ظلمني من أحببت بقلم سمر شكري
الفصل الثانى عشر
توجهت علياء إلى منزل أخيها الذى ما أن استقبلها حتى صدم من منظرها الباكى وعيونها المتورمة من كثرة البكاء، شعرت بفتور فى استقباله لها، كانت تريده أن يحتضنها ويطمئنها أنه بجوارها وإنه لن يسمح لمروان بتنفيذ مايريده
قامت فجأة، ارتمت بأحضانه واجهشت فى البكاء قائلة :
مروان هياخد يوسف منى يا حسام، رفع قضية عشان ياخده فى حضانته وبعتلى الإخطار النهاردة ، أنا هموت لو أخد إبنى منى، عندى استعداد أقتله لو عملها
شعر بالشفقة على حالها فاحتضنها مربتا على ظهرها محاولا بث الطمأنينة إليها قائلا :
اهدى، طول ما أنا جنبك محدش هيقدر يأذيكى، لو كنتى حكيتى كل حاجة زمان واعترفتيلى باللى بينك انتى وزين مكنتش سمحت لمروان يتجوزك
نظرت إليه بدهشة سرعان ما اختفت عندما علمت منه أن هند قصت عليه كل شئ من البداية، لذلك أخذت منها يوسف عند وصولها وتركتهم ليتحدثوا سويا، أخبرها حسام بأنه سيوكل الأمر إلى محامى كفء لكى يفعل المستحيل حتى لا يبتعد عنها يوسف
فكرت فى شئ وقررت أن تفعله فهبت واقفة قائلة : أنا ورايا مشوار هعمله، خلى يوسف هنا
حسام بقلق : مشوار إيه ؟
تعلم أنها مضطرة للكذب حتى لا يقلق عليها ولكنها لابد من أن تفعل ذلك فأخبرته : متقلقش، أنا بس افتكرت انى أعرف واحدة محامية كويسة هروح أتكلم معاها واشوف حل فى الموضوع دا
حسام : طب إستنى هاجى معاكى
علياء : لا خليك إنت أنا مش هتأخر
خرجت علياء متوجهة إلى مقصدها، وبعد رحيلها تحدث حسام مع هند عن خوفه وقلقه عليها، كما لامها على إخفائها الحقيقة عنه كل تلك السنين ولكن كل هذا لايهم، فالأهم الان هو استقرار حياة علياء ويوسف، قطع حديثهم صوت جرس الباب ليتوجه حسام لفتحه ويتفاجأ من الزائر قائلا بدهشة : عمى!!!
عبدالسلام : إزيك يا حسام
حسام بترحيب : أهلا يا عمى اتفضل
اما عن زين فكان شعور الندم يتملكه، أخذ يلعن نفسه بسبب ابتعاده، ندم على عدم مواجهتها فى حينها، هو من تسبب فى شقاءها، ترى هل ستسامحه على فعلته، هل ستغفر له اتهاماته لها، هل ستسمح له أن يعوضها عن سنين عذابها
أفاقته ايمان من شروده، وكأنها علمت ما يدور بخلده، فحاولت التخفيف من شعوره بالندم، ربتت على كفه قائلة :
سيبها لله، كل شئ هيتصلح، انتو الاتنين اتخدعتو، سيب الايام تداوى اللى حصل
أطلق تنهيدة عميقة وأخبرها : تفتكرى هتسامحنى، ولا هتطيق تبص فى وشى أصلا بعد شكى فيها
ايمان بحزن : دا أنا اللى مكسوفة منكم ومش قادرة اوريكم وشى بعد ما عرفت اللى عمله مروان
أخذ زين يدها بين كفيه وقبلها قائلا : حضرتك ملكيش ذنب يا امى فى تصرفات مروان، أنا واثق إنك لو كنتى تعرفى اللى حصل كنتى وقفتي له، بس خلاص مش وقته الكلام دا
ايمان : اوعدك انى هتكلم مع علياء، وصدقنى مش هرتاح غير لما اشوفكم متجمعين مع بعض، و متقلقوش من مروان، أنا هقف قصاده
زين : ربنا يخليكى لينا يا ست الكل، يعنى مش هتضايقى لو طلبت انى أتجوز علياء ؟
ايمان : أتضايق! طب إيه رأيك إن أنا اللى هطلبهالك بنفسى
قاطعهم وصول الطبيب لفحص جرح زين، وبعد إلحاح من زين وافق الطبيب على خروجه هذا المساء على أن يكمل فترة راحته فى المنزل وألا يرهق ذراعه
وقفت أسفل البناية، تتردد فى الصعود، فهى لم تأت إلى هنا منذ سنتين، اضطرت مرغمة أن تأتى لتتحدث إليه فهو لايجيب على اتصالاتها كأنه يرغب فى زيادة عذابها، أخيرا حسمت أمرها وقررت الصعود، خطت خطوتين لتقابل إحدى جاراتها ذات يوم، لم تكن بالجارة المحبوبة ولكنها من النوع الفضولى الذى يرغب بمعرفة اخبار الناس وحشر أنفها فى أمورهم الخاصة، أوقفتها لكى ترضى فضولها وتعلم منها سبب مجيئها، ولكن علياء تخلصت منها معللة ذلك بتعجلها، تركت الجارة وترجلت السلالم صعودا إلى الدور الثانى، فهى لم ترغب فى استخدام المصعد لكى تزيد المسافة لعلها تحيد عن قرارها وتعود مرة أخرى دون مقابلته
اما فى شقة حسام، فبعد الترحيب بعمه وإكرامه بواجب الضيافة، جلسوا يتحدثون سويا
عبدالسلام : علياء عاملة إيه؟ وايه اخبار ابنها ؟
حسام : كويسين الحمد لله يا عمى
عبدالسلام : يعنى هما بخير، مش صايبهم أى مكروه ؟
ارتاب حسام فى الأمر، فأجابه بنبرة شك : هو فيه حاجة يا عمى ؟ إحنا كلنا بخير والحمد لله
عبدالسلام : لا، أنا بس كنت هنا فى مشوار زى ماقلتلك وقلت أفوت اطمن عليكم
حسام : كتر خيرك يا عمى ، فيك الخير
عبدالسلام : دا انتو ولاد أخويا يعنى ولادى و لازم اطمن عليكم.
هم واقفا مكملا حديثه : طيب، استأذن أنا بقى و هستناك الشهر الجاى تاخد إيجار الأرض
حسام : إن شاء الله، شرفتنا يا عمى
بعد رحيله، أخذ يفكر حسام فى سبب تلك الزيارة ، فهى ليست من عادات عمه، كما أن سؤاله المستمر عن علياء ويوسف أثار ريبته
أما عمه، فبعد نزوله من منزل حسام قام بالإتصال بإبنه شادى
عبدالسلام : ايوه يا شادى، الكلب طلع بيضحك علينا ومنفذش اللى اتفقنا عليه
شادى بغضب : أنا قابلته وعرفت كل حاجة، المهم إنت قلت لحسام انى معاك هنا ؟
عبدالسلام : لا، مجبتلوش سيرة
شادى : كده احسن، ومش ضرورى حد يعرف انى جيت معاك، أنا رايح محطة القطر، نتقابل هناك
عبدالسلام : ماشى، سلام
وتوجه كل منهم إلى محطة القطار عائدين إلى المنصورة
أما عنها، فكانت تهبط درجات السلم بسرعة لاعنة غباءها الذى اوحى لها بالقدوم إليه، كانت دموعها تنهمر شلالات على وجنتيها، كانت تلعن حظها السئ الذى أتى بها فى مثل هذا التوقيت، إزداد بكاؤها إلى الحد الذى شوش رؤيتها حتى أنها لم تنتبه إلى حارس العقار الذى اصطدمت به، ولم تعير نداءاته لها ادنى اهتمام، ركبت سيارة الأجرة متوجهة إلى منزل أخيها، حاولت إن تبدو متماسكة، وكفكفت دموعها، وطرقت الباب
شعر بأن هناك شئ غريب بها، فهى شاردة منذ وصولها ، آثار بكاؤها جلية فى مقلتيها ولكنها رافضة الحديث
حسام : مالك يا علياء؟ هى المحامية قالت لك حاجة تقلق ؟
لم تسمعه، كانت شاردة، لكزتها هند فى ذراعها قائلة : إيه يا بنتى سرحانة فى إيه ؟
علياء : أنا تعبانة وعايزة استريح، نأجل اى كلام لبعدين
كان حسام قلقا عليها فرفض ذهابها إلى منزلها وأصر على مبيتها بمنزله وهى وافقت وكأنها كانت تنتظر عرضه هذا ، فهى خائفة ولا تريد المبيت بمفردها اليوم، توجهت إلى الغرفة وأغلقت بابها، حينها فقط سمحت لنفسها بالانهيار وهى تعيد لذكراها ماحدث عندما صعدت إلى منزل مروان، ظلت تبكى إلى أن غفت من كثرة الارهاق
استيقظ حسام فى الصباح التالى إثر طرقات عنيفة على الباب، فهرول إليه مسرعا لفتحه، ليصطدم بوجود ضابط وعدة عساكر، تعجب من طرقهم بابه، ولكن لم يمهله الضابط كثيرا فسأله بغلظة : مدام علياء موجودة هنا ؟
حسام بخوف : خير، عايزينها ليه؟
الضابط : مطلوب القبض عليها
صدم حسام مما سمع فسأل الضابط : حضرتك بتقول إيه ؟ يتقبض عليها ليه ؟
الضابط : متهمة بقتل طليقها مروان العشرى
سقط عليه الخبر كالصاعقة، أما هى فسقطت مغشيا عليها بين يدى هند التى ألجمت المفاجأة لسانها
نهاية الفصل