رواية الجرم الأكبر
البارت الثاني!
توجه غسان سريعًا والغضب يتأجج داخله من فعلة مروان حين صفع الفتاة.. وهو الذي ما عاهد فيه ندالة أو خسة يومًا..! وصل إليهما وحرر وثاقهما وكل ما يشغله هو كيف ينجي الفتاتان من قبضة صديقه المتهور الذي يحاول أن يأخذ حقه بطريقة لا تليق بأخذ حقٍ قط! حتمًا هناك سبيل أخر لرجوع حقه!
_ أسفين يا بنات! أتفضلوا عشان أوصلكم لحد بيتكم، وانسوا اللي حصل! وسامحونا..!
أتسعت حدقتا ملك وسمر وهما يطالعان غسان غير مصدقين أنهم سيغادرا بتلك البساطة! كيف؟! وهل يرضى صديقه الفظ عن قراره؟!
أما مروان، فظل بالخارج تلتقط اذنيه حديث صديقه لهما، دون أن يحاول اعتراض طريقه أو منعه، هو محق، لم يكن يجدر به التفكير گ لص حتى وإن كان بالأصل يسرق حقه او بالأحرى يعيده لقبضته كما كان..!
يجب البحث عن طريقة أخرى ليعيد حقه المسلوب!
عبرا الفتاتان أمامه مغادرين يتبعهما غسان..!
فوقفت سمر أمامه تهتف بخجل: أنا أسفة يا أستاذ مروان، أنا اللي ضيعت منك حقك! شوف هتعمل أيه والمطلوب مني هعمله بدون نقاش، حتى لو قولتلي ارمي نفسك في النار هعملها، أنت قدمتلي معروف وانا قابلته بالغدر.. وعمري ما هسامح نفسي!!
لم يرد عليها سوى بنظرة غاضبة دون تعقيب!!
ثم انتقل بصره للمتنمرة التي لم تصوب له نظرة واحدة ولو احتقارًا، منذ تلقيها صفعته ولم يسمع صوتها..!
_ يلا يابنات عشان الحق اوصلكم!
وذهبوا جميعًا، بعد أن ألقى غسان نظرة غاضبة على مروان..!
لا تصدق أنها نجت من قبضة مروان!
بعد أن كانت اقرب للغرق في بحر ثورته بعد ان احتالت عليه وضاع حقه باقتراف يدها واتفافها المستتر مع العم شاهين للغدر بذاك الرجل الطيب الذي قدم لها مساعدته دون تردد!
الخزي يأكلها..! وياليتها قبضت ثمن بيع ضميرها وسلب حق الغير.. بل غدر بها العجوز الماكر شاهين وتملص من وعده بعلاج شقيقها الصغير.. وبعد ان كانت تحيا بعبء مرض أخيها وكيف تحصل له على مساعدة مادية، صارت تحمل عبء ضمير يؤرقها بعد غدرها بمروان.. ويجب عليها فعل شيء لإعادة حقه مهما كلفها الأمر.. وتعرف جيدًا ماذا ستفعل!
في منزل ملك!
عمرو: عاملة أيه يا ملوكة.. كويسة؟ معلش مقصر معاكي أنا وياسر بس والله غصب عننا، أنا كنت مشغول الفترة اللي فاتت في شغلي وكنت برجع يدوب ع النوم مش بشوف حتى ولادي، وياسر اضطر يسافر عشان مع مراته عشان حماه جاله جلطة بقالهم هناك أسبوع، بس اتفقنا اما يرجع هنزورك كلنا ونقضي يوم عندك، وحشنا أكلك الحلو ولمتنا يا ملوكة!!
تنصت لشقيقها عبر الهاتف، وخيط دموع صامتة يزحف ببطء على وجنتيها بمرارة لم يشعر بها شقيقها، وقطعًا لن يراها، فمررت كُمها على خديها تجفف العبرات، وهتفت بصوت مطمئن حاولت إتقانه: أنا بخير يا عمرو ماتقلقش هيجرالي أيه يعني.. ثم ضحكت بتهكم:
هتخطف مثلا؟؟؟؟؟ ابقي سلم على مراتك والولاد، ووقت ما تفضى أنت وياسر ابقوا تعالوا..!
أنتهت المكالمة التي لم تتجاوز الخمس دقائق!!
واتجهت تصنع لها مشروبًا تتجرعه لتخفي بحلو مذاقة تلك المرارة التي تحتل حلقها الآن!!
لقد خُطفت وقضت ليلة كاملة وهي مغلولة اليدين ومكبلة بمقعد قاسي ترك على ظهرها علامات مازالت تؤلمها..! كان يمكن أن تنال على أيدي مختطفيها مصير معروف! لكن هي عناية الله من حفظتها كما تؤمن هي دائما..!
من حفظ الله وتذكره في اليُسر.. حفظه في العُسر..!
نجت هي وصديقتها حقًا .. وتحمد الله على ذلك!
ولكن كم تحزن لجهل شقيقاها بما تعرضت له!
أخذتهما الدنيا بتيارها بعيدًا عنها، فمنذ وفاة والدتها من ثلاث اعوام، واصبحت وحيدة بذاك المنزل، الأب متوفي منذ عهد بعيد ربما لا تتذكر حتى ملامحه لصغر عمرها وقت وفاته، وبوفاة والدتها، حُرم عليها المكوث بمفردها، وانتقلت للعيش مع شقيقها ياسر، ولم تتحمل معاملة زوجته السيئة أكثر من عام ونصف تحملت الكثير بفترة إقامتها معهم، وانتقلت لتستقر مع شقيقها الأخر عمرو، وظنت أن العيش معه سيكون أكثر استقرارا، ولكن أثبتت الأيام انها مخطئة! فلم تختلف كثير زوجة الشقيق الثاني عن الأول، كانت تشعر أنها خادمة بينهم! ولن تتحمل ذاك الوضع المهين، خاصًا بعد أن تفاقمت المشاكل وشعرت أن وجودها مع شقيقاها سيقلل سعادتهم!!
وقررت الرحيل والمكوث بمنزل والديها رحمهما الله!
فلم يقبلا عمرو وياسر الفكرة، وصمموا على مكوثها بينهم فغير لأئق أن تعيش فتاة بمفردها، ولكن مع إصرارها، واستمرار نفس المشاكل بينها وبين زوجتيهما.. وافقوا على مضض، متعهدين لها أن لا ينقطعوا بزياتها يوميا، ومضت الأيام والأعباء تزيد والزيارات تقل، كانت كل يوم، ثم اصبحت اسبوعيًا ثم شهريًا، إلي أن اصبحت زيارتهما لها كلما سمحت لهما فرصة!!!
وهاهي تعرضت لما حدث دون أن يعلموا..!
تنهدت بضيق، وذهبت لتتوضأ وتصلي كل فروضها التي لم تصليها، وما أن انتهت من صلاتها، حتى سمعت طرق على منزلها، وراحت تتبين ولم تكن سوي الجارة سمر، وملامحها لا تبشر ابدًا بالخير!!!!
طرقات عنيفة متتالية على باب منزله، جعلته يفيق مفزوعًا. متسائلا أثناء هرولته عن الوقح الذي يطرق بابه بتلك الطريقة، ويقسم سيلقنه درسًا ما أن يبصره!
ولكن ما أن تبين الطارق الواقف يلهث بشدة، أو بالأدق تلهث! فلم تكن الطارقة سوى ملك جارة سمر
والتي اكملت صدمته بجملة قذفتها سريعًا:
_ عمك خطف سمر!!!!
يطالعها مروان بحيرة وهي جالسة أمامه، يفصلهما طاولة صغيرة بركن ما في تلك الكافيتريا القريبة لبنايته، حيث انتظرته بها ملك التي حمدت الله أنها واستطاعت العودة لنفس المكان القاطن به مروان دون أن تضل الطريق.. فلم تجد أحدًا تستنجد به سواه، فهو أدرى الناس بالتعامل مع ذاك العم الحقير الذي اختطف صديقتها وجاءت تطلب مساعدته!
قال وهو يناولها كأس ماء:
_أهدي كده وفهميني براحة، اتخطفت ازاي وأيه وداها لعمي من أساسه!!!
قاطع استرسالها مجيء غسان الذي هاتفه مروان مسبقًا: السلام عليكم!
هتفا سويا : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته!
غسان مستفسرًا:أيه اللي سمعته منك في التليفون ده يا مروان، ثم وجه حديثه للأخرى: وازاي عرفتي يا أنسة ملك إن عمه هو اللي خطف سمر؟!
تجرعت القليل من الماء، ثم راحت تسرد على مسامعهم ، ماحدث باليوم الذي تلى مغادرتهم :
_سمر ضميرها كان تاعبها عشان هي السبب في اللي حصل، وصممت تعمل أي حاجة عشان ترجع المعرض، فقالت انها هتروح تهدد عمك أنها تعرف بجوازه من زوجة تانية على بنت عمه، وتعرف اسرار كتير مخبيها عن مراته، ولو مارجعش المعرض لابن اخوه، هتقول اللي عندها وهتهدده أنك عارف كل حاجة!
طبعًا أنا رفضت اقتراحها من أساسه وخوفتها من عواقب تهورها، وإن أنتوا أكيد مش هتعدموا طريقة ترجعوا بيها المعرض، ولأني عارفة إن سمر جبانة جدا، وبتخاف من خيالها، قلت مستحيل تروح وتعمل ده بعد ماخوفتها من اللي ممكن يحصلها..!
ونزلت من عندي على إنها رايحة لأخوها حاتم. في المشفى، وعدى اليوم كله وماظهرتش، وانا للأسف بعد ما مشيت من عندي نمت اغلب اليوم حتى ماروحتش شغلي، فضلت اتصل بيها بعد ما صحيت، الاقي رنين بدون رد!
ولما القلق اتملك مني وبقينا أخر الليل ، اخدت المفتاح ودخلت شقتها، يمكن تكون رجعت ونامت وانا ماخدتش بالي بس مالقيتهاش، ولسه هخرج لقيت ورقة متعلقة في ضهر الباب مكتوب فيها، انها هتروح لشاهين تهدده، ومش مهم اللي يحصلها أو التمن اللي هتدفعه عشان ترجع المعرض لصاحبه وضميرها يرتاح! وقالت إنها لو ما رجعتش لحد بالليل، اعرف ان حصلها حاجة ووصتني على اخوها حاتم!
وعند ذكر جملتها الأخيرة،تحشرج صوتها بغصة وهي تعيد ما خطت سمر، وبكت بعجز تام وقلق مستعر داخلها!!
يتأملها مروان متعحبًا بكائها أمامه! رغم أنه مبرر ومنطقي! ولكن لم يتخيل أن يرى تلك المتنمرة تبكي أمامه بوهن أنثى ضعيفة قلقًا على رفيقتها، بعد أن أختبر شراستها وصلابتها وقت اختطافها..والآن يهتبر رقة مشاعرها وهشاشتها..!
لم تسيل لها دمعة واحدة بعد صفعته القوية والتي مازال أثرها الأزرق مطبوعًا أعلى وجنتيها..!
نفض عنه شروده، وهتف مطمئنًا:
طب اهدي وبطلي عياط! يا أنسة ملك!
مافيش حاجة وحشة هتحصل واوعدك ارجع صاحبتك صاغ سليم مهما كلفني الأمر مس هتخلى عنها، وده وعد مني ليكِ!!
منحته نظرة جمعت بين دهشتها وإعجابها بشهامته وتفهمه لورطة صديقتها، رغم ما اقدمت عليه سمر من فعلة مشينة افقدته معرضه، إلا أنه يعدها بكل رجولة أن يعيدها سالمة دون أذى!
أما حنان صوته وهو يطمئنها فقصة أخرى..! وتعجبت بداخلها.. هل الجالس أمامها الآن، هو نفسه من نعتته بلصٍ وقح، وصفعها بقسوة ردًا لإهانتها؟
قاطع شرودها صوت غسان هادرًا: الكلب!
فنظر له مروان مؤكدًا: طول عمره واطي ونجس وغدار عشان كده ابويا عمره ما أمن له ابدا..!
غسان: لازم نتعامل بذكاء معاه عشان ننقذ سمر قبل ما يأذيها..!
مروان: عندك حق، لازم اراقبه واجمع معلومات عن مراته التانية واعرف مكانها وبتهدده بأيه!!
وصمت برهة مفكرًا ثم قال بحماس عندما ومض بعقله فكرة مباغتة: لقيت الطريقة اللي هتساعدني اعرف بيها خط سير عمي!
_ هي فين أختي سمر يا طنط ملك؟
ابتسمت لتطمئنه: حبيبي أختك بس تعبانة شوية وعندها برد شديد جدا، والعلاج بيخليها تنام كتير.. وهي رغم كده كانت عايزة تجيلك بس أنا منعتها، لأن أولا ممكن تعديك. وثانيًا كانت هتتعب زيادة والدكتور أمرها بالراحة..!
حاتم بحزن: يا حبيبتي يا أختي، ياريتني اقدر اروح عندها.. ارحوكي ياطنط خدي بالك منها عسان تخف بسرعة وتجيلي واشوفها..!
حاولت التماسك أمام الصغير الذي يلتاع لنحرد ظنه أن شقيقته نصابة بنزلة برد.. فماذا أن علم بإختطافها؟ تنهدت محدثة ذاتها: يارب ترجعي بالسلامة ياسمر.. يارب استاذ مروان ينفذ وعده ليا ويلاقيكي بسرعة وتكوني بخير.!
صباح الخير ياعم صابر!
التفت إليه رجل عجوز هزيل الجسد بشوش الوجه اشيب الخصلات، متوقفًا في الحال عن تنظيف واجه السيارة الزجاجية. وهتف بحبور:
مروان بيه!! ياصباح الفل والياسمين عليك!
تمتم: عامل أيه يا ياعم صابر، بقالي كتير مش بشوفك ولا بسأل عنك معلش سامحني!
هز الرجل رأسه مستنكرا: ماتقولش كده يا مروان بيه ده كفاية ذوقك كل اما تشوفني، انت طمني عليك!
.أجابه: للأسف يا عم صابر، انا مش بخير، عندي مشكلة كبيرة ويمكن محدش يقدر يساعدني في حلها غيرك أنت، ده لو حابب يعني!
الرجل بحماس صادق: رقبتي فداك يا مروان بيه، قولي اساعدك ازي وانا مش هتأخر دقيقة عنك!
فقص عليه مروان كل ماحدث من العم شاهين. وكيف أوقعه بفخ تلك الفتاة وافقدوه معرضه!
فتأسف السائق العجوز: معقولة توصل لكده، عمك يسرقك عيني عينك! أمال لو ماكنتش ابن اخوه ومن دمه!
تهكم مروان: هو ده يفرق معاه دم ولا قرابة، ده مش بني آدم أصلا، عموما أنا جيتلك استعين بيك وعارف إنك مش هتكسفني.. عايزك تعرفني خط سير عمي، بيروح فين، وأيه اكتر الأماكن اللي بيتردد عليها.. ؟!
ولأنه سائقه، فهو يعرف الكثير عن ذاك العم، وربما آن الآوان لكشف بعض الحقائق التي لديه! فهذا الشاب الطيب ابن الرجل الذي كان يُكن له الكثير من الحب والاحترام، يستحق الدعم، وهو لن يُفشل مسعاه..!
_ أنا هقولك كل حاجة اعرفها يا مروان بيه.. وأظن اللي عندي هيفرق معاك جدا..!
أثمر لقاءه بسائق العم شاهين الكثير، الآن لديه خطوط واضحة يمشي بحذوها ليصل لمبتغاه..!
وصل للتو لمكان لقاءه بغسان، فهتف:
_ السلام عليكم!
رد تحيته: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ها يامروان طمني عرفت أيه عن عمك؟
قال بعد أن جلس بمقعدٍ أمامه:
عرفت كتير ..شوف ياسيدي!
وراح يقص كل ما لديه لصديقه، الذي هتف عقبها:
_ عمك ده جبار وقادر! حياته منتهى القذارة .. توصل بيه انه بيشغل بنات لحسابه في! وصمت بعحز عن إكمال ما يريد مستغفرا ربه: استغفر الله العظيم.. حرامي ونصاب وقواد، وماهفي كان اعظم!
_ ماهو الخفي ده هو اللي انا هعرفه من مراته أكيد يا غسان لما اقابلها.. أكيد عندها كتير تكشفه عنه!
_على كلام سمر إن مراته كانت بتهدده بحاجة في التليفون.. يعني فعلا عندها بلاوي تكشفها..!
_ بالظبط كده!
تمتم غسان بثناء: بس برافوا إنك فكرت في عم صابر!
مروان: ماهو عم صابر السواق بتاعه، وعمي لحسن الحظ مابيعرفش يسوق، ومابيتحركش غير بالعربية، وطبيعي السواق يوصله لكل مكان ويعرف كتير عنه، والحمد لله توقعي كان في محله! وعرفت إمتى بيروح لمراته التانية، واخدت عنوان البيت بتاعها..!
وواصل: وتعرف السواق لفت نظري لحاجة تخص مراته!
تسائل: إيه هي الحاجة دي؟
مروان: إن عمي بيحبها أوي، وبيعمل حساب لزعلها.! وبصراحة في دي طلع معذور!
غسان: اشمعنى؟!
_ مراته حسناء طلعت زي اسمها، جميلة اوي، وسنها صغير فرق العمر بينها هي وشاهين حوالي 15سنة!
_ غريبة، وأيه يخلي واحدة بمواصفاتها تتجوز عجوز زي عمك! وكمان في السر.. أحسن تكون الست مش مظبوطة ولا حاجة!!
مروان بنفي قاطع: لا لا ياغسان، انا عرفت من عم صابر كل حاجة، حسناء اتجوزت شاهين من 10سنين هي من طبقة عادية جدا وعاشت مع امها على معاش ابوها اللي كان موظف في شركة حكومية!
شاهين طول عمره بيهتم بمظهره جدا، وأنا اشهد إن عمره الحقيقي مش بيبان عليه، وفي بنات كتير زي حسناء، بيعتبرو فرق السن ده وقار، وأنا بخمن إن افتقادها لوالدها، خلاها تتجوز واحد في عمر شاهين
أكيد بطريقته الناعمة اللي مش فالح غير فيها عرف يقنعها بيه لأنه حبها فعلا، زي ماقال السواق!!
وأكمل: وخد التقيلة بقى!! عمي طلع عنده منها ولد عمره 7 سنين أسمه كريم وطبعا هو ده نقطة ضعف الست دي! واللي ممكن يكون هو السبب في استمرارها معاه لحد دلوقت!
غسان مستاءً: عمك ده تعلب، مستغفل بنت عمه ومراته الأولي وواخد كل شقاها، وهو اصلا متجوز ومخلف كمان..!
مروان: الحمد لله أنه مش مخلف من مرات عمي!
_فعلا ربنا بيحبها.. طب وانت أيه خطوتك الجاية؟
_هحاول اقابل حسناء واكلمها، واعرفها اللي عمي عمله واوريها صوره مع البنات الزبالة اللي يعرفها، واحجي عن احتياله عليا، واشوف عندها استعدد تساعدني وتعرفني سره وفين خاطف سمر، ولا هضطر افكر بشكل تاني!!!
_ شكل تاني يعني هتعمل أيه؟
_ لو وصل الأمر عشان اضغط عليها ، هخطف ابنها..!
غسان هادرًا: أنت بقبت تستسهل السكك الغلط.. إياك يا مروان تعمل كده، ماتخليش غضبك من عمك يحولك مجرم بجد، أنا مش هسمحلك بكده تاني! في مليون طريقة هتاخد بيها حقك!
_ مافيش قانون هيرجعلي حقي ياغسان، وأنا اللي لازم اعمل قانوني الخاص.. وعموما ماتسبقش الأحداث، يمكن مراته تساعدني وتغنيني عن كل ده!
_ بإذن الله ربنا يسهل أمورنا ونرجع حقك بدون أي تجاوزات تانية.. وواصل:
بس تفتكر يامروان، إيه السر اللي خسناء تعرفه عن عمك وهددته بيه؟! حاسس في مصيبة مخبيها..!
مروان بعجز عن التكهن: مش عارف! لكن اللي زي شاهين ده أكيد ماضيه مش سليم، أنا واثق في جرم كبير في حياته، ومراته عارفاه عنه!
واستأنف حديثه: عموما، هانت وكل حاجة هنعرفها..!
بإحدى الحدائق العامة!!
جالسة تطالع طفلها الوحيد كريم ذو السبع أعوام، شاردة في مستقبله وبحالها، لقد ظنت أن زواجها من رجل گ شاهين سيعوضها افتقاد الأمان برحيل أبيها، وستحيا بعالم وردي كما رسمه لها مسبقًا، لكنها كانت صغيرة وساذجة، لم تُقيم علاقتها وحياتها معه بشكل صحيح، هي مجرد زوجة في الضل، لا يعرفها أحد!
توفت والدتها ولم يعد لها سوى ابنها، أما زوجها فهو غارقٍ بتفاهاته وكذباته الكثيرة، التي بدئها معها بإخفائه أمر زواجة من الأساس، ولما علمت بمحض الصدفة، كان قد فات آوان التخلص منه، كيف تضحي باستقرار كريم، فضلت أن تتحمل حياتها الباردة معه!
ولكن ماعلمته مؤخرًا، أصبح يشكل لها حمل شديد، الأمر تعدى مرحلة زوج كاذب مخادع اناني!
بل ماعلمته، يجعل حتى قطعة الخبز في بيته حرامًا عليها هي وابنها.. ولا تعرف ماذا تفعل!! استمرارها معه أصبح عبء حاثم على صدرها ولا تذيق حتى اقترابه منها.. ”
_ مدام حسناء!
أستدارت بغتة تتبين من يناديها.. فوجدت شخصًا وقفًا بالجوار يطالعها، فهتفت: أيوة.. حضرتك مين؟
اجاب: أنا مروان… ..ابن اهو زوجك شاهين!
اتسعت عيناها ذهولًا!! لأول مرة تقابل أحدًا من عائلة زوجها، هاجس ما أشتعل داخلها، تشعر بشيء سيء سيحدث؟!!!!
نهضت متعجلة: معلش أنا لازم امشي حالًا عشان……
قاطع قولها: ارجوكي يامدام حسناء متخافيش مني، أنا لازم نتكلم في أمور ضرورية جدا، واللي هتعرفيه مني يمكن يفرق معاكي! ارجوكي ماترفضيش!!
تملكتها الحيرة بصمت، فهتف مروان بترجي: من فضلك أنا أملي كله بعد ربنا في رجوع حقي، فيكي انتي!
ظلت تنظر له وأفكار شتى تدور بعقلها، إلى أن حسمت أمرها، بالجلوس مرة أخرى!
فقال مروان: انا هحكيلك اللي عندي كله، واتمنى تساعديني في اللي هطلبه منك، وده من مصلحتك!
وبدأ يقص عليها كل شيء يعرفه عن علاقات عمه المشينة. إلى أن وصل بسرده لخدعته له وسرقة معرضه بالحيلة، ثم خطف الفتاة سمر!
حسناء: كل اللي قلته عن علاقاته عارفاه!
بس خطف بنت مسكينة ده اللي فعلا معرفوش! بس سهل اتوقعه من واحد زيه!
مروان متعحبًا: غريبة! ولما أنتي يا مدام عارفة إن عمي بالسوء ده، اسمحيلي واحده زيك تستمر معاه ليه؟
أجابت: لأني بتقي شره عشان ابني، انا ماليش ولا أخ ولا اب يدافع عني قصاده!
ثم ضوى بمقلتيها ومضة غامضة: بس أنا بردو أمنت نفسي من غدره..!
شعر مروان أن تلك السيدة بجعبتها الكثير من الخفايا فهتف:
ممكن تحكيلي تعرفي أيه عنه وتساعديني، وأرجوكي تحكمي ضميرك واخلاقك، لو اتسترتي على افعاله وجرايمه هتكوني شريكة في الإثم ده، وانتي عندك ولد بتخافي عليه، وأكيد مش عايزة ربنا يقتص منك في ابنك الوحيد!
هلع ونغزة حادة أصابت قلب امومتها حين تخيلت أن يصاب كريم بمكروه ويؤخذ بذنوب أبيه، ربما آن آوان كشف ما لديها، ومهما كان ثمن كشف تلك الخبايا، سيكون افضل مما تحياه مع شخص مثل شاهين!
طالعت مروان بقسمات وجه تقطر قلقًا وخوفا..! فأمانها واستقرارها سينمحي بمجرد افشاء ما كتمته اعوام عن العلن! وما في جعبتها سيقلب حال ذاك الجالس أمامها رأسًا على عقب، فالسرقة الحقيقة لم تكن لمعرض سيارات يمتلكه فقط، بل أكثر أهمية وخطورة مما يظن!!
قرأ الخوف والقلق بعيناها، فقال:
أوعدك احميكي من بطشه، أنا مش هرضى تتعرضي للأذى ابدا، احكي وانتي مطمنة وثقي فيا!
أطمأنت لوعده، فالتقطت أكبر قدر من الهواء لتملأ رئتيها استعدادا لما ستُلقيه على مسامعه، الآن ستزيح الستار وتُعري حقيقة من يدعى زوجها، وأخيرًا سينزاح عنها ذاك الحمل الثقيل!!!
ينهب الأرض مجيئًا وإيابًا گ فهد جريح، تتأرجح بذاكرته تلك الحقائق التي لم يتوقعها، فيشتعل كلما تردد صداها بين حجرات عقله!!!
حتى أنه صار يقذف بكل ما تطاله يداه ويحطمه عله يهديء تلك النيران المستعرة بقلبه!
صدح رنين باب منزله بشكلٍ متواصل، وكان الطارق غسان الذي هاتفه مروان فور انتهاء مقابلة السيدة!!!
_ أيه يامروان حصل أيه أنا جاي طاير علي الطريق من نبرة صوتك المرعبة ثم……… .
بتر جملته وهو يلمح تلك الأشياء المحطمة حوله، فتسائل بقلق متصاعد: هي قالتلك أيه مرات عمك جننك بالشكل ده؟!!!!!
فصاح بصوتٍ هادر، صب فيه كل غضبه:
ماتقولش على الحقير ده عمي، اقسم بالله لو كنت لقيته مكان ماروحتله، لكنت طلعت روحه في أيدي، بس لسه له عمر، ومش هيفلت مني!!!
غسان وهو يحاول امتصاص غضبه:
طب صلي على النبي واستغفر ربك، واحكيلي بهدوء عرفت أيه، خلينا نفكر سوا هنعمل أيه!!!
بأعجوبة هدأ مروان بقدرٍ قليل جعله يحاول إعادة سرد ما حدث مرة أخرى!
وسبحت ذاكرته بحديثها وصوتها وهي تقص عليه ما زلزله وقهره واحزنه!!
…………
_ أنا اتجوزت عمك وكنت صغيرة ومش عايزة أعاني من صعوبة الزواج بالفترة دي عشان العوائق المادية، اللي عاصرتها مع صديقات ليا..!
وافقت على شاهين لما طلبني للزواج وامي مارفضتش لما لقيتني موافقة، وعمك كان من النوع الأنيق اللي مايبانش عليه عمره الحقيقي، كسب ثقة أمي وقدر يشغل دماغي بعد كده، واتجوزنا في خلال وقت بسيط جدًا!
لحد ما عرفت بعد سنتين أنه متجوز قبلي من بنت عمه، للأسف خدعني، خصوصًا إني أول جوازنا كان بيغيب بالأيام بحجة شغله، واما عرفت بالصدفة من. رسالة لمراته على تليفونه، وطبعا ثورت عليه وكنت مصممة يطلقني، بس هو قدر يضحك عليا أنه بيحبني وانه عمل كده عشان مابيحبهاش واتجوزها عشان فلوسها وإن أنا اللي في قلبه!!! وأنا استسلمت عشان استقرار ابني كريم اللي أكتشفت حملي فيه وقتها!
المهم عديت الزوبعة دي ومريت بينا الأيام لحد ما في يوم لقيته راجع مش على بعصه، كأنه خايف قلقان مترقب لحاجة منتظر تحصل!!
ويدوب طلع الصبح وجاله خبر موت والدك في حادث علي الطريق!!معرفش ليه وقتها شكيت فيه، استقباله للخبر، كان خالي من أي حزن، وكأنه منتظر يسمعه!
ده خلاني عايزة افتش واعرف بأي طريقة!
حطيت على تليفونه برنامج تسجيل مكالمات واخفيته في الملفات بدون مايعرف.. وبقيت اسمع مكالماته وانقلها عندي بدون مايحس، لحد ما سمعته مكالمة بينه وبين واحد كان بيساومه عشان ياخد فلوس مقابل جريمة وشخص خلصه منه بحادث تصادم مفتعل على الطريق وصدم عربيته وماسابهاش إلا أما اتقلبت وولعت واللي فيها مات..! وبعد كده عرفت إن الشخص ده هو……
صمتت متوجسة من رد فعل الجالس أمامها، ثم القت قنبلتها الأولى : هو أبوك أمين! “”
ام يستطع مروان إكمال استرساله عند وصول حديثه لتلك النقطة، فقذف بشيء أمامه وأطلق سبابه المختلط بآهة قهر موجعة كلما تخيل أن أبيه مات غدرًا، ولم يكن حادث قدري كما ظن الجميع!!
فأمسك غسان على يده هاتفًا:
أهدى يا مروان، كويس إنك عرفت حقيقة الحيوان ده وافعاله، كان ممكن قذارته تفضل خافية عليك.. إنما بعد كشفه هيتعاقب إكيد..! ودلوقت كملي أيه تاني قالته حسناء من أسرار عمك؟
هدأ مروان قليلا وهو يواصل سرده ويخبره كيف علمت بخباياه، وراح يستعيد في ذهنه ثانيًا صوت حسناء وهي تسترسل وتقص له ما في جعبتها..!
ترى ما هو الجرم الأكبر.. الذي سينكشف عنه الستار من خلال حسناء.. دعونا نترقب سويًا..!