رواية قتل عن عمد

(قتل عن عمد)

الفصل الاول

 

 

_متسبنيش ..ارجوك…

_ارجوك متسبنيش…

قالتها ايمان ببكاء يقطع نياط القلوب…تتشبث به كقطة لا ترى ملجأ غيره..

_..متسبنيش.. نائل انا اسفة …انا مش هعمل كده تاني وهكذا تهزي بما لا تدري..متسبنيش….هموت لو سبتني..ارجوك…

تمسكه من قميصه تضع رأسها الصغير علي صدره العريض بتملك وبكاء…

حاول ابعادها بهدوء…ولكنها رفضت ..ابعدت رأسها قليلا تنظر في عينيه الجامده ..خائفة من نظرة عينية ..تلك غريبة عليها  فقالت بحزن العالم…و الترجي بعينيها

_.طيب قولي انا عملت اي…قولي تهمتي اي؟..قولي جريمتي اي اللي هتسيبني علشانها؟…قولي ابوس ايدك متسكتش كده…اتكلم سكوتك ده هيموتني..انا مش هقدر أعيش من غيرك مش هقدر اعيش من غيرك

واخذت تصرخ به تضربه علي صدره بكل قوتها…ولكن قوتها امام صلابته لا شيء لم تحرك به ذرة

مازال الصمت يخصه..ينظر للاشيء…..

احتضنته مره اخري …تهز رأسها بالنفي…وكأنها تؤكد لنفسها انه لن يتركها..

ا_يوه…انت بتحبني مش هتسيبني ..ايوا نائل ميقدرش يعيش من غير ايمان ..ايوه مين هيحَمِيني ..مين هيسرحلي شعري.مين..ها..مين هيحميني من الناس. ؟ ..ها…مش ديما تقولي متخرجيش وحدك …انا لازم اكون معاكي..ها..ها..لم اسالك تقولي انا خايف عليكي…دلوقتي مين هيخرج معايا ..مين هيجيب الاكل..

ونظرت لعينيه….انا هموت بجد لو سبتني?

فنظر لعينيها لاول مرة منذ نقاشهما العقيم من وجهة نظره

قبل رأسها واحتضنها. يعتذر ..

شعر بجسدها يرتخي فجأة بين زراعيه ..سقط قلبه اسفل قدميه..الف فكرة وفكرة جاءت في خاطره

.واخذ ينادي عليها.

._.ايمان..ايمان

.ابعد جسدها عنه مسافه  يضع زراعه اسفل ظهرها وزراع اسفل ركبتيها..

حملها بخفة وخوف…يجول في عقله الف سؤال ماذا اصابها

….

استمر يركض للخارج ..رأته خالتها سميحة..ضربت علي صدرها بخضة ..يالهوي نائل مالها ايمان..

 

لم يرد عليها بل استمر يركض للخارج..وضعها علي الموتوسيكل خاصته …وصعد هو ايضا ..ولكنه جعلها من الامام حتي لا تسقط…

تقدم اتجاة احد المستشفيات…يشعر بالخوف عليها..يعلم بأنه سيتركها لا محاله….يدعو الله ان تكون بخير…لن يسامح نفسه ابدا اذا حدث لها شيء….

بعد عشر دقائق كان في المستشفى…

اخذوها منه يضعوها علي التيرولي ثم للغرفه…تحت انظاره القلقة…

خرج طبيب بعد ثمن دقائق  تقدم اتجاهه نائل بصمود لا يليق الا به.

_.خير يا دكتور

الطبيب.

_.حضرتك جوزها

نائل بهدوء..

_ايوه…

الطبيب …ا

_المدام دخلت في غيبوبه نتيجة لصدمة قوية عقلها رفض يقبلها .واحتمال تفوق بعد شهر

 

نظر له نائل بجمود عكس ما يجول داخله تماما …لم يعقب

………..

 

بعد شهر ونصف…

اخبر الطبيب يوسف ان ابنته فاقت …سجد  في الارض يقبلها …شكر وحمد خالقه علي سلامة ابنته الكبرى

 

دلف الي غرفتها علي استحياء..وكأنه السبب فيما حدث لها…حاول الا يرهقها ولذلك تحدث بطبيعيه

يوسف مشاكسا…اي يا ست ايمان كنت ناوية تنامي كام شهر تاني…للدرجادي هنت عليكي شهر ونص متكلميش بابا

 

نظرة له ايمان نظرة غريبة…بها ضياع تشتت…

لاول مرة يشعر يوسف بأنه اب غير لائق..رغم ان ايمان هي من ارادت نائل وتزوجته…ولكن يوسف يشعر بالقهر علي قبوله الجواز من ابنته…لو يرجع الزمن…

وهكذا عقله يفكر…يحمل نفسه المسؤليه كامله علي قبوله ذلك الجواز

 

 

_فين نائل يا بابا.

..قالتها ايمان بنفس النظرة….خرج من افكاره. …لا يعلم بماذا يرد علي تلك الصغيره صاحبة ال١٩عام

ماذا يقول لها…يقول لها انه هرب؟ ..يقول لها انه جبان …ماذا يقول؟…نزلت دمعة علي وجنته…لمحتها

…كانت كفيلة بالرد عليها

صمتت ايمان…تنظر للسقف…

ولكن فجأة بدات بالصراخ ….صراخ غريب…صراخ يحمل العتاب..

يحمل القهر.يحمل الحرمان..يحمل الفقد الوليد…..

 

……….

Back

 

تفور القهوة امامها ومازلت ايمان  شاردة في النائل…مر عشر سنوات علي ما حدث….ولكنها تتذكر كلما تشرد…اصبحت تعيش بين الحاضر والماضي…ولنقول اسيرة الماضي

……

 

في الخارج

_ايمان يا ايمان …القهوة فارت شامم ريحتها من هنا…

هكذا نادى والدها..

لم تجيب

_يا ايمان ..ابوس ايدك اياكي تحرقيها?

 

وهكذا ينادي ..حتي اتته ايمان محرجة…تضع القهوة علي الصينية ..فهي في كل مرة تحرقها

 

وضعتها امامه دون كلمه..نظر لها يوسف مدركا و قبل ان تذهب

_…استني تعالي انا نتي مخصماني ولا اي..

نظرة له مرة اخرى واستدارت تجلس بجواره ..

_يا خبر ازاي يا بابا …

ربت يوسف علي ظهرها بحنان …

 

 

نظرة له ايمان بإبتسام..تعلم اباها جيدا ومحبته لهم…

_حاضر يا بابا بس حضرتك عارف انا مش بعرف  اتعامل مع الناس وااا….

يوسف لم يصدق ما تلقته اذنه…لطالما منذ سنوات يترجها لتخرج ..منذ عشر سنوات لم تخرج من البيت الا مرتان تقريبا

 

_بجد يا ايمان انتي بتتكلمي جد…

ضحكت ايمان علي لهفة والدها…ف والدها دائما هادئ…

ابتسمت تربت علي كفه …ا

_ايوا يا بابا موافقه طبعا ومن دلوقت كمان…

قبل رأسها بصدق..يدعو لها بصلاح الحال…والسعادة ..

 

_انا قايم بقي خارج …عمك حسن عايزني في موضوع

 

هزت رأسها بالموافقه وخرج تحت انظارها الخائفة

تعلم جيدا ايمان  حب والدها لهن…وتعلم انه ذهب الان حتي لا يذرف الدموع امامها

فتلك عادته يبكي في الفرح والحزن ولا يحب البكاء امام احدا

…….

 

 

في شوارع القاهر ١/٢/  .٨١٠٢

الخامسة مساءً…الشوارع شبة فارغة والسبب ليس بغريب

هطول المطر… التربة والرصيف مشبعة بالماء روائحها مميزه لها نكها خاصة…

 

على اخر ذلك الطريق  كلبان يركضان نحو قطة وهي ايضا ركضت كثيرا حتى انقطع نفسها …تعوي الكلاب ك عواء الذئاب …وفي اقل من عشر دقائق افترسا تلك القطة

ولا احد يرى شيء..

…….

بعض المقولات تقول..

(.احذر من عدوك مرة ومن صديقك الف مرة.)..

……..

 

منزل الحاج يوسف…

رجل في العقد الخمسين من عمره…يعمل في شركة المياه ك محاسب ..زوجته حنان يكبرها ب ٥ سنوات فهي ابنة عمه ايضا..انجب منها ثلاث بنات ….اكبرهن إيمان ٢٩عاما..وتليها مريم٢١تالته اعلام  . واصغرهن زينب ثانوية  عامة.

 

 

يجلس يوسف يقرأ في احد الجرائد ..فتلك عادته كل صباح ..

ف يوسف رجل وقور محترم…هادئ الطبع وكذلك كل عائلته بإستثناء زينب المشاكسه. وكذلك يمان ولكن في الماضي..محب وملهم للقرأة يعشق عائلته …

 

يوسف مناديا تجاة المطبخ#

_يا ايمان .يا ايمان..يا بنتي سنه بتعملي القهوة ..وادي قومه اما اشوف المخترع اللي في المطبخ بيعمل اي…

 

تقدم يوسف تجاة المطبخ ليرى ماذا تفعل ايمان كل ذلك…بعد دقيقة لمحها

 

تقف بهدوء تام تنظر للقهوة بتمعن وكأنها تتفحصها دون اي ملل…ابتسم  داخله.. ف ايمان تشبهه كثيرا في حركاتها

فقال دون مقدمات

_.القهوة .يا ست البنات …

تفاجأت ايمان وسعلت

_.بابا خضيتتي الله يسامحك…

 

تقدم منها يحضن رأسها الصغير بحب ابوي …

_سلامتك يا بابا

ابتسمت بصدق عيونها ..

.فهى تعلم جيدا ان والدها يحبها وخاصتآ هى والسبب انها تشبهه كثير في الشكل وفي الطباع ايضا…

وقد يكون هناك سبب اخر

 

ربت علي ظهرها مشاكسا ….ايوه بقى خديني في دوكه واحضنيني

..علشان متكلمش عن القهوة اللي فارت …

جحظت بعينيها في وجه والدها ثم نظرت للقهوة ..وقالت دون شعور

_باااابا…وكأنها تستنجده لينقذ القهوة…

ضحك يوسف علي وجهها  المزهول

 

خرج من المطبخ  يضحك عليها…

تقدم اتجاة الثلاجة يشرب بعض المياة…ثم نظر للمطبخ مرة اخرى نظرة غير مفهومة

 

…..

في يوم جديد…

 

_يا ام البنات ..

قالها يوسف بإرهاق وهو يدلف للبيت يحمل اكياس الطعام بعد يوم شاق في العمل

رأته زينب قائلة…

_بابا جه…

اخذت منه الاكياس قائلة بمرح.

_…بابا جبتلي الكراتيه اللي بحبه

 

جلس يوسف علي الاريكة في الصالة …

_.والله يا زينبو نسيت

 

امتعض وجه الفتاة وحزنت وتركت الاكياس في الارض..

_شوف بقي بناتك يشيلو..انا خلاص قررت اتجوز وجوزي يجبلي كل الكراتية اللي في المحلات

 

ودلفت للمطخ بثورة تشكي لوالدتها

 

ولكن يوسف صدمته كلماتها وانتصب يتجه للمطبخ

 

زينب تتحدث مع والدتها ببكاء دون ان تلاحظ والدها

 

_ماما ..غيري جوزك ده …انا عايزه جوز تاني..حرام عليكم انا زهقت ..الا…..

وقبل ان تكمل

لطمتها والدتها بشده على كلماتها العفوية

_…بنت قليلة الادب بجد حد يقول علي بابا كده..ضربه في قلبك ..مش عارفه يا ربي دي جاتني من فين

 

صرخت زينب في وجهها تقول ..

_والله العظيم ما هجبيلك العيش من الفرن ..ولا هروح  أجيب ملح ولا حتي كبريت ..اه بس

 

تركض للخارج والدموع في عينيها

حتي اصتدمت بوالدها ..ابتعدت عنه بخوف…

نظر لعينيها بحنان وامسك بكفها وخرج بها للخارج دون كلمة ..فزينب لسانها لا يعرف الصمت

تقدمت معه اتجاة الصالة ..

جلس علي الاريكة واجلسها علي ركبتيه…امسك بكفيها  يربت عليهما..وهي تنظر للارض بخجل من رؤية والدها لها وهي تسبه…

 

_بصي بقى يا ست البنات….ينفع تزعلي من بابا ..

لم تنظر ولم تتحدث

 

فقال بهدؤ

_…ينفع بنت شاطرة زيك كل سنه بتطلع الاولي تشتم بابا..ينفع يا زينبو؟ وبابا كل يوم بيجبلها اللي هي عايزاه…

 

مازال يتحدث وزين صامته …

_طيب تعرفي اني ..انا وبعدي الطريق علشان اجبلك الكراتيه..عربية كانت هتصتني لولا ستر ربنا..

شهقت زينب تنظر له بعيون مصدومة….احتضنته فجأة

_…انا اسفة يا بابا ..انا اسفة والله مش هقول كده تاني

 

بكت زينب في حضن والدها ..لا تستوعب فكرة ان تخسر والدها..بكت تشعر بأنها انانية ..ولا تستحق حتي النظر في عينية الحنونه

 

ربت على ظهرها وابتسم داخله…ف جميع بناته يحملون من الحنين ما لا يقدر بثمن..قبل رأسها …واعطاها بعض النصائح في الحياة وبعدها دلف لغرفته يستريح من يوم شاق حتى يجهز الغداء.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

error: