
نبيل وقد كان يستمع لها بإعجاب، واهتمام بالغ لا يعرف سره قال: يعني انتي بنت مجدي البحيري صاحب أكبر مصانع ومعارض السيارات؟!
شاهي بابتسامه: أيون أنا هى.
فضحك نبيل رغمآ عنه وقال تعرفي إن والدتي كمان من عيلة البحيري، بس أكيد مش عيلتكم طبعآ تشابه أسماء.
شاهى ضاحكه: وإيه المانع إنها تكون من عيلتنا يعني؟!
نبيل مبتسمآ: ياستي احنا طبقه وانتوا طبقه.
شاهى: تعرف ان جدي الله يرحمه كان فقير جدآ بس كافح، واجتهد لعند ما وصل لكل ده، وبابا كان الوريث الوحيد لجدي لأن كان ليه أخت واحده واتوفت قبل جدي.
قبل أن يتكلم نبيل أضائت شاشة هاتفه بإسم علي مره أخرى، فضرب مقدمة رأسه بخفه وقال: الوقت سرقني ونسيت الشغل لأول مره خالص.
وما أن ضغط على زر الإجابه حتى استمع لعلي وهو يوبخه لتأخيره.
نبيل: إيه ياعم كل ده خلاص هاخد تاكسي، وأكون عندك بسرعه إن شاء الله.
أغلق الخط فسمع صوت شاهي بخجل: أنا آسفه إني عطلتك بس أنا ممكن أوصلك بالعربيه بدال التاكسي.
نبيل باندهاش: آسفه على إيه أنا اللي سألت وكنت حابب أعرف الإجابه فده مش ذنبك، وبعدين علوه كده على طول قلبه لبن حليب يطلع يطلع وينزل على مفيش، هو بس خايف نتأخر عن تسليم الشغل وده مش هيحصل بإذن الله كله تحت السيطره.?

ابتسمت شاهي وقالت: طيب يالا أوصلك أنا كمان مفيش عندي محاضرات مهمه النهارده.
نبيل بإحراج: لا ماهو مش هينفع أركب معاك العربيه لوحدنا، وده علشان أحافظ على سمعتك، وكمان شرعآ مينفعش.
شاهي بابتسامة اعجاب: متخافش ياسيدي أنا فاشله مش بعرف أسوق فهيكون معانا السواق، وكمان صديقتي هند معايا.
نبيل بابتسامه : إذا كان كده ماشي.
ضحكوا سويآ وذهبوا للسياره واندهشت هند من وجود نبيل معهم، لكن لم تعطي للأمر اهتمام.
ساد الصمت في السياره فكل منهم يسبح بأفكاره الخاصه.
هند تشعر بالفرحه الشديده لكون من يحدثها هاتفيآ طلب مقابلتها على وعد أنه سيتقدم لخطبتها.
شاهي تحدث نفسها.. إيه الإحساس ده مكنتش عايزه الوقت يمر، ولا الكلام يخلص، أنا عمري ما حسيت بالسعاده كده.
نبيل مبتسم ويحدث نفسه: إيه يابلبل اللي بيحصل دا انت عمرك ما كلمت بنت، ولا اهتميت تعرف حاجه عن واحده،إيه السعاده اللي حاسس بيها في قربها دي، لو الطريق يطول شويه. إيه يانبيل إنت هتخيب عندك أخت فوق.
وصلت السياره واستأذن نبيل للنزول؛ وتفاجئ بطلب شاهي وهي تقول: ممكن أنزل أشوف الورشه بتاعتك.
نبيل باندهاش: طبعآ اتفضلي بس خلي بالك هدومك تتبهدل.
ترجلت من السياره، وأصرت على هند الترجل معها ففعلت رغمآ عنها وهى متأففه.
نبيل: اتفضلوا.
دخلوا جميعآ وطلب لهم نبيل مشروب بارد من بقاله بجواره.
شاهي: ياه فعلآ كنت محتاجه أشرب حاجه ساقعه في الجو الحار ده.
علي: بس كده دي بسيطه مشربتيش ليه ياأنسه هند.
هند بتأفف: لا شكرآ مش عايزه، ممكن نخرج من هنا ياشاهي لو سمحتي بقى.
شاهي بإحراج: احم طيب شكرآ لإستضافتكم ياجماعه عن إذنكم.
أوصلهم نبيل وعلي للخارج وودعوهم.
علي: إيه البت التنكه دي بس إيه صاروخ.
لكزه نبيل في زراعه وقال له: استغفر كده واهدى من امتى بنبص بالطريقه دي لبنت.
علي وهو منكس رأسه بحرج قال: أستغفر الله العظيم. عندك حق ياصاحبي آسف.

error: