رواية كيف لي ألا أحبك
الفصل الثالث عشر
في صباح اليوم التالي أتت سيارة الشرطة المشفي بعدما بلغ هيثم بمحاولة قتل صغيرته بحقنها بمادة الماغنسيوم فذهب للمخفر وقام بعمل محضر بالواقعة للممرضة التي أخذت تصرخ وتبكي كي يدعها وشأنها ولكنها رف أن تخبره بهوية من يريد قتل صغيرته بعدما أنتهي عاد مرة أخري للمشفي التي كانت قد انقلبت رأساً علي عقب بعدما حاولت أحدي الممرضات قتل الرضيعة
أخذ الصغيرة خشي عليها من أن يأتي أحد مرة أخري ليقوم بإذائها وذهب بها للمنزل
فرحة الاء بدخوله بها فهرولت عليهم لضمها اليها بشدة فقال لها هيثم بإستنكار من عدم ترحيبها به وبلهفتها علي أبنتها :
-شوفي البت مشتاقة ليها ومش مشتاقة ليا أنا كمان أخص
شعرت بالحرج منه فقالت :
-اسكت بقي
داعب الصغيرة وهي تحملها علي ذراعيها فقال بمزاح :
-هبتدي اغير منك يا رورو
نظرت له وأردفت بإستغراب :
-هتغير من بنوتك دا ايه الهم دا
نظر لعينيها بهيام وهو يتابع قائلاً :
-انا اغير من نفسي عليكي أنتي هتستعبطي
أحمر وجنتيها خجلاً فنكزته بصدره وهي تقول بخجل :
– أتلم بقي ماما وبابا موجودين يقولوا ايه علينا
قال لها بنفس النبرة الهادئه :
– يقولوا أبننا بيعشق مراته فيها حاجة دي
لأحظ أحمرار وجنتيها خجلاً فأتجهت فاطمة لعند هيثم وقالت :
-ولا بعوده
ضربها علي رأسها بخفة قائلاً :
-امشي يا بت
ضحكت الاء علي مداعبته لشقيقته فنظرت للصغيرة مرة أخري وهي تخاطبها :
– تعالي معايا انا هغيرلك وهرضعك وهنايمك أكيد جعانه صح يا رورو
تركتهم فتنهد أنها رحلت ولم تشك بشئ فسئلته فاطمة قائلة :
– عملت ايه مع الممرضة ؟
نظر ورائها خشي أن تكون زوجته متواجدة فتستمع لحديثهم قبل أن يقول :
-اوعي تكوني قولتلها
اؤمات بالنفي فتابع قائلاً وهو يحكي لها عما حدث:
– عملتلها محضر وهي في القسم دلوقتي
فركت بذقنها بأطراف أناملها وهي تردف :
-اكيد دا ماهر أس المصايب كلها
أكمل قائلاً بتضايق :
– ماهر تعبان من بعد موت ابنه حرام نظلمه
عندها سئلته بعدم معرفة :
-أومال هيكون مين اللي له مصلحه يعمل كدا
مط شفتيه قليلاً كإيماءة بعدم معرفته من الجاني وراء تلك المحاولة
جلست سارة بغرفتها فأردفت قائلة :
– البنت اتحبست
أتسعت حدقة عيني مي وهي تستمع لحديث سارة فقالت :
-معقولة مين اللي خلاها تعمل كدا
سئلتها سارة بلؤمٍ وهي تقول :
– يعني مش انتي
أجابتها قائلة :
– والله مانا انا لسه عارفه الموضوع دا منك دلوقتي
قالت لها سارة بإستغراب من كلام مي :
– هيكون مين اللي عمل كدا
شردت مي قليلاً وهي تفكر بشئ ما قبل أن تغلق مع سارة المكالمة فأخذت حقيبتها وأتجهت خارج الفيلا لتركب سيارتها الفارهة
دلف هيثم غرفته فنظر لصغيرته النائمة بسرير الخشبي المتأرجح وهو يقول لزوجته :
-نامت ؟
أبتسمت له الاء وهي تترك ذلك السرير لتريح جسدها علي السرير قائلة :
– اها الحمدلله غلبتني عياط
ضحك هيثم قليلاً قبل أن يقول :
– أنتي لسه شوفتي حاجة دي هتقرف أمك وأمي اديها أنتي فرصتها
أبتسمت له وهي تقول :
– يارب يخليهالنا
أمسك يديها وقبلها قائلاً :
– ويخليكي ليا حبيبتي ومشوفش الوحش فيكي أبداً.
أحتضنته وهي تدعي له بالمثل فرتب علي ظهرها وقال :
– تعرفي في الجو الهادي دا نفسي في ايه
نظرت لعينيه وقالت له متسائلة :
– ايه
أقرب وجهه منها وكاد أن يقترب منها أكثر ولكن طفلته صرخت لتطلبها فأعتدلت وأحتضنتها لترضعها فقال لها هيثم بتضايق :
– مش قولتلك هبتدي أغير من البت دي
ضحكت الاء فضحك هو الأخر قبل أن يقول لها :
– تصبحي علي خير يا حبيبتي
فتح محمود باب شقته وجد امامه مي تستشيط غضباً فسئلته :
-محمود أنت اللي عملت كدا
أزاح لها الطريق لكي تدلف شقته وأتجه ناحية بار المطبخ ليتناول كأس أخر قبل أن يقول ببرود مصطنع :
-أنا هعمل كدا ليه
أقتربت منه لتردف قائلة :
– علشان تنتقم من الاء .
أحتسي المشروب دفعة واحدة قبل أن يقول بنبرة تهديدية :
– الموضوع دا محديش يعرفه سامعه ولا لا
أبتسمت له وهي تقول بنبرة تحمل الكثير من الثقة :
-مبسوطة منك أوي
أبتسم لها محمود بخبث وهو ينظر لها بشدة كنظرة الشيطان يحمل الكثير من الشر بداخله
في صباح اليوم التالي بعدما انتهوا من تناول الفطور قالت سامة لأبنها :
-احنا هنمشي بقي
نظر لها بإستغراب قبل أن يردف :
– ليه يا ماما خليكي
أجابته قائلة :
– باباك عنده شغل كتير في البلد
تنهد هيثم وهو يقول بإستسلام :
– خلاص يا ماما اللي تشوفيه
أمسكت شقيقته في ساعد والدتها وهي تستحثها علي الجلوس فأنها لم تأخذ متسع الوقت لتجلس مع الصغيرة فرفضت والدتها وأصرت علي الذهاب للبيت
عندها قال لها هيثم :
– انتي يا ماما اللي مش عاوزة تقعدي مع رؤي
ردت عليه سامية مجيبة :
– والله وانا كمان ملحقتيش اشبع منها بس انت عارف ابوك
تابع هيثم بتضايق :
– خلاص يا ماما بعد ما الاء تسترد صحتها هجيبها واجيب رورو وهنيجي نقعد عندكم كام يوم مش كدا يا الاء
أبتسمت الاء لهم قبل أن تقول :
-طبعاً يا ماما هنيجي لأن البلد وحشتني
خرج صبري من الغرفة وهو قد بدل ملابسه ليقف أمامهم وهو يخبر زوجته بأن تسرع بتجهيز نفسها حتي يرحلون فأخبرته أبنته أنها تريد أن تجلس قليلاً مع هيثم والاء وبالتأكيد صغيرتهم ولكنه رفض وأصر أنها يجب عليها أن تحضر معهم فهو لن يعود لكي يأخذها فليس لديه متسعٍ من الوقت لفعل ذلك عندها أجابه هيثم :
– أنا هجيبها وهنجيلكم يا بابا
نظر صبري للاء وقال بإستنكار لأن يتركها أبنه :
-هتسيبها لوحدها وهتيجي البلد
عندها أردفت الاء قائلة :
-لا يا بابا انا هاجي معاه ازوركم ولا انت مش عاوز تشوفني
لم يكترث بما قالته وكأنه لم يسمع شئ فأجبر زوجته علي أن تُطيع أوامره قائلاً :
-يالا يا سامية علشان نلحق نوصل قبل ما الدنيا تليل
جلست الاء متضايقة من رد فعل صبري الصارم معها فحملت الطفلة علي ذراعيها وهي تري حماتها دلفت غرفتها بينما فاطمة بحمام الصغير لتقوم بتبدل ملابسها بها حاولت أن تبدو طبيعية وأنها لم تضايق من معاملة والده لها بل تحملت عبأ علي صدرها كما تفعل دوماً لم يمر الكثير حتي خرجت زوجته بعدما أرتدت عباءة سوداء وحجاب أزرق اللون قبل هيثم يديها وأحتضنها فأحتضنت الاء وقبلت الصغيرة فقال لهم هيثم :
-استني يا بابا هوصلكم للمحطه
أوقفه صبري قائلاً :
– خليك جمبها
أمسك هيثم سلسلة مفاتيح الخاصة به فتابع قائلاً :
– لا والله ابداً انا هاجي اوصلكم اتفضلوا
نزلوا فجلست الاء والصغيرة بمفردهم فقال صبري لهيثم وهو يقود سيارته :
– مبروك اللي جاتلك يا هيثم عقبال الولد اللي يشيل اسمك واسم ابوك
نظر له هيثم قبل أن يردف قائلاً :
-يا دكتور ولد بنت كلهم خلقة ربنا احنا مخلقناش نفسنا
عندها تدخلت والدته بالحوار قائلة :
– بس انت اتجدعن وهات الولد
قال لهم هيثم مقدم مشيئه الله :
– علي الله .
مرت الأيام سريعاً لتصبح شهور فأصبحت الصغيرة لديها سبعة أشهر قد سُجنت الممرضة التي حاولت قتل رؤي ولم يعرف هيثم من الجاني فأن زوجته لم تعرف شئ عن تلك الحادثة أبدا كما لم يتوقف إلحاح والدته بأن تسرع بالإنجاب وهي لا تعلم ما بداخلها في يومٍ شعرت الاء بغثيان فظنت أنها تحمل بطفل فأنها ليس لديها شهية لتناول شئ وأن أتت لتصنع طعام له لا تتوقف عن ذلك الشعور بالغثيان المزعج فقلق هيثم عليها فأخبرته أنه يجب أن يذهب بها للطبيبة فأخذها وذهب بها بالفعل بعدما أعطت زوجة أخيها علياء طفلتها حتي تذهب لطبيبة قريبة من منزلهم كانت زميلة لهيثم بيومٍ ما بتلك المشفي الذي يعمل بها معروف عنها بأنها ماهرة بعملها ،تعلقت بأحبال أوهام ولكن الواقع ليس كما يعتقدوا فهي لن تنجب مرة أخري بعدما أنتهت الطبيبة من فحصها ،جلست علي كرسيها الخاص فهي سيدة تبدو في العقد الخامس عيونها بنية محجبة جسدها ممتلئ بعض الشئ تدعي رجاء ، أعدل هيثم ملابس زوجته فأسندها لتجلس علي الكرسي فقالت لها رجاء بنبرة هادئه:
– دا شوية ألتهاب في معدتك.
نظر لها هيثم قبل أن ينظر لملامح زوجته التي قد تغيرت بعدما أخبرتها الطبيبة بعدم حبلها فأمسك يديها وأخذها بعدما كتبت لها بعض الأدوية ولكنه تعمد أن ينسي هاتفه عند الطبيبة فأنها كتبت له بورقة أن يخرج زوجته فهي تريد أن تخبره بشئ أجلسها بسيارته وأخذ يتحسس جيبه فأدعي أنه قد نسي هاتفه نظرت له الاء فقال لها :
– هروح بسرعة أجيبه وهجيلك تاني يا حبيبتي
أغلق السيارة وصعد مرة أخري عند رجاء فجلس أمامها ليقول بلهفة :
– خير يا دكتور الاء فيها حاجه
أجابته قائلة :
– مفيش حاجة أنا كنت حابة أعرف منك شوية معلومات.
سئلها قائلاً :
– ايوة يا دكتور
قالت له متسائلة :
– هي الاء خلفت قبل كدا.
أجابها قائلاً :
– أيوة يا دكتور خلفت ولد بس هو مات الله يرحمه وسقطت مرة وتالت مرة جبت فيها رؤي
نظرت له وهي تتابع :
– حصلها أي نزيف قوي قبل كدا او كان فيه ورم
عندها أؤقفها هيثم قائلاً :
– بعد الشر يا دكتور الاء الحمدلله كويسة مش بتشتكي من أي حاجة هي بس نفسها تخلف تاني وأنا بحاول أمنعها علشان قلبها ميتعبش لأني حكتلك قبل كدا عن حالتها
صمتت رجاء قليلاً وهي تحاول أن تخبره بما لدي زوجته فقالت :
– هيثم أنت عارف أنك أبني زيك زي تامر بالظبط ومش عاوزة أخبي عليك
أزدادت دقات قلبه التي كادت أن تقتلع من صدره وهو يسمع من رجاء ذلك الكلمات فأكملت قائلة :
– الاء شالت الرحم.
أمتلئ عينيه بالدموع وقال لها بعدم أستعاب ما تقوله :
– أنتي بتقولي أيه ؟
قالت له وهي تحاول أن تهدئه فقالت :
– أهدي يا هيثم هي اكيد الدكتورة اللي ولدتها لاقيت النزيف مش راضي يقف أتصرفت.
تركها هيثم وغادر العيادة وصل عند الاء وجدها تبكي مسح دموعه فركب سيارته وقال لها وهو يحاول أن يبدو طبيعياً :
– بتعيطي ليه يا حبيبتي .
دمعت وقالت له :
– كان نفسي أبقي حامل وأفرحك يا هيثم
أمسك يديها وقال :
– كله بمشيئة ربنا
سئلته :
– أتاخرت ليه الدكتورة قالتلك حاجة
أبتسم لها وقال وهو يحاول التماسك :
– قالتلي خلي بالك منها واديها ادويتها بميعادها
لم تقتنع بما قاله فذهب بها لمنزله أنامها علي الفراش وأدفئها جيداً قبل أن يذهب لسارة متوعداً لها بالكثير
دلف المشفي وأتجه لعندها مهرولاً ليقتحم باب الغرفة من دون استأذان فقالت له بصدمة :
– هيثم أنت أزاي تدخل عليا الحجرة كدا
أقترب منها وأمسكها من معطفها كضابط يمسك حرامي ليدفعها بقوة علي الحائط كادت ضلوعها أن تنكسر من تلك الدفعة وهو يصيح :
– شيلتلها الرحم ليه ؟
أبتلعت ريقها وقالت له :
– ممكن تسمعني وأديني فرصة أتكلم
كور قبضة يديه وهو يحاول أن يمتص غضبه فقالت وهي تحاول تهدئته:
– مراتك حصلها نزيف بدون توقف وكانت هتموت لولا أني أنقذتها.
ترك معطفها وأمتلئ عينيه بالدموع :
– أزاي خبيتي عليا مقولتليش ليه؟
ألتقطت أنفاسها بعدما تركها وقالت :
– أنا كنت عاوزة أقولك بس أنا خفت من رد فعلك
جلس علي أقرب كرسي فقال :
– أقولها أيه دي كل يوم بتحلم تجبلي عيل أقول لأهلي أيه اللي بيزنوا علي دماغي أني أخلفلهم ولد
أمتلئ عينيها بالدموع وقد شعرت بأن ضميرها يستيقظ
جلست أمامه فدمع قبل أن يتركها ويرحل بينما أتصلت بصديقتها لتحكي لها كل شيء فرحة مي به ولكن صدره ضاق عليه فظل طوال الطريق يفكر كيف سيواجه زوجته بما فعلته بها زميلته فقرر أن لا يخبرها ببذلك الخبر وقف أمام أحدي محلات الهدايا ليحضر أليها شئ يفرح قلبها قبل أن يذهب أليها وجدها مستيقظة تنتظر عودته فقالت له :
– هيثم أنت كنت فين؟
أبتسم لها وجلس بجانبها وهو يحمل حقيبة هدايه فقال لها :
– كنت بجبلك دا.
أختطفت الحقيبة من يديه وهي تبحث عما أحضر لها لمعة حدقة عينيها حينما وقعت عينيها علي دمي الباندا فهو يعلم كم تعشق تلك الأشياء التافهة كالأطفال فأمسكت به وقالت بنبرة طفولية :
-الله باندا.
أحتضنت دميتها كطفلة فرحة بلعبتها الجديدة فأبتسم لها فرحاً أنها فرحة بدميته فأردف قائلاً :
– أنا مش جايبهالك علي فكرة يا عيلة يا تافهة
أحتضنت الدمية وهي تنظر له بنظرات نارية غضبة قبل أن تقول :
-ايه دا دي بتاعتي أنا
ضحك علي برأتها فقال لها وهو يختطف منها الدمية :
– أنا جايبه لبنوتي أنتي بنوتي
أزاحت وجهها الناحية الأخري بتضايق فأقترب
أكثر منها ليسند ذقنه علي كتفها وهو يقول :
– علي فكرة أنتي بنوتي الكبيرة
حاولت أن تداري أبتسامتها فأكمل :
– وأغلي بنوتة عندي في الدنيا كلها
أعتدلت بجلستها لتحتضنه بشدة فقالت له :
– ربنا يخليك ليا ولا يحرمني منك أبداً
أبتعد عنها قليلاً وهو يسئلهابخبث :
– رورو نايمة
أبتسمت له وهي تقول :
– من بدري
وقف وأمسك يديها وهو يقول :
– يلا ننام أحنا كمان دا أنا عاملك حتة مفاجأة .
وقفت أمامه وأمسكت بأزرار قميصه من عند الصدر :
– مفاجأة ايه بقي
نظر خلفها فقال وهو يحاول خداعها :
– ايه دا يا رورو
ألتفتت برأسها فأختطف قبلة من وجنتيها قبل أن يهرول ناحية غرفته فأستفزها فأتبعته وهي تصيح به بأن يتوقف.
قضوا اليوم التالي في السينما وتناولوا العشاء بالخارج فقد أنساها ما حدث بعدما أقناعها أنها لن تتحمل الحمل مرة أخري ويجب أن تمر علي أقل خمس سنوات ولكنها أن صبرت هل ستصبر والدته التي لطالما تلح عليها بذلك ، ذهب بها لوالدته قضوا عدة أيام ظلت والدته توصيها عليه بأن تخاوي الصغيرة فأحضرت لها بضع وصفات طبيعية لتحتسيها من دون علم هيثم بذلك فأن علم فبالتأكيد سيغضب عليها لم تسلم أيضاً من خطط والدته بأن تذهب لدجالين لكي يصنعوا لها شئ يجعل هيثم يرغب بالأنجاب منها مرة أخري وضعت أسفل وسادته حجاب أعطاه أياه شيخ كتكوت لم يكن هيثم يعلم بذلك الشئ الصلب أسفل وسادته ولما توصيه الاء بأن يرتدي ملابسه الداخلية بالعكس ولكنه عندما بحث أسفل وسادته ووجد ذلك القطعة القماشية غضب عليها وصاح بها كيف لفتاة متعلمة كمثلها أن تسير خلف ذلك التخاريف وحلف عليها يمين بأن لا تصنع تلك الأشياء مرة أخري فغضب من والدته أنها فعلت ذلك بزوجته ولكن الحياة لم تقف بعد وتلك الفكرة لم ترحل عن عقلها ،الآن أصبحت الصغيرة ذات عمر السنة وثمانية أشهر فقالت له الاء وهي تساعده بأرتداء ملابسه :
– أنا عاوزة أخلف يا هيثم .
زفر من عدم نسيانها ذلك الموضوع فقال :
– ما احنا عندنا رورو رضا من ربنا
وضعت يديها علي صدره وقالت :
– ياهيثم عاوزة أفرحك وأجيبلك ولد يشيل أسمك وأسم باباك
ضربها علي رأسها بخفة قائلاً :
بطلي هبل بقي
أمسكت رأسها قائلة بنبرة جدية :
– أنا بتكلم بجد
عندها تابع كلامه قائلاً :
– أنتي هبلة علي أساس أن رؤي مش شايلة أسمي وأسم أبويا
أجابته قائلة :
– مش قصدي يا هيثم أفهمني أنا عاوزة يجيلك ولد تكبره وتعلمه ويفرحك ويفرح بابك
ومامتك
زفر هيثم بشدة وهو يشيح وجهه الناحية الأخري فقالت :
– أسمعني يا هيثم أنا عاوزة راحتك
عندها أشتد غضب هيثم وقال :
– أنتي مالك أنتي أنا ياستي مش عاوز عيال تاني وعندي رؤي بالدنيا
أمسكت يديه وقالت وهي تحاول أن تهدئه :
– علشان خاطري أنا نحاول
زفر بشدة قبل أن يكمل بإستسلام :
– ماشي يا الاء ياحبيبتي اللي تشوفيه
تركها وذهب لعمله أحست الاء بعدم رضا هيثم بالإنجاب مرة أخري فقررت أن تذهب للطبيبة من دونه لعلها تعطيها دواء يسرع لها بالإنجاب مرة أخري فأتصلت بمريم لتخبرها بالذهاب لطبيبة النساء والتوليد الخاصة بها
فقالت لها مريم :
-في المستشفي عند هيثم
قالت لها الاء بتلجلج :
-لالا بلاش لحسن هيثم يضايق بصي أحنا نروح للدكتورة اللي عندك مش بتقولي شاطرة
صمتت مريم قليلاً فتابعت الاء قائلة بنبرة تترجي بها مريم:
– مريم بليز تعالي معايا حماتي بتزن علي نفوخي أني أخلف تاني وانا الصراحة مش عاوزة أزعلها وعاوزة هيثم يفرح بولد منه ويعوضني عن حمزة
وافقت مريم ولكنها تحتاج بعض الوقت حتي تجهز الطعام لمصطفى وتبدل ملابس جودي
ذهبت الاء لعند مريم وهي تحمل رؤي معها فذهبت معها للطبيبة ، أنتظرتها لوقت طويل فقد كان هناك الكثير بعيادتها ينتظرون دورهم رن عليها هيثم ولكنها لم تجيب فقالت جودي للاء :
-عمتو تيفون رن
أنتبهت لها الاء فأمسكت منها الهاتف وجدت أسم هيثم يظهر علي الشاشة فأجابته قائلة :
– أيوة يا بابا
سئلها قائلاً :
– أنتي فين
قالت له الاء كذباً :
– بشتري حاجات انا ومريم وجايين
فلم يدوم تلك الكذبة طويلاً حتي سمع صوت ممرضة تقول دورك يا مدام الاء بعد اللي جوه
فقال لها متسائلاً:
– أنتي فين يا الاء
أبتلعت ريقها وقالت بإستسلام لقول الحقيقة:
-في عيادة دكتورة شروق
تابع بتضايق :
– اللي عند مصطفي فأجابت بالايجاب فأغلق المكالمة دون أن يودعها
بعد عشر دقائق كان قد وصل لعندها يبدو عليه الغضب فأمسك يديها وقال :
– يالا
قالت له الاء وهي تستحثه علي ترك يديها:
-أستني يا هيثم أنا دوري دا
نظر لها بغضب وحمل عنها صغيرته وأمسك يديها باليد الأخري فوجه كلماته لمريم:
– أنا اسف يا مدام يالا علشان أوصلك في طريقنا
أخذهم ورحلوا دون أن تصل للطبيبة بعد فبعدما دلف الشقة قال لها بغضب ٍ:
-أنتي بتكدبي عليا ليه ليه مرضيتش تقوليلي أنك عند الدكتورة.
أمتلئ عينيها بالدموع وقالت وهي تضع الصغيرة علي الكنبة:
-الموضوع مش مستاهل أنا كنت عاوزاها تساعدني
أقترب منها وأمسكها من ذراعيها بغضب ليجبرها علي الأعتدال أمامه وقال :
-تسعدك في أيه
أجابته قائلة :
– تديني حاجة تخليني أخلف بسرعة
ضغط علي ذراعيها بقوة فتأوهت ألمٍ مما جعل الصغيرة تصرخ هي الأخري :
– أنا قولتلك مش عاوز أخلف أنتي مش هتستحملي خلفه تاني وولاده
صرخت به وقالت وهي تشيح يديه بعيداً عنها :
– أنت مالك بقولك أنا هستحمل علشانك وعاوزاك تخليني أخلف
زفر هيثم بشدة وأبتعد عنها قائلاً :
– أنا مش عاوز أخلف أنتي مبتفهميش
أمتلئ عينيها بالدموع وقالت :
-شكراً يا هيثم أنا هسيبلك البيت علشان منزعلش من بعض أكتر من كدا
كادت أن تبتعد عنه لتدلف غرفتها فأوقفها ليمسكها من يديها وقال :
– حقك عليا أنا مقصدش حاجة
دمعت قائلة بغضبٍ :
– لا تقصد أنا بقولك مش عاوزة حاجة منك غير أنك تخليني أخلف ودا أبسط حقوقي منك
حاول أن يمتلك أعصابه حتي لا يفقد زمام الأمور فقال بهدوء :
-خلاص يا الاء ربنا يسهل شوفي البنت علشان مفطورة من العياط وأكليها ونيميها وبعدين نبقي نشوف الموضوع دا
أخذت الصغيرة من أمامه ودلفت بها غرفتها فجلس علي الكنبة وزفر بشدة فهو لا يعلم كيف سيخبرها بذلك ألأمر أنها لن تنجب له مهما حاولوا ذلك فأنه لا يريد أن تأذي جسدياً ونفسياً دون فائدة من ذلك.
بعد حوالي أسبوع أستيقظت من جانبه وأخذت حمامها وبدلت ملابسها وجدت أمه تهاتفها فأخبرتها أنها تكلمت مع مع ولدها بذلك الموضوع وأنها ستبذل قصاري جهدها حتي تنجب له ولاداً لتفرح أهله وتفرحه هو الأخر
بعد قليل خرج بعدما أخذ حمامه وأرتدي ملابسه وجدها تجلس صغيرته بكرسي الخاص بالأطفال في المطبخ وهي واقفة تصنع له الطعام فأخذ يداعب طفلته فتعالت ضحكتها وهي تقول :
– بابا.
فقال لها هيثم مجيباً :
– عيون بابا والله وقلب بابا.
أبتسمت الاء وهي تراه يداعب صغيرتهم فوجدته يوجه لها الكلام قائلاً :
-والله لو عندي مليون عيل مش هحبه قد رورو
نظرت له وأكملت وضع الطعام علي منضدة المطبخ فقال لها بمزاح :
– أفردي سحنتك خلي ربنا يفرجها علينا
أبتسمت وقالت بلؤم :
– حلو كدا
عندها غمز لها وهو يقول :
– عسل
فأحمر وجنتيها ونكزته بكتفه فضحك علي خجلها أنتهت مما تصنع فجلست بجانبه تطعم صغيرتها وهو يتناول إفطاره
عندها أردفت قائلة :
-مش هتخليني بردو أروح للدكتورة أشوف المشكلة في أيه
زفر هيثم وألقي الملعقة بالصحن الخاص به فقال :
-يابنتي أنتي بتخلقي النكد ليه
تابعت بتضايق :
– أنا معرفش الموضوع الخلفة دا بيضايقك في أيه مش معقولة كدا أبداً
قال لها بنفاذ صبر :
-هوديكي للدكتورة بتاعتك خلاص أرتاحتي
سئلته بإهتمام :
-أني واحدة
أجابها قائلاً :
– اللي ولديتك
زفرت الاء بشدة وقالت بحنق :
– مش بحبها ولا بستريح لكشفها
نظر هيثم بساعته ليشعرها أنه قد تأخر علي عمله وقال بنبرة ساخره مما تقول :
– معليش حقك علينا نبقي نفصلك دكتورة تبقي مستريحلها
وقفت وأكملت :
-هيثم أنا مش بهزر
أعتدل هيثم بوقفته قبل أن يقول :
– هي كلمة واحدة هتروحى تغيري و تيجي معايا تكشفي ولا أروح شغلي أنا
أجابته بإيجاب قبل أن تتركه مع الصغيرة التي أعتني بيها والدها وقام بتغير ملابسها لتليق بخروجها بعدما غير لها حفاظتها فأخذ الاء ورحلوا وصلوا للمشفي ودلف بغرفة سارة معه زوجته وأبنته بعدما ألقوا السلام علي بعضهم البعض فأخبرها هيثم بأن زوجته تريدها أن تفحصها
فنظرت لها سارة وقالت :
– ايوة طبعاً وماله أتفضلي
أخذ من زوجته رؤي وهو يسمي عليها قائلاً :
– بسم الله
تدخلت الاء بصلب الموضوع التي أتت من أجله :
– أنا عاوزة أخلف ومعرفش ليه محصلش لحد دلوقتي ممكن لاني كنت برضع بس دلوقتي مبقتيش أرضع رؤي.
نظرت سارة لهيثم وقالت بتلجلج :
-أنا مش قولتلك يا دكتور أن علط عليها تخلف أول تلت سنين
أجابها قائلاً :
– أنا قولتلها هي مش بتسمع الكلام فقوليلها انتي بقي
صمتت الاء وهي لا ترتاح لتلك الطبيبة فأستسلمت لفحصها فأن نظرات هيثم لها كانت غريبة وكأنه يخبرها أن تقول لها بأن لا تنجب قطعت سارة شرودها:
– أنتي زي الفل
أخبرتها الاء أنها تريد أن تقول لها شئ بأذنها فمالت سارة قليلاً حتي تتمكن من سماع همس الاء وكأنها تشعر بالحرج من قوله أمام زوجها فعندها أعتدلت سارة بوقفتها فقالت لها :
-ياحبيبتي دا عادي علشان أنتي لسه في مرحلة الرضاعة الطبيعي
فنظر لها هيثم وقد فهم ما ترمي له زوجته فقالت لها الاء بعدم فهم :
-حضرتك أنا بطلت رضاعة بقالي شهور وبأكل جودي دلوقتي
أبتلعت سارة ريقها وقالت لها :
– طيب تعالي معايا هكتبلك علي أدوية هتخليكي كويسة جداً
فلم تشعر الاء براحة بكلام تلك الطبيبة ولا لنظراتها زوجها فعندها وجهت كلام لهيثم قائلة :
-متقلقوش من تأخر الخلفة وعيشوا حياتكم الطبيعية عادي
شكرها هيثم وأخذ الاء التي لم تقتنع بما سمعته من تلك الفتاة فحملت عنه الصغيرة علي يديها وأخبرته أنها ستكون ببيت أبيهم لأن مصطفي سيأتي ليبيت به وهي ستجلس مع مريم فلا تبيت بمفردها بيوم نباطشيته
أبتسم لها وأركبها السيارة الأجرة بعدما دفع لها ثمن الركوب تنهد بشدة بعدما رحلت
ظلت طوال الطريق تفكر بذلك الموضوع وصلت لعند أخيها وجلسوا الجميع فبعد تناول الطعام دلفت غرفتها فتابعتها مريم لتسئلها ما بها فعندها أخبرتها قائلة :
-أنا عاوزة أروح أكشف يا مريم حاسة بحاجة غريبة في كلام الدكتورة دي شكلها حمارة متعرفش حاجة
نظرت مريم علي طفلتها وهي تلاعب أبنة الاء فقالت :
-يابنتي اتهدي بقي مش جوزك كشفلك أنهارده في المستشفى عاوزة ايه تاني
تغيرت تعبيرات وجهها وقالت بتضايق :
-كلامها مأقنعنيش حسيتها هيثم مفهمها أنها تقولي أن غلط عليا الخلفة علشان هو مش عاوز كدا
وقفت مريم لتبتعد عنها قائلة :
– والله انتي مجنونة ومتخلفة والله يكون في عونك يا هيثم
زفرت بشدة قبل أن تقول :
– هتيجي معايا ولا أروح لوحدي
أجابتها مريم بغضبٍ :
– لا مش هاجي معاكي مش كل مصيبه تاخديني فيها جوزك حاسس أني اللي بصلتك علي المصيبة
أردفت الاء :
-خلاص أنتي حرة خلي رورو معاكي عقبال ما أروح أكشف وأجي وخلي الموبايل معاكي كمان
سئلتها مريم :
–لو هيثم أتصل أقوله ايه
عندها أجابتها قائلة بمبرر:
– قوليله في الحمام في اي حته متوجعيش دماغي
زفرت مريم بشدة وحملت عنها الصغيرة
فخرجت الاء من الشقة دون أن تلاحظ علياء ذلك فأن رأتها لأسرعت لتخبر زوجها بذلك ذهبت لأقرب طبيبة وهي شروق أنتظرت دورها من ثم دلفت لعندها فتاة تبدو في الثلاثينات جميلة للغاية وأيضاً منتقبة فشعرت الاء بالراحة حين رأتها فجلست أمامه وأردفت قائلة :
أنا كنت والدة قيصري من سنة ونص وعاوزة أجيب بييي ممكن حضرتك تكتبيلي دوا يخليني أخلف بسرعة
ضحكت شروق من أستعجالها وقالت بإستنكار: -سنه ونص وعاوزة تخاوي بنتك حرام تظلميها معاكي أصبري عليها شوية
اجابتها الاء قائلة :
– خايفة اكبر ومعرفش أخلف تاني وحضرتك أنا كنت عاملة عملية في القلب من حوالي 3 سنين فخايفة اوي يقصر دا غير أني ولدت أتنين وسقطت مرة
فقالت لها شروق وهي تشير لسرير الفحص :
-طيب أتفضلي أكشف عليكي
بعد قليل خرجت شروق من حجرة الفحص وجلست علي مكتبها بينما الاء أعدلت ملابسها ولحقتها قائلة :
-ايه حضرتك هتكتبيلي حاجة
أبتلعت شروق ريقها وقالت متسائلة:
– أنتي قولتيلي ولدتي قيصري صح
أجابتها الاء بإيجاب :
– أيوة حضرتك
سئلتها الطبيبة قائلة :
-مكنتيش بتعاني من اي نزيف قبل العملية بشكل مستمر
رفضت الاء ذلك وقالت أن طوال عمرها لم تري ذلك
فقالت شروق : أكيد حصل حاجة خليت الدكتورة تعملك عملية أستئصال
أتسعت حدقة عينيها وقالت :
– استئصال ايه حضرتك
أجابتها الأخري بصوت هادئ :
– رحم
أمتلئ عيونها بالدموع وقالت وشفتيها ترتعش:
– يعني أيه يعني أنا معنديش رحم
أكملت شروق قائلة :
-أنا أسفة بس دا الواضح قدامي وبعدين أنتي طول المدة دي ملاحظتيش
دمعت عينيها وتابعت :
-كنت فاكرة أن علشان الرضاعة
خرجت من عندها وهي لا تري من أمامها تزرف دموعها بألمٍ وهي تتذكر كلمات الطبيبة أن تحمد ربها فلعله خير فضلاً من أنها قد تصاب بسرطان الرحم وكانت ستزيله أيضاً
مسحت دموعها وهي تعلم أنه يعلم بذلك فلما كان يرفض ذلك فغضبت أنه لم يقول لها بذلك الموضوع فلو أنه كان قال لها لخف ألم قلبها عادت من حيث أتت وأدعت أن الطبيبة لم تقول لها شئ غير أنها تنتظر قليلاً نامت علي فراشها وأحست بثقل رأسها فعلمت مريم أن هناك شئ تخفيه عنها في اليوم التالي أخذت أبنتها دون أن تتحدث مع مريم وذهبت لشقتها وضعت الصغيرة بكرسها الخاص ومعها مجموعة من الألعاب ودلفت غرفتها وقفت أمام خزانة ملابسها تنظر لملابس نومها أختارت أحدي الفساتين القصيرة ذات اللون الأزرق وعاري الصدر دلفت حمامها لتستحم نزلت المياء علي رأسها فشردت وهي تتزكر كيف كان يصيح بها بأن تتوقف عن فكرة الحمل مرة أخري وألحاح عائلته بأنجاب ولد ليحمل أسم والده الدكتور صبري صالح ، أنتهت من الأستحمام وقفت أمام المرآة تنظر لوجهها وظلت تخاطب نفسها :
– أستيقظي من ذلك الحلم السيئ لعله غداً يأتي لينسكي ما حدث بالبارحة.
أمتلئ عينيها بالدموع وأرتدت الفستان وخرجت لتنتظر قدومه أتي في معاده وجدها تجلس علي كرسي الأنترية فوقفت عندما نظر لها لتظهر جمال الفستان عليها فقال لها :
– أيه الحلاوة دي يا لولو أنا دخلت شقة غلط
نظرت له قبل أن تقول له بميوعة مصطنعة :
-أجنن مش كدا
أقترب منها ليحتضنها وكأنه يحاوب أن ينسي أرهاق يومه بالمشفى بذلك الحضن ولكنه أحس بأرتفاع حرارة جسدها فأبتعد عنها قليلاً ووضع يديه علي جبهتها وهو يجث حرارتها فقال :
– مالك يا الاء أنتي تعبانه
أؤمات بالرفض فأبتعدت عن حضنه قليلاً قبل أن تردف :
-طنط فتحتني بموضوع العيل تاني وأنا قولت أقولك
أبتعد عنها وقال بغضب :
– يادي أم العيال
ألتقطت أنفاسها فقالت :
– بص بقي يا هيثم أنا عاوزة أخلف لو مخلتنيش أخلف أنا مش هقعدلك في البيت
أتسعت حدقة عينيه وقال بتضايق :
– الاء أنتي أتجننتي أكيد أتجننتي
أمتلئ عينيها بالدموع وتابعت قائلة بصوت مرتفع :
– أنا مجنونة من زمان وأنت عارف ومعايا شهادة معاملة أطفال
كاد أن يتركها ويرحل وهو يقول بنفاذ صبر :
– أنا هسيبلك البيت وماشي قبل مافقد أعصابي عليكي
وقفت أمامه فمنعته عن النزول :
– هيثم أنا عاوزاك توديني تاني للدكتورة سارة
نظر لها وقال بتضايق:
– مش لسه كنا عندها أمبارح
أبتلعت ريقها وقالت :
-أصل حسيت بوجع وعاوزة أروح عندها أشوف هتقولي ايه ودا أخر طلب هطلبه منك فبالله عليك توديني ليها لأني بجد تعبانة
نظر لها قبل أن يقول بنبرة صارمة :
-هوديكي بس بشرط
صمتت قليلاً وهي تحدقه فأكمل :
-متجبليش سيرة الخلفة تاني وسيبينا كدا أحسن
أبتلعت ريقها وقالت :
– أنا موافقة يا هيثم لو سمحتي وديني الاول عند مصطفي أديله رؤي ونروحلها
تنهد وهو يقول :
– طيب ممكن تسيبيني دلوقتي أنام لاني مش قادر أقف وبليل نروحلها العيادة أحسن
أزاحت وجهها بعيداً عنه وقالت :
– اللي تشوفه يا هيثم
حاول أن يخفف عنها فأمسك يديها وقال : -طيب أيه مش هتيجي تطلعيلي هدوم أنام بيها عقبال ما أخد شور
تركته وأتجهت ناحية غرفتهم فنظر للسقف وقال مناجياً ربه :
– يارب أسترها معايا
نظرت له رؤي فضحكت له فأبتسم لها قائلاً :
-أمك هتجنني يا رورو
في المساء نزلوا معاً فذهبت الاء لعند مريم لتعطيها الصغيرة فسئلتها مريم لماذا أتت لها بالصغيرة فأجابتها :
– هبقي أحكيلك يا مريم بس خلي بالك من رؤي
نزلت وركبت سيارة هيثم وظلت تفكر ما سوف تفعله بتلك الطبيبة فنظرت له
وجدها تحدق به فأبتسم لها وأمسك يديها وقال :
-مالك يا حبيبتي حاسك أنهارده متغيرة وشك مزنهر لحسن تكوني لسه سخنة
كاد أن يضع كفه علي جبهتها ليجثها وجدها أبعدت يديه عنها وقالت :
– أنا كويسة يا هيثم
تضايق من رد فعلها فقال :
– والله أنتي أنهارده فيكي حاجة مش طبيعية
أجابته وهي تبتسم لتداري جرح قلبها قائلة :
-مفيش يا هيثم أنا تمام ركز أنت بس في السواقة
ترك يديها وأنتبه لما يفعله فوصل لعيادة سارة فأنتظروا قليلاً حتى دلفوا لعندها بدورهم حاولت الاء أن تمتلك أعصابها فسئلتها سارة :
-خير يا مدام.
نظرت للمشرط المتواجد علي منضدة فوقفت قبل أن تردفت قائلة بصوت ضعيف :
– ممكن أعرف ليه عملتي فيا كدا أذيتك في أيه؟
نظرت لها سارة فقالت وهي تبتلع ريقها ونظرت لهيثم قبل أن تقول لهت :
– مش فاهمة حضرتك تقصدي أيه يا مدام
وقف هيثم وقال لزوجته :
-الاء أنتي بتقولي ايه ؟
قالت لها بصراخ رج أركان الغرفة :
-حرمتيني من الخلفة ليه؟
كاد أن يتجه اليها فصرخت به أن يتوقف وقالت :
– متقربليش أنت متفق معاها صح أنا كنت حاسة أنك متفق معها بس كنت بكدب نفسي
حاول أن يهدئها ولكنها لم توقف عن البكاء وهرولت لتمسك المشرط وأتجهت ناحية سارة لتمسكها ووضعت المشرط علي رقبتها فقالت بنبرة تهديد :
-أنطقي شيلتيلي الرحم ليه
أتجه هيثم ناحيتها حتي لا تأذي سارة وهي تصرخ فدلف الجميع لعندها وأولهم الممرضة
فقالت لهم الاء وهي تشيح المشرط بأتجاهم : -أمشوا أطلعوا كلكم برة مش عاوزة أشوف حد هنا برة لاما أقسم بالله لأذيكم كلكم بررررة
رحل الجميع خوفاً منها فترجاها هيثم لكي تتركها فقالت لها مكررة :
-عملتي فيا كدا ليه أذيتك في ايه
حاولت سارة الابتعاد عنها ولكن الاء أمسكتها بشدة وأقربت المشرط من شريان رقبتها :
-أنتي كنتي بتنزفي في العمليات حتي أسئلي دكتور هيثم ما تقولها حاجة
دفعتها الاء بعيداً عنها وقالت بدموع :
-أذيتك في أيه علشان تعملي فيا كدا
أخذت الأخري تسعل وهي تمسك رقبتها من قبضة الاء عليها وقالت وهي تلتقط أنفاسها :
-مكنش قدامي حل تاني صدقيني
نظرت لهم ودمعت قائلة :
-أوهمتموني أني ممكن أخلف تاني
كاد ان يقربها أليه وهو يعتذر :
-أسف يا الاء بس أنا كنت خايف عليكي
-طلقني
قالتها وهي تدفعه بعيداً عنها فأتسعت حدقة عينيه ووقال بتضايق
-الاء
ألقت المشرط بالأرض وهرولت للخارج فهرول هيثم خلفها فأبتسمت سارة أنها مازالت علي قيد الحياة وأمسكت هاتفها لتحدث مي
لم يلحقها بل أخذت سيارة أجرة فركب سيارته ليلحقها
وصلت لبيت أخيها أسرعت بالدخول وهرولت علي غرفتها لتغلق خلفها باب الغرفة فاتي خلفها طرق الباب بقوة :
– الاء أفتحي الباب دا
صرخت به وقالت :
– مش عاوزاك مش طايقة أسمع صوتك سيبني في حالي يابن الناس
قال لها بنبرة صارمة :
– أقسم بالله لو مافتحتي الأوضة لأكسر الباب
وقفت ترتعد خوفاً تبكي ألماً تنتظر ما سوف يفعله بها ففي ثواني معدودة كان أستطاع هيثم كسر باب الغرفة وجدها تبكي وترتعد تمسك قلبها متألمة أقترب منها وأمسكها من ذراعها وهو يحاول أن يهدئ ذلك الأرتعاد فلم تتحمل أن أقترابه منها وتألم قلبها غير سخونة الدماء المتدفقة بأوردتها فخرت قدميها ووقعت بأرضية الغرفة فصاح بها هيثم قائلاً بلهفة وهو يجثو بجانبها ليسندها :
– الاء
ركبت سارة سيارتها وأتجهت نحو بيتها فهاتفت مي لتحكي لها جميع ما حدث مع الاء فضحكت مي وفرحت بها بشماته فأردفت سارة قائلة :
– دي مجنونة فعلاً مسكتني وكانت هتموتني في أيديها
سئلتها مي بأهتمام :
– هو كان رد فعله ايه ؟
عندها أجابتها سارة قائلة :
– كان واقف مصدوم وحاول يهديها بي بس هي مكنتيش في وعيها صرخت وجريت برة وهو جري وراها
قالت لها مي بشماتة :
– أحسن تستاهل بنت…. لانها خديت أسيادها وخديت مني حبيبي
في لحظة لم تري سارة تلك الشاحنة الكبيرة التي تأتي اليها من بعيد بل كانت منشغلة بمكالمتها مع صديقتها فأوقعت الهاتف لتتحكم بعجلة القيادة ولكنها لم تستطيع أن تغير مسار سيارتها بل أصطدمت بشاحنة المحملة بالرمال فأنقلبت سيارتها عدة مرات حتي تحطمت سيارتها وأصبحت قطعة خردة وتجمع حولها الكثير من الناس ليخرجوها من السيارة ويطلبوا لها سيارة أسعاف نظرت لهم والدماء تخرج من كل جزء بوجها ورأسها قبل أن تفقد وعيها تماماً
في صباح اليوم التالي أتت سيارة الشرطة المشفي بعدما بلغ هيثم بمحاولة قتل صغيرته بحقنها بمادة الماغنسيوم فذهب للمخفر وقام بعمل محضر بالواقعة للممرضة التي أخذت تصرخ وتبكي كي يدعها وشأنها ولكنها رف أن تخبره بهوية من يريد قتل صغيرته بعدما أنتهي عاد مرة أخري للمشفي التي كانت قد انقلبت رأساً علي عقب بعدما حاولت أحدي الممرضات قتل الرضيعة
أخذ الصغيرة خشي عليها من أن يأتي أحد مرة أخري ليقوم بإذائها وذهب بها للمنزل
فرحة الاء بدخوله بها فهرولت عليهم لضمها اليها بشدة فقال لها هيثم بإستنكار من عدم ترحيبها به وبلهفتها علي أبنتها :
-شوفي البت مشتاقة ليها ومش مشتاقة ليا أنا كمان أخص
شعرت بالحرج منه فقالت :
-اسكت بقي
داعب الصغيرة وهي تحملها علي ذراعيها فقال بمزاح :
-هبتدي اغير منك يا رورو
نظرت له وأردفت بإستغراب :
-هتغير من بنوتك دا ايه الهم دا
نظر لعينيها بهيام وهو يتابع قائلاً :
-انا اغير من نفسي عليكي أنتي هتستعبطي
أحمر وجنتيها خجلاً فنكزته بصدره وهي تقول بخجل :
– أتلم بقي ماما وبابا موجودين يقولوا ايه علينا
قال لها بنفس النبرة الهادئه :
– يقولوا أبننا بيعشق مراته فيها حاجة دي
لأحظ أحمرار وجنتيها خجلاً فأتجهت فاطمة لعند هيثم وقالت :
-ولا بعوده
ضربها علي رأسها بخفة قائلاً :
-امشي يا بت
ضحكت الاء علي مداعبته لشقيقته فنظرت للصغيرة مرة أخري وهي تخاطبها :
– تعالي معايا انا هغيرلك وهرضعك وهنايمك أكيد جعانه صح يا رورو
تركتهم فتنهد أنها رحلت ولم تشك بشئ فسئلته فاطمة قائلة :
– عملت ايه مع الممرضة ؟
نظر ورائها خشي أن تكون زوجته متواجدة فتستمع لحديثهم قبل أن يقول :
-اوعي تكوني قولتلها
اؤمات بالنفي فتابع قائلاً وهو يحكي لها عما حدث:
– عملتلها محضر وهي في القسم دلوقتي
فركت بذقنها بأطراف أناملها وهي تردف :
-اكيد دا ماهر أس المصايب كلها
أكمل قائلاً بتضايق :
– ماهر تعبان من بعد موت ابنه حرام نظلمه
عندها سئلته بعدم معرفة :
-أومال هيكون مين اللي له مصلحه يعمل كدا
مط شفتيه قليلاً كإيماءة بعدم معرفته من الجاني وراء تلك المحاولة
جلست سارة بغرفتها فأردفت قائلة :
– البنت اتحبست
أتسعت حدقة عيني مي وهي تستمع لحديث سارة فقالت :
-معقولة مين اللي خلاها تعمل كدا
سئلتها سارة بلؤمٍ وهي تقول :
– يعني مش انتي
أجابتها قائلة :
– والله مانا انا لسه عارفه الموضوع دا منك دلوقتي
قالت لها سارة بإستغراب من كلام مي :
– هيكون مين اللي عمل كدا
شردت مي قليلاً وهي تفكر بشئ ما قبل أن تغلق مع سارة المكالمة فأخذت حقيبتها وأتجهت خارج الفيلا لتركب سيارتها الفارهة
دلف هيثم غرفته فنظر لصغيرته النائمة بسرير الخشبي المتأرجح وهو يقول لزوجته :
-نامت ؟
أبتسمت له الاء وهي تترك ذلك السرير لتريح جسدها علي السرير قائلة :
– اها الحمدلله غلبتني عياط
ضحك هيثم قليلاً قبل أن يقول :
– أنتي لسه شوفتي حاجة دي هتقرف أمك وأمي اديها أنتي فرصتها
أبتسمت له وهي تقول :
– يارب يخليهالنا
أمسك يديها وقبلها قائلاً :
– ويخليكي ليا حبيبتي ومشوفش الوحش فيكي أبداً.
أحتضنته وهي تدعي له بالمثل فرتب علي ظهرها وقال :
– تعرفي في الجو الهادي دا نفسي في ايه
نظرت لعينيه وقالت له متسائلة :
– ايه
أقرب وجهه منها وكاد أن يقترب منها أكثر ولكن طفلته صرخت لتطلبها فأعتدلت وأحتضنتها لترضعها فقال لها هيثم بتضايق :
– مش قولتلك هبتدي أغير من البت دي
ضحكت الاء فضحك هو الأخر قبل أن يقول لها :
– تصبحي علي خير يا حبيبتي
فتح محمود باب شقته وجد امامه مي تستشيط غضباً فسئلته :
-محمود أنت اللي عملت كدا
أزاح لها الطريق لكي تدلف شقته وأتجه ناحية بار المطبخ ليتناول كأس أخر قبل أن يقول ببرود مصطنع :
-أنا هعمل كدا ليه
أقتربت منه لتردف قائلة :
– علشان تنتقم من الاء .
أحتسي المشروب دفعة واحدة قبل أن يقول بنبرة تهديدية :
– الموضوع دا محديش يعرفه سامعه ولا لا
أبتسمت له وهي تقول بنبرة تحمل الكثير من الثقة :
-مبسوطة منك أوي
أبتسم لها محمود بخبث وهو ينظر لها بشدة كنظرة الشيطان يحمل الكثير من الشر بداخله
في صباح اليوم التالي بعدما انتهوا من تناول الفطور قالت سامة لأبنها :
-احنا هنمشي بقي
نظر لها بإستغراب قبل أن يردف :
– ليه يا ماما خليكي
أجابته قائلة :
– باباك عنده شغل كتير في البلد
تنهد هيثم وهو يقول بإستسلام :
– خلاص يا ماما اللي تشوفيه
أمسكت شقيقته في ساعد والدتها وهي تستحثها علي الجلوس فأنها لم تأخذ متسع الوقت لتجلس مع الصغيرة فرفضت والدتها وأصرت علي الذهاب للبيت
عندها قال لها هيثم :
– انتي يا ماما اللي مش عاوزة تقعدي مع رؤي
ردت عليه سامية مجيبة :
– والله وانا كمان ملحقتيش اشبع منها بس انت عارف ابوك
تابع هيثم بتضايق :
– خلاص يا ماما بعد ما الاء تسترد صحتها هجيبها واجيب رورو وهنيجي نقعد عندكم كام يوم مش كدا يا الاء
أبتسمت الاء لهم قبل أن تقول :
-طبعاً يا ماما هنيجي لأن البلد وحشتني
خرج صبري من الغرفة وهو قد بدل ملابسه ليقف أمامهم وهو يخبر زوجته بأن تسرع بتجهيز نفسها حتي يرحلون فأخبرته أبنته أنها تريد أن تجلس قليلاً مع هيثم والاء وبالتأكيد صغيرتهم ولكنه رفض وأصر أنها يجب عليها أن تحضر معهم فهو لن يعود لكي يأخذها فليس لديه متسعٍ من الوقت لفعل ذلك عندها أجابه هيثم :
– أنا هجيبها وهنجيلكم يا بابا
نظر صبري للاء وقال بإستنكار لأن يتركها أبنه :
-هتسيبها لوحدها وهتيجي البلد
عندها أردفت الاء قائلة :
-لا يا بابا انا هاجي معاه ازوركم ولا انت مش عاوز تشوفني
لم يكترث بما قالته وكأنه لم يسمع شئ فأجبر زوجته علي أن تُطيع أوامره قائلاً :
-يالا يا سامية علشان نلحق نوصل قبل ما الدنيا تليل
جلست الاء متضايقة من رد فعل صبري الصارم معها فحملت الطفلة علي ذراعيها وهي تري حماتها دلفت غرفتها بينما فاطمة بحمام الصغير لتقوم بتبدل ملابسها بها حاولت أن تبدو طبيعية وأنها لم تضايق من معاملة والده لها بل تحملت عبأ علي صدرها كما تفعل دوماً لم يمر الكثير حتي خرجت زوجته بعدما أرتدت عباءة سوداء وحجاب أزرق اللون قبل هيثم يديها وأحتضنها فأحتضنت الاء وقبلت الصغيرة فقال لهم هيثم :
-استني يا بابا هوصلكم للمحطه
أوقفه صبري قائلاً :
– خليك جمبها
أمسك هيثم سلسلة مفاتيح الخاصة به فتابع قائلاً :
– لا والله ابداً انا هاجي اوصلكم اتفضلوا
نزلوا فجلست الاء والصغيرة بمفردهم فقال صبري لهيثم وهو يقود سيارته :
– مبروك اللي جاتلك يا هيثم عقبال الولد اللي يشيل اسمك واسم ابوك
نظر له هيثم قبل أن يردف قائلاً :
-يا دكتور ولد بنت كلهم خلقة ربنا احنا مخلقناش نفسنا
عندها تدخلت والدته بالحوار قائلة :
– بس انت اتجدعن وهات الولد
قال لهم هيثم مقدم مشيئه الله :
– علي الله .
مرت الأيام سريعاً لتصبح شهور فأصبحت الصغيرة لديها سبعة أشهر قد سُجنت الممرضة التي حاولت قتل رؤي ولم يعرف هيثم من الجاني فأن زوجته لم تعرف شئ عن تلك الحادثة أبدا كما لم يتوقف إلحاح والدته بأن تسرع بالإنجاب وهي لا تعلم ما بداخلها في يومٍ شعرت الاء بغثيان فظنت أنها تحمل بطفل فأنها ليس لديها شهية لتناول شئ وأن أتت لتصنع طعام له لا تتوقف عن ذلك الشعور بالغثيان المزعج فقلق هيثم عليها فأخبرته أنه يجب أن يذهب بها للطبيبة فأخذها وذهب بها بالفعل بعدما أعطت زوجة أخيها علياء طفلتها حتي تذهب لطبيبة قريبة من منزلهم كانت زميلة لهيثم بيومٍ ما بتلك المشفي الذي يعمل بها معروف عنها بأنها ماهرة بعملها ،تعلقت بأحبال أوهام ولكن الواقع ليس كما يعتقدوا فهي لن تنجب مرة أخري بعدما أنتهت الطبيبة من فحصها ،جلست علي كرسيها الخاص فهي سيدة تبدو في العقد الخامس عيونها بنية محجبة جسدها ممتلئ بعض الشئ تدعي رجاء ، أعدل هيثم ملابس زوجته فأسندها لتجلس علي الكرسي فقالت لها رجاء بنبرة هادئه:
– دا شوية ألتهاب في معدتك.
نظر لها هيثم قبل أن ينظر لملامح زوجته التي قد تغيرت بعدما أخبرتها الطبيبة بعدم حبلها فأمسك يديها وأخذها بعدما كتبت لها بعض الأدوية ولكنه تعمد أن ينسي هاتفه عند الطبيبة فأنها كتبت له بورقة أن يخرج زوجته فهي تريد أن تخبره بشئ أجلسها بسيارته وأخذ يتحسس جيبه فأدعي أنه قد نسي هاتفه نظرت له الاء فقال لها :
– هروح بسرعة أجيبه وهجيلك تاني يا حبيبتي
أغلق السيارة وصعد مرة أخري عند رجاء فجلس أمامها ليقول بلهفة :
– خير يا دكتور الاء فيها حاجه
أجابته قائلة :
– مفيش حاجة أنا كنت حابة أعرف منك شوية معلومات.
سئلها قائلاً :
– ايوة يا دكتور
قالت له متسائلة :
– هي الاء خلفت قبل كدا.
أجابها قائلاً :
– أيوة يا دكتور خلفت ولد بس هو مات الله يرحمه وسقطت مرة وتالت مرة جبت فيها رؤي
نظرت له وهي تتابع :
– حصلها أي نزيف قوي قبل كدا او كان فيه ورم
عندها أؤقفها هيثم قائلاً :
– بعد الشر يا دكتور الاء الحمدلله كويسة مش بتشتكي من أي حاجة هي بس نفسها تخلف تاني وأنا بحاول أمنعها علشان قلبها ميتعبش لأني حكتلك قبل كدا عن حالتها
صمتت رجاء قليلاً وهي تحاول أن تخبره بما لدي زوجته فقالت :
– هيثم أنت عارف أنك أبني زيك زي تامر بالظبط ومش عاوزة أخبي عليك
أزدادت دقات قلبه التي كادت أن تقتلع من صدره وهو يسمع من رجاء ذلك الكلمات فأكملت قائلة :
– الاء شالت الرحم.
أمتلئ عينيه بالدموع وقال لها بعدم أستعاب ما تقوله :
– أنتي بتقولي أيه ؟
قالت له وهي تحاول أن تهدئه فقالت :
– أهدي يا هيثم هي اكيد الدكتورة اللي ولدتها لاقيت النزيف مش راضي يقف أتصرفت.
تركها هيثم وغادر العيادة وصل عند الاء وجدها تبكي مسح دموعه فركب سيارته وقال لها وهو يحاول أن يبدو طبيعياً :
– بتعيطي ليه يا حبيبتي .
دمعت وقالت له :
– كان نفسي أبقي حامل وأفرحك يا هيثم
أمسك يديها وقال :
– كله بمشيئة ربنا
سئلته :
– أتاخرت ليه الدكتورة قالتلك حاجة
أبتسم لها وقال وهو يحاول التماسك :
– قالتلي خلي بالك منها واديها ادويتها بميعادها
لم تقتنع بما قاله فذهب بها لمنزله أنامها علي الفراش وأدفئها جيداً قبل أن يذهب لسارة متوعداً لها بالكثير
دلف المشفي وأتجه لعندها مهرولاً ليقتحم باب الغرفة من دون استأذان فقالت له بصدمة :
– هيثم أنت أزاي تدخل عليا الحجرة كدا
أقترب منها وأمسكها من معطفها كضابط يمسك حرامي ليدفعها بقوة علي الحائط كادت ضلوعها أن تنكسر من تلك الدفعة وهو يصيح :
– شيلتلها الرحم ليه ؟
أبتلعت ريقها وقالت له :
– ممكن تسمعني وأديني فرصة أتكلم
كور قبضة يديه وهو يحاول أن يمتص غضبه فقالت وهي تحاول تهدئته:
– مراتك حصلها نزيف بدون توقف وكانت هتموت لولا أني أنقذتها.
ترك معطفها وأمتلئ عينيه بالدموع :
– أزاي خبيتي عليا مقولتليش ليه؟
ألتقطت أنفاسها بعدما تركها وقالت :
– أنا كنت عاوزة أقولك بس أنا خفت من رد فعلك
جلس علي أقرب كرسي فقال :
– أقولها أيه دي كل يوم بتحلم تجبلي عيل أقول لأهلي أيه اللي بيزنوا علي دماغي أني أخلفلهم ولد
أمتلئ عينيها بالدموع وقد شعرت بأن ضميرها يستيقظ
جلست أمامه فدمع قبل أن يتركها ويرحل بينما أتصلت بصديقتها لتحكي لها كل شيء فرحة مي به ولكن صدره ضاق عليه فظل طوال الطريق يفكر كيف سيواجه زوجته بما فعلته بها زميلته فقرر أن لا يخبرها ببذلك الخبر وقف أمام أحدي محلات الهدايا ليحضر أليها شئ يفرح قلبها قبل أن يذهب أليها وجدها مستيقظة تنتظر عودته فقالت له :
– هيثم أنت كنت فين؟
أبتسم لها وجلس بجانبها وهو يحمل حقيبة هدايه فقال لها :
– كنت بجبلك دا.
أختطفت الحقيبة من يديه وهي تبحث عما أحضر لها لمعة حدقة عينيها حينما وقعت عينيها علي دمي الباندا فهو يعلم كم تعشق تلك الأشياء التافهة كالأطفال فأمسكت به وقالت بنبرة طفولية :
-الله باندا.
أحتضنت دميتها كطفلة فرحة بلعبتها الجديدة فأبتسم لها فرحاً أنها فرحة بدميته فأردف قائلاً :
– أنا مش جايبهالك علي فكرة يا عيلة يا تافهة
أحتضنت الدمية وهي تنظر له بنظرات نارية غضبة قبل أن تقول :
-ايه دا دي بتاعتي أنا
ضحك علي برأتها فقال لها وهو يختطف منها الدمية :
– أنا جايبه لبنوتي أنتي بنوتي
أزاحت وجهها الناحية الأخري بتضايق فأقترب
أكثر منها ليسند ذقنه علي كتفها وهو يقول :
– علي فكرة أنتي بنوتي الكبيرة
حاولت أن تداري أبتسامتها فأكمل :
– وأغلي بنوتة عندي في الدنيا كلها
أعتدلت بجلستها لتحتضنه بشدة فقالت له :
– ربنا يخليك ليا ولا يحرمني منك أبداً
أبتعد عنها قليلاً وهو يسئلهابخبث :
– رورو نايمة
أبتسمت له وهي تقول :
– من بدري
وقف وأمسك يديها وهو يقول :
– يلا ننام أحنا كمان دا أنا عاملك حتة مفاجأة .
وقفت أمامه وأمسكت بأزرار قميصه من عند الصدر :
– مفاجأة ايه بقي
نظر خلفها فقال وهو يحاول خداعها :
– ايه دا يا رورو
ألتفتت برأسها فأختطف قبلة من وجنتيها قبل أن يهرول ناحية غرفته فأستفزها فأتبعته وهي تصيح به بأن يتوقف.
قضوا اليوم التالي في السينما وتناولوا العشاء بالخارج فقد أنساها ما حدث بعدما أقناعها أنها لن تتحمل الحمل مرة أخري ويجب أن تمر علي أقل خمس سنوات ولكنها أن صبرت هل ستصبر والدته التي لطالما تلح عليها بذلك ، ذهب بها لوالدته قضوا عدة أيام ظلت والدته توصيها عليه بأن تخاوي الصغيرة فأحضرت لها بضع وصفات طبيعية لتحتسيها من دون علم هيثم بذلك فأن علم فبالتأكيد سيغضب عليها لم تسلم أيضاً من خطط والدته بأن تذهب لدجالين لكي يصنعوا لها شئ يجعل هيثم يرغب بالأنجاب منها مرة أخري وضعت أسفل وسادته حجاب أعطاه أياه شيخ كتكوت لم يكن هيثم يعلم بذلك الشئ الصلب أسفل وسادته ولما توصيه الاء بأن يرتدي ملابسه الداخلية بالعكس ولكنه عندما بحث أسفل وسادته ووجد ذلك القطعة القماشية غضب عليها وصاح بها كيف لفتاة متعلمة كمثلها أن تسير خلف ذلك التخاريف وحلف عليها يمين بأن لا تصنع تلك الأشياء مرة أخري فغضب من والدته أنها فعلت ذلك بزوجته ولكن الحياة لم تقف بعد وتلك الفكرة لم ترحل عن عقلها ،الآن أصبحت الصغيرة ذات عمر السنة وثمانية أشهر فقالت له الاء وهي تساعده بأرتداء ملابسه :
– أنا عاوزة أخلف يا هيثم .
زفر من عدم نسيانها ذلك الموضوع فقال :
– ما احنا عندنا رورو رضا من ربنا
وضعت يديها علي صدره وقالت :
– ياهيثم عاوزة أفرحك وأجيبلك ولد يشيل أسمك وأسم باباك
ضربها علي رأسها بخفة قائلاً :
بطلي هبل بقي
أمسكت رأسها قائلة بنبرة جدية :
– أنا بتكلم بجد
عندها تابع كلامه قائلاً :
– أنتي هبلة علي أساس أن رؤي مش شايلة أسمي وأسم أبويا
أجابته قائلة :
– مش قصدي يا هيثم أفهمني أنا عاوزة يجيلك ولد تكبره وتعلمه ويفرحك ويفرح بابك
ومامتك
زفر هيثم بشدة وهو يشيح وجهه الناحية الأخري فقالت :
– أسمعني يا هيثم أنا عاوزة راحتك
عندها أشتد غضب هيثم وقال :
– أنتي مالك أنتي أنا ياستي مش عاوز عيال تاني وعندي رؤي بالدنيا
أمسكت يديه وقالت وهي تحاول أن تهدئه :
– علشان خاطري أنا نحاول
زفر بشدة قبل أن يكمل بإستسلام :
– ماشي يا الاء ياحبيبتي اللي تشوفيه
تركها وذهب لعمله أحست الاء بعدم رضا هيثم بالإنجاب مرة أخري فقررت أن تذهب للطبيبة من دونه لعلها تعطيها دواء يسرع لها بالإنجاب مرة أخري فأتصلت بمريم لتخبرها بالذهاب لطبيبة النساء والتوليد الخاصة بها
فقالت لها مريم :
-في المستشفي عند هيثم
قالت لها الاء بتلجلج :
-لالا بلاش لحسن هيثم يضايق بصي أحنا نروح للدكتورة اللي عندك مش بتقولي شاطرة
صمتت مريم قليلاً فتابعت الاء قائلة بنبرة تترجي بها مريم:
– مريم بليز تعالي معايا حماتي بتزن علي نفوخي أني أخلف تاني وانا الصراحة مش عاوزة أزعلها وعاوزة هيثم يفرح بولد منه ويعوضني عن حمزة
وافقت مريم ولكنها تحتاج بعض الوقت حتي تجهز الطعام لمصطفى وتبدل ملابس جودي
ذهبت الاء لعند مريم وهي تحمل رؤي معها فذهبت معها للطبيبة ، أنتظرتها لوقت طويل فقد كان هناك الكثير بعيادتها ينتظرون دورهم رن عليها هيثم ولكنها لم تجيب فقالت جودي للاء :
-عمتو تيفون رن
أنتبهت لها الاء فأمسكت منها الهاتف وجدت أسم هيثم يظهر علي الشاشة فأجابته قائلة :
– أيوة يا بابا
سئلها قائلاً :
– أنتي فين
قالت له الاء كذباً :
– بشتري حاجات انا ومريم وجايين
فلم يدوم تلك الكذبة طويلاً حتي سمع صوت ممرضة تقول دورك يا مدام الاء بعد اللي جوه
فقال لها متسائلاً:
– أنتي فين يا الاء
أبتلعت ريقها وقالت بإستسلام لقول الحقيقة:
-في عيادة دكتورة شروق
تابع بتضايق :
– اللي عند مصطفي فأجابت بالايجاب فأغلق المكالمة دون أن يودعها
بعد عشر دقائق كان قد وصل لعندها يبدو عليه الغضب فأمسك يديها وقال :
– يالا
قالت له الاء وهي تستحثه علي ترك يديها:
-أستني يا هيثم أنا دوري دا
نظر لها بغضب وحمل عنها صغيرته وأمسك يديها باليد الأخري فوجه كلماته لمريم:
– أنا اسف يا مدام يالا علشان أوصلك في طريقنا
أخذهم ورحلوا دون أن تصل للطبيبة بعد فبعدما دلف الشقة قال لها بغضب ٍ:
-أنتي بتكدبي عليا ليه ليه مرضيتش تقوليلي أنك عند الدكتورة.
أمتلئ عينيها بالدموع وقالت وهي تضع الصغيرة علي الكنبة:
-الموضوع مش مستاهل أنا كنت عاوزاها تساعدني
أقترب منها وأمسكها من ذراعيها بغضب ليجبرها علي الأعتدال أمامه وقال :
-تسعدك في أيه
أجابته قائلة :
– تديني حاجة تخليني أخلف بسرعة
ضغط علي ذراعيها بقوة فتأوهت ألمٍ مما جعل الصغيرة تصرخ هي الأخري :
– أنا قولتلك مش عاوز أخلف أنتي مش هتستحملي خلفه تاني وولاده
صرخت به وقالت وهي تشيح يديه بعيداً عنها :
– أنت مالك بقولك أنا هستحمل علشانك وعاوزاك تخليني أخلف
زفر هيثم بشدة وأبتعد عنها قائلاً :
– أنا مش عاوز أخلف أنتي مبتفهميش
أمتلئ عينيها بالدموع وقالت :
-شكراً يا هيثم أنا هسيبلك البيت علشان منزعلش من بعض أكتر من كدا
كادت أن تبتعد عنه لتدلف غرفتها فأوقفها ليمسكها من يديها وقال :
– حقك عليا أنا مقصدش حاجة
دمعت قائلة بغضبٍ :
– لا تقصد أنا بقولك مش عاوزة حاجة منك غير أنك تخليني أخلف ودا أبسط حقوقي منك
حاول أن يمتلك أعصابه حتي لا يفقد زمام الأمور فقال بهدوء :
-خلاص يا الاء ربنا يسهل شوفي البنت علشان مفطورة من العياط وأكليها ونيميها وبعدين نبقي نشوف الموضوع دا
أخذت الصغيرة من أمامه ودلفت بها غرفتها فجلس علي الكنبة وزفر بشدة فهو لا يعلم كيف سيخبرها بذلك ألأمر أنها لن تنجب له مهما حاولوا ذلك فأنه لا يريد أن تأذي جسدياً ونفسياً دون فائدة من ذلك.
بعد حوالي أسبوع أستيقظت من جانبه وأخذت حمامها وبدلت ملابسها وجدت أمه تهاتفها فأخبرتها أنها تكلمت مع مع ولدها بذلك الموضوع وأنها ستبذل قصاري جهدها حتي تنجب له ولاداً لتفرح أهله وتفرحه هو الأخر
بعد قليل خرج بعدما أخذ حمامه وأرتدي ملابسه وجدها تجلس صغيرته بكرسي الخاص بالأطفال في المطبخ وهي واقفة تصنع له الطعام فأخذ يداعب طفلته فتعالت ضحكتها وهي تقول :
– بابا.
فقال لها هيثم مجيباً :
– عيون بابا والله وقلب بابا.
أبتسمت الاء وهي تراه يداعب صغيرتهم فوجدته يوجه لها الكلام قائلاً :
-والله لو عندي مليون عيل مش هحبه قد رورو
نظرت له وأكملت وضع الطعام علي منضدة المطبخ فقال لها بمزاح :
– أفردي سحنتك خلي ربنا يفرجها علينا
أبتسمت وقالت بلؤم :
– حلو كدا
عندها غمز لها وهو يقول :
– عسل
فأحمر وجنتيها ونكزته بكتفه فضحك علي خجلها أنتهت مما تصنع فجلست بجانبه تطعم صغيرتها وهو يتناول إفطاره
عندها أردفت قائلة :
-مش هتخليني بردو أروح للدكتورة أشوف المشكلة في أيه
زفر هيثم وألقي الملعقة بالصحن الخاص به فقال :
-يابنتي أنتي بتخلقي النكد ليه
تابعت بتضايق :
– أنا معرفش الموضوع الخلفة دا بيضايقك في أيه مش معقولة كدا أبداً
قال لها بنفاذ صبر :
-هوديكي للدكتورة بتاعتك خلاص أرتاحتي
سئلته بإهتمام :
-أني واحدة
أجابها قائلاً :
– اللي ولديتك
زفرت الاء بشدة وقالت بحنق :
– مش بحبها ولا بستريح لكشفها
نظر هيثم بساعته ليشعرها أنه قد تأخر علي عمله وقال بنبرة ساخره مما تقول :
– معليش حقك علينا نبقي نفصلك دكتورة تبقي مستريحلها
وقفت وأكملت :
-هيثم أنا مش بهزر
أعتدل هيثم بوقفته قبل أن يقول :
– هي كلمة واحدة هتروحى تغيري و تيجي معايا تكشفي ولا أروح شغلي أنا
أجابته بإيجاب قبل أن تتركه مع الصغيرة التي أعتني بيها والدها وقام بتغير ملابسها لتليق بخروجها بعدما غير لها حفاظتها فأخذ الاء ورحلوا وصلوا للمشفي ودلف بغرفة سارة معه زوجته وأبنته بعدما ألقوا السلام علي بعضهم البعض فأخبرها هيثم بأن زوجته تريدها أن تفحصها
فنظرت لها سارة وقالت :
– ايوة طبعاً وماله أتفضلي
أخذ من زوجته رؤي وهو يسمي عليها قائلاً :
– بسم الله
تدخلت الاء بصلب الموضوع التي أتت من أجله :
– أنا عاوزة أخلف ومعرفش ليه محصلش لحد دلوقتي ممكن لاني كنت برضع بس دلوقتي مبقتيش أرضع رؤي.
نظرت سارة لهيثم وقالت بتلجلج :
-أنا مش قولتلك يا دكتور أن علط عليها تخلف أول تلت سنين
أجابها قائلاً :
– أنا قولتلها هي مش بتسمع الكلام فقوليلها انتي بقي
صمتت الاء وهي لا ترتاح لتلك الطبيبة فأستسلمت لفحصها فأن نظرات هيثم لها كانت غريبة وكأنه يخبرها أن تقول لها بأن لا تنجب قطعت سارة شرودها:
– أنتي زي الفل
أخبرتها الاء أنها تريد أن تقول لها شئ بأذنها فمالت سارة قليلاً حتي تتمكن من سماع همس الاء وكأنها تشعر بالحرج من قوله أمام زوجها فعندها أعتدلت سارة بوقفتها فقالت لها :
-ياحبيبتي دا عادي علشان أنتي لسه في مرحلة الرضاعة الطبيعي
فنظر لها هيثم وقد فهم ما ترمي له زوجته فقالت لها الاء بعدم فهم :
-حضرتك أنا بطلت رضاعة بقالي شهور وبأكل جودي دلوقتي
أبتلعت سارة ريقها وقالت لها :
– طيب تعالي معايا هكتبلك علي أدوية هتخليكي كويسة جداً
فلم تشعر الاء براحة بكلام تلك الطبيبة ولا لنظراتها زوجها فعندها وجهت كلام لهيثم قائلة :
-متقلقوش من تأخر الخلفة وعيشوا حياتكم الطبيعية عادي
شكرها هيثم وأخذ الاء التي لم تقتنع بما سمعته من تلك الفتاة فحملت عنه الصغيرة علي يديها وأخبرته أنها ستكون ببيت أبيهم لأن مصطفي سيأتي ليبيت به وهي ستجلس مع مريم فلا تبيت بمفردها بيوم نباطشيته
أبتسم لها وأركبها السيارة الأجرة بعدما دفع لها ثمن الركوب تنهد بشدة بعدما رحلت
ظلت طوال الطريق تفكر بذلك الموضوع وصلت لعند أخيها وجلسوا الجميع فبعد تناول الطعام دلفت غرفتها فتابعتها مريم لتسئلها ما بها فعندها أخبرتها قائلة :
-أنا عاوزة أروح أكشف يا مريم حاسة بحاجة غريبة في كلام الدكتورة دي شكلها حمارة متعرفش حاجة
نظرت مريم علي طفلتها وهي تلاعب أبنة الاء فقالت :
-يابنتي اتهدي بقي مش جوزك كشفلك أنهارده في المستشفى عاوزة ايه تاني
تغيرت تعبيرات وجهها وقالت بتضايق :
-كلامها مأقنعنيش حسيتها هيثم مفهمها أنها تقولي أن غلط عليا الخلفة علشان هو مش عاوز كدا
وقفت مريم لتبتعد عنها قائلة :
– والله انتي مجنونة ومتخلفة والله يكون في عونك يا هيثم
زفرت بشدة قبل أن تقول :
– هتيجي معايا ولا أروح لوحدي
أجابتها مريم بغضبٍ :
– لا مش هاجي معاكي مش كل مصيبه تاخديني فيها جوزك حاسس أني اللي بصلتك علي المصيبة
أردفت الاء :
-خلاص أنتي حرة خلي رورو معاكي عقبال ما أروح أكشف وأجي وخلي الموبايل معاكي كمان
سئلتها مريم :
–لو هيثم أتصل أقوله ايه
عندها أجابتها قائلة بمبرر:
– قوليله في الحمام في اي حته متوجعيش دماغي
زفرت مريم بشدة وحملت عنها الصغيرة
فخرجت الاء من الشقة دون أن تلاحظ علياء ذلك فأن رأتها لأسرعت لتخبر زوجها بذلك ذهبت لأقرب طبيبة وهي شروق أنتظرت دورها من ثم دلفت لعندها فتاة تبدو في الثلاثينات جميلة للغاية وأيضاً منتقبة فشعرت الاء بالراحة حين رأتها فجلست أمامه وأردفت قائلة :
أنا كنت والدة قيصري من سنة ونص وعاوزة أجيب بييي ممكن حضرتك تكتبيلي دوا يخليني أخلف بسرعة
ضحكت شروق من أستعجالها وقالت بإستنكار: -سنه ونص وعاوزة تخاوي بنتك حرام تظلميها معاكي أصبري عليها شوية
اجابتها الاء قائلة :
– خايفة اكبر ومعرفش أخلف تاني وحضرتك أنا كنت عاملة عملية في القلب من حوالي 3 سنين فخايفة اوي يقصر دا غير أني ولدت أتنين وسقطت مرة
فقالت لها شروق وهي تشير لسرير الفحص :
-طيب أتفضلي أكشف عليكي
بعد قليل خرجت شروق من حجرة الفحص وجلست علي مكتبها بينما الاء أعدلت ملابسها ولحقتها قائلة :
-ايه حضرتك هتكتبيلي حاجة
أبتلعت شروق ريقها وقالت متسائلة:
– أنتي قولتيلي ولدتي قيصري صح
أجابتها الاء بإيجاب :
– أيوة حضرتك
سئلتها الطبيبة قائلة :
-مكنتيش بتعاني من اي نزيف قبل العملية بشكل مستمر
رفضت الاء ذلك وقالت أن طوال عمرها لم تري ذلك
فقالت شروق : أكيد حصل حاجة خليت الدكتورة تعملك عملية أستئصال
أتسعت حدقة عينيها وقالت :
– استئصال ايه حضرتك
أجابتها الأخري بصوت هادئ :
– رحم
أمتلئ عيونها بالدموع وقالت وشفتيها ترتعش:
– يعني أيه يعني أنا معنديش رحم
أكملت شروق قائلة :
-أنا أسفة بس دا الواضح قدامي وبعدين أنتي طول المدة دي ملاحظتيش
دمعت عينيها وتابعت :
-كنت فاكرة أن علشان الرضاعة
خرجت من عندها وهي لا تري من أمامها تزرف دموعها بألمٍ وهي تتذكر كلمات الطبيبة أن تحمد ربها فلعله خير فضلاً من أنها قد تصاب بسرطان الرحم وكانت ستزيله أيضاً
مسحت دموعها وهي تعلم أنه يعلم بذلك فلما كان يرفض ذلك فغضبت أنه لم يقول لها بذلك الموضوع فلو أنه كان قال لها لخف ألم قلبها عادت من حيث أتت وأدعت أن الطبيبة لم تقول لها شئ غير أنها تنتظر قليلاً نامت علي فراشها وأحست بثقل رأسها فعلمت مريم أن هناك شئ تخفيه عنها في اليوم التالي أخذت أبنتها دون أن تتحدث مع مريم وذهبت لشقتها وضعت الصغيرة بكرسها الخاص ومعها مجموعة من الألعاب ودلفت غرفتها وقفت أمام خزانة ملابسها تنظر لملابس نومها أختارت أحدي الفساتين القصيرة ذات اللون الأزرق وعاري الصدر دلفت حمامها لتستحم نزلت المياء علي رأسها فشردت وهي تتزكر كيف كان يصيح بها بأن تتوقف عن فكرة الحمل مرة أخري وألحاح عائلته بأنجاب ولد ليحمل أسم والده الدكتور صبري صالح ، أنتهت من الأستحمام وقفت أمام المرآة تنظر لوجهها وظلت تخاطب نفسها :
– أستيقظي من ذلك الحلم السيئ لعله غداً يأتي لينسكي ما حدث بالبارحة.
أمتلئ عينيها بالدموع وأرتدت الفستان وخرجت لتنتظر قدومه أتي في معاده وجدها تجلس علي كرسي الأنترية فوقفت عندما نظر لها لتظهر جمال الفستان عليها فقال لها :
– أيه الحلاوة دي يا لولو أنا دخلت شقة غلط
نظرت له قبل أن تقول له بميوعة مصطنعة :
-أجنن مش كدا
أقترب منها ليحتضنها وكأنه يحاوب أن ينسي أرهاق يومه بالمشفى بذلك الحضن ولكنه أحس بأرتفاع حرارة جسدها فأبتعد عنها قليلاً ووضع يديه علي جبهتها وهو يجث حرارتها فقال :
– مالك يا الاء أنتي تعبانه
أؤمات بالرفض فأبتعدت عن حضنه قليلاً قبل أن تردف :
-طنط فتحتني بموضوع العيل تاني وأنا قولت أقولك
أبتعد عنها وقال بغضب :
– يادي أم العيال
ألتقطت أنفاسها فقالت :
– بص بقي يا هيثم أنا عاوزة أخلف لو مخلتنيش أخلف أنا مش هقعدلك في البيت
أتسعت حدقة عينيه وقال بتضايق :
– الاء أنتي أتجننتي أكيد أتجننتي
أمتلئ عينيها بالدموع وتابعت قائلة بصوت مرتفع :
– أنا مجنونة من زمان وأنت عارف ومعايا شهادة معاملة أطفال
كاد أن يتركها ويرحل وهو يقول بنفاذ صبر :
– أنا هسيبلك البيت وماشي قبل مافقد أعصابي عليكي
وقفت أمامه فمنعته عن النزول :
– هيثم أنا عاوزاك توديني تاني للدكتورة سارة
نظر لها وقال بتضايق:
– مش لسه كنا عندها أمبارح
أبتلعت ريقها وقالت :
-أصل حسيت بوجع وعاوزة أروح عندها أشوف هتقولي ايه ودا أخر طلب هطلبه منك فبالله عليك توديني ليها لأني بجد تعبانة
نظر لها قبل أن يقول بنبرة صارمة :
-هوديكي بس بشرط
صمتت قليلاً وهي تحدقه فأكمل :
-متجبليش سيرة الخلفة تاني وسيبينا كدا أحسن
أبتلعت ريقها وقالت :
– أنا موافقة يا هيثم لو سمحتي وديني الاول عند مصطفي أديله رؤي ونروحلها
تنهد وهو يقول :
– طيب ممكن تسيبيني دلوقتي أنام لاني مش قادر أقف وبليل نروحلها العيادة أحسن
أزاحت وجهها بعيداً عنه وقالت :
– اللي تشوفه يا هيثم
حاول أن يخفف عنها فأمسك يديها وقال : -طيب أيه مش هتيجي تطلعيلي هدوم أنام بيها عقبال ما أخد شور
تركته وأتجهت ناحية غرفتهم فنظر للسقف وقال مناجياً ربه :
– يارب أسترها معايا
نظرت له رؤي فضحكت له فأبتسم لها قائلاً :
-أمك هتجنني يا رورو
في المساء نزلوا معاً فذهبت الاء لعند مريم لتعطيها الصغيرة فسئلتها مريم لماذا أتت لها بالصغيرة فأجابتها :
– هبقي أحكيلك يا مريم بس خلي بالك من رؤي
نزلت وركبت سيارة هيثم وظلت تفكر ما سوف تفعله بتلك الطبيبة فنظرت له
وجدها تحدق به فأبتسم لها وأمسك يديها وقال :
-مالك يا حبيبتي حاسك أنهارده متغيرة وشك مزنهر لحسن تكوني لسه سخنة
كاد أن يضع كفه علي جبهتها ليجثها وجدها أبعدت يديه عنها وقالت :
– أنا كويسة يا هيثم
تضايق من رد فعلها فقال :
– والله أنتي أنهارده فيكي حاجة مش طبيعية
أجابته وهي تبتسم لتداري جرح قلبها قائلة :
-مفيش يا هيثم أنا تمام ركز أنت بس في السواقة
ترك يديها وأنتبه لما يفعله فوصل لعيادة سارة فأنتظروا قليلاً حتى دلفوا لعندها بدورهم حاولت الاء أن تمتلك أعصابها فسئلتها سارة :
-خير يا مدام.
نظرت للمشرط المتواجد علي منضدة فوقفت قبل أن تردفت قائلة بصوت ضعيف :
– ممكن أعرف ليه عملتي فيا كدا أذيتك في أيه؟
نظرت لها سارة فقالت وهي تبتلع ريقها ونظرت لهيثم قبل أن تقول لهت :
– مش فاهمة حضرتك تقصدي أيه يا مدام
وقف هيثم وقال لزوجته :
-الاء أنتي بتقولي ايه ؟
قالت لها بصراخ رج أركان الغرفة :
-حرمتيني من الخلفة ليه؟
كاد أن يتجه اليها فصرخت به أن يتوقف وقالت :
– متقربليش أنت متفق معاها صح أنا كنت حاسة أنك متفق معها بس كنت بكدب نفسي
حاول أن يهدئها ولكنها لم توقف عن البكاء وهرولت لتمسك المشرط وأتجهت ناحية سارة لتمسكها ووضعت المشرط علي رقبتها فقالت بنبرة تهديد :
-أنطقي شيلتيلي الرحم ليه
أتجه هيثم ناحيتها حتي لا تأذي سارة وهي تصرخ فدلف الجميع لعندها وأولهم الممرضة
فقالت لهم الاء وهي تشيح المشرط بأتجاهم : -أمشوا أطلعوا كلكم برة مش عاوزة أشوف حد هنا برة لاما أقسم بالله لأذيكم كلكم بررررة
رحل الجميع خوفاً منها فترجاها هيثم لكي تتركها فقالت لها مكررة :
-عملتي فيا كدا ليه أذيتك في ايه
حاولت سارة الابتعاد عنها ولكن الاء أمسكتها بشدة وأقربت المشرط من شريان رقبتها :
-أنتي كنتي بتنزفي في العمليات حتي أسئلي دكتور هيثم ما تقولها حاجة
دفعتها الاء بعيداً عنها وقالت بدموع :
-أذيتك في أيه علشان تعملي فيا كدا
أخذت الأخري تسعل وهي تمسك رقبتها من قبضة الاء عليها وقالت وهي تلتقط أنفاسها :
-مكنش قدامي حل تاني صدقيني
نظرت لهم ودمعت قائلة :
-أوهمتموني أني ممكن أخلف تاني
كاد ان يقربها أليه وهو يعتذر :
-أسف يا الاء بس أنا كنت خايف عليكي
-طلقني
قالتها وهي تدفعه بعيداً عنها فأتسعت حدقة عينيه ووقال بتضايق
-الاء
ألقت المشرط بالأرض وهرولت للخارج فهرول هيثم خلفها فأبتسمت سارة أنها مازالت علي قيد الحياة وأمسكت هاتفها لتحدث مي
لم يلحقها بل أخذت سيارة أجرة فركب سيارته ليلحقها
وصلت لبيت أخيها أسرعت بالدخول وهرولت علي غرفتها لتغلق خلفها باب الغرفة فاتي خلفها طرق الباب بقوة :
– الاء أفتحي الباب دا
صرخت به وقالت :
– مش عاوزاك مش طايقة أسمع صوتك سيبني في حالي يابن الناس
قال لها بنبرة صارمة :
– أقسم بالله لو مافتحتي الأوضة لأكسر الباب
وقفت ترتعد خوفاً تبكي ألماً تنتظر ما سوف يفعله بها ففي ثواني معدودة كان أستطاع هيثم كسر باب الغرفة وجدها تبكي وترتعد تمسك قلبها متألمة أقترب منها وأمسكها من ذراعها وهو يحاول أن يهدئ ذلك الأرتعاد فلم تتحمل أن أقترابه منها وتألم قلبها غير سخونة الدماء المتدفقة بأوردتها فخرت قدميها ووقعت بأرضية الغرفة فصاح بها هيثم قائلاً بلهفة وهو يجثو بجانبها ليسندها :
– الاء
ركبت سارة سيارتها وأتجهت نحو بيتها فهاتفت مي لتحكي لها جميع ما حدث مع الاء فضحكت مي وفرحت بها بشماته فأردفت سارة قائلة :
– دي مجنونة فعلاً مسكتني وكانت هتموتني في أيديها
سئلتها مي بأهتمام :
– هو كان رد فعله ايه ؟
عندها أجابتها سارة قائلة :
– كان واقف مصدوم وحاول يهديها بي بس هي مكنتيش في وعيها صرخت وجريت برة وهو جري وراها
قالت لها مي بشماتة :
– أحسن تستاهل بنت…. لانها خديت أسيادها وخديت مني حبيبي
في لحظة لم تري سارة تلك الشاحنة الكبيرة التي تأتي اليها من بعيد بل كانت منشغلة بمكالمتها مع صديقتها فأوقعت الهاتف لتتحكم بعجلة القيادة ولكنها لم تستطيع أن تغير مسار سيارتها بل أصطدمت بشاحنة المحملة بالرمال فأنقلبت سيارتها عدة مرات حتي تحطمت سيارتها وأصبحت قطعة خردة وتجمع حولها الكثير من الناس ليخرجوها من السيارة ويطلبوا لها سيارة أسعاف نظرت لهم والدماء تخرج من كل جزء بوجها ورأسها قبل أن تفقد وعيها تماماً