رواية كيف لي ألا أحبك
الفصل التاسع
أتسعت حدقة عينيها عندما ألتقت بعينيه لم تعرف كيف أتي أليها وقد مر وقت طويل منذ أخر مرة رأته بها أقترب منها كاد أن يضمها أليه بلهفة ولكنه لم يفعل ذلك فهي محرمة عليه فقال لها بتنهيدة :
– الحمدلله اني لاقيتك تاني
أبتلعت ريقها وقالت بإستغراب :
-انت ازاي جيت هنا ؟
أجابها قائلاً :
– دورت عليكي ولاقيتك
نظرت له قبل أن تردف قائلة :
-بعد اذنك عندي شغل
كادت أن ترحل من أمامه وهي تهرب من ألتقاء عينيهم فأمسك ذراعها وقال بنبرة صارمة :
-انتي فكراني هسيبك تضيعي من ايديا تاني .
أزاحت يديه عنها بقوة قبل أن تقول له بغضبٍ :
– شكلك غلطت في العنوان انا مش الاء انا واحدة تانية .
أبتعدت عنه قليلاً فأوقفها وهو يقول :
– الاء اسمعيني انا مصدقت لاقيتك انتي مش متخيلة اننا قد ايه قلقانين عليكي ودورنا كتير اوي أنا مبروحش شغلي بسببك
ألتفتت له وقالت :
-قولهم متدوروش لانها ماتت وخليهم ينسوني وأنت كمان أعمل زيهم
تركته ورحلت ظل يراقبها بقهر حتي أختفت عن نظره
أمسك هيثم هاتفه وطلب أحدي الأرقام فأجابه الطرف الأخر فقال هيثم:
– أيوة يا مصطفي أنا لأقيت الاء .
دلفت شيماء غرفتها فوجدتها تدمع وعندما رأتها مسحت دموعها سريعاً قبل أن يُفتضح أمرها فسئلتها شيماء :
– فيه ايه ؟
أخبرتها الاء بكل شئ حدث معها من أن وجدت هيثم بالمشفى فاشتد غضب شيماء وقالت:
– بت انتي غبية انتي ليه تعملي كدا
أبتلعت ريقها وأزاحت وجهها بعيداً عنها :
– مش عاوزاه يتعلق بيا
تابعت شيماء بإستنكار من تصرف الاء معه :
– افضلي كدا بومه واديه طفش منك
تنهدت الاء وقالت :
– انا منفعلهوش يا شيماء عمرنا ما هنبقي لبعض
سئلتها شيماء قائلة :
-ليه مينفعش ؟
نظرت لها الاء وكأن قلبها يأبي أن يعلق بأحبال دائبة معه فهو بالتأكيد مصيره مع زوجته وهي ستعيش هكذا ضائعة بدون هدف لا تعلم أين يستقر أبنها وبأي بلدٍ ضمت ساقيها من صدرها بوضعية كئيبه تصارعت أفكارها هل يمكن أن يقول لأهلها عن مكانها ليأتون ويأخذونها رغمٍ عنها أم أنه سيفعل ما قالتُ له عندها تذكرت محمود فضيق صدرها وهي تقول :
– ياتري عامل أيه دلوقتي بعد ما سبته.
في شقة محمود بمصر الجديدة دلف مع فتاة جميلة عيونها زرقاء كزرقة مياة المحيط وشعرها بني طويل ترتدي فستان قصير يظهر أكثر ما يخفي من جسدها الأبيض كبيض القمر ظل يترنح كالسكير وهو يستند علي كتفها أسندته حتي دلفوا غرفته أنامته علي سريره فنظر لها وجدها هي أمامه الاء فقال بغضب وهو يقبض علي معصمها :
– سيبتيني ليه.
ضحكت بميوعة قبل أن تردف :
– سيبتك أيه يا راجل ينيلك الصنف دهملك خالص.
أمسكها من يديها بقوة وقال :
– هموتك بإيدي .
عندها غمزت له الأخري وأقتربت منه أكثر لتقول هامسة :
– طيب ما توريني هتموتي ازاي .
هكذا كان منذ أن تركته وكسبت قضية الطلاق يسهر بالملاهي الليالي ويسكر حتي يفقد وعيه من كثرة الشرب لم يعد يذهب للمشفي بل يُقضي معظم وقته بالبحث عنها وبالليل سهرته مع أحدي فتيات العاهرات التي يتخيلها الاء لينتقم منها ويخرج جميع ما بجوف صدره من تضايق ويهدئ قلبه .
مر حوالي يومين حتي وصل مرة أخري الي أسوان وبالتحديد مركز الدكتورمجدي يعقوب وقف قليلاً أمام باب المشفي وهو يحمل ملف عمله فألتقط أنفاسه قبل ما يتقدم للداخل رأي تزاحم الناس وسمع صراخ الأطفال من تألمهم حدق بوجوه الجميع فشرد قليلاً وهو يتذكر ما حدث قبل يومين
جلس مصطفي مع هيثم فأخبره أن الاء تعمل بمركز القلب بأسوان وقف مصطفي وقال :
– أنت قاعد ليه يالا نروحلها نجيبها.
أمسكه هيثم واجلسه قائلاً :
– مش هترضي تيجي أنت عارف أختك عنيدة.
أشتد غضب مصطفي وقال :
– عنيدة علي نفسها تيجي غصب عنها مش كفايه قعدتنا شهور بندور عليها.
تنهد هيثم وقال :
– أنا عندي حل للموضوع دا.
نظر له مصطفي بإهتمام وهو يستمع له فاق من شروده وهي تقول له الممرضة :
– يا أستاذ
نظر لها وقال :
– بتكلميني أنا .
أجابته قائلة :
-حضرتك عاوز حاجة
أردف قائلاً :
– عاوز أقابل الدكتور مجدي.
في المساء دلفت غرفة الأطفال فقالت لهم :
-مينفعش كدا لازم تاخدوا الدوا علشان تخفوا وتمشوا من هنا .
أخذوا يصيحون طالبين أن تحكي لهم قصة من كتاب كليلة ودمنة
فقالت لهم :
– لا تخدوا الدوا الاول وبعدين أخلصوا لو الدكتورة مرت عليكم وملاقتنيش اديتكم الدوا هتزعقلي انتم يرديكم
دلف الغرفة فقال :
– السلام عليكم.
أنتبهت الي صوته المميز وألتفتت لتحدقه بصدمة لما يرتدي من ملابس الأطباء فقالت له :
– هيثم أنت أيه اللي جابك وايه اللي أنت لابسه دا ؟
أبتسم لها بخبث قبل أن يجيبها قائلاً :
– انتي متعرفيش مش انا اتعينت هنا
أتسعت حدقة عينيها وقالت بصدمة مما قال : – نعم !
أقترب منها وأزاحها عن طريقه وهو يقول :
-فسحي بقي شوية علشان اكشف علي الأولاد
نظرت له بزهول فهي لم تصدق انه قد يفعل ذلك فوجدته يعرف نفسه قائلاً:
– اسمي هيثم اعتبروني اخوكم الكبير او باباكم ولو فيه اي حاجة مضايقاكم الابلة دي
ثم شاور علي الاء فتابع :
-مزعلكم قولولي.
زفرت الاء بغضب من اسلوبه الأستفزازي معها وخرجت من الغرفة ناحية المدير
فأبتسم من رد فعلها وقال :
-يالا يا حبايبي كله علي سريره علشان أكشف عليكم .
تلجلجت الاء وهي واقفة أمام رئيس التمريض :
– هو مش المسئول عن الأولاد دكتورة شرين
أجابها قائلاً :
-الدكتورة شرين أخذت العناية.
زفرت بشدة فقال لها :
– عاوزك تعمليه كويس وتعرفيه علي الاطفال علشان ياخدوا عليه ويحبوه ومن هنا ورايح هتبقي المساعدة بتاعته لانه لسه جديد معانا
أستأذنت بالرحيل وخرجت أخذت تدبدب بالأرض بغضب فدلفت الحمام غسلت وجهها وهي تحاول أن تهدئ من روعها وتصنع تمرينات التنفس فتركت المكان وأتجهت مرة اخري الي الغرفة عند هيثم ولكنها وجدته يجلس بجانب أحد الاطفال علي الفراش والجميع مقتربين منه واخذ يحكلهم عن قصص الأنبياء
فتضايقت من تقبل الأطفال له بهذه السرعة فقالت :
-انتم لسه منمتوش قوموا يالا ناموا
نظرلها هيثم فتضايق من رد فعلها :
-سيبهم قاعدين معايا أنا لسه مخلصتيش القصة
رمقته بنظرات غضب قبل أن تقول :
-انا قولت يناموا يعني يناموا يالا كله علي سريره
تركتهم خرجت من الغرفة فتابعها ونادي عليها :
– الاء .
وقفت وقالت له بغضب وبنبرة صارمة:
-الزم حدودك يا دكتور واعرف ان محديش يعرف حاجة عننا احنا الاتنين هنا
حاول أن يتكلم معها قائلاً :
-طيب اسمعيني أنا عاوز أتكلم معاكي
أردفت بجدية :
– مفيش مابنا كلام غير الشغل بعد اذن حضرتك
زفر هيثم بشدة ولوي ثغره من تحولها هكذا أرتعش هاتفه المحمول بجيب بنطاله فأجاب :
-ألو سلام عليكم.
قال له مصطفى بفضول :
– ايه يا هيثم عملت ايه
تحرك هيثم ناحية سكن الأطباء وقال بمزاح :
-اختك دي هخنقها وأخلص منها
سئله عن ماذا حدث فاخذ يحكي له عما فعلته وبطريقتها الجامده معه فتابع مصطفى قائلاً :
– اعذرها هي شافت كتير في حياتها .
تنهد قبل ام يردف :
– والله اللي مصبرني عليها اني عارف انها كرهت الصنف كله وبتشك في صوابع ايديها بس انا غير اي حد
قال له مصطفى :
– والله يابني انا عارف بس مفيش حاجة بتيجي قفش كل حاجة بالتأني مش دا كلامك .
دلفت غرفتها فجلست علي السرير تذكرته وهو يجتمع الاولاد حوله ويحكي لهم القصص الدينية أبتسمت بعفوية سرعان ما أختفت تلك الأبتسامة وقالت :
-ايه دا انا بفكر فيه ليه اوف بقي
في اليوم التالي أتي رئيس التمريض وزع المهام علي الممرضات فعندما اتي عند الاء قال :
-انتي هتسيبي الغرف وهتنزلي الاستقبال مع دكتور هيثم .
تضايقت من حكمه وقالت :
– ليه حضرتك انا مش عاوزة انزل الاستقبال خليني علي الغرف الاولاد اتعودوا عليا .
قال لها بنبرة صارمة :
-نفذي يا انسة وبلاش دلع
زفرت بشدة وقالت بحنق :
-وهو فين دلوقتي
سئلها :
– هو مين ؟
أجابته بتضايق :
– دكتور هيثم
أخبرها بمكانه بالإستقبال أتجهت ناحية المصعد ونزلت به الدور الأرضي فتجهت ناحية غرفة الاستقبال وجدته يفحص طفل
استاذنت بالدخول فقال بنبرة لم تعتدها عليه :
– اتاخرتي ليه ؟
أردفت قائلة :
-لسه دلوقتي عارفة اني هنزل الاستقبال مع حضرتك
نظر لها وقال وهو يشير لها بيديه كي لا تتكلم :
– خلاص بطلي رغي وعلقي محلول لسيف
تضايقت من طريقته الباردة تلك فتركها وخرج ليطمئن والدة الطفل ودلف لعندها مرة أخري وجدها تبحث عن وريد الطفل بيديه الصغيرة فأقترب منها وأمسك عنها الأبرة المحلول وقال :
– وسعي انا هعلقهوله انتي مش عارفة تعملي حاجة روحي هاتي الادوية دي وتعالي .
كان عمله شاق فعاملها كأي ممرضة ولكن كان اشد صرامة معها في نهاية اليوم أتجهت ناحية رئيس الممرضات قالت :
– لو سمحت يا استاذ عدلي متخلنيش مع دكتور هيثم
سئلها بإهتمام :
-ليه بقي إن شاءالله ؟
فركت بيديها قبل أن تقول له :
-شغله صعب وانا مش مستحملة طريقته و
قاطعها عدلي بتهكم قائلاً :
– احنا هنا بنلعب اتفضلي شوفي شغلك يا الاء.
خرجت من عنده واكملت مع هيثم يومها كان فرحاً لتقربه منها مرة أخري ولكنه أحب أن يقسوا عليها حتي يخبرها أنه يريدها بحياته ويري هل تتحمل أن يتعامل معها كزملاء أم لا ولكنها لم تعطيه فرصة للكلام معه فقرر أن يتبع معها أسلوب التجاهل ويري ردة فعلها معه انتهوا من العمل فدلفت غرفتها ارتمت علي السرير بإرهاق فقالت لنفسها بصوت مسموع :
– ايه اللي جابك يا هيثم هي كانت ناقصك
مر حوالي اسبوع وهيثم متجاهلها وكانها ممرضة عادية تعمل معه تضايقت من طريقته واصبحت تتعب من إرهاق العمل معه ولكنها عندما دلفت غرفتها وجدت باقة زهور ذات اللون الأحمر تنتظرها علي الفراش علمت أنه هو من فعلها فامسكته ووجدت به ورقة بها :
– علي الله يطمر فيكي يا رخمة.
أبتسمت لثواني فرحة أنه مازال يكن لها مشاعر ولكنها ترفض ذلك فقد لا تريد أن تعود تلك الصراع وهي ما أستطاعت أن تبتعد عنه فإنه لن يقبلها أبيه وسيعود لزوجته بيوم وهي ستظل وحيدة كما أعتادت ،أخذت تلك الزهور وخرجت لتتجه الي سكن الأطباء طرقت بابه ففتح لها وعندما رائها أزدادت ابتسامته وقال :
– عجبك الورد .
أعطته الباقة وأردفت قائلة :
– عاوز ايه مني يا هيثم
تضايق منها وقد تبدلت ملامحه :
-انتي مش عارفه أنا عاوز أيه ولا بتستهبلي
أزاحت وجهها بعيدا ً عنه قائلة :
-سبق وقولتلك شيلني من دماغك
أبتلع ريقه قبل أن يجيبها قائلاً :
– شيلتك من دماغي بس هتعملي أيه في قلبي اللي مش عارف يشيلك ولا ينساكي.
نظرت له وجدته ينظر لها وعينيه تترجاها بأن تبقي معه ولكنها قالت بحزن :
– بكرة الأيام هتنسيك يا هيثم زي ما نستني.
ألتقطت أنفاسها وتركته مهرولة ناحية الغرفة الخاصة بها مع شيماء أغلقت الباب خلفها وأمتلئ عينيها بالدموع فجلست خلف الباب تبكي،جلس علي أقرب كرسي وهو يحدق بتلك الزهور فأمتلئ عينيه بالدموع وتركها بجانبه بعدما تذكرها وهي تقول :
– الايام هتنسيك زي ما نستني.
في صباح اليوم التالي خرجت من الغرفة عينيها كقطعتين الجمر أتجهت نحو عملها فقابلت هيثم فعندما وقع عينيه عليها أزاح وجهه الناحية الأخري ودلف غرفة رئيس التمريض عدلي وقفت بجانبها شيماء وقالت لها :
– مال عينك زي كاسات الدم كدا ليه؟
أجابتها :
– مفيش منمتيش كويس.
خرج عدلي وأخبر الجميع مهامه
خرجت مع دكتورة دعاء فوجدت هيثم معه احدي الممرضات يكلمها بطريقة حسنة فتضايقت بشده فعندها ضحك مع الممرضة لم تعرف لما ذلك الشعور السئ الذي سيطر عليها
ذهب صبري لعند سعيد وقابله ولكنه كان متضايق منه لأنه لم يتخذ موقف من أبنه لما فعله مع مي ولكنه قال له :
– أنا عاوز نجمعهم من تاني وجاي علشان أرجعهم لبعض.
ضحك سعيد بسخرية وقال :
-ترجع مين يا صبري أنت ملكش حكم علي أبنك ولو كان عاوز يرجعلها كان جالها لحد عندها هنا .
صمت صبري وهو لا يعرف ماذا سيقول لأخيه فإن ولده الساذج الذي ترك زوجته وعمله من أجل تلك الفتاة التي لا يأتي منها غير المشاكل ، أحست بضيق صدرها فأخذت أنفاسها بصعوبة أسرعت بالتوجه ناحية شيماء أستحثتها بأن تكمل عملها
سئلتها شيماء بلهفة :
– مالك
أجابتها الاء قائلة :
– مفيش تعبانه شوية هروح أرتاح في الأوضة
خرجت من الغرفة سريعاً فشعر بها هيثم ان هناك شئ فسار خلفها ونادي عليها لما تركت المكان مسرعة هكذا ألتفتت له فتقدم ناحيتها قال لها :
– أيه يا الاء خرجتي بسرعة كدا ليه.
حاولت التماسك أمامه ولكنها لم تقدر علي ذلك ففقدت وعيها فلحقها قبل أن تقع علي الأرض وأسندها صاح بها ليجعلها تنتبه أليه
اجتمع حوله الممرضين وشيماء أتت أليه مهرولة فحملها علي ذراعيه وأتجه بها ناحية الأستقبال
جلس الأطباء ينظرون للأشعة خاصة بالاء فقال أحدهم :
-مفيش حل غير الجراحة
فوافق الجميع علي تلك الجراحة ولكن هيثم قال :
– ياجماعة الجراحة لو اتعملت غلط هيحصل حاجة من الاتنين لاما تفقد القدرة علي الحمل او تفضل طول عمرها تعمل عمليات وهي مش هتستحمل دا
قال لهم كبير الأطباء ورئيس القسم :
-دكتور هيثم معاه حق لازم تبقي جراحه دقيقة لتوسيع الصمام التاجي .
صمت الجميع فعندها وجه كلامه ناحية هيثم :
-دكتور هيثم انت اللي متابع حالتها
أجابه هيثم :
– ايوة يا دكتور
فعندها أكمل قائلاً :
– استعد للجراحة
نظر الجميع بإستغراب لهيثم فأبتلع ريقه قبل أن يقول :
– حضرتك انا
أردف الطبيب قائلاً بحزم :
– مفيش نقاش انت قدها وأنا واثق فيك
تركه هيثم وخرج ليتجه لغرفة المتواجدة بها وجدها تنزع المحلول من يديها فأوقفها فأبعدت يديه عنها وقالت :
– سيبني ملكش دعوة بيا وسع
أقترب أليها بشدة وحدقها قائلاً :
– تعرفي تسكتي خالص.
أبتعدت عنه وصمتت فأكمل :-.أنا جاي أقولك أستعدي للعملية
أمتلئ عينيها بالدموع وأرتعدت لثواني كادت أن تدمع فقال لها وهو يجلس بجانبها :
– انا معاكي متقلقيش من حاجة والموضوع تافه جداً أوعدك أن شاء الله كل الألم هيروح.
دمعت قبل أن تقول :
– لو سمحت سيبني لوحدي
تنهد وأعتدل واقفاً قبل أن يردف قائلاً :
– حاضر هسيبك ترتاحي شوية بس لعلمك مش هسيبك كتير يا الاء
تركها هيثم ورحل كلم مصطفي وحكي له كل شئ في المساء اتي اليها هيثم ولم تريد ان تراه امامها
فقال :
– طيب وحبايبك دول مش عاوزة تشوفيهم
دلف لعندها الأطفال فقالوا وهم يندفعون نحوها:
-ابله الاء
فرحت الاء كثيراً بالاولاد وقالت لهم:
– ايه المفاجأه الحلوة دي
اردف هيثم :
-انا هسيبكم شوية مع الابلة بس متتعبوهاش
ابتسموا وقالوا بصوت واحد :
-حاضر
تركها وغادر الغرفة ،باليوم التالي دلف غرفتها فلم يجدها فسئل عنها احدي الممرضات فقالت له :
-في الجنينه
نزل هيثم وجدها تجلس علي كنبة وتنظر للسماء فاقترب منها وقال :
– الاء
نظرت له فدمعت فسرعان ما مسحت دموعها فجلس بجانبها
أردفت قائلة :
– هيثم انا ظلمتك كتير معايا دايماً كنت واقف جمبي في حزني قبل فرحي سامحني
نظر لها قبل أن يقول :
– الاء متقوليش كدا انا مهما تكوني هفضل جنبك وهساعدك لحد اخر يوم في عمري
تنهدت ونظرت امامها مبتعدة عن رؤية وجهه سئلته :
-انت سبت دكتورة مي ليه ؟
أجابهابتضايق :
-اسباب شخصية .
نظرت له وقالت بغضب :
– انت سبتها علشاني صح
زفر هيثم وقال :
-انا مش ظالمها
تابعت قائلة :
-دكتور هيثم لو فعلا لسه بتعزني ارجعلها
أجابها قائلاً بستنكار :
– انتي بتقولي ايه انا مستحيل ارجعلها انا عاوزك انتي .
وقفت وأكملت :
-كفاية بقي انا تعبت مش عاوزة اخوض تجربة تاني في حياتي انا اتعذبت كتير مش عاوزة اتعذب اكتر من كدا ربنا مش بيرضي بالظلم
أستئنف كلامه بوعدٍ :
– الاء ثقي اني عمري ماهاجي عليكي انتي مني انا بحبك ويعلم ربنا اني هحطك في عنيا
دمعت عينيها وقالت :
– ياتري انت متفق مع مين راخر
حدقها قبل ان يردف :
– انتي بتشكي فيا
لوت ثغرها قبل أن تقول :
– اللي شوفته في حياتي خلاني أشك في كل اللي حواليه أذا كان أحب واحد لقلبي عمل فيا كدا وخلاني مدمنة وكان عاوز يخلص مني أنت أيه
صمت فكادت أن ترحل مبتعدة عنه فأوقفها قائلاً :
– اللي وافق انه يسافر معاكي لأخر الدنيا بس علشان يجبلك حقك وبعد عن اهله ووقف قدام ابوه وضيع مستقبله كله علشانك تفتكري يبقي أيه ألتفتت اليه وهو يحدثها :
-و اللي عاش مع واحدة تانية وكان كل يوم بيتخيلها انتي علشان يعرف يعيش معها
نظرت له ودمعت فتابع :
– اللي كان بيموت كل يوم وانتي بعيدة عنه وعارف انك نايمة في حضن غيره وكان نفسه يموته بس علشان تبقي لي دا بردو شاكه فيه
دمعت فأكمل قائلاً:
– اللي عايش علي ذكري ايام قضاها معاكي وساب شغله وفضل يدور عليكي و مهمهوش اي حاجه في الدنيا غيرك
اردفت قائلة :
-ليه دا كله انا مستهلش
أجابها بحنق :
-متقوليش كدا انتي اغلي حاجة في دنيتي
اقسملك باللي خلقنا بحبك ونفسي نعيش مع بعض عمرنا كله
ألتقطت أنفاسها من البكاء
فقال لها :
– انا مش عاوز منك اكتر من انك تبقي جمبي
دمعت وقالت :
– صعب ابقي جمبك لأني مضمنش أعيش ولا
قال لها :
– متكمليش أن شاء الله هتعيشي
تركته وذهبت لغرفتها وهي تبكي فجلس علي الكرسي وحدق بالسماء وناجي ربه قائلاً :
– عديها علي خير يارب وخليهالي
في اليوم التالي اتي اليها بعدما أرتدي بدلة الجراحة نظر لكفيه حاول أن يمتلك أعصابه فتنهد وأتجه للخارج ناحية غرفتها نظر أليها وجدها قد أرتدت ملابس العمليات تداري شعرها الأسود بغطاء معقم وقال :
– الاء
ألتقطت أنفاسها وقالت :
– ايوة يا هيثم
أمرها بأن تتسطح علي الترول الطبي وغطئها جيداً فقالت لها شيماء :
– متقلقيش يا لولو هتخرجي علي خير
أبتسمت لها الاء وأمسكت يديها فتحرك بها الممرضين للخارج ، قبل أن تدلف غرفة العمليا أتي مصطفى ومحمد فأحتضنتهم بشدة وهي تدمع فمسح دمعها وهو يطمئنها :
– باذن الله هتخرجي بالسلامه ياحبيبتي.
أبتسمت لهم ونظرت لمريم التي تدمع فبسطت لها كفها لتمسك يديها فتقدمت ناحيتها وأحتضنتها بشدة وبكت وقالت :
– الاء
ابعدتها عنها وقالت :
– متعيطيش .
أمسكت يد مصطفي وقالت :
-سمحوني لو في يوم جيت عليكم او اذتكم في حاجه
رتب علي يديها وقال :
-متقوليش كدا انتي مفروض تسمحينا اننا جينا عليكي كتير أوي.
دمعت وامسكت بيد مصطفي بشده وكأنها أخر مرة ستراه بها أتي هيثم أليهم وقال :
– يالا يا الاء.
حرك الممرضين السرير فتركت يد مصطفى وأغمضت عينيها فنزلت دمعها وقف مصطفي علي باب العمليات ونظر لها حتي أختفت عن عينيه بالغرفة الأخري وضعوها علي سرير العمليات فمسحت دمعها فحاول طبيب التخدير أن يضحكها :
– أيه يا الاء فين اللي بتهيئ الأطفال نفسياً للعمليات بقيتي قطة
ضحكت وقالت له :
– قطة أيه دا بقيت كتكوت
فحقنها بحقنه المخدر فأغمضت عينيها لتغيب بعالم أخر نظر هيثم لطبيب التخدير بعدما أرتدي نظارة التكبير الخاصة بالعمليات الجراحية الدقيقة فقال :
– خلصت يا رأفت .
هز رأسه بإيجاب ألتقط أنفاسه بعدما ألقي عليها نظرة فقال للممرضة وهو يبسط لها كفه الأيسر قائلاً:
-مشرط .
-ماما ماما
نظرت لها والدتها فأبتسمت وهي ترتدي عباءة بيضاء فضفاض كجلباب الحج لها فتقدمت الاء لعندها وأحتضنتها بشدة فأردفت الاء لها:
– خديني معاكي يا ماما بابا واحشني فأتي من بعيد أبيها يبدو وسيماً للغاية فهو رجل أبيض الوجه ملامحه تشبه ملامح مصطفى الي حد كبير فهرولت ناحيته أحتضنته فتركها وأمسك بيد فردوس وأبتعدوا عنها حاولت ألحقهم ولكنهم أختفوا فجأة في هيئة حمامتين بيضاء حلقوا بسماء زرقاء فصرخت :
-رايحين فين متسيبونيش هنا لوحدي
فصرخت قائلة :
-ماماااااااااا
فتحت عيونها وقالت بصوت منبوح ومتألم من أنبوبه التنبيب :
– ماما
وجدتها نائمه بغرفه العنايه المركزه جهاز قارئ المؤشرات الحيوية يصنع صوتاً قوياً يزعجها ولكنه كان يجلس بجانبها فرح عندما وجدها أستفاقت سئلها بإهتمام :
– الاء انتي كويسه
اومأت بإيجاب فقال :
– تعرفي تفتحي ايديك اليمين وتقفليها
حاولت فقبضتها أبتسم هيثم وأخذ يطلب منها رفع قدميها ففعلت فأزدادت فرحته بها وقال لها:
– حمدالله علي سلامتك يا حبيبتي ارتاحي دلوقتي ومتتعبيش نفسك .
اغمضت عينيهاظل هيثم يعتني بها بالمشفي حتي استردت صحتها اما عن مريم فهي من ساعدتها بأن تتحسن صحتها لم يريد محمد أن تكمل عملها بهذه المشفي وأصر انها يجب أن تعود معهم لمنزلها وبالفعل أتت معهم فهي لن تتحمل العمل بعد تلك الجراحة جلست مريم معها بالشقة حتي لا تشعر بالوحدة أما عن هيثم رجع لعمله مرة أخري فعلم محمود أنها قد عادت حاوب ان يراها أكثر من مرة ولكن مريم منعته من ذلك فهي لا تعلم كيف سيؤثر ذلك عليها أجبر صبري أبنه أن يعود لزوجته ولكنه رفض ذلك وقال له :
– أنا من حقي أتجوز وأخلف ويبقي عندي أولاد ليه عاوز تحرمني منهم بعيشتي مع مي.
تركه صبري غَضِب بعدما أخبره هيثم أنه يريد ان يتزوج تلك الفتاة وسيفعل ذلك سواء كان بموافقته أم لا.
دلف شقتها وهو يرتدي بذلة سوداء أنيقة قصر لحيته قامت مريم وعلياء زوجة محمد بأطلاق الزغاريد
التفتت خلفها فوجدته وقف يبتسم لها والفرحه تغمر عينيه فسئلته :
– كل دا تاخير
قال لها :
– أسف
أردفت قائلة:
– ماشي برة بقي لما المأزون يجي ابقي تعالي
ضحك وقال :
– دا خلل بره يا حبيبتي يالا
خرجت فجلس يحضر أوراقه فتنهد هيثم وقال :
– هموت واعرف انتي ليه رفضتي نعمل فرح في قاعه
نظرت له وقالت :
– ملهوش لازمه وبعدين انا هبقي مستريحه كدا
نظر لملابسها فهي ترتدي فستان فستان فضفاض لونه وردي وخمار طويل لونه سكري ما يليق عليه :
-حتي الفستان يالاء مكنتيش عاوزه تلبسيه
تابعت قائلة :
-انت ليه مصمم تضايقني انا مش عاوزه فستان يا سيدي انت فكرني بنت العشرين وعاوزه فستان وزفه وبعدين احنا ورانا مصاريف كتيره سفر ورساله ليك متتعبش نفسك انا لبست فستان ابيض مرتين ومحستيش فيهم بالفرحه يبقي الفستان مش هو اللي هيفرحني
امسك هيثم يديها وقبلها قائلاً :
-ربنا يقدرني وافرحك
أمسك هيثم يد محمد ليكتب الكتاب
فأمتلئ قلبها فرحه وكأنها اول مره تتزوجه وبالاصح اول مره تتزوج
بعد كتب الكتاب أمسك يديها فشعرت بالحرج واحمر وجنتيها خجلاً أقربها أليه وقبل جبهتها نظرت له وجدت عينيه تشع فرحة لم تراها بعينيه من قبل وكأنه أمتلي العالم أخذها وذهبوا لمنزلهم دلف قبلها وقال :
-ادخلي برجلك اليمين يا عروستي.
دلفت الشقه وهي تخطوا بقدميها اليمني
اغلق باب الشقه وتنهد بإرتياح فقال لها :
– يااااه انتي طلعتي عين امي علشان اللحظه دي
أعطته ظهرها وقالت بخبث :
-ليه يعني انا جيت جمبك وبعدين محديش قالك تعمل علشاني كل دا.
اقترب منها ليصبح أمامها مباشرة وقال :
– اعمل أيه ما هي مرايه الحب عاميه
ضحكت فقال لها :
-ممكن تغمضي عينك.
أغمضت عينيها فأخرج من جيب بنطاله الأسود علبة صغيرة من ثم أخرج منها خاتمها أنحني ليمسك يديها ووضع به خاتمها فقال لها :
– أفتحي عينك.
فتحت عينيها وجدت خاتمها فنظرت له وأمتلئ عينيها بالدموع وقالت بفرحة :
– أيه دا؟
أبتسم وقال :
– كان عندي يقين بالله أني هلبسهولك في يوم من الأيام
أبتسمت له بفرحة فأنحني ليقبل يديها وقال :
– نبدا حياتنا بصلاة ركعتين لله علشان يهدينا لبعض.
اؤمات بإيجاب فأنحني بجسده وحملها فقالت له بخجل :
– بتعمل ايه؟
قال لها مازحاً :
– هشيلك علشان ادخل بيكي الأوضة مش كل العرسان بيعملوا كدا
ضحكت بشدة ودلفت معه لغرفتهم ليصلون معاً
جلس ماهر مع أمه وهي تطعم صغيره فرن هاتفه أمسكه وأجاب ولكن أتسعت حدقة عينيه عندما علم أن الاء قد تزوجت هيثم فألقي هاتفه بقوة فقالت له والدته :
– فيه ايه يا ماهر.
كز علي أسنانه وقال :
– بنت …. الاء أتجوزت تاني.
لوت ثغرها بغضب وقالت :
– أنت مالك بيها اللهي تولع حتي أنت مش في حضنك ابنك.
زفر ماهر بغضب فقالت له بتضايق :
-أوعي تكون لسه بتحبها.
نظر لها وقال بتلعثم :
– هي أصغر من أن ماهر العراقي يفكر فيها .
تركته وأخذت تداعب حمزة فأخذ يفكر ماذا سيفعل وهي لا تعرف ما يدور بعقل أبنها
في اليوم التالي فتحت عينيها وجدته نائم بجانبها ينظر لها وعلي وجهه أبتسامة كبيرة
اعتدلت بجلستها فسئلها أنامت جيداً فأجابته بالإيجاب ولكنه اخبرها أنه لم تذوق جفنيه حلاوة النوم فسئلته :
– ليه منمتيش؟
ازاح خصله شعرها الأسود عن عينيها البنية وقال :
-لانك نايمه جمبي حاسيت اني في حلم خوفت انام واقوم ملاقيكيش جمبي .
أبتسمت له وأخبرته أنها تريد ان تأكل وهي تحاول ان تداري خجلها منه فقال لها :
– بس كدا عنيا عشر دقايق وفطارك هيبقي قدامك يا عروسة.
أردف صبري مبرراً :
– مقدرتيش عليه الولد انفعل جامد وصمم انه يتجوزها
اشتد غضب ماهر فقال له :
– ايه شغل العيال دا يا صبري انت ملكش حكم عليه وأنا اللي قولت أنك هتنهي الموضوع دا.
حاول صبري أن يخفض من روع ماهر :
-ياماهر بيه هو عشقها وانا مش قادر امنعه عنها والله حاولت كتير
اغلق ماهر المكالمه دون أن يقول له وداعاً ظل واقف ينظر بنقطة ما في حائط الشركه وهو يقول :
– اما جبتك تحت رجليا يا هيثم الكلب مبقاش ماهر العراقي
رن جرس الباب كادت ان تتقدم له لتفتحه فاوقفها هيثم قائلاً :
– استني عندك رايحه فين
قالت له :
-هفتح الباب دول اكيد اخواتي
نظر لملابسها التي تكاد تلمس ركبتيها
رفع حاجبيه وأشار لها علي تلك الملابس فتركته وهرولت ناحية غرفتها فضحك علي ساذجتها واتجه ناحية الباب وفتحه دلف مصطفي ومحمد ومعهم مريم وعلياء
فهنئه مصطفى قائلاً :
– مبروك يا عتريس صباحيه مباركه
ضحك هيثم وأجلسهم بالصالة فسئلته مريم عن الاء اخبرها انها أتيه وفي لحظه خرجت الاء وهي ترتدي عباءة استقبال بيضاء فاطلقت علياء الزغاريد ووقفت مريم لتحتضنها
مباركه لها فأحتضنت مصطفي ومحمد وقُبلت سارة فسئل محمد هيثم قائلاً :
– هتسافروا أمتي؟
اجابه هيثم وقال :
– هخلص ورقي وهنسافر علي طول باذن الله
طرقت باب الشقه فاتجه هيثم ناحية الباب وفتحته فاذا بأخت هيثم فاطمة وسامية وصبري
ابتسمت لهم بفرحة وقالت مرحبا :
– اهلا يا عمي ازيك يا طنط
احتضنتها سامية وفاطمة بينما صبري دلف من غير ان يرد عليها السلام وجلس بجانب هيثم بعدما سلم علي أهلها
قالت لهم الاء :
-نورتونا يا جماعه تشربوا ايه
قالت والدة هيثم وهي تمسك بها :
– ياحبيبتي تعالي اقعدي جمبنا انتي عروسه قومي يا بت يا فاطمة قدمي للضيوف عصير
أبتسمت لها الاء وقالت :
– والله ابدا انا اللي هقوم متتعبيش نفسك يا بطة
مازحها هيثم فضحك الجميع ماعدا صبري فقد كان ينظر لها بغضب وكأنها قتلت له قتيلاً
لاحظتها الاء فتركتهم واتجهت ناحية المطبخ فالحقتها مريم
سئلتها :
– قوليلي هيثم عامل معاكي ايه
احمر وجهها خجلا وقالت :
– الحمدلله احنا كويسين
استئنفت مريم بلؤمٍ قائلة:
– مال وشك جاب الوان كدا ليه يا عروسه
نكزتها الاء بكتفها فخرجت معها وهي تحمل
الحلويات والعصائر
فقالت لها سامية وهي تستحثها علي الجلوس بجانبها :
– اقعدي جمبي يا عروسه ابني يا غاليه
ابتسمت لها الاء وجلست بجانبها مبتعدة عنه فقال لها مازحاً:
– لا انا كدا هغير محديش يقعد جمب مراتي غيري لو سمحت وبالذات البت فاطمة
فضحكت الاء وقالت بخجل :
-هيثم وبعدين بقي .
ضحك الجميع
فنظر لها هيثم وضحك فتضايق صبري وهب واقفاً وقال:
– يالا علشان نمشي
وقفت الاء وقالت له :
– ايه دا انتم لحقتم تقعدوا
نظر لها صبري بإستحقار ضايقتها :
-اصل الجو بقي خنقة هنا مفيش احلي من جو البلد
أستحثهم هيثم بالجلوس معقدة الاء بأن يبيتون معهم ولكن والدته رفضت فأنهم مازالوا عرسان
تقدم ناحيه الباب وخرج فرحل الجميع من بعدهم
وقفت الاء وهي تحمل الصنيه بها الكاسات والأطباق وضعتهم بالحوض فتضايقت من اسلوب صبري معها أقترب منها هيثم واحتضنها من ظهرها وقال :
-بتعملي ايه دا وقته مواعين
أعتدلت بوقفتها لتصبح امامه وقالت :
-هيثم هو بابا لسه مضايق مني
اقربها أليه ليقول :
-سيبك منه
ابعدته عنها وتابعت قائلة :
– كان بيبصلي بغيظ ومكنش طايقني
عندها قاطعها هي قائلاً :
– الاء مش عاوزك تحطي اهلي في دماغك ابويا سيبك منه ولو ضايقك في حاجة انا اللي هقفله
تنهدت بضيق فقالت :
-مينفعش تقف قدام اهلك علشاني
تضايق هيثم من ردها وقال :
– الاء انتي متعرفيش حاجه فممكن متتدخليش بيني وبين اهلي
صمتت الاء وازاحت وجهها بعيداً فأمسك وجهها وقال مداعباً :
– في حد يكشر كدا في يوم صباحيته
ابتسمت له فضمها أليه
بعدما وصلوا شقتهم قالت له :
-كان لازم تكشر كدا في وش البنت
اردف قائلاً:
– انا مبحبيش البت دي دخلت علينا بالحنجل وبالبنجل ووقعت ابني في شباكها
نزعت سامية الحجاب من رأسها فقالت :
– علي اساس انك مقعدتيش فترة مشغلها عندك وعارفها
جلس علي سريره وقال لها :
– البنت دي طول عمرها خاربه حياه ابني وهي اكيد سر سيب هيثم لمي مش حكاية خلفة
بدلت ملابسها وهي تتابع قائلة :
-هو معرفش يستريح مع مي بص وشه منور ازاي وفرحان انا مشوفتيش ابني فرحان كدا بقاله كتير
زفر صبري بشدة وتركها وغادر الغرفة
مر أسبوعين حتي نزل هيثم شغله وهو يحضر أوراقه للسفر ، طرق الباب الشقة وقفت من فوق سجادة الصلاة وأتجهت ناحية الباب وفتحته فاذا تجد محمود أمامها يفوح منه رائحة الكحول علمت أنه أحتسي شراب الخمر أرتعدت لثواني حين رأته وقالت بتلعثم :
-ممحمود
أبتسم لها بخبث قبل ان يردف :
-مبروك يا عروسه
ابتلعت ريقها وقالت :
-ايه اللي جابك عاوز مني ايه
أبتسم لها بخبث قبل أن يكمل :
-جاي اباركلك علي الجواز
أجابته قائلة :
-هيثم مش هنا مش هينفع ادخلك
دفعها محمود داخل الشقه بقوة وهو يقول :
-وانا عارف انه مش موجود
أشتد غضبها وهي تراه يدلف الشقة ويغلق الباب خلفه :
– انت اتجننت ازاي تزوقني كدا امشي اطلع برة
أرتعدت حين وجدته يتقدم ناحيتها فقالت له :
– عاوز مني ايه اطلع برة
قال لها بتوعد :
– زي ما خنتيني معاه وانا علي ذمتك هتخونيه معايا وانتي علي ذمته.
قام بدفعها علي الأرض فأصطدمت بحرف الكرسي الخشبي فأحست أن الدنيا يدور بها وهي تراه يمسك بجسمها ….
أستيقظت فزعه واخذت تصرخ بهستريا :
-ابعد عني ابعد عنييييي .
أعتدل هيثم من نومه وأضاء المصباح الابجورة المجاوره وهو يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم فسئلها :
-فيه ايه يا حبيبتي مالك
نظرت له واخذت تبكي بشدة
فضمها اليه واخذ يرتب علي كتفها :
– مالك ياماما
أجابته :
-كابوس وحش اوي
كاد أن يذهب للمطبخ ليحضر لها كوب ماء ولكنها أمسكت به وقالت :
– لا يا هيثم متسبنيش.
قال لها وهو يمسك بكفها :
– طيب نامي يا حبيبتي والكابوس مش هيجيلك تاني وعد مني استعيذي بالله من الشيطان الرجيم وانتي هتنامي من غير كاوبيس .
أعدلها بنومها واقربها اليه لتنام بحضنه وادفئها جيداً حتي نامت مرة اخري
في اليوم التالي طرق باب الشقة فذهب هيثم ليفتح الباب فوجد محمود امامه أستغرب هيثم من زيارته فقال :
– محمود
نظر محمود لملابس هيثم من بنطال قصير وقميص نصف كم :
– ازيك يا صحبي
صمت هيثم فقال له محمود وهو يلقي بنظره علي الشقة وكأنه يبحث عنها قائلاً :
– مش هتقولي اتفضل
– جاي ليه؟
قالها هيثم بحنق فاجابه محمود قائلاً بلؤم:
– تؤ تؤ مش دا العشم يا صديق عمري انك تقؤلي كدا انا جي ابارك لصحبي الانتيم علي جوازه من مراتي
اشتد غضب هيثم مما سمعه فقال :
-اولاً هي مش مراتك هي طلقتك ثانياً لو كنت جاي تبارك فشكراً يا سيدي نورتنا
خرجت الاء من الغرفه عندما سمعت صوت هيثم يتحدث مع أحد بعدما ارتدت خِمارها صعقت عندما رآته يقف امامها
نظر لها محمود وابتسم لها بخبث :
-مبروك يابنت خالتي
أرتعش جسدها وهي تقف أمامه فأتجه ناحيتها هيثم وقال :
– ادخلي جوه
أكمل محمود كلامه بإستنكار :
– هي لحقت تقعد علشان تمشيها علي اقل تعملي كوباية شاي لزوم الضيافة
رد عليه هيثم قائل بنبرة صارمة:
-الشاي دا نشربه علي القهوة تعالي
أمسكه هيثم من يديه وخرج به من الشقه وهي مازالت تقف تحدق بالباب حتي شعرت بسخونه الدموع التي انسابت علي وجنتيها وهي تتخيل لما أتي اليه محمود فهو لن يأتي بالخير ابدا ،اجلسه هيثم علي احدي المقاهي وأحضر له قهوة فقال له هيثم بنبرة جامدة :
– هات من الاخر يا محمود عاوز مني ايه
أبتسم له أبتسامة شيطانية قبل أن يردف قائلاً بلؤم:
– أنت اللي هتعوز مني مش أنا يا صحبي .