قطة في براثن الذئاب بقلم عائشة هشام

(1)
فى قصر كبير يبدو عليه الفخامة والرقي ، ويدل ذلك على ان اصحابه من عائلة عريقة تمتلك مناصب عُليا فى الدولة ..
تحديدا ً فى غرفة ما بالطابق العلوى .. يأتينا صوت صراخ امرأة تجلس علي سريرها وبجانبها الـ ” داية ” تولدها ، نعم فبالرغم من اموال ومناصب تلك العائلة إلا ان الجد الأكبر له قواعد صارمة ، وغير مسموح لأى فرد منهم بالرفض او الإعتراض ، ويلى ذلك صوت صراخ طفلة …
تكلمت الداية التى تدعي ” ام حمدى ” قائلة
.. – الف مبروك يا بنتى ، جالك بنوتة زى القمر .. واطلقت الزغاريد بينما احتضنت هي ابنتها فى حنو وسعادة
* دخل الجد الأكبر الذى يدعي ” زاهر دهب ” قائلا ً بصرامته المعتادة
.. – بنت صح .. !!
قالت فريدة بإبتسامة ودموع .. – اه يا جدو ، شوفها كدة .. زى القمر
قاطعها الجد قائلا ً بنبرة تحمل القسوة
.. – البنت دى مش ممكن تعيش معانا ابدا ً ، لازم تودوها ملجأ انا مش عايزها .. لأن انا مستحيل اكرر غلطة سمية تانى ابداً انتوا سامعين ..!!
جحطت عينى فريدة فى صدمة ، فلم تكن تتخيل ان تفعل بإبنتها ذلك يوما ً ولكنها تتخيل إن لم تفعل ما يريد سوف يقتل ابنتها .. وهى ان اعترضت ، ولن يجرؤ احد علي ان ينطق او يعترض طريقه ، فبرغم كبر سنه الا انه له سلطات لن يستطيع احد الصمود امامها ..
وهنا تكلم زوجها ” عبدالعزيز ” وبنبرة حزينة
.. – بس يا جدو انا عايز بنتى ، مش هيتمها وارميها فى ملجأ وانا عايش .. !!
اتجه الجد ناحيته ، ثم قال بغضب
.. – انت بتعارضنى يا ولد ..!! ، ده ابوك الله يرحمه عمرة فى حياته ما عملها .. ولو كلامى ما اتنفذش انت عارف انا ممكن اعمل اية ..
ثم تركهم ورحل ، وترقرقت الدموع في عينى فريدة وضمت ابنتها اليها فى صمت وخوف ووجهت نظرها لزوجها عبدالعزيز قائلة فى رجاء وتوسل
.. – عبدالعزيز ، علشان خاطرى انا عايزة بنتى فى حضنى .. انا استحاله اعمل كدة فى بنتى .. وانهارت باكية
بينما اردف عبدالعزيز قائلا ً وهو يضع رأسه بين يدية
.. – مش هينفع يا فريدة انتى عارفة جدى ، دقة قديمة ومن ساعة اللى حصله من بعد اللى عملته سمية لما راحت اتجوزت نادر من ورانا وجوزهم عافية كان اتفضح وهو من ساعتها مش عايز بنات تماما .
.. – وبنتى ذنبها ايييه ، فهمنى .. انا هاخدها واسافر بس مش هسيبها ابدا ً !!
هتفت فريدة بذلك ودموعها تسير على خديها كالأنهاار
عبد العزيز بأسى .. – وتفتكرى جدى هيسيبك تسافرى ، انتى ما تعرفيش ممكن يعمل اية لو كسرتيله كلمة !
فريدة من بين شهقاتها .. – جدك ده ظالم ! ومفترى .. بس انا مش .. مش هقدر يا عــ .. عبدالعزيز دى بنتى يا ناس بنتتتتتى..! محدش هيحس بيا
عبدالعزيز .. متخافيش احنا هنوديها الملجأ بتاعنا اللى انا لسه بانيه ، وهنتابعها من بعيد لبعيد وهنوديها تتعلم ونكتبلها شهادة ميلاد وكل حاجة وبعدين مين عارف كل شئ بيد الله .. واكييد فى يوم هنتلم تانى !


بعد مرور سنوات …
داخل ملجأ تجلس فتاه فى التاسعة عشر من عمرها ، تمتلك جمال من نوع خاص حيث الشعر الاسود الطويل المموج والبشرة البيضاء الصافية والعيون العسلية الواسعه
كانت تقرأ رسالة والدتها التى تركتها لها كعادتها منذ ان بلغت الـرابعة عشر من عمرها
وكان مضمون الرسالة ” تقي حبيبتى .. انا اللي اختارت ان يكون اسمك تقي .. سامحينى يا بنتى انى سيبتك لوحدك بس غصب عنى والله جدك ظالم اوى ، ولو مكنتش عملت كدة كان هيقتلك ، مكنش قدامى حل تانى ، ان شاء الله فى اقرب وقت نتقابل تانى .. ”
سقطت دمعه ساخنة من اعين تقي وتنهدت فى اسى قائلة فى نفسها
( امتى .. امتى يا ربى ، بقالى 19 سنة مشوفتكيش يا ترى هشوفك امتى .. ولا انتى عايشة ولا ميته ولا ايه !؟ )
ربتت صديقتها علي كتفيها فى حنو قائلة
.. – ان شاء الله تشوفيهم ، ومين عارف مش يمكن حياتك تتحول لجنة بعدين !!
تقي بأمل ونبرة راجية .. – إن شاء الله يا نيرة .. ان شاء الله


فى مكان اخر ..
فى مكان يدل من هيئته علي انه مهجور .. مظلم ، يجلس رجل فى العقد الرابع من عمرة اصلع الرأس ممتلئ وقصير ولديه شارب كبير وينفث دخان سيجارته فى الهواء كـ زعماء المافيا الذى هو بالتأكيد منهم .. وفى الكرسى الجانبى يجلس شاب وسيم مفتول العضلات ، عريض البنية ، وطويل القامة .. يتميز بملامح رجولية صارمة .. ويمتلك جاذبية مفرطة يرتدى قميص من اللون الأسود ويفتح اول ازرارة وبنطال قماشى من اللون الرمادى الداكن ..
يقطع هذا الصمت ذلك الرجل الكبير الذى يدعي عادل المنشاوى قائلا ً بخبث ويعتلى ثعرة بسمة انتقامية ، واعطاة صورة لشخص ما
– كده انت عرفت كل حاجة يا حمزة .. الراجل ده هو المسئول عن قتل والدك ووالدتك ، وخلي بالك دة لواء كبييير اوى فى الدولة كلها وعيلته كلها فى كلية الشرطة
انحنى حمزة بجسدة قليلا ً ونظر فى وجه ذلك الرجل ثم قال بلهجة قوية يشوبها نظرة غامضة
.. – حق امى وابويا مش هيروح هدر ابدا ً ، ومبقاش انا حمزة الأسيوطى لو مدفعتهمش التمن غالى اووى ..!!
اعتدل الرجل فى جلسته واراح رأسه واضعا كلتا يديه خلفها ، وقال بنبرة منتصرة
.. – تمام قوى كده .. بيعجبنى فيك يا حمزة شجاعتك
لوى حمزة فمه فى تهكم ، ثم قال فى سخرية
.. – وانا بقي بيعجبنى فيك .. قذارتك !
ثم ضحك كلاً منهما ، بينما نهض حمزة وارتدى نظارته الشمسية وامسك بسلسلة مفاتيحه وهاتفه ، واتجه إلى سيارته .. وقام البودى جارد الخاص به بفتحها له ، وانطلق به الى شركته ..
” حمزة الأسيوطى رجل اعمال فى الثلاثين من عمره يمتلك عينين رماديتين وبشرة خمرية وشعر اسود طويل يصل إلى عنقه ”


داخل شركة الأسيوطى ..
دخل شركته فى خطوات واثقة وثابته .. القي التحية على جميع الموظفين ، واتجه صوب مكتبه ووضع ما بيده على المكتب .. وتمدد على كنبه مريحة موجودة بمكتبه ، بعد قليل دخلت عليه السكرتيرة الخاصة به كانت فتاة فى منتصف العقد التانى من عمرها ممشوقة القوام تضع الكثير من مساحيق التجميل وترتدى ملابس تكاد تكون عارية … اقتربت منه بخطوات جريئة وانزلت بعض من خصلات شعرها البندقي على وجهها ، تأكدت من وجود احمر الشفاة على شفتيها المكتنزتين ظلت تقترب منه .. انحنت قليلا ً ومررت يدها في شعرُه الغزير الناعم .. .فتح عينيه ليجدها امامه ، انتفض فى البداية سرعان ما استعاد هدوءه ثم اردف بحدة زادت من وسامته …
– انتى ازاى تدخلى هنا !؟ ..
_ يتبع _

error: