ظلمني من أحببت بقلم سمر شكري
الفصل التاسع
بعد أن تركت علياء هند، توجهت إلى منزل إيمان ، فهى قررت مصارحتها بما حدث منذ البداية. دقت جرس الباب لتفتح لها ايمان التى تفاجئت بها وأثار دموعها ما زالت على وجهها لتبادرها السؤال متلهفة :
مالك يا علياء ؟ انتى كويسة ويوسف كويس ؟
علياء : يوسف كويس يا طنط متقلقيش، أنا اللى تعبت ومش كويسة خالص
لتحتضنها ايمان بمشاعر امومة صادقة وتربت على كتفها محاولة تهدئتها وايقاف نوبة البكاء التى بدأتها علياء
ايمان وقد شاب صوتها نبرة أم قلقة على طفلتها : إهدى بس واحكيلى مالك وايه اللى مزعلك
علياء ببكاء : أنا خلاص مش هقدر أخبى عليكى اكتر من كده، حضرتك الوحيدة اللى هتقدرى تساعدينى
ايمان : طب فهمينى انتى بتتكلمى عن إيه وعايزانى أساعدك فى ايه
علياء : قوليله يبعد عنى ويسيبنى فى حالى، أنا للأسف لسه بحبه حتى بعد اللى عمله فيا لسه بحبه ومش قادرة أنساه، بس أنا مش عايزاه فى حياتى، أنا عايزة حياتى ليا أنا وابنى بس
ايمان وقد أصابتها الدهشة، فهى لم تكن تتوقع ان علياء تكن كل هذا الحب لمروان أو هذا ما ظنته هى فسألتها لتتضح الصورة لها أكثر : معقول انتى بتحبى مروان يا علياء! علاقتكم ببعض والمشاكل اللى كانت بينكم مبتقولش كده
هزت علياء رأسها علامة النفى ثم أكملت الحديث لتوضح لايمان مقصدها : أنا مقصدش مروان، أنا قصدى زين، أنا عمرى ما حبيت غير زين، أنا أسفة انى بقول لحضرتك الكلام دا بس انتى الوحيدة اللى هتقدرى تبعديه عنى ولو هو بعد مروان هيبعد، مروان عايز يرجعلى عشان زين رجع، قولى لزين يسافر تانى ويبعد عشان مروان يسيبنى فى حالى
ايمان : طب اهدى كده و فهمينى الحكاية من الأول عشان أقدر أساعدك
قصت عليها علياء كل شئ بداية من قصة حبها هى وزين وطريقة تعارفهم ورغبته فى الارتباط بها ثم ماحدث ليلة كتب الكتاب وتفاجئها بأن مروان هو العريس وحديثه معه ليلتها واتفاقهم باتمام الزواج منعا لاثارة المشاكل وحفاظا عليها من إن تكون عرضة للقيل والقال بين الناس
كانت ايمان تستمع إليها ويظهر عليها علامات الصدمة، لم تكن تتخيل ان يكون الوضع كذلك ،فهى من قامت بتربية زين وتعلم جيدا انه ليس من النوع الذى يعد فتاة بالزواج ويعلقها به ليتخلى عنها فى نهاية المطاف ، فلابد أن هناك حلقة مفقودة هى لا تعرفها وعند هذه النقطة تبادر إلى ذهنها احتمال رفضت تصديقه أو كانت تدعو ربها ان يكون مجرد إحساس كاذب، فلابد إن مفتاح الحلقة المفقودة بيد مروان، لكنها أجلت التفكير فى هذا الأمر لبعد الحديث مع كل من مروان وزين أيضا.
أخذت علياء بأحضانها وطمأنتها قائلة : متقلقيش يا حبيبتى، محدش هيجبرك على حاجة وكل شئ هيبقى تمام بس أنا عايزة اقولك إن فيه حاجة غلط فى اللى حصل زمان، أنا اللى مربية زين وعارفة أخلاقه كويس ، زين مستحيل يوعد بنت بالجواز وبعدين يتخلى عنها، أكيد فيه حاجة غلط، فيه حاجة مش مفهومة
علياء ومازال أثار اختناقها بالبكاء ظاهرا فى صوتها : أنا ميهمنيش كل دا ، أنا كل اللى يهمنى انى أعيش أنا وابنى فى حالنا ومحدش يبعدنا عن بعض
ايمان : خلاص إهدى كده وسيبى الموضوع دا عليا وإن شاء الله ربنا يحلها من عنده
غادرت علياء منزل ايمان بعد أن شعرت براحة كبيرة بعد أن ازاحت ثقل كبير من على صدرها وتوجهت إلى منزل والدة هند لأصطحاب يوسف
وفى تلك الأثناء كانت هند جالسة مع هشام ورانيا التى أقنعت زوجها بالحديث مع هند ونبش دفاتر الماضى لكشف المستور ومعرفة من أخطأ فى حق الاخر، فعادو أدراجهم إلى منزل والدها للحديث معها
بادرت هند بالحديث قائلة : ايه يا هشام جاى تكمل كذبة صاحبك ولا جاى تبرر موقفك إنت ومراتك من الكذبة دى.
رانيا : أرجوكى اسمعينا يا هند، فيه حاجات كتير مش مفهومة ولازم توضح.
هند بعصبية : حاجات إيه اللى مش مفهومة، جرح زين لعلياء ولعبه بيها زمان ولا رجوعه دلوقتى يصحى الماضى ولا كذبه قصادها اللى مش شيفاله اى مبرر
هشام وقد فقد أعصابه وعلا صوته : ممكن تسكتى شوية و تفهمينى إيه الهبل اللى بتقوليه دا ؟ زين عمره مالعب على علياء ولا ضحك عليها بالعكس هى اللى خدعته وعلقته بيها وجرحته كمان وكذبه عليها كان فاكر إنه بيردلها الجرح ويفهمها إن حياته موقفتش بعدها بس للأسف هو كان بيضحك على نفسه
رانيا محاولة تهدئة الموقف : طب ممكن نهدى كده ونتكلم بهدوء لأن واضح من كلامكم انتو الاتنين إن فيه حاجة فعلا مش مفهومة، انتى يا هند بتقولى إن زين خدع علياء وهشام بيقول العكس، فممكن بقى كل واحد يحكى اللى حصل زمان عشان كل شئ يوضح.
هشام : تمام ، اللى حصل زمان إن علياء هانم كانت بتلعب على زين ومروان ، كانت بتشوف هتقدر توقع مين فيهم بس الظاهر إن مروان هو اللى كسب
هند بصوت مرتفع نتيجة غضبها : ايه الهبل اللى إنت بتقوله دا، لا طبعا دا محصلش ومش واحدة باخلاق علياء اللى تعمل كده، ولا دا اللى صاحبك ألفه عشان يبرر هروبه وتخليه عنها يوم كتب الكتاب
هشام : كتب كتاب مين ؟
هند : كتب كتاب الاستاذ على علياء ، كتب الكتاب اللى هو اكتشف يومها إنه مش مستعد للجواز وتحمل المسئولية
هشام : انتى بتتكلمى عن إيه ؟ زين مفاتحش باباه أصلا فى موضوع جوازه من علياء، أو ملحقش يعمل كده لأن مروان وراه الصور بتاعته هو وعلياء
هند بتعجب : صور إيه ؟ أنا مش فاهمة حاجة
رانيا : ماهو دا اللى أنا بقوله، فيه حاجة مش مفهومة وواضح كده إن مفتاح لغزها بدايته مروان
هشام موجها سؤاله لهند : هند هى علياء كانت بتحكيلك كل حاجة ؟ عمرها حكيتلك إن فيه حاجة بينها وبين مروان ؟
هند : علياء اسرارها معايا، علياء قلبها محبش غير زين، ومروان مدخلش حياتها غير يوم كتب الكتاب واصر إنه يتجوزها عشان شكلها قصاد الناس
قد بدأت خيوط اللعبة تتضح لهشام، ظل يلعن مروان غير مستوعبا أن يكون تفكيره الشيطانى قد هداه لتلك اللعبة الدنيئة. قاطعت رانيا نوبة غضبه قائلة : فهمنا بقى إيه اللى استنتجته
هشام ومازال الغضب مسيطر عليه : الندل الحيوان لعبها عالاتنين ، وعرف يلعبها صح للاسف، بس قوليلى يا هند هى علياء كانت عارفة إن مروان هو العريس
هند : لا هى كانت مفكراه زين، باباها قال لها إبن الحاج يوسف العشرى وهى توقعت إنه زين لانه قال لها إنه هيتقدم لها، وحتى بعد كده اتفاجئت إنه عايز كتب كتاب على طول ولما اتصلت بزين عشان تفهم منه الحكاية لقت فونه مقفول ومعرفتش توصله ورفضت حتى انى أسألك عنه، توقعت إنها تكون مفاجأة منه بس فعلا المفاجأة كانت اكتشافها إن مروان هو العريس
هشام : طب احكيلى بالظبط اللى حصل يومها وايه اللى مروان قاله لعلياء
هند : هو لما حس انها متفاجئة طلب يقعد معاها لوحدها وحكالها إن زين مالوش فى الجواز وإنه بيلعب على بنات كتير وانها مش أول واحدة يعمل معاها كده، وسمعها تسجيل بصوته بيقول إنه مش عايزها وإن لو مروان عايزها تبقى حلال عليه
هشام لاعنا مروان : يخرب بيت شيطانه، دا عدى إبليس فى تفكيره، اسمعى يا هند عشان تفهمى إن الاتنين اتلعب بيهم، مروان وصل صور لزين ، صور له هو وعلياء وفى أوضاع مش لطيفة ، أنا دلوقتى اتأكدت إنه مفبركها، طبعا زين لما شاف الصور انسحب ، مروان استغل دا وطلب من باباه يتقدم لعلياء وأكيد هو اللى رتب موضوع كتب الكتاب دا عشان يحطها ادام الأمر الواقع ويجبرها توافق عشان شكل أهلها وسمعتهم وسط الناس
رانيا باندهاش مما تسمعه : مروان دا ايه! معقول توصل به الدناءة للدرجة دى!
هشام : طول عمره بيكره زين ، وبيعمل المستحيل عشان ياخد منه اى حاجة بيحبها، بس الصور فبركها انما التسجيل بتاع زين دا عمله ازاى
هند : كده زين وعلياء لازم يفهمو كل حاجة و يعرفو إن كل واحد فيهم ظلم التانى
هشام : بصى أنا هكلم زين ونتقابل بكرة فى النادى وانتى عليكى تجيبى علياء ونواجههم باللى وصلناله ونسيب كل واحد يطلع اللى جواه
ابتسمت هند ابتسامة خفيفة : زى ماخليناهم يتقابلوا أول مرة
هشام : المرة دى هتبقى غير، دا كل واحد فيهم شايل ومعبى ناحية التانى
غادر هشام ورانيا على وعد باللقاء فى اليوم التالى لتتم المواجهة بين زين وعلياء
بعد قليل هاتفت علياء هند لكى تذهب لاصطحاب يوسف، نزلت هند إلى علياء المنتظرة أسفل العمارة
هند : مطلعتيش ليه ؟
علياء : معلش يا هند تعبانة شوية ومش قادرة أتكلم
هند : طب انتى رحتى فين ؟
علياء : رحت لطنط ايمان، كنت محتاجة أتكلم معاها شوية، وعشان خاطري متسأليش اكتر من كده عشان أنا مش فى المود ، يالا بقى نمشى
هند : لا إستنى ، حسام داخل علينا أهو هنوصلك، هو قال نستناه
أومأت لها علامة الموافقة
يوسف : ماما ممكن نشترى شيكولاتة
علياء : حاضر يا حبيبى. ذهبت لتلبية طلب طفلها وطلبت من هند انتظارها لحين عودتها. لكنها لم تكن مدركة لما سيحدث، فهى لم تلاحظ السيارة التى يجلس بها مجموعة اشخاص تترصد الموقف وينتظرون الفرصة المناسبة لتنفيذ خطتهم
ففور ابتعادها بيوسف حتى اقتربت منها السيارة وترجل منها شخصان، قامو بطرحها ارضا واختطاف يوسف داخل السيارة وانطلقو بسرعة البرق. حدث كل هذا وسط صراخها وتحت مرأى ومسمع هند التى تشبثت بطفلتها خوفا وحسام الذى وصل بسيارته وترجل منها راكضا تجاه أخته الملقاة ارضا
اما عند زين ، فقد توجه إلى منزل ايمان حيث يجد راحته فى الحديث معها ولكنه لم يكن يعلم ما ينتظره من مواجهة ساخنة معها أو كما أطلقت عليها ايمان إعادة تربية له. ففور ان دخل واغلق الباب خلفه، بادرته ايمان بصفعة مدوية على وجهه و علامات الغضب متجلية على وجهها، نظر لها زين متعجبا ومستفسرا عن سبب تلك الصفعة
ايمان : دى عشان أنا معرفتش أربى ابنى الكبير، ابنى اللى كنت مفكراه راجل يتحمل المسئولية بس للأسف طلع كداب وبيلعب ببنات الناس
زين بهدوء عكس مايعتمر بداخله من بركان ثائر : ممكن حضرتك تفهمينى انتى بتتكلمى عن ايه؟ أنا عمرى ماضحكت على اى بنت أو خدعتها
ايمان : وتسمى اللى انت عملته مع علياء زمان إيه ؟ تعلقها بيك وتعشمها بالجواز وتجرح قلبها دا اسمه ايه ؟ لما تقول لاخوك إنك زهقت منها وانها حلال عليه دا اسمه ايه ؟
لم يتمالك زين نفسه وانفجر بركانه الثائر لينفى عن نفسه التهم التى تلقيها ايمان على مسامعه: محصلش ، كل دا محصلش، أنا فعلا حبيتها وكنت هتجوزها ، بس للأسف منفعش، مش أنا اللى ضحكت عليها، هى اللى خدعتنى هى وابنك ، هما اللى كانو مستغفلنى ومقضينها مع بعض، كانو بيحبو بعض وبيتسلو بيا
ايمان : علياء عمرها ماحبت مروان ، أنا كنت دايما شايفة دا فى عينيها، مافيش واحدة هتحب واحد بيعاملها وحش ويهينها وتوصل كمان انه يخونها، مافيش واحدة هتحب واحد حرمها تزور أبوها فى المستشفى فى آخر ايامه، مافيش واحدة هتحب واحد منعها تاخد عزا أمها وحبسها فى البيت عشان متخرجش، ولا مروان كان بيحب علياء لانه لو كان بيحبها مكنش عمل كل دا فيها.
زين : وصورهم مع بعض ، وكلام مروان عن قصة الحب العظيمة اللى بينهم
ايمان : كنت أقعد مع علياء وافهم اللى حصل وواجهها واتأكد من كلام مروان ، بس أنت اخترت الهروب
قاطع حديثهم صوت طرقات عنيفة متواصلة على الباب ليتوجه زين مسرعا لفتحه ويتفاجأ بعلياء وحسام وهند وقد كان منظرهم يغنى عن اى كلام
نهاية الفصل