عشق وجزاء
عشق وجزاء
أحِنُّ إليكي
فأنتِ الحَنان
وأنتِ الأمانُ
ووَاحةُ قلبي إذا ما تَعِبْ
أحِنُّ إليكِ حنينَ الصحاري
لِوجهِ الشتاءِ
وفَيضِ السُّحُبْ
أحِنُّ إليكِ حَنينَ الليالي
لضوءِ الشموسِ
لِضوءِ الشُّهُبْ
قَرأنا عنِ العشقِ كُتْباً وكُتْباً
وعِشقُكِ غيرُ الذي في الكُتُبْ
لأنَّكِ أجملُ عِشقٍ بِعُمري
إذا ما ابتَعدْنا
انصدم جاسم عندما رأي رنا وكان يحدق بها بغير تصديق كما فعلت هي المثل فتحدثت بدون وعي جاسم !!!!
استغربت سحر والجميع فتحدثت سحر قائلة انتوا…. تعرفوا بعض !!!
في تلك اللحظة شعر جاسم بسعادة بالغة وأحس كأن روحه عادت إليه مرة أخرى ، عاد نبض قلبه بعودة محبوبته ، فشعر برغبة طاغية مستبدة لكي يعانقها بشدة فشوقه لها فاق الخيال ، أخذ ينظر اليها بتمعن وهو مذهول فأصبحت أجمل من زي قبل ،كما أن مظهرها الخارجي يوحي بأنها أصبحت أكثر وعيا ونضجا عن تلك الفتاة التي عرفها في السابق ، ملابسها الأنيقة أظهرتها بمظهر المرأة القوية المثقفة.
اما رنا فعادت بخطواتها للوراء وهي تحدق به بصدمة كبيرة لاتصدق أنه أمامها ، علمت أنها مهما بَعُدِت سيأتي لحظة القاء، وعليها المواجهة ،لذا استعدت كثيرا لهذه المواجهة ولكن الآن شعرت بأن كل قوتها ذهبت أدراج الرياح وأن قدمها لم تعد تحملها ، فلو بقيت أمامه أكتر من ذلك ستنهار ويظهر ضعفها فتوجهت للخروج من القاعة بسرعة كبيرة تحت أنظار الدهشة والاستغراب من جميع الموجودين ، فانتفض جاسم من مكانه قائلا. رنا… استني! قال ذلك ثم لحق بها دون أن يعير إهتمام لاي أحد ، الأمر الذي جعل الجميع يستغربون من تصرفهما هذا فحاولت سحر اللحاق بيهم لمعرفة ما يحدث تبعها عدي .
كانت رنا تسير بخطوات سريعة أشبه بالركض تحدث نفسها قائلا…. لا مستحيل أضعف قدامه تاني ، رنا الضعيفة خلاص ماتت مش هسيبه يأثر عليا مرة تانية ، لا لازم اهدي علشان أعرف اتصرف .
فتلك اللحظة شعرت بيد قوية تمسك بذراعها وتسحبها للوراء وعندما التفتت كان جاسم الذي تحدث
قائلا بلهفة… رنا استني علشان خاطري، إديني فرصة اتكلم معاكي ؟
حاولت رنا التخلص من قبضته قائلة بغضب لو سمحت سيب إيدي إحنا هنا في مكان شغل.
ضغط جاسم علي ذراعها بقوة أكبر قائلا بغضب …. أوك بس نتكلم الأول
رنا….. إحنا مفيش بينا حاجة علشان نتكلم.
جاسم بصوت عالي…. وأنا مش هسيبك غير لما نتكلم
التفتت رنا فوجدت بعض الموظفين يتباعون ما يحدث بينهم
فتحدثت قائلة من فضلك وطي صوتك إحنا هنا في مكان شغل.
فتحدث عدي قائلا…. اهدي يا جاسم مش كدا
أغمض جاسم عينه محاولا السيطرة علي غضبه قائلا…. أوك يبقي نتكلم في مكان تاني.
لم يدع لها فرصة للحديث فأمسك يدها وخرجا من الشركة حاولت سحر اللحاق بيهم فمنعها عدي حتي يعطي لهم فرصة للحديث.
اما في الخارج
كان جاسم يجر رنا خلفه وهو يضغط على ذراعها بقوة ، بالرغم أنها تغيرت كثيرا إلا أنها لا تزال تحتفظ بعندها. فلم يترك لها فرصة للاعتراض ، بينما حاولت رنا الاعتراض والتخلص من قبضة يده قائلة….. سيبني عايزة مني أي تاني ؟
لم يتحدث جاسم بل ضمها بقوة قائلا…. وحشتيني اوي يا رنا ، حاولت التخلص من قيوده ولكنه أقوي منها ، ظل جاسم محتضنها بعض من الوقت حتي استطاعت رنا التخلص منه ،فدفعته بقوة قائلة بغضب ….. ابعدي عني ، إنتي مين اللي ادك الحق تعمل كدا ، كاد أن يتحدث ولكن قاطعته قائلة … قولتلك قبل كدا مفيش بينا كلام عايز اي تاني فاضل إهانة تانية ولا جاي تسمعنا كلامك الجارح وتمشي .
جاسم…… عارف إنى ظلمتك كتير ، بس ممكن تسمعيني المرة دي وبس .
رنا…. بتهكم وانت ليه مسمعتينيش ، تحب دلوقتي أسمعك الكلام اللي قولته ،ولا اضربك كف زي اللي ضربتهولي، ولا أسمعك كلامك الجارح اللي مفيش بني آدم يستحمله، وانت جاي دلوقتي تقولي بكل سهولة أسمعك ،آسفة يا جاسم بيه معنديش وقت للكلام دا ، الحكاية دي بقت ماضي وخلاص انتهي ومعنديش اي استعداد إنى أتكلم فيه مرة تانية.
جاسم …. أنا آسف صدقيني ،انا كنت فاهم الموضوع غلط
رنا…. بغضب آسف ، هاعمل اي بآسفك دي دلوقتي ، آسفك دي هيرجع حياتي اللي اتدمرت بسببك ولا أيام الوجع والعذاب اللي عيشتها بسببك ، ولا كرامتي اللي اتهانت مرتين ، وكل دا علشان أي علشان حبيتك ورفضت أسمع كلام ندي لما حذرتني منك ومشيت وراء قلبي والنتيجة ، دمرتني ودمرت مستقبلي وحياتي ، ….بس لا دلوقتي الوضع اتغير معنديش اي إستعداد إني ارجع الماضي تاني ، انت بالنسبالي ماضي وانتهي ، دلوقتي حاضري و مستقبلي ، مفيش فيهم مكان لجاسم ولا للضعف مرة تانية.
علم جاسم الآن كم عانت رنا بسببه ، وكم تحملت الوجع والعذاب تمني أن يعود الزمن ، لما كان فعل بها هذا ،
أنهت رنا حديثها وكادت أن تغادر حتي أمسك جاسم ذراعها بقوة…. انا لسه مخلصتش كلامي ، قاطعته رنا بغضب…. بس أنا كلامي خلص ومفيش بينا أي كلام تاني.
مسحت رنا دموعها وتوجهت الي الشركة مرة أخرى فلم تنتبه للسيارة القادمة بسرعة باتجاها .
اما جاسم فظل شارد في مكان وقوفها لم يفق من شروده إلا علي صوت اصطدام قلبه وصراخ حبيبته ، فأسرع إليها بلهفة يصرخ باسمها
جاسم بصراخ….. رنا
كانت نظراتها موجهه إليه
فزع جاسم عندما وجدها تنازع الحياة غارقة في بحر من الدماء
جاسم بصراخ…. رنا ردي عليا علشان خاطري ، فوقي يارنا
رنا…. لا رد
جاسم…. رنا علشان خاطري ردي عليا ، اوعي تسيبيني يا رنا أنا ما صدقت إني لاقيتك مش بعد كل دا تروحي مني فصرخ ببكاء… رنا!!!
خرج عدي برفقة سحر عندما سمعوا صوت الاصطدام ، فانصدم عندما وجد رنا غارقة بدمائها وجاسم يحاول افاقتها.
فصرخ به
عدي بغضب….. مش وقته يا جاسم ، لازم تروح المستشفى بسرعة.
حملها جاسم وتوجه بسرعة الي السيارة واتجه إلي أقرب مشفي ولحقه عدي وسحر .
***********************
قاد عدي السيارة بسرعة كبيرة متبعا إرشادات سحر للوصول إلى أقرب مشفي ، بينما ظل جاسم محتضن رنا بشدة محاولا افاقتها ،
وصل عدي الي المشفي بأسرع وقت ،
بمجرد أن دلف للمشفي حتي صرخ بالممرضات بغضب…..
جاسم… أريد طبيبا هنا في الحال زوجتي في حالة حرجة
أسرعوا الممرضات بالإجراءات اللازمة وتم نقل رنا الي غرفة العمليات تاركه خلفها قلب ينازع من أجل معشوقته ،
فيامن أعطتني عشقًاً أبدياً، لا يُمكن إلا أن أهواها، يا من تسقيني الشهد منساباً حين ألقاها، يا من أعشقها بلا حدود لن أضع حداً للعشق، حتى أخشاها، أحببتك تعويذة عشق تسكُنني تسجنني، تجتاح كياني، تهُلكني بين العشاق ، فارحمي ضعفي وشوقي إليكي ، ولا تحكمي على قلب أحبك حد الجنون بالعذاب أكثر من ذلك .
جلس جاسم علي المقعد باهمال غير مدرك للواقع من حوله لا يفارق خياله منظر رنا وهي غارقة بدمائها ، كأن عقارب الساعة توقفت عند هذا المشهد، لم ينتبه لمحاولة عدي التخفيف عنه .
لم يدري جاسم كام مر من الوقت ظل هكذا ولكن افاقه خروج الطبيب فأسرع إليه بلهفة قائلا رنا كويسة ؟! فانتبه لما قال فاعاد السؤال مرة أخري بالفرنسية فأخبره الطبيب بأن حالتها مستقرة ، ولا يوجد أي خطورة على حياتها فقط بعض الكدمات ، تم نقلها الي غرفة أخري ولكن يجب أن تظل في المشفي عدة أيام،
غادر الطبيب فتوجه جاسم لغرفتها للاطمئنان عليها ، اما سحر فابلغت السيدة سلمي بما حدث مع رنا فاخبرتها بقدومها بأسرع وقت.
اما عدي فتوجه الي الفندق لإحضار ملابس نظيفة لجاسم بدل من تلك الغارقة بدماء رنا….
بعد قليل
افاقت رنا فشعرت بآلام متفرقة في جسدها ، حاولت النهوض فتألمت بصوت منخفض فانتبه جاسم لها فتحدث قائلا بلهفة
رنا…. حبيبتي إنتي كويسة ؟!!
رنا بصوت منخفض…. عايز اي تاني ، حرام عليك سيبني في حالي وكفاية اوووي لغاية كدا
جاسم بحزن…. صدقيني يارنا أنا بحبك والله ومحبتش حد قدك متعرفيش اتعذبت قد أي السنين اللي فاتت ، إديني فرصة واحدة بس افهمك اللي حصل.
رنابحزن …. الكلام مش هيغير حاجة ، انت كسرت قلبي ياجاسم واهانتني كتير اوووي ، سمعت منك كلام عمري ما اتخيلت إن أسمعه في حياتي ، خلينا كدا أحسن.
جاسم بحزن…. أنا آسف والله آسف صدقيني مكنش قصدي أبدا ، أنا…
رنا ببكاء فقد عادت إليها ذكرياتها المؤلمة….
بس كفاية مش عايزة أسمع حاجة ،لو بتحبني زي مابتقول ابعد عني وكفاية اوووي ، أنا بحاول أتقدم خطوة في حياتي وبظهورك دلوقتي رجعتني عشرة لورا .
جاسم…. ممكن بس تسمعيني …..
رنا بعصبية…. قولتلك مش عايزة أسمع حرام عليك عايز اي تاني حياتي اتدمرت بسبك ولسه بتدمر كل ما بتظهر وأكيد شوفت اللي حصلي بسببك النهاردة فلو سمحت أخرج من حياتي وسبني ، ودلوقتي اتفضل أخرج.
جاسم… ماشي يا رنا براحتك أنا هخرج واسيبك بس افتكري كويس إنك اللي رفضتي تسمعي كلامي وإن كنتي انتي اتعذبتي فأنا كمان اتعذبت أكتر منك بس بحاول اعوضك وإنتي مش مدياني فرصة ، آه علي فكرة أنا بحبك علشان كدا هطلع من حياتك للأبد.
************************
انفجرت رنا ببكاء شديد فتحدثت سحر قائلة… لما إنتي بتحبيه للدرجة دي ليه مسمعتهوش.
رنا…. أنا مش عايزة اتوجع مرة تانية أنا لسه لحد النهاردة منستش اللي حصلي ، الافضل إننا نفضل كدا أحسن.
سحر….. إنتي حرة بس جاسم ميعرفش إن عنده ابن وأكيد الوضع هيتغير لو عرف.
رنا بقلق…. لا أكيد مش هيعرف حاجة ؟
قطع حديثهم صوت طرقات الباب فدخل شاب في أوائل العقد الثالث من عمره يحمل في يده باقة كبيرة من الورد الجوري
زياد بلهفة … حمد لله على السلامة يا حبيبتي إنتي كويسة ؟!
رنا …. ايوا يا زياد بخير؛ مكنش في داعي تتعب نفسك.
زياد….. تعب أي بس المهم تكوني بخير.
تألمت رنا عندما حاولت النهوض فأسرع زياد قائلا بلهفة… إنتي كويسة ؟! ولو تعبانة أنادي الدكتور.
رنا…. مفيش داعي أنا كويسة….. صحيح طنط سلمي عرفت.
فأجابت سحر قائلة…. انا قولتلها وهي في الطريق، زمانها على وصول
رنا…. مكنش في داعي تعرف أنا بقيت كويسة دلوقتي هتقلق علي الفاضي وكمان أدهم وملك زمانهم عرفوا.
سحر…. يعني كنت عايزاني أعمل أي ؟ وبعدين حضرتك هتفضلي هنا كام يوم.
رنا… ليه أنا بقيت كويسه .
سحر…. مش إنتي اللي هتقرري الدكتور اللي هيقرر.
زياد…. سحر معاها حق مش هيحصل حاجة لو بقيتي كام يوم في المشفي.
قطع حديثهم دخول أدهم وملك وخلفهم سلمي فأسرع أدهم قائلا بدموع….. مامي إنتي كويسه فمسحت رنا دموعه قائلة…. كويسه يا حبيبي بلاش تعيط بقي علشان لو عيطت هزعل منك
أدهم…. خلاص مش هعيط بس مش تزعلي
حضنته رنا بشدة فتحدثت ملك من بين دموعها قائلة …. إنتي كويسة مش كدا ؟!فأجابت رنا وهي تمسح دموعها قائلة…… يا حبيبتي والله كويسة كل الحكاية شوية كدمات ومفيش حاجة خطيرة
زياد …. طيب استأذن أنا بقي ، حمد لله على سلامتك مرة تانية
رنا…..شكرا يا زياد
غادر زياد فاستأذنت سحر بالمغادرة هي الآخري
سحر….. رنا أنا همشي دلوقتي ، مش عايزة اي حاجة ؟
رنا….. لا حبيبتي ، تعبتك معايا النهاردة
سحر…. لا تعب ولا حاجة ، أساسا أنا معملتش حاجة اللي عمل إنتي عارفاه كويس ….. كادت أن تكمل حديثها ولكن توقفت عندما رأت نظرات رنا المحذرة ، فسلمت على أدهم وملك والسيدة سلمي وغادرت
**************************
كان عدي علي وشك الخروج للذهاب لجاسم المشفي قاطعه دخول جاسم بغضب
عدي باستغراب….. جاسم!! أنا كنت لسه جايلك دلوقتي.
جاسم….. مفيش داعي ، أنا مسافر القاهرة دلوقتي شوف هتيجي ولا لا ؟!
عدي…. نسافر!! هو حصل حاجة بينك وبين رنا
لم يرد جاسم ففهم عدي ما حدث فتعابير وجهه كانت كفيلة ليعرف ما حدث…
عدي… طيب مانسافر بكرة في معادنا.
جاسم بغضب….. أنا مش هفضل هنا ثانية واحدة عايز تخليك هنا براحتك بس هسافر
دلوقتي…
عدي…. طيب نص ساعة أجهز الشنطة واجي
جهز عدي أغراضه بأسرع وقت وغادر برفقة جاسم إلى القاهرة .
****************
ذهبت ملك وأدهم ليأتوا بمشروبات فانتهزت السيدة سلمي الفرصة و
حاولت معرفة ما حدث مع رنا وأوصلها لهذه الحالة فقصت لها رنا ما حدث
فغضبت منها كثيرا…
سلمي… أنا عايزة أعرف إنتي عايزة توصلي لفين ؟!
رنا…. مش فاهمة قصدك اي ؟!
سلمي بغضب…. لا فاهمة يا رنا إنتي لسه بتحبيه بالعكس بتحبيه أكتر من الأول ، دلوقتي لما جيه أعتذر منك وندمان علي كل حاجة علي الأقل اسمعي منه بس ولا هتفضلى طول عمرك عنيدة وعنادك دا هيخسرك كتير اوووي ، صحيح دي حياتك بس هتندمي بعدين ،
رنا بحدة…. هندم على أي بالظبط!!
سلمي….. بكرة أدهم يكبر ويسألك ابوه فين ساعتها هتجاوبي تقولي أي ، يا حبيبتي ابنك محتاج أبوه صحيح أدهم مش بيسأل كتير علشان فاكر إنه مسافر بس ابنك بيحس بالحرمان لوشاف حد من أصحابه مع باباه بطلي أنانية وفكري بابنك شوية.
رنا بغضب …. يعني أنا دلوقتي أنانية لما رفضت أسمعه وهو مكنش كدا لما ضربني واهاني من غير ما يسمعني ، دلوقتي أنا الأنانية وهو الملاك .
سلمي…. أنا عارف إن جاسم غلط في الماضي بس بلاش نصلح الغلط بغلط أكبر منه ، كنتي تسمعي منه وبعدين اتصرفي ، بس لا علي طول بتتصرف بعند افتكري إنك هتخسري كتير بسبب عندك فكري في مصلحة ابنك ، أظن إنك كبيرة كفاية علشان تعرفي مصلحتك فين ، بس ياريت تفتكري إن أدهم موجود في حياتك وهيفضل رابطك بجاسم للأبد مهما حاولتي تبعدي هتلاقي القدر جمعكوا مع بعض وإن كان جاسم معرفش إن عنده ابن المرة الجاية أكيد هيعرف.
******************
في قصر العمري….
تفاجأت السيدة فريدة من عودة جاسم فجأة فعلمت أن هناك أمر ما حدث معه.
فريدة…. جاسم!! حمد لله على السلامة يا حبيبي
جاسم بتعب… الله يسلمك يا ماما
فريدة….. مالك يا حبيبي في حاجة حصلت في السفرية ، المفروض ترجع بكرة ؟
جاسم…. مفيش حاجة يا ماما بعد إذنك هطلع ارتاح شوية
فريدة باستغراب…. ماشي يا حبيبي.
صعد جاسم لغرفته حتي لا يشاهد أحد انهياره ، فلا يريد لأحد من والديه أن يعلم بالأمر بمجرد ان دلف الي الداخل لم يستطع التحمل أكثر من ذلك فانهار وسمح لدموعه بالهبوط علها تخفف من وجع قلبه ،
ولكن هل لقلبا جرح بنار العشق والفراق الهدوء ؟!!
فأمسك بفازة من الكريستال ورماها باقصي قوته تجاه المرآة فانكسرت إلي شظايا صغيرة كشظايا قلبه وتناثرت حوله فأصبحت كل قطعة تعكس انهياره ، حطم كل شئ من حوله وهو يصرخ بزمجرة كزئير التنين الغاضب فقد تمكن الغضب منه حتي أعلن تمرده وخرج في في صورة نار قوية تحرق كل شئ أمامها.
في الأسفل كانت السيدة فريدة تفكر في سبب عودة جاسم بهذه الطريقة حينما استمعت الي صوت تحطم قوي فشعرت بانقباض قلبها وتوجهت مسرعة إلي غرفة جاسم فوجدت الغرفة محطمه بالكامل فبحثت عن جاسم وجدته يجلس على الأرض مهملا يبكي على محبوبته ، فقلقت كثيرا وعلمت أن الأمر خطير لدرجة ان يبكي جاسم من أجله .
فذهبت إليه وضمته بقوة وتحدثت ببكاء
فريدة…. جاسم ! مالك يا حبيبي أي اللي حصل وصلك للمرحلة دي ؟
بكي جاسم بحضن امه قائلا بلا وعي ….. خلاص يا ماما سبتني للأبد ، الإنسانة الوحيدة اللي حبتها ضيعتها من إيدي خلاص .
بكي جاسم بقوة لان البكاء يريح القلب وقلبه هو ارهقته مآسي الحب ونار الشوق ووجع الفراق .
لم تفهم فريدة شئ مما يقوله ولكن استغربت كثيرا من دموع ابنها فلأول مرة يبكي من أجل فتاة بل أول مرة يبكي بهذه الطريقة ،
فاشفقت على حالته وتحدثت قائلة…. اهدى يا جاسم وقولي اللي حصل وأنا هساعدك يا حبيبي….
لم تحصل على إجابة فتركته يهدئ قليلا
فريدة …. طيب يا حبيبي تعالي أرتاح شوية ونتكلم بعدين
استطاع جاسم النهوض برفقة والدته وتوجه لغرفة أخري ليرتاح قليلا.
ظلت بجانبه حتي غفي كطفل صغير ارهقه كثرة البكاء، اطمئنت عليه ثم تركته وخرجت .
**************************
في منزل عدي
تجنب عدي الحديث مع ندي حتي لا يحدث مشاكل بينهم بسبب رنا وجاسم لذا اعتزل غرفته.
كان عدي حزين على صديقه فعندما رأي رنا أمامه شعر بأن حياة صديقه ستصبح أفضل
ولكن كان علي خطأ فأصبح صديقه أكثر حزنا مما مضي قطع شروده صوت الهاتف كاد أن يرفض الإتصال حينما انتبه ألي إسم المتصل
فتنهد وأجاب…
**************************
في قصرالعمري
وصل عدي الي القصر بسرعة كبيرة فلم يكن المتصل سوي السيدة فريدة تخبره بضرورة حضوره لأمر هام بخصوص جاسم ، فأسرع بالحضور خوفا من حدوث مكروه لصديقه..
دلف الي الداخل فوجد السيدة فريدة تجلس بانتظاره ويبدو علي ملامحها القلق ،
عدي بقلق….. خير يا طنط جاسم كويس
فريدة…..لايا عدي مش كويس ، أنا عايزة أعرف أي اللي حصل معاكوا في السفرية دي
عدي بتوتر…. هيكون حصل أي يعني مفيش حاجة طبعا.
فريدة…. متأكد يا عدي إن مفيش حاجة
عدي وهو يبتلع ريقه …. اكيد يا طنط
فريدة….. أوك تعالى معايا ثانية
صعدت فريدة برفقة عدي الي غرفة جاسم فانصدم عدي عندما رأي كل شئ مدمر من حوله…
فتحدثت فريدة بغضب….. لسه مصمم إن مفيش حاجة حصلت.
فنظر إليها عدي بحزن قائلا….. جاسم عامل ايه دلوقتي ؟
فريدة…. المفروض يعني يكون عامل إزاي ، ثم اكلمت برجاء عدي علشان خاطري لو تعرف السبب اللي وصل جاسم للمرحلة دي قولي .
عدي…. حاضر يا طنط بس لازم الأول توعديني إنك تسمعي كلامي للآخر وجاسم ميعرفش حاجة عن الكلام دا لان وعدته إن مفيش حد هيعرف حاجة.
فريدة….. أكيد طبعا
قص عدي كل شئ حدث مع جاسم، بداية من حكاية الرهان وكيف أحب رنا بشدة وما حدث معهم من مشاكل بسبب رغد وغيرها.
ثم قص عليها ما حدث معهم في سفرية الغردقة والمكالمات التي كان جاسم يتلقاها وكيف كانت السبب فيما حدث بينهم وبعدها معرفة جاسم بالحقيقة وسفر رنا ومحاولة جاسم معرفة مكانها ولم يستطع.
كانت فريدة تستمع لكلام عدي بذهول لا تصدق أن كل هذا حدث مع جاسم وهي لم تكن تدري بما يحدث مع ابنها ثم زدات صدمتها عندما قص عدي عليها مع حدث في باريس ، الآن علمت سبب هذه الحالة .
فريدة بهدوء عكس ما بداخلها ….. طيب البنت دي كانت بتحبه ولا لا ؟
عدي….. رنا كانت بتحبه اووووي خاصة إن جاسم ظهر في حياتها في وقت ماكانت محتاجة الأمان والحب و لاقتهم مع جاسم، صديقني احيانا كنت بحس إن أول مرة أعرف جاسم لما حب رنا فطبيعي جدا إن ردة فعلها تكون كدا وخاصة إن جاسم جرحها مرتين.
فريدة بتذكر ….. البنت دي اللي كانت شغالة معاكو في الشركة مش كدا ؟!
عدي بتوجس …… بالظبط صاحبة ندي مراتي
، إحم حضرتك هتعملي أي دلوقتي ؟
فريدة بتفكير ….. إديني عنوانها
عدي…. إحم أنا معرفش عنوانها بس أعرف عنوان المستشفي ، هي هتفضل هناك كام يوم.
فريدة….. ماشي يا عدي وحسابك معايا بعدين
عدي…. حضرتك ناوية على أي ؟
فريدة…. مش لازم تعرف
عدي… إحم طيب يا طنط استأذن أنا
فريدة…. مع السلامة
قررت فريدة الذهاب لباريس ومقابلة رنا ومحاولة إعادتها لجاسم مرة أخرى.
فهي ستفعل المستحيل حتي تري ابتسامة ابنها مرة أخرى.
صعدت لغرفة جاسم لتطمئن عليه فوجدته لايزال نائما،
فحجزت تذكرة للسفر غدا لباريس.
أخبرت زوجها أنها تريد الذهاب للتسوق في باريس فهي لن تخبره بالأمر حتي تجد حل تلك المشكلة فهي تشعر بالذنب تجاه ابنها لأنها اهملته وانشغلت بأشياء أخري لا قيمة لها.
**************************
في الساعة التاسعة صباحا
وصلت السيدة فريدة لباريس فتوجهت مباشرة للمشفي الموجودة بها رنا ، علمت رقم الغرفة الموجودة بها رنا فتوجهت إلي غرفتها.
كانت رنا شاردة فى كلام السيدة سلمي وما أخبرتها به بالأمس ، حين قطع شرودها صوت طرقات علي الباب فأذنت للطارق بالدخول فدلفت سيدة في منتصف الأربعينات من عمرها ومع ذلك لم تفقد جمالها بعد تحمل في يدها باقة من الورد الجوري .
اعتدلت رنا في جلستها عندما رأتها فقالت بصدمة….مدام فريدة!!!
فريدة….. حمد لله على السلامة.
رنا مازالت بصدمتها….. الله يسلمك اتفضلي استريحي .
فريدة بحدة قليلة ….. أكيد عارفة أنا هنا ليه ؟!
رنا….. لا معرفش
فريدة….. جايه أشوف مرات ابني !!!!
جحظت عينها من الصدمة…. أ أ… أنا مش مرات حد..
فريدة…. آه أقصد طليقته
رنا بنفذ صبر….. حضرتك عايزة مني أي ؟
فريدة…. عايزة مرات ابني!!
رنا….. قولتلك أنا مش مرات حد.
تنهدت فريدة….. لا إنتي مرات جاسم العمري فجلست بجانبها على السرير وأمسكت يدها وأكملت بهدوء
أنا عارفة كل اللي حصل معاكي إنتي وجاسم ، وعارفة اللي جاسم عمله بس أنا مش هنا دلوقتي علشان اعتابك أنا جاية أطلب منك طلب
رنا باستغراب…. طلب أي !!!!
تنهدت فريدة وتحدثت بهدوء….. ادي لجاسم فرصة تانية ، كادت أن تتحدث قاطعتها فريدة برجاء
أنا عارفة إنه طلب صعب بس لو سمحتي قدري موقفي جاسم متدمر من ساعة ما رجع من عندك أنا أول مرة اشوفه كدا
رنا ببكاء…. هو عمل فيا أكتر من كدا
فريدة…. ياحبيبتي صدقني الموضوع مش زي ماانتي فاكرة انتوا الاتنين كنتوا ضحية مؤامرة .
رنا….. مؤمرة!!! أي
قصت فريدة لها ما تعرفه عماحدث وقصة المكالمات………. عرفتي بقي انكو ضحية.
رنا….. تمام دي كانت مؤامرة بس اللي حصل عندي في البيت مكنش مؤامرة… أكملت ببكاء جاسم اهاني وجرحني جامد اوووي
فريدة…. صدقيني جاسم بيحبك وعمره ما حب غيرك، إنتي الوحيدة اللي غيرتي فكرته عن البنات ، جاسم بالنسباله كانت البنات كلها زي بعضها وده لانه اتخدع قبل كدا تحت إسم الحب .
رنا بذهول…. خداع!!!!!
فريدة…. ايوا لما كان جاسم في أول سنة في الجامعة بيحب بنت ، بس البنت دي كانت بتخدعه ، طلعت بنت بعتها منافس لنا في السوق علشان تخدعه ، لما البنت دي اتكشفت جاسم اتصدم ساعتها ومكنش مصدق نفسه ،
ساعتها بدأ يخرج ويسهر واتعرف على بنات كتير أثبتولوا إنهم زي بعض ،علشان كدا انصدم فيكي وحس إنك خدعتيه، بس لما عرف الحقيقة دور عليكي في كل مكان بس إنتي اتخفيتي ، إنتي متعرفيش حالته كانت عاملة إزاي السنين اللي فاتت دي ، كان علي طول حزين ومضايق،….وأنا مكنتش أعرف أي حاجة عن إللي حصل ، فتحدثت ببكاء ابني كان بيتعذب وأنا مش عارفة كنت كل يوم أعرفه علي بنت علشان يتجوزها بس هو كان مجروح وبيتعذب.
رنا…. اهدي طيب ، اهدي
فريدة…. صدقيني جاسم ممكن يحصله حاجة لو إنتي سبتيه ، علشان خاطري اديله فرصة تانية.
كادت أن تجاوبها رنا عندما دخل أدهم مسرعا
أدهم….. مامي أنا جيت
التفتت فريدة تجاه مصدر الصوت فتحولت نظراتها لصدمة فالطفل الواقف أمامها كان يشبه جاسم بطريقة كبيرة جدا بعيونه الرمادية وشعره البني الكثيف فكان نسخة مصغرة من جاسم…
نظرت فريدة لرنا التي اشاحت بوجها بعيدا عنها ، فاقتربت فريدة من الطفل وتحدثت قائلة …… قولي بقي يا بطل إسمك أيه
نظر إليها أدهم مبتسما….. أنا أدهم ، أدهم جاسم العمري.